
هل تتدحرج الكرة الملتهبة بين 'المالية' والجيش بالتزامن مع 'عربات جدعون'؟
استئناف الحرب في غزة وتجنيد وحدات الاحتياط أديا إلى ارتفاع حاد يبلغ 15 – 25 مليار شيكل، هذا ما يتبين من نقاش جرى الأحد بين نتنياهو ووزير المالية سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وممثلين عن المالية والجيش.
قيل في الجلسة إن كل الافتراضات التي كانت عند إعداد الميزانية في بداية السنة لم تعد سارية المفعول. بناء على ذلك، فإن تجاوزاً كبيراً جداً سيقتضي إتمام مصادقة الكنيست على تعديل كبير على الميزانية، ما قد يؤدي إلى رفع الضرائب وتقليص الخدمات الاجتماعية وزيادة العجز.
الفجوة بين القياسات تنبع من هوية من يقوم بالتقدير: المحاسب العام في وزارة المالية، يهلي روتنبرغ، قدر وصول التجاوز إلى 25 مليار شيكل، في حين أن ممثلي الجيش قدروا أن الأمر يتعلق بتجاوز يبلغ 15 مليار شيكل. أما قسم الميزانيات في وزارة المالية فيميل إلى قبول تقدير الجيش الإسرائيلي، ويقول إن على الجيش إجراء تقليصات.
الارتفاع الكبير هو لتجنيد رجال الاحتياط والتسليح، لكن ولأنه لم تمدد بعد الخدمة الإلزامية بأربعة أشهر، فإن الجيش يدفع لجنود الخدمة الإلزامية راتب رجال الاحتياط بسبب أربعة أشهر خدمة إضافية، المطلوبة بالأمر 8. وثمة تكلفة أخرى مرتبطة بالاستعداد أمام إيران إذا فشلت المفاوضات التي يجريها ترامب من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
الافتراضات الأساسية التي وقفت في أساس ميزانية الدولة للعام 2025 لم تأخذ في الحسبان حرباً شديدة وتجنيداً كبيراً للاحتياط. لذلك، ثمة تجاوز كبير في الميزانية الآن. حسب بيانات الاقتصادي الرئيسي في وزارة المالية، بلغت نفقات الحكومة في الأشهر الأربعة الأولى 203 مليارات شيكل، وهي أعلى بعشرة مليارات شيكل مقارنة مع التنبؤ الأصلي. وتنبع الزيادة بالأساس من النفقات العالية في جهاز الأمن عقب الحرب وتبكير المنح لرجال الاحتياط.
الاستعدادات الأكبر بدأت في أيار عندما تم تجنيد وحدات احتياط كثيرة، ونقل جزء كبير من الجيش النظامي إلى قطاع غزة، ويظهر معنى ذلك في التقارير التالية للاقتصادي الرئيسي. حسب الحسابات التي أجرتها وزارة المالية، فإن تكلفة تجنيد 10 جنود احتياط تقدر بـ 400 مليون شيكل في الشهر.
يدور الحديث بالأساس عن الأجر الجاري لهم، وأيضاً عن نفقات إضافية كثيرة، مثل النقل والغذاء واللوجستيك. كانت افتراضات عمل الجيش الإسرائيلي في بداية السنة أنه سيحتفظ بحجم من القوات، 50 ألف رجل احتياط بالمتوسط خلال السنة، لكن يوجد الآن 90 – 100 ألف رجل احتياط في الخدمة الفاعلة. وإذا خرجت عملية 'عربات جدعون' إلى حيز التنفيذ وانطلقت بكامل القوة، فسيرتفع الرقم ليصل إلى 120 ألف شخص على الأقل.
هذه الزيادة تثير القلق من فقدان السيطرة على نفقات الأمن التي ستؤدي إلى تجاوز كبير لأهداف الميزانية، وإلى تبادل الاتهامات بين وزارة المالية وجهاز الأمن. وزير المالية سموتريتش وجه انتقاداً لرجال الجيش الإسرائيلي أثناء الجلسة، وقال 'أنتم تفعلون ما يخطر ببالكم'.
