
لبنان ينزع «الشرعية» عن سلاح «حزب الله»
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «يعني نزع الشرعية من السلاح بعدما كان محمياً بالشرعية المحلية»، في إشارة إلى البيانات الوزارية المتعاقبة منذ عام 1989 التي نصت على حق لبنان في مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض. وأشارت المصادر إلى أن الأمر «لا يقتصر على حيازة السلاح فقط، بل يشمل أي عمل عسكري ضد إسرائيل والذي كان قبل هذه الحكومة، الفعل المسلح الوحيد الحائز شرعية رسمية».
ورد «حزب الله» الغاضب من قرار الحكومة عليه، ببيان شديد اللهجة، أعلن فيه أنه سيتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود، واصفاً إياه بـ«الخطيئة الكُبرى». وقال في بيانه إن القرار الحكومي «يُجرِّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى إضعاف قدرته وموقفه أمام استمرار العدوان الإسرائيلي - الأميركي عليه، ويُحقِّق لإسرائيل ما لم تُحقِّقه في عدوانها»، واصفاً إياه بـ«المخالفة الميثاقية الواضحة».
من جهتها، اتهمت «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، الحكومة بالعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية وفي البيان الوزاري، عادّة جلسة الحكومة المقررة اليوم (الخميس) «فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني».
وقالت وزيرة البيئة، تمارا الزين، المحسوبة على «أمل» لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ستشارك في جلسة الحكومة اليوم»، فيما أشارت معلومات إلى أن وزير الصحة المحسوب على «الحزب» راكان ناصر الدين سيشارك أيضاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
بنية إنسانية متكاملة ساهمت في الحفاظ على صمود الفلسطينيينمسيرة تاريخية موثقة
الموقف السعودي يتجسد في أفعال ملموسة.. دعم وبناء وإحياء للأمل لم تتوانَ المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، عن تقديم الدعم الإنساني والمالي للمشاريع الحيوية في القدس والمخيمات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة وخارجها. وقد بدأت هذه المسيرة مبكرًا، حيث تشير الوثائق التاريخية إلى أن المملكة قدمت في عام 1935 تبرعًا ماليًا لدعم صمود الفلسطينيين ضد الاحتلال البريطاني آنذاك. وفي عام 1948، وبعد نكبة فلسطين، قدمت المملكة مساعدات مالية وعينية للاجئين الفلسطينيين عبر «هيئة الإغاثة الإسلامية»، ما ساعد في إنشاء أوائل مراكز الإيواء في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي عام 1975، تعهدت المملكة خلال قمة الرباط بتخصيص تمويل سنوي لدعم منظمة التحرير الفلسطينية ومشاريع تنموية في الأراضي المحتلة، وهو ما تُرجم لاحقًا بتمويل مشاريع إسكانية في القدس بقيمة 75 مليون ريال. وفي عام 1982، قررت المملكة تأسيس «اللجنة السعودية لدعم الانتفاضة الفلسطينية» التي تولّت تمويل مشاريع إغاثية وتعليمية في مخيمات اللاجئين بالأردن ولبنان، بميزانية سنوية بلغت آنذاك 120 مليون ريال. وثائق تاريخية ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932 وحتى نهاية القرن العشرين، قدّمت المملكة دعمًا إنسانيًا واسع النطاق للفلسطينيين، انطلاقًا من ثوابت دينية وقومية وواجبات سياسية تجاه القضية الفلسطينية، وتركّز هذا