logo
اوروبا ترفع رسميا العقوبات عن سورية

اوروبا ترفع رسميا العقوبات عن سورية

الديارمنذ يوم واحد

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي، الإجراءات القانونية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، في خطوة وُصفت بأنها "تاريخية" تهدف إلى دعم الشعب السوري في مرحلة إعادة الإعمار والانتقال السياسي.
ويأتي هذا القرار تتويجا لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، الذين أجمعوا على إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة سابقا، مع استثناء التدابير ذات الطابع الأمني التي لا تزال نافذة لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي.
وبحسب البيان الصادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي، فإن الإجراءات القانونية ترفع جميع التدابير الاقتصادية التقييدية المفروضة على سوريا، ومن ذلك القيود المتعلقة بالقطاعين المالي والطاقة، باستثناء تلك التي تستند إلى مخاوف أمنية أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وشمل القرار شطب 24 كيانا سوريا من قائمة العقوبات، من بينها مصرف سورية المركزي ومصارف وشركات تنشط في مجالات حيوية مثل النفط وتكريره والقطن والاتصالات والإعلام.
واعتُبر هذا الإجراء خطوة رئيسية نحو إعادة إدماج الاقتصاد السوري في النظام المالي الدولي وتحفيز الاستثمار الأجنبي.
من جهتها، صرحت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن هذا القرار "هو ببساطة الشيء الصحيح الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي القيام به في هذا الوقت التاريخي لدعم تعافي سورية بشكل حقيقي وانتقال سياسي يلبي تطلعات جميع السوريين. لقد وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب السوري طوال السنوات الـ14 الماضية، وسيستمر في ذلك".
حقوق الإنسان
ورغم هذه الانفراجة الاقتصادية، شدد الاتحاد الأوروبي على التزامه بمبدأ المساءلة، إذ قرر تمديد إدراج الأفراد والكيانات المرتبطة بنظام بشار الأسد في قائمة العقوبات حتى 1 حزيران 2026.
ويشمل ذلك أسماء متورطة في جرائم ضد المدنيين أو مرتبطة بأجهزة أمنية مسؤولة عن القمع والانتهاكات خلال سنوات النزاع.
وفي السياق نفسه، اتخذ المجلس إجراءات تقييدية جديدة بموجب نظام الاتحاد الأوروبي العالمي لعقوبات حقوق الإنسان، استهدفت شخصين و3 كيانات متورطة في أحداث العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية السورية في آذار الماضي، مؤكدا عزمه على مواصلة مراقبة الأوضاع ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
كذلك أكد البيان أن الاتحاد الأوروبي سيواصل مراقبة التطورات على الأرض والتعاون مع السلطات الانتقالية، مشددا على أن الهدف الأساسي هو إعادة بناء سورية على أسس العدالة والمساءلة، من دون تدخلات خارجية تضر بالعملية السياسية.
وسبق للاتحاد الأوروبي أن خفف جزئيا العقوبات في 24 شباط الماضي لتسهيل التعامل مع الجهات السورية الجديدة ومساندة السوريين في التعافي الاقتصادي.
وفي 20 أيار الجاري، أعلن المجلس عن القرار السياسي لرفع العقوبات، مؤكدا التزامه بدعم "سوريا الجديدة، والموحدة، والتعددية، والسلمية".
ويعد هذا القرار تحولا في الموقف الأوروبي بعد 14 عاما من العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية التي فرضت ردا على جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السابق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القبة الذهبية: ترامب قد يضع الصين على حدود اميركا
القبة الذهبية: ترامب قد يضع الصين على حدود اميركا

