
أرامكو تدعو إلى إعادة النظر في تحوّل الطاقة... الخطط الحالية فشلت
يطرح كلام الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو النفطية السعودية أمين الناصر خلال أسبوع النفط "سيرا ويك" في هيوستن الأميركية، عن "ضرورة إعادة التفكير في خطط التحوّل في مجال الطاقة والتوقف عن مضاعفة عناصر التحوّل التي فشلت"، سؤالاً أساسياً عن مصير مؤتمرات البيئة، تحديداً COP21 واتفاق باريس البيئي للحد من الانبعاثات الكاربونية إلى ١،٥ درجة وتمويل الدول النامية من أجل تقليص التغيّر البيئي والبدء بتحوّل الطاقة إلى صفر انبعاثات.
ولم توافق الدول المنتجة للنفط والطاقة الأحفورية على مبدأ الابتعاد عن الطاقة الأحفورية، علماً بأنها أبدت بعض المرونة خلال مؤتمر "كوب 28" في دبي. وكان موقف دول "أوبك" في معظم مؤتمرات البيئة، خصوصاً الدولة الأكبر فيها السعودية، عدم الموافقة على الابتعاد عن الطاقة الأحفورية الذي كانت تشجعه وكالة الطاقة الدولية لمصلحة الطاقة المتجددة النظيفة. وأتت سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتخرج الولايات المتحدة من اتفاق باريس مع دعوته الشركات النفطية الأميركية إلى المزيد من الإنتاج والتنقيب عن النفط والغاز معتمداً شعار "احفري يا صغيرتي احفري" drill baby drill، ومشجّعاً قطاع الطاقة الأحفورية على زيادة الإنتاج. هذا التحوّل في السياسة الأميركية الذي أكده بقوة وزير الطاقة كريس رايت في مؤتمر هيوستن CERA Week المنعقد حالياً يعكس توجهاً جديداً في قطاع الطاقة الأميركي يكشف عن خلاف عميق مع دول عديدة، لا سيما الاتحاد الأوروبي، تسعى للانتقال إلى طاقة بديلة متجدّدة تبتعد عن الطاقة الأحفورية.
لقد شرح الناصر بصراحة وواقعية في هيوستن أن "استمرار الخطة الحالية التي أثبتت فشلها وتركز فقط على نموّ الطاقة المتجددة والبديلة وتنظر سلباً بطريقة تشريعية غير عادلة إلى الطاقة التقليدية، سيتطلب من العالم استثماراً إضافياً سنوياً بين ٦ و٨ تريليونات دولار وأن استمرار هذه الخطة من دون تغييرها من شأنه أن يشكل مساراً نحو مستقبل مظلم، معتبراً أن من الوهم الاعتقاد بإمكان الاستغناء عن الطاقة التقليدية. وأوضح الناصر أن المصادر الجديدة للطاقة لا تستطيع حتى تلبية مقدار النموّ في الطلب، ودعا إلى الاتفاق على نموذج عالمي جديد يقوم على ٣ ركائز: الأولى أن تؤدي كل المصادر دوراً في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة بطريقة متوازنة، بما فيها مصادر الطاقة الجديدة والبديلة التي ستكمل دور الطاقة التقليدية، وإلى المزيد من الاستثمارات في كل مصادر الطاقة وتخفيف القيود التنظيمية على نطاق واسع وتقديم حوافز أكبر للمؤسسات المالية لتوفير تمويل غير متحيّز لاستثمارات الطاقة التقليدية. والركيزة الثانية أن يراعي النموذج خدمة حاجات الدول المتقدمة والنامية على حدّ سواء. والركيزة الثالثة هي التركيز على تقديم نتائج حقيقية على أرض الواقع. وأكد الناصر أنه ينبغي أن يظلّ خفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في أعلى سلّم الأولويات الممكنة، أي إعطاء الأولوية للتقنيات التي تعمل على تعزيز كفاءة الطاقة.
