
كازاخستان عالقة في صراع بين عقود الماضي وأزمات الحاضر النفطية
خلال السنوات الماضية، تمكنت كازاخستان من تحقيق نهضة كبيرة في قطاع النفط مكنتها من أن تصبح أكبر دولة منتجة للنفط في آسيا الوسطى، وأن تلعب دوراً مهماً في سياسات الطاقة العالمية. ترسخ هذا الدور بشكل أكبر مع انضمامها إلى تحالف "أوبك+" في 2016.
ورغم أن البلاد أعلنت عدة مرات التزامها بسياسات الإنتاج التي أقرها التحالف، إلا أنها لم تتمكن من الوفاء بها، والإبقاء على الإنتاج عند معدلات محددة، لأسباب عدة من أبرزها طبيعة العقود الموقعة مع الشركات الدولية.
يسلط التقرير التالي الضوء على قطاع النفط في البلاد، وأبرز التحديات التي تواجهها في إطار تحقيق الالتزام باتفاق "أوبك+".
مسيرة البلاد النفطية
بدأت مسيرة البلاد النفطية مع اكتشاف حقول خام كبيرة خلال فترة الاتحاد السوفيتي، لكن تطوير هذه الحقول لم يبدأ فعلياً إلا مع انهياره واستقلال البلاد، ودخول الشركات الأجنبية إلى البلاد في تسعينات القرن الماضي.
بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991، وقعت كازاخستان عدة اتفاقات تطوير مع شركات أجنبية، تحصل هذه الشركات بموجبها على حقوق الإنتاج والتطوير حتى نهاية العقد الجاري. وتساهم أكبر 3 حقول في البلاد، "كاشاغان"، و"تنغيز" و"كاراشاغاناك"، بنحو 80% من إجمالي إنتاج البلاد.
تطور الإنتاج
شهدت مسيرة إنتاج النفط في البلاد تطوراً ملحوظاً، وصل إلى 1.88 مليون برميل يومياً في مارس، وفق بيانات شركة "كبلر" المتخصصة في البيانات وتحليلات أسواق السلع الرئيسية. بينما حصتها بموجب أحدث اتفاقية لتحالف "أوبك+" تبلغ 1.486 مليون برميل يومياً لشهر مايو الحالي.
كان عام 2016 محطة فارقة في تاريخ الدولة التي تمتلك احتياطيات نفطية مؤكدة تضعها في المرتبة 12 عالمياً بحوالي 30 مليار برميل، وذلك مع إعادة تشغيل حقل "كاشاغان". وفي العام الماضي، أجرت البلاد عملية توسعة لحقل "تنغيز"، ما زاد الإنتاج بمقدار 260 ألف برميل يومياً.
يُذكر أن حقل "كاشاغان" بدأ بضخ النفط في سبتمبر 2013، وهو موعد متأخر 8 سنوات عما كان متوقعاً، وبميزانية زادت 45 مليار دولار عن الموازنة الأولية، ليتم إغلاقه بعد شهر بسبب تسرب في أحد الأنابيب. عاد الحقل إلى الإنتاج في 2016.
رغم تقلب الإنتاج بسبب الصيانات الدورية، إلا أنه استقر أخيراً، وسط توقعات بمزيد من الارتفاع في السنوات المقبلة، بدعم من عمليات التوسعة وخصوصاً في حقل "تنغيز"، وبعض المناطق غير المستغلة في حوض بحر قزوين، والتي تعتبر واعدة.
أبرز الشركات العاملة في البلاد
يعتمد القطاع بشكل كبير على الشركات الأجنبية. ومن بين الجهات الرئيسية الفاعلة: "شيفرون"، "إكسون موبيل"، و"شل"، و"توتال"، و"إيني". تعمل هذه الشركات من خلال مشاريع مشتركة مع شركة النفط الوطنية "كازموناي غاز".
تدير شركة "شيفرون" شركة "تنغيز شيفرويل" المطورة لحقل "تنغيز" بحصة تبلغ 50%، في حين تدير "شركة شمال قزوين للتشغيل" (NCOC) حقل "كاشاغان"، بمشاركة "إيني"، و"إكسون موبيل"، و"شل"، و"توتال إنرجيز"، و"مؤسسة البترول الوطنية الصينية". أما "شركة كاراشاغاناك للتشغيل البترولي" (KPO) وهي مشروع مشترك بقيادة "إيني" و"شل"، فتدير حقل "كاراشاغاناك".
