
كيف تُعيد الحوسبة المكانية والأجهزة القابلة للارتداء تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي؟
يشهد عالمنا اليوم تسارعًا غير مسبوق في وتيرة الابتكار التكنولوجي، وفي صميم هذا التسارع يقف الذكاء الاصطناعي على أعتاب طفرة نوعية قادمة، من المتوقع أن تعيد تعريف إمكانياته وتطبيقاته. ولكن اللافت هذه المرة أن هذه القفزة النوعية المرتقبة لن تُبنى على التطور في الخوارزميات ونماذج التعلم الآلي المعقدة فحسب، بل ستُدفع بقوة من خلال تطورات موازية وجوهرية في عالم الأجهزة.
فمع تسارع وتيرة اندماج العالمين، وهما: العالم الرقمي الافتراضي، الذي تسكنه الخوارزميات والبيانات، والعالم الواقعي المادي الذي نعيش فيه، تُبشّر التقنيات المتقدمة مثل: الحوسبة المكانية، والواقع الممتد (XR)، والأجهزة القابلة للارتداء المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بعصر جديد ونموذج حوسبة مغاير كليًا، سيعيد تعريف التفاعل البشري مع الآلات.
إذ لم يَعد إدماج الذكاء الاصطناعي في الأجهزة مجرد توقعات مستقبلية بعيدة؛ بل أصبح حقيقة تتشكل في الوقت الحالي، وتؤكدها تحركات إستراتيجية تنفذها أهم الشركات في المجال، فعلى سبيل المثال، تكشف طلبات العلامات التجارية الحديثة التي قدمتها شركة (OpenAI)، عن اهتمامها بمنتجات تتجاوز البرمجيات لتشمل نطاقًا واسعًا من الأجهزة، مثل: الروبوتات البشرية المتطورة، ونظارات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، بالإضافة إلى الأجهزة الشخصية الذكية مثل الساعات الذكية والمجوهرات الذكية. كما يؤكد استثمار شركة (ميتا) Meta في النظارات الذكية، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي هذا التوجه بقوة.
تجاوز الشاشات.. انتقال الذكاء الاصطناعي إلى العالم المادي:
لا يقتصر هذا التطور الجذري على مجرد توسيع نطاق وصول تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى شرائح جديدة من المستخدمين، بل يتعلق بتحول جوهري في طبيعة تفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي، إذ ينتقل من كونه مجرد أداة حاسوبية قوية حبيسة داخل شاشات الحواسيب والهواتف التي تتطلب منا إدخال المعلومات واستقبالها عبر واجهات تقليدية، إلى التفاعل معه ككيان متجسد، كشريك قادر على الإدراك والفهم والتفاعل بنحو مباشر وطبيعي ومستمر مع العالم المادي المحيط بنا لحظيًا.
ولتحقيق هذا التجسيد وهذا التفاعل المباشر لا يكفي مجرد وجود الذكاء الاصطناعي القوي، الذي دُرب على كميات ضخمة من البيانات، بل يتطلب الأمر بنية تحتية جديدة تمامًا، تشمل أجهزة متخصصة ومبتكرة قادرة على إدراك البيئة المعقدة والمتغيرة وتفسيرها لحظيًا بدقة غير مسبوقة.
ويعني ذلك الحاجة إلى مجموعة متنوعة وغير مسبوقة من أجهزة الاستشعار المتقدمة، بالإضافة إلى واجهات تفاعلية ثورية تتجاوز القيود المادية والإجرائية للوحات المفاتيح التقليدية والشاشات اللمسية، لتعتمد بنحو أكبر على الإيماءات الطبيعية، وتتبع حركة العين ونظرات المستخدم، والتفاعل الصوتي المتقدم والمراعي للسياق، وحتى التفاعل عبر (ردود الفعل اللمسية) Haptic feedback.
ويدفع هذا التحول نحو الذكاء الاصطناعي المتجسد الباب أمام فئة جديدة كليًا من التطبيقات والخبرات، التي كانت تُعدّ حتى وقت قريب جزءًا من قصص الخيال العلمي، ولكن ما مدى السرعة، التي سيحدث بها هذا الاندماج التحولي، وكيف سيعيد هذا التحول صياغة مستقبل التفاعل بين البشر والآلات؟
صعود الحوسبة المكانية.. إدماج العالمين الرقمي والمادي:
في قلب هذا النموذج الجديد تكمن الحوسبة المكانية (Spatial Computing) كتقنية محورية وأساسية، وهي نموذج حوسبة ناشئ يتمحور حول فهم الأبعاد الثلاثية المحيطة بنا والتفاعل معها بذكاء، وتحقق الحوسبة المكانية هذا الهدف عبر الدمج بين قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والرؤية الحاسوبية لتفسير المشاهد المرئية لحظيًا ومجموعة متنوعة من تقنيات الاستشعار المتطورة لجمع البيانات البيئية الدقيقة، وذلك لإنشاء واجهات تفاعلية طبيعية وسلسة تربط بين العالمين، وهما: العالم الواقعي، الذي نتحرك ونعيش فيه من جهة، والعالم الرقمي الافتراضي، الذي يحتوي على المعلومات والتطبيقات من جهة أخرى.
