logo
هل تصندقت مصر حقا؟

هل تصندقت مصر حقا؟

المصري اليوممنذ 2 أيام
التساؤل المطروح فى عنوان المقال ليس من بنات أفكارى، بل جاء به الصحفى المخضرم الدؤوب مصباح قطب، وهذه محاولة منى للإجابة عنه.
فى البداية، لا شك أن هذا تساؤل مشروع، فقد لجأت مصر لصندوق النقد الدولى على الأقل خمس مرات منذ تسعينيات القرن الماضى، ثلاث منها إبان حكم الرئيس السابق مبارك، وآخرها فى عام ٢٠٢٢، أى أن الرحلة تكررت كل ست سنوات ونصف فى المتوسط. المدهش فى الأمر أن كل رحلة صاحبها خطابان إعلاميان متعارضان: أحدهما يشكو من مشقتها، ويعبر عن الرغبة فى عدم تكرارها، مع انتقادات لاذعة للصندوق وبرامجه. الخطاب الإعلامى الآخر هو أن برنامج الإصلاح المدعوم من الصندوق برنامج وطنى خالص، وأنه سوف يخرجنا من عنق الزجاجة. بقية القصة معروفة للجميع: يتم تطبيق البرنامج، مرة تلو الأخرى، ولا تتحقق الآمال، ونعاود الكرة، ربما فى ظروف لا تقل صعوبة عما سبقتها.
ظاهرة إدمان الاعتماد على الصندوق تثير عددا من التساؤلات، أهمها: ما هو السر الكامن وراء تكرار هذه الرحلة غير المرغوب فيها؟ وهل هناك أدلة على أنه كان يمكن تجنبها؟ وكيف لنا أن نعد العدة للاعتماد على الذات مستقبلا؟.
بدءا بالسر الكامن وراء الذهاب المتكرر للصندوق، هناك ثلاثة تفسيرات: أولها أن الأمر خارج عن إرادتنا، نظرا لتعرض مصر لقلاقل جيوسياسية إقليميا، وأطماع فى ثرواتها وموقعها الجغرافى الكثير، وأعباء صدمات غير متوقعة، مثل جائحة كوفيد- ١٩، أو الحرب الروسية- الأوكرانية. هذا التفسير صحيح جزئيا، لكن هناك من الدول من واجه تحديات مماثلة، وكان قادرا على تخطى الصعوبات دون معونة متكررة من الصندوق. التفسير الثانى أن العيب يكمن فى برامج الصندوق نفسها، لأنها تنحصر فى علاج اختلالات ميزان المدفوعات والموازنة العامة، وليس لها شأن بمتاعب الاقتصاد الأخرى. لكن أليست هذه هى المهمة الموكلة للصندوق من قبل مؤسسيه؟
التفسير الثالث جوهره أن الحكومات المتعاقبة تبنت من السياسات ما نتج عنه اختلالات فى الاقتصاد الكلى، ومحدودية فى تنوع الإنتاج والتصدير، وانخفاض فى الإنتاجية، ناهيك عن عدم إيلاء تنمية العنصر البشرى ما يستحقه من أهمية.
هل هناك أدلة على أن السياسات المحلية كانت قاصرة؟ الأمثلة كثيرة، وسوف أنتقى أهمها. على مستوى السياسات الكلية، استمرأت السياسة النقدية استهداف سعر الصرف، والدفاع عن قيمة الجنيه إلى أن اقتربت الاحتياطيات النقدية من النفاد، واضطر البنك المركزى لتخفيض العملة، مسببا موجات تضخمية قاسية. صحيح أن الآونة الأخيرة شهدت تحسنا فى الأداء، لكن البنك المركزى مازال مفتقرا للاستقلالية التى تتمتع بها البنوك المركزية الأخرى، ولا يتواصل بشكل دورى مع المواطنين لتشكيل توقعاتهم، ومازالت