في قسم الميزانيات في وزارة المالية يعرفون أن هناك مفاجآت للأفضل على صورة زيادة المداخيل من الضرائب. ولكن معركة شديدة في غزة ستستهلك هذه الزيادة بسرعة، وربما تؤدي إلى ارتفاع العجز. حرب قوية لها تأثير فوري على الميزانية والنفقات الأمنية، لكن قد تكون لها تأثيرات غير مباشرة على شكل المقاطعة الاقتصادية من قبل دول مثل أوروبا وكندا، التي هددت بفرض عقوبات على إسرائيل في الأسبوع الماضي.
النقاش لدى رئيس الحكومة تناول أيضاً معنى تأجيل فحص تمديد الخدمة الإلزامية بأربعة أشهر. وهي الخطوة التي تتباطأ بسبب عدم الموافقة على المضي بقانون تجنيد الحريديم. ما لم يكن هناك قانون للتجنيد فلن تنجح الكنيست في تمرير تمديد الخدمة النظامية. ونتيجة لذلك، يحصل جنود الخدمة الإلزامية الحاصلين على الأمر 8 وأجر يبلغ 8 – 9 شيكل في الشهر، أي ثلاثة أضعاف أجرة جنود الخدمة الإلزامية.
يعتقد الجيش أن هذا يساهم في زيادة النفقات الأمنية. والحل هو تجنيد شباب حريديم، لكن الحكومة لا تدفع قدماً بخطوات توفر الأدوات والعقوبات التي تزيد نسبة الامتثال للخدمة القليلة للحريديم في مواقع التجند.
طلب رئيس الحكومة من المشاركين في الجلسة الالتقاء الأسبوع القادم للتوصل إلى تفاهمات حول معنى الزيادة والخطوات المطلوبة من وزارة الدفاع ووزارة المالية. إزاء التجاوز الكبير، فإن المرونة غير كبيرة، ورغم أنه يمكن توزيع نفقات معينة وتأجيلها للسنة القادمة، فما زال ذلك يقتضي من وزارة المالية تقديم ميزانية جديدة معدلة، واتخاذ خطوات تمنع قفزة حادة في العجز.
سامي بيرتس
هآرتس/ ذي ماركر 26/5/2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
الإبادة الجماعية المبرمجة والذكاء الاصطناعي في غزّة
يشنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرباً استثنائية على غزّة، بالاستهداف المتواصل والمكثّف للمدنيين والمباني والمرافق الحيوية في القطاع، لتحقيق دمارٍ غير مسبوق. ولتحقيق خطّتها الإبادية في غزّة، اعتمدت إسرائيل كعادتها على الدعميْن، العسكري والمادي، والسياسي لحلفائها الطبيعيّين، لا سيّما الدعم المطلق للولايات المتحدة والدول الأوروبية، وبعض العرب، لكن تحقيق هذا الحجم الاستثنائي من الدمار لم يكن ممكناً لولا استعانة إسرائيل بالتطبيقات العسكرية والحربية المتطوّرة، لا سيّما بالوجه القبيح للذكاء الاصطناعي، ليفتتح بنيامين نتنياهو وجيشه حرباً حديثةً ومتطوّرةً تقوم على إبادة الفلسطينيين، من خلال الاستعانة بتطبيقات القتل والدمار، التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي، من أجل تنفيذ مشروع التخلّص من الفلسطينيين المتجذّر في عمق العقيدة الصهيونية. من أجل تدمير غزّة، وإبادة وتهجير أهلها، يستخدم الجيش الإسرائيلي (تساهال)، أحدث الأسلحة وأفتكها، لكنّ إشباع غريزة القتل والتدمير لدى نتنياهو وأتباعه أتاحت لهم الفرصة غير المسبوقة لاستعمال وتجربة تقنيات عسكرية متطوّرة جداً، كالتي يوفّرها الذكاء الاصطناعي، ليتحوّل إلى مختبر للتدمير والقتل الجماعي للأطفال والنساء وكبار السنّ في غزّة. يعدّ "لافندر" جزءاً من ترسانة تشمل الذكاء الاصطناعي المعروف