logo
العقوبات الأوروبية على الحمزات والعمشات.. قطع الطريق على العسكرة

العقوبات الأوروبية على الحمزات والعمشات.. قطع الطريق على العسكرة

المدنمنذ يوم واحد

في مشهد سياسي وأمني جديد تشهده سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، برز قرار الاتحاد الأوروبي الصادر أول من أمس الأربعاء، كأحد أكثر التحركات الدولية رمزيةً وجرأة، لا سيما وأن مجلس الاتحاد الأوروبي بموجب قراره (CFSP) 2025/1110، قد أدرج شخصين وثلاثة فصائل مسلحة تنتمي إلى ما يُعرف سابقاً بـ"الجيش الوطني السوري" في قائمة العقوبات، على خلفية ارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت القتل التعسفي، التعذيب، التهجير القسري والإخفاء القسري.
يأتي هذا القرار في إطار تعديل القرار الأوروبي السابق (CFSP 2020/1999)، ويُعدّ نقطة تحول في سياسات المحاسبة الأوروبية تجاه الملف السوري، حيث انتقلت من التركيز الحصري على نظام الأسد، إلى نهج شامل يُخضع كافة الأطراف لمعايير القانون الدولي الإنساني دون تمييز، في محاولة لرأب صدع العدالة الانتقالية في سوريا وترتيب موضوع الانتهاكات وتقديم الجميع للمحاكمات؛ سواء عن جرائم حالية أو سابقة.
خلفيات القرار وأسماء المشمولين
جاءت العقوبات بعد موجة عنف دامية اجتاحت المنطقة الساحلية السورية، في آذار/مارس 2025، أي بعد أشهر قليلة من انهيار نظام الأسد ودخول فصائل قوات ردع العدوان ولإدارة العمليات العسكرية التي قادتها هيئة تحرير الشام إلى دمشق؛ والتي جاء على إثرها تغيير النظام الحاكم في سوريا.
ونتيجة لهذا الانهيار المدوي، فقد سادت حالة من الفوضى الأمنية وتعددت مراكز القوى العسكرية بسبب انفلات السلاح وعدم وجود صيغة عسكرية وأمنية جامعة حينها. في تلك الفترة، شنّت بعض الفصائل المعارضة، خصوصاً تلك الممولة والمدعومة خارجياً، هجمات انتقامية ضد تجمعات مدنية، خصوصاً من الطائفة العلوية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ صور النزاع الطائفي الذي قاده نظام الأسد ضد المدنيين الثائرين في المناطق السنية.
وبحسب حيثيات القرار، فقد تم إدراج كل من قائد فرقة السلطان سليمان شاه محمد الجاسم (أبو عمشة)، لدوره في قيادة عمليات استهدفت المدنيين، وقائد فرقة الحمزة سيف بولاد أبو بكر، المتهم بممارسة التعذيب المنهجي والابتزاز وعمليات التهجير في مناطق شمال سوريا سابقاً، خصوصاً في مناطق عفرين وشمال حلب، وفي مناطق الساحل السوري في المدة بين آذار/مارس ونسيان/أبريل 2025؛ لتشمل هذه العقوبات منعهم من دخول الاتحاد الأوروبي و تجميد الأصول المالية أو أية أصول أخرى على أراضيه؛ إضافة إلى ثلاث فصائل هي فرقة السلطان سليمان شاه وفرقة الحمزة وفرقة السلطان مراد، وهي فصائل قد تم حلها و دمجها ضمن جيش وزارة الدفاع السورية الجديدة التي يتولى زمام أمورها اللواء مرهف أبو قصرة.
