
نازحون سوريون يعودون إلى مناطقهم... ينصبون خيماً على أنقاض منازلهم
بعدما قاسى حياة النزوح لنحو 14 عاماً، عاد عارف شمطان إلى قريته المدمرة، في شمال غربي سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، مفضّلاً خيار العيش في خيمة على أطلال منزله المدمّر، بدلاً من البقاء مشرداً في المخيمات.
عاد شمطان، البالغ 73 عاماً، بلهفة مع ابنه إلى قريته الحواش، الواقعة عند أطراف محافظة حماة، متفقداً ما تبقّى من منزله وأرضه الزراعية للمرة الأولى منذ نزوحه على وقع المعارك إلى مخيّم عشوائي، قرب الحدود مع تركيا.
صورة جوية تظهر مقتنيات أشخاص في بيت مدمر بقرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
وبعدما تمكّن من تأمين بعض احتياجاته، قرر قبل نحو شهرين مغادرة المخيم مع عائلته وأحفاده للاستقرار في خيمة متواضعة، نصبها قرب منزله، الذي تصدّعت جدرانه، وبات من دون سقف. وبدأ زرع بستانه بالقمح والخضار.
يقول الرجل، وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله، محتسياً كوباً من الشاي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أشعر بالراحة هنا، ولو على الركام... العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات» التي بقي فيها منذ عام 2011.
في قريته، التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري السابق، وشكَّلت خطّ مواجهة مع محافظة إدلب، التي كانت معقلاً للفصائل المعارضة، اختفت معالم الحياة تماماً. ولم يبقَ من المنازل إلا هياكل متداعية موزعة بين حقول زراعية شاسعة.
طفلان يلعبان في بيت مدمر بقرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
ورغم انعدام مقومات الحياة والبنى التحتية الخدمية، وعجزه عن إعادة بناء منزله لنقص الإمكانات المادية، يقول شمطان بينما تجمّع حوله أحفاده الصغار: «لا يمكننا البقاء في المخيمات وأماكن النزوح»، حتى لو كانت «القرية كلها مدمرة... لا أبواب فيها ولا نوافذ، والحياة معدمة».
ويضيف: «قررنا أن ننصب خيمة، ونعيش فيها إلى حين أن تُفرج، ونحن ننتظر من المنظمات والدولة أن تساعدنا»؛ إذ إن «المعيشة قاسية والخدمات غير مؤمنة».
في عام 2019، حين اشتدّ قصف الجيش السوري السابق على القرية، غادر المختار عبد الغفور الخطيب (72 عاماً) على عجل مع زوجته وأولاده، ليستقر في مخيم قريب من الحدود مع تركيا.
أطفال داخل خيمة في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
وبعد إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عاد الخطيب على عجل أيضاً. يقول: «كنت أود فقط الوصول إلى بيتي. ومن شدّة فرحتي (...) عدت ووضعت خيمة مهترئة، المهم أن أعيش في قريتي».
ويكمل الرجل: «يود الناس كلهم أن يعودوا، لكنّ كثيرين لا يملكون حتى أجرة سيارة» للعودة، في بلد يعيش تسعون في المائة من سكانه تحت خط الفقر.
ويضيف بينما افترش الأرض في خيمة متواضعة قرب بقايا بيته: «لا شيء هنا، لا مدارس، ولا مستوصفات، لا مياه ولا كهرباء»، ما يمنع كثيرين من العودة كذلك. لكنه يأمل «أن تبدأ إعادة الإعمار، ويعود الناس جميعاً، وتفتح المدارس والمستوصفات» أبوابها.
وشرّد النزاع الذي بدأ عام 2011، بعد قمع السلطات احتجاجات شعبية اندلعت ضدّ حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. ولجأ الجزء الأكبر من النازحين إلى مخيمات في إدلب ومحيطها.
