
الحركة الإصلاحية عند العلويين في القرن التاسع عشر
يتناول الكتاب ملامح الإصلاح والنهضة في صفوف شيوخ الطائفة العلوية خلال القرن التاسع عشر، مركّزاً على دورهم في تجاوز العزلة والتهميش عبر الانفتاح على المذاهب الإسلامية الأخرى، والالتزام بالأركان الدينية، ونبذ الخرافات.، ويبرز إيمانهم بالعلوم الحديثة، وجهودهم في نشر التعليم وفتح المدارس، ومساهمتهم في نهضة لغوية وأدبية.
ويتناول الكتاب أيضاً مواقفهم الإصلاحية التي أدّت إلى ترسيخ الانتماء الإسلامي والوطني والقومي؛ مما مهد لاندماج أبنائهم في الحياة المدينية خلال القرن العشرين، وانخراطهم في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والعسكرية. إضافة إلى الحراك الفكري المبكّر في جبال الساحل السوري، تفاعلاً مع حملة إبراهيم باشا وانتشار الحداثة، بما في ذلك المطبوعات والتعليم.
ويستند الكتاب إلى مجموعة من المخطوطات النادرة، أبرزها تذكرة الأفكار للشيخ علي حسن القاضي (1879)، ومؤلفات الشيخ يوسف علي الخطيب، وآل حرفوش، وغيرها، لرصد معالم الإصلاح المبكر الذي تجلّى في ثلاثة ملامح: الشكّ في مقاربة تاريخ تأسيس الطائفة، خصوصاً في سيرة الأمير المكزون السنجاري، الوعي التاريخي في حفظ تراجم الشيوخ وتوثيقها، والانفتاح على الشعائر الإسلامية، كأداء الحج، والقيادة الدينية والاجتماعية ومناهضة السلطة.
وعلى المستوى الاجتماعي، سعت الحركة الإصلاحية لمحاربة الخرافات، والدعوة إلى الكسب الشريف بالعمل اليدوي، والاهتمام بحقوق المرأة. وقد برز الشيخ سليمان الأحمد في نقده العلني للسحر والتنجيم، ودعا الإصلاحيون إلى الاستناد إلى العلوم الحديثة، ودوّنوا مؤلفات تعزّز قيم الوحدة والتسامح. وقد أصرّ شيوخ الطائفة على العمل اليدوي الشريف، ورفضوا بشدّة التسوّل الديني باسم الزكاة، معتبرين الكسب باليد شرفاً لا يُدانيه جاه.
أما في شأن المرأة، فقد بدأت مطالبات بتقليل المهور، وظهرت بوادر تشجّع على تعليمها ومشاركتها العامة.
شهد الحقل التعليمي، كما جاء في الكتاب، نهوضاً أهليًّا ملحوظاً، تجلّى في تأسيس مدارس مثل مدرسة آل يونس، حيث اعتمد التعليم المجاني، مقابل التعليم المأجور في المدن الكبرى. ومع توسّع نشاط المدارس التبشيرية، دخلت اللغتان التركية والفرنسية إلى المناهج، وبدأ الانتقال التدرّجي من العلوم الشرعية إلى العلوم الدقيقة والتجريبية.
أما النهضة اللغوية والأدبية، فقد انطلقت من الجنوب، بتأثير لبناني واضح، وساهمت المطبوعات الحديثة في قلب العلاقة التقليدية بين الشيخ والتلميذ، وظهرت شروح نقدية ومؤلفات لغوية جديدة، من أبرزها جهود الشيخين سليمان الأحمد وإبراهيم عبد اللطيف. وقد دفعت هذه النهضة الفكرية في اتجاه تقبّل النسبية المعرفية، والاعتراف بإمكانية الخطأ ومراجعته؛ مما أضفى حيوية نقدية على المشهد الفكري.
