
ترامب.. رقصة النهاية أم تأكيد الهيمنة؟ (2)
برزت إسرائيل كحلٍّ مثالي للغرب، وللولايات المتحدة الأميركية التي تبنّتها بالكامل، وليس المجال هنا للخوض في تفاصيل قيامها، فقد وُلدت إسرائيل في محيط جغرافي وديمغرافي معادٍ، ما عزز حاجتها المستمرة للحماية، وقدمت لها واشنطن هذا الغطاء بسخاء
الشرق كمصنع والغرب كمركز قرار
لضمان استمرار تفوقها، دعمت أميركا قيام نمط اقتصادي عالمي جديد، يحتاج إلى طاقة من الشرق الأوسط، وصناعة منخفضة التكلفة من شرقي آسيا. وضمن هذا النظام، احتفظت الولايات المتحدة لنفسها بالموقع التكنولوجي والإداري والمالي، مما أبقى على هيمنتها المركزية.
أدى هذا الترتيب إلى اعتماد عالمي على منظومة تقودها واشنطن، واستخدمت فيه مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية كأذرع ناعمة لترسيخ النفوذ. لاحقًا، لعبت دول كاليابان وكوريا الجنوبية دورًا في تحقيق توازن صناعي يخدم الرؤية الأميركية الشاملة، بينما بقي الشرق الأوسط مركزًا للطاقة، وميدانًا دائمًا للصراعات التي تضمن الحاجة إلى الهيمنة الغربية.
الشرق الأوسط مصدر الطاقة
منذ تفكك الإمبراطورية العثمانية، بُنيت الدول الحديثة في الشرق الأوسط على أساس جغرافي هش، ودون خبرة حقيقية في إدارة الدولة الحديثة. لم تكن المنطقة تمثل تهديدًا مباشرًا للغرب في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لكنها سرعان ما تحولت إلى رقعة إستراتيجية لا غنى عنها بعد اكتشاف النفط، وأصبح الشرق الأوسط مركزًا حيويًّا للطاقة التي يتطلبها النظام العالمي الجديد.
من هنا، نشأ صراع غير مباشر على النفوذ، لعبت فيه أميركا دور الراعي الذي يوفّر الحماية مقابل الولاء، واتبعت سياسة العصا والجزرة. فقد تبنت دول الخليج الثرية والضعيفة سكانيًّا وعسكريًّا خيار التحالف مع الولايات المتحدة، وتلقّت في المقابل ضمانات أمنية واقتصادية، في ظل حاجتها للحماية من أطراف إقليمية طامعة.
ظهرت في هذه البيئة الحاجة الدائمة لـ"فزاعة" تبرر الوجود العسكري والسياسي الأميركي، سواء كانت هذه الفزاعة مصطنعة أو ناتجة عن طموحات إقليمية حقيقية؛ فبرز صدام حسين ثم النظام الإيراني كخصمين يخدمان هذا التوازن. أما إسرائيل، فكانت العنصر الثابت في هذه المعادلة، فهي الحليف الأوثق والأكثر حاجة للدعم الغربي، وتقوم بدور هندسة الصراع في المنطقة.
ومع الوقت، ومع تراكم ثروات وخبرات بعض دول المنطقة من خلال الاستثمار في الطاقة والاقتصاد العالمي، بدأت هذه الدول- مثل الإمارات والسعودية وتركيا وقطر- تطمح للعب أدوار سياسية تتناسب مع مكانتها الاقتصادية. هذه الدول تسعى اليوم إلى إعادة صياغة مكانتها في المعادلة الدولية، وهو ما يدفع واشنطن لإعادة تقييم العلاقة معها.. لم تعد هذه الدول راضية بدور الحليف الصامت، بل باتت تمتلك أدوات ضغط وخيارات إستراتيجية قد تبعدها جزئيًّا عن العباءة الأميركية.
وبما أن السياسة لا تعترف بالتنازلات المجانية، فإن واشنطن تحاول توظيف هذه الطموحات لإعادة بناء نفوذها، من خلال تحفيز تنافس محسوب بين القوى الصاعدة في المنطقة، وطرد قوى أخرى منافسة كروسيا، واحتواء إيران بعد أن أصبحت كلفة الاعتماد على فزاعة طهران مرتفعة وغير مجدية في ظل تغيرات توازن القوى. تحاول أميركا اليوم أن تستبدل بسياسة "الحماية" سياسة "إدارة التنافس" بين هذه الدول، لضمان بقائها فاعلًا محوريًّا في تشكيل الشرق الأوسط، حيث يتم التحكم في ميزان القوى من الداخل بدلًا من فرض السيطرة المباشرة.
