logo
"حرب على الربّ" وحلّ الدولتَين؟ - إيطاليا تلغراف

"حرب على الربّ" وحلّ الدولتَين؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغرافمنذ يوم واحد
غازي العريضي نشر في 12 أغسطس 2025 الساعة 12 و 54 دقيقة
إيطاليا تلغراف
غازي العريضي
وزير ونائب لبناني سابق.
لا أحد يقدر على وقف المذبحة وعمليات الإبادة الجماعية والإعدام بوسائل مختلفة، جوعاً وقصفاً وتدمير خيام بقذائف الدبابات، وإطلاق نار على الراكضين وراء المساعدات الإنسانية، وترك المرضى يموتون في المستشفيات من دون دواء، أو تحت أنقاضها بعد تدميرها، أو في الطرقات بإجبارهم على السير على الأقدام كيلومترات. لا أحد يقدر على وقف هذه الحرب ضدّ الإنسانية إلا الإدارة الأميركية، لكنّها تفعل عكس ذلك. كلّ ما يروّجه المسؤولون الأميركيون أن 'الرئيس ترامب كلّف نتنياهو… بإنهاء المهمّة في غزّة'. وكرّر ترامب أكثر من مرّة قوله: 'أترك لهم القرار بخصوص مستقبل غزّة'. الإسرائيليون لا يستهدفون مستقبل غزّة فقط، إنهم يهدّدون مستقبل فلسطين كلّها وشعبها، وحقّه في إقامة دولته في أرضه. يريدون السيطرة على كلّ الأرض واقتلاع الفلسطينيين منها وتهجيرهم إلى الخارج. وبذلك هم يُهدّدون مستقبل المنطقة.
ها هو رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، يزور مستوطنة أرئيل، ويقول: 'وجودي هنا يمثّل أهمية رمزية كبيرة، يهودا والسامرة يمثّلان مهد الإيمان اليهودي، وهما موعودتان للشعب اليهودي وفق ما ورد في الكتاب المقدّس. إن هذه الأرض حقّ لليهود، حتى لو عارض العالم ذلك، فإن الولايات المتحدة تتمسّك به'… هل ثمّة أوضح من ذلك؟ إنه تفويض أميركي. إطلاق يد إسرائيل من دون حدود، للسيطرة على الأرض كلّها لأنها حقّ لهم، ولو عارض العالم كلّه، فأين ستقوم الدولة الفلسطينية؟ وكيف سيتحقّق حلّ الدولتَين الذي دُفن منذ سنوات بمشاركة عربية متنوّعة الأدوار والأهداف والمصالح الآنية والوهمية، عندما حصل الانقلاب على المبادرة العربية التي أُقِّرت في بيروت عام 2002، مع انطلاق اندفاعة نتنياهو التي لا تتوقّف؟
إذا انتقدتَ إسرائيل ودعوْتها إلى احترام الشرعية الأخلاقية والإنسانية والدولية، فأنت تعلن 'الحرب على الربّ'
رغم كلّ المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال، أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستفرض عقوباتٍ على المستوطنين الذين يقومون 'بأعمال عنف'، ولم تفعل شيئاً، بل غطّت عنفهم وارتكاباتهم في المسجد الأقصى، بقيادة إيتمار بن غفير، وعناصر من الشرطة والجيش الإسرائيلي، وتوسّع الاستيطان في القدس والضفة الغربية استناداً إلى 'الحقّ الإلهي' بالأرض كلّها. ها هو وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، يعود إلى مستوطنة أخليت عام 2005 في الضفة، ويقف تحت شعارات: 'شعب