logo
الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد

الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد

الجزيرة١٢-٠٦-٢٠٢٥
يُنظِّم مركز الجزيرة للدراسات وقسم اللغة والثقافة والاتصال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة حمد بن خليفة، مؤتمرًا علميًّا بعنوان "الإعلام الدولي والحرب على غزة: مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات"، ويدعو الباحثين والمهتمين للمساهمة فيه بأوراق بحثية تتناول موضوعه وتحقق أهدافه وتعالج إشكالياته.
ويهدف المؤتمر -الذي سيعقد بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 في الدوحة- إلى دراسة الآليات الدلالية ذات الطابع الوظيفي التي تعمل على كشف مضمرات الخطاب في تغطية الإعلام الدولي للحرب على غزة. ويبحث في الواسمات التي تُبيِّن وجهة نظر مُنْتِج هذا الخطاب إزاء الذات الفلسطينية والإسرائيلية، وتكشف أيضًا رؤيته وموقفه من مسارات الحرب وانعطافها نحو الإبادة الجماعية. كما يسعى المؤتمر إلى دراسة أنماط النماذج الإخبارية وسماتها في تغطية الحرب، ورصد أشكال الدعاية وتزييف الحقائق للتلاعب بالرأي العام الدولي، وتحليل دور الإعلام الإسرائيلي والمؤسسات الإعلامية والشبكات الدولية في إذكاء الإبادة الجماعية.
ويتنزَّل هذا المؤتمر في سياق الصراع الرمزي وصناعة سرديات جماهيرية وثقافية كبرى للفوز بمعركة الرواية قبل معركة الميدان، من أجل الهيمنة على الخطاب العام ومن ثم الرأي العام الدولي. فقد كانت الروايات -التي يُنْتِجُها الإعلام الإسرائيلي وكذلك جزء كبير من الإعلام الغربي- تتلوَّن بأبعاد الصراع وتخضع لتأثير موقع المؤسسات الصحفية والشبكات الإعلامية ومالكيها إزاء الفاعلين المشاركين في الحرب. ولذلك ظلَّ معظم الإعلام الغربي، وحتى بعض وسائل الإعلام العربي، ولا سيما في الشهور الأولى من مراحل الحرب، يُروِّج لأطروحات السردية الإسرائيلية وأخبارها الزائفة عن "حرق الأطفال"، و"اغتصاب النساء الإسرائيليات"، خلال عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة ، وتبرير "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وشَرْعَنَة الحرب على ما يُسمِّيه "إرهاب حماس".
وفي هذا السياق، يَبْرُز البعد الدعائي والتضليل المعلوماتي في الخطاب الإعلامي وصناعة سرديات منافسة للرواية الفلسطينية، وهو ما يُشير إلى "قوة السرد" في بناء المعاني وتشكيل الواقع وتوجيه الرأي العام، بحسب قوة الوسيلة واختياراتها التحريرية وامتداداتها السياسية والأيديولوجية. لذلك برزت نماذج إخبارية مختلفة في تغطية الحرب على غزة تنطلق من محددات وأطر مخصوصة في تمثُّلاتها للذات الفلسطينية والإسرائيلية، وفي فهم حالة الصراع وجذوره وسياقاته التاريخية.
وكانت شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا من الحالة الإعلامية الدولية الـمُستقطَبة؛ إذ أفسحت الشركات الكبرى في المجال لعسكرة فضاء هذه المنصات، وسمحت سياساتها في إدارة المحتوى بالتمييز الرقمي ضد المحتوى الفلسطيني ومحاولة إبادة آثاره الرقمية. لكن هذه السياسات لم تؤثر كثيرًا في فاعلية دور الصحفيين والمواطنين الصحفيين في توثيق الحرب، وكشف الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وهو ما أسهم في تدفق التغطية التقليدية وتعديل مزاج الرأي العام الدولي تجاه الحرب، وأعاد طرح السؤال حول الجدوى من الإعلام ودوره في تحقيق العدالة وصناعة السلام.
محاور المؤتمر
وستتناول جلسات المؤتمر الذي سيعقد في المدينة التعليمية بالدوحة، القضايا الإشكالية التي تبرزها المحاور الآتية، وغيرها:
1. مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات في الإعلام الدولي:
سيرورة التأطير الإخباري للحرب على غزة في الخطاب الإعلامي الغربي.
صناعة السرديات وصراع الروايات خلال الحرب على غزة: الأساليب والأهداف.
تفكيك الرؤية الاستعمارية في دراسات الاتصال والإعلام.
التحرير الترجمي ودوره في تعزيز الروايات وطمسها.
البنية المعجمية والدلالية للخطاب في المواقع الإخبارية الأجنبية باللغة العربية للحرب.
2. نماذج إخبارية في تغطية الحرب على غزة:
محددات التغطية الإخبارية للحرب في الصحافة الدولية والشبكات الإعلامية (دراسة حالة الإعلام الغربي).
بناء المفاهيم والمعاني في السرديات الكبرى لوسائل الإعلام (دراسة مقارنة لحالة الإعلام الدولي).
تأثير البيئة السياسية في اتجاهات المعالجة الإعلامية للحرب على غزة (دراسة حالة الإعلام الإسرائيلي).
أنماط النماذج الإخبارية في تغطية الإبادة الجماعية بغزة (دراسة مقارنة لوسائل الإعلام الدولي).
إعلان
3. الخطاب الدعائي وتأثيره في الرأي العام العالمي:
أنماط الدعاية في الإعلام الإسرائيلي والغربي خلال الحرب على غزة.
تأثير الخطاب الدعائي في تشكيل الرأي العام الدولي.
الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي في الحرب على غزة.
الخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية وتأثيره في الرأي العام الدولي.
4. الشبكات الاجتماعية وإستراتيجيات إنتاج المحتوى خلال الحرب:
دور الشبكات الاجتماعية في توثيق مسارات الحرب على غزة.
الشبكات الاجتماعية وتأثير السرديات المجالية (الكبرى) في الرأي العام.
أساليب عَسْكَرَة شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحرب.
سياسات الشبكات الاجتماعية والإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني.
5. دور وسائل الإعلام في الإبادة الجماعية: إستراتيجيات الخطاب وأطروحاته
بنية خطاب الكراهية في الإعلام الإسرائيلي والدولي.
خطاب إعلام الإبادة الجماعية في الحرب على غزة: آليات اشتغاله وأطروحاته.
دور الإعلام في مَأْسَسَة الإبادة الجماعية في الخطاب العام والممارسة الصحفية.
مقارنة إعلام الإبادة في تجارب معاصرة (رواندا، كمبوديا) مع إعلام الإبادة في الحرب على غزة.
6. المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام خلال الحروب والأزمات
الأخلاقيات المهنية في تغطية الحروب والنزاعات.
دور الإعلام في توثيق جرائم الحرب وتأثيره في تنفيذ القانون الدولي.
دور وسائل الإعلام في حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة وصناعة السلام.
وسائل الإعلام وحل النزاعات: الاتجاهات المنهجية والنظرية.
شروط الكتابة
ويدعو مركز الجزيرة للدراسات وجامعة حمد بن خليفة، الباحثين والخبراء والأكاديميين للمشاركة بأوراق بحثية في الموضوعات والقضايا التي سيناقشها المؤتمر، وفق الضوابط والشروط الآتية:
أن يُقدِّم الباحث/ة مقترحًا بحثيًّا في صلب موضوعات المؤتمر في حدود 500 كلمة، يتضمن موضوع البحث وإشكاليته وأهدافه وأهميته ومنهجه وبنيته.
أن يكون البحث أصيلًا، مُعدًّا على نحو خاص للمؤتمر، وألا يكون مُوَلَّدًا بالذكاء الاصطناعي، أو مجتزًأ من رسالة جامعية، أو نُشِر جزئيًّا أو كليًّا في أية وسيلة نشر ورقية أو إلكترونية، أو عُرِض في أحد المؤتمرات أو قُدِّم للنشر في إحدى الدوريات.
تُبَلِّغ اللجنة العلمية أصحاب المقترحات المقبولة للمضي في إعداد أوراقهم البحثية، ولن تتسنَّى المشاركة في المؤتمر إلا لأصحاب الأوراق المجازة من قبل لجنة التحكيم.
اعتماد أسلوب "شيكاغو" في توثيق المراجع.
لغات المؤتمر: اللغة العربية، واللغة الإنجليزية.
تُرْسَل مقترحات المشاركة وكل المراسلات ذات الصلة بالمؤتمر مرفقة بالسيرة الذاتية للباحث/ة على العنوان الإلكتروني الآتي: mediaconference@aljazeera.net
تواريخ ومواعيد مهمة
آخر موعد لتلقي ملخصات الأوراق والبحوث: 1 يوليو/تموز 2025. ويكون المقترح في حدود 500 كلمة مرفقًا بالسيرة العلمية للباحث.
الرد على أصحاب المقترحات المقبولة بتاريخ: 10 يوليو/تموز 2025.
آخر موعد لتسليم الأوراق والبحوث النهائية الأولية (من 6000 إلى 8000 كلمة متضمنة المراجع والهوامش): 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
الرد النهائي على الأوراق والبحوث المقبولة بتاريخ: 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
تاريخ انعقاد المؤتمر: 29-30 نوفمبر/تشرين الثاني، والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 (ثلاثة أيام).
علما بأن أوراق المؤتمر وأعماله ستنشر في مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، ولاحقًا في كتاب جماعي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما دلالات التصعيد البريطاني ضد إسرائيل؟
ما دلالات التصعيد البريطاني ضد إسرائيل؟