إسرائيل: أداة هندسة الصراع
برزت إسرائيل كحلٍّ مثالي للغرب، وللولايات المتحدة الأميركية التي تبنّتها بالكامل، وليس المجال هنا للخوض في تفاصيل قيامها، فقد وُلدت إسرائيل في محيط جغرافي وديمغرافي معادٍ، ما عزز حاجتها المستمرة للحماية، وقدمت لها واشنطن هذا الغطاء بسخاء. تغذّت هذه الدولة على الخوف، وتحولت إلى قاعدة عسكرية مقنّعة، تلعب أدوارًا إستراتيجية معقدة: استنزاف دائم للمنطقة، منع نشوء أي قوة موازية، وتوفير ذريعة دائمة للوجود العسكري والسياسي الغربي.
ومع تعاظم أهمية الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد، زادت الحاجة إلى أدوات تحكم متقدمة، وكانت إسرائيل هي الأكثر فاعلية.. لم تكن مجرد حليف، بل عنصر ضغط مستمر، ورافعة لإستراتيجيات التفتيت والسيطرة. علاقتها المتوترة مع الشعوب المحيطة بها ساعدت على تعطيل إمكانيات الوحدة أو النهوض الذاتي في المنطقة، خاصةً أن معظم سكان المنطقة من المسلمين، الذين ما زالوا يستحضرون تاريخ الهيمنة الغربية المسيحية على العالم الإسلامي.
استثمرت إسرائيل بذكاء في هذا التوتر، لتبقى في موقع القاعدة المتقدمة التي تثير دائمًا ردود فعل شعبية، كما في كل تصعيد ضد الفلسطينيين، مما يؤدي إلى تشتيت الرأي العام والجهد السياسي في المنطقة. إنها ليست فقط أداة سيطرة، بل أداة استنزاف ذكية تُفرغ المنطقة من فرصتها في التحول إلى قوة اقتصادية أو سياسية كبرى، رغم تدفّق موارد الطاقة فيها.
وهكذا، تبقى إسرائيل في قلب التخطيط الإستراتيجي الغربي كأداة ضرورية لإخضاع الشرق الأوسط، ليس فقط عبر الردع العسكري، بل كوسيلة هندسة دائمة للصراع، في منطقة هي الأكثر حيوية على الخريطة الجيوسياسية العالمية.
الصين كنموذج جديد ومنافس إستراتيجي للولايات المتحدة
لقد أثبت النموذج الصيني قدرته على تحقيق التنمية الاقتصادية السريعة والفعالة، دون الحاجة إلى تبني الديمقراطية الغربية. هذا الطرح يُمثل تحديًا جوهريًّا للأسس الفكرية والسياسية التي قامت عليها الهيمنة الغربية، لأنه يُقوّض الثقة بأن الرأسمالية والازدهار مرتبطان حتمًا بالنموذج الديمقراطي الليبرالي. الصين بهذا تُقدم بديلًا مغريًا للعديد من الدول النامية التي تسعى إلى التطور السريع دون الخضوع لتكاليف التحول الديمقراطي.
فببراعتها في استغلال حاجة الرأسمالية العالمية إلى التكاليف المنخفضة، أصبحت الصين اليوم اللاعب الأكثر تهديدًا للمكانة الأميركية؛ فهي لا تنافس الولايات المتحدة من خارج النظام العالمي، كما فعل الاتحاد السوفيتي سابقًا، بل من داخله، مُسخّرة آلياته لتحقيق صعودها الخاص. والأخطر من ذلك، أن الصين قد تحولت من مجرد "مصنع العالم" إلى منافس جاد في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الصناعي، والفضاء، والابتكار الرقمي، مما يُزعزع التفوق التاريخي للولايات المتحدة في هذه الميادين، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على الهيمنة الغربية الأميركية على العالم ككل، وليس فقط على المجالات الاقتصادية أو التقنية المحددة.
وهي لا تستنزف نفسها في الحروب والصراعات العسكرية المباشرة. بدلاً من ذلك، تُراكم قوتها بهدوء عبر النمو الاقتصادي، ومبادرات مثل "الحزام والطريق"، وبناء شبكة واسعة من الشراكات العالمية التي تمتد إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية، مؤسسة بذلك لنظام عالمي موازٍ ونفوذ متنامٍ.
تايوان: ورقة إستراتيجية أميركية في صراع الهيمنة
عندما اعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية في عام 1979، لم تتخل واشنطن عن تايوان بشكل كامل، رغم التخلي عن الاعتراف الدبلوماسي الرسمي بجمهورية الصين في تايوان. على العكس، فقد أسس "قانون العلاقات مع تايوان" أرضية لعلاقات غير رسمية قوية، ودعمًا دفاعيًّا مستمرًّا لتايوان. هذا القرار، الذي جاء في سياق الحرب الباردة، كان يهدف في المقام الأول إلى استغلال الانقسام الصيني-السوفيتي والتقارب مع الصين لمواجهة الاتحاد السوفيتي.