إسرائيل يعود إلى (مستوطنة) سانور… الموت للعرب'. هذا ما ينتظر العرب الذين يتحدّثون عن حلّ الدولتَين الوهمي، الورقي، النظري، هذا إذا أُقرّ. وها هو الحاخام رونين شالوف يعلن: 'كلّ غزّة، وكلّ طفل فيها يجب أن يموت جوعاً. أنا لا أشفق على الإرهابيين المستقبليّين، رغم أنهم اليوم لا يزالون صغاراً، فإنني أرجو أن يظلّوا جائعين ويموتون'. ماذا لو قال عربي أو مسلم 'الموت لإسرائيل' بعد كلّ جرائمها التي ينتقدها العالم؟ ماذا لو قال أحدهم: 'ليمت أطفال إسرائيل بكلّ الطرق، انتقاماً لما فعله أهلهم بنا؟ أبسط جواب واقعي: حملة عالمية ضدّ 'أعداء السامية' و'الكراهية' و'الحقد' و'التحريض على الإرهاب'، وبالتالي إطلاق يد إسرائيل وتبرير جرائمها. فأي عدالة إلهية أو قانونية هنا؟ أي إنسانية ورسالة أخلاقية توجّه إلى العالم، وتحديداً إلى الشعب الفلسطيني؟ ما قيمة اتفاقات ومعاهدات 'الأخوة والإنسانية'، و'الإبراهيميات' الموقّعة مع إسرائيل؟
ها هو وزير خارجية أميركا ماركو روبيو يعلن: 'إقامة دولة فلسطينية ليست مسألة حقيقية، فلا يمكن تحديد الحدود أو من سيديرها، ولا يمكن أن تكون هناك دولة أو منطقة تتمتّع بحكم ذاتي إذا لم يُحدَّد من سيديرها'. إنها عملية إلغاء لوجود الشعب الفلسطيني وممثّليه. إنكار لوجوده في الأساس. من أسقط الحدود كلّها؟ الاتفاقات كلّها؟ من دعا (ويدعو) إلى استخدام القنبلة النووية ضدّ الشعب الفلسطيني؟ أليس عدد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين؟ من يدعو إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونقلهم إلى دول أخرى بعيدة مسافات ضوئية عن هذه الأرض؟ أليس أصحاب مشروع 'ريفييرا' في غزّة، وتكريس احتلال الضفة لأنها 'حقّ إلهي للإسرائيليين' كما زعم جونسون؟ من قتل إسحاق رابين الذي وقّع سلاماً مع الفلسطينيين؟ ثمّ من قتل شريكه ياسر عرفات؟ من حاصر (ويحاصر) الفلسطينيين اليوم؟ من اتهم عرفات ومحمود عبّاس بأنهما ليسا 'شريكين في صنع السلام'، بل 'يدعمان الإرهاب'؟ من حاصر مؤسّسات السلطة الفلسطينية، وأقفل مكتب منظمة التحرير في واشنطن؟ من صادر أموالها؟ من رفض (ويرفض) أي دور لها في إدارة شؤون الفلسطينيين؟ أليست إسرائيل وأميركا، وتتساءلان الآن عن الحدود والجهات التي ستدير مناطق حكم ذاتي؟ في الأساس، هل سلّمت إسرائيل بحكم ذاتي أو بحقّ فلسطيني أو بإدارة فلسطينية أو بكيان فلسطيني، وقبلت بشيء من القرارات والنداءات الدولية لوقف مسلسل القتل والتهجير والإبادة؟
