logo
لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟

لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟

الجزيرةمنذ 17 ساعات

تطورت الاحتجاجات المناهضة للهجرة إلى اشتباكات مع الشرطة في عدة بلدات بأيرلندا الشمالية هذا الأسبوع، مما يشير إلى موجة جديدة من الاضطرابات التي تضرب المملكة المتحدة ، وفق ما جاء في تقرير لموقع الجزيرة الانجليزية.
استمرت الاضطرابات في بلدات مختلفة في المنطقة لليلة الرابعة على التوالي أمس الخميس، ودارت مواجهات في بعض البلدات، منها مقاطعة أرما، إذ أُصيب نحو 40 ضابط شرطة في حين جرى تنفيذ 15 عملية اعتقال.
بدأت الاحتجاجات في بلدة باليمينا، التي يسكنها نحو 31 ألف شخص، وتقع على بُعد 40 كيلومترًا شمال غربي بلفاست، يوم الاثنين بعد اعتقال فتيين رومانيين يبلغان من العمر 14 عامًا للاشتباه باعتدائهما جنسيًا على فتاة مراهقة، وفق تقارير صحفية.
وبلغ العنف ذروته الثلاثاء الماضي في باليمينا، حينما هاجم مئات من مثيري الشغب المقنعين الشرطة وأضرموا النيران في مبانٍ وسيارات، في حين ألقى حشد صغير يوم الأربعاء، الحجارة والألعاب النارية والقنابل الحارقة على الشرطة، التي ردت باستخدام خراطيم المياه.
وأضرم مثيرو الشغب النار أيضًا في مركز ترفيهي في مدينة لارني الساحلية، التي تبعد نحو 30 كيلومترًا عن باليمينا، حيث تم إيواء بعض العائلات المهاجرة بعد اضطرابات باليمينا لينتشر العنف إلى بلفاست، كوليرين، أنترم، وليسبورن ومدن أخرى.
ماذا حدث في باليمينا؟
اندلعت أعمال الشغب في باليمينا بعد مثول المراهقين الرومانيين لدى محكمة كوليرين يوم الاثنين بتهم "الاعتداء الجنسي"، وهي تهم أنكروها.
وفي حين نُشر منشور على فيسبوك يروّج لـ "احتجاج سلمي للتعبير عن غضبنا تجاه ما لا يمكن ولا ينبغي التسامح معه في هذه البلدة"، بدأ التجمع المخطط له في باليمينا مساءً، حيث تجمع حشد في شارع "كلونافون تراس"، وهو موقع الاعتداء المزعوم، وراقبت الشرطة مظاهرة كانت في الغالب سلمية.
لكن الشرطة قالت، إن عدة أشخاص ملثمين انفصلوا عن الحشد وبدؤوا في إقامة حواجز ومهاجمة ممتلكات خاصة تسكنها عائلات مهاجرة، قائلة إنهم هاجموا ضباط الشرطة بقنابل الدخان، والألعاب النارية، والزجاجات، والطوب، مما أدى إلى اشتباكات استمرت عدة أيام.
لم تكن هوية المئات من الأشخاص –العديد منهم مقنعون ويغطون رؤوسهم– الذين هاجموا منازل وأعمال المهاجرين واضحة فورا.
في السابق، كانت مثل هذه الأعمال العنيفة غالبًا ما تحدث في بلدات مثل باليمينا، وهي معقل للاتحاد السياسي مع المملكة المتحدة. ومع ذلك، أفادت تقارير إعلامية، أن بعض الكاثوليك قد شاركوا أيضًا في هذه الاحتجاجات هذه المرة.
شهدت أيرلندا الشمالية عقودًا من الصراع بين الاتحاديين، وهم في الغالب من البروتستانت الذين يريدون البقاء ضمن المملكة المتحدة، والقوميين، في الغالب من الكاثوليك الذين يطمحون إلى إعادة التوحيد مع بقية أيرلندا.