لكن في الوقت نفسه، احتفظت الولايات المتحدة بـ"ورقة تايوان" لخدمة أهداف إستراتيجية مستقبلية. تُدرك واشنطن جيدًا حجم الإمكانات التي تتمتع بها الصين كقوة صاعدة في منطقة حيوية للمصالح الأميركية. هنا، نجد أنفسنا أمام وضع يمكن مقارنته- من حيث المبدأ على الأقل -بوضع إسرائيل في الشرق الأوسط؛ فتايوان- التي تتمتع بنظام يشبه الغرب- تشعر بتهديد مستمر من الصين، وهذا يضعها كـ"ورقة ضغط" أو "كرت إستراتيجي حيوي" بيد الولايات المتحدة.
تسمح هذه الورقة لواشنطن بالحفاظ على نفوذها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وردع أي عدوان صيني محتمل، والتأثير على سلوك بكين في قضايا أوسع. كما أنها تمثل نقطة استنزاف محتملة للصين، وبؤرة صراع يمكن جر الجانب الصيني إليها إذا دعت الضرورة؛ فالصين- لا محالة- سوف ترغب في التخلص من "عار" وجود كيان يدعي الاستقلال عن أراضيها. وعند حدوث ذلك، يمكن أن تتحول تايوان إلى "أوكرانيا أخرى"، مما يعني أن معركة تايوان هي معركة مؤجلة يحشد لها الطرفان.
حسابات المعركة الكبرى وتغيير شكل العالم
بما أن الصين تمثل المنافس الحقيقي والأكثر جدية في الصراع العالمي على الهيمنة، فإن الولايات المتحدة تسعى على الأرجح إلى حسم الصراعات في مناطق أخرى قبل خوض هذه المعركة الكبرى في تايوان. إن المواجهة الشاملة في تايوان- لا محالة- ستغير شكل العالم كله، وهذا ما يدفع الولايات المتحدة إلى إدارة التوترات بحذر، مع الإبقاء على تايوان كأداة إستراتيجية في حرب النفوذ الدائرة.
أيمثل ترامب خاتمة مرحلة تآكل النفوذ الأميركي، أم إنه تعبير عن محاولة شرسة -وربما يائسة- لإعادة تأكيد الهيمنة في زمن تتغيّر فيه موازين القوة؟
ترامب: رجل المرحلة؟
لا يُخفي دونالد ترامب إعجابه بشخصيات قوية ذات طابع دكتاتوري، لأنه يريد أن يصدّر فكرة أن استعادة مجد أميركا تتطلب وجود قائد قوي يتمتع بصلاحيات واسعة، وغير مقيد ببيروقراطية الديمقراطية. إنه يطرح نفسه كمخلّص مقابل أن يقدّم له الجميع التنازلات، ويخوض حربًا مفتوحة ضد الليبراليين، مستندًا إلى قاعدته المحافظة داخل أمريكا. هذه القاعدة ترى في الليبراليين تهديدًا ثقافيًّا حقيقيًّا، خاصة في قضايا مثل زواج المثليين والجندر، وهو ما يجعلهم خصمًا سهلًا أمام ترامب يمكن مهاجمتهم بالتعميم. بهذا الخطاب، يعزز صورته كقائد منضبط يريد فرض النظام داخليًّا وإعادة الهيبة خارجيًّا.
خارجيًّا، يرى ترامب أن هذه التهديدات تتطلب ردًّا حازمًا، قائمًا على استخدام القوة العسكرية عند الضرورة، والإرهاب النفسي قدر الإمكان، والتدخل الذكي بتكلفة منخفضة. كل ذلك يجب أن يتم مع تعبئة الحلفاء للمشاركة في المعركة، واستغلال قوة الداخل الأميركي لتحقيق النهوض الصناعي والاقتصادي.
لكن هذه الرؤية تتطلب حسمًا داخليًّا أيضًا في مواجهة الديمقراطيين ووسائل الإعلام والمؤسسات العميقة؛ وهذه معركة لا تقل شراسة عن المعركة الجيوسياسية، وقد تكون نقطة ضعفه الكبرى. فالحشد الداخلي يتطلب استقطابًا عنيفًا، وتحميل بعض الطبقات عبء التحول، وهو ما يولّد مقاومة قد تستغلها المعارضة.
ويبقى السؤال: أيمثل ترامب خاتمة مرحلة تآكل النفوذ الأميركي، أم إنه تعبير عن محاولة شرسة -وربما يائسة- لإعادة تأكيد الهيمنة في زمن تتغيّر فيه موازين القوة؟
مثل ترامب، بسياساته الحادة وخطابه الصدامي، محاولة لإعادة تعريف الهيمنة الأميركية عبر الواقعية القومية، وتقليص أعباء التحالفات القديمة، والتركيز على الداخل الأميركي كبوابة لاستعادة المجد
إن دونالد ترامب ليس مجرد رئيس مثير للجدل، بل هو انعكاس حاد لتحولات أعمق تشهدها الولايات المتحدة والعالم من حولها؛ فظهوره السياسي، وعودته إلى الحكم، لا يمكن قراءتهما بمعزل عن السياقات الدولية المعقدة، التي تواجه فيها واشنطن تحديات داخلية وخارجية، تهدد بإعادة تشكيل ملامح النظام العالمي الذي قادته منذ الحرب العالمية الثانية.