باسم "Gospel"، ويستطيع تحديد حوالى مائة هدف في اليوم الواحد لقد سارعت إسرائيل منذ سنين، وعلى نحوٍ مُتزايد، إلى استعمال أنظمة متطوّرة جداً في المجال العسكري لقمع الفلسطينيين، شملت روبوتات ودبّابات بذكاء اصطناعي. بالإضافة إلى هذا، عرف استعمال الذكاء الاصطناعي توسّعاً لا نظير له في مجال مراقبة الفلسطينيين، باعتماد نظام رقابة "Blue Wolf" الذي يخزّن تفاصيل كلّ ما يتعلّق بالفلسطينيين، كالصور وأرقام هوياتهم وأعمارهم وجنسهم وعنوانهم وأرقام لوحات سياراتهم... توسّعت هذه البيانات لتشمل أرقام الهواتف والأنشطة في مواقع التواصل الاجتماعي، والانضمام إلى مجموعات "واتساب" التي يوجد فيها أحد المناضلين، وتغيير العناوين وأرقام الهواتف، والمتابعة المستمرّة لما يجرى يومياً في غزّة. وتهدف إسرائيل من خلال المراقبة العامّة للفلسطينيين إلى تخزين أكبر عدد ممكن من المعلومات حول الفلسطينيين تمهيداً لتوظيفها في برنامج تصفية انتقائي. ومن أجل تنفيذ إبادة الفلسطينيين، التي لطالما حلم بها الصهاينة، اعتمد جيش "تساهال" الذي يعتبر الجهة المنفّذة لأولى إبادة جماعية في العصر الحديث، على نظام قتل وتدمير شامل يجمع بين برمجيات مختلفة، لها أهداف محدّدة، وذلك لتحقيق دمار واسع في غزّه، بل لتدميرها تدميراً كلياً. "الخُزامَى" (Lavender): نظام الذكاء الاصطناعي القاتل للفلسطينيين بعد تحليل برنامج لافندر للمعلومات، التي جُمعت عن معظم سكّان قطاع غزّة، وعددهم 2.3 مليون نسمة، يحدّد البرنامج لكلّ شخص من السكّان درجةً من 1 إلى 100. هذه الدرجة تعكس مستويات انضمام الشخص إلى حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أو احتمال أن يكون مقاتلاً. وبعد تحديد مكان الشخص المستهدف يعطى الأمر للجيش بتصفيته. وقالت مصادر، لمجلة 972+ وموقع Local Call، إن الجيش اعتمد، في الأسابيع الأولى من الحرب، بصورة شبه كاملة على "لافندر"، الذي حدّد ما يصل إلى 37 ألف فلسطينيّ بصفتهم مسلّحين مشتبهاً فيهم، من أجل تصفيتهم. ووفقاً لـ"972+"، تقرّر في بداية الحرب أن مقتل ما بين 15 أو 20 مدنياً بعد تحديد الهدف من نظام لافندر كان عدداً مقبولاً، لكن في حالة استهداف شخصيات أعلى في التسلسل الهرمي لحركة حماس، يمكن أن يرتفع عدد الضحايا المدنيين (الأضرار الجانبية) إلى مائة، لأن "لافندر" يعتبر هذا الاستهداف "مشروعاً"، وهو ما يبرّر ارتفاع عدد الضحايا من الأبرياء، الأطفال والنساء، في عديد من حالات الاستهداف. ويطرح هذا القتل المتعمّد للمدنيين بأمر من الآلة تساؤلات ومخاوف حول اعتماد هذا النهج المتساهل تجاه الخسائر البشرية من الفلسطينيين. لإبادة الفلسطينيين، اعتمد جيش تساهال، الجهة المنفّذة لأولى إبادة جماعية في العصر الحديث، على نظام قتل وتدمير شامل يجمع بين برمجيات مختلفة ويعدّ "لافندر" جزءاً من ترسانة تشمل الذكاء الاصطناعي المعروف باسم "Gospel"، ويستطيع تحديد حوالى مائة هدف في اليوم، وهو ما يبرّر تكثيف العمليات العسكرية ضدّ سكّان غزّة في مدار الأسابيع والأشهر الماضية. وتتأكّد شراسة "لافندر" و"Gospel" من خلال التهديدات المتتالية التي يلوّح بها نتنياهو بتوسيع