صورة جوية تظهر البيوت المدمرة في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
وبعد إطاحة الأسد، عاد 1.87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، إلى مناطقهم الأصلية، حسب المنظمة الدولية للهجرة، التي أشارت إلى أن «نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يُشكل التحدي الأبرز» أمام عودتهم.
ولا يزال نحو 6.6 مليون شخص نازحين داخلياً، وفق المصدر ذاته.
ومع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأميركية، تعوّل السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة الإعمار، التي قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.
بعدما نزحت مراراً خلال السنوات الأخيرة، عادت سعاد عثمان (47 عاماً) مع بناتها الثلاث، وابنها، إلى قريتها الحواش منذ نحو أسبوع.
وتقول المرأة، التي تؤمّن قوتها اليومي من أعمال يدوية توفر لها أجراً بسيطاً: «تغيّر كل شيء، البيوت تدمرت، ولم يبقَ شيء في مكانه».
سعاد عثمان (47 عاماً) تسير خارج بيت مدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
ومع أن سقف منزلها انهار وتصدعت جدرانه، لكنها اختارت العودة إليه. على جدار متهالك، كدّست المرأة فرشاً ووسائد للنوم على خزانة قديمة. في العراء، وضعت سريراً صغيراً قرب لوحين شمسيين، لا يحميه شيء سوى بطانيات علّقت على حبل غسيل.
في الجوار، وعلى ركام منزلها، أقامت المرأة موقداً لتطهو عليه الطعام.
تقول: «استدنت ثمانين دولاراً ثمن بطارية» لتوفير الإضاءة مع غياب شبكات الكهرباء.
وتشرح السيدة، التي فقدت زوجها خلال الحرب: «نعرف أن المكان هنا مليء بالأفاعي والحشرات. لا يمكننا أن نعيش من دون ضوء في الليل».
سعاد عثمان (47 عاماً) تسير خارج بيت مدمر في قرية الحواش بمحافظة حماة في 22 مايو 2025 (أ.ف.ب)
قرب قرية قاح، المحاذية للحدود التركية في محافظة إدلب المجاورة، يخلو أحد المخيمات تدريجياً من قاطنيه في الأشهر الأخيرة. وتظهر صور جوية التقطها مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» عشرات الخيم التي بقيت فقط جدرانها المبنية من حجارة الطوب.
ويوضح جلال العمر (37 عاماً) المسؤول عن جزء من المخيم المتهالك، إن نحو مائة عائلة غادرت المخيم إلى قريته التريمسة في ريف حماة، لكن نحو 700 عائلة أخرى لم تتمكن من العودة جرّاء ضعف إمكاناتها المادية.
ويتحدث عن غياب البنى التحتية الضرورية، على غرار إمدادات المياه والأفران. ويوضح «لشراء الخبز، يتوجّه الناس إلى مدينة محردة التي تبعد 15 كيلومتراً أو إلى سقيلبية» المجاورة.