النشرة

timeمنذ 2 ساعات

  • النشرة

القبة الذهبية: ترامب قد يضع الصين على حدود اميركا

يواصل الرئيس الاميركي ​ دونالد ترامب ​ ضرب الافكار والتقاليد والاقوال المأثورة التاريخية عرض الحائط، وآخر ضحية له في هذا السياق كان القول المأثور: "الاستقلال يؤخذ ولا يعطى". حدد ترامب ثمناً لاستقلال ​ كندا ​ وهي البلد الجار للولايات المتحدة الاميركية ذات المساحة الكبيرة جداً، اذ اقترح انضمامها إلى "القبّة الذهبية" مقابل 61 مليار دولار، أو اعتماد بديل أكثر تطرفاً: أن تصبح الولاية الحادية والخمسين في الاتحاد الأميركي لتحصل على الحماية مجاناً. وبينما بدا العرض في ظاهره دفاعيًا، فإن دلالاته العميقة تكشف عن تصدع جوهري في العلاقة بين واشنطن وأوتاوا. وفي لمحة سريعة، فإن القبة الذهبيّة برنامج درع دفاعي صاروخي أرضي وفضائي، أيّ أنها نظام دفاع جوي متحرّك مصمّم لصد الصواريخ قصيرة المدى، ويتوقع أن يكون البرنامج جاهزاً للعمل بالكامل قبل نهاية ولاية الرئيس الاميركي الحالي. وقدّر ترامب تكلفة البرنامج بنحو 175 مليار دولار، رغم أن مكتب الميزانية في الكونغرس أوضح أن التكلفة الفعلية تبلغ نحو 540 مليار دولار أميركي. رفض كندا العلني لهذا العرض لا يُعدّ مجرّد موقف سيادي، بل إعلان عن أزمة ثقة عميقة مع واشنطن. ولأول مرة منذ عقود، يُطرح داخل النخب السياسية والفكرية الكندية تساؤل جوهري: هل يمكن للبلد الاستمرار في التعويل على ​ الولايات المتحدة ​ كضامن وحيد للأمن والدعم الاقتصادي؟ هذا التساؤل مشروع، خصوصاً وان ترامب اثبت ان رؤيته للعلاقات الدولية، قائمة على مبدأ "الربح والخسارة". وبدلاً من اعتبار الأمن القومي خليطاً من مجموعة عوامل ابرزها العلاقات القوية مع الحلفاء التاريخيين، بات يُستخدم كأداة ضغط لفرض شروط اقتصادية وسياسية، ما يضع كندا أمام معادلة مستحيلة: إما دفع ثمن سياسي ومالي باهظ، أو القبول بحماية مشروطة تقوّض مفهوم السيادة الوطنية. ومع تصاعد هذا الشك، هل يمكن القول انّ اميركا تدفع جارتها نحو تنويع شراكاتها الاستراتيجية، سواء عبر تعزيز التعاون الدفاعي مع الاتحاد الأوروبي، أو حتى التوجّه نحو قوى عظمى اخرى ك​ الصين ​؟ على الرغم من التناقض الأيديولوجي بين بكين وأوتاوا، فإن المصلحة الاستراتيجية قد تدفع كندا الى خيار تموضع جزئي في علاقاتها الدولية. التعاون مع الصين في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية، أو حتى ​ الدفاع السيبراني ​، قد يُستخدم كورقة ضغط تجاه واشنطن. وهذا الامر قد يصح، اذا ما علمنا ان الصين وروسيا اعلنتا انهما ستبدآن مشاورات حول منع نشر الأسلحة في الفضاء، وتعهدتا بمواجهة "السياسات والأنشطة الهادفة إلى تحقيق تفوق عسكري، واستخدام الفضاء ساحة للمعركة"، في اقوى اشارة الى اعتراضهما على هذا المشروع الذي يعطي اميركا افضلية في الفضاء وعلى الارض في الوقت نفسه. لكن مثل هذا التحوّل محفوف بالمخاطر، إذ سيعني الدخول في معادلة أكثر تعقيداً في ظل اشتداد التوتر بين الولايات المتحدة والصين التي ستدرس الوضع بدقة كبيرة، لان تواجدها على حدود اميركا ليس بالامر السهل، وهي تعلم تماماً انه لا يمكن تحويل كندا الى "تايوان"، علماً ان بكين تحارب بشدة التدخل الاجنبي والاميركي في تايوان ومحاولات اعلان استقلالها. من هنا، تفهم الصين ما ستكون عليه ردة الفعل الاميركية اذا ما اصبحت على الحدود المباشرة -اي في كندا- والتأثير السلبي الذي يمكن ان يظهر من جراء هذا الامر. بغض النظر عن كل ذلك، فإن "القبّة الذهبية" كشفت هشاشة التحالفات التي لطالما بُني عليها النظام الغربي بعد الحرب العالمية الثانية. وكندا، تجد نفسها اليوم مجبرة على إعادة النظر بعلاقاتها الاستراتيجية، في عالم تتغير فيه موازين القوى بسرعة. فهل ستفكر في الحفاظ على استقلالها والثمن الذي ستدفعه مقابل بقائها دولة سيّدة حرّة مستقلّة، ام انها ستجد نفسها وقد تحوّلت الى احدى مقطورات القطار الاميركي الكبير؟.