قياداته مشهودا لها بالكفاءة فى إدارة البنوك التجارية، وليس السياسة النقدية. فيما يتعلق بالسياسة المالية، اتسمت موازنات الحكومات المتعاقبة بعجز مزمن، وضعف فى الإيرادات كنسبة من الدخل القومى (حوالى ١٣٪ فقط مقارنة بما يفوق ٢٠٪ فى الدول المثيلة)، وجمود فى بنود المصروفات، والاعتماد الجزئى على طبع النقود فى تمويل العجز، وخضوع الإنفاق الاستثمارى لوزارة التخطيط، وبنك الاستثمار القومى، على غير المعمول به فى الدول الأخرى. صحيح أن الآونة الأخيرة شهدت أيضا بعض التحسن، لكن مازال المجتمع الضريبى محدودا للغاية، فى وقت تزايدت فيه أعباء خدمة الدين، فضلا عن التوسع فى حرمان الموازنة العامة من فوائض بعض الهيئات الاقتصادية العامة. فيما يتعلق بتنويع الإنتاج وتشجيع الاستثمار والتصدير، تبنت الحكومات المتعاقبة أيضا الكثير من المبادرات، وعقدت العديد من الصفقات، وكان لبعضها آثار إيجابية، لكن السياسات السائدة كانت ولاتزال محابية للبيع فى السوق المحلية، كما أن الحوافز الضريبية وغير الضريبية لا تتسق مع توجيه عناصر الإنتاج نحو القطاعات الواعدة والأكثر إنتاجية، ناهيك عن العبء الإدارى الذى يثقل كاهل الجميع. وأخيرا، وبالرغم من التوسع فى مظلة الحماية الاجتماعية وزيادة مشاركة القطاع الخاص فى مجالى التعليم والصحة، إلا أن الموارد والمبادرات الداعمة لمقدمى هذه الخدمات فى القطاع الحكومى لا ترقى لمستوى النهوض بهما.
هل يمكن الاعتماد على الذات فيما هو آت؟ الإجابة هى بالطبع «نعم»، لكن ذلك مرهون بأمرين: أولهما، ضرورة إعداد برنامج إصلاحى وطنى جديد، أهم سماته معالجة القصور فى السياسات والأطر المؤسسية التى حالت دون تحقيق النمو الاحتوائى المرغوب فيه حتى الآن. وهنا، قد يكون من المفيد إعادة النظر فى مخرجات الحوار الوطنى كنقطة انطلاق واعدة، خاصة أن التوصيات الصادرة عنه جاءت نتيجة نقاشات جادة على مدار ما يقرب من عامين، وشارك فيها نخبة من المفكرين وأصحاب المصالح المختلفة. الأمر الثانى هو الاقتناع بالحاجة إلى التغيير، مدعوما بإرادة سياسية حازمة، وتوافق مجتمعى صلب. توافر الشرط الأول دون الشرط الثانى لن يذهب بنا بعيدا.
خلاصة القول: إدمان الذهاب للصندوق من الممكن التعافى منه، شريطة تبنى سياسات اقتصادية رشيدة، تدعمها إرادة حقيقية فى التغيير، ومساندة مجتمعية واسعة. وفى كل الأحوال، صندوق النقد الدولى ليس القضية التى يجب أن تشغلنا، القضية هى: ماذا نحن فاعلون؟.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اقتصاديون: تخفيف قيود استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج يؤكد انتهاء «أزمة الدولار»
اقتصاديون: تخفيف قيود استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج يؤكد انتهاء «أزمة الدولار»