وقد لعبت الجماعات شبه العسكرية دورًا كبيرًا في هذا الصراع الطائفي المعروف باسم "الاضطرابات"، الذي استمر نحو 30 عامًا منذ أواخر الستينيات حتى عام 1998، حين تم التوصل إلى اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أسس لنظام تقاسم السلطة.
ومع ذلك، واجه هذا الاتفاق معارضة من بعض الجماعات الاتحادية، و"لا تزال بعض المظالم دون حل".
وتعليقا على هذه التطورات، يقول عالم الاجتماع جون نيجل، المحاضر في جامعة كوينز في بلفاست، للجزيرة: "تشعر بعض المناطق العمالية ذات الأغلبية الاتحادية، أنها خسرت خلال عملية السلام". وأضاف: "أعتقد أن الشعور بالاستياء من عملية السلام يندمج في المخاوف الأوسع بشأن الهجرة".
وقد أوضحت شرطة أيرلندا الشمالية (PSNI) في هذه المرحلة، أنها لم تعثر على أدلة على تورط الجماعات شبه العسكرية الاتحادية في أعمال العنف الأخيرة.
ومع ذلك، فإن تقريرًا نُشر الشهر الماضي من مجموعة حقوقية مستقلة تدعى "لجنة إدارة العدالة" (CAJ)، يشير إلى وجود صلة محتملة.
وتناول التقرير، بعنوان "رسم خريطة أنشطة اليمين المتطرف على الإنترنت في أيرلندا الشمالية"، سبعة حوادث من احتجاجات مناهضة للهجرة منذ عام 2023.
ويقول دانيال هولدر من لجنة إدارة العدالة (CAJ) "ما لاحظناه هو أن جميع هذه الاحتجاجات تُنظَّم وتحدث في مناطق تشهد نشاطًا كبيرًا للموالين، وتُظهر قدرًا من السيطرة من الجماعات شبه العسكرية".
وأضاف أن مثل هذه الاضطرابات غالبًا ما تحدث في فصل الصيف، تزامنًا مع موسم مسيرات الموالين، وهو تقليد سائد لدى المجتمعات البروتستانتية.
ما القضايا المغذية للاضطرابات؟
تبدو الهجرة هي الشاغل الرئيسي للمحتجين، فمنذ عام 2015، تم توطين أكثر من 1800 لاجئ سوري في أيرلندا الشمالية ضمن برنامج إعادة توطين الأشخاص السوريين المعرضين للخطر، والذي أعيدت تسميته لاحقًا في عام 2020 ليُصبح برنامج إعادة توطين الأشخاص المعرضين للخطر (NIRRS).
في حين أن معدلات الهجرة العامة في ازدياد أيضًا، قال بول فرو، وهو عضو من الحزب الوحدوي الديمقراطي (DUP)، لهيئة الإذاعة البريطانية، إن التوترات بشأن هذا الموضوع تتصاعد منذ فترة في باليمينا، وإن الناس "يشعرون بالخوف من الهجرة غير النظامية".
وزاد من تفاقم المخاوف المتعلقة بالهجرة الغضب من سياسات التقشف والتراجع في برامج الرعاية الاجتماعية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويوضح دانيال هولدر، أن المظالم بشأن سوء حالة الإسكان استُخدمت ذريعة لتحميل المهاجرين المسؤولية والترويج لرواية "الهجرة الجماعية غير المضبوطة" التي "لا تستند إلى وقائع حقيقية".
وأضاف أن تقرير اللجنة لم يجد علاقة واضحة بين المناطق التي اندلعت فيها أعمال العنف منذ عام 2023 ومعدلات الفقر أو كثافة الهجرة.
وقال: "عندما تنظر إلى نمط الهجمات، لا تحدث في أكثر المناطق حرمانًا". وتابع: "ما يشير إليه هذا، هو أن الهجمات تنفذها عناصر يمينية متطرفة معينة، بمن فيهم بعض أفراد المنظمات شبه العسكرية الموالية، وليس لها علاقة مباشرة بمعدلات الهجرة أو الفقر".
ما رد السياسيين على العنف؟