هل يكون لرسوم ترامب الجمركية على أوروبا تداعيات عكسية؟!
هل يكون لرسوم ترامب الجمركية على أوروبا تداعيات عكسية؟!

النشرة

timeمنذ 3 ساعات

  • النشرة

هل يكون لرسوم ترامب الجمركية على أوروبا تداعيات عكسية؟!

أعلن الرئيس الأميركي ​ دونالد ترامب ​، في 23 الجاري،نيته فرض تعرفة جمركية موحدة بنسبة 50% على جميع الواردات من ​ الاتحاد الأوروبي ​، على أن يبدأ التنفيذ في الأول من حزيران. جاء هذا الإعلان عقب مفاوضات تجارية،اعتبرتها الإدارة الأميركية غير مرضية. ومع ذلك، وبعد محادثة هاتفية مع رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، قرر ترامب تأجيل هذا الإجراء حتى 9 تموز، مما أتاح المجال لإجراء مناقشات. يبرر ترامب هذه التهديدات برغبته في تصحيح ما يعتبره اختلالات تجارية غير مواتية في ​ الولايات المتحدة ​. ويتهم الاتحاد الأوروبي بممارسات تجارية غير عادلة، لا سيما بفرض حواجز على المنتجات الزراعيّة والسيارات الأميركيّة، مع تمتّعه بامتيازات الوصول إلى السوق الأميركيّة. بل إنه صرّح بأن الاتحاد الأوروبي أُنشئ "لإلحاق الضرر" بالولايات المتحدة. في هذا الاطار، يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض إلى أن إعلان التعريفات الجمركية تسبب في انخفاض مؤشر ستوكس أوروبا 600 بنسبة 1.7%، مما يعكس مخاوف المستثمرين من احتمال نشوب ​ حرب تجارية ​ عبر الأطلسي، لافتاً إلى أن "ترامب يتهم الاتحاد الاوروبي بممارسات غير عادلة، منها عجز تجاري أميركي مع الاتحاد الأوروبي، يتراوح بين 157 مليار دولار و235.6 مليار دولار، اضافة إلى عوائق مثل ضريبة القيمة المضافة الأوروبية (16-27%)، وزيادة الرسوم الجمركية (على سبيل المثال، 10% على السيارات الأوروبية مقابل 2.5% على السيارات الأميركية)، أيضاً الدعم الأوروبي، وخاصةً لشركة إيرباص، واللوائح الرقمية وتحديداً الضرائب على الخدمات الرقمية، والغرامات المفروضة على شركات التكنولوجيا العملاقة". ويشدد فياض على أن الصادرات الأوروبية ستتأثر بنسبة20% إلى الولايات المتحدة، وخاصةً في قطاع السيارات على سبيل المثال، 25 ألف وظيفة مهددة في المملكة المتحدة وقطاع الأغذية الزراعية، بينما في ألمانيا، يُقدر الاقتصاديون أن الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم قد تُطيل فترة الركود لمدة عامين. هنا تشير مصادر مطلعة إلى أن "الاتحاد الأوروبي يعدّ تدابير مضادة، مثل فرض ضرائب بقيمة 95 مليار يورو على الواردات الأميركية (الطيران، والأغذية الزراعيّة)، مما يُهدد باندلاع حرب تجاريّة"، لافتة إلى أن "الولايات المتحدة ستتأثر جراء هذه التدابير المضادة، وأولها قد تتكبد قطاعات مستهدفة فيها، مثل الصناعات الغذائية الزراعيّة (مثل بوربون كنتاكي) أو صناعة الطيران، خسائر فادحة". وتوضح أنه "على سبيل المثال، خلال التوترات التجارية السابقة في 2018-2019، كلفت الرسوم الجمركية الأوروبية على الويسكي الأميركي المنتجين ملايين الدولارات، كذلك قد تُحمّل الشركات الأميركية تكاليف الرسوم الجمركية الأوروبية للمستهلكين، مما يُسهم في التضخم في الولايات المتحدة، التي تعاني بالفعل من ضغوط رسوم ترامب، وأيضاً قد تتأثر سلاسل التوريد في القطاعات التي تعتمد على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، مثل صناعة الطيران، مما يؤدي إلى تأخير وزيادة في التكاليف. إذا ترامب يريد فرض العقوبات على الاتحاد الأوروبي،ووحدها الأيام ستظهر إمكانية وضعها موضع التنفيذ وتأثيرها...

