logo
إحصائيات صادمة عن سياسة الهدم الإسرائيلية بالضفة منذ طوفان الأقصى

إحصائيات صادمة عن سياسة الهدم الإسرائيلية بالضفة منذ طوفان الأقصى

الجزيرةمنذ يوم واحد
جنين- بكى أمجد خازم بحرقة كبيرة وهو يشاهد جرافات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزله ومحله التجاري الاثنين الماضي، في مخيم جنين شمال الضفة الغربية. وهذا واحد من 11 منزلا تعود لإخوته هدمها الاحتلال مرة واحدة، بالإضافة لأكثر من 10 محال تجارية تعود للعائلة.
بحزن وقهر كبير يصف خازم للجزيرة نت ما يشعر به وهو يشاهد المنزل الذي ولد وعاش فيه يهدم بلحظات، "هذا قهر كبير، لم يتركوا لنا منزلا واحدا ولا محلا، عمري 64 عاما عشتها هنا، وهذا المنزل بني قبل ولادتي بأعوام، لا قهر يعادل هذا القهر".
ولم يخسر خازم وأشقاؤه الـ11 منازلهم فقط، بل خسروا مصدر رزقهم بهدم المحال التي كانت تعيل عائلاتهم.
هدم ثلث المخيم
وعلى مدار 6 أشهر من العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين هدمت جرافات الاحتلال أكثر من ثلث المخيم، وذلك وفق تقديرات بلدية جنين.
وتقول البلدية إنه بعد إعلان الاحتلال عن مخططه بهدم 95 بناية في المخيم الشهر الماضي، فإنه يكون قد هدم نحو ألف منزل في المخيم، الذي يضم 3200 منزل.
وفي الوقت ذاته، يواصل الاحتلال منذ 5 أشهر هدم منازل المواطنين في مخيمات مدينة طولكرم ، فقد أخطر الاثنين الماضي بهدم 104 منازل جديدة في "مخيم طولكرم".
من جهته، أصدر عبد الله كميل محافظ طولكرم بيانا طالب فيه المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال لوقف عمليات الهدم في المخيمات، مؤكدا أن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم يشجع الاحتلال على الاستمرار في اعتداءاته.
وقال إن هذا القرار يعبر عن عمل إجرامي، وهو قرار سياسي يتحمل مسؤوليته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لل محكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- وحكومته، "وهو يمثل انتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات حقوق الإنسان وخاصة حق الإنسان في السكن والحياة".
ذرائع للهدم
ولا يتوقف هدم المنازل على مخيمات الضفة الغربية ، بل اعتمد الاحتلال منذ بدايته سياسة هدم المنازل في عموم الضفة متذرعا بمزاعم واهية لا صحة لها.
وهدمت سلطات الاحتلال الثلاثاء منزلا في إحدى قرى مدينة قلقيلية، بحجة وقوعه في منطقة (ج) ، كما هدمت جرافات الاحتلال الخميس الماضي مبنى من طابقين في قرية الزاوية جنوب جنين لذات الحجة.
وأخطر الاحتلال عائلة الشهيد رأفت دواسة من سيلة الحارثية غرب جنين بهدم منزلها، بحجة تنفيذ دواسة عدة عملية إطلاق نار على المستوطنين، قبل اغتياله في أغسطس/آب عام 2024.
وعلى مدار الشهور الماضية، هدم الاحتلال عدة منازل ومنشآت فلسطينية في برطعة وقرى طولكرم وسلفيت وأريحا، بالإضافة لهدم منازل شهداء في الخليل ونابلس.
وتهدم إسرائيل المنازل الفلسطينية مستندة إلى 3 ذرائع هي:
الهدم العسكري: ويعد الأكثر خطرا وتدميرا حيث يعمد إليه الاحتلال دون سابق إنذار ويؤدي لدمار واسع في البنية التحتية والمباني، كما كان يحدث عند كل اقتحام لجنين وطولكرم وطوباس.
الهدم العقابي: حيث تعاقب إسرائيل منفذي العمليات ضد المستوطنين والجيش الإسرائيلي بهدم منازلهم ومنازل عائلاتهم.