دائرة القتل كلّ مرّة، نظراً إلى إلمامه بالقدرات التدميرية للبرنامجَين المذكورَين. "الإنجيل" (Habsora): نظام الذكاء الاصطناعي المدمّر للمباني حبسورا (الإنجيل بالعبرية) هو البرنامج العسكري الذكي الذي يستعمله "تساهال" لاختيار المباني التي سيضربها، وجاء استخدامه من أجل الإسراع في اختيار الأهداف في قطاع غزّة، وذلك من أجل الزيادة في وتيرة الهجمات بغية توسيع دائرة القتل الجماعي والدمار العمراني. ويصف ضابط سابق في المخابرات حبسورا بأنه "مصنع للقتل الجماعي"، إذ "ينصبّ التركيز في الكمّ وليس النوع". و يشمل نظام الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي، وهو الذراع العلمية لإبادة الفلسطينيين، على برامج أخرى مثل "أين أبي" (Where's Daddy)، الذي يستهدف فئات محدّدة من القيادات في غزّة. لكن عقيدة القتل والدمار لدى تساهال، التي تعمل على تنفيذ مخطّط إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين، لم تفرّق في استهدافها للفلسطينيين مهما تعدّدت مهامهم، بل إنها عمدت منذ بداية الحرب إلى تصفية كلّ الفلسطينيين، من الأطفال والنساء والشيوخ، وتبيّن ذلك من خلال قصف العديد من المباني المأهولة ليلاً من أجل تحقيق أكبر عدد من الضرر، وسط المدنيين. بل استهدفت مبانٍ لم تتواجد فيها الشخصيات المستهدفة من البرنامج، لأن الحرب على غزّة لم تكن موجّهةً ضدّ "حماس"، بل كانت تستهدف الفلسطينيين كلّهم، لهذا قصفت المروحيات والدبابات من دون تردّد آلاف المباني في غزّة، مخلّفةً، في بعض الحالات، أكثر من ألف شهيد في الضربة الواحدة. ولا يمكن فصل هذه الوحشية المفرطة عن إرادة الجيش في تحقيق دمار كلّي، تحقيقاً للرغبات المتجذّرة للجيش الصهيوني في إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم. وجود ترسانة من برامج الذكاء الاصطناعي المختصّة في قتل الفلسطينيين هو دليل على إرادة فعلية لإبادة الفلسطينيين وتدمير القطاع يثير حجم الدمار الذي أحدثه استعمال التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية في غزّة يثير مخاوف أخلاقية واستراتيجية متعدّدة بشأن مستقبل النزاعات في ظلّ التقدّم التكنولوجي، لا سيّما حول الوجه القبيح للذكاء الاصطناعي، لذا تفتح التطبيقات القاتلة للذكاء الاصطناعي، التي جُرِّبت في غزّة، الباب أمام مستقبل قاتم للإنسانية، إذا لم يجرِ الحدّ من الاستعمال القاتل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في النزاعات. لا يمكن اعتبار تنفيذ الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي في غزّة ردّة فعل عابرة، بل إنها تنفيذ لمشروع متجذّر في العقيدة الصهيونية، وفي ممارسات الكيان الصهيوني منذ 1948. وبالتالي، يمكن من دون تردّد الحديث عن وجود إرادة قتل جماعي للفلسطينيين. ولعلّ ما يبرّر وجود إرادة فعلية لإبادة الفلسطينيين وجود ترسانة من برامج الذكاء الاصطناعي المختصّة في قتل الفلسطينيين، وتدمير القطاع، لأن مَن بدأ بفرض رقابة رقمية على الفلسطينيين، وصمّم برامج قتل متطوّرة، كان يخطّط مسبقاً لإبادة الفلسطينيين، لأن مشروع إبادة أكثر من مليونَي شخص يستحيل أن يكون وليد اللحظة.


