logo
الكشف عن هدايا تلقاها نتنياهو ولبيد وبينت بعضها من دول عربية

الكشف عن هدايا تلقاها نتنياهو ولبيد وبينت بعضها من دول عربية

العربي الجديدمنذ 4 أيام
وافق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن كشف عن 1057 هدية توصلت بها تل أبيب منذ عام 2017، عدد منها جاء من
دول عربية
، وذلك بعدما استجاب مكتبه لطلب حرية المعلومات الذي قدّمته جمعية "هتسلاحاه"، التي كشفت الأحد، بموافقته، عن قائمة الهدايا التي جرى تلقيها في إطار الزيارات واللقاءات الرسمية خلال السنوات الثماني الماضية. هذه هي المرة الأولى التي يوافق فيها على الكشف عن قائمة بهذا الحجم، إذ حتى اليوم، كانت هناك فقط تسريبات جزئية، وكانت هناك معارضة للكشف عنها خلال فترة التحقيق مع نتنياهو
بملفات الفساد
، خشية التأثير على التحقيقات.
وتتضمّن القائمة أيضاً 193 هدية تلقّاها رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينت و23 هدية تلقّاها رئيس الحكومة السابق يئير لبيد. كما تشمل أيضاً هدايا قُدّمت لمستشارين وموظفين شغلوا مناصب تحت رئاسة الوزراء. من بين الهدايا البارزة التي استعرضتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في 2 يناير/كانون الثاني 2017، تلقّى نتنياهو من قائد سلاح الجو المصري (لم يُذكر اسمه) في أغسطس/آب 2017 لوحة شطرنج تحتوي على شخصيات مصرية، وتمثال فرعوني، وعلبتان تحتويان على مستحضرات تجميل ومجوهرات، وطقم للمشروبات يشمل ستة كؤوس، وإبريق وصحن. أما وزير خارجية عُمان (لم يُذكر اسمه)، فقدّم لرئيس الوزراء نموذجاً لسفينة مطلية بالفضة. في يوليو/تموز 2020، تلقّى نتنياهو من جنرال مصري (لم يُذكر اسمه) علبة سيجار وزوجاً من أزرار الأكمام. لاحقاً، قدّم له الجنرال قلادة مزينة بأحجار حمراء. رونين بيرتس، الذي كان مدير مكتب رئيس الوزراء، تلقّى من وزير مالية
البحرين
إعلان السلام والتطبيع بين البحرين وإسرائيل 2020
في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، وُقع "إعلان السلام والتعاون والعلاقات الدبلوماسية والودية البناءة بين البحرين وإسرائيل"، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العاصمة الأميركية واشنطن، بهدف تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الأطراف الموقعة، واتخاذ تدابير لمنع استخدام أراضيها لاستهداف الطرف الآخر.
(لم يُذكر اسمه) قلماً فاخراً وعملات ذهبية داخل صندوق.
رئيس مجلس الأمن القومي السابق مئير بن شبات تلقّى في البحرين تمثالاً لعلم معدني مطلي بالذهب داخل صندوق، وست عملات ذهبية داخل صندوق. ومن بين المعلومات الواردة في التقرير العبري، أن الوزير إيلي كوهين تلقّى من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير بندقية "إم 16". لكن الغريب في المعلومة الواردة في تقرير الصحيفة، وكذلك في ملف قائمة الهدايا الذي راجعه "العربي الجديد"، أن ذلك حدث، وفق ما هو مذكور، عندما كان كوهين وزيراً لشؤون الاستخبارات عام 2021، ما يثير شكوكاً بشأن دقة المعلومة، إذ أُسقط نظام البشير في العام 2019. وقدّم وزير الاستخبارات المصري (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو ربطة عنق حمراء، وقاطع سيجار فضياً - ذهبياً، ومنفضة خزفية برتقالية، وعلبة برتقالية لحفظ السيجار، ووحدات سيجار من نوع "كوهیبا" داخل صندوق خشبي، وولاعة فضية.
رصد
التحديثات الحية
إعلامي سعودي وناشط سوري في "الكنيست": ترويج التطبيع
هدية عبارة عن ساعة كبيرة من الرخام تلقاها نتنياهو من رئيس كازاخستان (لم يُذكر اسمه)، وأُشير إلى أن الهدية نُقلت إلى الوصي العام، أي لم يُحتفظ بها ولم تُسترد. في اليوم نفسه، تلقّى نتنياهو من أحد السفراء وزوجته شوكولاتة على شكل صورته وصورة زوجته
سارة
. مكان الهدية محدد بـ"أمن الدولة"، ولا يُعرف ما إذا كانت قد أُكلت أو جرى التخلص منها. يتسحاق مولخو، مستشار نتنياهو البارز في ذلك الوقت، تلقّى من السفير الروسي (لم يُذكر اسمه) زجاجة شمبانيا فاخرة، وعلبة شوكولاتة، وزجاجة فودكا، وصندوقاً خشبياً مزخرفاً، وعلبة بونبون. وقد أُشير إلى أن هذه الهدايا نُقلت أيضاً إلى الوصي العام. في اليوم التالي، تلقّى نتنياهو من السفير الياباني (لم يُذكر اسمه) مزهرية بنية داخل صندوق خشبي.