الدعم تحديدًا في مجالات التعليم، الصحة، والإغاثة داخل القدس والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وكذلك في الشتات، وتحديدًا في لبنان والأردن. وباختصار، تشير الوثائق التاريخية والسجلات الدبلوماسية إلى أن حجم المساعدات السعودية المخصصة لتمويل المشاريع الإنسانية في القدس والمخيمات الفلسطينية خلال تلك الفترة تجاوز 6 مليارات ريال سعودي (نحو 1.6 مليار دولار أميركي بالقيمة الاسمية آنذاك)، موزعة على عدة محاور رئيسية وهي: القطاع التعليمي، فقد موّلت المملكة مئات المدارس والمعاهد في القدس والضفة الغربية، وساهمت في طباعة الكتب المدرسية وتوفير المنح للطلاب الفلسطينيين، وقد بلغ حجم هذا الدعم نحو 1.5 مليار ريال سعودي حتى عام 2000. وفي القطاع الصحي أنشأت المملكة عدة مستشفيات ومراكز صحية داخل القدس ومحيطها وفي عدد من المخيمات الكبرى مثل بلاطة وجباليا وعين الحلوة، حيث قُدّرت تكلفة هذه المشاريع مجتمعة بأكثر من 2 مليار ريال سعودي. وفي مجال الإغاثة والمساعدات العاجلة: كانت المملكة في مقدمة الدول التي سارعت إلى تقديم المساعدات الإنسانية عقب الحروب والاجتياحات، وخاصة بعد نكبة 1948 ونكسة 1967، وأثناء الانتفاضة الأولى. وقد أنشأت 'اللجنة السعودية العليا لإغاثة فلسطين' عام 1988 بميزانية سنوية وصلت إلى 500 مليون ريال، وبلغ إجمالي ما صُرف في هذا المجال خلال العقود الماضية حوالي 2.5 مليار ريال سعودي. إجمالًا، فإن الدعم السعودي حتى عام 2000 لم يكن مجرد مساعدات مالية ظرفية، بل تمثل في بنية إنسانية متكاملة ساهمت في الحفاظ على صمود الفلسطينيين، وتعزيز مقومات الحياة في وجه الاحتلال والحرمان، بما جعل المملكة تتبوأ دورًا رياديًا في العمل الإنساني الفلسطيني لعقود. الأرقام تتحدث ومنذ عام 2000 وحتى اليوم، واصلت المملكة دعمها للمشاريع في القدس والمخيمات الفلسطينية، ومنها: في 2005، خصصت المملكة مبلغ 250 مليون ريال لإعادة إعمار مخيم جنين بعد الاجتياح الإسرائيلي. وفي عام 2018، أعلن الصندوق السعودي للتنمية تقديم 200 مليون ريال لترميم أحياء سكنية داخل البلدة القديمة بالقدس. وفي عام 2021، تم تحويل 100 مليون ريال لمشاريع غذائية وصحية في مخيمات جنوب لبنان. وخلال عامي 2023 و2024، بلغ مجموع ما قدمته المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة للمخيمات الفلسطينية في الضفة وغزة ولبنان وسوريا أكثر من 310 ملايين ريال، شملت خدمات التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية العاجلة. تُظهر هذه الأرقام أن المملكة لم تنظر إلى دعم القدس والمخيمات كقضية سياسية فقط، بل كواجب إنساني وديني يعكس التزامها الثابت تجاه الشعب الفلسطيني. وتؤكد المملكة باستمرار أن دعمها لا يرتبط بمراحل أو مواسم، بل هو التزام راسخ ممتد منذ التأسيس وحتى اليوم، يشمل الإغاثة، والتنمية، وصيانة الهوية الثقافية والدينية للقدس والمخيمات. وهذا المسار المتواصل من العطاء السعودي يشكّل اليوم أحد أبرز روافد الصمود الفلسطيني، ورسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها القدس ومخيمات اللاجئين، لا تزال حاضرة في أولويات الرياض السياسية والإنسانية. التزام متجدد وفي عام 2025، واصلت المملكة العربية السعودية أداء دورها الريادي في دعم الشعب