وعلى عكس نماذج الحوسبة التقليدية، التي تتطلب من الأشخاص التكيف مع حدود وإمكانيات الأجهزة الثابتة أو المتنقلة وواجهاتها مثل الشاشات ولوحات المفاتيح، تسمح الحوسبة المكانية للآلات بفهم بيئات البشر ونواياهم من خلال الوعي المكاني.
لذلك يُعدّ التحكم في تصميم هذه الواجهة التفاعلية الجديدة وتطويرها لتكون بديهية وسهلة الاستخدام أمرًا مهمًا، فمع تحوّل الأجهزة المتكاملة جوهريًا مع الذكاء الاصطناعي إلى جزء أساسي في حياتنا اليومية، فإن الطريقة التي سيتفاعل بها الأشخاص مع هذه الأنظمة الذكية المتجسدة والموزعة هي التي ستُحدد في النهاية مدى فائدة هذه الأنظمة في مختلف جوانب حياتنا.
كما ستكون الشركات التي تقود جهود إدماج الذكاء الاصطناعي في الأجهزة بطريقة مبتكرة وفعالة، هي التي ستضع المعايير الجديدة للتجارة الإلكترونية، والاتصالات الشخصية والمهنية، والتفاعل اليومي للبشر مع التكنولوجيا في العقود القادمة.
وهنا تحديدًا تكمن الأهمية الإستراتيجية لتقنيات الواقع الممتد والأجهزة القابلة للارتداء، إذ يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى ما يُعرف باسم الذكاء المكاني – وهو عبارة عن الوعي والفهم العميق للمساحة المادية المحيطة – لتحقيق أقصى إمكاناته.
وتتيح نظارات الواقع المعزز المتطورة، ونظارات الواقع الافتراضي الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والخواتم أو الساعات الذكية المزودة بقدرات استشعارية متقدمة للذكاء الاصطناعي تفسير الإيماءات البشرية الطبيعية، وحركات الجسم الدقيقة، والخصائص الفيزيائية للبيئات المحيطة بنا بطريقة أكثر سلاسة وبديهية.
وقد لخصت كريستي وولسي، الرئيسة العالمية لقسم الواقع الممتد والحوسبة المكانية في مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، هذا التحول بقولها: 'لقد دفعنا التطور السريع للذكاء الاصطناعي إلى البحث عن جهاز جديد يمكننا من خلاله نقل التعاون القائم على الذكاء الاصطناعي من الشاشة إلى التفاعل المباشر مع العالم. وتوفر أجهزة الواقع الممتد، التي لا تتطلب استخدام اليدين هذه الإمكانية. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى كميات ضخمة من البيانات باستمرار، وتستطيع الكاميرات وأجهزة استشعار المواقع ومدخلات الصوت المتوفرة في أجهزة الواقع الممتد تلبية هذه الحاجة المتزايدة بفعالية'.
ويجعل هذا التحول الجذري في الأجهزة الوصول إلى الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة، كما يجعله أكثر اندماجًا في حياتنا اليومية، فلم يَعد مجرد أداة نستخدمها عبر الشاشات، بل أصبح رفيقًا ذكيًا يتفاعل معنا في العالم الحقيقي.
صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي:
أكد جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، خلال كلمته في (CES 2025)، أن التحول من الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى مفهوم وكلاء الذكاء الاصطناعي يمثل نقطة تحول حاسمة نحو ظهور ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي المتجسد.
وسيعتمد وكلاء الذكاء الاصطناعي – وهم عبارة عن أنظمة ذكية قادرة على التصرف بنحو مستقل واتخاذ قرارات لحظية بناءً على إدراكها للبيئة – بنحو كبير على الأجهزة المكانية المتقدمة لكي يعملوا بفعالية.
وسواء كان هؤلاء الوكلاء مدمجين في نظارات ذكية متطورة، أو متجسدين في صورة روبوتات بشرية متطورة، أو كانوا جزءًا من أجهزة قابلة للارتداء ذكية، فإنهم سيراقبون البيئة المحيطة، ويتكيفون مع التغيرات، ويتعاونون مع البشر لتحقيق أهداف محددة.
وقد توقع المستثمر البارز فينود خوسلا، في مقابلة حديثة مع وكالة بلومبرغ الإخبارية، أن سوق الروبوتات البشرية قد يتجاوز في نهاية المطاف الحجم الضخم لصناعة السيارات العالمية بأكملها، ويجري بالفعل وضع اللبنات الأساسية لهذه الرؤية الطموحة في الأجهزة المدعومة الذكاء الاصطناعي التي نشهدها اليوم.
