logo
الدبابات الإسرائيلية تتوغل في دير البلح وتسبب موجة نزوح جديدة في غزة

الدبابات الإسرائيلية تتوغل في دير البلح وتسبب موجة نزوح جديدة في غزة

الشرق الأوسطمنذ 13 ساعات
توغلت الدبابات الإسرائيلية في جنوب وشرق مدينة دير البلح بقطاع غزة لأول مرة، الاثنين، وقالت مصادر إسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن بعض الرهائن محتجزون هناك.
وقال مسعفون في غزة إن 3 فلسطينيين على الأقل قُتلوا، وأصيب آخرون في قصف بالدبابات استهدف 8 منازل و3 مساجد في المنطقة، وشنه الجيش الإسرائيلي بعدما أصدر، الأحد، أوامر للسكان بالمغادرة قائلاً إنه يعتزم محاربة مسلحي حركة «حماس».
ودفع التوغل والقصف عشرات العائلات، التي كانت لا تزال في المنطقة، إلى الفرار والتوجه غرباً نحو منطقتي دير البلح الساحلية وخان يونس القريبة.
وقال مسعفون إن 5 أشخاص على الأقل، منهم أسرة مكونة من رجل وزوجته وطفليهما، قُتلوا داخل خيمة في غارة جوية شنتها إسرائيل بخان يونس في وقت سابق من اليوم.
فلسطينيون ينزحون من دير البلح على طريق صلاح الدين بعد صدور أوامر إخلاء إسرائيلية (أ.ف.ب)
وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم يدخل أحياء دير البلح التي صدر لسكانها أوامر إخلاء، وإنه يواصل «العمل بقوة كبيرة لتدمير قدرات العدو والبنية التحتية الإرهابية في المنطقة».
وذكرت مصادر إسرائيلية أن سبب بقاء الجيش خارج المنطقة حتى الآن هو الاشتباه في أن «حماس» ربما تحتجز رهائن هناك. ويعتقد أن 20 رهينة على الأقل من 50 محتجزين في غزة ما زالوا أحياءً. وعبرت عائلات الرهائن عن قلقها على ذويها، وطلبت توضيحاً من الجيش عن كيفية حمايتهم.
وقُتل 9 فلسطينيين، وأُصيب آخرون بجروح مختلفة، الاثنين، «جراء استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على أبناء شعبنا في قطاع غزة»، حسبما أوردت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
فلسطينيون في مستشفى «الشفاء» يبكون أقاربهم الذين قُتلوا بغارات إسرائيلية على مناطق مختلفة من قطاع غزة (رويترز)
وأفادت «وفا» بـ«استشهاد 5 مواطنين، وإصابة آخرين في قصف لقوات الاحتلال استهدف خيمة لعائلة أبو طعيمة في منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب القطاع»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».
وأضافت أن «مواطنَين استُشهدا، وأُصيب عدد آخر في قصف من مسيَّرة للاحتلال على دوار النزلة في جباليا شمال قطاع غزة». وأشار إلى أن «مواطنَيْن آخرين استُشهدا جراء قصف قوات الاحتلال المتواصل جنوب دير البلح وسط قطاع غزة، وجرى نقلهما إلى مستشفى شهداء الأقصى».
وصباح الأحد، أمر الجيش الإسرائيلي سكان منطقة دير البلح في وسط غزة بالمغادرة فوراً بسبب عمليات وشيكة، حيث شوهدت عائلات بأكملها تجر أمتعتها القليلة، وتتوجه جنوباً.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إن الجيش «يوسع أنشطته» في المنطقة الجنوبية الغربية من دير البلح، وهي «منطقة لم يعمل فيها من قبل». وأضاف: «من أجل سلامتكم، أخلوا المكان فوراً، وانتقلوا جنوباً نحو المواصي».
#عاجل ‼️ إلى جميع المتواجدين في المنطقة الجنوبية الغربية من دير البلح، في البلوكات 130، 132-134، 136-139، 2351، بما في ذلك المتواجدين داخل الخيام الموجودة في المنطقة⭕️يواصل جيش الدفاع العمل بقوة كبيرة لتدمير قدرات العدو والبنى التحتية الإرهابية في المنطقة حيث يوسّع أنشطته في... pic.twitter.com/dcDvPcJLC1
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) July 20, 2025
وبلغ عدد الأشخاص الموجودين في المنطقة عند صدور أمر الإخلاء ما بين 50 و80 ألف شخص، وفقاً للتقديرات الأولية لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
ومنذ بداية الحرب، تعرض جميع سكان غزة تقريباً للتهجير مرة واحدة على الأقل بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية المتكررة، كما أنهم يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء.
وحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الأمر الأخير يعني أن 87.8 في المائة من مساحة غزة أصبحت الآن تحت أوامر الإخلاء، أو ضمن المناطق العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى أن ذلك يترك «2.1 مليون مدني محصورين في منطقة مجزأة تبلغ مساحتها 12 في المائة من القطاع، حيث انهارت الخدمات الأساسية».
وأضافت أن الأمر «سيحد من قدرة الأمم المتحدة وقدرة شركائنا على التحرك بشكل آمن وفعال داخل غزة، ما يُصعّب وصول المساعدات الإنسانية عندما تكون هناك حاجة ماسة إليها».
وأدت الحرب الإسرائيلية في غزة إلى مقتل أكثر من 58 ألف فلسطيني غالبيتهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها «حماس»، وتعدها الأمم المتحدة موثوقاً بها.
واندلعت الحرب في غزة بعد هجوم مباغت شنته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 رهينة خُطفوا في أثناء الهجوم، لا يزال 49 محتجزين، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصحة العالمية: إسرائيل اقتحمت منشآتنا في دير البلح واحتجزت موظفين
الصحة العالمية: إسرائيل اقتحمت منشآتنا في دير البلح واحتجزت موظفين