مع أن بعض الوزراء واجهوا اتهامات بتأجيج التوترات، فقد أدان العديد منهم العنف بأشد العبارات، إذ قالت رئيسة الوزراء ميشيل أونيل إن "الهجمات العنصرية والطائفية على العائلات" كانت "مروعة ويجب أن تتوقف فورًا".
وفي حين وصف وزير المالية جون أوداود المهاجمين بأنهم "بلطجية عنصريون"، قالت وزيرة العدل نعومي لونغ، إن العنف "غير مبرر تمامًا".
كما يصف القائد العام للشرطة، جون بوتشر الأحداث بأنها "أعمال مدفوعة بالكراهية وحكم الغوغاء، التي لا تفعل شيئًا سوى تمزيق نسيج مجتمعنا".
وأمس الخميس، رفض وزير المجتمعات غوردون ليونز الدعوات للاستقالة بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي كشف فيه عن موقع المركز الترفيهي في لارني، الذي تم استهدافه لاحقًا.
من جانبه، أدان تايلر هوي، عضو المجلس البلدي من الحزب الوحدوي الديمقراطي، أعمال العنف، لكنه أيضًا اتهم الحكومة البريطانية بأنها تنقل "حافلات مليئة بالمهاجرين غير المدققين" إلى المنطقة.
كما قال عالم الاجتماع جون نيجل، إن بعض السياسيين الوحدويين أدانوا أعمال الشغب، لكنهم في الوقت نفسه رددوا ادعاءات غير مثبتة بأن باليمينا أصبحت "مكانًا لتجميع المهاجرين".
هل معدلات الهجرة مرتفعة؟
تُظهر الأرقام الرسمية من جمعية أيرلندا الشمالية، أنها الأقل تنوعًا بين أجزاء المملكة المتحدة، إذ يعرّف 3.4% فقط من السكان أنفسهم كجزء من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ18.3% في إنجلترا وويلز و12.9% في أسكتلندا.
إعلان
ووفقًا لأحدث بيانات التعداد لعام 2021، فإن الهجرة إلى أيرلندا الشمالية لا تزال منخفضة نسبيًا، لكنها في ارتفاع. فقد ارتفعت نسبة السكان المولودين خارج المملكة المتحدة من 6.5% في عام 2011 إلى 8.6% في عام 2021.
هل تزايد الهجرة مقلق؟
تقول عالمة الاجتماع روث ماكأريفاي، المحاضرة في جامعة نيوكاسل، إن الدراسات الاستقصائية العامة تُظهر أن أيرلندا الشمالية أصبحت أكثر ترحيبًا بالمهاجرين بمرور الوقت، وأقل رغبة في تقليل أعدادهم.
وأشارت دراسة "مسح الحياة والآراء في أيرلندا الشمالية" إلى أن 94% من المشاركين عام 2024 قالوا إنهم يقبلون بالسكن إلى جوار شخص من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ53% فقط في عام 2005.
مع ذلك، أوضحت ماكأريفاي، أن التغييرات الديموغرافية السريعة حدثت ضمن بيئة "اجتماعية محافظة"، في وقت تواجه فيه البلاد اضطرابات اقتصادية عالمية، بما فيها تراجع في قطاعاتها الصناعية مثل بناء السفن وصناعة النسيج.
وأضافت: "هناك قدر من الاستياء يدفع الناس إلى لنزول إلى الشارع"، موضحة أن سياسات التقشف التي أضعفت دولة الرفاهية قد زادت الأمر سوءًا.
وتابعت: "غياب الموارد لا يساعد على دمج المجموعات الاجتماعية المختلفة داخل المجتمع، ولا على تحقيق التماسك الاجتماعي". واختتمت: "يشعر الناس أنهم فقدوا السيطرة، وأن الأمور تحدث لهم بدلًا من أن تحدث معهم طبيعيا وفي نظام".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إغلاق مشدد واستنفار أمني في واشنطن استعدادا لاحتفال الجيش الأميركي
إغلاق مشدد واستنفار أمني في واشنطن استعدادا لاحتفال الجيش الأميركي