هذا الموقف السعودي برز في معظم مؤتمرات الـCOP التي كثيراً ما دعت إلى الابتعاد عن الطاقة الأحفورية التقليدية. وموقف أرامكو اليوم يتماشى مع دعوة ترامب الشركات النفطية إلى زيادة الاستثمار في التنقيب والإنتاج. إلا أن زيادة الإنتاج الأميركي وإنتاج دول أخرى من خارج تحالف أوبك + قد تؤدي إلى انخفاض أسعار برميل النفط إلى مستويات لا تحبّذها دول تحالف أوبك وفي طليعتها السعودية. فالاستثمار في الطاقة التقليدية قد يزيد التنافس بين المصدّرين، خصوصاً بين السعودية، الدولة المصدّرة الأولى في العالم، والولايات المتحدة، الدولة المنتجة الأولى للنفط والتي بدأت تصدّره وأصبحت من بين أكبر مصدري الغاز الطبيعي. موقف أرامكو طبيعي لشركة عالمية عملاقة، لكن حماية مستوى سعر النفط تصبح أصعب في ظل منافسة أكبر . ترامب يريد أسعار نفط منخفضة ولكن تحالف "أوبك" يختلف معه في ذلك، فالدعوة إلى زيادة الاستثمارات لزيادة إنتاج الطاقة التقليدية ينبعي ألّا تكون على حساب موازنات الدول النفطية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
اوروبا ترفع رسميا العقوبات عن سورية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي، الإجراءات القانونية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية" تهدف إلى دعم الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي. ويأتي هذا القرار تتويجا لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، الذين أجمعوا على إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة سابقا، مع استثناء التدابير ذات الطابع الأمني التي لا تزال نافذة لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي. وبحسب البيان الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي، فإن الإجراءات القانونية ترفع جميع التدابير الاقتصادية التقييدية المفروضة على سوريا، ومن ذلك القيود المتعلقة بالقطاعين المالي والطاقة، باستثناء تلك التي تستند إلى مخاوف أمنية أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وشمل القرار شطب 24 كيانا سوريا من قائمة العقوبات، من بينها مصرف سورية المركزي ومصارف وشركات تنشط في مجالات حيوية مثل النفط وتكريره والقطن والاتصالات والإعلام. واعتُبر هذا الإجراء خطوة رئيسية نحو إعادة إدماج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي وتحفيز الاستثمار الأجنبي. من جهتها، صرحت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن هذا القرار "هو ببساطة الشيء الصحيح الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي القيام به في هذا الوقت التاريخي لدعم تعافي سورية بشكل حقيقي وانتقال سياسي يلبي تطلعات جميع السوريين. لقد وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب السوري طوال السنوات الـ14 الماضية، وسيستمر في ذلك". حقوق الإنسان ورغم هذه الانفراجة الاقتصادية، شدد الاتحاد الأوروبي على التزامه بمبدأ المساءلة، إذ قرر تمديد إدراج الأفراد والكيانات المرتبطة بنظام بشار الأسد في قائمة العقوبات حتى 1 حزيران 2026. ويشمل ذلك أسماء متورطة في جرائم ضد المدنيين أو مرتبطة بأجهزة أمنية مسؤولة عن القمع والانتهاكات خلال سنوات النزاع. وفي السياق نفسه، اتخذ المجلس إجراءات تقييدية جديدة بموجب نظام الاتحاد الأوروبي العالمي لعقوبات حقوق الإنسان، استهدفت شخصين و3 كيانات متورطة في أحداث العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية السورية في آذار الماضي، مؤكدا عزمه على مواصلة مراقبة الأوضاع ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. كذلك أكد البيان أن الاتحاد الأوروبي سيواصل مراقبة التطورات على الأرض والتعاون مع السلطات الانتقالية، مشددا على أن الهدف الأساسي هو إعادة بناء سورية على أسس العدالة والمساءلة، من دون تدخلات خارجية تضر بالعملية السياسية. وسبق للاتحاد الأوروبي أن خفف جزئيا العقوبات في 24 شباط الماضي لتسهيل التعامل مع الجهات السورية الجديدة ومساندة السوريين في التعافي الاقتصادي. وفي 20 أيار الجاري، أعلن المجلس عن القرار السياسي لرفع العقوبات، مؤكدا التزامه بدعم "سوريا الجديدة، والموحدة، والتعددية، والسلمية". ويعد هذا القرار تحولا في الموقف الأوروبي بعد 14 عاما من العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية التي فرضت ردا على جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السابق.