في 8 يناير 2017، تلقّى نتنياهو خلال زيارة إلى أذربيجان وكازاخستان حزمة من السيجار. وكُتب أيضاً أن الهدية نُقلت إلى الوصي العام. وفي اليوم السابق، تلقّى من رئيس وزراء جامايكا (لم يُذكر اسمه) حزمة تحتوي على ثماني وحدات من السيجار داخل صندوق. في 24 يناير 2017، قدّم له وزير خارجية توغو (لم يُذكر اسمه) لوحة زيتية تُظهر صورة امرأة على خلفية سوداء وصفراء. في 30 يناير 2017، تلقّى نتنياهو من جهة غير معروفة تمثال بوذا من الفضة مزين بأحجار حمراء وخضراء.
في 8 مارس/آذار 2017، تلقّى نتنياهو خلال زيارة إلى أستراليا سواراً من الذهب مع لؤلؤة داخل صندوق بني، ودبوساً ذهبياً على شكل زهرة، وطبقاً ذهبياً مزيناً بزخارف زهرية من الذهب مع كتابة، وحقيبة مستندات من الجلد البني داخل صندوق أزرق. نائبة رئيس وزراء الصين (لم يُذكر اسمها) قدّمت لنتنياهو مزهرية بيضاء، ونُقلت إلى غرفة الهدايا في مكتب رئيس الوزراء. رئيس الصين شي جين بينغ قدّم له في 23 مارس 2017 معبداً صينياً مصنوعاً من الخشب. في 29 مارس من العام نفسه، تلقّى نتنياهو سيجاراً داخل علبة خزفية بيضاء. رئيس كردستان (لم يُذكر اسمه) قدّم لنتنياهو في 9 إبريل/ نيسان 2017 سجادة صغيرة بألوان الأحمر والأبيض والأسود. وقدّم حاكم كيبك في كندا (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو في يونيو/حزيران 2017 تمثالاً من الرخام لاثنين من الخنازير. ويبدو أن الحاكم لم يكن يعلم أن الخنازير ليست هدية شائعة في إسرائيل. وقدّم رئيس ورئيسة ليبيريا (لم يُذكر اسمهما) لنتنياهو قهوة ومرطبان عسل، بالإضافة إلى شمعة بألوان الأزرق والأبيض والأحمر.
أخبار
التحديثات الحية
الشرطة الإسرائيلية بصدد التحقيق مع سارة نتنياهو
وقدّم جنرالات أميركيون له صندوقاً من الزجاج والمعدن يحتوي على سيجار. كما تلقّى كرة فوتبول وخوذة من رياضة شعبية في الولايات المتحدة. وقدّم رئيس وزراء اليونان (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو خلال زيارة إلى أثينا طبقاً فضياً مع نقش داخل صندوق أزرق. وقدّم الرئيس الفرنسي (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو تمثالين معدنيين فضيين متطابقين. وأهدته حاكمة ولاية أيوا (لم يُذكر اسمها) ساعة صغيرة مصنوعة من الخشب. وخلال زيارته إلى فرنسا، تلقّى نتنياهو قلماً من شركة "ديبونت باريس". السفير الأميركي في حينه ديفيد فريدمان قدّم لنتنياهو مجموعة استحمام شملت عطراً، وصابوناً، وكريم حلاقة. وسفير إيطاليا في إسرائيل (لم يُذكر اسمه) قدّم لنتنياهو قلماً من شركة "أورورا". وفد من رؤساء برلمانات من أفريقيا قدّم لنتنياهو تمثالاً لامرأة من القارة.
وزير خارجية اليابان (لم يُذكر اسمه) قدّم لنتنياهو روبوتاً صغيراً. في مارس 2018 خلال زيارته إلى الهند، تلقّى نتنياهو العديد من الهدايا: تمثال ذهبي، وشمعدان طويل، وتمثال غاندي، ولفافة قماشية بعنوان "الخطايا السبع"، وقرص، وأربعة تماثيل، وكتب، وصورة بإطار ذهبي، وتمثال معدني للاعب غولف (ذُكر أن الهدية ليست موجودة في غرفة الهدايا)، وسجادة. ورئيس
غواتيمالا
(لم يُذكر اسمه) قدّم لنتنياهو زوجاً من أزرار الأكمام بحجر أخضر. وقدم رئيس قبرص (لم يُذكر اسمه) له هدية مشابهة. في مايو/أيار 2018، تلقّى نتنياهو عبر مجلس الأمن القومي (من دون ذكر الجهة المانحة) سلسلة من الذهب الأبيض مرصعة بالأحجار، وزوجاً من أزرار الأكمام من الذهب الأبيض مع أحجار. في مارس 2019، قدّم رئيس مولدوفا (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو ست زجاجات شمبانيا. وفي الشهر نفسه، قدّم له زجاجة مشروب كحولي آخر، بالإضافة إلى مجموعة من ثلاث زجاجات نبيذ. وقدّم رئيس الغابون (لم يُذكر اسمه) لنتنياهو في مارس 2019 قناعاً.