وبالنسبة للإصلاح الديني والهويّاتي، فقد اقترن بالتحرر من العصبيات العشائرية، والتمسّك بالهوية الإسلامية والعروبية، خصوصاً في مواجهة مشروعات التفريق الاستعمارية التي تبنّاها الفرنسيون.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 32 دقائق
- الشرق الأوسط
لبنان ينزع «الشرعية» عن سلاح «حزب الله»
نزع لبنان «الشرعية» عن سلاح «حزب الله»، في القرار الذي اتخذته الحكومة بتكليف الجيش اللبناني وضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، فيما يستكمل مجلس الوزراء، اليوم (الخميس)، النقاش في ورقة الموفد الأميركي توماس براك. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «يعني نزع الشرعية من السلاح بعدما كان محمياً بالشرعية المحلية»، في إشارة إلى البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 1989 التي نصت على حق لبنان في مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض. وأشارت المصادر إلى أن الأمر «لا يقتصر على حيازة السلاح فقط، بل يشمل أي عمل عسكري ضد إسرائيل والذي كان قبل هذه الحكومة، الفعل المسلح الوحيد الحائز شرعية رسمية». ورد «حزب الله» الغاضب من قرار الحكومة عليه، ببيان شديد اللهجة، أعلن فيه أنه سيتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود، واصفاً إياه بـ«الخطيئة الكُبرى». وقال في بيانه إن القرار الحكومي «يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرته وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي - الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها»، واصفاً إياه بـ«المخالفة الميثاقية الواضحة». من جهتها، اتهمت «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، الحكومة بالعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وفي البيان الوزاري، عادّة جلسة الحكومة المقررة اليوم (الخميس) «فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني». وقالت وزيرة البيئة، تمارا الزين، المحسوبة على «أمل» لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ستشارك في جلسة الحكومة اليوم»، فيما أشارت معلومات إلى أن وزير الصحة المحسوب على «الحزب» راكان ناصر الدين سيشارك أيضاً.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مساعٍ لرفع العقوبات عن الشرع قبل زيارته إلى نيويورك
تشهد أروقة الأمم المتحدة مساعي حثيثة لرفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع قبل زيارته المتوقعة إلى نيويورك الشهر المقبل. وقال مصدر دبلوماسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستعدادات تجري لزيارة الشرع المتوقعة في سبتمبر (أيلول) المقبل إلى الولايات المتحدة، ليكون الرئيس السوري الأول الذي يشارك في الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة. ورغم أن سوريا من الدول الـ51 المؤسسة للأمم المتحدة وشاركت في اجتماعات سان فرانسيسكو لهذه الغاية عبر وفد من مصر ولبنان، لم يشارك أي من رؤسائها في الاجتماعات السنوية للمنظمة الدولية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن، ولا سيما الدول الخمس الدائمة العضوية فيه: الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، مستعدة للتماشي مع توجهات إدارة ترمب بشأن رفع العقوبات الأممية عن «هيئة تحرير الشام» التي كان يقودها الشرع، مع مخاوف من فيتو صيني. وبمواكبة ذلك، استقبل الشرع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى سوريا، توم براك، أمس، في دمشق، وشهدا توقيع اتفاقيات مشاريع استثمارية استراتيجية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
جدل حول تصريحات ترمب بترك قرار احتلال قطاع غزة لإسرائيل
أثار تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن قرار «إعادة احتلال» قطاع غزة والسيطرة عليه أمر «يعود لإسرائيل» جدلاً واسعاً، إذ حمل إشارة إلى نهج متساهل إزاء قضية بالغة الحساسية بمنطقة الشرق الأوسط. وبدا من حديث الرئيس الأميركي أنه مرتاح لفكرة ترك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحكم في مصير قطاع غزة ويمضي قدماً نحو توسيع عملياته العسكرية، وما يمكن أن يعنيه هذا من تصعيد كبير للحرب المستمرة منذ 22 شهراً وتعريض عدد لا يحصى من الفلسطينيين للخطر، إضافة إلى المعارضة الشديدة من جانب عائلات الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس»، التي تعد هذا القرار «حكم إعدام» للرهائن. وفي حديثه للصحافيين، مساء الثلاثاء، أكد ترمب أن تركيزه ينصبّ على تأمين وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة؛ لكنه ترك لإسرائيل مسألة السيطرة على غزة على المدى الطويل. وعندما سئل عن موقفه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل تفكر في توسيع هجومها، هز كتفيه وقال: «الأمر متروك لإسرائيل. أنا أركز على إدخال الطعام، وتحقيق وقف إطلاق النار، وإعادة هؤلاء الرهائن إلى ديارهم». وجاءت تصريحات ترمب في وقت تعثرت فيه مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، وتواجه فيه غزة كارثة إنسانية متفاقمة تشمل مجاعة ونزوحاً جماعياً وعنفاً متواصلاً. كما أن حديثه يعكس تحولاً عن خطابه السابق الذي طرح فيه خطة مثيرة للجدل لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». وهو الاقتراح الذي تضمن تهجير سكان القطاع إلى دول أخرى، ولاقى انتقادات حادة من الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان التي وصفت المقترح بأنه ينطوي على تطهير عرقي. سائقون يقفون بجوار شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية عند معبر رفح الحدودي يوم الأربعاء (إ.ب.أ) وقد أقر ترمب بالمجاعة المتفشية في غزة، ووعد بإنشاء مراكز غذائية في القطاع، وأعلن أن بلاده قدمت 60 مليون دولار لتوفير المساعدات الإنسانية. وقد واجهت إدارته انتقادات لدعمها «مؤسسة غزة الإنسانية» المثيرة للجدل، وهي مؤسسة توزيع مساعدات مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وارتبط اسمها بحوادث مميتة في مواقع الإغاثة. وانقسمت آراء المحللين حول تصريحات ترمب، التي رأى فيها البعض استمراراً لنهجه المساند لإسرائيل بما يمنحها الضوء الأخضر لتكثيف هجماتها العسكرية، بينما رأى البعض الآخر التهديد بإعادة احتلال غزة تكتيكاً تفاوضياً يهدف إلى الضغط على «حماس» ورهاناً على أن الحركة قد تنهار تحت الضغط العسكري والدبلوماسي. لكن الخبراء اتفقوا على أن التصريحات تعني بوضوح لا لبس فيه دعم شركاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين الذي يدعون لتصعيد الحرب والسيطرة على غزة وطرد سكانها من خلال «الهجرة الطوعية» وإعادة بناء المستوطنات التي تم تفكيكيها بعد انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005. ويقول آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن موقف ترمب يعكس «نهجاً وضعياً» أكثر منه «التزاماً آيديولوجياً» تجاه إسرائيل. وأوضح قائلاً: «ترمب ليس مسانداً آيديولوجياً لإسرائيل؛ إنه براغماتي يرى نتنياهو حليفاً قوياً، لكنه في الوقت نفسه يريد إنهاء حرب غزة لمحو أي تشكيك في مصداقيته بوصفه صانع سلام». فلسطينيون يركضون لالتقاط مساعدات أُسقطت جواً فوق النصيرات بوسط قطاع غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب) ويشير ميلر إلى إحباط بات يتملك ترمب من بطء وتيرة محادثات وقف إطلاق النار ورغبته في تجنب التورط في صراع طويل الأمد، ويضيف: «بقوله إن الأمر يعتمد على إسرائيل، فإنه يتنصل من المسؤولية ويواصل الضغط على حماس للتنازل، ولكنه يخاطر بتمكين ائتلاف نتنياهو المتشدد من التصعيد». ويستطرد: «يريد ترمب جائزة نوبل للسلام، لكن الحروب لا تنتهي بالتمني. قد يُكسبه نهجه المتساهل بعض الوقت، لكنه يترك مصير غزة ومصداقية الولايات المتحدة في الميزان». و حذر السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، دانيال شابيرو، من أن نهج ترمب المتساهل قد يشجع العناصر المتطرفة في حكومة نتنياهو، التي يدعو بعضها إلى إعادة ضم غزة وتشريد سكانها. وقال: «يضم ائتلاف نتنياهو أصواتاً ترى تصريحات ترمب السابقة بشأن الاستيلاء شيكاً على بياض. إن التنازل لإسرائيل الآن قد يُعطي الضوء الأخضر لخطط تنتهك القانون الدولي وتزعزع استقرار المنطقة»، مشيراً إلى أن الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية رفضت دعوات تهجير الفلسطينيين. مركبة عسكرية إسرائيلية تُخلّف غباراً كثيفاً خلال تحركها على الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة يوم الثلاثاء (ا.ف.ب) وعملياً، فإن توسيع العمليات العسكرية البرية الإسرائيلية للسيطرة الكاملة على قطاع غزة يعني الدخول إلى مناطق كثيفة السكان في دير البلح والمواصي، وهي «المنطقة الإنسانية» التي يعيش فيها مئات الآلاف في مخيمات. وهذا يعني بدوره إعاقة وصول المساعدات، ودفع الفلسطينيين إلى موجة نزوح جماعي أخري، ويعني أن الحرب ستزداد سوءاً، وستزيد الفجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب، وبريطانيا وفرنسا وحلفاء آخرين من جانب آخر، يحاولون الضغط على إسرائيل للتوصل لوقف لإطلاق النار مع «حماس».