الفلسطيني، مركزة جهودها على تمويل المشاريع الإنسانية الحيوية في القدس الشريف والمخيمات الفلسطينية، إلى جانب دعم قطاعات التعليم، الصحة، والإغاثة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويأتي هذا الامتداد الإنساني ضمن سياسة سعودية ثابتة تستند إلى مبادئ دينية ووطنية والتزام سياسي تاريخي تجاه القضية الفلسطينية. وقد بلغ إجمالي ما قدمته المملكة من مساعدات إنسانية وتنموية موجهة مباشرة إلى القدس والمخيمات الفلسطينية خلال عام 2025 ما يزيد عن 412 مليون ريال سعودي، أي ما يعادل نحو 110 ملايين دولار أمريكي، وُجّهت عبر قنوات رسمية موثوقة مثل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والصندوق السعودي للتنمية، واللجنة السعودية العليا لدعم فلسطين. وفي القدس، خُصّصت ما يقارب 160 مليون ريال سعودي لترميم أحياء سكنية داخل البلدة القديمة، وتجهيز المستشفيات التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، فضلاً عن تمويل برامج تغذية مدرسية في مدارس الأوقاف الإسلامية بالتعاون مع وزارة التربية الفلسطينية. أما في المخيمات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة، فقد شمل الدعم إنشاء 12 مركزًا طبيًا جديدًا في مخيمات خان يونس، بلاطة، وجنين، بميزانية تجاوزت 90 مليون ريال، إلى جانب دعم مباشر لبرامج صحية تستهدف مكافحة الأمراض المزمنة وتوفير اللقاحات. وفي مجال التعليم، قدمت المملكة دعمًا قدره 80 مليون ريال لتأهيل المدارس المتضررة في غزة، وتوفير الحواسيب والأدوات المدرسية لآلاف الطلبة، بالتنسيق مع وكالة الأونروا. كما تم تمويل 350 منحة جامعية للطلبة الفلسطينيين في جامعات محلية. وفي المجال الإغاثي، نفّذت السعودية عبر مركز الملك سلمان أكثر من 22 مشروعًا إغاثيًا في الداخل الفلسطيني، بقيمة إجمالية بلغت 82 مليون ريال، شملت السلال الغذائية، والمساعدات النقدية، والكسوة الشتوية، وخدمات المياه والطوارئ. "أفعال ملموسة" وتعكس هذه الارقام القياسية التي سقناها باختصار ، حجم الدعم السعودي خلال عام واحد، وأن المملكة العربية السعودية لا تزال تتصدر قائمة الداعمين الحقيقيين للشعب الفلسطيني، وتؤكد التزامها بأن القدس والمخيمات ليست مجرد رموز سياسية، بل مجتمعات إنسانية تستحق الاستقرار والكرامة. ويبرهن هذا النهج على أن الموقف السعودي تجاه فلسطين لا يتوقف عند البيانات الدبلوماسية، بل يتجسد في أفعال ملموسة، تموّل وتبني وتُحيي الأمل. والعالم ينظر إلى الجهود السعودية تجاه فلسطين باعتبارها نموذجًا للثبات والمصداقية والاتزان، وتحظى الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في دعم القضية الفلسطينية، ولا سيما فيما يتعلق بالمشاريع الإنسانية والإغاثية، بتقدير واسع على المستوى الدولي، إذ ينظر إليها الكثير من الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمنظمات الإغاثية الدولية، كركيزة ثابتة ومؤثرة في صون كرامة الشعب الفلسطيني، وتعزيز صموده في وجه التحديات المتزايدة. وتبرز صورة المملكة في الإعلام الدولي والمؤسسات الدبلوماسية بصفتها أكبر ممول عربي تاريخيًا للمساعدات الإنسانية الفلسطينية، وقد أشادت تقارير صادرة عن وكالة الأونروا ومنظمات تابعة للأمم المتحدة بمستوى التزام المملكة واستمرارية