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
صعود معظم بورصات الخليج مع ارتفاع أسعار النفط
أغلقت معظم أسواق الأسهم في الخليج، اليوم الأربعاء، على ارتفاع إذ صعد المؤشر السعودي 1.24 بالمئة مع ارتفاع أسعار النفط وتحسن المعنويات بالسوق بعد موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تأجيل الرسوم الجمركية على منتجات الاتحاد الأوروبي. وارتفعت أسعار النفط، وهي محفز لأسواق الأسهم في الخليج، بما يزيد على واحد بالمئة مع ارتفاع العقود الآجلة لخام برنت 1.5 بالمئة لتصل إلى 65.02 دولار للبرميل بحلول الساعة 1300 بتوقيت جرينتش. وساعد في دعم الأسعار أنباء بأن إدارة ترامب ستسمح لشركة شيفرون بالاحتفاظ بأصولها في فنزويلا ولكن ليس تصدير النفط أو توسيع أنشطتها. وقال ترامب أمس الثلاثاء إن تحرك الاتحاد الأوروبي لبدء محادثات تجارية 'إيجابي'، مما ساعد على رفع المعنويات في أعقاب تهديده بفرض رسوم جمركية 50 بالمئة على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي. غير أن المكاسب ظلت محدودة مع ترقب الأسواق قرار أوبك+ مطلع الأسبوع المقبل بشأن الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط. وكان سهم الحكير لتجارة منتجات الأزياء بالتجزئة أكبر الرابحين على المؤشر السعودي إذ أغلق مرتفعا 5.38 بالمئة. وقال جوزف ضاهرية المحلل والمدير الإداري في تيك ميل 'ربما تجد السوق دعما في ظل استمرار الاهتمام القوي بالطروح العامة الأولية في السعودية، بما في ذلك شركة طيران ناس. وربما تساعد الطروح الناجحة على جذب رؤوس الأموال المحلية والعالمية إلى سوق الأسهم'. وأغلق مؤشر دبي مرتفعا 0.40 بالمئة بعد قفزة لسهم الشركة الوطنية للتأمينات العامة بلغت 9.95 بالمئة. وسجل المؤشر مكاسب للجلسة الثالثة على التوالي. وصعد مؤشر أبوظبي 0.72 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ 18 مارس آذار 2024. وأغلق سهم بنك أبوظبي الأول، وهو أكبر بنك في الإمارات، مرتفعا 2.85 بالمئة. وقال ضاهرية إن سوق الأسهم صعدت بعد فترة من الركود مدفوعة بمكاسب قطاعي المال والطاقة. وانخفض المؤشر القطري 1.02 بالمئة مع تراجع سهم مصرف قطر الإسلامي 2.36 بالمئة. وخارج منطقة الخليج، أغلق مؤشر الأسهم القيادية المصري مرتفعا 0.30 بالمئة. وكان سهم مدينة مصر أكبر الرابحين على المؤشر إذ صعد 3.33 بالمئة. وقال البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي 'تجاوز معدل النمو النسبة البالغة 4.3 بالمئة المسجلة في الربع الرابع من 2024″، وتوقع أن يصل إلى خمسة بالمئة في الربع الأول من العام الحالي.

