
فلسطين وإهدار الوقت
الإجابة تختلف بمراحل الصراع التي مرت بها القضية، ففي مرحلة من الصراع لم نكن نفكّر إلا في فلسطين كلها، ولم نبالِ بأي شيء آخر، واستمر هذا الحلم حتى النكبة وقرار التقسيم وقيام إسرائيل كدولة التهمت الحلم في قيام فلسطين كدولة، ثم في مراحل متعاقبة قلّصنا هدفنا بفلسطين 1948، أي نحو 45 في المئة من مساحة فلسطين. وبعد 1967عام قلّصنا الهدف بعشرين في المئة، والآن الحديث عن عشرة في المئة في الضفة، وواحد في المئة في غزة، وحتى هذا الحلم تبخّر مع الانقسام والحرب على غزة التي دفنت كل الأحلام الفلسطينية.
والتساؤل كيف تعامل الفلسطينيون مع عنصر الوقت منذ 1917 تاريخ صدور وعد بلفور، أي قبل أكثر من مئة عام، وماذا فعلنا بالوقت منذ 1948 تاريخ النكبة. وماذا فعلنا بالوقت منذ 1967 واحتلال إسرائيل لكل فلسطين؟ وماذا فعلنا بالوقت منذ اتفاقات أوسلو وخمسة وعشرين عاماً من التفاوض؟ والسؤال الأكثر أهمية ومصيرية ماذا فعلنا بالوقت منذ سيطرة حماس على غزه عام 2007؟ وهل نملك مزيداً من الوقت ليتم هدره على خلافات وصراعات وحروب إعلامية وكلامية؟ بمعايير الوقت الخسارة أكبر من المكاسب التي تم إنجازها. وقد يجيب البعض وأتفق معه جزئياً، لقد حققنا الكثير منذ 1917، أصبح لدينا منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وأصبح لدينا تمثيل دبلوماسي مع أكثر من مئة وعشرين دولة، وهناك اعترافات متزايدة بالدولة الفلسطينية. ولدينا الآن سلطة ومؤسسات سياسية وتعليمية واقتصادية وغير ذلك.
كل هذا صحيح بلغة الزمن المختزلة، لكن حسابات الوقت من منظور استراتيجي نسأل، لماذا لم نحافظ على فلسطين كلها في وقت كانت فلسطين كلها أرضاً للشعب الفلسطيني؟ لم يحسن الفلسطينيون قراءة الوقت وأهميته، لكن لم يتوان الفلسطينيون بقدراتهم المحدودة على الدفاع عن أرضهم بهبّات وثورات شعبية. لا أتصور أن الفلسطينيين تخيّلوا ولو للحظة واحدة أنه يمكن أن يكونوا خارج أرضهم، فيما تنجح الحركة الصهيونية في تحويل حلم هيرتزل بقيام وطن قومي يهودي في فلسطين إلى حقيقة.
وقد يقول قائل إنه كانت هناك مؤامرة بريطانية ودولية للتآمر على الشعب الفلسطيني، لكننا تناسينا أهمية عنصر الوقت ولا شك كانت هناك خلافات وصراعات بين الأجنحة الفلسطينية وقتها صورتها عائلية وشخصانية، لنصل إلى عام 1948 ولم نحسن توظيف عنصر الوقت في عام النكبة، حيث كانت الضفة وغزة فلسطينيتين، الأولى ضمها مشروع المملكة المتحدة مع الأردن، فيما وُضعت غزة تحت الإدارة المصرية، ويُسجّل لمصر والرئيس عبد الناصر المحافظة على الهوية الوطنية الفلسطينية في غزة، وتم تشكيل جيش التحرير من أبناء غزة، لكن في عام 1967 خسرنا الضفة وغزة معاً. من المسؤول؟
الوقت لا يعمل لصالح الفلسطينيين، لكن لا يمكن إعفاؤهم من مسؤولية هدر الوقت. ومنذ تاريخ توقيع اتفاقات أوسلو 1993، ورغم إنجاز السلطة وعودة القيادة إلى فلسطين، وتلاحمها مع الشعب، إلا أن الوقت لم يعمل لصالح الفلسطينيين، وأهدرنا وقتاً طويلاً في المفاوضات التي أعطت إسرائيل الوقت الكافي لمزيد من الاستيطان والتهويد، وانشغلنا بترتيبات السلطة والحكم، لنغرق في ظلمات هذه السلطة، وليجد الفلسطينيون أنفسهم غارقين في تبعاتها الإدارية والبيروقراطية.