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

إغلاق مشدد واستنفار أمني في واشنطن استعدادا لاحتفال الجيش الأميركي

واشنطن- تعيش العاصمة الأميركية واشنطن منذ أيام على وقع تحضيرات مكثفة لإحياء الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأميركي، المقررة تنظيمها، السبت، وسط استنفار أمني غير مسبوق شمل إغلاق عشرات الشوارع والجسور الحيوية ونصب حواجز أمنية ضخمة امتدت على مساحات شاسعة وسط المدينة. ويُنتظر تنظيم استعراض عسكري شامل يُتوقع أن تشارك فيه وحدات من مختلف فروع الجيش الأميركي، إلى جانب مركبات قتالية وعروض جوية، في مشهد هو الأضخم من نوعه منذ عقود بحسب وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وبدت عدد من شوارع واشنطن الكبرى، التي تعج عادة بالسيارات، مهجورة إلا من عناصر الشرطة وأسوار سوداء ضخمة تحجب الرؤية، وتمتد لمسافات طويلة في محيط البيت الأبيض ومبنى الكابيتول. كما تنتشر لافتات "الطريق مغلق" و"ممنوع الدخول" عند كل تقاطع، وتتوزع عربات الأمن على أطراف الساحات العامة، ما سبّب ارتباكا في حركة النقل داخل المدينة ومحيطها. تحضيرات وبحسب بيانات الشرطة، امتدت التحضيرات لتشمل نشر السلطات أكثر من 18 ميلا من الحواجز المعدنية لتطويق محيط احتفالات الجيش الأميركي، وإقامة 175 نقطة تفتيش إلكترونية للتحكم في حركة الدخول إلى المنطقة الأمنية. كما أغلقت بشكل كامل جسورا حيوية تربط العاصمة واشنطن بولاية فرجينيا في إجراءات استثنائية بدأت منذ صباح أمس الخميس وتستمر حتى فجر الإثنين المقبل. ويأتي الاحتفال العسكري الضخم في لحظة سياسية شديدة التوتر داخل الولايات المتحدة، حيث يتزامن مع الذكرى الـ78 لميلاد الرئيس دونالد ترامب ، الذي يسعى من خلال المناسبة إلى "إبراز قوة الدولة وهيبتها". لكن هذه الرسالة لا تلقى الترحيب ذاته لدى جميع الأميركيين، خاصة أولئك المتضررين من تقليص الإنفاق الفدرالي وارتفاع تكاليف المعيشة. في هذا السياق، عبّر عدد من سكان العاصمة عن انزعاجهم من الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضت عليهم قيودا على التنقل والحركة، فيما وصف آخرون ما يحدث بأنه "تبذير غير مبرر" للمال العام في وقت تتزايد فيه نسب الفقر حتى داخل أوساط العاملين في القطاع الحكومي. انتقادات وتقول فانيسا، موظفة في مؤسسة حكومية بواشنطن، إنها اضطرت للعمل من المنزل هذا الأسبوع لأن كل الطرق المؤدية إلى مكتبها مغلقة، وانتقدت تنظيم الاحتفال في حديث للجزيرة نت قائلة "لا أرى أي فائدة من هذا العرض العسكري، الجيش لم يطلب هذا، ترامب يريد فقط أن يستعملهم كأداة فرجة لإرضاء غروره". من جانبه، وصف أليكس، وهو من المحاربين القدامى ويعيش في ضواحي العاصمة واشنطن، الاحتفال بـ"التبذير غير المبرر لأموال دافعي الضرائب"، وقال في تصريح للجزيرة نت إن "ترامب يناقض نفسه عندما ينتهج سياسة تقليص حادة في ميزانية أهم الوكالات الفدرالية ويلحق أضرارا بفئات عريضة من المجتمع الأميركي، وفي الوقت نفسه ينظّم احتفالا سخيفا للاحتفال بعيد ميلاده". ورغم أن السلطات لم تُعلن رسميا عن التكلفة الإجمالية للحدث، فإن تقديرات غير رسمية تحدثت عن ملايين الدولارات أنفقت على البنية الأمنية، وتحويلات المرور، والنقل اللوجستي للعربات العسكرية. مؤشرات توتر ولا تخل المناسبة من مؤشرات توتر، خاصة في ظل تصاعد الأحداث في ولايات أخرى مثل كاليفورنيا التي تعيش على وقع احتجاجات واسعة منذ أيام. وقد حذّر ترامب من "رد قوي" في حال حاول محتجون تعطيل مجريات الحفل، مؤكدا أن "القوة ستكون حاضرة لمنع أي تجاوزات". في المقابل، دعت منظمات مدنية إلى تنظيم احتجاجات متزامنة تحت شعار "لا ملوك في أميركا"، وتخطط لأكثر من ألفي موقع احتجاج عبر الولايات الأميركية، بهدف التعبير عن ما تصفه بـ"النزعة الاستبدادية المتزايدة" لإدارة ترامب. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولي أمن في العاصمة، أن السلطات تراقب عن كثب الدعوات إلى احتجاجات "نو كينغز"، مؤكدة أنها وضعت خططا للتعامل مع أي تجمعات سلمية ضمن الإطار القانوني.

لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟
لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

لماذا اندلعت أعمال شغب مناهضة للهجرة في أيرلندا الشمالية؟

تطورت الاحتجاجات المناهضة للهجرة إلى اشتباكات مع الشرطة في عدة بلدات بأيرلندا الشمالية هذا الأسبوع، مما يشير إلى موجة جديدة من الاضطرابات التي تضرب المملكة المتحدة ، وفق ما جاء في تقرير لموقع الجزيرة الانجليزية. استمرت الاضطرابات في بلدات مختلفة في المنطقة لليلة الرابعة على التوالي أمس الخميس، ودارت مواجهات في بعض البلدات، منها مقاطعة أرما، إذ أُصيب نحو 40 ضابط شرطة في حين جرى تنفيذ 15 عملية اعتقال. بدأت الاحتجاجات في بلدة باليمينا، التي يسكنها نحو 31 ألف شخص، وتقع على بُعد 40 كيلومترًا شمال غربي بلفاست، يوم الاثنين بعد اعتقال فتيين رومانيين يبلغان من العمر 14 عامًا للاشتباه باعتدائهما جنسيًا على فتاة مراهقة، وفق تقارير صحفية. وبلغ العنف ذروته الثلاثاء الماضي في باليمينا، حينما هاجم مئات من مثيري الشغب المقنعين الشرطة وأضرموا النيران في مبانٍ وسيارات، في حين ألقى حشد صغير يوم الأربعاء، الحجارة والألعاب النارية والقنابل الحارقة على الشرطة، التي ردت باستخدام خراطيم المياه. وأضرم مثيرو الشغب النار أيضًا في مركز ترفيهي في مدينة لارني الساحلية، التي تبعد نحو 30 كيلومترًا عن باليمينا، حيث تم إيواء بعض العائلات المهاجرة بعد اضطرابات باليمينا لينتشر العنف إلى بلفاست، كوليرين، أنترم، وليسبورن ومدن أخرى. ماذا حدث في باليمينا؟ اندلعت أعمال الشغب في باليمينا بعد مثول المراهقين الرومانيين لدى محكمة كوليرين يوم الاثنين بتهم "الاعتداء الجنسي"، وهي تهم أنكروها. وفي حين نُشر منشور على فيسبوك يروّج لـ "احتجاج سلمي للتعبير عن غضبنا تجاه ما لا يمكن ولا ينبغي التسامح معه في هذه البلدة"، بدأ التجمع المخطط له في باليمينا مساءً، حيث تجمع حشد في شارع "كلونافون تراس"، وهو موقع الاعتداء المزعوم، وراقبت الشرطة مظاهرة كانت في الغالب سلمية. لكن الشرطة قالت، إن عدة أشخاص ملثمين انفصلوا عن الحشد وبدؤوا في إقامة حواجز ومهاجمة ممتلكات خاصة تسكنها عائلات مهاجرة، قائلة إنهم هاجموا ضباط الشرطة بقنابل الدخان، والألعاب النارية، والزجاجات، والطوب، مما أدى إلى اشتباكات استمرت عدة أيام. لم تكن هوية المئات من الأشخاص –العديد منهم مقنعون ويغطون رؤوسهم– الذين هاجموا منازل وأعمال المهاجرين واضحة فورا. في السابق، كانت مثل هذه الأعمال العنيفة غالبًا ما تحدث في بلدات مثل باليمينا، وهي معقل للاتحاد السياسي مع المملكة المتحدة. ومع ذلك، أفادت تقارير إعلامية، أن بعض الكاثوليك قد شاركوا أيضًا في هذه الاحتجاجات هذه المرة. شهدت أيرلندا الشمالية عقودًا من الصراع بين الاتحاديين، وهم في الغالب من البروتستانت الذين يريدون البقاء ضمن المملكة المتحدة، والقوميين، في الغالب من الكاثوليك الذين يطمحون إلى إعادة التوحيد مع بقية أيرلندا. وقد