ويقول: «لا يرغب الناس في البقاء بالمخيمات، يريدون العودة إلى قراهم، لكن فقدان أبسط مقومات الحياة من بنى تحتية وشبكات كهرباء وصرف صحي... يمنعها من العودة... يسألني كثيرون لماذا لم تعد؟ لا منزل لديَّ، وأنتظر فرصة لتأمين مكان يؤوني في القرية».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 43 دقائق
- أرقام
قو للاتصالات توقّع مذكرة تعاون لتسريع التحول الرقمي وتمكين الذكاء الاصطناعي في سوريا
شعار شركة اتحاد عذيب للاتصالات وقّعت شركة إتحاد عذيب للإتصالات (قو للإتصالات)، مذكرة تعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة في سوريا لتقديم حلول رقمية متكاملة تُسهم في دعم مسيرة التحول الرقمي في الجمهورية العربية السورية. وبحسب بيان للشركة، تهدف المذكرة إلى تقديم حلول رقمية متكاملة تُسهم في دعم مسيرة التحول الرقمي في الجمهورية العربية السورية. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية مجموعة "قو للاتصالات" للتوسع الإقليمي، والتي ترتكز على تعزيز حضورها في الأسواق العربية بصفتها مزوداً رائداً لحلول الاتصالات وتقنية المعلومات، بما في ذلك التحول الرقمي، الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء. وتغطي مذكرة التعاون مجالات التحول الرقمي الشامل، بما في ذلك تطوير الحلول الحكومية، إنشاء مركز بيانات وطني، تبني التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، تطوير البنية التحتية الرقمية، خدمات الحوسبة السحابية، الأمن السيبراني، وتطوير منصات رقمية موحدة تواكب أفضل الممارسات العالمية وتسهم في تسريع التحول الرقمي في سوريا.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
اتفقت تركيا و"سوريا الديمقراطية"، في ديسمبر على وقف إطلاق النار بوساطة أميركية
قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي الجمعة إن قواته على اتصال مباشر مع تركيا وكذلك على اتصال معها من خلال وسطاء. وأعرب عن أملِه في تطوير هذه العلاقة. واضاف في مقابلة تلفزيونية إنه منفتحٌ على تحسين العلاقات مع أنقرة مؤكدا استعدادَه للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. واتفقت تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد، في ديسمبر (كانون الأول) على وقف إطلاق النار بوساطة أميركية بعد اندلاع مواجهات مع تقدم جماعات معارضة مسلحة نحو دمشق وإسقاطها الرئيس السابق بشار الأسد. وتقول تركيا إن وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية لا يمكن تمييزها عن حزب العمال الكردستاني المتشدد، الذي قرر في وقت سابق من هذا الشهر حل نفسه بعد صراع دام 40 عاما مع الدولة التركية. وأشار عبدي إلى أن قواته والأتراك خاضوا حروبا طويلة ضد بعضهم بعضا لكن الهدنة المؤقتة أوقفت تلك الاشتباكات خلال الشهرين الماضيين، معبرا عن أمله في أن تصبح الهدنة دائمة. وعندما سُئل عما إذا كان يعتزم مقابلة أردوغان، قال عبدي إنه ليس لديه خطط حالية للقيام بذلك لكنه أوضح أنه لا يعارض، وأنهم ليسوا في حالة حرب مع تركيا ويمكن في المستقبل تطوير العلاقات معها مشيرا إلى أنهم منفتحون على ذلك. هذه التصريحات جاءت بعد أيام من اتهام الرئيس التركي قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بمواصلة أساليب المماطلة في تنفيذ اتفاقها مع الحكومة الانتقالية السورية. وقبل أيام، قال أردوغان إن "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، "لا تزال تواصل أساليب المماطلة في تنفيذ الاتفاق المبرم مع الحكومة السورية"، داعيا إياها للتوقف عن ذلك، بحسب ما أوردته وكالة أنباء "الأناضول" التركية . ولفت في تصريحات أدلى بها للصحفيين، إلى "ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وهيكلها الموحد ووحدتها الوطنية". وقال الرئيس التركي: "كنا أعربنا سابقا عن ترحيبنا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، لكننا نرى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تواصل أساليب المماطلة، ويتوجب عليها أن تتوقف عن ذلك"، مشددا على أن تركيا تتابع تنفيذ القرارات المتخذة في هذا الصدد عن كثب. كما أكد عدم وجود مشاكل في مسار مبادرة "تركيا خالية من الإرهاب"، وأن التطورات جيدة وتسير على نحو إيجابي.