ها هو نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، يقول: 'لا خطط لدينا للاعتراف بدولة فلسطينية. لا نعرف ما معنى الاعتراف بدولة فلسطينية بالنظر إلى عدم وجود حكومة هناك'. أمّا الأخطر من ذلك كلّه فهو ما صرّح به الحاخام ديفيد دانيال كوهين: 'ماكرون بموافقته على الاعتراف بدولة فلسطينية يكشف عن معاداته للسامية، ويطلق إعلان حرب على الربّ، من مصلحته أن يجهّز نعشه'. الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية احتراماً للقوانين الدولية والشرعية الدولية، ولحقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، 'دعوة ضدّ السامية' و'حرب على الربّ'.
لا يستهدف الإسرائيليون مستقبل غزّة فقط، إنهم يهدّدون مستقبل فلسطين كلّها وشعبها
إذا انتقدتَ إسرائيل ودعوْتها إلى احترام الشرعية الأخلاقية والإنسانية والدولية، فأنت تعلن 'الحرب على الربّ'. إسرائيل هي 'الرب'، وعليك أن تجهّز نعشك. هذا تهديدٌ مباشرٌ لرئيس الدولة الفرنسية. فهل سيسلم أحد من العرب في هذه الحال؟ وكيف سيصل هؤلاء إلى حلّ الدولتَين الفعلي أمام هذه الوقائع؟ واهم أي عربي في أي دولة كانت إذا اعتقد أنه قادر على الاستمرار وحماية حكمه وضمان أمنه واستقراره وازدهار بلاده واستمراره أمام هذا التفلّت الإسرائيلي، والدعم الأميركي المفتوح له. فكلّ ما تقوم به إسرائيل 'إلهام ربّاني'، ولا بدّ من ترجمته، لأن قادة دولة الاحتلال والإرهاب والتوسّع لا يخونون 'عهودهم' و'مبادئهم' و'إيمانهم' و'التزاماتهم الدينية' و'التعاليم الربّانية'، أمّا التزامات الواهمين العرب فهي تجاه أميركا من دون تردّد، واتفاقات مع الإسرائيليين الفالتين. كان ينقصنا في هذه الآخرة أن يخرج العبقري يئير، ابن العبقري نتنياهو، ليقول: 'قطر القوة الرئيسة خلف موجة معاداة السامية العالمية. إنها ألمانيا النازية المعاصرة'. رغم كلّ ما قامت به قطر، وما تلعبه من أدوار ووساطات، تصنّف في هذه الخانة، من المُتّهَمين داخل إسرائيل (وخارجها) بارتكابهم محرقة ضدّ الفلسطينيين.
ها هو موقع ديكلاسيفايد، ينقل عن تقرير للجيش البريطاني: 'إسرائيل تقصف المستشفيات في غزّة بطرق لم تفعلها ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وأن هجماتها تشبه هجمات روسيا في أوكرانيا. وقلق الجيش من سلوك إسرائيل يناقض دفاع الحكومة عن تصدير أسلحة لها واعتبارها لا ترتكب جرائم بغزّة'. وها هي ألمانيا نفسها، رغم دعمها اللامحدود لإسرائيل في كلّ المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية والإعلامية والمالية، تعلن 'تعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل'، لأنها لم تعد تحتمل الضغوط الشعبية الرافضة لما ترتكبه بحقّ الفلسطينيين.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف
السابق
الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
التالي
الحكومة والمليشيات: تصاعد الدراما!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التشرد والقمامة والحفر.. السر في خطة ترامب للاستيلاء على العاصمة الأمريكية
التشرد والقمامة والحفر.. السر في خطة ترامب للاستيلاء على العاصمة الأمريكية