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
حربٌ جديدة... هل تكون فرصة لنهضة أوروبا؟
هدأت الجبهة الأميركية الصينية نسبيًا لتشتعل من جهة أخرى التوترات التجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي. فقد هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حلفاءه التاريخيين من الدول الأوروبية بفرض رسوم تصل إلى خمسين في المئة على البضائع التي تدخل الأسواق الأميركية. يأتي ذلك في وقت تتواصل فيه المفاوضات بين الإدارة الأميركية وبكين لتحديد سقف للرسوم الجمركية عند نسبة 30 في المئة. صراع الشركاء التاريخيين تبدو الأزمة أكثر تعقيدًا على الجبهة الأوروبية الأميركية، فالدول الأوروبية هي الشريك التجاريّ الأول لواشنطن، ولا تقع الأزمة في هذا الإطار بين دولتين، إنما تقع بين أكبر قوّة اقتصادياً في العالم وبين سبع وعشرين دولة تنطوي تحت مظلة الاتحاد الأوروبي. وبطبيعة الحال، تظهر الاختلافات والمسارات السياسية والاقتصادية المتعددة. هذا وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين خلال العام الماضي أكثر من تريليون دولار. الشراكة التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تتخطى التجارة بين واشنطن وكلّ من المكسيك وكندا والصين، حيث بلغت قيمة واردات الولايات المتحدة من دول الاتحاد خلال عام 2024 نحو 606 مليارات دولار، مقابل صادرات قُدّرت بـ370 مليار دولار، الأمر الذي دفع العجز التجاري نحو قمّة جديدة بلغت 236 مليار دولار في مجال السلع فقط. وتجدر الإشارة إلى أنّ العجز التجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي يتقلّص في حال احتساب قطاعات الخدمات. بلغ عجز الولايات المتحدة الإجمالي، بما في ذلك الخدمات، نحو 161 مليار دولار، وتصل قيمة الصادرات الخدمية من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي إلى نحو 277 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة وارداتها 201 مليار دولار. إلى ذلك، يتزايد القلق في قطاع الأدوية الذي هدده ترامب برسوم جمركية ضخمة، وقد بلغت واردات الولايات المتحدة من المنتجات الدوائية الأوروبية نحو 127 مليار دولار خلال العام الماضي. من جهة ثانية، تشكّل خدمات التكنولوجيا، التي تقدمها الشركات الأميركية الكبرى، إحدى نقاط التوتر الأساسية في حال اندلعت الحرب التجارية الأميركية الأوروبية. مهلة المحادثات وشروط ترامب أسابيع قليلة تفصلنا عن القرارات الكبرى في إطار التوترات الأميركية الأوروبية، فقد أعطى ترامب مهلة حتى التاسع من شهر تموز المقبل لإجراء محادثاتٍ ومحاولة التوصل إلى اتفاق يقلّص العجز الضخم في التجارة بين الطرفين والذي يعتبره ترامب مجحفًا بحق بلاده. وفي هذا الاطار، يستخدم ترامب أوراقًا عدة للضغط على الحكومات الأوروبية، أبرزها ورقة الطاقة، فهو يريد من الدول الأوروبية شراء المزيد من مصادر الطاقة من الولايات المتحدة. وتسانده في ذلك ظروف الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات التاريخية التي فرضت على موسكو واستمرار القطيعة الأوروبية الروسية، التي حرمت الدول الأوروبية من مصادر الطاقة الروسية. من جهة ثانية، يطالب ترامب الشركات بنقل المصانع إلى الولايات المتحدة، لتعزيز الاستثمارات وتحفيز أسواق العمل والصناعة داخل أميركا. لكنّ هذه الخطوات معقدة اقتصادية ولوجستيًا. إذًا، تبدو الحلول التي تريدها الإدارة الأميركية صعبة المنال في المدى المنظور، وإن لم يتمكّن الطرفان من التوصل إلى صيغة جديدة للعلاقات التجارية