حجة الاتحاد الأوروبي في هذه العقوبات، والتي ربما جاءت لتسجيل موقف من الأحداث الماضية في سوريا، و ليس لتكون عقوبات رادعة لا سيما وأن الأجهزة التي فرضت عليها العقوبات هي لم تعد موجودة في الأصل، ولكن تنسب إليهم مسؤولية مباشرة عن جرائم واسعة النطاق، ليس فقط في سوريا (عفرين وشمال حلب)، بل أيضاً في مناطق تدخل خارجي مثل ليبيا وناغورنو قرة باغ والنيجر، بحكم ارتباطهم بمعارك تدخلت فيها تركيا التي مولت هذه الفصائل إلى مدة ليست ببعيدة، ما يُظهر تشعب نشاطهم العسكري والأمني خارج نطاق السيادة الوطنية. ومعظم هذه المجموعات جمعت تحت إمرة قيادة عسكرية منتظمة ومحترفة قبل عملية "درع الفرات" التي أطلقتها تركيا في الشمال السوري عام 2016، ليبلغ عددها حوالي 40 ألف عنصر وبقيت في مناطق معارك تركيا درع الفرات" و"نبع السلام" و"غصن الزيتون".
أبعاد القرار
يمكن الانطلاق من توقيت القرار الأوروبي الذي يحمل دلالات امنية وسياسية كبيرة كونه يأتي في مرحلة فراغ سياسي وأمني نسبي في سوريا، حيث لا تزال مؤسسات الدولة قيد إعادة البناء، وتكافح الإدارة الحالية من أجل فرض سيادة القانون وتفكيك البُنى المسلحة غير الشرعية وترتيب البيت السوري لصالح إنشاء دولة قوية قائمة على مبادئ السلم الأهلي و العدالة الانتقالية.
للمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري، يُعلن الاتحاد الأوروبي أن الانتهاكات المرتكبة باسم "الثورة" أو "المعارضة السورية المسلحة" سابقاً، لا تعفي مرتكبيها من المسؤولية القانونية والمحاسبة، لا سيما وأن المساءلة لا تُبنى على الخطاب السياسي بل على الوقائع الحقوقية، وبهذا، يُعدّ القرار رسالة واضحة إلى الأطراف المحلية والدولية بأن فكرة الحصانة التاريخية للقوى العسكرية التي مثّلت "المعارضة المسلحة" قد انتهت ويجب على الأقل تنبيهها أو وضعها ضمن إطار حقوقي واضح.
يفتح القرار الأوروبي الباب أمام هذه القوى العسكرية لا سيما من حيث بنيتها وعقيدتها الأمنية والقتالية وأماكن انتشارها وتموضعها وحيثيات اندماجها مع وزارة الدفاع الجديدة. هذه الفصائل التي استمرت بالعمل كقوى موازية خارجة عن أي رقابة مؤسسية، وجعلت من الانتهاكات جزءاً من أدائها اليومي، أصبحت اليوم عبئاً على مسار الانتقال السياسي، وتشكل تهديداً لمشروعية أية سلطة انتقالية تسعى لبناء سوريا على أساس سيادة القانون.