خبر للأنباء

timeمنذ 19 ساعات

  • خبر للأنباء

التشرد والقمامة والحفر.. السر في خطة ترامب للاستيلاء على العاصمة الأمريكية

شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن، منذ مساء الاثنين، انتشارًا مكثفًا لقوات إنفاذ القانون الفيدرالية، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالة "طوارئ إجرامية" في المدينة، في خطوة مثيرة للجدل أثارت موجة احتجاجات وسط سكان العاصمة، خاصة في ظل تسجيل انخفاض في معدلات الجرائم العنيفة أخيرًا. التحرك شمل نشر مئات الجنود من الحرس الوطني، وإعادة هيكلة قيادة شرطة العاصمة تحت إشراف فيدرالي مباشر، وحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي فإن القرار يثير تساؤلات حول الأبعاد الأمنية والسياسية لهذه الإجراءات. أعلن ترامب عن توليه قيادة شرطة العاصمة واشنطن، وتحويلها فعليًا إلى قوة فيدرالية، إلى جانب نشر 800 عنصر من الحرس الوطني في مختلف شوارع المدينة. ووفق ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست"، ستعمل هذه القوات في نوبات تضم نحو 200 فرد، لضمان تغطية أمنية على مدار الساعة، مع تمركز بعضهم عند نقاط تقاطع رئيسية. وأوضح مسؤول في البيت الأبيض وفق موقع "أكسيوس" أن مهمة الحرس الوطني تتمثل في "حماية الأصول الفيدرالية، وتوفير بيئة آمنة لضباط إنفاذ القانون، وردع الجرائم العنيفة من خلال الحضور الميداني المكثف"، مؤكدًا أن عناصر الحرس لن يشاركوا في إنفاذ القانون بشكل مباشر، لكن ستكون لهم "صلاحيات واسعة" لدعم الشرطة عند الحاجة. الحرس الوطني وزير الدفاع بيت هيجسيث أوضح، في إفادة صحفية، أن قوات الحرس الوطني ستبدأ انتشارها خلال الأسبوع، وستبقى في العاصمة لفترة قد تمتد لأسابيع أو أشهر، وفق قرار الرئيس، وأضاف أن ولايات أخرى ستساهم في إرسال دعم عسكري إضافي في الأسابيع المقبلة، مشيرًا إلى أن ترامب قد يستعين بالجيش إذا استدعت الضرورة. كما أعلن ترامب أن المدعية العامة بام بوندي ستتولى الإشراف على شرطة العاصمة، التي تضم أكثر من ثلاثة آلاف عنصر، وذلك بموجب أحكام قانون الحكم الذاتي الذي يمنح الرئيس سلطة تولي قيادة الشرطة لمدة تصل إلى 30 يومًا. مدة حملة القمع وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، من المقرر أن تستمر حملة القمع في واشنطن العاصمة لمدة 30 يومًا، مع إمكانية التمديد بناءً على تقييم "عمليات فرقة العمل"، وبيّن هيجسيث أن بقاء القوات لفترة أطول سيظل خاضعًا لتقدير ترامب، مشيرًا إلى أن الهدف هو "ضمان الأمن العام وإعادة السيطرة على الشوارع". وصرّحت رئيسة بلدية واشنطن، مورييل باوزر، بأن جميع الضباط الفيدراليين سيكونون قابلين للتعريف من خلال شارات أو أزياء رسمية واضحة، مؤكدة التزامها بتنفيذ أوامر ترامب، كما أوضحت أن الانتشار سيشمل مناطق دوريات قائمة أصلًا وأحياء شهدت ارتفاعًا في معدلات الجرائم العنيفة، إضافة إلى أماكن الحياة الليلية مثل شارع يو. بدورها، قالت رئيسة شرطة العاصمة باميلا سميث إن عناصر الحرس الوطني قد يتمركزون في مواقع محددة لدعم الأمن، فيما ستظل القوات المحلية خاضعة للقوانين المحلية رغم الإشراف الفيدرالي. وأكدت "باوزر" أن الهيكل التنظيمي للشرطة لم يتغير، وأنها تواصلت مع بوندي لبحث آليات التنسيق. تغيير ملامح العاصمة إلى جانب الإجراءات الأمنية، أعلن ترامب عن خطة لإزالة مخيمات المشردين من الحدائق العامة، ضمن ما وصفه بجهود "تجميل العاصمة واشنطن"، وتضمنت وعوده إصلاح الحفر، وتنظيف الجزر الوسطى للطرق، وإزالة القمامة والكتابات على الجدران، بهدف إعادة العاصمة إلى "صورة متألقة يتطلع إليها الجميع". إدارة ترامب لمّحت إلى نيتها معالجة ما تعتبره ارتفاعًا في معدلات جرائم الأحداث، وقالت المدعية العامة الأمريكية، جانين بيرو، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، إن "القوانين الحالية ضعيفة"، متعهدة بتغيير التشريعات بحيث تسمح باعتقال المتورطين في هذه الجرائم بشكل أسرع وأكثر حزمًا. وحسب "أكسيوس" فإنه رغم الإعلان عن نشر القوات وخطط السيطرة الفيدرالية، لم يقدم البيت الأبيض تفاصيل إضافية حول الجدول الزمني الكامل للعملية أو آليات تنفيذها، ما يترك المجال مفتوحًا أمام تكهنات بشأن تأثيرها على الحياة اليومية في العاصمة، ومدى تقبل سكان واشنطن لهذه الإجراءات غير المسبوقة في المدينة

"حرب على الربّ" وحلّ الدولتَين؟ - إيطاليا تلغراف
"حرب على الربّ" وحلّ الدولتَين؟ - إيطاليا تلغراف