ضخت هذه الشركات أكثر من 50 مليار دولار على تطوير حقل "كاشاغان"، و27 مليار دولار في تطوير "كاراشاغاناك"، و48 مليار دولار على توسعة حقل "تنغيز"، وفق بيانات جمعية "مجلس النفط والغاز في كازاخستان" غير الحكومية.
الهيكل الاقتصادي للبلاد
تعتمد كازاخستان بشكل كبير على عائدات النفط لتمويل الميزانية، حيث تقوم البلاد بتصدير نحو 80% من النفط المستخرج من أراضيها، تمثل هذه العائدات والضرائب التي تدفعها الشركات النفطية، نسبة كبيرة من إجمالي إيرادات الموازنة، والاستثمار الأجنبي المباشر.
ساهم قطاع النفط والغاز والقطاعات المرتبطة بنحو 20% من الناتج المحلي للبلاد عام 2022، وفقاً لشركة "إس آند بي غلوبال". كما ساهم النفط، الذي يُعدّ المصدر الرئيسي لإيرادات خزينة الدولة، بنسبة 60%، أي ما يعادل 50.7 مليار دولار، من عائدات التصدير.
ونظراً إلى أنها دولة حبيسة، فلطالما اعتمدت على البنية التحتية الروسية، حيث كانت تصدر خامها إلى روسيا لتخلط مع البراميل الروسية، ليتم تصديرها عبر موانئ نوفوروسيسك وأوست-لوغا.
لكن بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والعقوبات التي طالت الخام الروسي، وجدت البلاد نفسها عالقة في أزمة، فلجأت عام 2022 إلى إعادة تسمية شحناتها باسم "كيبكو"، لتمييزها عن الشحنات الروسية المصدرة، كما تعمل على إنشاء خطوط تصدير جديدة وتعزيز أخرى قائمة، مثل خط الأنابيب مع الصين.
تكلفة إنتاج النفط
يتراوح متوسط تكاليف الإنتاج في كازاخستان بين 10 دولارات و15 دولاراً للبرميل في مشاريعها الرئيسية، وفق محلل أول للنفط والغاز في "كبلر" (Kpler)، هومايون فلكشاهي.
وأضاف في تصريح لـ"الشرق" أن التكاليف النهائية التي تشمل التطوير والنقل، تزيد المتوسط إلى ما بين 30 و40 دولاراً، ما يضع البلاد "في موقع متوسط عالمياً، بحيث تكون أكثر تنافسية من مشاريع الرمال النفطية أو المياه العميقة، ولكن السعر أعلى من منتجي الشرق الأوسط".
طبيعة العقود
رغم أكثر من 3 عقود على عمل الشركات الأجنبية في هذه الحقول، إلا أن تفاصيل بعض الاتفاقيات الموقعة لا تزال سرّية، لدرجة أنه من الصعب معرفة حصة الدولة فعلياً من عائدات النفط.
سرية هذه العقود دفعت برئيس تحالف رواد الأعمال "باراسات" أوليغ باك في 2022، إلى نشر عريضة تطالب الحكومة بالإعلان عن بنود الاتفاقيات في الحقول الثلاثة، "لرؤية مدى مطابقتها مع أحكام دستور البلاد".
وفق بيانات "مجلس النفط والغاز في كازاخستان"، فإن البلاد لديها 8 اتفاقيات عاملة لمشاركة الإنتاج في قطاعي النفط والغاز. أبرز هذه الاتفاقات تلك المتعلقة بالحقول الثلاثة الأكبر.
يشير فلكشاهي إلى أن البلاد "تستخدم بشكل رئيسي اتفاقيات تقاسم الإنتاج (PSA) في مشاريعها الكبيرة والمعقدة تقنياً مثل كاشاغان".
وأضاف أن هذه العقود صممت لـ"تحقيق التوازن بين مصالح الدولة وعوائد المستثمرين، مما يسمح للشركات باسترداد التكاليف قبل تقاسم الأرباح مع الحكومة".
من جهتها، أشارت المحامية ورئيسة شركة "سكاراب رايزينغ" المتخصصة بتقديم الاستشارات الاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، إلى أن المشكلة في البلاد لا تقتصر على العقود القديمة، بل إلى افتقارها أيضاً للقدرة التكنولوجية لإدارة هذه الحقول البحرية المعقدة وعالية الضغط بمفردها.