العربية

timeمنذ 21 دقائق

  • العربية

الصحة العالمية: إسرائيل اقتحمت منشآتنا في دير البلح واحتجزت موظفين

ندّدت منظمة الصحة العالمية الإثنين بهجمات طالت مقرّ إقامة طاقمها ومستودعها الرئيسي في دير البلح في وسط مدينة غزة، وسط تصعيد الجيش الإسرائيلي عملياته في المدينة. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غبرييسوس في منشور على منصة "إكس" إن "مقرّ إقامة طاقم منظمة الصحة العالمية في دير البلح في غزة هوجم ثلاث مرات اليوم وكذلك مستودعها الرئيسي". وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي دخل المقرّ وأجبر النساء والأطفال على إخلائه سيراً على الأقدام نحو المواصي" في جنوب غزة، مؤكداً أنه "جرى تكبيل أيادي الرجال من أفراد الطاقم وأفراد العائلات وتجريدهم من ملابسهم واستجوابهم في الموقع وشهر السلاح بوجههم". ولفت تيدروس إلى أنه تم إجلاء 32 من أفراد طاقم المنظمة ومن أفراد عائلاتهم إلى مكتبها عندما أصبح ممكناً الوصول إلى الموقع. . @WHO 's staff residence in Deir al Balah, #Gaza, was attacked three times today as well as its main warehouse. Israeli military entered the premises, forcing women and children to evacuate on foot toward Al-Mawasi amid active conflict. Male staff and family members were… — Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) July 21, 2025 بالمقابل، تمّ احتجاز اثنين من أفراد الطاقم واثنين من أفراد عائلاتهم، وفق تيدروس الذي أشار إلى أن ثلاثة من هؤلاء أطلق سراحهم لاحقاً فيما "بقي واحد قيد الاحتجاز" عند الجيش الإسرائيلي. وقال المدير العام إن "منظمة الصحة العالمية تطالب بإطلاق سراح الفرد المحتجز وبحماية كامل طاقمها". وجاء منشور تيدروس في وقت شهدت فيه دير البلح قصفاً عنيفاً غداة إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً لسكانها بوجوب إخلاء منازلهم، معلناً أنه سيوسّع نشاطه في منطقة لم يسبق أن شهدت عمليات برية منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وحذّر تيدروس من أن "أمر الإخلاء الأخير في دير البلح طال مقرّات عدة لمنظمة الصحة العالمية، ما يضعف قدرتنا على العمل في غزة ويدفع النظام الصحي بشكل أكبر نحو الانهيار". وأشار إلى أن المستودع الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية في دير البلح كان "ضمن منطقة الإخلاء، وتضرّر بالأمس (الأحد) إذ أدى هجوم إلى انفجارات واندلاع حريق بداخله". وحذّر المدير العام من أنّ هذا الأمر يفاقم خطورة الأزمة. وقال "مع خروج المستودع الرئيسي عن الخدمة ونفاد معظم الإمدادات الطبية في غزة، باتت منظمة الصحة العالمية تواجه قيوداً مشدّدة في دعمها للمستشفيات، وفرق الطوارئ الطبية، وشركاء في القطاع الصحي، وسط نقص حاد في الأدوية والوقود والمعدّات". وقال تيدروس إن المنظمة تحضّ دولها الأعضاء على "المساعدة في ضمان تدفق مستمر ومنتظم للإمدادات الطبية إلى غزة". وإذ حذر من أن "إضعاف عمليات منظمة الصحة العالمية يعوق الاستجابة الصحية بكاملها في غزة"، شدّد على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار طال انتظاره.

