
استعادة الباشا والذئب الأبيض
أي زائر لمصر، تعامل مع ناسها العفويين، يلاحظ كثرة استخدام ألقاب التفخيم للزائر، بخليط من النعوت القديمة والجديدة:
«تفضّل يا باشا، من هناك يا بيه (بيك)، وسموّك شرّفتنا، نوّرتنا يا دكتور، أهلاً بيك يا برنس».
هذه الألقاب وغيرها، هي نتاج تاريخ مديد من التفاعلات المصرية مع شعوب وثقافات كثيرة، انصهرت في المصهر المصري.
لمعت فكرةُ في ذهن الكاتب والسياسي المصري د. أسامة الغزالي حرب قبل أيام، فكرة من وحي هذه الألقاب، والبحث عن حلول اقتصادية جديدة لمصر.
الفكرة هي: إعادة إحياء الألقاب، وعلى رأسها لقب الباشا، مقابل مساهمات مالية أو أعمال يقدمها من يستحق تلك الألقاب للدولة، وقال إن ما شجّعه على هذه الفكرة هو استمرار المصريين في استخدام هذه الألقاب في معاملاتهم اليومية.
علينا أن نعترف أنها فكرة خارج الصندوق، غير أنّها جُوبهت بمعارضات مختلفة، منها عدم دستورية الفكرة، منذ إلغاء دستور الضباط ضد الملكية هذه الألقاب، كما قال النائب المصري محمود بدر الذي اقترح عِوضاً عن ذلك عودة الطربوش، فهو جائز دستورياً!
هذا الخبر ذكّرني بما نُشر في الميديا العالمية، عن نجاح شركة أميركية هي «كولوسال بيوساينسز» فيما قِيل إنه استنساخ الذئب الأبيض الضخم المنقرض منذ 10 آلاف عام، والمعروف بدوره الخيالي في مسلسل «صراع العروش».
الشركة أعلنت أنها استخدمت «هندسة وراثية ماهرة وحمضاً نووياً قديماً» لاستيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم، بهدف «إحياء» هذا النوع المنقرض.
كما كشفت هذه الشركة العجيبة عن جهود لاستخدام تقنيات وراثية مماثلة، بهدف استعادة حيوانات انقرضت مثل الماموث والنمر التسماني.
بعض العلماء شكّك في هذا العنوان، وقال إن ما حصل هو «تهجين» نوع من الذئب الرمادي، ببعض صفات الذئب الأبيض الأسطوري، وليس استنساخ ذلك الذئب القديم نفسه.
لماذا هذا الهوس بإحياء الماضي؟ هل لأنه المساحة الوحيدة الخارجة عن سيطرة التجسيد والتمثيل في عالم اليوم؟!
الماضي حُرٌّ من أغلال التظهير التكنولوجي، فكل شيء مباح اليوم، وكل منطقة غامضة هي هدف للكشف: أي جزيرة، أي غابة، أي جبل، أي شعب، أي بحر، أي نهر، أي حجر، أي بشر، يجب نزع رداء الغموض عنه، وإتاحته لأنياب الكشف الشرِهة.
ثم من قال إن إحياء الماضي يحمل الخير دوماً؟!
ألم تكن سلسلة «جوارسيك بارك» عن إحياء الديناصورات المنقرضة، وصفاً لكارثية العبث بالماضي وإقحامه في الحاضر؟!
الذئاب العملاقة والديناصورات الرهيبة، ليست محصورة في صورة هذه الحيوانات العجيبة، بل تأخذ أشكالاً معنوية أخرى، مثل إحياء لقب الخليفة، أو السلطان، أو صاحب الزمان، أو باشا مصر، وعزيزها.