إن ما نراه من انقسام داخلي أميركي حاد، وصراعات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، ليس سوى أحد أوجه أزمة القيادة والنموذج، في وقت باتت فيه قوى دولية كالصين وروسيا، ودول إقليمية صاعدة في الشرق الأوسط وآسيا، تسعى لانتزاع موقع في منظومة النفوذ العالمي، عبر أدوات سياسية واقتصادية وتكنولوجية وإستراتيجية متجددة.
لقد مثل ترامب، بسياساته الحادة وخطابه الصدامي، محاولة لإعادة تعريف الهيمنة الأميركية عبر الواقعية القومية، وتقليص أعباء التحالفات القديمة، والتركيز على الداخل الأميركي كبوابة لاستعادة المجد. وهو في ذلك لا يواجه فقط القوى الخارجية الصاعدة، بل يخوض صراعًا داخليًّا شرسًا مع مؤسسات، وأفكار، وتيارات، ترى مستقبلًا مختلفًا لأميركا.
يظهر أن معركة ترامب ليست فقط حول رئاسة أو حزب، بل حول هوية دولة ودور عالمي.. إننا أمام مفترق طرق تاريخي: إما أن تكون هذه اللحظة بداية نهاية الحقبة الأميركية بصورتها القديمة، أو بداية إعادة تموضع عنيف تحاول فيه واشنطن، عبر شخصية ترامب أو غيره، إعادة رسم قواعد اللعبة الدولية على أسس جديدة أكثر قسوة وأقل تسامحًا.
أفتكون رئاسته رقصة النهاية لإمبراطورية آيلة للسقوط، أم بداية لحقبة جديدة من السيطرة، بأدوات أكثر خشونة وأقل نفاقًا؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 20 دقائق
- الجزيرة
إسرائيل تفرج عن مستوطن قتل فلسطينيا من الإقامة الجبرية
أفرجت السلطات الإسرائيلية عن مستوطن متهم بقتل الفلسطيني عودة الهذالين ، أحد المشاركين في إنتاج فيلم وثائقي فاز بجائزة أوسكار لعام 2025، من الإقامة الجبرية. وقالت صحيفة "هآرتس" إن محكمة الصلح في القدس رفضت طلب الشرطة تمديد احتجازه، ورأت أن "المستوطن ينون ليفي تصرّف دفاعًا عن النفس، وأنه لا يوجد رابط سببي بين الطلقات التي أطلقها والطلقة التي قتلت الهذالين". وخلال الجلسة، قالت القاضية "حافي توكر" في قرارها إن "ليفي حال دون وقوع حادثة شارك فيها العشرات من الفلسطينيين الذين كانوا يرمونه بالحجارة". وخلال الجلسة، قال ممثل شرطة الاحتلال، المفتش يوسف مويل، إن جثة الضحية أظهرت آثار دخول وخروج للرصاصة القاتلة، لكنه أقر بأن الرصاصة نفسها لم يتم العثور عليها. وتحدث محامي ليفي، "أفيشاي حجبي"، عن الخطر الذي واجهه موكله قائلاً: "في لحظة تهديد للحياة، حتى لو ثبتت صلة موكلي بإطلاق النار، فإن الخطر في هذه الحالة واضح". وكانت الشرطة قد طلبت تمديد الإقامة الجبرية لليفي لمدة 8 أيام بسبب خطورة أفعاله، لكن المحكمة رفضت الطلب. ومع ذلك، وافقت المحكمة على طلب الشرطة بمنعه من التواصل مع أي شخص مرتبط بالقضية لمدة 30 يومًا. ومن المتوقع أيضًا الإفراج غدا الاثنين عن 4 فلسطينيين اعتُقلوا للاشتباه في رشقهم ليفي بالحجارة. وقد حدّد ليفي هوية الأربعة، مشيرًا إليهم في البداية ثم عرّفهم بدقة لاحقًا. وقالت قاضية محكمة الاستئناف العسكرية إن عملية التعرف "لا تخلو من الصعوبات"، لكنها كانت كافية في هذه المرحلة الأولى لتمديد اعتقالهم حتى يوم الاثنين. أما محامو المعتقلين الفلسطينيين، ومنهم المحامي ناصر عودة، فقد جادلوا بأن اعتقال عدة مشتبهين يدل على غموض في عملية التعرف، وادّعوا أن ليفي لديه دافع لتلفيق التهمة لهم لأنه المتهم الأساسي في حادثة إطلاق النار. تفاصيل الحادثة واستُشهد الهذالين (31 عاما) خلال هجوم نفذه مستوطنون على قرية أم الخير بمسافر يطا جنوبي الضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين الماضي. وأظهر مقطع مصور، نشرته منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، المستوطن ليفي يطلق من مسدسه النار على الهذالين. في اليوم التالي، فرض جيش الاحتلال القرية "منطقة عسكرية مغلقة"، ومنع دخول أي شخص من غير سكانها. ووصل جنود ملثمون إلى خيمة العزاء المقامة في