وأضافت في تصريحات لـ"الشرق"، أن "المطالبة بشروط أفضل على الورق شيء، والبدء بعمليات حفر في أعماق البحار المتجمدة من دون خبرة غربية، أمرٌ مختلف"، منبهة إلى أنه رغم توسع "كازموناي غاز" الوطنية، فإنها "لا تزال غير مجهزة لتولي كامل العمليات دون تعريض مستويات الإنتاج أو ثقة المستثمرين لمخاطر جسيمة".
ورأت أن أي خطوة من البلاد لإنهاء العقود قد تأتي بنتائج عكسية "كارثية، ليس فقط من خلال الدعاوى القضائية، بل من خلال تقويض ثقة المستثمرين على نطاق واسع"، موضحة أن تداعيات الأمر لن تقتصر على شركات الطاقة الكبرى، بل قد "يجمد أيضاً تدفقات رأس المال إلى القطاعات غير المرتبطة بالطاقة التي تسعى الحكومة جاهدةً لتطويرها".
محاولات سابقة لتغيير الشروط
مهدت كازاخستان الطريق لإعادة التفاوض على اتفاقيات النفط هذه. أبرز هذه الخطوات جاءت على لسان الرئيس قاسم توكاييف، إذ اعتبر في اجتماع حكومي موسع في 28 يناير، أن اتفاقيات تقاسم الإنتاج لعبت دوراً مهماً في تطوير الصناعة النفطية في ذلك الوقت، لكنها "تحتاج الآن إلى تحديث بنودها لتشمل شروطاً أكثر ملاءمة للبلاد". كما دعا إلى بدء مفاوضات لتمديد العقود.
كما أقر وزير الطاقة السابق ألماساد ساتكالييف، في يناير الماضي ولأول مرة، بأن البلاد تستعد لمراجعة معايير اتفاقيات تقاسم الإنتاج القديمة، بدءاً من مشروع "تنغيز". وأشار إلى أن زيادة حصة كازاخستان، وتغيير المشغلين، وتحسين شروط العقود، هي مواضيع رئيسية في المفاوضات.
تأتي هذه التصريحات لتضاف إلى مجهود مستمر منذ سنوات لمحاولة تحسين شروط الاتفاقيات لصالح البلاد. في عام 2008، وافقت "شركة شمال قزوين للتشغيل" (NCOC)، التي تُطوّر حقل "كاشاغان"، على زيادة حصة شركة "كازموناي غاز" الكازاخستانية إلى 16.88%، ودفعت تعويضاً عن التأخير في إطلاق الحقل. ثم في عام 2012، حصلت الحكومة على حصة 10% لشركة "كازموناي غاز" في حقل "كاراتشاغاناك".
كما رفعت الحكومة في عام 2023 دعوى قضائية بقيمة 13 مليار دولار ضد "شركة شمال قزوين للتشغيل" المشغلة لحقل "كاشاغان"، مطالبةً باستبعاد "نفقات غير مصرح بها" جرت في الفترة من 2010 إلى 2018 من النفقات القابلة للاسترداد، نظراً لتأخر المشروع لسنوات عديدة عن موعده المحدد. وفي 2024، ارتفع المبلغ المطالب به إلى 160 مليار دولار، بالإضافة إلى مطالبات الأرباح الضائعة.
في الوقت نفسه، فرضت كازاخستان غرامة قدرها 5.1 مليار دولار على مشغلي حقل "كاشاغان" لارتكابهم انتهاكات مختلفة، ولا تزال إجراءات التحكيم جارية. كما رفعت كازاخستان دعوى قضائية بيئية بقيمة 3.5 مليار دولار ضد "شركة كاراشاغاناك للتشغيل البترولي" (KPO) التي تدير تطوير حقل "كاراشاغاناك".
لا يزال "اتحاد شركات تينغيز شيفرويل" (TCO)، الذي يضم "شيفرون" و"إكسون موبيل" و"كازموناي غاز" و"لوك أويل"، الوحيد من بين الشركات الثلاث الكبرى، الذي لم ترفع كازاخستان ضده أي دعاوى قضائية مهمة حتى الآن.
لكن في 13 فبراير، دعي الرئيس التنفيذي للاتحاد كيفن ليون إلى البرلمان، وهي المرة الأولى التي يُضطر فيها أي مسؤول من إدارة شركات النفط العملاقة، إلى مواجهة النواب والاستماع إلى انتقاداتهم.