القدس العربي
منذ 11 ساعات
- القدس العربي
غزة : لحظة مراجعة فلسطينية كبرى؟
أعلنت حركة «حماس» وفصائل المقاومة، أمس الأحد، تعديلات على المقترح الأمريكي على اتفاق لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، وهو ما اعتبرته إسرائيل رفضا للهدنة ومبررا لاستئناف مسلسل الإبادة. تعتبر هذه مناسبة لمراجعة فلسطينية كبرى للأحداث المهولة التي تعرّض لها الفلسطينيون، وفي صلب هذه المراجعة بالتأكيد، تحميل كثيرين مسؤولية ما حصل لـ «حماس» (وليس لإسرائيل). أعادت الأحداث التي جرت بعد 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023 وضع الشعب الفلسطيني في ظروف تذكر بأحوال نكبة 1948، وحمّلت حركة «حماس» مسؤولية تعريض الشعب الفلسطيني لهذه المحنة الكبرى التي تهدد بإنهاء الوجود الفيزيائي للفلسطينيين على أرضهم التاريخية، عبر أشكال تتدرج من الاستيطان المتوسع، وخطط التطهير العرقي، وصولا إلى ممارسة الإبادة الفعلية والثقافية. تفترض الانتقادات لحركة «حماس» أنه لو لم تحصل عملية «طوفان الأقصى» فإن هذه الخطط الإسرائيلية كان يمكن مجابهتها بالسياسة والدعم العربي والدولي للفلسطينيين، وأن تلك العملية أعطت نتنياهو المبرر للخروج من الأزمة التي كانت تقسم المجتمع الإسرائيلي بين العلمانيين والمتدينين ومكنته من توحيد الإسرائيليين خلفه، ووفّرت له الغطاء السياسي (والسلاح) الأمريكي والأوروبي لشن حرب شاملة على الفلسطينيين ضمن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» و«القضاء على إرهاب حماس». من الانتقادات المهمة أيضا لـ«حماس» أن الحركة لم تقم باستشارة الفلسطينيين في غزة أو الضفة الغربية أو التنسيق مع السلطة الفلسطينية والدول العربية في هذا القرار الخطير جدا بمواجهة إسرائيل، وهي بالتالي تتحمل مسؤولية آلاف الأرواح التي أزهقت، والتداعيات المهولة التي زلزلت أركان الشعب الفلسطيني، وأزهقت أرواح عشرات الآلاف من أبنائه. من الانتقادات المتكررة أيضا للحركة أنها لم تفهم أو تقدر توازنات العالم، وأنها ورطت حلفاء لها في المنطقة، من إيران واليمن إلى العراق وسوريا ولبنان الخ. تتجاهل هذه الانتقادات، بداية، أن هذه الحرب الأخيرة سبقتها حروب إسرائيلية سابقة ضد غزة في 2008 و2012 و2014 و2019 و2021، كما تفترض لأخذها على محمل الجد أن الاستيطان واحتلال ومصادرة الأراضي، وخطط تهويد القدس والأقصى، والعمل على إنهاء القضية الفلسطينية ومشروعاتها السياسية، لم تكن جزءا أساسيا من برامج وسلوكيات قوى اليمين الإسرائيلي من الليكود، مرورا بطيف سياسي إسرائيلي واسع موافق على هذا البرنامج. تمثّل الحرب الأخيرة، بهذا المعنى، استكمالا لسياق عسكري ـ سياسيّ متواصل، ويعتبر انفجارها، وكذلك تداعياتها اللاحقة، تطوّرا طبيعيا لسياق غير طبيعي، هو تعريف إسرائيل باعتبارها إلغاء لفلسطين والفلسطينيين، وليست حدثا منفصلا عن الواقع أو فكرة «انتحارية» خطرت في بال يحيى السنوار وقيادة «كتائب القسام» وحركة «حماس» فنفذتها. في المقابل، وضعت النكبة الجديدة للفلسطينيين معادلات العالم، والإقليم، والمنظومة العربية، في أزمة ذات أبعاد كبيرة استدعت تدخلات مباشرة من أمريكا (بالتعاون مع قطر ومصر) لرعاية اتفاق لوقف إطلاق النار، وضغوطا متزايدة من أوروبا على إسرائيل لوقف حصارها التجويعي للقطاع ووقف المجازر فيه، كما أعادت تفعيل الجهد العربي بطرق جديدة تعتمد الصفقات والعلاقات المباشرة مع الإدارة الأمريكية. نتج عن الدينامية الكبرى لتداعيات الحدث ظهور نظام حكم جديد في سوريا بعد حقبة دكتاتورية استمرت 55 عاما، وانتخاب رئيس لبناني ورئيس وزراء متوافق عليهما عربيا وعالميا، ومفاوضات على مشروع إيران النووي (ونفوذها في المنطقة العربية). فجر قرار عملية «حماس» العسكرية التوازنات بين الفلسطينيين وإسرائيل، ووضع المشروعين الإسرائيلي والفلسطيني في مواجهة قصوى، وهو ما وضع العرب (الذين كانوا يتحضرون للتطبيع مع إسرائيل) والعالم (المتواطئ مع إسرائيل) أمام الواقع الصريح للطبيعة الإبادية الإسرائيلية، دافعا المسار البطيء المتدرّج للإبادة والاستيطان والتطهير العرقي إلى حدّه الأقصى الممكن، كما رفع الحاجة لحل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية إلى مستوى غير مسبوق. الخيار الآن هو بين سيادة الهمجية في العالم وبقاء الفلسطينيين.