لذلك تصنع الابتكارات المتسارعة في مجال الأجهزة، والتقدم المذهل في تقنيات الحوسبة المكانية، والصعود التدريجي لوكلاء الذكاء الاصطناعي أساسًا جديدًا لكيفية تفاعلنا مع الآلات والمعلومات الرقمية، وتمثل هذه العوامل الثلاثة المحركات الرئيسية لتطور أجهزة الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب لتقودنا نحو عصر جديد من التفاعل بين الإنسان والآلة يتسم بالذكاء، البديهية، والتكامل غير المسبوق.
ولكن ما العوامل التي تقود نمو أجهزة الذكاء الاصطناعي؟
مع خروج الذكاء الاصطناعي من بيئة الحوسبة السحابية ودخوله إلى محيطنا المادي، سيتحدد شكله بناءً على كيفية إدماجه في بيئاتنا، وتتطلب هذه المرحلة الجديدة أكثر من مجرد خوارزميات متقدمة؛ إنها تحتاج إلى أجهزة يمكنها الاستشعار، ومعالجة البيانات، والاستجابة للتغيرات المحيطة، وهناك ثلاثة محركات رئيسية تدفع هذا النمو في أجهزة الذكاء الاصطناعي، وهي:
1- بيانات العالم الحقيقي وتدريب الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع:
تعتمد فعالية الذكاء الاصطناعي على جودة البيانات التي يتعلم منها، وستحتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي في المستقبل إلى بيانات مكانية متنوعة تشمل: معلومات حول العمق المكاني، وحركة الأجسام، وتعرف الأشياء، ورسم خرائط تفصيلية للبيئات المحيطة.
وتُعدّ الأجهزة القابلة للارتداء، وأجهزة الواقع المعزز، والروبوتات أدوات ضرورية لجمع هذه البيانات لحظيًا، وعلى عكس مسارات البيانات التقليدية التي تعتمد على النصوص والصور الثابتة، تتيح هذه الأجهزة للذكاء الاصطناعي التعلم من التفاعل المباشر والحركي مع العالم من حوله، مما يحسن بنحو كبير من كيفية استجابته للسياقات الواقعية المتغيرة والظروف غير المتوقعة التي تميز العالم الحقيقي.
2- تجاوز الشاشات بواجهات تعتمد على الذكاء الاصطناعي:
تمثل المنصة الحاسوبية التالية حقبة جديدة من التفاعل الغامر، والمتعدد الوسائط، والقائم بنحو أساسي على الذكاء الاصطناعي، ونحن نتحرك بسرعة نحو تجاوز قيود الشاشات التقليدية مثل: الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، والاتجاه نحو واجهات تبدو وكأنها امتدادات طبيعية لحواسنا وقدراتنا الإدراكية.
وتُعدّ نظارات (Ray-Ban) الذكية من ميتا مثالًا مبكرًا على هذا التحول، إذ يمكن للمستخدمين استخدامها لطرح أسئلة مباشرة على مساعد الذكاء الاصطناعي المدمج فيها، وتسجيل اللحظات المهمة من حياتهم، وتلقي دعم ذكي حسب السياق، كل ذلك دون الحاجة إلى النظر إلى شاشة منفصلة.
كما يلمح اهتمام شركة (OpenAI) المتزايد بتطوير نظارات الواقع المعزز إلى مستقبل واعد لن يكون مساعدو الذكاء الاصطناعي فيه محصورين داخل التطبيقات، بل سيكونون حاضرين على وجوهنا، وفي آذاننا، وعلى معاصمنا. إذ ستجعل هذه الأجهزة القابلة للارتداء الذكاء الاصطناعي أكثر حضورًا في محيطنا، وأكثر سهولة في الاستخدام، وحاضرًا دائمًا لمساعدتنا، ومدمجًا بسلاسة في كل من حياتنا العملية والشخصية.
3- صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي:
يشهد الذكاء الاصطناعي تحولًا من كونه أداة غير فعالة إلى شريك متعاون وفاعل من خلال ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي، هؤلاء المساعدين الرقميين الذين يستطيعون إنجاز المهام المعقدة بنحو مستقل، واتخاذ القرارات، والمشاركة الفعالة بناءً على ما يرونه ويستشعرونه في البيئة المحيطة.
ويمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي المدمجون في الأجهزة القابلة للارتداء توجيه المستخدمين خلال المهام المعقدة، أو الاستجابة للإشارات البصرية الطبيعية، أو توقع احتياجات المستخدمين بناءً على تحليل سلوكهم وسياقهم الحالي.