العلاقة مع "أوبك+"
انضمت البلاد إلى اتفاق "أوبك+" عام 2016، عندما أسست "منظمة الدول المنتجة للنفط" (أوبك) تحالفاً مع بعض المنتجين من خارجها في مقدمتهم روسيا، للحفاظ على استقرار السوق.
بموجب الاتفاق، التزمت كازاخستان بحصتها الإنتاجية البالغة 1.468 مليون برميل يومياً. بيانات "كبلر" تشير إلى أن البلاد نجحت في إبقاء إنتاجها من الخام تحت هذا المعدل منذ 2016 خلال 30 شهراً فقط، آخرها كان ديسمبر 2024 عندما بلغ الإنتاج 1.46 مليون برميل يومياً.
فلكشاهي لفت إلى أن كازاخستان لطالما كانت مشاركاً "مرناً" في اتفاقيات "أوبك+" منذ عام 2016. ومع ذلك، غالباً ما واجهت تخفيضات إنتاجها تأخيرات أو تراجعاً في الالتزام، وذلك نظراً إلى "هيمنة مشاريع طويلة الأجل ذات مرونة محدودة على المدى القصير، على إنتاج البلاد".
من جهته، يرى أسامة رزفي محلل اقتصاد وطاقة في شركة "برايمري فيجن" أن فائض العرض يعود بشكل رئيسي إلى توسعة حقل "تنغيز" النفطي.
وأضاف في تصريح لـ"الشرق" أن هذه المشاريع الضخمة تعمل بموجب اتفاقيات تقاسم إنتاج صارمة، لذلك "فإن قدرة الحكومة على خفض الإنتاج -على الأقل من حقولها النفطية الثلاثة الكبيرة- محدودة من دون إعادة التفاوض على عقود معقدة، وهو مسعى باهظ التكلفة اقتصادياً وسياسياً".
مستقبل هذه العلاقة
يرجح فلكشاهي أن تظل كازاخستان ملتزمة بتحالف "أوبك+"، سعياً منها لـ"تحقيق التوازن بين استقرار السوق وطموحاتها الإنتاجية".
وأضاف أن غياب سيطرة الحكومة على الحقول الرئيسية الثلاثة "يجعل تطبيق التخفيضات في هذه الحقول أمراً صعباً، وقد أثار هذا الأمر انتقادات داخل أوبك+، حيث تزايد استياء الأعضاء الآخرين من سجل كازاخستان الحافل بعدم الالتزام". غير أن فلكشاهي لا يتوقع أن تغادر البلاد التحالف نظراً لالتزامه بـ"الوحدة والتماسك"، لكن عدم الامتثال الكامل قد يدفع "إلى مواصلة التحالف لزيادات الإنتاج خلال الأشهر المقبلة".
من جهته، يرى رزفي أن البلاد تركز في إطار خطتها التنموية لعام 2025، على تطوير البنية التحتية، والتنويع الاقتصادي، ومشاريع التغويز الإقليمية، والتي "يُموّل العديد منها بشكل مباشر أو غير مباشر من عائدات النفط".
وأضاف أن زيادة إنتاج البلاد لا يهدف فقط إلى "ترسيخ مكانتها كبديل مستقر وجاذب عن الدول النفطية الأكثر خطورة مثل ليبيا أو فنزويلا، وتعظيم الإيرادات، بل يرسل رسالة تفيد بأن كازاخستان منتج موثوق به على المدى الطويل، حتى في بيئة مقيدة بالحصص".
مفترق طرق
في ظل التزاماتها الدولية ضمن "أوبك+"، وسعيها لتعزيز مكانتها كمصدر موثوق ومستقر للطاقة، تجد كازاخستان نفسها أمام مفترق طرق معقّد. من جهة، ترتبط الدولة باتفاقيات طويلة الأجل مع شركات نفطية كبرى تُقيّد قدرتها على المناورة قصيرة المدى في سياسات الإنتاج، ومن جهة أخرى، يعتمد اقتصادها الوطني بشكل كبير على إيرادات النفط، ما يجعل أي تراجع في الإنتاج أو الأسعار تهديداً مباشراً للاستقرار المالي والاجتماعي.
ظهرت هذه الضغوط بشكل واضح عند انخفاض أسعار النفط، إذ قال نائب رئيس الوزراء نورلان بايبازاروف في نوفمبر الماضي، إن الميزانية الوطنية ستفقد تريليوني تنغي (3.8 مليار دولار) من الإيرادات المتوقعة سابقاً. واضطرت البلاد إلى استغلال صندوقها الوطني للنفط لسد الفجوة، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغوط على التضخم. وأشار صندوق النقد الدولي في أكتوبر أيضاً، إلى أن "العمل العاجل ضروري لتعزيز إطار السياسة المالية" في كازاخستان.