دعمها، سواء في أوقات السلم أو خلال الأزمات الطارئة ، وفاعل إنساني محايد وغير مشروط، إذ لم تربط السعودية دعمها للشعب الفلسطيني بأي أجندات سياسية أو تحولات ظرفية، بل اعتمدت نهجًا ثابتًا يُعلي من قيمة الإنسان الفلسطيني، ويركّز على الصحة والتعليم والخدمات الأساسية باعتبارها حقوقًا لا امتيازات. شريك موثوق في المنصات الدولية تعمل المملكة ضمن منظومة العمل الجماعي الدولي لدعم اللاجئين، وتستضيف مؤتمرات مانحين وتشارك في إطلاق صناديق تمويل وتنمية، ما يجعلها في موقع قيادة لا مجرد تمويل. وتمثل المملكة قوة توازن سياسية، لا تنحصر في الدعم المالي، بل تشمل توظيف النفوذ السياسي والدبلوماسي لوقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وهو ما أشار إليه عدة مبعوثين دوليين عند إشادتهم بمواقف المملكة في المحافل الدولية، خاصة في الأمم المتحدة. وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن العالم يرى في الجهود السعودية تجاه فلسطين تجسيدًا لفكرة 'الدعم المسؤول'، الذي يجمع بين المبدئية والثبات من جهة، وبين الفاعلية والتنفيذ الميداني من جهة أخرى، وهو ما يمنحها احترامًا واسعًا ويُعزّز من صدقيتها التاريخية في هذا الملف. ثبات وتنفيذ وتعد جهود المملكة العربية السعودية تجاه فلسطين ثبات مبدئي وتنفيذ ميداني يعزز الصمود الفلسطيني وقد اصبحت نموذجًا فريدًا في دعم القضية الفلسطينية، إذ جمعت بين الثبات المبدئي في المواقف، والفعالية الميدانية في التنفيذ، وهو ما جعلها تحظى باحترام وتقدير واسع على الصعيدين العربي والدولي. فمنذ تأسيسها، تبنت المملكة موقفًا واضحًا لا لبس فيه في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مع التزام راسخ بدعم الفلسطينيين في مختلف الجوانب الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية. والثبات المبدئي يتجلى في الخطاب السياسي السعودي الرسمي في المحافل الدولية، حيث تؤكد المملكة في كل مناسبة تمسكها بحل الدولتين، ورفضها التام لجميع الانتهاكات التي تستهدف الفلسطينيين ومقدساتهم. وقد عبر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده حفظهما الله- في أكثر من مناسبة عن أن القضية الفلسطينية هي "قضية العرب والمسلمين الأولى"، وهي عبارة لم تكن شعارًا إعلاميًا، بل سياسة استراتيجية مستمرة. أما على المستوى التنفيذي، فقد أثبتت المملكة قدرتها على تحويل هذا الالتزام السياسي إلى دعم عملي ملموس. فخلال العقود الماضية، مولت المملكة آلاف المشاريع الإغاثية والإنمائية داخل الأراضي الفلسطينية وفي مخيمات اللاجئين في الشتات، منها بناء مدارس ومستشفيات ومراكز إيواء، وتمويل برامج التغذية والتعليم، وتقديم المساعدات النقدية والغذائية في حالات الطوارئ. وقد أسهمت هذه الجهود في تخفيف معاناة مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية، لا سيما في أوقات الأزمات والنزاعات. وتعتمد المملكة في تنفيذ هذه المشاريع على مؤسسات راسخة وذات موثوقية عالية، مثل مركز الملك سلمان للإغاثة، والصندوق السعودي للتنمية، بالتعاون مع هيئات دولية كالأونروا ومنظمات الأمم المتحدة، ما عزز من فعالية هذه الجهود على الأرض، وضمان وصولها إلى مستحقيها. الجهود السعودية تجاه فلسطين ليست طارئة ولا آنية، بل نابعة من رؤية استراتيجية طويلة الأمد، تعتبر أن دعم الشعب الفلسطيني هو جزء من مسؤوليتها الإسلامية والإنسانية، وترى أن الطريق إلى سلام عادل يبدأ من تمكين الفلسطينيين على أرضهم وتعزيز صمودهم في وجه الاحتلال. ومن هنا، تظل المملكة حجر زاوية في المعادلة الفلسطينية، تجمع بين الكلمة والموقف، وبين العمل والتنفيذ.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