دعوا الماضي للماضي، ولا تعبثوا بجينات الزمان وخصائص التاريخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
استعادة الباشا والذئب الأبيض
أي زائر لمصر، تعامل مع ناسها العفويين، يلاحظ كثرة استخدام ألقاب التفخيم للزائر، بخليط من النعوت القديمة والجديدة: «تفضّل يا باشا، من هناك يا بيه (بيك)، وسموّك شرّفتنا، نوّرتنا يا دكتور، أهلاً بيك يا برنس». هذه الألقاب وغيرها، هي نتاج تاريخ مديد من التفاعلات المصرية مع شعوب وثقافات كثيرة، انصهرت في المصهر المصري. لمعت فكرةُ في ذهن الكاتب والسياسي المصري د. أسامة الغزالي حرب قبل أيام، فكرة من وحي هذه الألقاب، والبحث عن حلول اقتصادية جديدة لمصر. الفكرة هي: إعادة إحياء الألقاب، وعلى رأسها لقب الباشا، مقابل مساهمات مالية أو أعمال يقدمها من يستحق تلك الألقاب للدولة، وقال إن ما شجّعه على هذه الفكرة هو استمرار المصريين في استخدام هذه الألقاب في معاملاتهم اليومية. علينا أن نعترف أنها فكرة خارج الصندوق، غير أنّها جُوبهت بمعارضات مختلفة، منها عدم دستورية الفكرة، منذ إلغاء دستور الضباط ضد الملكية هذه الألقاب، كما قال النائب المصري محمود بدر الذي اقترح عِوضاً عن ذلك عودة الطربوش، فهو جائز دستورياً! هذا الخبر ذكّرني بما نُشر في الميديا العالمية، عن نجاح شركة أميركية هي «كولوسال بيوساينسز» فيما قِيل إنه استنساخ الذئب الأبيض الضخم المنقرض منذ 10 آلاف عام، والمعروف بدوره الخيالي في مسلسل «صراع العروش». الشركة أعلنت أنها استخدمت «هندسة وراثية ماهرة وحمضاً نووياً قديماً» لاستيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم، بهدف «إحياء» هذا النوع المنقرض. كما كشفت هذه الشركة العجيبة عن جهود لاستخدام تقنيات وراثية مماثلة، بهدف استعادة حيوانات انقرضت مثل الماموث والنمر التسماني. بعض العلماء شكّك في هذا العنوان، وقال إن ما حصل هو «تهجين» نوع من الذئب الرمادي، ببعض صفات الذئب الأبيض الأسطوري، وليس استنساخ ذلك الذئب القديم نفسه. لماذا هذا الهوس بإحياء الماضي؟ هل لأنه المساحة الوحيدة الخارجة عن سيطرة التجسيد والتمثيل في عالم اليوم؟! الماضي حُرٌّ من أغلال التظهير التكنولوجي، فكل شيء مباح اليوم، وكل منطقة غامضة هي هدف للكشف: أي جزيرة، أي غابة، أي جبل، أي شعب، أي بحر، أي نهر، أي حجر، أي بشر، يجب نزع رداء الغموض عنه، وإتاحته لأنياب الكشف الشرِهة. ثم من قال إن إحياء الماضي يحمل الخير دوماً؟! ألم تكن سلسلة «جوارسيك بارك» عن إحياء الديناصورات المنقرضة، وصفاً لكارثية العبث بالماضي وإقحامه في الحاضر؟! الذئاب العملاقة والديناصورات الرهيبة، ليست محصورة في صورة هذه الحيوانات العجيبة، بل تأخذ أشكالاً معنوية أخرى، مثل إحياء لقب الخليفة، أو السلطان، أو صاحب الزمان، أو باشا مصر، وعزيزها. دعوا الماضي للماضي، ولا تعبثوا بجينات الزمان وخصائص التاريخ.


صدى الالكترونية
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- صدى الالكترونية
جدل واسع في مصر بعد مقترح لإعادة ألقاب 'باشا' و'بك' مقابل مساهمات للدولة
أثار مقترح بإعادة إحياء الألقاب المدنية القديمة مثل 'باشا' و'بك' مقابل مساهمات مالية أو مجتمعية جدلاً واسعًا في مصر، بعد أن طرحه المفكر والكاتب المصري الدكتور أسامة الغزالي حرب. واعتبر الغزالي أن هذه الألقاب التي كانت شائعة قبل ثورة يوليو 1952 يمكن أن تُعاد ضمن إطار رمزي واجتماعي، مع منحها لأسماء بارزة ساهمت في الاقتصاد أو العمل العام، مثل محمد أبو العينين، نجيب ساويرس، وأحمد أبو هشيمة. اقترح الغزالي أن يتم منح هذه الألقاب عبر هيئة رسمية رفيعة المستوى بعد موافقة البرلمان، مشيرًا إلى أن المجتمع المصري لا يزال يستخدم هذه الألقاب في الحياة اليومية بشكل غير رسمي، ما يعكس مكانتها الرمزية والثقافية. لكن المقترح قوبل برفض واسع من شخصيات عامة وبرلمانيين، أبرزهم النائب محمود بدر، الذي اعتبره مخالفًا للمادة 26 من الدستور المصري التي تحظر إنشاء الرتب المدنية. كما اعتبر معارضون أن الفكرة تعيد إنتاج مظاهر الطبقية التي ثار عليها المصريون في الماضي، وتتناقض مع مبادئ العدالة الاجتماعية التي تنادي بها الدولة. ورغم الطابع الرمزي للمقترح، يرى البعض أنه يأتي في توقيت غير مناسب، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، مؤكدين أن مصر بحاجة إلى أفكار مبتكرة تتماشى مع متطلبات العصر لا إلى استرجاع مظاهر من عصور مضت.