ومع استمرار الضغط لتحقيق الانضباط في الحصص، يبدو أن البلاد مُقبلة على مرحلة إعادة تعريف علاقتها بثروتها النفطية، وبالشركات العالمية العاملة على أراضيها. وفي غياب مراجعة شاملة لسياسات التعاقد والتصدير وفي ظل تطورات أسواق النفط الحالية، قد تجد كازاخستان نفسها مجدداً رهينة تناقضات عقود الماضي، وقيود الحاضر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
المقالأوبك+ والغاز الصخري
يبدو أن جهود منظمة الأقطار المنتجة للنفط أوبك والبلدان المتحالفة معها ضمن إطار أوبك+، قد بدأت تأتي ثمارها، بعد قرارهم رفع الإنتاج. فهذه الزيادة التي انتقدها البعض، أثبتت صوابها، وأن حسابات أوبك+ كانت صحيحة. والمسألة هنا تكمن في دورة إنتاج أوبك+.. فزيادة الإنتاج تؤدي إلى فائض في السوق، ولهذا تنخفض أسعار النفط. وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض نشاط شركات النفط والغاز التي تعمل في المناطق ذات تكلفة الإنتاج المرتفعة، كشركات النفط التي تعمل في المياه المغمورة وكذلك منتجو الغاز الصخري الذي تكلفة إنتاجه تصل في المتوسط إلى 65 دولاراً. وللمقارنة، فإن متوسط تكلفة الإنتاج في الشرق الأوسط تحوم حول 25 دولارا. أما في المملكة فهي عند 3.19 دولارات. ويؤدي تقلص إنتاج هذه الشركات إلى انخفاض العرض فترتفع أسعار مصادر الطاقة من جديد -وهكذا دواليك-. فهذه الدورة النفطية، كانت سبب الأزمات التي عانت منها أسواق الطاقة خلال الـ 15 عاماً الماضية -وعانينا نحن معها-. إن زيادة إنتاج أوبك+، مثلما رأينا، أدت إلى انخفاض أسعار نفط خام برنت وغرب تكساس إلى ما دون 60 دولارا. وهذا سعر لا يناسب منتجي الطاقة في المناطق مرتفعة التكلفة. ولذلك بدأنا نلاحظ انخفاض نشاط الشركات المنتجة للغاز الصخري. فإذا كان عدد منصات الحفر لإنتاج النفط الخام والغاز في الولايات المتحدة عام 2022، عندما كانت أسعار النفط مرتفعة، هو 723 منصة، فإن عددها في مايو الماضي انخفض إلى 474 منصة فقط. وعلى هذا الأساس، فإن عدد منصات إنتاج الغاز الصخري، إذا ما وصلت انخفاضها جنبا إلى جنب مع منصات شركات النفط التي تعمل في المياه المغمورة والمناطق الصعبة، كشركة بريتش بتروليوم، والشركات الأميركية التي تعمل في الجرف القاري، فإن هذا من شأنه أن يعيد التوازن إلى سوق الطاقة، ولكن هذا الوضع لن يدوم طويلاً، فبمجرد أن تبدأ أسعار النفط والغاز بالارتفاع، ضمن دورة إنتاج جديدة، فإن هذا التوازن سوف يتغير من جديد، كما هو الحال دائماً. ولكن إذا صحت بعض التوقعات التي تشير، إلى أن إنتاج الغاز الصخري، ربما يصل إلى ذروته بحلول عام 2027، ثم يبدأ بعد ذلك بالتراجع، فإن هذا سوف يغير المعادلة التي بدأت بعد تطور تكنولوجيا الحفر الأفقي والتطبيقات الجديدة لتقنية التكسير الهيدروليكي، والتي أدت إلى طفرة في إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة، ضمن ما صار يعرف بثورة الغاز الصخري مع بداية الألفية الجديدة. إن هذه التوقعات إذا صحت، فإنها سوف تؤدي إلى توازن جديد في أسواق النفط. فالتوازن في هذه السوق منذ ثورة الغاز الصخري كان يشكل عامل ضغط على أوبك. ولكن إذا بلغ ذروة إنتاجه عام 2027، فإن استخراجه سوف يتقلص عاما عن آخر -وبغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط- وهذا مريح لأوبك وحلفائها.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
أسواق الطاقة.. أسبوع مضطرب مع زيادة إنتاج "أوبك+"