تقارير دولية
التحديثات الحية
"صفقة القرن" بين ترامب ونتنياهو: فاصل إعلاني بين محاكمتين
في يونيو 2019، قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنتنياهو هدية عبارة عن تمثال حمامة وصورة لإطلاق مركبة الفضاء "بيريشيت". وفي يوليو/تموز 2019، قدّمت قيادة الطوائف الأرثوذكسية لنتنياهو نقانق سلامي كوشير. في إثيوبيا، تلقّى نتنياهو هدية عبارة عن قميص بأزرار بلون الكريم. وتلقّى نتنياهو من رئيس بلدية في غواتيمالا (لم يُذكر اسمه) هدية عبارة عن وشاح هندي تقليدي.
دقيق من الأردن وذهب من البحرين ومصر وسجادة من الإمارات
خلال فترة ولايتهما التي استمرت عاماً ونصف عام، تلقّى رئيسا الوزراء نفتالي بينت ويئير لبيد عدة هدايا. بينيت تلقّى زجاجة مشروب كحولي من نوع "پلينكا تسويكا" من وفد من سفراء الأمم المتحدة، كما قدّم له وزير خارجية قبرص (لم يُذكر اسمه) تمثالاً لسفينة داخل صندوق بلاستيكي شفاف. وقدم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني له كيس دقيق يزن خمسة كيلوغرامات داخل حقيبة قماشية بلون كريمي. من السفير الهندي في إسرائيل (لم يُذكر اسمه) حصل على إبريق شاي زجاجي بغطاء معدني، ومن مصر (من دون تحديد الشخص) حصل على سلسلة ذهبية فيها تعليقة على شكل حصان ورجل، وتمثال فرعوني داخل صندوق أسود. السفارة الإيطالية قدّمت له ربطة عنق زرقاء، ومن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تلقّى قلماً أسود يحمل توقيعاً شخصياً. أما من رئيس الفيفا (لم يُذكر اسمه)، فقد تلقّى ربطة عنق وقميص لاعب كرة قدم وميدالية مفاتيح وكرة وسواراً شفافاً ودبوساً ذهبياً ودبوسين فضيين.
ملحق فلسطين
التحديثات الحية
المخطط الأميركي للتهجير ومسار التطبيع الإقليمي
وقدّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبينت تمثالاً فضياً منقوشة عليه كتابة هيروغليفية. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدّم له سلة تحتوي على مأكولات تشمل أسماكاً ومعلّبات. وقدّم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لبينت صندوقاً يحتوي على لوحة شطرنج، وترموساً دائرياً مطلياً بالذهب، وإبريقاً ذهبياً، وملعقة تقديم ذهبية، ومجموعة من أربع كؤوس ذهبية، وساعة وقلماً داخل صندوق أزرق، وسلسلة خرز بلون الرخام، وعملة تحمل صورة الملك، وهرماً بداخله ساعة صغيرة داخل صندوق، وصينية ذهبية داخل صندوق أخضر، وسيفاً مزخرفاً بالفضة، وصندوق مجوهرات مزيناً بالذهب. يئير لبيد تلقّى من سفير الهند (لم يُذكر اسمه) كؤوساً مزخرفة وصينية من الذهب عيار 24. ومن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد تلقّى سجادة زرقاء مزينة برسومات. كما تلقّى من وزير خارجية غواتيمالا (لم يُذكر اسمه) قلماً أخضر وأسود، وأزرار أكمام مستطيلة سوداء، وكتاباً كبيراً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإبادة في غزّة والتواطؤ الغربي والخذلان العربي
الإبادة في غزّة والتواطؤ الغربي والخذلان العربي

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

الإبادة في غزّة والتواطؤ الغربي والخذلان العربي

ألهذه الدرجة حَكَم العالم على نفسه بالعجر والموت، فلم يعد قادراً حتّى على تمكين مدنيين عزّل من قطعة خبز وشربة ماء؟ ألم يدرك قادة القوى الكُبرى أنهم يتحمّلون مسؤوليةً أخلاقيةً وسياسيةً تجاه ما يحدث في غزّة من قتل وتدمير ممنهجَين، وعقاب جماعي وتجويع مروّع وحصار غير مسبوق؟ يعلم هؤلاء جيّداً أنهم السند الفعلي والداعم الرسمي والرئيس لإسرائيل، وهم الذين يُغدقون عليها المال والسلاح، ويحمونها من أيّ إجراءات عقابية يمكن أن تحدّ من حماقات حكومة متطرّفة هوجاء. كيف يمكن تفسير هذا الصمت والتواطؤ غير المبرَّرَين؟... ما يمكن اعتباره عقدةً أخلاقية تمترست في مخيال الغرب، وأخذت شكل الحاجز النفسي الذي يحول دون معاقبة الكيان الصهيوني ذريعة غير سليمة، وسردية مكشوفة، لا تعدو غطاءً تختبئ تحته الحكومات الغربية، لتترك إسرائيل تقوم بمهمتها الاستعمارية، إنهاك الشرق وتفتيته، وقولبته جغرافياً وجيوستراتجياً. فأن تتحكّم إسرائيل في مجمل التراب الفلسطيني بإعادة احتلال غزّة وضمّ الضفة الغربية والقدس الشرقية معناه أنها ستتمكّن من مدّ سيطرتها وتوسّعها إلى جغرافيات أخرى في سورية ولبنان، وربّما في مصر، إذا وجدت الشروط ملائمةً، وردّات الفعل محتشمة أو منعدمة. الممارسات الهمجية ووجبات القتل اليومي المتوحّشة، واستراتيجية الأرض المحروقة والتهجير القسري، وتسوية كلّ ما بنته سواعد أبناء غزّة بالأرض، وهدم المؤسّسات الحيوية والمنشآت الضرورية ومباني السكّان، وتدمير الشوارع والساحات والحدائق وأماكن العبادة، وتجريف المقابر والتنكيل والتمثيل بالجثث، والاعتقالات في شروط قاسية جدّاً، والتعذيب الذي يصل إلى الموت في عشرات الحالات، وإلى الهزال الشديد والعقوبات الجماعية... ألم يحرّك هذا التوحش كلّه، وهذا الجبروت كلّه، قادة العالمَين؛ العربي والإسلامي؟ ألم يصبهم بالصدمة التي كان من الممكن أن تتحوّل صرخةً أو صيحة مدوّيةً تتبعها قرارات ملموسة لفتح كوّة أمل (ولو كانت صغيرةً) أمام سكّان غزّة، وتمكينهم من الأكل والشرب والعلاج؟ أليس من البديهي والطبيعي أن يحصل هؤلاء على هذا الحقّ الضروري لاستمرارهم أحياء؟ ألا تخفق قلوب القادة وترفّ جفونهم أمام هول الكارثة التي تجاوزت كلّ خيال وتصوّر؟ ماذا سيحدث لو ضُغط على حكومة الكيان الصهيوني بُغية ردعها وكبح جماح تطرّفها وغطرستها، ولتتوقّف عن مخطّط الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب؟ هل ستزلزل الأرض وتقوم القيامة لأنّ دولة شعب الله المختار المؤمنة والمحروسة والمسيّجة برعاية إلهية ستصاب بنوبة غضب، وستمسّ في جوهرها؟ وصل الحقد والتوحّش بالكيان المحتلّ إلى منع الغزّيين من الاستحمام في مياه البحر الأبيض المتوسط، بهدف تعقيد الوضع وزرع مزيد من الإحباط لا. لا شيء من هذا. فقط الحكومة المتطرّفة بزعامة بنيامين نتنياهو، لمّا وجدت الساحة فارغةً وخلا لها الجو، وأدركت أن توقيع دول عربية على ما سمّيت "اتفاقيات أبراهام"، التي رعتها الولايات المتحدة، هو تفويض لها، وضوء أخضر لتنفذ أخطر جريمة ضدّ الإنسانية، وأفظع حرب إبادة في التاريخ، عوض أن تشكّل هذه الاتفاقيات، حاجزاً يمنعها من التغوّل والتنكّر لحقّ الفلسطينيين في إقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية. إلى متى ستظلّ دولة الاحتلال فوق القانون وخارج نظام العقوبات والردع؟ فهذا الكيان السرطانيّ عمد ضمن سياسة مُفكَّر فيها إلى تغيير المعادلة الديمغرافية في أرض الواقع، بقتل أكبر عدد من سكّان غزّة تحديداً، مع التلويح بورقة التهجير، قسراً أو طواعية. وهذا ما جعل حكومة هذا الكيان تجري اتصالات مع دول عدّة في أفريقيا وأوروبا الشرقية وأميركا الجنوبية وآسيا، إضافة إلى مصر، لاستقبال لاجئين من قطاع غزّة بمسمّيات مختلفة. ولا تخفي هذه الحكومة أنها مستعدّة لتقديم تسهيلات مالية لمن يغادر قطاع غزّة طواعيةً، مستغلّة في ذلك الحصار الطويل الذي فرضته على القطاع منذ 2007، وتضاعفت حدّته منذ "7 أكتوبر" (2023)، وظروف العيش القاهرة والتجويع المقصود. بل وصل الحقد والتوحّش بالكيان المحتلّ إلى منع الغزّيين من الاستحمام في مياه البحر الأبيض المتوسط، بهدف تعقيد الوضع وزرع مزيد من الإحباط، ودفع السكّان إلى التفكير في الهجرة الطوعية حلّاً وحيداً للنجاة من الموت. ينبغي التعامل مع ما تقوم به الحكومة اليمينية المتطرّفة في إسرائيل بكثير من الوعي واليقظة والحسّ الاستباقي. فهي لا تدمّر وتقتل وتبيد وتجوّع وتهجّر اعتباطاً وارتجالاً، بل تنفّذ استراتيجيةً متكاملة الأركان، ومدروسةً في الغرف المظلمة في تل أبيب وواشنطن وعواصم أخرى. وهذا ما أشار إليه الصحافي والكاتب الإسرائيلي الجريء جدعون ليفي، في صحيفة هآرتس، عندما كتب (12 يوليو/ تموز الجاري)، فقال: "ليست هذه حرباً متدحرجة، ولم يعد بالإمكان اتّهام نتنياهو بحرب لا جدوى منها. لهذه الحرب جدوى، وهي جدوى إجرامية. مرة أخرى، لا يمكن توجيه الانتقادات لقادة الجيش بأن الجنود يقتلون عبثاً، هم يقتلون في حرب من أجل التطهير العرقي. مهّدتْ الأرض، يمكن الانتقال إلى نقل السكّان، أمّا الإعلانات والمناقصات المطلوبة فأصبحت في الطريق. بعد استكمال عملية النقل واشتياق سكّان (المدينة الإنسانية) لحياتهم بين الأنقاض، مجوّعين ومرضى وتحت القصف، حينئذ يمكن الانتقال إلى المرحلة الأخيرة، وهي تحميلهم بالقوة في الشاحنات والطائرات تجاه الوطن الجديد الذي يطمحون إليه، ليبيا، وإثيوبيا، وإندونيسيا". إلى متى ستظلّ دولة الاحتلال فوق القانون وخارج نظام العقوبات والردع؟ ما كان الكيان الصهيوني ليصل إلى هذا المستوى من التغوّل والتطرّف والعجرفة لو كان هناك موقف دولي حازم ومبدئي وجدّي. غير أنه لما حصل العكس، وتبيّن أن الغرب، ولأسباب ثقافية وتاريخية وأيديولوجية وعقائدية، وحرصاً منه على مصالح استراتيجية مشتركة مع الكيان الصهيوني. امتنع عن اتّخاذ أيّ عقوبات ضدّ الحكومة الفاشية في إسرائيل، بل أكثر من هذا مدّها بالسلاح والمال، ومكّنها من الدعم الدبلوماسي، بما في ذلك حقّها في الدفاع عن النفس، على نحوٍ فضفاض من دون تحديد أو تدقيق، لأنّ ما يهمّ الغرب، وفي طليعته الولايات المتحدة، هو إرضاء اللوبي الصهيوني وعدم إزعاجه. هذا اللوبي الذي حول السردية الإسرائيلية عن المظلومية والهولوكست ريعاً تاريخياً، وورقةً لابتزاز الدول والمؤسّسات، واتهام كلّ مَن ينتقد جرائم وفظاعات الاحتلال بأنه معادٍ للسامية، علماً أن الصهاينة ارتبكوا في قطاع غزّة أسوأ هولوكست في التاريخ، وأبشع الجرائم التي يعاقب عليها القانونَين؛ الدولي والدولي الإنساني. بيد أن الحصانة التي تتمتّع بها إسرائيل جعلتها هي التي تتهم وتتطاول، حتى على أول مسؤول أممي وتتهمه بمعاداة السامية. وإمعاناً في التطرّف والغطرسة، لم تتوان في توجيه تهديدات إلى كريم خان، المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، التي سبق لها أن أصدرت مذكّرتَي اعتقال بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت. ورغم ترحيب دول ومنظّمات وحركات عربية بهذا القرار، انخرطت الحكومة الإسرائيلية ومعها حليفتها الإدارة الأميركية في حرب نفسية وإعلامية ودبلوماسية، لتحوير مسار الأحداث، وتحويل أنظار الرأي العام العالمي. الحملة المسمومة نفسها شملت المقرّرة الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، فلم يتردّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في إعلان عقوبات بحقّ ألبانيز على خلفية كشفها تورّط شركات عالمية في ما وصفته باقتصاد الإبادة في فلسطين. وأوضحت المقرّرة الأممية في تقريرها أن هناك دولاً تساند إسرائيل في مشروعها للهيمنة وتهجير الفلسطينيين، وطالبت، في ضوء ذلك، بتعليق الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل، التي تسهم في حرب الإبادة في غزّة، كما كشفت أن شركات صناعة أسلحة عالمية وفّرت لإسرائيل 35 ألف طنٍّ من المتفجرات، ألقتها على قطاع غزّة، وهي تعادل ستّة أضعاف القوة التدميرية للقنبلة النووية، التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية. الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع الأمم المتحدة ومختلف المؤسّسات الدولية، واستهتارها بكلّ القرارات، وتماديها في ارتكاب الجرائم وإشعال الحرب في أكثر من منطقة، وتأجيج الصراعات الطائفية، وتغذية النعرات العرقية والمذهبية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الهدف منه هو إقناع الفلسطينيين والعرب بأنّ إسرائيل دولةٌ فوق القانون، فهي قوية، ولا أحد باستطاعته محاسبتها أو الردّ عليها، حتى ولو اعتدت عليه، وأن القانون الدولي في اعتقادها مجرّد خرافة، وأنها على حقّ بفضل القوة التي تملكها، وبفضل دعم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، وأيضاً بفضل الصمت والخذلان العربي الرسمي، اللذَين حوّلتهما سلاحاً لصالحها. فهي وفق هذا المنطق دولة يحقّ لها أن تفعل ما تريد، من دون أن تخضع لأيّ ردع سوى ما تقرّره هي، ومَن يفكّر في ردعها، فمصيره الدمار والهلاك.