ترمب... السلام أو الغرق في رمال المنطقة؟
ترمب... السلام أو الغرق في رمال المنطقة؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ترمب... السلام أو الغرق في رمال المنطقة؟

بعد ضربِ الطائرات الأميركية مفاعلات إيران قال الرئيس ترمب: «دمّرنا مفاعلات إيران»، وعندما قصفت الطائرات الإسرائيلية دفاعات إيران وقتلت قادتَها صرح نتنياهو: «سنرسم خريطة الشرق الأوسط»، وعندما أخرجت إيران مفتشي الأمم المتحدة من أراضيها احتجاجاً على ضرب مفاعلاتها قال وزير خارجيتها: «نحن قادرون على إعادة بناء ما تهدم من برنامجنا النووي». هذه التصريحات تؤكد حقيقة واحدة أن إيران كما كانت، وينصب اهتمامها الآن على حماية نظامها وترميم دفاعاتها، وكيفية التفاوض مع ترمب دونما أن تفقد ماء الوجه. في المنطقة لم تعد إيران لاعباً مؤثراً، وهناك لاعبان مهمان: إسرائيل وتركيا، وهما يتنافسان الآن على مناطق نفوذ، وقد يتقاتلان إذا لم يفرمل الرئيس ترمب إغراءاتهما بالتوسع. وسارعت إسرائيل بعد سقوط الأسد إلى احتلال مناطق سورية في الجولان، وثبتت مناطق نفوذ في الجنوب مع الدروز، ودمرت قواعد عسكرية، ومعدات، لكي تحرم سوريا من إمكانية الدفاع عن أراضيها ومصالحها. هذا التحرك الإسرائيلي يُعيد المنطقة إلى ما يسمى «أحزمة النفوذ» (Spheres of influence) التي كرسها الرئيس الأميركي جيمس مونرو عام 1823، وتُعرف بمبدأ مونرو. وبموجبه لا يحق لدول أوروبية أن تتدخل في أميركا اللاتينية، وكُرّس كذلك في مؤتمر برلين 1884-1885، وفي اتفاقية مالطا عام 1945، وبه ستتذرع تركيا، وربما غداً دول أخرى. نتنياهو يؤمن بنظرية انتهاز الفرصة، وتكريس وقائع على الأرض، لكنه بعد إخراجه إيران فتح الباب أمام إردوغان، وبالتالي أصبح يتنافس معه على الكعكة السورية، والأهم على رسم مسار المنطقة. هذا التنافس أوصلهما بعد ضرب إسرائيل للدولة السورية الوليدة إلى شفا المواجهة لولا تدخل الرئيس ترمب، وتهديده لنتنياهو بالتوقف عن مواجهة إردوغان، وحذره بأن إردوغان صديقه، ونصحه بأن يعود إليه عند الاختلاف على أحزمة النفوذ. بهذا القول الحاسم أصبح واضحاً أن المايسترو الجديد للشرق الأوسط هو الرئيس ترمب، وأن الصراع في المنطقة على أحزمة نفوذ ليس مسموحاً به، وأن ترمب وحده يوزع صكوك النفوذ في منطقة تتشكل من جديد. وبالفعل رتب ترمب لهما خطاً عسكرياً ساخناً لكي يتفاهما بسرعة قبل أن يدخلا في معركةٍ تبعاتها خطيرة على إسرائيل، وبالذات على مشروع ترمب للسلام في الشرق