الدستور

timeمنذ 7 ساعات

  • الدستور

اقتصاديون: تخفيف قيود استخدام البطاقات الائتمانية فى الخارج يؤكد انتهاء «أزمة الدولار»

رحبت الأوساط الاقتصادية بالقرار الصادر مؤخرًا عن البنك المركزى بتعديل ضوابط استخدام البطاقات الائتمانية للمصريين فى الخارج، بما يتضمنه من رفع الحد الأقصى للسحب النقدى إلى ١٠ آلاف دولار شهريًا، وخفض عمولة تدبير العملة من ٥٪ إلى ٣٪، مع إلغاء شرط تقديم إثبات السفر لاستخدام البطاقات خارج البلاد. وقال هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى، إن قرارات البنك المركزى الأخيرة ليست معزولة عن السياق العام الذى يشهده الاقتصاد، بل تأتى كترجمة مباشرة لتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى، خاصة فيما يتعلق بالاحتياطى النقدى، وزيادة موارد النقد الأجنبى من مصادر متعددة، على رأسها تحويلات العاملين فى الخارج، التى شهدت قفزة كبيرة بلغت نحو ٦٩.٦٪، لتصل إلى ٣٢.٨ مليار دولار، خلال الفترة من يوليو حتى مايو من العام المالى الجارى. وأضاف «أبوالفتوح»: «عبر حزمة من الإجراءات الإصلاحية منذ مارس ٢٠٢٤، استطاع البنك المركزى كسر الفجوة بين السعر الرسمى والموازى للعملة، عبر تحرير سعر الصرف، ورفع كفاءة سوق النقد، ما مكّن البنوك من تلبية احتياجات العملاء بصورة أكثر مرونة». وواصل: «تجاوز الحاجز النفسى فى سعر الدولار أمام الجنيه يمنح دفعة معنوية للأسواق، ويعزز التوقعات باستمرار تحسن قيمة العملة المحلية، مع ضرورة متابعة أثر هذه التطورات على معدلات التضخم والقوة الشرائية للمواطنين». واعتبر الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى، أن هذه القرارات تعكس بوضوح نجاح الحكومة فى استعادة التوازن النقدى والمالى بعد سنوات من التحديات، مشيرًا إلى أن رفع الحد الأقصى للسحب وخفض العمولة لا يعنى فقط تسهيل السفر أو الإنفاق الخارجى، بل يعكس تحسّن قدرة القطاع المصرفى على الوفاء بالتزاماته الدولارية. وأضاف «جاب الله»: «هذه الخطوة تفتح الباب أمام عودة المزيد من تحويلات المصريين فى الخارج عبر القنوات الرسمية، خاصة بعد تقلص الفجوة السعرية بين السوقين الرسمية والموازية، وهو ما يدعم استقرار سوق النقد». وواصل: «تخفيف القيود على استخدام البطاقات بالخارج يسهم فى تخفيف الأعباء على المواطنين، سواء كانوا مسافرين للدراسة أو العلاج أو السياحة، ويعزز من توجه الدولة نحو توسيع قاعدة الشمول المالى، وتشجيع التعاملات الإلكترونية، ودمج المزيد من المواطنين فى النظام المصرفى الرسمى». وأتم الخبير الاقتصادى بقوله: «السماح باستخدام البطاقات دون الحاجة إلى إثبات السفر هو دليل على استقرار سوق النقد الأجنبى، وانتهاء أزمة الدولار التى كانت تؤرق الأفراد والمستثمرين على حد سواء». وقال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، إن قرارات البنك المركزى تعكس قدرته على إدارة السوق النقدية بآلية مرنة، دون الحاجة إلى قيود مشددة، وهو ما يعزز مكانة البنوك المصرية، ويحفّز الاستثمارات الأجنبية. وأضاف «عبدالعال»: «تسهيل عمليات السحب والاستخدام الخارجى للبطاقات إشارة إيجابية للمستثمرين بأن السوق المصرية باتت تتمتع بالسيولة، وبأن الدولة تملك قدرة على توفير الدولار لكل من يحتاجه، ما يدفع نحو تحسين صورة الاقتصاد المصرى فى الخارج». وواصل: «هذه القرارات تسهم فى تقليص نشاط السوق الموازية، التى لم يعد المواطن أو المسافر مضطرًا للجوء إليها، فى ظل توافر البدائل الرسمية السهلة والسريعة، ما يدعم استقرار السوق، ويرفع من كفاءة البنوك فى تقديم خدماتها». ووصف الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادى، إلغاء شرط إثبات السفر بأنها خطوة جريئة تؤكد أن السيولة الدولارية داخل الجهاز المصرفى أصبحت كافية، وأن هناك فائضًا يسمح بالمرونة فى استخدامات العملات الأجنبية، وهو ما ينعكس على حياة المواطنين بشكل مباشر. وأفاد «غراب» بأن حجم تحويلات العاملين فى الخارج تجاوز ٣٣ مليار دولار فى ١١ شهرًا فقط، فضلًا عن استمرار ارتفاع الاحتياطى النقدى، ما يتيح للبنوك تلبية الطلبات اليومية دون تأخير أو تعقيدات. وأضاف: «تلك الإجراءات تصب فى صالح الشركات أيضًا، عبر تسهيل المعاملات الخارجية وتحفيز النشاط التجارى، ودفع رءوس الأموال نحو التعامل عبر قنوات رسمية وآمنة، ما يشجع على الاستثمار، ويعزز الاستقرار الاقتصادى».

سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنك الأهلى 12.25 جنيه
سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنك الأهلى 12.25 جنيه

اليوم السابع

timeمنذ 14 ساعات

  • اليوم السابع

سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنك الأهلى 12.25 جنيه

ثبت سعر صرف الريال القطري اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 مقابل الجنيه المصري، ففى البنك المركزى سجل متوسط سعر صرف الريال القطرى 13.22 جنيه للشراء، و13.28 جنيه للبيع، وفي البنك الأهلي سجل سعر الريال القطري 12.25 جنيه للشراء، و13.27 جنيه للبيع. هذه الأسعار تتيح للعملاء اتخاذ قرارات مستنيرة حول سعر الريال القطري ، سواء كانوا يستعدون للقيام بتعاملات مالية أو يرغبون في متابعة التقلبات في أسواق الصرف. وسجل سعر الريال القطرى اليوم فى بعض البنوك الآتي: سعر الريال القطرى فى البنك المركزى 13.224 جنيه للشراء. 13.281 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى بنك مصر 12.364 جنيه للشراء. 13.277 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى بنك القاهرة 12.364 جنيه للشراء. 13.275 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى البنك الأهلى 12.254 جنيه للشراء. 13.277 جنيه للبيع سعر الريال القطرى فى بنك الأسكندرية 12.38 جنيه للشراء. 13.3 جنيه للبيع.

أخبار الاقتصاد : سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية
أخبار الاقتصاد : سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية

نافذة على العالم

timeمنذ 15 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار الاقتصاد : سعر الريال القطرى اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية

الجمعة 15 أغسطس 2025 11:50 صباحاً نافذة على العالم - استقر سعر صرف الريال القطري مقابل الجنيه المصري، اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025، ويتم تحديث هذه الأسعار بشكل لحظي طوال اليوم، مما يضمن للعملاء والمهتمين بأسواق الصرف الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة. هذه الأسعار تتيح للعملاء اتخاذ قرارات مستنيرة حول سعر الريال القطري، سواء كانوا يستعدون للقيام بتعاملات مالية أو يرغبون في متابعة التقلبات في أسواق الصرف. وسجل سعر الريال القطرى اليوم فى بعض البنوك الآتي:سعر الريال القطرى فى البنك المركزى 13.224 جنيه للشراء. 13.281 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى بنك مصر 12.364 جنيه للشراء. 13.277 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى بنك القاهرة 12.364 جنيه للشراء. 13.275 جنيه للبيع. سعر الريال القطرى فى البنك الأهلى 12.254 جنيه للشراء. 13.277 جنيه للبيع سعر الريال القطرى فى بنك الأسكندرية 12.38 جنيه للشراء. 13.3 جنيه للبيع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store