مكافحة الإرهاب أم دعمه ورعايته؟
مكافحة الإرهاب أم دعمه ورعايته؟

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

مكافحة الإرهاب أم دعمه ورعايته؟

بينما ظهرت موجة تفاؤل سبقت اللقاء الثالث بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب في البيت الأبيض على خلفية تصريحات للأخير، شدّد فيها على وجوب إنهاء الحرب في غزّة، وعلى الاستعداد للضغط على نتنياهو، فإن هذا التفاؤل لم يلبث أن تراجع، إذ لم تطابق النتائج المقدّمات والتوقّعات، وما حدث أن نتنياهو قلّل من مماطلته وتهرّبه، وعاد بعض الزخم إلى التفاوض غير المباشر بين حركة حماس وحكومته برعاية الوسطاء الثلاثة. لنلاحظ في هذه الفترة (يوليو/ تموز الجاري)، أن الأنباء من غزّة تزايدت عن مُجوَّعين سقطوا، إمّا من الجوع الشديد المصحوب بإعياء تام (المسغبة)، أو برصاص الجنود الإسرائيليين، أو برصاص مرتزقة ما سُمّيت "مؤسّسة غزّة الإنسانية"، وهم مجموعة من القتلة الأميركيين ومتعدّدي الجنسيات، يعملون بإشراف حكومة نتنياهو. وقد اشتدّت ظاهرة التجويع منذ مطلع العام الحالي (2025)، وتزامنت مع استبشار أركان حكومة نتنياهو بعودة ترامب إلى البيت الأبيض. وبينما يطلق المبعوث ستيف ويتكوف، منذ ما لا يقل عن عشرين أسبوعاً، تصريحات متكرّرة عن جهود مستمرّة لإنجاح المفاوضات، فإن الحرب في الأثناء تستمرّ بوتيرة خاصّة، فهي تركّز في المدنيين العزّل المنكوبين في الخيام أو مراكز الإيواء، مرفوقةً بتضييق الحصار، ومنع المساعدات الخارجية عبر بوابة رفح. لا يلاحظ الرئيس ترامب، ولا مبعوثه ويتكوف، أن حرب نتنياهو تركّز في الأطفال والنساء، ويبدي أركان هذه الإدارة حرصاً تاماً (وحرفياً) على عدم إبداء أيّ تعاطف مع الضحايا وذويهم، ممّن يسقطون بالعشرات يومياً، وقد حدث أن وصف ترامب الحرب بأنها وحشية، من دون أن يحدّد من هم الوحوش ومن هم الضحايا. ومن دون أن تبدُر عن إدارته أيّ دعوة علنية لنتنياهو وجنرالاته إلى الكفّ عن قتل المدنيين، فما شأن قتل الأطفال والنساء والعائلات بالجملة وبوحشية مفرطة في الحرب "بين إسرائيل وحماس"؟ واقع الحال أن لا علاقة لهذه الجرائم المقزّزة بالحرب، فهي وقائع قائمة بذاتها، وذات أهداف مستقلّة ترمي (في القرن الحادي والعشرين) إلى محو الكتلة البشرية في غزّة، ومن السخف الشديد، واللؤم الأشدّ، تصويرها ضغطاً عسكرياً، فاستهداف المدنيين ليس نشاطاً عسكرياً، بل هو نشاط إرهابي بغيض، يستحقّ مرتكبوه سوقهم إلى العدالة، كما حدث من قبل مع مرتكبي الجرائم في البوسنة والهرسك، وفي كوسوفو في البلقان في أواخر القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة. اقترفت إدارة ترامب خطيئةً علنيةً بسماحها لما تسمّى "مؤسّسة غزّة الإنسانية" باحتكار توزيع المساعدات وقد اقترفت إدارة ترامب خطيئةً علنيةً بسماحها لما تسمّى "مؤسّسة غزّة الإنسانية" باحتكار توزيع المساعدات، إذ يترافق هذا التوزيع مع اقتراف مرتزقة هذه المؤسّسة جرائم قتل يومية، بالتعاون والتنسيق مع جيش الاحتلال. وزادت إدارة ترامب الموقف سوءاً حين وجّهت عقوبات غاشمة إلى المحامية الإيطالية، المبعوثة الخاصّة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز، لأنها واظبت على كشف جرائم الاحتلال وتوثيقها، وكأنّ واشنطن مصمّمة على نيل "شرف" المشاركة في حرب الإبادة، وبهذا تنتقل من سياسة مكافحة الإرهاب إلى دعمه ورعايته. قد تتعثر المفاوضات ويتأخّر التوصل إلى وقف إطلاق النار، لكن لماذا المواظبة على قتل الأطفال والنساء والعائلات بصورة يومية وروتينية؟ ولماذا لا تتّخذ أميركا والصين وروسيا ما يلزم من إجراءاتٍ لوقف هذه الفظائع؟... يوم الأربعاء الماضي، أصدر الوسيط غير الرسمي بين "حماس" والإدارة الأميركية، وهو الأميركي الفلسطيني بشارة بحبح، بياناً أخذ فيه على "حماس" تأخّرها في الردّ على مقترحات جديدة، واعتبر ذلك غير مبرّر، وأنه يكلّف الشعب الفلسطيني عشرات الضحايا كلّ يوم. ويجد المرء نفسه متفقاً مع بحبح بأن "حماس" تتباطأ أحياناً في الردّ على الوسطاء، وهو بطء غير مبرّر ومرفوض، وأنه يتعيّن الضغط على الطرفين، حركة حماس وحكومة نتنياهو، للمسارعة إلى وقف الحرب، ولكن ما علاقة ذلك كلّه بأن يتمتّع نتنياهو ووزراؤه وجنرالاته بارتكاب مجازر يومية، ومنع الكميّات الكُبرى من الطعام والماء والدواء من الوصول إلى سكّان غزّة؟ وقد شاءت ربّما المصادفات أن تلقّت "حماس" ملاحظات بحبح، فسارعت في اليوم نفسه (قبل ثلاثة أيام) بتسليم ردّها إلى الوسطاء. وقد تنجح جهود ويتكوف وبحبح وجهود الوسطاء هذه المرّة، وقد تخيب كما تفيد خبرة الفترة الدامية الطويلة الماضية. ولكن، ما العلاقة بين مواصلة محتملة للمواجهة المسلّحة بين إسرائيل و"حماس" وبين إبادة البشر التي ينشط بها الاحتلال؟ وصف ترامب الحرب في غزّة بأنها وحشية، من دون أن يحدّد الوحوش والضحايا لقد دمج نتنياهو بين حربه على غزّة و"حماس" وحربه القذرة على الأطفال والمسنيّن والمرضى والنساء والعائلات، فكيف يمكن للضمير الإنساني والسياسي وكيف يمكن لبشر أسوياء طبيعيين أن يرتضوا هذا الدمج الصفيق، وأن يتعاموا عنه، وتؤدّي واشنطن الدور الرئيس في التعمية والتعتيم على هذا الإرهاب، وصرف الأنظار عنه، ثمّ الحفاوة في واشنطن بمجرمي حرب مطلوبين للعدالة الدولية، فيما تُرهب ناشطة محترمة في مجال حقوق الإنسان لأنها كشفت (بالوقائع والحقائق والأرقام) طبيعة الحرب الدائرة، التي تمثّل بحقّ وصمة عار على جبين صانعي السياسة الدولية. من مصلحة أميركا التطهّر من هذا العار ووقف هذه الحرب الغاشمة، والتكفير عن الدعم السخي الذي يتلقّاه عتاة السفّاحين من واشنطن، كما من مصلحة بقية دول مجلس الأمن وضع حدّ لهذه الوحشية المقزّزة التي طال أمدها واتّسع نطاقها وتضاعف عدد ضحاياها، وإلا فليكفَّ الجميع عن ادّعاءاتهم بالتمدّن والانتماء إلى عالم واحد وعائلة بشرية واحدة، وليعلنوا أنهم لم يقطعوا روابطهم مع إرث حروب الإبادة ضدّ السكّان الأصليين، وقد ذهب ضحيتها عشرات الملايين من الأبرياء، ومع إرث حروب المستعمرات وحروب الرقيق والتطهير السياسي والأيديولوجي، وهذا السجلّ الأسود كلّه ممّا يندى له الجبين.

التطبيع بالبلطجة وفرض الإذعان
التطبيع بالبلطجة وفرض الإذعان

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

التطبيع بالبلطجة وفرض الإذعان

لن يكون وضع نهاية لحرب الإبادة على غزّة خاتمة المطاف في السُعار الإسرائيلي، وهو ما يُستدَّل عليه من السلوك العسكري والسياسي لحكومة بنيامين نتنياهو، فهذا الشخص بات يرى في دولته قوةً إقليمية كُبرى، وما يوصف بالشرق الأوسط بات مسرحاً لعمليات الجيش بترخيص ضمني من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعدما اقتنع الأخير بأن الضغوط العسكرية "أفضل ضمان للمطامح السياسية، ولانتزاع تنازلات كبيرة"، وحتى باتت تسريبات صحافية إسرائيلية بأن اتفاقاً سورياً إسرائيلياً سيُنجز قبل نهاية العام الجاري أمراً مألوفاً وحسناً، إلا أن السلطات الانتقالية في دمشق نفت ذلك. وفي لبنان، لن يطوي تسليم سلاح حزب الله للدولة اللبنانية ملفّ الأزمة المحتدمة، فلن تتأخّر تل أبيب في المجاهرة بضرورة صياغة اتفاق سلام، وإلا فإن قوات الجيش سوف تواصل قصف بؤر حزب الله ومستودعاته ورموزه. أمّا إيران، فسوف يسعى نتنياهو إلى انتزاع تفويض من ترامب بضرورة معاودة قصفها، إذا ما عاودت بناء منشآتها، ولن يوقف مثل هذه المخطّطات سوى تصدّع في بنية النظام الإيراني. وفي غزّة، لن يُترك الغزّيون وشأنهم، فتل أبيب ماضية على قدم وساق في التمهيد لاقتتال داخلي يؤسّس له ويرعاه ويغذّيه الاحتلال، وقد يعزّزه من غير قصد قمعٌ "حكومي" لمواطنين منكوبين يمارسون حقّهم في حرية التعبير، أو من خلال نشر قوات متعدّدة الجنسيات بغير تمهيد أو اتفاق، ومن دون تحديد مهماتها مسبقاً. وواقع الحال أن ثمّة تناغماً موضوعياً بين التطلّعات المُعلَنة لإدارة ترامب لفرض مزيد من التطبيع الإبراهيمي في المنطقة وعمل نتنياهو على تغيير الشرق الأوسط، على نحو تكون فيه تل أبيب مركزاً لنفوذ إقليمي واسع، وبالسطوة المسلّحة، وسط شلل عربي، وانكفاء داخلي أو استعداد للتعامل مع الأمر الواقع