بينهما، فستشتعل أسعار السلع في الأسواق. وستخضع السلع الأوروبية لرسوم بنسبة خمسين في المئة، وستتعرض السلع الأميركية لرسوم أوروبية انتقامية. صعوبة المفاوضات ليست هذه المرة الأولى التي نشهد فيها نزاعات تجارية بين واشنطن وبروكسيل، فقد سبق أن اشتعلت التوترات بين الطرفين في محطات تاريخية عديدة، وآخرها كان في عام 2018 حين فرض ترامب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة الأميركية، رسومًا جمركية بنسبة 25 في المئة على الفولاذ و10 في المئة على الألمنيوم. أما الاتحاد الأوروبي فقد ردّ برسوم جمركية على بضائع أميركية بقيمة تتخطى 3 مليارات دولار. واستمرت تلك الرسوم إلى أن توصلت إدارة الرئيس جو بايدن في العام 2021 إلى اتفاق مع بروكسل، حيث وافقت واشنطن على إعفاء كمية محدّدة من واردات الصلب والألمنيوم الأوروبي من الرسوم، مقابل تعليق الاتحاد الأوروبي رسومه الانتقامية. لقد باشر الاتحاد الأوروبي بخطوات لتسريع المفاوضات مع الإدارة الأميركية، وهو ما اعتبره ترامب خطوة إيجابية. لكنّ ذلك لا يعني سهولة المفاوضات، فبين دول الاتحاد الأوروبي خلافات واختلافات وأولويات متعددة، تجعل المهمّة أكثر تعقيدًا. لذا، المطلوب اليوم هو أن ينجح الطرفان بإرساء أسس للهدنة التجارية بينهما، وإلا سيبقى الاقتصاد العالمي في مرمى الرسوم الجمركية وتعود مخاطر الركود إلى الواجهة في أكبر اقتصادات العالم. تجدر الإشارة الى أن التبادل التجاري في السلع والخدمات بين أميركا والاتحاد الاوروبي بلغ نحو 4.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في عام 2024، متفوقًا على التجارة مع الصين التي شكّلت 2.2 في المئة من الناتج المحلي الأميركي. من هنا نقرأ ارتفاع مؤشرات الخوف في الأسواق والقلق من الرسوم التجارية التي تحدث ردودًا انتقامية بين الدول، في وقت يكافح فيه الناس أزمات التضخم وتآكل الأجور، كما يحاول المستثمرون قراءة التقلبات في الأسواق. هل يتفوّق اليورو على الدولار؟ الجميع يراقب بحذر تراجعات الدولار وخطوات الفدرالي الأميركي، وتُطرح التساؤلات حول موقع العملة الأميركية، وإن كانت ستتفوّق عليها عملات أخرى في سلّم الريادة عالميًا. تجدُ رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، في ضغوط ترامب التجارية فرصة للدول الأوروبية للملمة قواها وإعادة ترتيب بيتها الداخليّ لتعزيز قدراتها الاقتصادية وقوّة عملتها اليورو. وذهبت لاغارد أبعد من ذلك معتبرةً أنّ أمام اليورو فرصة لأخذ مكانة الدولار في التجارية الدولية. فهل هذا ممكن فعلاً؟ في الواقع، أثبتت الأحداث الاقتصادية على مدى السنوات الماضية أنّ الدولار الأميركي لن يكون قادرًا على الاستمرار في موقعه الدولي طويلًا. إلّا أنّ اليورو لا يتمتّع بالجهوزية الكافية لينتزع من الدولار موقعه الدوليّ، في ظل الظروف الاقتصادية والمعطيات السياسية والقدرات العسكرية والأمنية لدول الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أنّ حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية العالمية انخفضت إلى 58 في المئة، وهي الأدنى منذ عقود، إلّا أنّ حصة اليورو لا تتخطى نسبة 20 في المئة، فيما تبلغ حصة العملات الأخرى من الاحتياطيات الدولية 20 في المئة أيضاً، ومنها اليوان الصينيّ. ويرى البيت الأبيض أن الكرة اليوم في ملعب الدول الأوروبية للتنسيق فيما بينها والتوصل إلى ورقة مفاوضات موحّدة وواضحة، ليتمكن بالتالي الطرفان من المضيّ قدمًا في المفاوضات، وإلّا فستُفرض الرسوم التي لا تُحمد عقباها.