
أزمة ثقة بين البيت الأبيض والبنتاجون وسط تحقيق في تسريب وثيقة سرية وإقالات
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن البيت الأبيض فقد الثقة في تحقيق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) بشأن تسريب وثيقة عسكرية سرية، استخدمه وزير الدفاع بيت هيجسيث لتبرير إقالة ثلاثة من كبار مساعديه الشهر الماضي، بعد أن أبلغت الوزارة مستشاري الرئيس دونالد ترمب بأن الكشف عن التسريب، جاء من خلال عملية تنصت غير قانونية من قبل وكالة الأمن القومي.
وأثار احتمال استخدام عمليات تنصت غير قانونية قلق مستشاري ترمب، الذين أثاروا الأمر أيضاً مع أشخاص مقربين من نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس؛ لأن مثل هذا التنصت سيكون على الأرجح "غير دستوري وفضيحة أكبر" من عدد من التسريبات.
لكن المستشارين اكتشفوا أن الادعاء بوجود عملية تنصت "غير صحيح"، واشتكوا من تلقيهم معلومات مشكوك فيها من قِبل المحامي الشخصي لهيجسيث، تيم بارلاتوري، والذي كُلّف بالإشراف على التحقيق.
وقال أربعة أشخاص مطلعين، للصحيفة إن مزاعم وجود عملية تنصت غير قانونية ثم اكتشاف كذب هذه المزاعم، أصبح التحول الأكثر غرابة في التحقيق الذي فحص تسريب وثيقة سرية للغاية إلى أحد الصحافيين، حددت الخيارات المتاحة للجيش الأميركي لاستعادة قناة بنما.
وأصيب مستشارو البيت الأبيض بالحيرة، عندما أنكر المحامي الشخصي لهيجسيث أنه تحدث عن وجود عملية تنصت غير قانونية، وأكد أن أي معلومات كانت لديه "تم تمريرها إليه من قبل آخرين في البنتاجون".
ونُسب التسريب في البداية داخلياً إلى المستشار البارز لهيجسيث، دان كالدويل الذي تم طرده من البنتاجون مع مساعدين آخرين، وهما نائب كبير موظفي هيجسيث دارين سيلنيك، وكبير موظفي نائب وزير الدفاع كولن كارول.
انهيار الثقة
وأدى الادعاء بشأن التنصت غير القانوني وإنكار كالدويل لمسؤوليته عن التسريب، إلى انهيار الثقة بين البنتاجون والبيت الأبيض، حيث أشار مستشارو ترمب الذين يتابعون التحقيق سراً إلى أنهم لم يعودوا متأكدين مما إذا كانوا يعرفون من يجب تصديقه أو ما الذي ينبغي تصديقه.
وقال أحد مستشاري ترمب لهيجسيث إنه "لا يعتقد أن كالدويل، أو أي من المساعدين المفصولين، قد سربوا أي شيء، وأنه يشتبه في أن التحقيق قد استُخدم للتخلص من المساعدين المتورطين في صراع داخلي مع كبير موظفيه الأول جو كاسبر".
وقالت "الجارديان"، إنه من شبه المؤكد أن يزيد الوضع المتوتر بين البينتاجون والبيت الأبيض، الضغوط على هيجسيث قبل جلسة استماع في مجلس الشيوخ الشهر المقبل، وكذلك، الضغوط على مكتبه، الذي يعاني من اضطرابات؛ بسبب التحقيق في التسريب الذي استمر الآن لمدة شهر تقريباً دون أي أدلة جديدة أو إحالة إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وأدى هذا الخلاف إلى ترك هيجسيث من دون رئيس أو نائب لرئيس الموظفين، حيث يعتمد الآن على ستة مستشارين كبار لتسيير شؤون مكتبه، الذي يضطلع بتحديد توجهات وزارة الدفاع التي تبلغ ميزانيتها ما يقارب تريليون دولار وتشرف على أكثر من مليوني جندي.
وفي حين أن المساعد العسكري السابق لهيجسيث، ريكي بوريا، تولى فعلياً مهام رئيس الموظفين، فقد منعه البيت الأبيض من تثبيته رسمياً في هذا المنصب بسبب قلة خبرته ومشاركته في الخلافات الداخلية في المكتب.
وذكر متحدث باسم البيت الأبيض في بيان أن "الرئيس ترمب واثق من قدرة الوزير على ضمان تركيز القيادة العليا في وزارة الدفاع على استعادة جيش يركز على الجاهزية والقدرة القتالية والتميز".