فرصة للإدارة السورية الجديدة
قد تبدو هذه العقوبات ضد الإدارة الجديدة ومشروعها النهضوي في سوريا ما بعد الأسد. لكن بالنظر إلى هذه التحولات، تبرز فرصة استراتيجية قوية أمام الإدارة السورية الجديدة لتوظيف القرار الأوروبي في ثلاثة مسارات متوازية: قانونياً، يمكن للإدارة الجديدة أن تتبنى هذا القرار كمرجعية قانونية لدعم ملفات محاسبة داخلية، أو لإحالة متورطين في هذه الجرائم إلى القضاء الوطني أو الدولي، مستفيدة من الأدلة الواردة في القرار الأوروبي لا سيما وأن ملف العدالة الانتقالية لا يزال مفتوحاً في سوريا و لم يغلق؛ بالإضافة إلى عدم تمكن الإدارة الجديدة من محاسبة هذه الفرق لكونها شاركت كمساندة في قوات ردع العدوان. وبالتالي تتمكن الإدارة الجديدة من التخلص من الإرث الدموي الذي علق بفصائل غير منضبطة ومندفعة وممولة بطريقة غير منظمة لتحقيق أجندات ذاتية وخارجية.
أما أمنياً، فيُمكن استخدام القرار كأداة لنزع الشرعية عن الفصائل المعاقبة، وتجفيف منابع تمويلها وتسليحها، والضغط على حلفائها الإقليميين والدوليين لوقف الدعم اللوجستي لها، بحجّة أن أوروبا نفسها اعتبرتها منظمات منتهكة لحقوق الإنسان. يوفر هذا القرار غطاءً قانونياً لضبط هذه الفصائل وعناصرها وسلاحها الذي انضم نظرياً لوزارة الدفاع الجديدة، ويقلّص احتمالية قيام احتجاجات او انقلابات داخلية في حال قرر الأمن العام السوري تطويق نشاط هذه الفرق في مساعي الحصول على العدالة الانتقالية. وسياسياً، يضمن القرار احتمالية إعادة تصنيف الفاعلين العسكريين على الأرض، وتحديد من هم الشركاء الجديرون بالمشاركة في المرحلة المقبلة، ومن يجب أن يُقصى من أي مشروع وطني جامع، استناداً إلى سجلهم الحقوقي (الماضي والحالي) وليس فقط لموقفهم من نظام الأسد.
فعلياً، مع دخول سوريا مرحلة ما بعد الأسد، تعكس هذه العقوبات الأوروبية رغبة جادة لدى المجتمع الدولي في قطع الطريق على أي نمط جديد من العسكرة غير المنضبطة أو الفوضى الأمنية. كما أنها تكرّس مبدأ المحاسبة المتوازنة كقاعدة ضرورية لأي انتقال ديمقراطي حقيقي يساعد الإدارة الجديدة على وضع إطار وطني جامع. وفي الوقت الذي يتطلع فيه السوريون إلى بناء وطن جديد، تفرض هذه التطورات تحدياً لا يمكن تجاهله عل المدى القريب أو البعيد: هل تستطيع السلطة الجديدة تحويل القانون الدولي إلى أداة سيادة وعدالة داخلية؟ أم أن سوريا ستقع مجدداً في فخ التوازنات المسلحة والتسويات المؤقتة؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