شهدت أسواق الطاقة العالمية أسبوعًا مضطربًا، حيث انخفضت أسعار النفط وسط حالة من عدم اليقين بشأن أوبك+ وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لتنخفض أسعار النفط الخام بنسبة تقارب 2 % الأسبوع الماضي، لتسجل انخفاضًا للأسبوع الثاني على التوالي، حيث أثرت حالة عدم اليقين بشأن رسوم ترمب الجمركية وتأثيرها الاقتصادي على توقعات الطلب. وأدت الضربة المزدوجة المتمثلة في عدم القدرة على التنبؤ بإمدادات أوبك+، وخطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الحاد حول "انتهاك الصين التام لاتفاقها" مع الولايات المتحدة، إلى تجدد الضغوط على أسعار النفط، مما دفع خام برنت إلى ما دون 64 دولارًا للبرميل في إغلاق تداولات الأسبوع الماضي، بينما استقر خام غرب تكساس الوسيط عند حدود 60 دولارًا للبرميل. لكن الأسواق مهيأة لانجراف هبوطي وانحدار أكبر للأسعار في افتتاح تداولات الأسبوع، اليوم الاثنين، بعد قرار ثمانية دول في تحالف أوبك+ يوم السبت بمواصلة زيادة إنتاجها بمقدار 411 ألف برميل لشهر يوليو، ما يثير مخاوف من زيادة المعروض التي تؤدي لانخفاض الأسعار وقد يستمر الانخفاض في الأسبوع الأول من يونيو. وأعلنت الدول الثمانية الكبار في تحالف أوبك+ عن زيادة متسارعة أخرى في أهداف إنتاجها في يوليو، كما كان الحال في مايو ويونيو، مستندة على التوقعات الاقتصادية العالمية المستقرة وأساسيات السوق السليمة الحالية، وانخفاض مخزونات النفط، مشددة على إمكانية إيقاف الزيادات التدريجية مؤقتًا أو عكسها وفقًا لتطور ظروف السوق. ستسمح هذه المرونة للمجموعة بمواصلة دعم استقرار سوق النفط، وإن هذا الإجراء سيوفر فرصة للدول المشاركة لتسريع تعويضات فرط إنتاجها في الأشهر السابقة، إذ جددت الدول الثماني التزامها الجماعي بتحقيق الامتثال الكامل لاتفاقية إعلان التعاون، بما في ذلك تعديلات الإنتاج الطوعية الإضافية. كما أكدت عزمها على التعويض الكامل عن أي فائض في الإنتاج منذ يناير 2024. وستعقد دول أوبك+ الثماني اجتماعات شهرية لمراجعة أوضاع السوق، والالتزام، والتعويضات. وستجتمع الدول الثماني في 6 يوليو 2025 لتحديد مستويات الإنتاج لشهر أغسطس. وتحدد إنتاج الدول المشاركة في زيادة الإنتاج لشهر يوليو كالتالي: السعودية عند 9,534 ملايين برميل يومياً، وروسيا عند 9,240 ملايين برميل يومياً، والعراق عند 4,122 ملايين برميل يومياً، والامارات عند 3,169 ملايين برميل يومياً، والكويت عند 2,488 مليون برميل يومياً، وكازخستان عند 1,514 مليون برميل يومياً، والجزائر عند 936 ألف برميل يومياً وعمان عند 782 ألف برميل يومياً. وعقب اجتماع عبر الإنترنت استمر لأكثر من ساعة، أعلنت مجموعة المنتجين عن زيادة العرض، مؤكدةً أن أساسيات سوق النفط قوية وأن المخزونات منخفضة، وفي الوقت الذي أثارت فيه رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الجمركية مخاوف من ضعف الاقتصاد العالمي. في تطورات أخرى لأسواق الطاقة، في السعودية تستعد عملاقة الطاقة في العالم، شركة أرامكو السعودية لمواصلة الاستفادة من الأسواق المالية لتلبية خططها الاستثمارية بعد طرح سندات بقيمة 5 مليارات دولار، مؤكدةً أن نسبة مديونيتها البالغة 5.3 % لا تزال أقل من معظم نظرائها في الصناعة. في كندا، ظلت شركات النفط الكندية العاملة في ألبرتا في حالة تأهب مع استمرار انتشار حرائق الغابات في مانيتوبا