وينظر إلى الريبة بين مستشاري ترمب بشأن هيجسيث على نطاق واسع على أنها "نتاج لعدة تطورات بدأت بعد وقت قصير من تعليق عمل كالدويل، وسيلنيك في 15 أبريل، تلاها تعليق عمل كارول في 16 أبريل، وفقاً لسبعة أشخاص مطلعين على الأمر".
"شائعات في البنتاجون"
وبعد أن تم فصل المساعدين في 18 أبريل الماضي، أصدروا بياناً مشتركاً نفوا فيه ارتكاب أي مخالفات، وتلقى البيت الأبيض بعدها أول إحاطة بشأن عمليات الفصل.
وفي تلك المرحلة، قيل لعدد قليل من مستشاري ترمب في الجناح الغربي وأماكن أخرى، إن هناك أدلة تشير إلى أن كالدويل طبع وثيقة عن خطط عسكرية أميركية بشأن قناة بنما مصنفة على مستوى سري للغاية، والتقط صورة لها وأرسلها إلى أحد المراسلين باستخدام هاتفه الشخصي.
وشعر المستشارون بالقلق في الأسابيع التالية، بعد ظهور كالدويل في بودكاست تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في قناة "فوكس نيوز"، إذ ندد بفصلهم باعتباره نتيجة لسياسات داخلية في البنتاجون، وزعم أن التحقيق أصبح سلاحاً ضدهم.
ثم علموا لاحقاً بشائعة في البنتاجون تفيد بأن مكتب التحقيقات الخاصة بالقوات الجوية (OSI)، الذي كان يحقق في القضية منذ أسابيع، ربما تمكن من تحديد الوثيقة المسرّبة المتعلقة بقناة بنما استناداً إلى كونها مسودة تفتقر إلى بعض التفاصيل التي تضمنها الإصدار النهائي من الوثيقة.
وبحسب ما ورد في تلك الشائعة، فإن هذه الوثيقة دفعت مكتب التحقيقات الخاصة بالقوات الجوية إلى تركيز تحقيقه على مساعدين من المستوى المتوسط كانوا يعملون في القيادة الجنوبية أو القيادة المركزية الأميركية أو لدى هيئة الأركان المشتركة، ولم يُطلب منهم التركيز على أنشطة المساعدين الثلاثة الذين أُقيلوا إلا في عطلة نهاية الأسبوع التي تلت طردهم من مناصبهم.
ولم يتضح فوراً ما إذا كانت الشائعة صحيحة أو حتى من أين نشأت، لكن يبدو أنها دفعت البيت الأبيض إلى الضغط على بارلاتوري للكشف عن الأدلة ضد كالدويل، بما في ذلك كيفية معرفة البنتاجون بما كان موجوداً على هاتفه.
الأدلة الأساسية
في البداية، رفض تيم بارلاتوري محاولات الحصول على أدلة، وقال إنه من غير المناسب للسلطة التنفيذية أن تتدخل في تحقيق جنائي جارٍ، قد يؤدي إلى توجيه تهم.
لكن في أواخر أبريل، ووفقاً لما شاركه مستشارو ترمب داخل البيت الأبيض، ألمح بارلاتوري إلى أن هاتف دان كالدويل قد تم التنصت عليه دون أمر قضائي.
وأنكر بارلاتوري هذا الادعاء عند مواجهته مع زملائه، وأكد خلال التحقيق أنه لم ينقل سوى معلومات أُطلع عليها من آخرين، وفي اتصال هاتفي، الاثنين، أحال بارلاتوري الأسئلة إلى المكتب الصحافي للبنتاجون.