الأوسط. أمام ترمب الآن فرصة ثمينة في المنطقة حيث لا نفوذ روسياً ولا إيرانياً، بل أميركي بامتياز، والعقبة الوحيدة أمامه هي نتنياهو، ورؤيته لـ«إسرائيل الكبرى»؛ لذلك قال وزير خارجية تركيا فيدان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي مؤخراً: «لا يوجد مشكلة فلسطينية ولا لبنانية ولا سورية ولا يمنية، بل مشكلة إسرائيلية». هذا يعني أن الأتراك يرفضون أن تكون إسرائيل المهيمن في المنطقة، بل يريدونها أن تكون دولة مثل غيرها، وأن يتشارك الجميع عرباً وأتراكاً وإسرائيليين في خيرات وتنمية المنطقة وأمنها. في المقابل، ترى الدول العربية المؤثرة أن لا «إسرائيل الكبرى» مقبولة، ولا نظرية «القرن التركي» لإردوغان مرغوبة، بل إن الحل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، واحترام سيادة الدول، والابتعاد عن نظرية الأحزمة الأمنية التي ستنزل بالدول العربية المجاورة أكبر الضرر، وهي لم تتعافَ بعدُ مما حدث. ويبدو أن ترمب يميل إلى نزع فتيل غزة، ثم طرح حل للقضية الفلسطينية، ويعتقد أنه قادر على جر كل الأطراف إلى توقيع اتفاقية جديدة قد تكون تطويراً لـ«الاتفاق الإبراهيمي». بالرجوع لتاريخ الشرق الأوسط، ثمة حقيقة ثابتة أن الانتصار في حرب لن يعقبه بالضرورة سلام، وأن رمال المنطقة المتحركة ابتلعت آمالاً كباراً، وفيها غرقت دول، وعلى الرئيس ترمب أن يتعظ بهذا الماضي، ويستلهم حلاً لا يستبعد أحداً من التسوية الكبرى. ويكمن الخوف في استجابته لنتنياهو الذي ينتظر صرف انتصاراته العسكرية سياسياً، بتسويق اتفاقيات منفردة مع دول عربية، وهو مطلب قديم تمسكت به إسرائيل، وبه مزقت قدرات العرب التفاوضية؛ لذلك فإن قبول ترمب بهذا المسار سيرتب أخطاراً كبرى على رؤيته للسلام، وأي توجه منه لإجبار سوريا «الوليدة» دونما مراعاة لمصالح تركيا، ودونما موافقة عربية، سيكون بمثابة السير في حقل ألغام، وكذلك أي حل لا يُشرك الدول الأوروبية والإسلامية، وبالذات روسيا والصين، ولو شكلياً، سيكون انتقاصاً لهيبة الكبار، وربما سيوفر لتلك الدول ذريعة لتفخيخه، ثم تفجيره في المستقبل. الآمال كلها معلقة الآن على ترمب؛ لأنه الوحيد القادر الآن على صناعة السلام العادل، ودفن مشروع «إسرائيل الكبرى»، وإلغاء «القرن التركي» بعدما أزاح مشروع إيران الثوري. إن ترمب يقف على عتبة التاريخ؛ فإما أن يفرض السلام العادل ويخلده التاريخ، أو ينصاع لرغبات نتنياهو فيغرق في رمال المنطقة كما غرق قبله ملوك وأباطرة ورؤساء عظام.