وبدلاً من الاستفادة من عنصر الوقت بانتخابات عام 2006 والتي فازت فيها حماس، وكانت فرصة سياسية لبناء نظام سياسي ديمقراطي يحتضن الجميع، بدلاً من ذلك قامت حماس بسيطرتها على غزة بالكامل عام 2007 ولتبدأ دورة الحروب لنصل إلى الحرب الخامسة اليوم التي حولت غزة إلى ركام وآلاف الشهداء وتعمّق جذور الانقسام. وهناك جانب آخر لهدر الوقت يكمن في ربط القرار السياسي بالحسابات والمراهنات الإقليمية والانغماس في الشؤون العربية والمثال واضح في الأردن ولبنان وسوريا.
ونتساءل مجدداً، هل من قيمة للوقت؟ الإجابة بالنفي، فلأكثر من عقدين تخللهما الانقسام وخمس حروب على غزة، وما زال مسلسل هدر الوقت مستمراً، وكأن القضية ليست لها حسابات زمنية. وفي الوقت الذي أهدرنا هذه السنوات في خلافات وصراعات ومحاولات فاشلة من حوار الطرشان بين الأشقاء، واصلت إسرائيل سياسة التهويد والاستيطان. ولو عرفنا كيف استفادت من هذا الوقت الذي أهدرناه في صراع على السلطة والحكم الضائع، لعرفنا كم خسرنا، الوقت بلغة السياسة يعني وضع هدف أو أهداف واضحة وآليات لتنفيذها عبر مراحل زمنية معينة، وهذا كله غائب عن السياسة الفلسطينية. فالوقت حساباته لدينا ليس بالزمن بل بالحسابات الغيبية الشخصانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 13 دقائق
- سكاي نيوز عربية
المجاعة في غزة توسع الشرخ بين "ماغا" الداعمة لترامب وإسرائيل
ووفقا لموقع "أكسيوس" فإن الحزب الجمهوري ، الداعم التقليدي لإسرائيل، يسارع لاحتواء تمرد داخلي بين أوساط شبابية في حركة "ماغا" حول المساعدات الخارجية ومعاداة السامية، ومعنى شعار "أميركا أولا". وأشار إلى أن مشاهد المجاعة في غزة جعلت من حركة "ماغا"، (اجعلوا أميركا عظيمة مجددا)، مركزا غير متوقع لإعادة النظر في علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل. وقد يؤدي إعادة ترتيب أولويات الحزب الجمهوري، بالتوازي مع رفض الديمقراطيين الواسع للحرب في غزة، إلى تهديد أساسي لمستقبل التحالف الأميركي مع إسرائيل المستمر منذ عقود، وتزايد خلافات ترامب الذي يوصف بأنه أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل مع أنصاره من الشباب، وفقا لـ"أكسيوس". وأصبحت النائبة مارغوري تايلور غرين، وهي صوت بارز في "ماغا"، أول عضوة جمهورية في الكونغرس تصف الحرب الإسرائيلية في غزة بأنها "إبادة جماعية". من جهته، اختلف ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، واعترف بوجود "مجاعة حقيقية" في غزة، رغم دعوته إسرائيل بـ"إنهاء المهمة" بالقضاء على حركة حماس. وكشف الموقع الأميركي أن عدد الشباب المحافظين من الجيل "زد" (الجيل من الناس الذين وُلدوا تقريبا بين من منتصف التسعينيات إلى أوائل 2010) الذين يرون أن إسرائيل مجرد حليف يستغل كرم أميركا، آخذ في التزايد، خصوصا أنهم لم يتأثروا بالخلفيات التاريخية التي شكلت مواقف الجمهوريين الأكبر سنا. وأشار إلى أن صور الجوع المروعة في غزة، إلى جانب القصف الإسرائيلي للكنيسة الكاثوليكية هذا الشهر، وهجمات المستوطنين الإسرائيليين على جماعات مسيحية في الضفة الغربية ، زادت من نقمة مؤيدي "ماغا" تجاه إسرائيل. ومع شعور نتنياهو بحجم الأزمة التي تواجه صورة إسرائيل عالميا، بادر إلى الظهور في مقابلة مع مجموعة "نيالك بويز" المؤيدة لترامب على يوتيوب، لكن الجمهور اتهم مجموعة "نيالك بويز" بتوفير منصة لمجرم حرب، وعدم طرح أسئلة ذات معنى. كما ذكر المصدر أن عددا من الشباب المؤيدين لترامب يتناقشون حول السياسة الخارجية، وما إذا كان إرسال مليارات الدولارات لإسرائيل يتماشى مع مبدأ "أميركا أولا". وكشف استطلاع جديد لمؤسسة "غالوب" أن 71 بالمئة من الجمهوريين يؤيدون العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بزيادة طفيفة منذ سبتمبر الماضي، في حين تراجع تأييد الأميركيين بشكل عام إلى نسبة 32 بالمئة.