فعلى سبيل المثال، يمكن للخواتم الذكية التقاط الإيماءات الدقيقة وتوفير ردود فعل لمسية للتفاعل الغامر، وقد تقدم نظارات الذكاء الاصطناعي تراكبات معلوماتية لحظية تتضمن الاتجاهات الملاحية، أو الترجمات اللغوية الفورية، أو الدعم اللازم لإكمال المهام المختلفة، ويمكن للساعات الذكية مراقبة المقاييس الحيوية للمستخدم وتقديم توصيات صحية استباقية بناءً على تحليل هذه البيانات.
وتشير هذه الابتكارات مجتمعة إلى صعود نوع جديد من الذكاء الاصطناعي، نوع يتصرف في العالم المادي، بدلًا من مجرد تقديم المعلومات عن بُعد.
مستقبل متعدد الوسائط ومتعدد الوكلاء:
يبدو أن عصر الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على البرمجيات وحدها يقترب من نهايته، وسينتقل الفصل التالي في تاريخ الحوسبة إلى الحوسبة المكانية، حيث تتفاعل الأنظمة الذكية مباشرة مع العالم من حولنا وتستجيب لتغيراته لحظيًا.
لقد أصبحت الأجهزة هي الوسيط الحيوي الذي يتجسد من خلاله الذكاء الاصطناعي ويتفاعل مع العالم، ومع التقارب المتسارع بين تقنيات الواقع الممتد الغامر، والحوسبة المكانية، والأجهزة الذكية المدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي، فإننا نشهد تشكل البنية التحتية للثورة الصناعية القادمة.
وفي هذا المشهد التقني؛ لم يَعد السؤال الجوهري المطروح هو : هل الذكاء الاصطناعي سيندمج مع العالم المادي، بل بأي سرعة وإلى أي عمق سيحدث هذا التكامل؟ ويمثل هذا التقارب المتسارع بزوغ فجر عصر حوسبة جديد كليًا، عصر يتسم بأنه غامر بنحو لم يسبق له مثيل، وذكي ومنتشر في كل مكان حولنا، إذ يصبح الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل شريكًا يعزز حياتنا اليومية بطرق لم نكن نتخيلها من قبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ ساعة واحدة
- البوابة العربية للأخبار التقنية
دراسة تكشف.. الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في الذكاء العاطفي
اختبرت دراسة جديدة درجة الذكاء العاطفي لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، من خلال تقييم أداء ستة نماذج منها ChatGPT، باستخدام اختبارات قياسية للذكاء العاطفي (Emotional Intelligence – EI). حققت هذه النماذج متوسط نتيجة بلغ 82%، وهو أعلى بكثير من متوسط نتيجة المشاركين البشريين الذي بلغ 56%. ولم تقتصر كفاءة هذه الأنظمة على اختيار الإجابات المناسبة، بل تمكنت أيضًا من تصميم اختبارات جديدة للذكاء العاطفي بسرعة فائقة وبجودة عالية. وتشير نتائج الدراسة إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات تتطلب حساسية عاطفية مثل: التعليم، والتدريب، وحل النزاعات، بشرط توفر إشراف بشري مناسب. تفاصيل الدراسة تُعد النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على معالجة اللغة البشرية وتفسيرها وتوليدها، ويُعد ChatGPT مثالًا بارزًا على هذا النوع من النماذج؛ إذ يمكنه الإجابة عن الأسئلة وحل المشكلات المعقدة. لكن هل يمكنه أيضًا أن يمتلك ذكاءً عاطفيًا مثل البشر؟ للتحقق من ذلك، اختبر فريق من جامعة جنيف (UNIGE) وجامعة برن (UniBE) ستة من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي: ChatGPT-4 و ChatGPT-o1 و Gemini 1.5 Flash و Copilot 365 و Claude 3.5 Haiku و DeepSeek V3، باستخدام اختبارات ذكاء عاطفي تُستخدم عادة لتقييم الذكاء العاطفي لدى البشر. وتقول (Katja Schlegel)، محاضرة وباحثة رئيسية في معهد علم النفس في جامعة برن (UniBE)، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: 'اخترنا خمسة اختبارات تُستخدم بنحو شائع في الأبحاث وبيئات العمل. تضمنت هذه الاختبارات مواقف مشحونة عاطفيًا لتقييم القدرة على فهم المشاعر وتنظيمها وإدارتها'. ومن الأسئلة المطروحة في الاختبارات: أحد زملاء مايكل سرق فكرته وتلقى التقدير غير المستحق. ما هو رد الفعل الأنسب من مايكل؟ أ) يواجه الزميل المعني مباشرة. ب) يتحدث إلى مديره عن الموقف. ج) يحمل ضغينة بصمت. د) يرد بسرقة فكرة أخرى. الخيار الأنسب هو ب). في الوقت ذاته، خضعت مجموعة من المشاركين البشريين إلى الاختبارات نفسها. وبعد الانتهاء من إجراء الاختبارات، حققت النماذج اللغوية الكبيرة نتائج أعلى بكثير، فقد قدمت إجابات صحيحة بنسبة تبلغ 82% مقابل 56% للبشر. نُشرت الدراسة في مجلة Communications Psychology، وأظهرت نتائجها أن أداء هذه النماذج تجاوز الأداء البشري. ويقول الدكتور (Marcello Mortillaro)، الباحث في جامعة جنيف والمشارك في الدراسة: 'تشير هذه النتائج إلى أن هذه الأنظمة لا تفهم المشاعر فقط، بل تدرك أيضًا كيفية التصرف بذكاء عاطفي'. وفي المرحلة الثانية من الدراسة، طلب الباحثون من نموذج ChatGPT-4 أن ينشئ اختبارات جديدة للذكاء العاطفي تتضمن سيناريوهات مبتكرة. وخضع لهذه الاختبارات الجديدة أكثر من 400 مشارك. وتقول (Katja Schlegel): 'ثبت أن هذه الاختبارات الجديدة كانت موثوقة وواضحة وواقعية مثل الإصدارات الأصلية التي استغرق تطويرها سنوات'. ويقول (Marcello Mortillaro): 'هذا يُظهر أن النماذج اللغوية الكبيرة لا يمكنها فقط اختيار أفضل إجابة من مجموعة خيارات، بل أيضًا توليد سيناريوهات جديدة ملائمة للسياق المطلوب. وهذا يعزز فكرة أن هذه النماذج تمتلك معرفة عاطفية'. الخاتمة تُمهّد هذه النتائج الطريق أمام دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات كانت سابقًا حكرًا على البشر، مثل التعليم، والإرشاد، وإدارة النزاعات بشرط أن تُستخدم تحت إشراف خبراء مختصين.


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
إعادة تشكيل المستقبل
كيف تُحدث التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي آفاقاً في تدريب الأطفال من ذوي اضطراب التوحد؟ يُعد اضطراب طيف التوحد (ASD)، واحداً من أبرز التحديات التنموية التي تواجه الأطفال في العصر الحديث، حيث يؤثر في قدراتهم في التواصل الاجتماعي، التفاعل، والسلوك. ومع تزايد الوعي العالمي بهذا الاضطراب، أصبح من الضروري البحث عن حلول مبتكرة لدعم هؤلاء الأطفال، وتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. في هذا السياق، برزت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كأدوات ثورية، تقدم أملاً جديداً في تدريب وتأهيل الأطفال من ذوي اضطراب التوحد، سواء في الإمارات أو على مستوى العالم. يهدف هذا المقال إلى استعراض كيفية تفعيل هذه التقنيات في تعزيز مهارات هؤلاء الأطفال، مع التركيز على التجارب الإماراتية والتطبيقات العملية، إلى جانب التحديات والفرص المستقبلية. اضطراب طيف التوحد هو حالة عصبية، تظهر عادةً في السنوات الأولى من حياة الطفل، من سنة إلى ثلاث سنوات، وتتميز بمجموعة واسعة من الأعراض التي تختلف في شدتها من طفل لآخر. تشمل هذه الأعراض صعوبات في التواصل اللفظي وغير اللفظي، تكرار السلوكيات (سلوكيات نمطية)، وتحديات في التفاعل الاجتماعي. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُصاب حوالي طفل واحد من كل 100 طفل بالتوحد عالمياً، ونسبة إصابته للذكور أعلى من الإناث، ما يجعل الحاجة إلى حلول فعّالة أمراً ملحاً. في الإمارات، تُظهر الإحصاءات تزايد الاهتمام بهذه الفئة، حيث تعمل الحكومة والمؤسسات الخاصة على توفير بيئة داعمة، من خلال مبادرات مثل «استراتيجية دبي للتوحد»، التي تهدف إلى تعزيز جودة حياة الأفراد المصابين. دور التكنولوجيا في دعم الأطفال ذوي التوحد لطالما كانت التكنولوجيا أداة مساعدة في التعليم والتدريب، لكن تطبيقاتها في مجال التوحد أصبحت أكثر تخصصاً، مع تطور الأجهزة الذكية والبرمجيات. الأطفال من ذوي التوحد