القدس العربي
منذ 17 ساعات
- القدس العربي
'ويتكوف' بين مطالبة حماس بالضمانات وخبث نتنياهو.. وتصعيد في إسرائيل بين الجيش والحكومة
عاموس هرئيل عاد ترامب وأكد أن إسرائيل وحماس قريبتان من صفقة تبادل جديدة. 'أعتقد بوجود احتمالية. سأبلغكم عن ذلك اليوم أو غداً'، قال الرئيس وتوقع قرب اتفاق بين أمريكا وإيران حول كبح المشروع النووي الإيراني. حتى أمس، لم تصل التحديثات التي وعد بها. ربما ستعطى قريباً. كالعادة، لا يدخل إلى التفاصيل، ويبدو أن الأمر يتعلق بنرجسية لجذب انتباه وسائل الإعلام. التوقع اليائس لكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين لبشرى جيدة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، أقل أهمية عنده. الاتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعد تجري مع طاقم المفاوضات الإسرائيلي الآن، ولا تقوم بإشراك الوسطاء، مصر وقطر. ترامب ومبعوثوه يتحدثون مباشرة مع نتنياهو، والمبعوثون في اتصال مباشر أيضاً مع قيادة حماس في الخارج، التي يوجد كبار قادتها في الدوحة. بعد أن أعلنت إسرائيل عن قبول الخطة الجديدة التي عرضها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، باتت الكرة الآن في يد حماس. الاتصالات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم تعد تجري مع طاقم المفاوضات الإسرائيلي الآن، ولا تقوم بإشراك الوسطاء، مصر وقطر أعطت حماس أمس بعد الظهر رداً أساسه 'نعم، لكن'. ربما يمكن التغلب على بعض التحفظات التي قالتها حماس، لكن مطالبة حماس الأساسية هي تقديم ضمانات أمريكية توفر لها مستوى أمان مرتفعا بعدم عودة إسرائيل للقتال بعد حصولها على الـ 10 مخطوفين الأحياء والـ 18 جثة. أمس، رفض ويتكوف رد حماس، وقال انه 'غير مقبول'، وأعاد المحادثات إلى الوراء. إزاء صعوبة استمرار الحرب لوقت طويل، بسبب تحفظات ترامب، سيطلب نتنياهو صفقة جزئية فقط. فبعد وقف إطلاق النار الذي سيستمر شهرين تقريباً، سينوي استئناف القتال. هذا هو السيناريو الذي تخشاه حماس، لذلك يطالبون بضمانات من ترامب وويتكوف. السؤال هو: هل ستكون حماس على قناعة بأن الرئيس سيفي بأقواله ويفرض على نتنياهو بعد ذلك إنهاء الحرب وانسحاباً شاملاً للقوات الإسرائيلية من القطاع مقابل تحرير جميع المخطوفين وإعادة الجثث. ما زال القتال يجري ببطء، إلى جانب هجمات جوية كثيفة. يبدو أن إسرائيل تستخدم الآن حركة القوات البرية كتهديد على ما يتوقع للفلسطينيين وحماس إذا لم تتحقق صفقة التبادل. يبذل الجيش أيضاً جهوداً كبيرة للدفع قدماً بالخطة الجديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية. المراكز اللوجستية تواصل العمل بإدارة أمريكية، رغم تشويش نابع من تدفق الجمهور للحصول على مساعدة ورغم محاولة حماس تخريب هذه العملية. إسرائيل لا تنجح في تجنيد الأمم المتحدة لهذه العملية، والوكالات العاملة من قبلها ترفض التعاون معها. في الوقت نفسه، تواصل حكومة نتنياهو إدارة حرب مانعة ضد اتفاقات اليوم التالي للحرب، لكيلا يشمل الحل في القطاع السلطة الفلسطينية. اليوم قد يلتقي مع محمود عباس في رام الله وزراء خارجية لعدة دول عربية وإسلامية، من بينها السعودية وقطر ومصر وتركيا. إسرائيل قررت منع هذه الزيارة رغم اعتمادها على هذه الدول في إدخال المساعدات إلى القطاع وبلورة تفاهمات