العربية
منذ 9 ساعات
- العربية
إلى جانب روسيا والصين
أدرجت منظمة الأمن والاستخبارات الفنلندية 'سوبو' للمرة الأولى إيران ضمن قائمة الدول التي تنفذ عمليات تجسس نشطة في فنلندا، لتنضم بذلك رسمياً إلى كل من روسيا والصين، اللتين تُصنفان منذ سنوات كأبرز التهديدات الأمنية بالنسبة لهلسنكي. وجاء ذلك في تقرير نشرته هيئة الإذاعة الوطنية الفنلندية 'Yle' الخميس، حيث أشار جهاز 'سوبو' إلى أن الأنشطة الاستخباراتية الإيرانية تتسم بـ'العدائية المتزايدة' تجاه فنلندا. وهذه هي المرة الأولى التي تُوجه فيها أجهزة الأمن الفنلندية اتهاماً رسمياً ومباشراً بهذا الوضوح إلى إيران. ورغم أن 'سوبو' لم تُفصح عن نوع المعلومات التي تسعى إيران للحصول عليها، إلا أنها أكدت أن "الأنظمة السلطوية عادةً ما تستهدف اللاجئين والمعارضين السياسيين المقيمين في الخارج من خلال أساليب متعددة أبرزها الجاسوسية البشرية، وغالباً ما يلجأ هذا النوع من العمليات إلى الضغط على أقارب المعارضين الذين لا يزالون في بلدهم الأصلي، من أجل ابتزازهم أو دفعهم إلى الصمت" على حد قول المنظمة. وأكدت 'سوبو' أن الهدف النهائي من هذا النوع من الممارسات هو "إسكات أصوات المعارضين والمنفيين في الخارج، لا سيما من أولئك الذين سبق لهم أن واجهوا السلطات الحاكمة بالنقد أو المعارضة". وحسب التقرير الاستخباراتي الفنلندي أن إيران "قد تلجأ أيضاً إلى الاستعانة بجماعات إجرامية منظمة لتنفيذ مهام تجسس داخل الأراضي الفنلندية، في إطار نمط معروف تستخدمه طهران عبر وكلاء بالنيابة، بغرض إخفاء ضلوعها المباشر في هذه الأنشطة". وذكرت 'سوبو' أن عمليات مماثلة مرتبطة بإيران تم الكشف عنها سابقاً في بلدان أوروبية أخرى. وقال يوها مارتليوس، مدير جهاز الأمن الفنلندي 'سوبو'، في تصريحات له: 'نستخدم كل الأدوات القانونية المتاحة لنا بموجب قانون الاستخبارات الوطني لحماية أمن فنلندا، والمعرفة المسبقة والتقييم الصحيح للنوايا العدائية أمر أساسي للحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني'. وكان تقرير السياسة الخارجية والأمنية الذي أصدرته الحكومة الفنلندية في صيف عام 2024 قد أكد على أهمية الدور المتزايد لأجهزة الاستخبارات في فهم اتجاهات البيئة الأمنية الدولية. كما شدد التقرير على أن معلومات الأمن القومي لا يمكن أن تُستمد دائماً من مصادر علنية، ما يُبرز الحاجة إلى جهاز استخبارات محترف وفعّال. وأوضحت 'سوبو' أن روسيا والصين، إلى جانب إيران، تقف وراء أنشطة تجسسية نشطة داخل فنلندا، لكنها امتنعت عن تسمية دول أخرى يُشتبه في تورطها بأعمال مماثلة. وفي السياق الأوسع، حذرت 'سوبو' من أن روسيا تمثل مصدر التهديد الرئيسي عبر سلسلة من العمليات التخريبية المعقدة، التي تمتد من الهجمات السيبرانية المتقدمة إلى استخدام وكلاء ميدانيين. وتستهدف هذه العمليات النيل من تماسك الدول الغربية، وزعزعة دعمها لأوكرانيا، وإرباك القرار السياسي فيها. وأضافت المنظمة أن روسيا، على وجه الخصوص، "غيّرت بشكل كبير بيئة الأمن القومي في فنلندا، وهي تستخدم خطابًا توسعيًا قائمًا على تفسيرات تاريخية مشوهة لإضفاء الشرعية على تحركاتها". واختتم التقرير بتحذير مفاده أن عدم تطوير قدرات فنلندا الاستخباراتية قد يؤدي إلى عزلها عن دوائر تبادل المعلومات مع الحلفاء، مما يجعلها أكثر عرضة للتهديدات الخارجية المعقدة.