وأصيب مستشاري ترمب بالذهول من هذا الادعاء، وأبلغوا هيجسيث في نهاية المطاف أنهم يشعرون بالقلق إزاء صورة بارلاتوري، الذي كان مقرباً من رئيس الأركان السابق جو كاسبر، وهو يجري تحقيقاً استهدف أعداء كاسبر المفترضين في المكتب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 28 دقائق
- الشرق الأوسط
«غزة الإنسانية»... مؤشرات على تحول بنهج المساعدات العالمية في عهد ترمب
عمد دونالد ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض إلى خفض المساعدة الأميركية وإعادة توجيهها، لكن مبادرته المثيرة للجدل لتوفير مواد غذائية في قطاع غزة قد تعطي مؤشرات على مستقبل المساعدات في العالم، وسط تحذير المنظمات الإنسانية من نموذج «غير لائق» و«خطير». وتقوم «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي يديرها عناصر أمن أميركيون متعاقدون مع انتشار قوات من الجيش الإسرائيلي في محيط مراكزها، بتوزيع مواد غذائية في عدد من النقاط من القطاع المُحاصَر والمُدمَّر بفعل 20 شهراً من الحرب. شابت الفوضى أولى عمليات توزيع المواد الغذائية التي قامت بها «مؤسسة غزة الإنسانية» (أ.ف.ب) وباشرت المؤسسة الخاصة الغامضة التمويل، تسليم مساعدات غذائية، الاثنين، بعدما أطبقت إسرائيل حصارها على القطاع لأكثر من شهرين، وسط أزمة جوع متفاقمة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أنّ سكان قطاع غزة جميعاً معرَّضون لخطر المجاعة، في حين ترفض الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التعامل مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، عادّة أن خطة عملها لا تراعي «المبادئ الأساسية» للمساعدة الإنسانية، وهي «عدم الانحياز، والحياد والاستقلالية»، وأنها تبدو مصممة لتلبية الأهداف العسكرية الإسرائيلية. الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث بينما يلوح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماع في البيت الأبيض... 7 أبريل 2025 (رويترز) وقال نائب رئيس البرامج الدولية في لجنة الإغاثة الدولية كيران دونيلي: «ما شهدناه فوضوي، مأساوي. نرى مئات آلاف الأشخاص يجهدون في ظروف غير لائقة وغير آمنة للوصول إلى كمية ضئيلة من المساعدات». كما دعا إلى العمل، بالتعاون مع المدارس أو المستوصفات، لتوزيع المساعدة حيث يحتاج الناس إليها، وليس في مراكز خاضعة لتدابير عسكرية. وقال: «إن كنا نريد حقاً توزيع المساعدة بصورة شفافة ومسؤولة وفاعلة، فيجب استخدام خبرة المنظمات الإنسانية التي تقوم بذلك منذ عقود وبنيتها التحتية». وبينما تؤكد المنظمات الإنسانية، منذ أشهر، أن كميات هائلة من المساعدات تبقى عالقةً خارج القطاع، لفت دونيلي إلى أن لجنة الإغاثة الدولية وحدها لديها 27 طناً من المساعدات تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع المُحاصَر. «الخط الأحمر الأخطر» من جانبه، قال يان إيغلاند، رئيس المجلس النروجي للاجئين، إن منظمته توقَّفت عن العمل في غزة عام 2015 عندما اقتحم عناصر من «حماس» مركزها. وتساءل: «لماذا ندع الجيش الإسرائيلي يقرِّر كيف وأين ولمَن نعطي مساعداتنا في إطار استراتيجيته العسكرية الرامية إلى تشريد الناس في غزة؟!». وتابع إيغلاند الذي كان مسؤولاً عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة: «هذا انتهاك لكل ما ندافع عنه. إنه الخط الأحمر الأخطر الذي لا يمكننا تخطيه». وشابت الفوضى أولى عمليات توزيع المواد الغذائية التي قامت بها «مؤسسة غزة الإنسانية»، إذ أفادت الأمم المتحدة بإصابة 47 شخصاً بجروح، معظمهم برصاص القوات الإسرائيلية، الثلاثاء، حين هرعت حشود يائسة وجائعة إلى المركز، بينما أكد مصدر طبي سقوط قتيل على الأقل. وينفي الجيش الإسرائيلي أن يكون أطلق النار. كما تنفي المنظمة وقوع إصابات، وهي تؤكد أنها وزعت 2.1 