معلومات مشوقة عن تطبيق أسقط نظام الأسد.. إكتشفوا ما حصل!
معلومات مشوقة عن تطبيق أسقط نظام الأسد.. إكتشفوا ما حصل!

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

معلومات مشوقة عن تطبيق أسقط نظام الأسد.. إكتشفوا ما حصل!

أدى هجوم إلكتروني متطور، تنكّر في صورة مبادرة مساعدات إنسانية، إلى إضعاف الجيش السوري كثيراً، مما يُعتقد أنه ساهم في الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في كانون الأول 2024. المعلومات كشف عنها تحقيق للصحفي السوري كمال شاهين، ونُشر في 26 أيار 2025 بموقع مجلة نيوز لاين الأميركية، وأظهرت أن هذه العملية تُسلط الضوء على حقبة جديدة من الحرب السيبرانية التي يمكن للأدوات الرقمية فيها، أن تُطيح بقوة عسكرية تقليدية. وتم توزيع هذا التطبيق عبر قناة تلغرام غير موثقة، مستهدفاً الضباط الذين يعانون من ضائقة اقتصادية شديدة، مع وعود بمساعدات مالية مثلت الطُّعم الذي جذب الآلاف منهم لتحميله، وتوفير معلومات شخصية وعسكرية كجزء من إجراءات التسجيل. لكن بمجرد تثبيته، لم يكتفِ التطبيق بجمع بيانات حساسة عبر نماذج تصيد احتيالي (مثل رتب الضباط، ومواقع خدمتهم، وتفاصيل عائلاتهم)، بل استخدم كذلك برنامج التجسس SpyMax. وهذا البرنامج المتقدم سمح للمهاجمين بالوصول الكامل إلى سجلات المكالمات، والرسائل النصية، والصور، والمستندات، وحتى تفعيل الكاميرات والميكروفونات من بُعد على الأجهزة المُخترقة. العملية المعقدة، التي جمعت بين الخداع النفسي والتجسس الإلكتروني المتطور، تُشير إلى تخطيط دقيق ومُحكم، وفقا لشاهين. انهيار من الداخل وظل برنامج التجسس هذا يعمل خمسة أشهر على الأقل قبل 'عملية ردع العدوان' التي شنتها قوات المعارضة السورية، والتي أدت إلى سقوط النظام وسيطرتها على حلب في كانون الأول عام 2024. البيانات التي تم جمعها وفرت للمهاجمين خريطة حية لانتشار القوات ونقاط الضعف الإستراتيجية، مما منحهم نافذة آنية على الهيكل العسكري السوري، ويُرجح أن المعلومات المُخترقة ساعدت الثوار في تحديد الثغرات الدفاعية والتخطيط لهجمات مفاجئة وسريعة. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على نقطة فريدة، وهي أن حملة التجسس هذه لم تستهدف أفرادًا بعينهم، بل مؤسسة عسكرية بأكملها. ويُمكن أن يُفسر هذا الاختراق الواسع النطاق للقيادة العسكرية حالات تضارب الأوامر والفوضى داخل الجيش السوري خلال الأيام الأخيرة للنظام، وحتى حوادث النيران الصديقة التي شهدتها ساحة المعركة وبالذات في حماة. ورغم أن المخططين الحقيقيين لهذا الاختراق لا يزالون مجهولين، فإن ثمة تلميحات تشير إلى جهات فاعلة مختلفة، بما فيها فصائل المعارضة السورية وأجهزة استخبارات إقليمية أو دولية، فإن فعالية الهجوم كانت واضحة. وتُجسد هذه الحادثة كيف يمكن للأدوات الرقمية منخفضة التكلفة، أن تُدمر قوة عسكرية تقليدية، وتوضح كيف أن نقاط الضعف المنهجية مثل انخفاض الروح المعنوية، وانخفاض الأجور، ونقص الوعي الأمني الرقمي، والفساد، يُمكن أن تُصبح ثغرات تُستغل في الحروب الحديثة. ومن الصعب تحديد عدد الهواتف التي تعرضت للاختراق في الهجوم بدقة، ولكن يُرجّح أن يكون العدد بالآلاف، وقد أشار تقرير نُشر على قناة تلغرام نفسها في منتصف تموز إلى إرسال 1500 تحويل مالي ذلك الشهر، مع منشورات أخرى تُشير إلى جولات إضافية من توزيع الأموال، و'لم يوافق أيٌّ من الذين تلقوا الأموال عبر التطبيق على التحدث معي، مُشيرين إلى مخاوف أمنية' على حد تعبير شاهين. وخلص التحقيق إلى أن الكشف عن هذا الهجوم السيبراني ساعد في تفسير كيف سقط نظام كان مهيمنًا في السابق بهذه السرعة وكيف كانت مقاومته ضعيفة إلى هذا الحد. (الجزيرة نت)

معلومات مشوقة عن "تطبيق" أسقط نظام الأسد.. اكتشفوا ما حصل!
معلومات مشوقة عن "تطبيق" أسقط نظام الأسد.. اكتشفوا ما حصل!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 5 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

معلومات مشوقة عن "تطبيق" أسقط نظام الأسد.. اكتشفوا ما حصل!