العقوبات الأوروبية على الحمزات والعمشات.. قطع الطريق على العسكرة
العقوبات الأوروبية على الحمزات والعمشات.. قطع الطريق على العسكرة

المدن

timeمنذ 6 ساعات

  • المدن

العقوبات الأوروبية على الحمزات والعمشات.. قطع الطريق على العسكرة

في مشهد سياسي وأمني جديد تشهده سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، برز قرار الاتحاد الأوروبي الصادر أول من أمس الأربعاء، كأحد أكثر التحركات الدولية رمزيةً وجرأة، لا سيما وأن مجلس الاتحاد الأوروبي بموجب قراره (CFSP) 2025/1110، قد أدرج شخصين وثلاثة فصائل مسلحة تنتمي إلى ما يُعرف سابقاً بـ"الجيش الوطني السوري" في قائمة العقوبات، على خلفية ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت القتل التعسفي، التعذيب، التهجير القسري والإخفاء القسري. يأتي هذا القرار في إطار تعديل القرار الأوروبي السابق (CFSP 2020/1999)، ويُعدّ نقطة تحول في سياسات المحاسبة الأوروبية تجاه الملف السوري، حيث انتقلت من التركيز الحصري على نظام الأسد، إلى نهج شامل يُخضع كافة الأطراف لمعايير القانون الدولي الإنساني دون تمييز، في محاولة لرأب صدع العدالة الانتقالية في سوريا وترتيب موضوع الانتهاكات وتقديم الجميع للمحاكمات؛ سواء عن جرائم حالية أو سابقة. خلفيات القرار وأسماء المشمولين جاءت العقوبات بعد موجة عنف دامية اجتاحت المنطقة الساحلية السورية، في آذار/مارس 2025، أي بعد أشهر قليلة من انهيار نظام الأسد ودخول فصائل قوات ردع العدوان ولإدارة العمليات العسكرية التي قادتها هيئة تحرير الشام إلى دمشق؛ والتي جاء على إثرها تغيير النظام الحاكم في سوريا. ونتيجة لهذا الانهيار المدوي، فقد سادت حالة من الفوضى الأمنية وتعددت مراكز القوى العسكرية بسبب انفلات السلاح وعدم وجود صيغة عسكرية وأمنية جامعة حينها. في تلك الفترة، شنّت بعض الفصائل المعارضة، خصوصاً تلك الممولة والمدعومة خارجياً، هجمات انتقامية ضد تجمعات مدنية، خصوصاً من الطائفة العلوية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ صور النزاع الطائفي الذي قاده نظام الأسد ضد المدنيين الثائرين في المناطق السنية. وبحسب حيثيات القرار، فقد تم إدراج كل من قائد فرقة السلطان سليمان شاه محمد الجاسم (أبو عمشة)، لدوره في قيادة عمليات استهدفت المدنيين، وقائد فرقة الحمزة سيف بولاد أبو بكر، المتهم بممارسة التعذيب المنهجي والابتزاز وعمليات التهجير في مناطق شمال سوريا سابقاً، خصوصاً في مناطق عفرين وشمال حلب، وفي مناطق الساحل السوري في المدة بين آذار/مارس ونسيان/أبريل 2025؛ لتشمل هذه العقوبات منعهم