logo
تأخر حصر السلاح في لبنان تهديد وجودي

تأخر حصر السلاح في لبنان تهديد وجودي

العربية١٦-٠٧-٢٠٢٥
أخطر ما يمر به لبنان هذه الأيام هو أن الارتباك في أداء السلطة والمراوحة في التزام تنفيذ التعهد الثنائي: حصرية السلاح والإصلاح، لن تكون نتيجته الجمود، وخسارة فرصة نهوضٍ لن تتكرر، بل إن معطيات ما بعد هزيمة حرب «الإسناد»، ستضع لبنان تحت مطرقة العدو الإسرائيلي المستفيد من بقاء السلاح اللاشرعي خارج الدولة، ومطوقاً من الشرق والشمال نتيجة ما أورثه «حزب الله» للبلد من عداوات بتدخله في الحرب السورية.
بعد نحو من 190 يوماً على بدء الولاية الجديدة لم تُسترد السيادة ولا قرار الحرب والسلم رغم أهمية الإجراءات في جنوب الليطاني، وأبواب الإصلاح يجري إقفالها بمحاصصة تهدد حقوق الناس بالضياع النهائي. ويترنح الحلم بالدولة العادلة التي تحمي الناس وتصون الحقوق وتضمن الحريات. وتبين معطيات عن المواقف الأميركية أن الرد اللبناني على مذكرة الموفد الرئاسي جاء عاماً ومرتبكاً لا يدل على «استعجال» السلطة اتخاذ خطوات تصون أمن البلاد وتعيد للدولة هيبتها في الداخل ومكانتها حيال الخارج.
بهذا السياق لم تكن زلة لسان موقف السفير توم برّاك: «إذا لم يتحرك لبنان فسيعود ليصبح بلاد الشام مرة أخرى»، ما أربك الجهات الرسمية التي تعامت عن موقف بهذه الخطورة، وهي تعلم أن توضيحه وتبرئته سوريا الجديدة من هذه الأطماع لم يبددا القلق المقيم في تجاهله الإجماع اللبناني على نهائية الكيان. خصوصاً أنه سبق للموفد الأميركي أن بشّر بـ«سايكس بيكو» جديد، لا يكرر «خطأ تقسيم سوريا والمنطقة الذي رتب أكلافاً على أجيال بأكملها»، بمعنى أنَّ لبنان بحدوده الحالية المعلنة منذ عام 1920 غلطة تاريخية. ثم جاء موقف الخارجية الأميركية حيال المراوحة في الموقف الرسمي اللبناني ليقول إن الفرصة غير مفتوحة فلا تفقدوا قوة الزخم المتأتية عن التحولات العاصفة، وإن «الإصلاحات الأمنية وحدها لا تكفي، فيجب إقرار إصلاحات اقتصادية وقضائية حاسمة لضمان استقراره المالي واستعادة ثقة المجتمع الدولي».
جيد أن يعلن رئيس الجمهورية أن «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة»، وأنه أقسم يمين الحفاظ على الاستقلال، و«يخطئ من يظن أن من أقسم مرتين على الدفاع عن لبنان الموحد يمكن أن ينكث بقسمه»، فإن هذا الإعلان يرتب أداءً آخر، يأخذ في الاعتبار أن الزمن الراهن لا يقبل ذرائع التسامح مع بقاء أذرع عسكرية خارج الدولة، والتجارب مع الأميركيين (الإسرائيليين) لا تتيح لمنظومة السلطة ترف الوقت حتى يقبل «حزب الله» تنفيذ ما وافق عليه مسبقاً في اتفاق وقف النار... ولا يمكن تجاهل واقع أن «الحزب» الذي بات في مرحلة العجز عن المواجهة أو الرد على اصطياد العدو لكوادره يومياً، يعمل على الالتفاف على الاتفاق بوهم القدرة على تثبيت وضعٍ أصيب بالاهتزاز الشديد.
ليس سراً أن في السلطة من يتجاهل مطالب الناس ومصالح البلد، بأن استدامة الأمن تحتم حصر السلاح من دون إبطاء، لأنه من دون ذلك لا سيادة أمنية ولا سيادة مالية واقتصادية. والخشية كبيرة من وجود رهان بأن تقوم إسرائيل بمهمة إنهاء سلاح «حزب الله»، من دون النظر إلى النتائج الوخيمة لأجندة العدو وتوقيته. لذلك خطير جداً بقاء لبنان تحت وطأة مطرقة الإسرائيلي وبقاء اللبنانيين عرضة لسياسة العقاب الجماعي!
ومقلق عدم الاتعاظ من التاريخ. في سبعينات القرن الماضي فوّض كيسنجر لحافظ الأسد إنهاء التهديد الفلسطيني من جنوب لبنان للكيان الصهيوني مقابل التغاضي عن سيطرة النظام السوري. وإثر المشاركة الرمزية لنظام دمشق في حرب الخليج الأولى منحت واشنطن للأسد «حقوقاً» في لبنان، فحمل تسمية «الوجود الشرعي والمؤقت»، ليستمر التسلط الخارجي واستتباع البلد حتى «انتفاضة الاستقلال» في عام 2005. بعدها رضخ البلد للهيمنة من خلال قضم «حزب الله» للسلطة. لذا ينبغي اليوم للجهات الرسمية أن تأخذ في الاعتبار أبعاد كل كلمة تفوه بها السفير برّاك لأنها دقيقة ومدروسة!في هذا الإطار مثير للانتباه التحريك المفاجئ لقضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، ثم التهديد بإقفال الحدود. وتفيد معطيات متقاطعة بأن دمشق أبلغت بيروت أنها تنظر بعين القلق للبطء في قضية جمع السلاح اللاشرعي، وتعتبر بقاء البنية العسكرية لـ«حزب الله» من دون تفكيك، كما ترسانة صواريخه في مناطق من البقاع الشمالي، تهديداً مباشراً لسوريا الجديدة. والهواجس السورية التي أُبلغت لبيروت حملت خشية من قيام «حزب الله» بتحرك أمني أو عسكري عبر الحدود، أو تحريك مجموعات محسوبة على النظام السابق!الرهان المضمر على حلول تقوم بها جهات أخرى نهج مدمر. والتردد في الشأن السيادي وموجبات تحرير القرار والعودة إلى «التحالف» مع «حزب الله» رغم تفتت المحور، سيفضي إلى إطباق كماشة على البلد وأهله: الإسرائيلي في الجنوب، والضغط السوري في الشرق والشمال، ومخاطر نشوء أحزمة أمنية داخل لبنان. إنه أوان مغادرة مقاعد الانتظار وتحمل المسؤولية الوطنية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اللواء بن بريك يُعزّي في وفاة الشخصية الرياضية والعسكرية عوض بامؤمن
اللواء بن بريك يُعزّي في وفاة الشخصية الرياضية والعسكرية عوض بامؤمن