القرية وطردوا الصحفيين والمعزّين من غير سكانها. وفي يوم الخميس، ألغى الجيش هذا القرار بعد ضغوط إعلامية وسمح بالدخول إلى القرية بحرية. ورغم انتهاء تشريح جثة الهذالين يوم الأربعاء، ما زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثمانه حتى اليوم السبت. وترفض الشرطة والجيش تسليم الجثة لعائلته ما لم توافق على شروط مفروضة على مراسم الجنازة. ومن بين الشروط، عدم إقامة خيمة عزاء قرب منزل العائلة، ودفن الجثمان في مدينة يطّا المجاورة بدلاً من قريته أم الخير، وتحديد عدد المشاركين في الجنازة بـ15 شخصًا فقط. لاحقًا، رفعت السلطات عدد الحضور المسموح به لكنها أصرت على منع دفن الجثمان في أم الخير. وذكرت قوات الاحتلال أن "موقع الدفن في أم الخير غير قانوني، وفقًا لتقييم الوضع". ورفضت العائلة هذه الشروط، وفي رد فعل احتجاجي، أعلنت أكثر من 70 امرأة من القرية البدء بإضراب مفتوح عن الطعام حتى يُعاد جثمان الهذالين ويطلق سراح جميع المعتقلين من أبناء القرية. وزار عضو الكنيست غيلعاد كاريف خيمة العزاء برفقة منظمات حقوقية، وقال إن "الارتفاع الكبير في عنف المستوطنين، بدعم من حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، يهدد بتحويل الضفة الغربية إلى فوضى شاملة. من واجبنا الوقوف في وجه هذا العنف ورفع الصوت ضد هذه المظالم المستمرة". ودعا "كاريف" الشرطة إلى تسليم جثمان الهذالين لعائلته والسماح لهم بإجراء مراسم الجنازة كما يشاؤون. والهذالين أحد المشاركين في إنتاج فيلم "لا أرض أخرى" الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل وثائقي طويل عام 2025. ويركز الفيلم على التهجير القسري الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين من منطقة مسافر يطا جنوبي الخليل، وما يرافقه من عمليات هدم منازل. وقال تلفزيون فلسطين الرسمي إن الهذالين يعمل مدرسا في مدرسة الصرايعة الثانوية بالبادية في مسافر يطا، وهو أب لـ3 أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 6 سنوات. ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، نفذ المستوطنون أكثر من 2150 اعتداء خلال النصف الأول من 2025 وحده، أدت لاستشهاد 4 فلسطينيين، وتسببت بتدمير ممتلكات وتهجير عشرات العائلات.


الجزيرة
منذ 20 دقائق
- الجزيرة
شريطا الأسيرين الجائعين يربكان إسرائيل ويسعران سجالاتها
قاد نشر كل من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في قطاع غزة شريطين مصورين عن حالة أسيرين لدى جناحيهما العسكريين ردود فعل عاصفة في إسرائيل، توجهت غالبا نحو الحكومة الإسرائيلية ذاتها. فأغلب عائلات الأسرى، التي مس الشريط أعصابها الأشد دقة، ردت بأن حكومة نتنياهو هي من عرقل حتى الآن إبرام صفقة كاملة أو جزئية، تحرر أبناءها من الأسر ولو مقابل وقف الحرب. غير أن حكومة "التخلي"، كما توصف في إسرائيل، وجّهت أصابع الاتهام، كالعادة، نحو "البرابرة" الفلسطينيين من جهة، ونحو الرأي العام العالمي والصحافة الدولية، وحتى نحو الدول التي تميل للاعتراف بفلسطين. وواضح أن نشر الشريطين المصورين خلق صورة واضحة، عما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا ما استمرت الحرب، بعدما ظهر أسير نحيف الجسم "يحفر قبره" بنفسه. وقد أيقظ الشريطان أغلبية الإسرائيليين من حالة السبات والإنكار التي يعيشونها تجاه آلام ومظالم الشعب الفلسطيني، فشريط سرايا القدس من الجهاد الإسلامي تناول حالة أسير قد يكون تعرض هو وآسروه للقصف والتدمير من جانب الجيش الإسرائيلي، عندما انقطع الاتصال بهم. أما شريط كتائب عز الدين القسام فألمح أساسا عبر نحافة جسم الأسير الإسرائيلي وشعار "يأكلون مما نأكل" إلى المجاعة السائدة في قطاع غزة، جراء سياسة منهجية إسرائيلية لتجويع القطاع. ذعر في ظل خيبات الأمل التي سُجلت حتى الآن من