مليون وجبة غذائية، منذ يوم الاثنين. ورأى العضو في «المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي» جون هانا، الذي قاد دراسة حدَّدت المبادئ التي قامت عليها «مؤسسة غزة الإنسانية»، أن على الأمم المتحدة أن تعي ضرورة اعتماد نهج جديد للمساعدات، بعدما أقامت «حماس» ما وصفها بـ«مملكة من الرعب» في غزة، وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». وسبق لإسرائيل أن فرضت قيوداً هائلة على عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، متهمةً عدداً من العاملين معها بالضلوع في هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وفي هذا الصدد، قال هانا، وهو مسؤول أميركي سابق: «أخشى أن يكون الناس على وشك أن يدعوا الأفضل يكون عدو الجيد، بدل أن يروا كيف يمكنهم المشارَكة في هذا المجهود وتحسينه وجعله أفضل وتعزيزه». ودافع هانا عن استخدام متعاقدين من القطاع الخاص، مؤكداً أن كثيراً منهم شاركوا في «الحرب على الإرهاب» التي قادتها الولايات المتحدة في المنطقة. يحمل الناس صناديق إغاثة من «مؤسسة غزة الإنسانية» في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب) وأضاف: «كنا نتمنى لو كان هناك متطوعون من قوات وطنية موثوقة وقادرة (أخرى)... لكن الواقع أن لا أحد يتطوع». وقال إنه يفضِّل أن يتم تنسيق المساعدات مع إسرائيل بدل «حماس»، موضحاً: «على أي مجهود إنساني في منطقة حرب أن يقوم ببعض المساومات مع السلطات الحاكمة التي تحمل السلاح». وكانت الدراسة التي أجراها العام الماضي نصحت بعدم تولي إسرائيل دوراً كبيراً في المساعدة الإنسانية في غزة، داعياً إلى ضلوع الدول العربية؛ لإعطاء العملية مزيداً من الشرعية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مع الذكاء الاصطناعي... اطمئنوا
بما أن «الإنسان أكثر شيء جدلاً» بما يستهلك ويُنتج، فإنه يُشعل الجدل بـ «الذكاء الاصطناعي». بالكاد، تجد صحيفةً وموقعاً إلكترونياً يَغفل عن تناول حديث الساعة: الذكاء الاصطناعي وتأثيره على البشرية، إلى الحد الذي دفع وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، إلى ألا يغادر الدنيا إلا وقد أدلى بدلوه حول «عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبلنا البشري» في كتاب مشترك مع خبيرين تكنولوجيين؛ إريك شميت (مدير تنفيذي لشركة «غوغل») ودانييل هوتنلوشر (عضو مجلس إدارة «أمازون»)، بعد سلسلة مقالات «كيسنجرية» تحث على إعادة النظر في كيفية مجابهة البشر لتحديات هذا التأثير وكيفية التحكم به. فرض هذا الذكاء انبعاث تساؤلات وجودية تخص العاملين بمجمل الحقول من مختلف العقول؛ فمن كاتب يخشى مصير قلمه، إلى موظف يتخوف على وظيفته، فمساعد موعود بالطرد... هذه المخاوف البشرية تذكِّر بما شاع يوم انتشرت موضة «الروبوت» أو الرجل الآليّ، ثم «العقول الإلكترونية» التي اختُرعت من قبل -صارت الآن تحتوي برامج الذكاء الاصطناعي- من دون إلغاء وجود الرجل الطبيعي والعقل البشري. فاطمئنوا. التوجس الفطري من كل جديد هو سبب الفزع من أي مُخترَع جديد يشق طريقه وسط عالم يملأه ويُغنيه البشر. البشر الذين مِنهم مَن اخترع وابتكر هذه العناصر المرعبة لبشر آخرين. كلما انتشر مخترَع خشيَ ذوو المخترِع على أنفسهم؛ متناسين أن الآلة والاختراع أبداً لا يغنيان البشر بعضهم عن بعض. مثلما لا يُلغي أي مصنوع وجود الطبيعة ومنافعها، ولا يُفني الجديد الاختراعات السابقة كلها. نتبين هذا من جردة سريعة لمخترعات سابقة: هل أغنى السُلَّم الكهربائي تماماً عن السُلَّم الحجري أو الخشبي؟ هل تلاشت النسخ الورقية من الكتب والصحف جراء شيوع النسخ الإلكترونية؟ أعجبتني مقارنة أحد الأصدقاء وتشبيهه الكتب الورقية والإلكترونية، بالسلم الحجري والكهربائي. هل منع تعدد وسائل النقل والمواصلات الحديثة من بقاء وسائل نقل ومواصلات قديمة؟ أبداً... وجود الإنسان وابتكاراته القديمة والجديدة، وسيلة تنافس وسباق على خدمة ونفع بني الإنسان. قمة الغباء البشري الاستسلام للظن والافتراض بأن الذكاء الاصطناعي وغيره من الابتكارات يفرض التخلي عن تعاون بني الإنسان. بل هو يؤكد ضرورة هذا التعاون الإنساني على الخير؛ مثله مثل تفشي حالات «تخادم عفويّ» على نشر الشر وضرّ البشر. لذا أوصى كيسنجر بضرورة ضبط هذا الذكاء وابتداع «فلسفة توجيهية لهذا التطور التقني» نمضي معها «إلى تحسين حياتنا لا أن نجعل حياتنا أسوأ». جرِّبوا سؤال الذكاء الاصطناعي في تطبيق «تشات جي بي تي chat gpt» عمَّا يُقلقكم، لتطمئنوا أكثر... فمن يسأل عمّا «إذا كانت هذه التقنية تقضي على فرص عمل البشر»، يلقى الإجابة أنها «لن تقضي تماماً على فرص العمل، لكن ستغيِّر شكل سوق العمل بشكل جذري»، مشيراً إلى أن التركيز على صناعات معينة يخلق فرصاً أخرى لـ«توفير وظائف جديدة. تعزيز الإنتاجية لا الإقصاء»، معززاً «طلب مهارات إنسانية لا تستطيع التقنية محاكاتها». قدمت المحادثة عبر «التشات» حلاً لهذه الأزمة المتخيَّلة في ذهن البعض، بإرشاد السائلين إلى سبل المعالجة والحل، المتمثل أهمها في: «التعليم وإعادة التأهيل المهني» بناءً على «الاستعداد لهذا التغير بالتعلم والتكيف». مَن لا يتكيف ينقرض، وأصل التكيف إدراك حقيقة ما يوفره الذكاء الاصطناعي وكل ابتكار جديد، من فرص يقتنصها الأذكياء الذين يحرصون على تحسين الحياة في المنطقة.

الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
الباحث سميث: القوة الجوية غير كافية للقضاء على تهديدات الملاحةخيار واشنطن العسكري تجاه الحوثي يلوح في الأفق مجدداً
مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر وتزايد الهجمات الحوثية، لجأت الولايات المتحدة إلى الخيار العسكري أملا في ردع التهديد، إلا أن هذه الاستراتيجية أثبتت محدوديتها ورفعت من كلفة الانخراط دون تحقيق نتائج حاسمة. وقال الباحث ويل إيه. سميث المتخصص في شؤون الأمن في الشرق الأوسط وأوروبا والسياسات الدفاعية، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن الحملة ضد الحوثيين في اليمن كانت غير فعالة ومكلفة. والآن، ينبغي على الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يقاوم الضغوط لإعادة الانخراط فيها. ويضيف سميث أنه عندما أطلقت الولايات المتحدة "عملية الفارس الخشن" ضد الحوثيين في منتصف مارس، كانت الجماعة تستهدف إسرائيل وليس السفن الأميركية، وبعد إنفاق نحو مليار دولار، لا يزال الوضع على ما هو عليه اليوم، وبينما أعلن ترمب النصر على الحوثيين في إعلانه المفاجئ عن وقف إطلاق النار، فإن الاتفاق لم يغير شيئا، بل أعاد فقط الوضع القائم بين الولايات المتحدة والحوثيين كما كان قبل الحملة. ومع ذلك، يقول سميث إن إدارة ترمب كانت محقة في اتخاذ مخرج من حملة كانت تتجه بسرعة لتصبح حربا مفتوحة بتكاليف متزايدة ومخاطر تصعيد عالية، لكن مع استمرار هجمات الحوثيين على إسرائيل وتصاعد الانتقادات، حتى من بعض حلفاء ترمب، قد تجد واشنطن نفسها منجذبة للعودة إلى القتال، وعلى الإدارة أن ترفض الضغوط الداعية إلى "إنهاء المهمة"، وأن تظل ثابتة في قرارها بالانسحاب من الحملة. وحملة القصف التي نفذتها الولايات المتحدة لم تكن قادرة على القضاء على قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن. إنفاق مليار دولار وإعلان وقف إطلاق النار لم يغيرا الوضع وبعد إطلاق "عملية الفارس الخشن"، سرعان ما تبينت حدود القوة الجوية في مواجهة الحوثيين، ولم تنجح الحملة في القضاء على قيادات الحوثيين أو في تقويض قدرتهم على تنفيذ الهجمات في البحر الأحمر أو على إسرائيل بشكل ملموس، كما حذرت التقييمات الاستخباراتية الأميركية من قدرة الحوثيين على إعادة بناء قدراتهم بسرعة، وكما