حضرموت نت

timeمنذ ساعة واحدة

  • حضرموت نت

اللواء بن بريك يُعزّي في وفاة الشخصية الرياضية والعسكرية عوض بامؤمن

4 مايو/ خاص بعث اللواء الركن أحمد سعيد بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، برقية تعزية ومواساة في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى، الشخصية الرياضية والعسكرية والاجتماعية عوض خميس بامؤمن، الذي وافاه الأجل اليوم، بعد حياة حافلة بالعطاء الرياضي والعسكري والاجتماعي. وعبر اللواء الركن أحمد بن بريك، في البرقية عن خالص تعازيه وعظيم مواساته إلى أولاد الفقيد، وليد عوض، وأمين عوض بامؤمن، وشقيقه الكابتن يسلم بامؤمن، وأسرته وذويه كافة، ومشاركته لهم أحزانهم بهذا المصاب الأليم. وابتهل نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في ختام برقيته إلى المولى عز وجل، أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنّا لله وإنّا إليه راجعون

في تهنئة رسمية.. الشيخ ياسر العزيبي يبارك تعيين الشيخ عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي أميناً عاماً لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي
في تهنئة رسمية.. الشيخ ياسر العزيبي يبارك تعيين الشيخ عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي أميناً عاماً لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي

حضرموت نت

timeمنذ 4 ساعات

  • حضرموت نت

في تهنئة رسمية.. الشيخ ياسر العزيبي يبارك تعيين الشيخ عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي أميناً عاماً لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي

صوت الشعب/لحج/ياسر منصور بعث الشيخ ياسر العزيبي، شيخ مشايخ العزيبة، ورئيس حلف أبناء وقبائل الحوطة وتبن، تهنئة رسمية إلى الشيخ عبدالرحمن جلال شاهر الصبيحي، شيخ مشايخ الصبيحة، بمناسبة تعيينه أميناً عاماً للأمانة العامة لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي. وقال الشيخ العزيبي في تهنئته: > 'ببالغ الفخر والاعتزاز، نبارك للشيخ عبدالرحمن جلال شاهر هذا التعيين المبارك، الذي يُعد تتويجاً لمسيرته النضالية والقيادية المشرفة، وثقة غالية من القيادة السياسية الجنوبية تُمنح لرجل بحجم ومكانة الصبيحي، الذي أثبت في مختلف المراحل أنه من ركائز العمل الوطني الجنوبي'. وأكد العزيبي أن هذا القرار الحكيم يُمثل دفعة قوية للعمل المؤسسي داخل المجلس الانتقالي، ويعزز من روح التماسك بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية، مشيراً إلى أن الشيخ عبدالرحمن الصبيحي يتمتع بالكفاءة والحنكة والقبول المجتمعي الواسع. وأضاف: > 'إننا إذ نهنئكم بهذا المنصب، نؤكد وقوفنا الكامل إلى جانبكم، ونسأل الله أن يوفقكم لما فيه خير الجنوب وقضيته العادلة'. واختتم الشيخ العزيبي تهنئته بدعواته للشيخ عبدالرحمن بالتوفيق والسداد في أداء مهامه الجديدة، وأن يكون هذا التعيين فاتحة خير لمزيد من الإنجازات السياسية والتنظيمية في مسار العمل الجنوبي.

السعودية وسوريا من رماد الحرب إلى بناء الغد.. المنتدى الاستثماري يطلق مرحلة جديدة بـ47 اتفاقية
السعودية وسوريا من رماد الحرب إلى بناء الغد.. المنتدى الاستثماري يطلق مرحلة جديدة بـ47 اتفاقية

صحيفة سبق

timeمنذ 4 ساعات

  • صحيفة سبق

السعودية وسوريا من رماد الحرب إلى بناء الغد.. المنتدى الاستثماري يطلق مرحلة جديدة بـ47 اتفاقية

في مشهد استثنائي يعكس التحول الإقليمي، شهدت العاصمة السورية دمشق انطلاق المنتدى الاستثماري السوري السعودي، وتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات المليارية. وصف الكاتب الصحفي محمد الهاجري هذه الخطوة بأنها "ليست مجرد حدث اقتصادي، بل إعلان واضح بأن سوريا تعود إلى حضنها العربي، وتفتح أبوابها لمرحلة إعادة الإعمار والنهوض". المنتدى أسفر عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تُقارب 24 مليار ريال سعودي، في نقلة نوعية للعلاقات الثنائية، ويؤكد على استراتيجية المملكة بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي بحسب وصف الكاتب: "لم يرَ في سوريا ملفًا عالقًا أو مجرد دولة جريحة، بل رآها ركيزة من ركائز العالم العربي، وامتدادًا طبيعيًا لمشروعه العربي الطموح". ويبرز "الهاجري" رؤية السعودية في بناء السلام عبر الاقتصاد، مشيرًا إلى أن "الاقتصاد هو مفتاح السياسة، وأن الاستثمار هو بوابة السلام الحقيقي". ويؤكد أن "المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تُعيد رسم خارطة التأثير العربي، وتُبرهن للعالم أن العروبة ليست شعارًا بل مسؤولية، وأن التنمية ليست ترفًا بل ضرورة. ومن هنا، جاء هذا المنتدى ليكون نقطة تحول، لا في العلاقات الثنائية فحسب، بل في المنظور العربي للتكامل والاستقرار". كما يلفت إلى البُعد الإنساني في الخطوة السعودية تجاه سوريا، حيث يشير إلى أن المملكة "لا تستثمر في الحجر فقط، بل في الإنسان السوري، وفي الكرامة العربية، وفي مستقبل المنطقة برمتها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store