غالباً ما يظهرون استجابة إيجابية للتكنولوجيا، بسبب طبيعتها المنظمة والمتوقعة، والتي تتناسب مع احتياجاتهم للروتين والوضوح. تشمل الأدوات التكنولوجية التي يتم استخدامها: • التطبيقات التعليمية: مثل تطبيق «Proloquo2Go»، الذي يساعد الأطفال غير الناطقين على التواصل باستخدام الصور والرموز. • الواقع الافتراضي (VR): يُستخدم لمحاكاة مواقف اجتماعية، ما يساعد الأطفال على تعلم التفاعل في بيئة آمنة ومراقبة. • الروبوتات التفاعلية: مثل روبوت «NAO»، الذي يُستخدم لتعليم المهارات الاجتماعية من خلال التفاعل البسيط والممتع. والعديد من الأجهزة التي تساعد الطالب على زيادة الحصيلة اللغوية، وتنظيم الجمل والتفاعل، مثل ( Topii Dynavox و Big Mack وStory Secquncer...... ) الذكاء الاصطناعي: ثورة في التدريب مع تقدم الذكاء الاصطناعي (AI)، أصبح من الممكن تصميم برامج تدريبية مخصصة، تتكيف مع احتياجات كل طفل على حدة. يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات، لفهم سلوكيات الطفل، وتقديم استجابات فورية، ما يجعله أداة فعالة في التدريب. من التطبيقات البارزة: 1. تحليل السلوك: يستخدم الذكاء الاصطناعي كاميرات وخوارزميات لتتبع تعابير الوجه وحركات الجسم، ما يساعد المدربين على فهم احتياجات الطفل غير المُعبر عنها. 2. التعلم الآلي: يُصمم برامج تعليمية تتطور بناءً على تقدم الطفل، مثل تعلم الكلمات أو المهارات الحياتية اليومية. 3. المساعدات الافتراضية: مثل «Siri» أو مساعدات مخصصة، يمكنها الرد على أسئلة الأطفال، وتوجيههم بطريقة بسيطة. في الإمارات، تتبنى «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031»، هذه التقنيات، لتحسين جودة الخدمات في قطاعات مختلفة، بما في ذلك التعليم الخاص. على سبيل المثال، مراكز مثل «مركز دبي للتوحد»، تستخدم أنظمة ذكية لتقييم التقدم، وتصميم خطط علاجية فردية. موهبة أطفال التوحد في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تُعدّ من المجالات الواعدة التي بدأت تسلط الأضواء عليها في السنوات الأخيرة، حيث تتماشى القدرات الفريدة لبعض الأطفال في طيف التوحد، مع متطلبات هذه الصناعات المتقدمة. لماذا يبرع أطفال التوحد في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟ 1. التفكير المنطقي والمنهجي: الكثير من أطفال التوحد يمتلكون قدرة طبيعية على تحليل الأنماط والتسلسلات، وهي مهارة أساسية في البرمجة وتطوير الخوارزميات. القدرة على الانغماس في مهمة واحدة لساعات طويلة دون تشتت، تجعلهم مميزين في حل المشكلات التقنية المعقدة، أو كتابة الأكواد البرمجية. في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تكون الدقة في البيانات والخوارزميات ضرورية، يمكن لهذه الخاصية أن تكون ميزة كبيرة. بعض الأطفال من ذوي التوحد ينظرون إلى المشكلات من زوايا مختلفة، ما قد يؤدي إلى ابتكارات غير تقليدية في التكنولوجيا. أمثلة على المواهب في هذا المجال: هناك أطفال في طيف التوحد أظهروا قدرة مبكرة على تعلم لغات البرمجة، مثل Python أو JavaScript، وأحياناً يبدعون تطبيقات أو ألعاباً بسيطة. مثال: جاكوب بارنيت، وهو شاب أمريكي مصاب بالتوحد، أظهر موهبة فذة في الرياضيات والفيزياء منذ صغره، وهو الآن يعمل في مجالات متقدمة تتعلق بالتكنولوجيا. الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على معالجة البيانات، وبعض الأطفال يمتلكون قدرة فطرية على التعامل مع كميات كبيرة من المعلومات، واستخلاص أنماط منها. تصميم الألعاب الإلكترونية: بفضل خيالهم الواسع واهتمامهم بالتفاصيل، يمكن لبعضهم ابتكار ألعاب إلكترونية، تعكس رؤيتهم الفريدة. ساتوشي تاجيري: مبتكر سلسلة ألعاب «بوكيمون»، يُعتقد أنه ضمن طيف التوحد. كان اهتمامه المركّز بالحشرات في طفولته، مصدر إلهام لإبداع عالم رقمي، أثر في ملايين الأشخاص حول العالم. برامج تدريبية: شركات مثل Microsoft وSAP، أطلقت مبادرات لتوظيف أشخاص من طيف التوحد في مجالات التكنولوجيا، معترفة بقدراتهم الاستثنائية. كيف يمكن دعم هذه المواهب؟ 