هل يختار لبنان السيادة...أم يترك مصيره للآخرين؟
هل يختار لبنان السيادة...أم يترك مصيره للآخرين؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

هل يختار لبنان السيادة...أم يترك مصيره للآخرين؟

أثار ردّ لبنان الأخير على مقترح أميركي يهدف إلى تحسين أمن ورفاهية المواطنين في كل من لبنان وإسرائيل، قدراً من التفاؤل الحذر في الأوساط الدبلوماسية. فعلى خلاف التوقعات، وُصفت الاجتماعات التي عقدها المبعوث الأميركي، السفير توم برّاك، مع عدد من القادة اللبنانيين، بينهم الرئيس جوزيف عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بأنها بنّاءة وتتسم بالبراغماتية بدلاً من التمسك بخطوط حمراء جامدة. هذا بحد ذاته تطور مشجع، وإن كان الحذر واجباً. فالوقت ضيّق، والتوصل إلى اتفاق دائم يتطلب خطوات جريئة وحاسمة، في مقدمتها نزع سلاح «حزب الله» وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان. المقترح الأميركي الذي يُقال إن القيادة اللبنانية تقبله من حيث المبدأ، يمثل فرصة أولية. لكن في الشرق الأوسط، يكمن الشيطان دائماً في التفاصيل. ومن ثم، ينبغي أن تنتقل الولايات المتحدة ولبنان سريعاً إلى ترتيبات جوهرية، تُنسّق بعناية، وتُنفّذ ضمن ضمانات أمنية صارمة ومعايير إصلاح واضحة. والأهم أن السفير برّاك أوضح صراحة أن أي اتفاق لن يصمد ما لم يُوضع حد لسلاح «حزب الله». يتضمن المقترح اللبناني خطوات أساسية؛ منها: وقف الأعمال العدائية من جميع الأطراف، ونزع سلاح كل الجهات المسلحة غير الشرعية (وبشكل خاص ترسانة «حزب الله»)، وترسيم الحدود مع كل من سوريا وإسرائيل، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وبسط الجيش اللبناني سلطته الكاملة على جميع الأراضي اللبنانية. ورغم أن هذه البنود تمثل أساساً صالحاً لأي اتفاق قابل للاستمرار، فإنها بحاجة إلى عناصر داعمة تضمن ديمومتها. في مقدمة هذه العناصر دور الجيش اللبناني الذي يُعدّ المؤسسة الوطنية الأكثر ثقة وكفاءة. ولا يمكن لأي تسوية أن تصمد من دون تمكين الجيش عملياً من ضبط الحدود ونزع سلاح الميليشيات. وقد أظهر الجيش إرادة للقيام بدور في الجنوب، لكنه بحاجة الآن إلى تفويض سياسي واضح من القيادة اللبنانية، وإلى دعم دولي يمكّنه من أداء هذا الدور في مختلف أنحاء البلاد. وباعتبار أن الولايات المتحدة هي أكبر جهة مانحة للجيش اللبناني، فإن عليها أن تعيد تأكيد التزامها تجاه هذه المؤسسة. ومع اقتراب موعد مناقشة الكونغرس الأميركي لمخصصات تمويل الجيش في موازنة العام المالي 2026، على القادة اللبنانيين أن يتحركوا بسرعة. فأي تلكؤ في إظهار الإرادة السياسية سيؤدي إلى تقويض الدعم العسكري والدبلوماسي، ما سيترك لبنان مكشوفاً أمام المخاطر. ولا يمكن تأجيل موضوع سلاح «حزب الله» إلى مرحلة لاحقة. فهذه القضية تمثل جوهر الموقف الأميركي، وأي عدم التزام بها سيهدد كامل الاتفاق. ويرى البعض أن على لبنان أن يحقق الأمن أولاً قبل الانتقال إلى الإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية. لكن الواقع أن الأمن والإصلاح مترابطان، ولا معنى لأي تسوية من دون جهد إصلاحي داخلي فعّال يُحدث فرقاً ملموساً في حياة اللبنانيين، بدءاً من استعادة القدرة على الوصول إلى حساباتهم المصرفية التي جُمّدت بفعل الأزمة، وصولاً إلى إصلاح النظام المصرفي والقضائي والرقابي. أما جنوب لبنان الذي تكبّد الأثمان الأبهظ في النزاع الأخير، فلا يزال يرزح تحت وطأة التبعية القسرية لـ«حزب الله»، لا اختياراً، بل اضطراراً. وتجب طمأنة أبناء الجنوب بأن الدولة اللبنانية، وبدعم من الولايات المتحدة وشركائها، ستضع عملية التعافي وإعادة الإعمار على رأس أولوياتها بمجرد استعادة السيادة على المنطقة. جاءت تصريحات الرئيس عون الأخيرة التي أكد فيها أن قرارات الحرب والسلم حصرية للدولة، وأن مسألة السلاح خارج الدولة قد «حُسمت ولا عودة عنها»، في توقيت مهم وتبعث على الأمل. لكن غياب التنفيذ العملي سيجعل واشنطن تحول أنظارها إلى ملفات أخرى، من سوريا إلى غزة وإيران، تاركة لبنان يغرق أكثر في العزلة. في غضون ذلك، تتبدل ملامح المشهد الجيوسياسي بسرعة. فاحتمال التوصل إلى تفاهم بين سوريا وإسرائيل قد يعيد رسم خريطة الأولويات الإقليمية ويهمّش لبنان تماماً. ومن دون ترسيم واضح للحدود وموقف لبناني حاسم لإنجاز التسوية، قد يجد لبنان نفسه خارج اللعبة، ويُتخذ القرار بشأن سيادته في غيابه. وقد تكون زيارة السفير توم برّاك الحالية مفصلية. فهذه هي المرة الأولى منذ سنوات التي تتلاقى فيها عوامل الاهتمام الدولي، واستعداد محلي، والتزام أميركي فعلي لدعم تعافي لبنان - شرط أن يثبت قادته أنهم أهل لهذا الالتزام. لكن الفرصة قد لا تدوم طويلاً، وصبر واشنطن ليس بلا حدود. اجتماعات برّاك مع القادة اللبنانيين تمثل اختباراً. والسؤال المطروح على لبنان اليوم بسيط في مظهره، وعميق في مضمونه: هل سيتحدث لبنان بصوت واحد، قائلاً: «شعب واحد، بلد واحد، جيش واحد»؟ أم سيسمح مجدداً للآخرين بتقرير مستقبله عنه؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store