من دخول الاتحاد الأوروبي و تجميد الأصول المالية أو أية أصول أخرى على أراضيه؛ إضافة إلى ثلاث فصائل هي فرقة السلطان سليمان شاه وفرقة الحمزة وفرقة السلطان مراد، وهي فصائل قد تم حلها و دمجها ضمن جيش وزارة الدفاع السورية الجديدة التي يتولى زمام أمورها اللواء مرهف أبو قصرة. حجة الاتحاد الأوروبي في هذه العقوبات، والتي ربما جاءت لتسجيل موقف من الأحداث الماضية في سوريا، و ليس لتكون عقوبات رادعة لا سيما وأن الأجهزة التي فرضت عليها العقوبات هي لم تعد موجودة في الأصل، ولكن تنسب إليهم مسؤولية مباشرة عن جرائم واسعة النطاق، ليس فقط في سوريا (عفرين وشمال حلب)، بل أيضاً في مناطق تدخل خارجي مثل ليبيا وناغورنو قرة باغ والنيجر، بحكم ارتباطهم بمعارك تدخلت فيها تركيا التي مولت هذه الفصائل إلى مدة ليست ببعيدة، ما يُظهر تشعب نشاطهم العسكري والأمني خارج نطاق السيادة الوطنية. ومعظم هذه المجموعات جمعت تحت إمرة قيادة عسكرية منتظمة ومحترفة قبل عملية "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا في الشمال السوري عام 2016، ليبلغ عددها حوالي 40 ألف عنصر وبقيت في مناطق معارك تركيا درع الفرات" و"نبع السلام" و"غصن الزيتون". أبعاد القرار يمكن الانطلاق من توقيت القرار الأوروبي الذي يحمل دلالات امنية وسياسية كبيرة كونه يأتي في مرحلة فراغ سياسي وأمني نسبي في سوريا، حيث لا تزال مؤسسات الدولة قيد إعادة البناء، وتكافح الإدارة الحالية من أجل فرض سيادة القانون وتفكيك البُنى المسلحة غير الشرعية وترتيب البيت السوري لصالح إنشاء دولة قوية قائمة على مبادئ السلم الأهلي و العدالة الانتقالية. للمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري، يُعلن الاتحاد الأوروبي أن الانتهاكات المرتكبة باسم "الثورة" أو "المعارضة السورية المسلحة" سابقاً، لا تعفي مرتكبيها من المسؤولية القانونية والمحاسبة، لا سيما وأن المساءلة لا تُبنى على الخطاب السياسي بل على الوقائع الحقوقية، وبهذا، يُعدّ القرار رسالة واضحة إلى الأطراف المحلية والدولية بأن فكرة الحصانة التاريخية للقوى العسكرية التي مثّلت "المعارضة المسلحة" قد انتهت ويجب على الأقل تنبيهها أو وضعها ضمن إطار حقوقي واضح. يفتح القرار الأوروبي الباب أمام هذه القوى العسكرية لا سيما من حيث بنيتها وعقيدتها الأمنية والقتالية وأماكن انتشارها وتموضعها وحيثيات اندماجها مع وزارة الدفاع الجديدة. هذه الفصائل التي استمرت بالعمل كقوى موازية خارجة عن أي رقابة مؤسسية، وجعلت من الانتهاكات جزءاً من أدائها اليومي، أصبحت اليوم عبئاً على مسار الانتقال السياسي، وتشكل