عند انتهاء الحرب. الحوار الكثيف بين ترامب ونتنياهو يتناول أيضاً المفاوضات مع إيران. أمس، نشرت الوكالة الدولية للطاقة النووية تقريراً خطيراً جاء فيه بأن إيران تمتلك الآن كمية من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، الذي يكفي لإنتاج 10 قنابل نووية بعد تحويله إلى المستوى المطلوب، 90 في المئة. الكمية التي في يد إيران ازدادت 50 في المئة. وحسب المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، فإن عملية إنتاج القنبلة نفسها قد تستغرق 6 – 18 شهراً آخر. أصدر نتنياهو بياناً استثنائياً السبت دعا فيه العالم للعمل. ولكن ترامب قد يستخدم هذه المعطيات في الاتجاه المعاكس، ويدعي بأنه دليل على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع إيران سريعاً. ضريبة كلامية في الوقت الذي يدفع فيه نتنياهو والوزراء ضريبة كلامية لتحرير المخطوفين وإفشال تحقيق اتفاق بالفعل، فإن الشعور العام في إسرائيل مختلف كلياً، كما تدل على ذلك جميع الاستطلاعات التي تشير إلى دعم كبير للصفقة التي ستشمل إعادة جميع المخطوفين مقابل إنهاء الحرب. في الأسبوع الماضي، تم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 47 على سقوط قادة سرايا في لواء المظليين، النقيب نير زهافي والنقيب يفتاح عين، اللذين قتلا في عملية 'شليخت' في جنوب لبنان. ما كتبه أصدقاء غي زهافي، شقيق نير، تمت قراءته في هذا الاحتفال الذي جرى في ذكرى مرور 600 يوم على الحرب وعلى المخطوفين، حسب قوله. 'قبل أسبوع، قتل في غزة جندي من 'غولاني'، دانييلو موكنو'، كتب غي. 'لم أستطع الاستمرار عند جزء التحقيق في حادثة انهيار المبنى، التي بحسبها عمل الجنود لساعات من أجل إنقاذ دانييلو من تحت الأنقاض، والقادة المسؤولون لم يوافقوا على ترك المكان بدونه. هذه بالضبط قصة إنقاذ نير في عملية شليخت من المبنى في قاعدة الكوماندو البحري لـ 'فتح' بين صور وصيدا، الذي انهار عليه وعلى يفتاح. لا يتصرفون هكذا كشف روعي شارون الأسبوع الماضي قضية مقلقة. الجنديان من لواء 'الناحل'، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما مدة سنة ونصف في القطاع، أبلغا القادة بأنه لا يمكنهما الاستحمال أكثر، وهما يريدان إعفاءهما من دخول آخر إلى الحرب. حكم المسؤولون عنهما بعقوبة السجن الفعلي، أحدهما 15 يوماً والآخر 20. كل محاولات شارون وغيره لإلغاء أو تقليص سوء هذا المصير واجهها الجيش الإسرائيلي بمعارضة كبيرة. الجنديان من لواء 'الناحل'، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما مدة سنة ونصف في القطاع، أبلغا القادة بأنه لا يمكنهما الاستحمال أكثر، وهما يريدان إعفاءهما من دخول آخر إلى الحرب الجنديان من رجال الاحتياط، تجندا للخدمة الالزامية في آب 2022، ومؤخراً أنهيا الخدمة النظامية. الجيش الإسرائيلي في الواقع قرر مجددا تمديد الخدمة النظامية لثلاث سنوات بدلاً من 32 شهراً. ولكنها خطوة قوبلت بصعوبات تشريعية في الكنيست. لذلك، هو يتبع طريقة إشكالية التي يحصل فيها الجندي الذي على وشك التسريح فوراً على الأمر 8 ويتم تجنيده للاحتياط، ثم يذهب مباشرة للخدمة النظامية في إطار نفس الكتيبة النظامية التي خدم فيها. البعض يفترضون أن الجيش يخشى من انهيار كبير إذا تعامل بتساهل مع رفض الجنود. مع ذلك، الصفوف غير كاملة. فعبء العمل