1. التعلم المبكر: تعريض الأطفال لأدوات تعليمية، مثل Scratch (منصة برمجة للأطفال)، أو دورات بسيطة في الذكاء الاصطناعي. 2. توفير الموارد: أجهزة كمبيوتر، برامج، وإنترنت قوي، لتمكينهم من التجربة والابتكار. 3. التوجيه: مساعدتهم على تحويل اهتماماتهم إلى مشاريع عملية، مثل تطوير تطبيق أو تحليل بيانات صغيرة. 4. البيئة المناسبة: توفير مساحة هادئة خالية من المشتتات لتعزيز تركيزهم. التواصل: قد يحتاجون إلى دعم إضافي للتعاون مع فرق العمل في المشاريع التقنية. التكيف مع التغيير: التكنولوجيا تتطور بسرعة، وقد يكون التأقلم مع الأدوات الجديدة تحدياً لبعضهم. تُعد الإمارات نموذجاً في تفعيل التكنولوجيا لدعم ذوي التوحد. من الأمثلة البارزة: مشروع «مساعد التوحد الذكي»: تطبيق مدعوم بالذكاء الاصطناعي، يهدف إلى مساعدة الأطفال على تعلم المهارات الاجتماعية، من خلال ألعاب تفاعلية، تقوم بتحليل استجاباتهم، وتقديم تعليقات فورية. مبادرة «مدرسة المستقبل»: تستخدم أجهزة لوحية وبرامج تعليمية متقدمة لتدريب الأطفال على التواصل والتفاعل ضمن بيئة تعليمية شاملة. استخدام الروبوتات في المراكز التأهيلية: بعض المراكز في أبوظبي ودبي، بدأت بتجربة الروبوتات لتعليم الأطفال مهارات أساسية، مثل التركيز والاستجابة للتعليمات. فوائد تفعيل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي استخدام هذه التقنيات يقدم العديد من الفوائد التي تعزز تجربة التدريب: التخصيص: يمكن تهيئة البرامج لتناسب مستوى كل طفل، ما يضمن تقدماً ملائماً. التكرار والثبات: التكنولوجيا توفر بيئة متسقة، تقلل من القلق، وتساعد على تعلم الروتين. التفاعل الآمن: تتيح للأطفال التدرب على مهارات اجتماعية، دون خوف من الحكم أو الرفض. دعم الأهالي: تقدم تطبيقات مثل «Speechify»، أدوات للوالدين، لمتابعة تقدم أطفالهم، وتدريبهم في المنزل. رغم الفوائد، تواجه عملية تفعيل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة: التكلفة: الأجهزة والبرمجيات المتقدمة قد تكون باهظة، ما يحد من انتشارها في المناطق الأقل حظاً. التدريب: يحتاج المعلمون والاختصاصيون إلى تدريب مكثف لاستخدام هذه التقنيات بفعالية. القبول الثقافي: بعض الأسر قد تتردد في الاعتماد على التكنولوجيا بدلاً من الأساليب التقليدية. البيانات والخصوصية: جمع بيانات الأطفال يثير مخاوف أخلاقية تتعلق بالخصوصية. مع استمرار التقدم التكنولوجي، تتسع الفرص لتحسين تدريب الأطفال ذوي التوحد. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتطور، ليشمل: التشخيص المبكر: استخدام الخوارزميات لتحليل السلوكيات في سن مبكرة للكشف عن التوحد. التكامل مع التعليم الشامل: دمج هذه التقنيات في المدارس العامة لدعم الطلاب في بيئات تعليمية مشتركة. التعاون الدولي: تبادل الخبرات بين الإمارات ودول أخرى، مثل الولايات المتحدة واليابان، اللتين تتصدران في هذا المجال. يُمثل تفعيل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تدريب الأطفال من ذوي اضطراب التوحد، نقلة نوعية في طريقة دعمهم وتمكينهم. في الإمارات، تتجلى هذه الرؤية من خلال المبادرات الطموحة التي تجمع بين الابتكار والالتزام الاجتماعي. ورغم التحديات، فإن الاستثمار في هذه التقنيات، ليس مجرد خيار، بل ضرورة لضمان مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال. من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع نطاق التطبيقات، يمكن للإمارات أن تستمر في لعب دور ريادي في هذا المجال، ما يعزز مكانتها مركزاً للابتكار الإنساني.