إيطاليا تلغراف

timeمنذ يوم واحد

  • إيطاليا تلغراف

"حرب على الربّ" وحلّ الدولتَين؟ - إيطاليا تلغراف

غازي العريضي نشر في 12 أغسطس 2025 الساعة 12 و 54 دقيقة إيطاليا تلغراف غازي العريضي وزير ونائب لبناني سابق. لا أحد يقدر على وقف المذبحة وعمليات الإبادة الجماعية والإعدام بوسائل مختلفة، جوعاً وقصفاً وتدمير خيام بقذائف الدبابات، وإطلاق نار على الراكضين وراء المساعدات الإنسانية، وترك المرضى يموتون في المستشفيات من دون دواء، أو تحت أنقاضها بعد تدميرها، أو في الطرقات بإجبارهم على السير على الأقدام كيلومترات. لا أحد يقدر على وقف هذه الحرب ضدّ الإنسانية إلا الإدارة الأميركية، لكنّها تفعل عكس ذلك. كلّ ما يروّجه المسؤولون الأميركيون أن 'الرئيس ترامب كلّف نتنياهو… بإنهاء المهمّة في غزّة'. وكرّر ترامب أكثر من مرّة قوله: 'أترك لهم القرار بخصوص مستقبل غزّة'. الإسرائيليون لا يستهدفون مستقبل غزّة فقط، إنهم يهدّدون مستقبل فلسطين كلّها وشعبها، وحقّه في إقامة دولته في أرضه. يريدون السيطرة على كلّ الأرض واقتلاع الفلسطينيين منها وتهجيرهم إلى الخارج. وبذلك هم يُهدّدون مستقبل المنطقة. ها هو رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، يزور مستوطنة أرئيل، ويقول: 'وجودي هنا يمثّل أهمية رمزية كبيرة، يهودا والسامرة يمثّلان مهد الإيمان اليهودي، وهما موعودتان للشعب اليهودي وفق ما ورد في الكتاب المقدّس. إن هذه الأرض حقّ لليهود، حتى لو عارض العالم ذلك، فإن الولايات المتحدة تتمسّك به'… هل ثمّة أوضح من ذلك؟ إنه تفويض أميركي. إطلاق يد إسرائيل من دون حدود، للسيطرة على الأرض كلّها لأنها حقّ لهم، ولو عارض العالم كلّه، فأين ستقوم الدولة الفلسطينية؟ وكيف سيتحقّق حلّ الدولتَين الذي دُفن منذ سنوات بمشاركة عربية متنوّعة الأدوار والأهداف والمصالح الآنية والوهمية، عندما حصل الانقلاب على المبادرة العربية التي أُقِّرت في بيروت عام 2002، مع انطلاق اندفاعة نتنياهو التي لا تتوقّف؟ إذا انتقدتَ إسرائيل ودعوْتها إلى احترام الشرعية الأخلاقية والإنسانية والدولية، فأنت تعلن 'الحرب على الربّ' رغم كلّ المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال، أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستفرض عقوباتٍ على المستوطنين الذين يقومون 'بأعمال عنف'، ولم تفعل شيئاً، بل غطّت عنفهم وارتكاباتهم في المسجد الأقصى، بقيادة إيتمار بن غفير، وعناصر من الشرطة والجيش الإسرائيلي، وتوسّع الاستيطان في القدس والضفة الغربية استناداً إلى 'الحقّ الإلهي' بالأرض كلّها. ها هو وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، يعود إلى مستوطنة أخليت عام 2005 في الضفة، ويقف تحت شعارات: 'شعب إسرائيل يعود إلى (مستوطنة) سانور… الموت للعرب'. هذا ما ينتظر العرب الذين يتحدّثون عن حلّ الدولتَين الوهمي، الورقي، النظري، هذا إذا أُقرّ. وها هو الحاخام رونين شالوف يعلن: 'كلّ غزّة، وكلّ طفل فيها يجب أن يموت جوعاً. أنا لا أشفق على الإرهابيين المستقبليّين، رغم أنهم اليوم لا يزالون صغاراً، فإنني أرجو أن يظلّوا جائعين ويموتون'. ماذا لو قال عربي أو مسلم 'الموت لإسرائيل' بعد كلّ جرائمها التي ينتقدها العالم؟ ماذا لو قال أحدهم: 'ليمت أطفال إسرائيل بكلّ الطرق، انتقاماً لما فعله أهلهم بنا؟ أبسط جواب واقعي: حملة عالمية ضدّ 'أعداء السامية' و'الكراهية' و'الحقد' و'التحريض على الإرهاب'، وبالتالي إطلاق يد إسرائيل وتبرير جرائمها. فأي عدالة إلهية أو قانونية هنا؟ أي إنسانية ورسالة أخلاقية توجّه إلى العالم، وتحديداً إلى الشعب الفلسطيني؟ ما قيمة اتفاقات ومعاهدات 'الأخوة والإنسانية'، و'الإبراهيميات' الموقّعة مع إسرائيل؟ ها هو وزير خارجية أميركا ماركو روبيو يعلن: 'إقامة دولة فلسطينية ليست مسألة حقيقية، فلا يمكن تحديد الحدود أو من سيديرها، ولا يمكن أن تكون هناك دولة أو منطقة تتمتّع بحكم ذاتي إذا لم يُحدَّد من سيديرها'. إنها عملية إلغاء لوجود الشعب الفلسطيني وممثّليه. إنكار لوجوده في الأساس. من أسقط الحدود كلّها؟ الاتفاقات كلّها؟ من دعا (ويدعو) إلى استخدام القنبلة النووية ضدّ الشعب الفلسطيني؟ أليس عدد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين؟ من يدعو إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونقلهم إلى دول أخرى بعيدة مسافات ضوئية عن هذه الأرض؟ أليس أصحاب مشروع 'ريفييرا' في غزّة، وتكريس احتلال الضفة لأنها 'حقّ إلهي للإسرائيليين' كما زعم جونسون؟ من قتل إسحاق رابين الذي وقّع سلاماً مع الفلسطينيين؟ ثمّ من قتل شريكه ياسر عرفات؟ من حاصر (ويحاصر) الفلسطينيين اليوم؟ من اتهم عرفات ومحمود عبّاس بأنهما ليسا 'شريكين في صنع السلام'، بل 'يدعمان الإرهاب'؟ من حاصر مؤسّسات السلطة الفلسطينية، وأقفل مكتب منظمة التحرير في واشنطن؟ من صادر أموالها؟ من رفض (ويرفض) أي دور لها في إدارة شؤون الفلسطينيين؟ أليست إسرائيل وأميركا، وتتساءلان الآن عن الحدود والجهات التي ستدير مناطق حكم ذاتي؟ في الأساس، هل سلّمت إسرائيل بحكم ذاتي أو بحقّ فلسطيني أو بإدارة فلسطينية أو بكيان فلسطيني، وقبلت بشيء من القرارات والنداءات الدولية لوقف مسلسل القتل والتهجير والإبادة؟ ها هو نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، يقول: 'لا خطط لدينا للاعتراف بدولة فلسطينية. لا نعرف ما معنى الاعتراف بدولة فلسطينية بالنظر إلى عدم وجود حكومة هناك'. أمّا الأخطر من ذلك كلّه فهو ما صرّح به الحاخام ديفيد دانيال كوهين: 'ماكرون بموافقته على الاعتراف بدولة فلسطينية يكشف عن معاداته للسامية، ويطلق إعلان حرب على الربّ، من مصلحته أن يجهّز نعشه'. الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية احتراماً للقوانين الدولية والشرعية الدولية، ولحقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، 'دعوة ضدّ السامية' و'حرب على الربّ'. لا يستهدف الإسرائيليون مستقبل غزّة فقط، إنهم يهدّدون مستقبل فلسطين كلّها وشعبها إذا انتقدتَ إسرائيل ودعوْتها إلى احترام الشرعية الأخلاقية والإنسانية والدولية، فأنت تعلن 'الحرب على الربّ'. إسرائيل هي 'الرب'، وعليك أن تجهّز نعشك. هذا تهديدٌ مباشرٌ لرئيس الدولة الفرنسية. فهل سيسلم أحد من العرب في هذه الحال؟ وكيف سيصل هؤلاء إلى حلّ الدولتَين الفعلي أمام هذه الوقائع؟ واهم أي عربي في أي دولة كانت إذا اعتقد أنه قادر على الاستمرار وحماية حكمه وضمان أمنه واستقراره وازدهار بلاده واستمراره أمام هذا التفلّت الإسرائيلي، والدعم الأميركي المفتوح له. فكلّ ما تقوم به إسرائيل 'إلهام ربّاني'، ولا بدّ من ترجمته، لأن قادة دولة الاحتلال والإرهاب والتوسّع لا يخونون 'عهودهم' و'مبادئهم' و'إيمانهم' و'التزاماتهم الدينية' و'التعاليم الربّانية'، أمّا التزامات الواهمين العرب فهي تجاه أميركا من دون تردّد، واتفاقات مع الإسرائيليين الفالتين. كان ينقصنا في هذه الآخرة أن يخرج العبقري يئير، ابن العبقري نتنياهو، ليقول: 'قطر القوة الرئيسة خلف موجة معاداة السامية العالمية. إنها ألمانيا النازية المعاصرة'. رغم كلّ ما قامت به قطر، وما تلعبه من أدوار ووساطات، تصنّف في هذه الخانة، من المُتّهَمين داخل إسرائيل (وخارجها) بارتكابهم محرقة ضدّ الفلسطينيين. ها هو موقع ديكلاسيفايد، ينقل عن تقرير للجيش البريطاني: 'إسرائيل تقصف المستشفيات في غزّة بطرق لم تفعلها ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وأن هجماتها تشبه هجمات روسيا في أوكرانيا. وقلق الجيش من سلوك إسرائيل يناقض دفاع الحكومة عن تصدير أسلحة لها واعتبارها لا ترتكب جرائم بغزّة'. وها هي ألمانيا نفسها، رغم دعمها اللامحدود لإسرائيل في كلّ المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية والإعلامية والمالية، تعلن 'تعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل'، لأنها لم تعد تحتمل الضغوط الشعبية الرافضة لما ترتكبه بحقّ الفلسطينيين. الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لجريدة إيطاليا تلغراف السابق الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل التالي الحكومة والمليشيات: تصاعد الدراما!