مفاوضات صفقة التبادل، والفيديو الذي نشرته حماس، والذي يظهر فيه المخطوف إيفيتار ديفيد في حالة بدنية بالغة الخطورة، حيث برزت عظامه، أعرب أفراد عائلات المختطفين عن مشاعرهم الصعبة وخوفهم الشديد على حياة أبنائهم. وقال كثير من أهالي الأسرى الإسرائيليين، في أول انطباع لهم، إنهم شعروا بالرعب جراء التفكير في أحبائهم، من دون أن يخطر ببال بعضهم أن هذا هو حال أغلبية الأسر الفلسطينية في القطاع، وهذا ما دفع بعض أهالي الأسرى الإسرائيليين للمطالبة لاحقا بوجوب السماح بإدخال الغذاء لأهالي القطاع حتى لا يموت أبناؤهم جوعا. وأدى ذلك إلى حشد واحدة من أكبر التظاهرات الداعية لوقف الحرب وإبرام الصفقة الشاملة في تل أبيب، فضلا عن تظاهرات أغلقت فيها الشوارع الرئيسية، وكانت الشعارات الرئيسية تنادي بأن الوقت ينفد، وأنه لم يبقَ للأسرى الإسرائيليين مناص، ويجب إعادتهم إلى الحياة، وأن التخلي عن الأسرى هو نوع من "خراب الهيكل الثالث". وهاجم وزير الاتصالات السابق يوعاز هندل الحكومة والقيادة السياسية، وما أسماه "السلوك المتهور وانعدام القيادة". وفي مقابلة مع إذاعة 103FM، قال إن البلاد تسودها حاليا حالة من الضبابية السياسية، حيث "لا نستطيع تحديد الأهداف. اليوم هو ذكرى التاسع من آب، والانقسام الأكبر في البلاد لا يتعلق بتدمير حماس، بل بقضية المخطوفين، وهذا هو الأمر المؤلم". وتابع "الانقسام حول قضية المخطوفين ينبع من وجود هذا الضباب. هناك جهات هنا تنظر إلى المخطوفين على أنهم معارضون سياسيون، وعائق أمام تحقيق أهدافهم، وهذا أمر مؤلم". ورأت افتتاحية "هآرتس" أن شريط إيفيتار ديفيد الذي نشرته حماس يوم الجمعة، ويظهر فيه في وضع جسدي صعب، والشريط الذي نشرته قبل ذلك الجهاد الإسلامي، لروم بريسلافسكي، لا يتركان مكانا للشك. زمنهم ينفد. فالخطر الذي يحوم فوقهم ليس فقط خطر الجوع والمرض. ولاحظت أنه "رغم ذلك يبدو أن عدم اكتراث الحكومة لعذابات المخطوفين وعائلاتهم يتعزز فقط. عندما قالت أم الجندي المخطوف متان انجرست، عنات، لمنسق الأسرى غال هيرش إن ابنها "يصبح جلدة وعظمة"، رد عليها "هذه دعاية حماس". يا هيرش، هذه ليست دعاية حماس. هذا توثيق لمخطوف لا تنجح إسرائيل -ومشكوك جدا إذا كانت تحاول على الإطلاق- بإعادته إلى الديار، بعد نحو سنتين من حرب يزعم أنها تستهدف ذلك أيضا". وأضافت "ليس هذا فقط، وزراء في الحكومة يريدون التوقف عن الحديث عن المخطوفين والبدء بالحديث عن "أسرى". فقد أعلن الوزير عميحاي الياهو بأن "الأسرى لا يعنى بهم إلا في نهاية النصر"، فأي نصر؟ فاذا كان المقصود هو تقويض حماس (وبالتفسير الإسرائيلي: قتل وطرد كل الغزيين)، فمع من بالضبط ستنفذ "صفقة أسرى" في نهاية الحرب؟". حسابات متعارضة وأغلبية الإسرائيليين، كما تظهر استطلاعات الرأي بنسبة تزيد عن 60%، ترغب في وقف الحرب وإبرام اتفاق لتبادل الأسرى وهي تضغط في هذا الاتجاه. وكذلك فإن قيادة الجيش تبذل جهودا كبيرة بلغت حد التلميح باحتمال استقالة رئيس الأركان الجنرال إيال زامير، إذا لم تقرر الحكومة إنجاز صفقة تبادل جزئية أو شاملة. غير أن حسابات حكومة نتنياهو مغايرة كليا لحسابات الشارع الإسرائيلي، فقد فوجئ الإسرائيليون بأن أول بند في الاجتماع الرسمي لحكومة نتنياهو يوم الأحد كان مناقشة الإجراءات الأمنية حول نتنياهو وأفراد عائلته، كما أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لم يجد أشد إثارة من اقتحام الأقصى والصلاة هناك هو وعدد آخر من الوزراء، وبطريقة تخالف ما يسمى بـ"الوضع القائم" وضد التعليمات الرسمية. كما علّق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يعارض إبرام أي صفقة تعيد الأسرى وتتضمن إنهاء الحرب، على الشريطين قائلا "من منا لا ينفطر قلبه لرؤية الصور التي تعكس الوضع الصعب لإيفيتار ديفيد، الذي يعامله نازيو حماس بقسوة لا إنسانية؟ إن هدف حماس من نشر فيديوهات الرهائن ليس منحنا إشارة على الحياة، بالطبع، بل التلاعب بمشاعرنا، وإساءة معاملة عائلاتنا، وتمزيق قلوبنا، ومن خلال إرهاب التلاعب، الضغط علينا للاستسلام ووقف الحرب قبل أن تُدمر". وأضاف سموتريتش "بالطبع، هذا لن يحدث. يجب أن يكون الرد على هذه الإساءة الوحشية للرهائن هو الإبادة الكاملة لهذا الشر المطلق من على وجه الأرض، وإعادة جميع الرهائن دون أي شروط. فورا، بكل قوتكم ودون توقف للحظة. امحوا ذكرى عماليق من تحت السماء". كما أن وزير الخارجية جدعون ساعر وجّه رسالة عاجلة إلى زملائه حول العالم، داعيا إياهم إلى المطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في ضوء المشاهد المؤلمة التي تعرض لها كل من الأسيرين إيفيتار ديفيد وروم بريسلافسكي. ودعا ساعر زملاءه إلى التعبير عن موقف أخلاقي علني، وبذل كل جهد ممكن لوضع حد للمعاناة الفظيعة التي يعيشها الرهائن الإسرائيليون، بل ذهب أبعد من ذلك ليطالب بإجراء نقاش خاص في مجلس الأمن الدولي، حول قضية الأسرى الإسرائيليين ووضعهم. وقال "لا يمكن للعالم أن يصمت أمام الصور المروعة الناتجة عن الانتهاكات السادية المتعمدة للرهائن، بما في ذلك التجويع الذي مارسته حماس والجهاد الإسلامي"، وقد تجاهل في دعوته أن تجويع الأسرى الفلسطينيين وتعذيبهم في السجون الإسرائيلية وبعضها تحت الأرض، كما في سجن الرملة، سياسة رسمية للدولة العبرية. الطريق إلى الجحيم وهكذا فإن الرسالة الإسرائيلية الرسمية واضحة أشد الوضوح: مهما حدث ويحدث لا نزال نسير في الطريق الذي عبدناه سويا، والذي يقود في نظر كثيرين إلى الجحيم، ولذلك رأت إسرائيل وجوب مهاجمة كل الجهات إلا نفسها، والتشديد بشكل خاص على وسائل الإعلام الدولية المهمة التي لم تشعر أن شريطي الأسيرين الإسرائيليين يمكن أن يحرف الأنظار عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. واستهدفت الخارجية الإسرائيلية بهجومها وسائل الإعلام، خصوصا BBC وCNN ونيويورك تايمز وديلي إكسبريس، وحاولت أن تجعل كل هؤلاء يسيرون خلف دعايتها كما فعلت صحيفة "نيويورك بوست". وتعدّ حملة وزارة الخارجية جزءا من جهد أوسع تقوده إسرائيل حاليا، في ضوء ما تراه "تجاهلا إعلاميا خطيرا للجوانب الأخلاقية لخطف الرهائن". وتجمع الوزارة بين دبلوماسية الاستجابات، والترويج العلني، ونشر مواد بصرية فعّالة، بهدف تغيير طبيعة التغطية الإعلامية العالمية، حتى وإن بدت المهمة معقدة للغاية، فإسرائيل لا تزال ترى أن مشكلتها ليست جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وإنما ضعف الدعاية الـ"هسبراه". اللوم على حكومة نتنياهو علّق بن كسبيت في "معاريف" على الشريطين، فكتب "عندما يُخصص البند الأول في اجتماع مجلس الوزراء غدا لـ"التهديدات الموجهة لرئيس الوزراء وعائلته" وليس للوضع المروع لرهائننا الذين يتضورون جوعا في أنفاق غزة، عليك أن تسأل نفسك: هل هذا كابوس أم خدعة؟". وقال "لا شيء يُهيئك لمقاطع الفيديو المرعبة التي تُظهر روم بريسلافسكي وإيفيتار ديفيد وهما يصارعان الموت في أنفاق حماس. هذان الشابان، اللذان اختطفهما متوحشون بشريون وهما بصحة جيدة وقوة وابتسامة، أصبحا الآن مجرد هيكلين عظميين. من المستحيل ألا نتذكر الناجين من تلك المعسكرات في أوروبا قبل 75 عاما. أكياس من الجلد والعظام الهزيلة، يذوون ويموتون، يتلاشى ويتلاشى – والعالم صامت". كما أن رئيس الأركان الأسبق الجنرال غادي آيزنكوت كتب إلى رئيس الأركان الحالي "سيدي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، لم أتخيل يوما أننا سنرى صورا ليهود يحتضرون، ولن يكون هناك منقذ". وأكيد أن آيزنكوت يعرف بعضا مما تحدث عنه المراسل العسكري لـ"معاريف" آفي أشكنازي عن أنهم في قيادة الجيش الإسرائيلي محبطون من سلوك كبار رجالات المستوى السياسي، ويقولون "في هذه اللحظة لا يسمحون لنا بعرض الخطة لإقرار الكابينت. نحن لا نعرف ما يريده المستوى السياسي. نحن لا نعرف ما يريده رئيس الوزراء ووزير الدفاع. إلى أين يقودان استمرار القتال في غزة؟ الأمر الوحيد الذي نعرفه هو خط ثلاثة وزراء في الكابينت: بتسلئيل سموتريتش، أوريت ستروك وإيتمار بن غفير. هؤلاء يتحدثون بشكل واضح ويقولون إنه يجب احتلال كل القطاع وإقامة استيطان إسرائيلي. ما هو موقف كل أعضاء الكابينت؟ ليس واضحا لنا". تغييب الجيش والجيش يبلغ الحكومة أن القوات أُنهكت بعد ما يقرب من عامين من القتال، وأن الوحدات بحاجة إلى التقاط أنفاس من جهة وإلى إعادة تدريب وتنظيم من جهة أخرى. إعلان لذلك فإن الداعين لهجمات أشد وأقوى على القطاع من دون حساب، لا لحياة الأسرى الإسرائيليين ولا للملاحقات الدولية لمجرمي الحرب، لا يعرفون ما يدعون إليه، وصار الجيش يشتكي من أنه بات مغيبا عن معرفة الصورة والوجهة، وأن كل الأمور تتقرر بين نتنياهو ودريمر والأميركيين. وكما سلف فإن الجمهور الإسرائيلي بأغلبيته، ومعه الجيش وأهالي الأسرى، في واد وحكومته في واد آخر. وكثيرون يناشدون إدارة ترامب اتخاذ القرار السليم وتوجه نتنياهو ولو إجبارا نحو حل سلمي للأزمة بعيدا عن شعارات النصر المطلق. وهذا ما حدا بنداف إيال لعنونة مقالته في "يديعوت" "مفهوم التدمير: حكومة المتعصبين ترفض المخاطر الحقيقية وتتخلى عن الأسرى". وفي نظره: سيكون من المستحيل السيطرة على لهيب الأصولية اليهودية، فهي تُهدد بالفعل الوجود اليهودي هنا. لا تريد الكاهانية المتعصبة عودة المختطفين الجائعين والمعذبين، وقد عملت على إحراقهم نهائيا. نتنياهو هو المسؤول، نتنياهو متعاون.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
نتنياهو يطالب الصليب الأحمر بتوفير الطعام للأسرى الإسرائيليين
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، اليوم الأحد، إنه طلب من جوليان ليريسون، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي المحتلة، التدخل الفوري لتوفير الطعام والرعاية الطبية للأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وزعم نتنياهو أن ما وصفها بكذبة حماس عن التجويع تُروَّج في جميع أنحاء العالم لكن الحقيقة هي أن التجويع الممنهج يُمارس ضد الأسرى الإسرائيليين، بحسب زعمه. وكانت مقاطع فيديو نشرتها كتائب القسام، وسرايا القدس، أظهرت اثنين من الأسرى الإسرائيليين هما أفيتار دافيد وروم براسلافسكي، في حالة صحية متدهورة بسبب المجاعة في قطاع غزة. وأثارت مقاطع الفيديو حالة من الصدمة لدى الإسرائيليين الذين طالبوا بضرورة التوصل لصفقة مع المقاومة للإفراج عن أسراهم. وأظهرت المشاهد المنشورة أسيرين إسرائيليين شديدي الهزال والوهن، وكان الغرض منها تسليط الضوء على الوضع الإنساني الحالي بغزة، وما يعانيه القطاع المحاصر من سياسة التجويع. في الأثناء، نظم أهالي الأسرى المحتجزين الإسرائيليين في تل أبيب مظاهرة للمطالبة بإبرام صفقة لتبادل الأسرى. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن عائلات الأسرى أن جميع "المخطوفين" الإسرائيليين في خطر، ويجب الانسحاب من قطاع غزة فورا لضمان سلامتهم. وكانت عائلات الأسرى اتهمت حكومة نتنياهو بالتخلي عن أبنائها، وقالت إن الشروط التي وضعتها إسرائيل للتوصل إلى اتفاق غير واقعية. وتقدر إسرائيل وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، في حين يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. وقبل أيام، انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حماس بالدوحة بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة ، جراء تصلب مواقف إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات. ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.