وساسكاتشوان، حيث قامت شركة سينوفوس بإجلاء الموظفين غير الأساسيين من مشروعها "فوستر كريك" الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 180 ألف برميل يوميًا، وأوقف المنتجون الأصغر الإنتاج تمامًا. كما أعلنت شركة إم إي جي إينرجي الكندية للرمال النفطية يوم الجمعة أنها أجلت جميع العمال غير الأساسيين من منشأة إنتاجها في بحيرة كريستينا شمال ألبرتا بسبب حرائق الغابات المشتعلة في المنطقة. وصرحت الشركة بأنها لم تُخفّض إنتاجها النفطي في الموقع، الذي يقع على بُعد 150 كيلو مترًا (93 ميلًا) جنوب مركز رمال النفط في فورت ماكموري. أثرت حرائق الغابات المشتعلة في مقاطعة ألبرتا الكندية المنتجة للنفط على عمليات العديد من الشركات هذا الأسبوع. وأعلنت شركة أسبنليف إنرجي أن حريق غابات منفصلًا في منطقة سوان هيلز بالمقاطعة تسبب في توقف عملياتها كإجراء احترازي، وأدى إلى توقف ما يقرب من 4000 برميل يوميًا من إنتاج المكافئ النفطي. أثّرت حرائق الغابات على إنتاج النفط والغاز في كندا عدة مرات خلال العقد الماضي. وفي مايو 2023، أوقفت الشركات إنتاج ما لا يقل عن 319,000 برميل نفط مكافئ يوميًا، أي ما يعادل 3.7 % من إجمالي إنتاج كندا، نتيجةً لاندلاع أكثر من 100 حريق غابات في ألبرتا. وفي عام 2016، أُجلي آلاف العاملين في رمال النفط بعد أن دمّر حريق غابات هائل جزءًا من مدينة فورت ماكموري، مما أجبر الشركات على خفض إنتاجها النفطي بمليون برميل يوميًا. في إيران، صرّح مسؤولون إيرانيون كبار بأن طهران قد تُوقف أنشطة التخصيب إذا أفرجت الولايات المتحدة عن أموال إيرانية مجمدة بقيمة حوالي 6 مليارات دولار، واعترفت بحق إيران في التطوير النووي المدني، مما يزيد من احتمالات التوصل إلى اتفاق نووي أمريكي إيراني قريبًا. في فنزويلا، أنهت شركة شيفرون الأمريكية العملاقة للنفط عقود الإنتاج والخدمات في فنزويلا بعد انقضاء مهلة التصفية التي حددتها إدارة ترمب لمدة شهرين هذا الأسبوع، حيث استحوذت شركة النفط الحكومية، بدفسا على معظم صادراتها من النفط الثقيل الحامض، والتي تتراوح بين 270 ألف و280 ألف برميل يوميًا. في سوريا، وفي خطوةٍ تُمثّل دخول قطر إلى المشهد الطاقي السوري، وقّعت الدولة الشامية التي مزقتها الحرب مذكرة تفاهم مع شركة يو سي سي القابضة القطرية لبناء أصولٍ لتوليد الطاقة، تشمل أربع محطات توليد طاقة تعمل بتوربينات الغاز المركبة ومحطةً للطاقة الشمسية بقدرة 1 جيجاوات، بقيمة 7 مليارات دولار. في نيجيريا، أعلنت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز موافقتها على بيع حصتها البالغة 12.5 % في حقل بونجا البحري النيجيري إلى شركة شل المُشغّلة للمشروع مقابل 510 ملايين دولار، مُسجّلةً بذلك خروجها من أحد أكبر أصول الإنتاج في الدولة الأفريقية. في كازاخستان صرّحت البلاد، التي يُقال إنها أكثر دول أوبك+ إنتاجًا مُفرطًا، بأنها لا تستطيع إجبار شركات النفط الغربية الكبرى على خفض إنتاجها، بل ستسعى إلى زيادة الإنتاج إلى ما يتجاوز 1.823 مليون برميل يوميًا المُعلن عنها من قِبَل أوبك، أي ما يُقارب 400 ألف برميل يوميًا فوق حصتها الإنتاجية. في الصين، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ستسعى للتعاون بشأن ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة (التي طُبّقت في أبريل) مع منتجي السيارات وأشباه الموصلات في أوروبا والهند، مما