"جلسة" حماية الشيعة
لم تكن جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي عادية. برئاسة رئيس الجمهورية، ودور محوري لرئيس الحكومة، اتُّخذ فيها قرار هو بلا شك من بين الأكثر جرأة منذ سنوات: تحديد جدول زمني لسحب سلاح "حزب الله". قرارٌ تاريخيّ، لا فقط بمضمونه، بل بلحظة سياسية فارقة، وهذه أبرز مفاعيله: أولًا، قبل انعقاد الجلسة، مارس "حزب الله" أقصى درجات الضغط والتهويل، ملوّحًا بالشارع وبعودة مشاهد العنف التي خبرها اللبنانيون في 7 أيار. كلّ ذلك في محاولة مكشوفة لمنع الحكومة من مجرّد التفكير بالمساس بـ "قدسيّة" سلاحه. حتى كلمة الشيخ نعيم قاسم، التي تزامنت مع الجلسة، لم تكن سوى إنذار واضح للحكومة: حدودكم هنا، لا تتخطوها. لكنّ الحكومة لم تخضع. للمرة الأولى منذ زمن طويل، كُسرت هيبة السلاح، وارتفعت كلمة الدولة فوق صوت التهديد. إنه بداية مسار لا بد أن يُستكمل بتفكيك عناصر ومنطق الدويلة، وإعادة الاعتبار للدستور. ثانيًا، لقد تراجعت الآمال المعقودة على الرئيسين عون وسلام خلال الفترة الماضية، بعدما بدا أن التسوية وتجنّب مواجهة "الحزب" أصبحا القاعدة في التعامل مع سطوته. تردّد وتراخٍ حوّلا العهد إلى إدارة أزمة لا مشروع إنقاذ. هذا ما عبّر عنه الرئيس عون نفسه، عندما اعترف صراحة من وزارة الدفاع بأنه خسر من شعبيته الكثير بسبب هذا المسار. من هنا، شكّلت جلسة الثلاثاء بارقة أمل حقيقية في إعادة ترميم الثقة بين الناس والسلطة. لأوّل مرة، يتقدّم موقف واضح في وجه سطوة السلاح، ويُترجم بقرار رسمي من مجلس الوزراء. وإذا أُرفق هذا القرار بخطوات تنفيذية شجاعة، وقرارات إصلاحية صارمة، وتحسين ملموس في أداء مؤسسات الدولة وخدماتها للمواطن، يمكن للرئيسين أن يعيدا الثقة، وأن يُثبتا أنّ مشروع الدولة لا يزال ممكنًا. ثالثًا، لو لم تُقدم الحكومة على اتخاذ هذا القرار، لكان البلد دخل في نفق مجهول تتعدد فيه وجوه المخاطر، أبرز عناصره احتمال تصعيد عسكري إسرائيلي، سيّما وأنّ المهلة المعطاة للبنان لمعالجة ملف السلاح كانت على وشك الانتهاء. بهذا القرار، جنّبت الحكومة الطائفة الشيعية جولة جديدة من الدمار والموت. جولة انتحارية أعلن الشيخ نعيم قاسم بوضوح أنّ "الحزب" مستعد لخوضها، ولو على حساب دماء أبناء الطائفة الشيعية. إذًا القرار الحكومي، هو بمثابة حماية للشيعة من جرّهم مرة بعد مرة، إلى حروب لا يعودون منها إلّا بالمزيد من القبور والدمار. إنّ جلسة الخامس من آب 2025 لن تُسجَّل في تاريخ لبنان كجلسة عادية، بل كلحظة مفصلية فتحت الباب أمام مرحلة سياسية جديدة. لم يقتصر ما نتج عنها على رفع الغطاء الشرعي بالكامل عن سلاح "حزب الله"، ولا على وضع اللبنة الأولى في مسار استعادة هيبة الدولة، بل تعدّى ذلك إلى ما هو أعمق وأبعد. فما جرى، في جوهره، هو بداية حقيقية لإسقاط إرث اتفاق القاهرة 1969، الذي حوّل الجنوب