الهدم الإداري: وهو الأكثر شيوعا، ويستخدم لتقييد التوسع العمراني الفلسطيني وخاصة في المناطق (ج) التي تمثل 60% من الضفة الغربية.
وتعتمد إسرائيل على القانون البريطاني لعام 1945 الذي صدر ضد الثورة الفلسطينية ، وأقر هدم منازل المتهمين بحجة ردعهم. ورغم أنه قانون استعماري قديم فإن الاحتلال لا يزال يعتمده حتى اليوم، حتى بعد اعتبار المحكمة العسكرية الإسرائيلية أنه يستخدم بطريقة تفوق الغرض الأساسي منه، وأنه بات يستهدف عائلات بأكملها.
جرائم حرب
وترى منظمات قانونية أن إسرائيل لا تميز بين مناطق المسيطر عليها من قبل السلطة الفلسطينية ومناطق (ج)، حيث عمد الاحتلال على هدم مبان وعمارات سكنية في رام الله ونابلس، دون أي اعتبار لاتفاقيات تقسيم المناطق بينها وبين السلطة.
وتؤكد هذه المنظمات أن الهدم الأمني زاد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما يجري في المخيمات التي تشهد عمليات هدم كامل لها.
ويقول المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك إن مخيمات جنين وطولكرم تشهد أكبر عمليات تطهير عرقي خلال العقد الحالي، وإنه لا يوجد أرقام دقيقة لأعداد المنازل التي جرى هدمها، لأن المخيمات مغلقة بشكل كامل ولا تسمح سلطات الاحتلال لأي جهة أو منظمة حقوقية أو دولية بالدخول إليها.
وبحسب المسؤول فإن مبررات الاحتلال بأن هدم المخيمات يأتي لحماية الجيش تعد مخالفة تماما للقانون الدولي الذي ينص على أنه لا يجوز هدم المساكن إلا في حالات استثنائية جدا.
ويقول الدويك في حديثه للجزيرة نت إن "ما يقوم به الاحتلال هو عملية ممنهجة لتفريغ مناطق (ج) وبعض مناطق (ب) من السكان، وكذلك لتفريغ المخيمات وإعادة هندستها ديمغرافيا".
ويضيف أن الفلسطينيين في القدس يحاولون الحصول على تراخيص للبناء من جهات رسمية إسرائيلية وهي ترفض إعطاء هذه التراخيص، ومن ثم تهدم المنازل بحجة عدم الترخيص.
وطالب الدويك بتوثيق هذه الانتهاكات، وقال إن "على الدول وخاصة التي تربطها علاقات مع الاحتلال أن تقوم بخطوات عملية من ضمنها تهديد الاحتلال باتخاذ إجراءات ضده إذا لم يتوقف عن هذه الممارسات".
وأكد أن المنظمات الحقوقية خاطبت الجهات الدولية ذات العلاقة وتحديدا المقرر الخاص المعني بالحق بالسكن خاصة، بأن هذه السياسة تمس بشكل مباشر قانون الحق بالسكن، مشددا على أن التدمير الممنهج للمساكن وتشريد السكان وتهجير العائلات تصنف جرائم حرب.
إحصائيات
ووثقت عدة منظمات إنسانية وحقوقية منها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" عمليات الهدم على مدار سنوات الاحتلال، وبينت أن هذه العمليات زادت بشكل كبير منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ووثق المكتب هدم الاحتلال 1787 منشأة، بينها 800 منزل مأهول، وذلك في الفترة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وأدى ذلك إلى تشريد أكثر من 4 آلاف مواطن.
كما سجل هدم 465 منشأة بحجة عدم الترخيص، من بينها 56 منشأة ممولة من قبل المانحين، منذ بداية العام الحالي وحتى أبريل/نيسان الماضي مما أسفر عن تشريد 445 شخصا.
وهدم الاحتلال في الفترة نفسها 11 منزلا كإجراء عقابي ضد عائلات منفذي العمليات والمقاومين أو المشتبه بهم، وفرضت الترحيل على 65 شخصا.