وما يصاحبه من استنزاف الوحدات النظامية كبير جدا، ويتم تسريح الكثير من الجنود من الخدمة الحربية بسبب مشاكل صحية، خاصة بسبب صعوبات نفسية. هذه ظاهرة منتشرة ولا تحظى إلا باهتمام محدود مقارنة مع الصعوبات التي تواجه جنود الاحتياط، الذين يسهل عليهم هم وزوجاتهم التواصل مع وسائل الاعلام. غضب الجيش يزداد من سلوك الحكومة الساعية لتمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة. نتنياهو هدد مؤخراً بإقالة رئيس لجنة الخارجية والأمن، عضو الكنيست يولي أدلشتاين (الليكود) من منصبه لأنه لا يتعاون مع خطوات رئيس الحكومة والحريديم. هذه هي خلفية غياب التشريع بشأن تمديد الخدمة الالزامية: الحكومة تخشى من الردود، في الوقت الذي تشرعن فيه تهرب شباب القوائم الحريدية. هذا مثل وضع أصبع في عين الجمهور الذي يخدم، ونظرة الجنود القاسية الذين لم يعودوا يستطيعون مواصلة الخدمة، في حين أن الفجوات في الوحدات المقاتلة خطيرة جداً، وهذا أحد مظاهر مشكلة أكبر لدى المستوى السياسي والجيش. يبدو أنه لن يكون أمام رئيس الأركان أيال زامير أي خيار في القريب باستثناء تشديد الخطوات الرمزية، وعلى الأقل إصدار المزيد من أوامر التجنيد لعشرات آلاف الحريديم المتهربين من الخدمة برعاية القوة السياسية لممثليهم في الحكومة والكنيست. في بداية الحرب، قرر قائد لواء نظامي تشديد القواعد مقارنة مع الألوية الأخرى ومنع جنوده من الخروج إلى إجازة من القطاع لأشهر كثيرة. احتجاجات الآباء لم تساعد، والصحافيون وقادة اللواء كانوا حذرين من التدخل في اعتباراته لفترة طويلة. نأمل هذه المرة أن تستيقظ القيادة العليا وتعمل على تخفيف العقوبة على الأقل. العقوبة التي حكم بها قائد الكتيبة على جنديين من 'الناحل' مبالغ فيها. ما هكذا يتصرف الجيش الذين يعنى بمقاتليه، وهكذا يعمل الجيش الذي يسير نحو التفكك. يعملون الخير أحد الادعاءات التي طرحها لواء 'الناحل' لتبرير التصميم أمام الجنديين هو أن الأمر يتعلق بمشغلي حوامات، وأن الكتيبة بحاجة إليهما بسبب أهمية مهمتهما المحددة. رغم أن حجم استخدام الحوامات ازداد كثيراً في الحرب، لكن الجيش تنقصه حوامات للوحدات العاملة على الأرض، كما أن هناك نقصاً في الجنود الذين اجتازوا دورات تدريب على تشغيل الحوامات. الجنرال احتياط يعقوب بنجو، الرئيس السابق لقسم التخطيط في هيئة الأركان، الذي تم تسريحه من الجيش قبل فترة قصيرة على اندلاع الحرب، نشر في الشهر الماضي مقالاً عن استخدام الحوامات في الحرب، في إطار مركز بيغن السادات في جامعة بار ايلان. بنجو، الذي كتب المقال، هو أحد العاملين في شركة 'البيت'، الذي لم يسمح بنشر اسمه، طلب إنشاء وحدة حوامات في الجيش الإسرائيلي. تناول المقال بالأساس الحوامات الانتحارية الرخيصة. حسب قول كتاب المقال، فإن الثورة التي أحدثتها الحوامات في ساحة المعركة 'تغير طبيعة الحرب البرية وكل أبعاد القتال. الحديث لا يدور عن وسيلة قتال جديدة أخرى أو تطوير تكنولوجي واسع الانتشار، بل عن ثورة حقيقية تؤثر على تقنية القتال، وطبيعة تنظيم القوات وإدارة الحرب التكتيكية… الحوامة الهجومية تقتضي من التفكير العسكري أن يتطور ويترك نظريات الماضي التي كانت ذات صلة بعصر الحرب الباردة، ولها علاقة بعمليات القتال ضد الإرهاب، لكنها لا تقدم رداً في ساحة القتال الحالية'. هآرتس 1/6/2025