لعبت الجماعات شبه العسكرية دورًا كبيرًا في هذا الصراع الطائفي المعروف باسم "الاضطرابات"، الذي استمر نحو 30 عامًا منذ أواخر الستينيات حتى عام 1998، حين تم التوصل إلى اتفاق "الجمعة العظيمة" الذي أسس لنظام تقاسم السلطة. ومع ذلك، واجه هذا الاتفاق معارضة من بعض الجماعات الاتحادية، و"لا تزال بعض المظالم دون حل". وتعليقا على هذه التطورات، يقول عالم الاجتماع جون نيجل، المحاضر في جامعة كوينز في بلفاست، للجزيرة: "تشعر بعض المناطق العمالية ذات الأغلبية الاتحادية، أنها خسرت خلال عملية السلام". وأضاف: "أعتقد أن الشعور بالاستياء من عملية السلام يندمج في المخاوف الأوسع بشأن الهجرة". وقد أوضحت شرطة أيرلندا الشمالية (PSNI) في هذه المرحلة، أنها لم تعثر على أدلة على تورط الجماعات شبه العسكرية الاتحادية في أعمال العنف الأخيرة. ومع ذلك، فإن تقريرًا نُشر الشهر الماضي من مجموعة حقوقية مستقلة تدعى "لجنة إدارة العدالة" (CAJ)، يشير إلى وجود صلة محتملة. وتناول التقرير، بعنوان "رسم خريطة أنشطة اليمين المتطرف على الإنترنت في أيرلندا الشمالية"، سبعة حوادث من احتجاجات مناهضة للهجرة منذ عام 2023. ويقول دانيال هولدر من لجنة إدارة العدالة (CAJ) "ما لاحظناه هو أن جميع هذه الاحتجاجات تُنظَّم وتحدث في مناطق تشهد نشاطًا كبيرًا للموالين، وتُظهر قدرًا من السيطرة من الجماعات شبه العسكرية". وأضاف أن مثل هذه الاضطرابات غالبًا ما تحدث في فصل الصيف، تزامنًا مع موسم مسيرات الموالين، وهو تقليد سائد لدى المجتمعات البروتستانتية. ما القضايا المغذية للاضطرابات؟ تبدو الهجرة هي الشاغل الرئيسي للمحتجين، فمنذ عام 2015، تم توطين أكثر من 1800 لاجئ سوري في أيرلندا الشمالية ضمن برنامج إعادة توطين الأشخاص السوريين المعرضين للخطر، والذي أعيدت تسميته لاحقًا في عام 2020 ليُصبح برنامج إعادة توطين الأشخاص المعرضين للخطر (NIRRS). في حين أن معدلات الهجرة العامة في ازدياد أيضًا، قال بول فرو، وهو عضو من الحزب الوحدوي الديمقراطي (DUP)، لهيئة الإذاعة البريطانية، إن التوترات بشأن هذا الموضوع تتصاعد منذ فترة في باليمينا، وإن الناس "يشعرون بالخوف من الهجرة غير النظامية". وزاد من تفاقم المخاوف المتعلقة بالهجرة الغضب من سياسات التقشف والتراجع في برامج الرعاية الاجتماعية منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. ويوضح دانيال هولدر، أن المظالم بشأن سوء حالة الإسكان استُخدمت ذريعة لتحميل المهاجرين المسؤولية والترويج لرواية "الهجرة الجماعية غير المضبوطة" التي "لا تستند إلى وقائع حقيقية". وأضاف أن تقرير اللجنة لم يجد علاقة واضحة بين المناطق التي اندلعت فيها أعمال العنف منذ عام 2023 ومعدلات الفقر أو كثافة الهجرة. وقال: "عندما تنظر إلى نمط الهجمات، لا تحدث في أكثر المناطق حرمانًا". وتابع: "ما يشير إليه هذا، هو أن الهجمات تنفذها عناصر يمينية متطرفة معينة، بمن فيهم بعض أفراد المنظمات شبه العسكرية الموالية، وليس لها علاقة مباشرة بمعدلات الهجرة أو الفقر". ما رد السياسيين على العنف؟ مع أن بعض الوزراء واجهوا اتهامات بتأجيج التوترات، فقد أدان العديد منهم العنف بأشد العبارات، إذ قالت رئيسة الوزراء ميشيل أونيل إن "الهجمات العنصرية والطائفية على العائلات" كانت "مروعة ويجب أن تتوقف فورًا". وفي حين وصف وزير المالية جون أوداود المهاجمين بأنهم "بلطجية عنصريون"، قالت وزيرة العدل نعومي لونغ، إن العنف "غير مبرر تمامًا". كما يصف القائد العام للشرطة، جون بوتشر الأحداث بأنها "أعمال مدفوعة بالكراهية وحكم الغوغاء، التي لا تفعل شيئًا سوى تمزيق نسيج مجتمعنا". وأمس الخميس، رفض وزير المجتمعات غوردون ليونز الدعوات للاستقالة بعد منشور على وسائل التواصل الاجتماعي كشف فيه عن موقع المركز الترفيهي في لارني، الذي تم استهدافه لاحقًا. من جانبه، أدان تايلر هوي، عضو المجلس البلدي من الحزب الوحدوي الديمقراطي، أعمال العنف، لكنه أيضًا اتهم الحكومة البريطانية بأنها تنقل "حافلات مليئة بالمهاجرين غير المدققين" إلى المنطقة. كما قال عالم الاجتماع جون نيجل، إن بعض السياسيين الوحدويين أدانوا أعمال الشغب، لكنهم في الوقت نفسه رددوا ادعاءات غير مثبتة بأن باليمينا أصبحت "مكانًا لتجميع المهاجرين". هل معدلات الهجرة مرتفعة؟ تُظهر الأرقام الرسمية من جمعية أيرلندا الشمالية، أنها الأقل تنوعًا بين أجزاء المملكة المتحدة، إذ يعرّف 3.4% فقط من السكان أنفسهم كجزء من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ18.3% في إنجلترا وويلز و12.9% في أسكتلندا. إعلان ووفقًا لأحدث بيانات التعداد لعام 2021، فإن الهجرة إلى أيرلندا الشمالية لا تزال منخفضة نسبيًا، لكنها في ارتفاع. فقد ارتفعت نسبة السكان المولودين خارج المملكة المتحدة من 6.5% في عام 2011 إلى 8.6% في عام 2021. هل تزايد الهجرة مقلق؟ تقول عالمة الاجتماع روث ماكأريفاي، المحاضرة في جامعة نيوكاسل، إن الدراسات الاستقصائية العامة تُظهر أن أيرلندا الشمالية أصبحت أكثر ترحيبًا بالمهاجرين بمرور الوقت، وأقل رغبة في تقليل أعدادهم. وأشارت دراسة "مسح الحياة والآراء في أيرلندا الشمالية" إلى أن 94% من المشاركين عام 2024 قالوا إنهم يقبلون بالسكن إلى جوار شخص من مجموعة عرقية أقلية، مقارنةً بـ53% فقط في عام 2005. مع ذلك، أوضحت ماكأريفاي، أن التغييرات الديموغرافية السريعة حدثت ضمن بيئة "اجتماعية محافظة"، في وقت تواجه فيه البلاد اضطرابات اقتصادية عالمية، بما فيها تراجع في قطاعاتها الصناعية مثل بناء السفن وصناعة النسيج. وأضافت: "هناك قدر من الاستياء يدفع الناس إلى لنزول إلى الشارع"، موضحة أن سياسات التقشف التي أضعفت دولة الرفاهية قد زادت الأمر سوءًا. وتابعت: "غياب الموارد لا يساعد على دمج المجموعات الاجتماعية المختلفة داخل المجتمع، ولا على تحقيق التماسك الاجتماعي". واختتمت: "يشعر الناس أنهم فقدوا السيطرة، وأن الأمور تحدث لهم بدلًا من أن تحدث معهم طبيعيا وفي نظام".