الرئيس الأمريكي يوقع أمرا تنفيذيا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يوما أخرى - الدولي : البلاد
الرئيس الأمريكي يوقع أمرا تنفيذيا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يوما أخرى - الدولي : البلاد

البلاد الجزائرية

timeمنذ يوم واحد

  • البلاد الجزائرية

الرئيس الأمريكي يوقع أمرا تنفيذيا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يوما أخرى - الدولي : البلاد

أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا بتمديد هدنة الرسوم الجمركية مع الصين لمدة 90 يوما إضافية، وذلك قبل ساعات من انتهاء المهلة المقررة. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن الرئيس ترامب وقع الأمر التنفيذي قبل أن تعود الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية إلى مستويات مرتفعة قد تصل إلى المئات. وبموجب القرار الجديد، تمنع زيادة الرسوم الأمريكية على البضائع الصينية إلى 145 بالمئة، في حين كانت الرسوم الصينية على الواردات الأمريكية سترتفع إلى 125 بالمئة، وهي معدلات من شأنها أن تؤدي، بحسب مراقبين، إلى حظر تجاري شبه كامل بين أكبر اقتصادين في العالم. وكان ترامب قد قال في مؤتمر صحفي، ردا على سؤال بشأن تمديد المهلة، "سنرى ما سيحدث، لقد كانوا يتعاملون بشكل جيد للغاية، وعلاقتي جيدة جدا مع الرئيس شي جين بينغ". وتبلغ الرسوم الحالية التي تفرضها واشنطن على الواردات الصينية 30 بالمئة، تشمل رسوما أساسية بنسبة 10 بالمئة وأخرى بنسبة 20 بالمئة مرتبطة بالفنتانيل، فرضت خلال فبراير ومارس الماضيين، بينما خفضت بكين رسومها على السلع الأمريكية إلى 10 بالمئة. وكانت الولايات المتحدة والصين قد أعلنتا في مايو الماضي هدنة في نزاعهما التجاري عقب محادثات في جنيف، حددت بفترة 90 يوما لإجراء المزيد من المفاوضات. وعقد الطرفان جولة جديدة من المحادثات في ستوكهولم بالسويد أواخر جويلية الماضي، لكنهما لم يعلنا عن اتفاق جديد لتمديد المهلة حينها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store