العربية
١٢-٠٤-٢٠٢٥
- العربية
لأول مرة.. إحياء ذئاب منقرضة تعود لما قبل التاريخ
تُضجّ شبكة الإنترنت حاليا بالحديث عن ذئاب من نوع منقرض من ما قبل التاريخ كانت تجوب أميركا الشمالية، وظهرت صورتها الشهيرة في مسلسل الخيال "صراع العروش". فقد زعمت شركة كولوسال بيوساينسز، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية مقرها دالاس، أنها أعادت إحياء نوع من الذئاب "الذئب الرهيب" يعود إلى العصر الجليدي في شكل ثلاثة جراء رمادية مُعدّلة وراثياً. وذكرت الشركة في بيان أنها نجحت في إعادة إحياء نوع كان قد انقرض سابقا من خلال علم إعادة الانقراض، وفق ما نقل موقع "سيانس أليرت". "إنجاز لأول مرة" كما أضافت أن ابتكارات الشركة في العلوم والتكنولوجيا والحفاظ على البيئة أتاحت إمكانية إنجاز شيء لم يتم إنجازه من قبل. ولإنتاج هذه الجراء، استخدم العلماء في كولوسال دراسات تسلسل وراثي سابقة لإجراء 20 تعديلا دقيقا فريدا فقط بين 2.5 مليار زوج قاعدي في خلايا جرثومية للذئب الرمادي. ثم استخدموا أمهات كلاب بديلات لولادة صغار الذئاب الرمادية المعدلة وراثيا. فيما لم تُعلن الشركة عن نيتها إنتاج ذئب رهيب دقيق وراثيا. ولكن حتى لو كانوا يحاولون إنتاج ذئب يبدو ويتصرف كما يعتقدون أن الذئب الرهيب سيفعل، يقول خبراء إن ذلك سيتطلب على الأرجح عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف، من التغييرات الجينية الحرجة. وصرح مات جيمس، كبير مسؤولي الحيوانات في كولوسال، والذي أشرف على عمليات الحمل والولادات، لصحيفة "نيويورك تايمز" أنه عند ولادة الجراء، أدرك أنها كانت ناجحة بمجرد أن رأى فراءً أبيض. خبراء يشككون بدوره لفت جيريمي أوستن، مدير المركز الأسترالي للحمض النووي القديم، إلى أن كل ما فعلته شركة كولوسال هو إنتاج ذئب رمادي مُعدّل وراثيًا يشبه ما تعتقد الشركة أنه كان من الممكن أن يبدو عليه الذئب الرهيب. وأوضح أن حتى هذا الأمر لا يزال محل جدل؛ فالجراء متشابهة شكلياً، مما يجعل من الصعب التحقق من المظهر الدقيق لعضو منقرض من هذه العائلة من خلال بقايا الأحافير. إلى ذلك قال إن كولوسال زعمت أنها فخورة بإعادة الذئب الرهيب إلى "مكانه الصحيح في النظام البيئي". وتساءل هل هذا حقاً "مكانه الصحيح"، أم أنه سيُهدد حيوانات أخرى لم تنقرض؟ وأضاف أنه من الجدير أيضا التفكير فيما إذا كان النظام البيئي الذي عاشت فيه الذئاب الرهيبة لا يزال قائما.