من يقف خلف احتجاجات لوس أنجلوس؟
من يقف خلف احتجاجات لوس أنجلوس؟

الجزيرة

timeمنذ 21 ساعات

  • الجزيرة

من يقف خلف احتجاجات لوس أنجلوس؟

واشنطن- تشهد شوارع مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا منذ أيام، موجة احتجاجات متزايدة ضد السياسات الفدرالية المتعلقة بالهجرة والعمل والحقوق المدنية، شارك فيها آلاف المتظاهرين وسط تصعيد غير مسبوق بين مسؤولي الولاية والإدارة الأميركية. وبينما تتباين دوافع المتظاهرين، تعكس طبيعة الحشود تنوعا واضحا في الانتماء العرقي والسياسي، مع حضور منظمات نقابية ومدنية، وفئات عمرية متفاوتة من مختلف الأجناس والخلفيات الاجتماعية. قوة اللاتين وبرز العلم المكسيكي بشكل لافت في المظاهرات التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس ، بعد أن رفعه مشاركون كثر كرمز للهوية والمقاومة، حيث يكتسب هذا الحضور رمزيته من الواقع الديموغرافي لولاية كاليفورنيا، التي يشكّل المتحدرون من أصول مكسيكية نحو 30% من سكانها، ما يجعلهم القوة اللاتينية الأكثر تأثيرا في الحراك الاحتجاجي، خاصة من فئة أبناء الجيل الثاني من المهاجرين. ولفتت تغطيات صحف أميركية إلى أن الاحتجاجات شهدت مشاركة قوية من السود الأميركيين، فالمعاينة الميدانية التي نشرتها مجلة "ذا نيويوركر" وصفت حشدا تجمع أمام المبنى الفدرالي بـ"الشاب والمتنوع"، وأوضحت أن المتظاهرين حملوا أعلاما تعكس فخرهم بتعدد أعراقهم داخل لوس أنجلوس التي يشكّل فيها السود واللاتينيون القاعدة السكانية الأوسع. في المقابل، شارك عدد أقل من الآسيويين الأميركيين، لكن دورهم كان لافتا عبر منظمات مدنية مثل "آسيويون أميركيون من أجل النهوض بالعدالة" التي وفرت استشارات قانونية ودعما تنظيميا للمحتجين. وحسب تقديرات محلية فإن هذه المشاركة -رغم محدوديتها العددية- تعكس وعيا متزايدا لدى الجالية الآسيوية بأهمية الحضور في قضايا العدالة الاجتماعية، خاصة بعد تصاعد جرائم الكراهية ضدهم في السنوات الأخيرة. ورغم أن الحراك الاحتجاجي في كاليفورنيا يتسم بتنوع عرقي واجتماعي، فإن اتجاهه السياسي يغلب عليه الطابع التقدمي والليبرالي، مع حضور واضح لفصائل اليسار الراديكالي، ويعدّ حزب الاشتراكية والتحرير من أبرز الجهات المنظمة. وشارك الحزب في تنسيق مظاهرة حاشدة يوم 8 يونيو/حزيران الجاري وسط لوس أنجلوس، ضمت نحو 9 آلاف متظاهر وفق تقديرات إعلامية، كما تولى تعبئة إضرابات طلابية بالتعاون مع منظمات شبابية وحقوقية محلية. وإلى جانب الحركات اليسارية، برزت النقابات العمالية كقوة تنظيمية مركزية ساهمت في تأمين الاحتياجات الأساسية في مواقع التظاهر، وأبرزها اتحاد موظفي الخدمات العامة الذي يضم أكثر من 700 ألف عضو في كاليفورنيا وحدها، وقدّم دعما لوجيستيا للمتظاهرين، إلى جانب إطلاق حملات ميدانية ضد السياسات الفدرالية التي تهدد ظروف العمل وحقوق المهاجرين. وشهدت الاحتجاجات حضورا واسعا لمنظمات المجتمع المدني أبرزها منظمة "شيرلا" (CHIRLA) المعنية بحقوق المهاجرين، إلى جانب مبادرات محلية مثل "يونيون دل باريو" (Unión del Barrio) وهي حركة يسارية راديكالية تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين من أصول لاتينية، وحركة "فيث إن أكشن" (Faith in Action) التي تركّز على العدالة الاجتماعية من منظور ديني، وتتبنى خطابا مناهضا للعنصرية وسياسات الترحيل. مطالب واحدة تتقاطع مطالب المحتجين -على اختلاف خلفياتهم- حول رفض السياسات الفدرالية التي يرونها استهدافا مباشرا للمجتمعات المهمشة، وتصدّرت قضية الهجرة المشهد، حيث رفع المحتجون شعارات تطالب بوقف مداهمات وكالة الهجرة والجمارك وإلغاء أوامر الترحيل بحق المقيمين غير النظاميين، وخاصة من لديهم روابط عائلية ومجتمعية داخل الولاية. وشكّل اعتقال القيادي النقابي، رئيس اتحاد موظفي الخدمات العامة في كاليفورنيا، أحمد ديفيد هويرتا، شرارة تصعيد كبيرة، دفعت بعدة نقابات إلى الالتحاق بالاحتجاجات مطالبة بالإفراج الفوري عنه، ومؤكدة أن اعتقاله "اعتداء على الحريات النقابية والدستورية". ورفعت الهيئات النقابية المشاركة مطالب تتعلق بتحسين ظروف العمل، وضمان الأجور العادلة، وحماية العمال المهاجرين من المضايقات القانونية، في ظل مخاوف من تراجع الحماية النقابية وتقليص الميزانيات الاجتماعية. كما رفض المتظاهرون نشر عناصر الحرس الوطني، معتبرين أن الخطوة محاولة لـ"عسكرة الحياة المدنية وقمع الاحتجاجات السلمية"، وهو ما انعكس في هتافات ولافتات تنتقد إدارة دونالد ترامب وشعارات تطالب بـ"إخراج الجيش من لوس أنجلوس".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store