قد يُشير إلى بعض التخفيف تجاه العملاء غير الأمريكيين. في الولايات المتحدة، تطبق حكومة ترمب ضوابط تصدير الإيثان، حيث أبلغت وزارة التجارة الأمريكية مُصدّري الإيثان المحليين بأنهم سيحتاجون إلى الحصول على تراخيص لتصدير أي كميات إلى الصين، الدولة التي تُمثّل 50 % من تدفقات الإيثان العالمية. وألغت الولايات المتحدة منحًا لـ 24 مشروعًا للطاقة الخضراء صدرت خلال إدارة الرئيس جو بايدن، وبلغ مجموعها أكثر من 3.7 مليارات دولار، بما في ذلك مشروع في مجمع مصفاة تابع لشركة إكسون في تكساس، بحسب تصريح وزارة الطاقة الامريكية يوم الجمعة. وأعلنت إدارة الرئيس دونالد ترمب أنها تُقيّم المنح والقروض الممولة من القطاع العام والمُقدمة لمشاريع التكنولوجيا الناشئة خلال إدارة بايدن. يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترمب إلى تعظيم إنتاج النفط والغاز، الذي بلغ مستويات قياسية بالفعل، مع تفكيك العديد من سياسات بايدن المتعلقة بالمناخ والطاقة النظيفة. تشمل منح مكتب الطاقة النظيفة التجريبية لالتقاط الكربون وتخزينه وغيرها من التقنيات التي ألغت الوزارة منحها ما يقرب من 332 مليون دولار لمشروع في مجمع مصفاة إكسون موبيل، و500 مليون دولار لشركة هايدلبرغ ماتيريالز الأمريكية في لويزيانا، و375 مليون دولار لشركة إيستمان كيميكال في لونغفيو، تكساس. كان الهدف من جائزة بايتاون هو خفض انبعاثات الكربون من خلال تمكين استخدام الهيدروجين بدلاً من الغاز الطبيعي لإنتاج الإيثيلين، وهو مادة خام تُستخدم في إنتاج المنسوجات والراتنجات البلاستيكية. وأفادت الوزارة بأن ما يقرب من 70 % من الجوائز وُقّعت بين 5 نوفمبر 2024، يوم الانتخابات، و20 يناير، آخر يوم لبايدن في منصبه. تهدف مشاريع احتجاز الكربون إلى المساعدة في الحد من تغير المناخ عن طريق إزالة غاز ثاني أكسيد الكربون المُسبب للاحتباس الحراري مباشرةً من الهواء أو من مصادر التلوث في المنشآت، بما في ذلك المصافي والمصانع التي تحرق الفحم وتُنتج الإيثانول، لتخزينه تحت الأرض. في بعض الأحيان، يُحقن الغاز في حقول النفط القديمة لإخراج النفط الخام المتبقي. في إيطاليا، تتجه شركة التجارة العالمية "جونفور"، وشركة النفط الحكومية الأذربيجانية "سوكار" نحو مواجهة لشراء حقوق الملكية الفكرية لمصفاة إيطالية، ومن المتوقع تقديم العروض النهائية بحلول نهاية شهر مايو، حيث يسعى مالكها الحالي، عائلة بيريتي، إلى تقييم يبلغ حوالي 3.5 مليارات دولار. في البرازيل، قالت شركة النفط البرازيلية المملوكة للدولة بتروبراس في بيان يوم الجمعة إنها ستخفض متوسط أسعار وقود الطائرات للموزعين بنسبة 7.9 %، أو 0.28 ريال (0.0490 دولار) للتر، اعتبارا من الأول من يونيو.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
النصر يرتبط بسيماكان حتى 2029
وقّع نادي النصر عقداً احترافياً مع لاعبه الفرنسي محمد سيماكان، لمدة أربعة مواسم حتى 2029، بعد أن فعّل الاتفاقية المبرمة مع ناديه لايبزيغ الألماني التي تتضمن إعارة اللاعب لمدة موسم مع إلزامية شراء عقد اللاعب بعد انتهاء فترة إعارته، والتزمت إدارة نادي النصر بكافة بنود العقد مع النادي الألماني. وقدم اللاعب الفرنسي مستوى لافتاً في دفاعات الفريق النصراوي منذ قدومه، حيث شارك مع النصر في 39 مباراة، وسجل هدفاً وحيداً أمام الفتح، وصنع ثلاثة أهداف وتحصل على بطاقتين حمراوتين أمام الأهلي والشباب.