حين يقع. ومن المهازل أن يربط نتنياهو مصير المنطقة بمصير حكومته، فهذه الحكومة كما يقول رئيسها ستكون مهدّدةً بالانهيار إذا وضعت نهاية للحرب على غزّة، من دون تهجير سكّانها والقضاء على حركة حماس. أمّا معاودة استهداف إيران فهو مطلب غالبية أعضاء الحكومة، وكذلك الاستيلاء (يسمونه فرض السيادة) على الضفة الغربية، فهو مطلب عزيز على قلوب الوزراء ممّن لديهم مطالب أخرى تتعلّق بسورية ولبنان، وربّما بتركيا وباكستان. وبهذا، فإنه على العالم أن يتفهّم أن صمود ائتلاف حكومة نتنياهو يقتضي إطلاق يد الجيش في استهداف أيّ رقعة في الشرق الأوسط، ولن ينجو أحد من العقاب الاسرائيلي إلا إذا زحف نحو التطبيع مُذعناً لشروط نتنياهو ووزرائه. وسيجري تصوير ذلك من إدارة ترامب بأنه طيٌّ لصفحة الحروب، وإغلاق للصراعات، وفتح الأبواب أمام سلام عظيم، تتطلّع إليه الشعوب. لا يتورّع ترامب عن تحويل كلمة فلسطيني شتيمةً يصف بها من لا يروق له ومع أنه سبق أن اتهم نتنياهو بأنه يسعى إلى أن يتلاعب به، لم يواظب ترامب على الاتصال بأحد في العالم كما يفعل مع نتنياهو، ولم يلتقِ أحداً من الزعماء ثلاث مرّات منذ بدء ولايته سوى نتنياهو، ومن المرجّح أن تتواصل هذه الوتيرة، رغم أن ترامب قد لا يكون مُحبّاً لهذا الأخير (هل يحبّ أحداً على الإطلاق؟)، بيد أنه من الواضح أنه معجب باندفاعه المتوحّش، لدرجة أنه دعا المؤسّسات الاسرائيلية إلى وقف محاكمته، وتكريمه بدلاً من جعله يقف أمام القضاء، وقد جاء ذلك في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران. وسبق لنتنياهو أن قال إن ترامب يحبّ الأقوياء على شاكلته لا الضعفاء، ممّا يؤدّي في النهاية إلى انتزاع الإعجاب به من طرف سيّد البيت الأبيض. والمسألة بطبيعة الحال تتعدّى التفاعل الشخصي المركّب بين الرجلَين، إذ إنهما يلتقيان أساساً عند رفض الامتثال للقواعد السياسية المألوفة التي تحكم علاقات الدول في عالمنا، ويؤمنان بعسكرة السياسة الخارجية، والاستيلاء على ما يملكه الغير بطرق شتى، بما يُعيد صورة الاستعمار القديم، ولكن مع استخدام مصطلحات حديثة للهيمنة منها إحلال التعاون ونشر السلام، والإفادة من خبرات وكفاءة القوة الغازية في المجالات التقنية والاقتصادية والعلمية، وأخيراً في مجال الذكاء الاصطناعي. لن ينجو أحد من العقاب الاسرائيلي إلا إذا زحف نحو التطبيع مُذعناً لشروط نتنياهو ووزرائه وبينما تتعزّز هذه التوجّهات بميول قومية مفرطة، أميركية وإسرائيلية، يُستهان بقومية الآخرين، وفي مقدمّهم الفلسطينيون، ولا يتورّع ترامب عن تحويل كلمة فلسطيني شتيمةً يصف بها من لا يروق له من شخصيات في بلده، وهو ما يجيب عنه أحرار العالم، بمن فيهم شبّان أميركا، بالهتاف لفلسطين حرّة، وإدانة الولوغ في حرب الإبادة، وحرب التجويع من واشنطن وعواصم غربية، مع تخاذل عربي وإسلامي لا نظير له، ما سوف تسير بذكره الرُّكبان في مقبل الأيام وبما يليق به. في سنوات سابقة، كانت تُجرى حوارات عربية دورية ذات طابع "استراتيجي" مع الولايات المتحدة، غير أن صفحة الحوارات طويت لاحقاً، فواشنطن ترغب في حوار منفرد مع الدول العربية، وبما يلاقي رغبةً مماثلةً لدى أطراف عربية بالتفاهم المنفرد مع واشنطن في أمور ثنائية وإقليمية، وهو ما ترسّخ خلال العقد الماضي، ما يسهم في استثمار واشنطن لهذه التباينات، وعلى نحو تعيد فيه تأكيد أولوية تطبيع عربي مع دولة الاحتلال، وتردف تل أبيب ذلك بتوجيه ضغوط عسكرية، والتهديد باستخدام القوة واليد الطويلة للوصول إلى كلّ من يعارضها، وذلك هو عنوان المرحلة الراهنة والمرشّحة لأن تمتدّ حتى الانتخابات الإسرائيلية في خريف العام المقبل (2026)، إلا إذا حدثت حالة نهوض عربية، وجرى فيها استثمار الأوراق الاقتصادية والسياسية من أجل حمْل إدارة ترامب على التعامل باحترام أكبر مع العالم العربي، يتعدّى العبارات المنمّقة، ويضع حدّاً لترخيص البلطجة الإسرائيلية، التي يفوق خطرها ما كان يمثّله التحدّي الإيراني من مخاطر على المنطقة العربية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store