ووثق مكتب أوتشا هدم الاحتلال في يونيو/حزيران الماضي أكثر من 20 مبنى في مخيمات جنين وطولكرم و نور شمس ، إضافة إلى 120 مبنى في المخيمات نفسها منذ بدء العملية العسكرية.
وقدرت المنظمة الدولية أن مجمل المباني التي هدمها الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة يتراوح بين 2400 إلى 2500 منشأة في الضفة الغربية، وتشمل المباني السكنية ومرافق أخرى.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مستوطنون يجبرون 500 عائلة فلسطينية قرب أريحا على الرحيل
مستوطنون يجبرون 500 عائلة فلسطينية قرب أريحا على الرحيل

الجزيرة

timeمنذ 38 دقائق

  • الجزيرة

مستوطنون يجبرون 500 عائلة فلسطينية قرب أريحا على الرحيل

رام الله- أجبرت اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين وهجماتهم المتكررة، نحو 70 عائلة فلسطينية يقدر عدد أفرادها بنحو 500 على الهجرة، تاركة ذكريات أكثر من نصف قرن، في تجمع عرب المليحات البدوي شمال غربي مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية. وقال المشرف العام على منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات للجزيرة نت، إن "70 عائلة من تجمع عرب المليحات البدوي فككت منازلها وحزمت أمتعتها ورحلت أو على وشك الرحيل". وأضاف أن عدد أفراد العائلات المهجرة يتجاوز 500، وجميعهم تفرقوا وتوزعوا على عدة مناطق بمحيط مدينة أريحا. وذكر أن وجود السكان في تجمع عرب المليحات يمتد إلى سبعينيات القرن الماضي، معبرا عن أسفه عن الخذلان على مختلف المستويات التي عاشوها مدة 22 شهرا وأكثر. وأشار إلى اعتداءات متكررة للمستوطنين على التجمع في آخر عامين بما فيها الاعتداء على السكان واقتحام البيوت وسرقة الأعلاف، مبينا أن الاعتداءات بلغت أوجها في الأيام الأخيرة بإقامة بؤرة استيطانية بمحاذاة المنازل. وكشف الناشط الحقوقي عن إقامة 6 بؤر استيطانية بمنطقة المعرجات بين مدينتي أريحا ورام الله خلال الشهر الأخير فقط. وفي وقت سابق الجمعة، قالت منظمة البيدر -في بيان- إن ما جرى في التجمع "هجوم منظم تقوده أذرع الاحتلال الاستيطانية بهدف اقتلاع السكان من أرضهم دون أوامر أو قرارات رسمية، بل بالسلاح والتهديد المباشر، وهي جرائم حرب وعدوان موصوفة". واعتبرت أن "ما يجري في عرب المليحات ينذر بتكرار نمط التهجير القسري في باقي مناطق الأغوار والضفة الغربية" مطالبةً بـ "تدخل دولي حقيقي، لا يكتفي بالإدانة اللفظية، بل يفرض إجراءات رادعة على الاحتلال والمستوطنين، ويضمن الحماية الفعلية للسكان". وفق بيان سابق لمنظمة البيدر، فإن إخلاء التجمع مع نشر البؤر الاستيطانية يعني "خلق كتلة استيطانية تتحكّم فعليًا بممر حيوي يربط شمال الضفة بجنوبها، ويفصل أريحا عن وسط الضفة، ويضيّق على كل حركة فلسطينية في المنطقة الممتدة بين الغور (ِرقا) ومرتفعات رام الله (غربا)". إعلان ووصفت ما يحدث في المعرجات بأنه "نكبة تدريجية تُنفّذ دون ضجيج، ودون جرافات علنية أو ترحيل قسري مباشر (…) لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياسة الإسرائيلية الواسعة الهادفة إلى تفريغ المناطق المصنفة "ج" من سكانها الفلسطينيين، لا سيما البدو". وتشكل المنطقة "ج" وفق تصنيف اتفاق أوسلو نحو 60% من الضفة وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة. من جهته كشف مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود عن تهجير 32 تجمعا فلسطينيا في الضفة الغربية منذ بدء العدوان على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأضاف أن عدد العائلات المهجرة اليوم تجاوز 345، يقدر عدد أفرادها بالآلاف. من جهته قال رئيس هيئة مقاومة الجدار مؤيد شعبان، إن "إجبار العائلات على النزوح قسرا من تجمع عرب المليحات يأتي ضمن خطة استعمارية لتهويد المنطقة". وأضاف في بيان وصل إلى الجزيرة نت، أن "اضطرار العائلات إلى النزوح قسرا، جاء بضغط وإرهاب المستعمرين المسلحين وحماية من جيش الاحتلال". ووفق توثيق هيئة المقاومة والجدار الحكومية الفلسطينية، نفذ المستوطنون منذ بدء العدوان على غزة أكثر من 5 آلاف اعتداء في الضفة، منها نحو 1600 اعتداء في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، إضافة إلى نحو 5600 اعتداء نفذها الجيش في ذات الشهور، بما فيها مهاجمة الفلسطينيين وممتلكاتهم وقتلهم وإجبارهم على الرحيل، وإشعال الحرائق وإقامة بؤر استيطانية وغيرها. وتقدر الهيئة عدد المستوطنين في الضفة بما فيها القدس، بنحو 770 ألفا يتوزعون على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.

ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع
ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمس الجمعة- إنه من الجيد أن حركة حماس قالت إنها ردت "بروح إيجابية" على مقترح وقف إطلاق النار في غزة. وكان ترامب يتحدث للصحفيين على متن طائرة الرئاسة بعد مغادرة قاعدة أندروز المشتركة في ميريلاند في طريقه إلى بيدمينستر في نيوجيرسي. وأشار إلى أنه قد يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكنه لم يطلع على الوضع الحالي للمفاوضات ولم يتلق إفادة بشأنه بعد. وأضاف ترامب "يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات" دون أن يوضح المقصود بكلامه هذا. وكانت حماس قالت -في وقت سابق من مساء أمس- إنها سلمت ردها "للإخوة الوسطاء الذي اتسم بالإيجابية، وجاهزون بجدية للدخول فورا في مفاوضات آلية التنفيذ". وأوضحت أنها أكملت مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية "لوقف العدوان على شعبنا، وسلمنا الرد بناء على ذلك". وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) من المقرر أن يناقش اليوم ملف الأسرى والوضع في غزة، مشيرة إلى أن اجتماعه مساء الخميس شهد توترا وصل حد الصراخ بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – ورئيس الأركان إيال زامير. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر إسرائيلي أمس أن التوجه بشأن اتفاق محتمل في غزة هو أن يعلن نتنياهو والرئيس الأميركي معا عن الصفقة خلال لقائهما في واشنطن الاثنين المقبل. وفي وقت لاحق أمس، نقلت القناة 12 الإسرائيلية -عن أحد المصادر- أن إسرائيل تلقت رد حركة حماس من الوسطاء وتدرس تفاصيله. وقالت القناة الإسرائيلية -نقلا عن هذا المصدر- إنه في ضوء رد حماس يتوقع أن يغادر وفد إسرائيلي إلى الدوحة لإجراء مفاوضات حول شروط الاتفاق، حيث من المتوقع أن تبدأ محادثات غير مباشرة بين الطرفين. وأضاف المصدر ذاته -بحسب القناة الإسرائيلية- أن المفاوضات قد لا تستغرق أكثر من يوم ونصف اليوم.

كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال
كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال

بينما كان نتنياهو يروّج لما وصفه بـ"الانتصار الساحق على إيران"، عقب مواجهة استمرت 12 يومًا تبادل خلالها الطرفان القصف بالصواريخ والمسيرات، كانت أنباء سيئة في طريقها إلى كيان الاحتلال قادمة من قطاع غزة. ففي يوم الثلاثاء، الموافق لـ 24 يونيو/ حزيران 2025، سقط سبعة جنود دفعة واحدة في كمين أعدته كتائب القسام في قطاع غزة، وأسفر عن احتراق جنود الاحتلال داخل ناقلة عسكرية، بعد فشل محاولات إنقاذهم بالجرافات والمروحيات. أيقظ هذا الكمين بثمنه الباهظ "الإسرائيليين" على صباح دامٍ، حيث انتشرت خطابات التعازي والدعوات لوقف الاستنزاف الجاري في غزة، وتزايدت المطالبات بإنهاء الحرب هناك، وإبرام صفقة تبادل تعيد الأسرى المحتجزين في القطاع، وطالب "إسرائيليون" بإنهاء العدوان المستمر منذ 629 يومًا، والذي شهد عشرات الكمائن الدامية، التي كشفت عن عقلية عسكرية متقدمة للمقاومة وخبرات متراكمة لديها، وحوّلت جنود الاحتلال إلى أهداف سهلة. منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واظبت كتائب عز الدين القسام في غزة على توثيق عملياتها ضد جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال، وتُظهر المقاطع المصورة تفاصيل دقيقة عن الكمائن التي نفذتها ضد قوات الاحتلال، ومن بينها الكمين المنفذ يوم الثلاثاء 24/ 6/2025 في جنوب غرب مدينة خانيونس، والذي بثت تفاصيله قناة الجزيرة، حيث تجسّد هذا الكمين في احتراق ناقلة جند مدرعة تابعة لقوات الهندسة. في التفاصيل، اقترب مقاوم وألصق بالناقلة عبوة ناسفة من طراز شواظ، تبع ذلك تفجيرها داخل قمرة القيادة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وهرعت قوات الإطفاء العسكرية التابعة لجيش الاحتلال إلى موقع الحادث، وبذلت جهودًا مضنية لإخماد النيران، واستُقدمت جرافة من طراز "دي 9" لسكب الرمال عليها، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. وعلى الفور، قرر جيش الاحتلال سحب الناقلة المدرعة من طراز "بوما"، المخصصة لمهام هندسية، إلى داخل مستوطنات الغلاف، بهدف مواصلة جهود إخماد الحريق، بينما كان الجنود السبعة لا يزالون بداخلها. ورغم إرسال قوات الإنقاذ والمروحيات إلى موقع الحادث، لم ينجُ أحد منهم، ولقوا حتفهم جميعًا نتيجة التفجير والحريق، وقد استغرقت عملية التعرف على هويات القتلى ساعات طويلة، علمًا بأنهم كانوا ضمن فريق القتال المشترك من الكتيبة 605 واللواء 188 التابع للفرقة 36. وبالتزامن مع هذا الكمين، تعرضت قوة متوغلة لوابل من القذائف المضادة للدبابات، وعند وصول قوة النجدة لإخلاء المصابين، استُهدِفت هي الأخرى، ما أدى إلى احتراق الآليات. وذكرت كتائب القسام أن مقاتليها نفذوا كميناً مركباً، استهدف قوة تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفتي "ياسين 105" و"آر بي جي"، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، ثم استهدفوا المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب خانيونس، كما استهدفوا دبابة "ميركافا" بعبوة "شواظ" وقذيفة "ياسين 105". وبعد مرور ساعات على الهجوم، زعم جيش الاحتلال أن الكارثة ناجمة عن صاروخ "آر بي جي" مضاد للدبابات أُطلق من مسافة قريبة على الناقلة، وليس عن عبوة ناسفة أُلصِقت بها، وذلك لأن الناقلة لا تحتوي على حماية نشطة وأنظمة واقية، على عكس ناقلات "نمر" الأكثر