أقر أحد المسؤولين بعد وقف إطلاق النار، فإن الجماعة لا تزال تحتفظ بـ"قدرات كبيرة". ولم يكن ينبغي أن يكون مفاجئا عجز الولايات المتحدة عن "القضاء التام" على الحوثيين، كما تعهد ترمب. وصمد الحوثيين أمام سنوات من القصف المضاد لهم، وطوروا وسائل فعالة لتوزيع أسلحتهم وحمايتها واستبدالها. وبالمثل، نجوا من محاولات متكررة لاستهداف قادتهم، ومهما طال أمد الحملة أو كثر عدد الأهداف التي ضربت، فإن قدرة الحوثيين على تهديد الشحن الإقليمي لم يكن من الممكن القضاء عليها من الجو. واستنزفت الحملة ضد الحوثيين الموارد وتزايد قلق المسؤولين في وزارة الدفاع بشأن الاستهلاك السريع للذخائر الدقيقة ونشر الأصول العسكرية عالية الطلب، بما في ذلك حاملتا طائرات ومنظومات الدفاع الجوي "باتريوت"، الأمر الذي أضعف من جاهزية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وكانت الولايات المتحدة تستخدم صواريخ اعتراضية بقيمة مليوني دولار لتدمير طائرات مسيرة لا تتجاوز كلفتها ألفي دولار، وهو نمط غير مستدام زاد من الضغط على القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، وكان الأكثر إثارة للقلق هو خطر التورط التدريجي والتصعيد، سواء مع الحوثيين أو مع إيران، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد اقترحت القيادة المركزية الأميركية حملة تستمر بين ثمانية إلى عشرة أشهر، تشمل "اغتيالات مستهدفة على غرار العملية الإسرائيلية الأخيرة ضد حزب الله". ومع اتضاح أن القوة الجوية وحدها غير كافية للقضاء على التهديد العسكري الحوثي، ورد أن مسؤولين بحثوا توسيع الحملة لدعم القوات اليمنية المناهضة للحوثيين. وكان من شأن ضغوط التصعيد أن تتفاقم أكثر لو أن الحوثيين تمكنوا من قتل جنود أميركيين، وهو أمر كاد أن يحدث في مناسبات عدة، وفقا لتقارير حديثة. وظل خطر اندلاع صراع مع إيران حاضرا بقوة، ففي أوائل مايو، هدد وزير الدفاع بيت هيغسث باستهداف إيران بسبب دعمها للحوثيين، وهدد هذا التلويح باستخدام القوة العسكرية بنسف المحادثات النووية في لحظة حرجة، ودفع الولايات المتحدة نحو شفا الحرب. وتشير التقارير إلى أن هذا الخطر الذي يهدد المفاوضات النووية مع إيران دفع المبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى الدفع باتجاه التوصل إلى وقف لإطلاق النار. لكن الضغوط لاستئناف الضربات ضد الحوثيين ستبقى قائمة، ومن المرجح أن تتصاعد مع استمرار الهجمات الحوثية على إسرائيل واستمرار عزوف السفن عن المرور عبر البحر الأحمر. وقوبل اتفاق وقف إطلاق النار بانتقادات متوقعة في واشنطن، خاصة لأنه لا يشمل إسرائيل، وتم التوصل إليه رغم بقاء القدرات العسكرية للحوثيين على حالها. وعبّر السيناتور ريك سكوت -جمهوري عن فلوريدا- عن استيائه قائلا: "علينا أن نحاسب إيران. هذا الأمر لن يتوقف حتى تُحاسب إيران، سواء من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي طرف آخر". كما دعا السيناتور ليندسي غراهام -جمهوري عن ساوث كارولاينا- الرئيس ترمب إلى "محاسبة الجهات الشريرة" في ظل استمرار الهجمات الحوثية على إسرائيل. والأخطر من ذلك، أن ترمب نفسه لوح بإمكانية استئناف الحملة الجوية، مهددا في 15 مايو بـ"العودة إلى الهجوم" إذا ما هاجم الحوثيون السفن الأميركية مجددا. ولا يعفي وقف إطلاق النار إدارة ترمب من مسؤولية إطلاق حملة عسكرية غير محسوبة. ومع ذلك، فإن ترمب يستحق الإشادة على إدراكه لفشل هذا النهج وتغييره للمسار. ففي ذلك، أظهر استعدادا لافتا للتخلي عن الأعراف التقليدية الضارة في السياسة الخارجية. وكثيرا ما منعت حسابات الخسائر الغارقة، والهواجس المرتبطة بـ"المصداقية"، والخوف من ردود الفعل السياسية، القادة من التراجع عن قرارات خاطئة. لكن ترمب انسحب بذكاء. والآن، عليه أن يقاوم الدعوات للانخراط مجددا في مسار عبثي.