سبوتنيك بالعربية
منذ 16 دقائق
- سبوتنيك بالعربية
ترامب يكشف أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة
ترامب يكشف أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة ترامب يكشف أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة سبوتنيك عربي كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الخميس، عن أسرع طريقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. 31.07.2025, سبوتنيك عربي 2025-07-31T12:11+0000 2025-07-31T12:11+0000 2025-07-31T12:11+0000 غزة قطاع غزة العدوان الإسرائيلي على غزة إسرائيل أخبار إسرائيل اليوم دونالد ترامب الولايات المتحدة الأمريكية أخبار العالم الآن العالم وقال ترامب، عبر صفحته على منصة "تروث سوشيال"، إن "الطريق الأسرع لإنهاء أزمة غزة هي استسلام حركة حماس، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من القطاع".وكانت إسرائيل قد أبلغت الوسطاء، ليلة أمس الأربعاء، بموقفها بشأن رد "حماس" على الخطة، حيث أعربت إسرائيل عن رفضها لمطلب "حماس" بالانسحاب من محور فيلادلفيا ومحيطه، بدعوى أن "هذه الخطوة قد تضعف القدرة على حماية التجمعات السكانية الجنوبية".واستؤنفت في الآونة الأخيرة مفاوضات وجهود نشطة من أجل التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية.وتضمن الاقتراح المطروح هدنة مدتها 60 يومًا تشمل وقف القتال وتبادلًا جزئيًا للأسرى والمحتجزين، ثم إطلاق مفاوضات تهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب.إلا أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أعلن، في 24 يوليو/ تموز الجاري، تعثّر الجولة الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل، التي كانت تجري في العاصمة القطرية الدوحة، وقرر سحب الوفد الأمريكي من مفاوضات غزة للتشاور، متهمًا حركة حماس بـ"عدم الرغبة في التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع".واستأنفت إسرائيل قصفها على قطاع غزة، يوم 18 مارس/ آذار الماضي، بعد توقف لنحو شهرين، وتحديدًا منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس، في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، عقب تعثر المفاوضات لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق أو الانتقال للمرحلة الثانية منه.من جانبه، أعرب المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، عن قلق موسكو من تصعيد الوضع في قطاع غزة وسقوط ضحايا مدنيين، مؤكدًا أن موسكو تراقب الوضع عن كثب وتتطلع إلى العودة لمسار السلام. غزة قطاع غزة إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي غزة, قطاع غزة, العدوان الإسرائيلي على غزة, إسرائيل, أخبار إسرائيل اليوم, دونالد ترامب, الولايات المتحدة الأمريكية, أخبار العالم الآن, العالم


سكاي نيوز عربية
منذ 35 دقائق
- سكاي نيوز عربية
غزة.. الأزمة الإنسانية تأتي بالمبعوث الأميركي إلى إسرائيل
في ظل تعثر جهود التهدئة في غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية بالقطاع، المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، يتوجه إلى إسرائيل.