أدى هجوم إلكتروني متطور، تنكّر في صورة مبادرة مساعدات إنسانية، إلى إضعاف الجيش السوري كثيراً، مما يُعتقد أنه ساهم في الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في كانون الأول 2024. المعلومات كشف عنها تحقيق للصحفي السوري كمال شاهين، ونُشر في 26 أيار 2025 بموقع مجلة نيوز لاين الأميركية، وأظهرت أن هذه العملية تُسلط الضوء على حقبة جديدة من الحرب السيبرانية التي يمكن للأدوات الرقمية فيها، أن تُطيح بقوة عسكرية تقليدية. القصة بدأت بتطبيق مزيف يطلق عليه: STFD-686، وهو يحاكي تطبيق "الأمانة السورية للتنمية" الرسمي، والذي كانت تُشرف عليه أسماء الأخرس زوجة الأسد. وتم توزيع هذا التطبيق عبر قناة تلغرام غير موثقة، مستهدفاً الضباط الذين يعانون من ضائقة اقتصادية شديدة، مع وعود بمساعدات مالية مثلت الطُّعم الذي جذب الآلاف منهم لتحميله، وتوفير معلومات شخصية وعسكرية كجزء من إجراءات التسجيل. لكن بمجرد تثبيته، لم يكتفِ التطبيق بجمع بيانات حساسة عبر نماذج تصيد احتيالي (مثل رتب الضباط، ومواقع خدمتهم، وتفاصيل عائلاتهم)، بل استخدم كذلك برنامج التجسس SpyMax. وهذا البرنامج المتقدم سمح للمهاجمين بالوصول الكامل إلى سجلات المكالمات، والرسائل النصية، والصور، والمستندات، وحتى تفعيل الكاميرات والميكروفونات من بُعد على الأجهزة المُخترقة. العملية المعقدة، التي جمعت بين الخداع النفسي والتجسس الإلكتروني المتطور، تُشير إلى تخطيط دقيق ومُحكم، وفقا لشاهين. انهيار من الداخل وظل برنامج التجسس هذا يعمل خمسة أشهر على الأقل قبل "عملية ردع العدوان" التي شنتها قوات المعارضة السورية، والتي أدت إلى سقوط النظام وسيطرتها على حلب في كانون الأول عام 2024. البيانات التي تم جمعها وفرت للمهاجمين خريطة حية لانتشار القوات ونقاط الضعف الإستراتيجية، مما منحهم نافذة آنية على الهيكل العسكري السوري، ويُرجح أن المعلومات المُخترقة ساعدت الثوار في تحديد الثغرات الدفاعية والتخطيط لهجمات مفاجئة وسريعة. وتُسلط هذه الحادثة الضوء على نقطة فريدة، وهي أن حملة التجسس هذه لم تستهدف أفرادًا بعينهم، بل مؤسسة عسكرية بأكملها. ويُمكن أن يُفسر هذا الاختراق الواسع النطاق للقيادة العسكرية حالات تضارب الأوامر والفوضى داخل الجيش السوري خلال الأيام الأخيرة للنظام، وحتى حوادث النيران الصديقة التي شهدتها ساحة المعركة وبالذات في حماة. الحرب السيبرانية ورغم أن المخططين الحقيقيين لهذا الاختراق لا يزالون مجهولين، فإن ثمة تلميحات تشير إلى جهات فاعلة مختلفة، بما فيها فصائل المعارضة السورية وأجهزة استخبارات إقليمية أو دولية، فإن فعالية الهجوم كانت واضحة. وتُجسد هذه الحادثة كيف يمكن للأدوات الرقمية منخفضة التكلفة، أن تُدمر قوة عسكرية تقليدية، وتوضح كيف أن نقاط الضعف المنهجية مثل انخفاض الروح المعنوية، وانخفاض الأجور، ونقص الوعي الأمني الرقمي، والفساد، يُمكن أن تُصبح ثغرات تُستغل في الحروب الحديثة. ومن الصعب تحديد عدد الهواتف التي تعرضت للاختراق في الهجوم بدقة، ولكن يُرجّح أن يكون العدد بالآلاف، وقد أشار تقرير نُشر على قناة تلغرام نفسها في منتصف تموز إلى إرسال 1500 تحويل مالي ذلك الشهر، مع منشورات أخرى تُشير إلى جولات إضافية من توزيع الأموال، و"لم يوافق أيٌّ من الذين تلقوا الأموال عبر التطبيق على التحدث معي، مُشيرين إلى مخاوف أمنية" على حد تعبير شاهين. وخلص التحقيق إلى أن الكشف عن هذا الهجوم السيبراني ساعد في تفسير كيف سقط نظام كان مهيمنًا في السابق بهذه السرعة وكيف كانت مقاومته ضعيفة إلى هذا الحد. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