تحصيناً، واعتبر جيش الاحتلال هذا الكمين "الأكثر دموية" على جنوده في القطاع منذ ما يزيد على عام، وتحديداً منذ 15 يونيو/ حزيران 2024، عندما قتل المقاومون ثمانية جنود في رفح، إثر إصابة ناقلة جند هندسية مدرعة من طراز "نمر" بصاروخ مضاد للدبابات. عقب انتشار خبر الكمين، وسقوط عدد كبير من جنود جيش الاحتلال، توالت ردود الفعل الإسرائيلية: وزير الحرب، كاتس، أعرب عن حزنه لسقوطهم خلال مهمتهم للدفاع عن الدولة واستعادة الرهائن من غزة، وقال: "نحن نمر بأوقات عصيبة للغاية". إسحاق هرتسوغ، اعترف بصعوبة الوضع القتالي في غزة، وأن العبء لا يُطاق. رئيس اللجنة المالية في الكنيست، موشيه غافني، من حزب "يهودوت هاتوراة" للمتدينين، أدان بشدة استمرار القتال في غزة، قائلاً: "لا أفهم أهداف الحرب، ولا أفهم حتى هذه اللحظة: ما الذي نقاتل من أجله؟ ولأي غرض؟ ماذا سنفعل هناك والجنود يُقتلون باستمرار؟ لقد توقعت أن تبادر القيادة لإنهاء القتال، وإعادة المخطوفين، والعودة إلى الوضع الطبيعي. المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي ديفرين، اعترف قائلاً: استيقظنا على صباح صعب ومؤلم للشعب "الإسرائيلي" بأكمله، نحن أمام حدث معقد، وسيتم التحقيق فيه، وعرض نتائج التحقيق أولاً على العائلات، ثم على الجمهور، مؤكداً أن كل محاولات إنقاذ الجنود باءت بالفشل، وأنه سيتم التحقيق في هذا التقصير، وأضاف قائلاً: "لقد حاولنا إنقاذهم، ولكن دون جدوى، فحماس تستخدم أسلوب حرب العصابات في التعامل مع المتفجرات". عبّر أهالي الجنود القتلى عن غضبهم الشديد تجاه الجيش والحكومة، مؤكدين أن أبناءهم أبلغوهم في رسائل سابقة عن معاناتهم من ضغوط الحرب التي طالت مدتها، وتلاشي أهدافها، وعدم قرب نهايتها. وقال هؤلاء: "إننا نشعر بغضب عارم، كيف يسمح الجيش لجنوده بقيادة مركبة مستعملة ومتهالكة؟ هذا أمر يثير الغضب، لم نعد نتحمل المزيد من هذه الحروب، كم عدد القتلى بعد؟ وكم عدد العائلات التي ستفقد أحباءها؟ نحن في حالة بكاء وصدمة". دعا مجلس إدارة كيبوتس "نير عوز"، الذي يقطن فيه بعض الجنود القتلى، إلى وقف الحرب، وإعادة المختطفين من أسر حماس، وقال: "في هذا الصباح العصيب، نناشد الحكومة بصوت عالٍ: كفى حروبًا دموية، كفى تعذيبًا للمختطفين، كفى إرهاقًا وموتًا للجنود، كفى شعارات فارغة. أي نصر آخر تسعون لتحقيقه؟ أي نصر سيكون هنا بينما لا يزال خمسون مختطفًا يرزحون في الأسر، بينما تستمر العائلات في فقدان أبنائها، ويستمر قتل الجنود؟ نتساءل: كيف لأسبوع بدأ بإنجاز مدوٍّ في إيران، أن يستمر بخسارة فادحة لـ 7 جنود في غزة؟". بعد هذه الخسارة، زعم تسيفي يحزكيلي، مراسل الشؤون العربية في قناة i24، والذي اعتاد على دعم استمرار الحرب في غزة، أن "أي اتفاق يقترحه ترامب سيكون جيدًا، فماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ هل يجب أن نسمح بمقتل أبنائنا في غزة؟ يجب أن ننهي هذا الأمر". الصحفي إيال بيركوفيتش تساءل: "كيف يعقد نتنياهو مؤتمرًا صحفيًّا قبل ساعات، ويعلن خلاله الانتصار على الأعداء، وهو يعلم أن سبعة جنود قد قتلوا في غزة؟". لسنوات عديدة، اعتقدت هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال أنه لن تكون هناك حاجة لوحدات مدرعة وهندسية في ساحة المعركة المستقبلية، ورغم أن إنتاج دبابة "ميركافا" أو ناقلة الجنود المدرعة "نمر" كان مكلفًا جدًا، فإن كمين خانيونس الأخير كشف عكس ذلك تمامًا. فقد أوضح الكمين أن الجنود الذين يقومون بالجزء