إلى ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية، تتوارثها القوى المحليّة والإقليمية وتستثمر فيها على حساب أمن الناس وكراماتهم ومستقبلهم. واليوم، وللمرة الأولى، تُطرح حماية الشيعة – لا بالشعارات – بل بإخراجهم من منطق الاستخدام والتوظيف، وتحقيق مصلحة أهل الجنوب بالعيش في دولة تحميهم، لا في دويلة تستنزفهم. جلسة الثلاثاء ليست نهاية الطريق، لكنّها حتمًا بدايته. والتحدي الأكبر الآن، في أن تكون نقطة تحوّل تتراكم عليها عناصر قيام دولة.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
البرلمان يقول لكم: ختامها "بوكسات"
اعتقد العراقيون واهمين أن الخطر الأكبر الذي يواجه بلادهم هو نهب المال العام والمحسوبية والانتهازية السياسية وغياب الكفاءات، لكن السادة النواب قرروا ان يقدموا عرضا من عروض السيرك، فكانت الخاتمة بوكسات "طائفية"، بطلها النائب علي الحيدري ومنافسه في حلبة النزال رعد الدهلكي. ولأن البرلمان مهتم بمتعة المواطن وترفيهه فإنه يريد لهذه النزالات ان تتواصل، ان يواصل رئيس البرلمان محمود المشهداني دروسه في السياسة وكان آخرها محاضرة بعنوان "ظل البيت لمطيرة"، ما جرى من حفلة "البوكسات" داخل قبة البرلمان يؤكد للمواطن العراقي بالدليل القاطع أن البرلمان لا يزال سجيناً لأمزجة مسؤولين يخلطون السياسة بالكوميديا منذ سنوات. ولأن البرلمان مهتم براحة بال المواطن وخوفه عليه من الزلزال فإنه لا يريد له الدخول في تفاصيل المعارك التي تدور داخل قبته لمعرفة القوانين التي لم تناقش حتى هذه اللحظة، كما يسعى البرلمان ألّا يشغل تفكير المواطن المسكين بملفات الكهرباء والصحة والتعليم. هذه حقائق وليست رجماً بالغيب أو ادعاء معرفة أو خبرة، لكنه الواقع يؤكد أن هناك قوى متنفذة تسعى لاستخدام "البوكسات" كسلاح في معركتهم السياسية مع خصومهم، وتنسى ان المواطن لا يريد شعارات ومعارك، فهو يريد أمراً رغم بساطته صعب للغاية، لا يحتاج إلى كلام كثير، لكنه يحتاج إلى عمل دؤوب ورؤية وضمير يقظ وروح وطنية. على السياسيين والمسؤولين الانشغال بهذه الاحتياجات للمواطن البسيط. إنهم لو فعلوا ذلك ونجحوا فسوف تصبح كل القضايا الأخرى هامشية. ووقتها سيكون لدينا مواطنون يعرفون حقوقهم ويصنعون ديمقراطية حقيقية، لا ديمقراطية "البوكسات". يجب أن نأخذ دائماً في الاعتبار الفارق بين الأمم التي نشأت على ثقافة الحوار، وتلك التي تصر على أن البرلمان مجرد ترديد هتافات، الفارق بين البرلمانات التي تحترم فيها الديمقراطية وبين برلمان "البوكسات" مثل الفارق بين مجتمع حر منتج، يحرص فيه المسؤول على تحقيق العدالة الاجتماعية، وآخر لا يملك شيئاً سوى اللقاءات التلفزيونية وإشاعة قيم البطالة والخراب. ربما يتهمني البعض حتماً: بانني اكتب ضد الديمقراطية والحياة النيابية.. أيها السادة اعذروا جهلي فأنا منذ أن صدّعت رؤوسكم بهذه الزاوية، لديّ مشكلة مع ما يقوله "مقاولو السياسة" والمسؤولون عن الفساد والإصلاح، وتراني أضحك كلما أسمع "مقاولاً" سياسيا يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار. فما بالك أن أقرأ هذه الأيام مطولات عن الفساد والإصلاح؟ ما جرى في البرلمان هو حكايتنا جميعاً مع مندوبي الشعارات الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو " البوكسات "