تهديداً لمشروعية أية سلطة انتقالية تسعى لبناء سوريا على أساس سيادة القانون. فرصة للإدارة السورية الجديدة قد تبدو هذه العقوبات ضد الإدارة الجديدة ومشروعها النهضوي في سوريا ما بعد الأسد. لكن بالنظر إلى هذه التحولات، تبرز فرصة استراتيجية قوية أمام الإدارة السورية الجديدة لتوظيف القرار الأوروبي في ثلاثة مسارات متوازية: قانونياً، يمكن للإدارة الجديدة أن تتبنى هذا القرار كمرجعية قانونية لدعم ملفات محاسبة داخلية، أو لإحالة متورطين في هذه الجرائم إلى القضاء الوطني أو الدولي، مستفيدة من الأدلة الواردة في القرار الأوروبي لا سيما وأن ملف العدالة الانتقالية لا يزال مفتوحاً في سوريا و لم يغلق؛ بالإضافة إلى عدم تمكن الإدارة الجديدة من محاسبة هذه الفرق لكونها شاركت كمساندة في قوات ردع العدوان. وبالتالي تتمكن الإدارة الجديدة من التخلص من الإرث الدموي الذي علق بفصائل غير منضبطة ومندفعة وممولة بطريقة غير منظمة لتحقيق أجندات ذاتية وخارجية. أما أمنياً، فيُمكن استخدام القرار كأداة لنزع الشرعية عن الفصائل المعاقبة، وتجفيف منابع تمويلها وتسليحها، والضغط على حلفائها الإقليميين والدوليين لوقف الدعم اللوجستي لها، بحجّة أن أوروبا نفسها اعتبرتها منظمات منتهكة لحقوق الإنسان. يوفر هذا القرار غطاءً قانونياً لضبط هذه الفصائل وعناصرها وسلاحها الذي انضم نظرياً لوزارة الدفاع الجديدة، ويقلّص احتمالية قيام احتجاجات او انقلابات داخلية في حال قرر الأمن العام السوري تطويق نشاط هذه الفرق في مساعي الحصول على العدالة الانتقالية. وسياسياً، يضمن القرار احتمالية إعادة تصنيف الفاعلين العسكريين على الأرض، وتحديد من هم الشركاء الجديرون بالمشاركة في المرحلة المقبلة، ومن يجب أن يُقصى من أي مشروع وطني جامع، استناداً إلى سجلهم الحقوقي (الماضي والحالي) وليس فقط لموقفهم من نظام الأسد. فعلياً، مع دخول سوريا مرحلة ما بعد الأسد، تعكس هذه العقوبات الأوروبية رغبة جادة لدى المجتمع الدولي في قطع الطريق على أي نمط جديد من العسكرة غير المنضبطة أو الفوضى الأمنية. كما أنها تكرّس مبدأ المحاسبة المتوازنة كقاعدة ضرورية لأي انتقال ديمقراطي حقيقي يساعد الإدارة الجديدة على وضع إطار وطني جامع. وفي الوقت الذي يتطلع فيه السوريون إلى بناء وطن جديد، تفرض هذه التطورات تحدياً لا يمكن تجاهله عل المدى القريب أو البعيد: هل تستطيع السلطة الجديدة تحويل القانون الدولي إلى أداة سيادة وعدالة داخلية؟ أم أن سوريا ستقع مجدداً في فخ التوازنات المسلحة والتسويات المؤقتة؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store