البوابة العربية للأخبار التقنية
منذ 2 ساعات
- البوابة العربية للأخبار التقنية
'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي
في خطوة تاريخية تُعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والتعاون التكنولوجي، أطلقت مجموعة من الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا مشروع (ستارجيت الإمارات) Stargate UAE، ضمن مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي تبلغ طاقته التشغيلية 5 جيجاواط، ليكون مركزًا دوليًا للبنية التحتية المتقدمة في هذا المجال. ويمثل هذا المشروع المشترك، الذي يضم عمالقة مثل: (جي 42) الإماراتية، و(OpenAI)، وأوراكل، وإنفيديا، ومجموعة سوفت بنك، وسيسكو، مجمع حوسبة ضخم متطور للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تسريع الابتكار وتعميق التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي. تفاصيل مشروع (ستارجيت الإمارات): يُعدّ مشروع (ستارجيت الإمارات) مجمع حوسبة ضخم للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي يتميز بسعة أولية تبلغ 1 جيجاواط، وسيُقام هذا المشروع في مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي، الذي من المخطط أن تصل سعته الإجمالية إلى 5 جيجاواط. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الضخم في دفع عجلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي، ويوفر القدرات الحاسوبية الضخمة اللازمة لتطوير ونشر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة. الأطراف المشاركة وأدوارها: ستتولى شركة (جي 42) الإماراتية مسؤولية بناء مشروع (ستارجيت الإمارات) الضخم، في حين ستتولى شركتا (OpenAI) وأوراكل إدارة تشغيل المشروع. وستشارك شركة (سيسكو) بتوفير أنظمة الأمان ذات الثقة الصفرية (Zero Trust Security) وبنية الاتصال الداعمة للذكاء الاصطناعي، وستزود شركة إنفيديا المشروع بأحدث أنظمتها من طراز (Grace Blackwell GB200)، التي تُعدّ من أقوى حلول الحوسبة للذكاء الاصطناعي في العالم، لضمان أعلى مستويات الأداء. وتُسهم مجموعة سوفت بنك كشريك فاعل في المبادرة. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي ضمن مشروع (ستارجيت الإمارات) بقدرة تبلغ 200 ميجاواط في عام 2026، مما يمثل خطوة أولى نحو تحقيق السعة الإجمالية المخطط لها التي تصل إلى 5 جيجاواط في مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي. 'ستارجيت الإمارات'.. قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي تدفع الاكتشافات والنمو الاقتصادي: يهدف مشروع (ستارجيت الإمارات) الطموح إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة فائقة على مستوى الدولة، مع التركيز في تقليل زمن معالجة البيانات بنحو كبير. وستمكّن هذه القدرات من تقديم حلول ذكاء اصطناعي تلبي المتطلبات المتزايدة لعالم يشهد نموًا متسارعًا في هذا المجال. كما يؤسس هذا المشروع قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي، تتميز بقدرتها على التوسع والموثوقية العالية، ومن خلال هذه القاعدة، سيسرع المشروع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار عبر العديد من القطاعات الحيوية، التي تشمل: الرعاية الصحية والطاقة والمالية والنقل. وستسهم هذه الأهداف في تعزيز النمو الاقتصادي المستقبلي والتنمية الوطنية لدولة الإمارات، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والابتكار. شراكة إماراتية أمريكية لتسريع الذكاء الاصطناعي: يأتي مشروع (ستارجيت الإمارات) في إطار شراكة إستراتيجية جديدة بين حكومتي دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، تحت اسم (شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات). وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، لتطوير ذكاء اصطناعي آمن وموثوق ومسؤول يعود بفوائد طويلة الأمد على الإنسانية. وقد أُطلقت المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي وُصف بأنه الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة الأمريكية، والذي سيحتضن مشروع (ستارجيت الإمارات)، خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للإمارات خلال شهر مايو الجاري. ويمتد هذا المجمع الجديد على مساحة تبلغ 10 أميال مربعة، مما يجعله أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة، وسيزوّد المجمع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وموارد الحوسبة الإقليمية بقدرة تصل إلى 5 جيجاواط. كما سيعمل هذا المجمع باستخدام مزيج من الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، والغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات الكربونية. وسيضم المجمع منتزهًا علميًا يهدف إلى تعزيز الابتكار، وتطوير المواهب، وبناء بنية تحتية مستدامة للحوسبة. وضمن هذا الإطار، ستقوم الجهات الإماراتية أيضًا بتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، من خلال مشاريع مثل (ستارجيت الولايات المتحدة)، تماشياً مع سياسة أمريكا أولًا للاستثمار. نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي: يمثل إطلاق مشروع (ستارجيت الإمارات) نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي لدولة الإمارات والمنطقة بأكملها، ويعكس طموح الإمارات المتزايد لتكون في طليعة الثورة الصناعية الرابعة. فمن خلال هذا المجمع العملاق والشراكة مع نخبة من شركات التكنولوجيا العالمية، لا تكتسب الإمارات قدرات حاسوبية ضخمة فحسب، بل ترسي أيضًا معايير جديدة للتعاون الدولي، والسيادة الرقمية، والتنمية المستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما سيُعزز هذا المشروع من قدرة الدولة على الابتكار، ودفع الاكتشافات العلمية، وتمكين التحول في قطاعات حيوية، مما يؤسس لمستقبل رقمي مزدهر ومسؤول يعود بالنفع على البشرية جمعاء.