الأكبر من العمليات في غزة هم مهندسو القتال والمدرعات، أي رأس الحربة. أما الجنرالات، الذين لم تكن لديهم فكرة عن كيفية الاستعداد لمواجهة غزة، فقد بدوا "مكفوفين"، وما زالوا يعانون من ضعف في فهم حقيقة القتال فيها، لأن الجنود يناورون في مركبة مدرعة هندسية، تم إنتاجها في مكان ما في الخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضي، شاركت في حربي 1956 و1967، لكنها لم تعد قادرة على مواجهة تحديات الحرب المعاصرة. وأكدت أوساط عسكرية أن الناقلة "بوما"، التي وقعت في الكمين، هي دبابة قديمة، وحمايتها أقل تطورًا، ويبلغ عمرها خمسين عامًا، إلا أنها تعتبر موثوقة، مع أنها لا تحتوي على نظام حماية نشطة مثل نظيراتها الحديثة، وقد عانت من بعض المشكلات طوال الحرب في غزة، ولكنها خضعت لتحسينات، وتستخدم في مجموعة متنوعة من المهام الهندسية، بما فيها اختراق العوائق، واستخراج المركبات المدرعة الأخرى، وحمل البضائع. وأشارت الأوساط العسكرية هذه إلى أنه خلال القتال الطويل في غزة، تعرضت ناقلات الجند المدرعة للإصابة والاحتراق عدة مرات، وعلى الرغم من إدخال بعض التحسينات على حمايتها، فإنها لم تصل إلى مستوى الناقلة "نمر"، الأحدث والأكثر تطوراً، والتي تتضمن منظومة حماية نشطة من نوع "سترة الرياح". نتيجة لتزايد استهداف المقاومة لهذه الناقلات، حاول الجيش إحلال ناقلات "نمر" محل أسطول ناقلات "بوما"، على الأقل في جميع كتائب الهندسة القتالية النظامية، ولكن، نظرًا لمحدودية معدلات الإنتاج، لا يزال الجنود يستخدمون الناقلة القديمة، وينطبق الأمر نفسه على كتائب الهندسة الاحتياطية المنتشرة على الخطوط الأمامية الأكثر خطورة في غزة. وقد أثار "الإسرائيليون" تساؤلات حول جدوى استخدام مركبة قتالية مدرعة قديمة في منطقة تُعرف بأنها "جوهر القتال"، مع كتائب حركة حماس التي أعادت بناء قوتها في المنطقة. وكشف ذلك مرة أخرى عن وجود ثغرات في قدرة الجيش على توفير وسائل مدرعة متطورة لجميع قواته المقاتلة، خاصة وأن ناقلة "نمر" المتطورة، التي تمثل المعيار التشغيلي الجديد لفرقة الهندسة، لا تزال غير متوفرة لجميع الألوية والوحدات العسكرية. بعد مرور أكثر من 629 يومًا على اندلاع الحرب، لا تزال المقاومة تعتمد على تكتيكات تشمل قنص الجنود، وتدمير آلياتهم بواسطة مجموعات صغيرة، بالإضافة إلى نصب الكمائن على مستوى مجموعات أكبر، وتؤكد المقاومة قدرتها على إعادة الانتشار والتمركز في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال. وتُعد الكمائن في غزة عنصرًا أساسيًّا في إستراتيجية المقاومة، حيث غالبًا ما تُنصب في مواقع مرتفعة نسبيًّا أو متخفية، ما يتيح إمكانية الرصد الدقيق، كما يتم توجيه حركة العدو من خلال العوائق والمناورات المدروسة. إنّ هذه الانتصارات والنجاحات المُبهرة، التي حققتها كتائب عز الدين القسام وفصائل المقاومة، خلال هذه الملحمة والمفخرة ضد قوات الاحتلال، التي تلقت ضربات قاسية ودروسًا لن تنساها، قد كسرت هيبتها وحطمت صورتها وأذلتها، في حين بدت المقاومة هي صاحبة اليد العليا، والمتفوقة على كيان الاحتلال الذي يمتلك منظومة القبة الحديدية، والسلاح والتكنولوجيا والاقتصاد ووسائل التدمير، والدعم الأميركي والغربي، والتواطؤ العربي المخزي. تُثبت هذه العملية النوعية مجددًا أنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني في مواجهة كيان الاحتلال إلا المقاومة والصمود.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store