أورتاغوس تولول: الجحيم بانتظاركم
أورتاغوس تولول: الجحيم بانتظاركم

الديار

timeمنذ 7 ساعات

  • الديار

أورتاغوس تولول: الجحيم بانتظاركم

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب الآن يقال للسوريين "ألم نحاول اقناع بشار الأسد بأن الطريق الى أورشليم الطريق هو الى الجنة، وأن الطريق الى طهران هو الطريق الى جهنم ؟". ها أن الاستثمارات العربية، والغربية، تتدفق بمئات المليارات على سوريا. لبنان الرافض للتطبيع سيظل يراوح مكانه. لا اعمار، ولا استثمارات، ولا خروج من الفساد الذي اذ قاد الدولة الى الخراب يقودها الآن الى الزوال... فارق كبير بين شخصية جوزف عون، بالأيدي النظيفة، وأحمد الشرع، بالأيدي الملطخة. هذه مسألة لا تعني العرب، ولا تعني الأميركيين الذين طالما تذرعوا بالديمقراطية، ولكن ليحترفوا صناعة، وادارة، أشد التوتاليتاريات، بل وأشد الديكتاتوريات، هولاً. كاتب سوري قال لنا "وضع بلادنا هكذا... الليدي غاغا بالنقاب الأفغاني". ولكن ماذا حين يقول خبير في صندوق النقد الدولي لأحد وزرائنا "أن قيمة الليرة السورية قد تتعدى، بعشرات المرات، الليرة اللبنانية، حتى لترى آلاف اللبنانيين يزحفون الى الالدورادو السورية" ؟ قبل اندلاع الأزمة الدموية في سوريا، حضرت مؤتمراً حول "طريق الحرير" في حلب التي كانت احدى المحطات المركزية في هذه الطريق. تجولت بين المصانع، بالمواصفات الحديثة (أشجار وورود ومساحات شاسعة)، وحين دخلت الى أحد المصانع فوجئت برجل بريطاني يستقبلني. سألته ما اذا كان في مهمة استشارية، أجابني "لا، لست كذلك. أنا شريك هنا". شريك انكليزي ويهوى القدود الحلبية. ما الغرابة، صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية كانت قد توقعت أن تصبح سوريا نمر غرب ىسيا. الكثير من المنتجات السورية يضاهي المنتجات الأوروبية، ويتفوق، نوعياً، على المنتجات التركية. كلام كثير عن الأتراك الذين نقلوا المصانع الى بلادهم أثناء الحرب. هذا ما يفعله الغزاة عادة... هل حقاً أن الديكتاتورية السورية، وحيث القرار المركزي، أفضل من الديمقراطية اللبنانية، بالدوران السيزيفي داخل الحلقات المفرغة، وحيث الضياع بين المصالح المتشابكة. اذا أردتم أن تعرفوا مدى افتقاد الادارة اللبنانية الى الديناميكية اسألوا فقط لماذا مغارة جعيتا التي تدرّ الملايين على الخزينة مقفلة؟ أدنى أنواع الديمقراطية وأعلى أنواع البيروقراطية. هكذا، بمنتهى الدقة وبمنتهى المرارة، الواقع اللبناني. أخذنا علماً بأن مورغان أورتاغوس آتية الينا وهي تولول بأن الجحيم في انتظارنا "اذا لم تبادروا، في الحال، الى التطبيع بالوسائل الديبلوماسية، الوسائل العسكرية جاهزة. التحريض الداخلي على أشده. التقارير التي تبعث بها قوى لبنانية اليها تشير الى أن ما بين 70 و 80 % من اللبنانيين مع التطبيع. لاحظنا كيف أن الأميركيين الذين لا يقدمون لنا سوى الفتات (ماذا نعنيهم أمام تريليونات العرب ؟) لا يكترثون بصيحاتنا، صيحات الاستغاثة، من الغارات الاسرائيلية، ومن الاغتيالات الاسرائيلية، وحتى من فرض الوجود الاسرائيلي على أرضنا، بحيث لا يسمح لأي شخص أن ينصب خيمة فوق أنقاض منزله في البلدات التي أزيلت من الوجود. حقاً لماذا نصرّ وحدنا على المواجهة، ليس في ظل الاختلال الدراماتيكي في موازين القوى، ولكن حين نرى قوافل العرب تائهة بين الـPax Aamericana والـ Pax Isrealena. ما نخشاه الايعاز بالتفجير الداخلي، وهناك من هو جاهز للمهمة، وفي الحال، بعدما لاحظنا كيف ارتفعت، وعلى نحو خطير، وتيرة التأجيج السياسي، والطائفي، ضد "حزب الله" كونه العدو، لا اسرائيل، للبنان وللبنانيين (ياجماعة طولوا بالكم شوي). لننظر الى الخريطة. الحزب محاصر في الجنوب، وفي البقاع، وفي الضاحية، بل ومحاصر في كل لبنان. في الظل بات الحديث اليومي عن "ضرورة ترحيل الشيعة من لبنان لكي يعود لبنان الى وضعه الطبيعي". متى كان لبنان في وضعه الطبيعي؟ المسألة باتت، حتى في نظر بعض المسؤولين العرب. بنيامين نتنياهو من الجنوب وأحمد الشرع من الشمال. هل يستطيع أحد، بل هل يتجرأ أحد، على سؤال أو على مساءلة وزير الخارجية يوسف الرجي على تصريحاته الفذة ضد "حزب الله"، والى حد اعتبار الحزب الذي له ممثلوه في الحكومة ـ أي شركاء للوزير ـ تنظيماً غير شرعي وخارج على القانون" ؟ الكل يعلم الى من يسند صاحب المعالي ظهره ورأسه. أولئك الذين يعتبرون أن الحزب هو العائق الوحيد دون استتباب السلام (أي سلام ؟) في الشرق الأوسط. مورغان أورتاغوس آتية الينا والشر، والشرر، يتطاير من عينيها، ومن شفتيها. هل تريدون لدبابات ايال زامير التي باتت على أبواب دمشق أن تصل الى أبواب بيروت لكي تقبلوا بالتطبيع الذي بات، سورياً، على نار حامية، ودون أن نعلم حتى الآن ما الثمن الذي سيتقاضاه رجب طيب اردوغان مقابل الصفقة التي وضعت كل تفاصيلها في اذربيجان. ولعلمكم أن الصفقة تشمل لبنان. من يشكك في المسألة فليسأل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي وضعته أجهزته الاستخباراتية في الأجواء. هذه المرة لا نجمة داود بل سيف داود. أي ورقة في أيدينا لنواجه مبعوثة دونالد ترامب؟ حطام سياسي، وحطام مالي، وحطام سوسيولوجي، بعدما نجح القادة الفلسطينيون في تحويل التراجيديا الفلسطينية الى كوميديا ديبلوماسية. لنعترف أن أزمتنا باتت أزمة وجودية. لآ أحد يملك أي تصور لما يمكن أن نفعل. ماذا ترانا نستطيع أن نفعل؟!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store