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

ما دلالات التصعيد البريطاني ضد إسرائيل؟

25:01 ما وراء الخبر تناولت حلقة (2025/7/22) من برنامج 'ما وراء الخبر' دلالات التصعيد في اللهجة البريطانية الرسمية تجاه إسرائيل، رغم أن الحرب على غزة مستمرة بالوتيرة نفسها تقريبا منذ أكثر من 21 شهرا، كما ناقشت طبيعة العقو اقرأ المزيد

رئيس وزراء قطر: الترشح لاستضافة أولمبياد 2036 امتداد لاستضافتنا بطولات عالمية
رئيس وزراء قطر: الترشح لاستضافة أولمبياد 2036 امتداد لاستضافتنا بطولات عالمية

الجزيرة

timeمنذ 18 ساعات

  • الجزيرة

رئيس وزراء قطر: الترشح لاستضافة أولمبياد 2036 امتداد لاستضافتنا بطولات عالمية

أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -اليوم الثلاثاء- أن الترشح الرسمي الذي تقدمت به اللجنة الأولمبية القطرية لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2036 يمثل محطة جديدة في مسيرة الإنجازات الوطنية، ويجسد المكانة المتقدمة التي وصلت إليها دولة قطر على الساحة الرياضية الدولية. وأوضح أنه في حال نيل شرف تنظيم هذا الحدث العالمي ستكون قطر أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستضيف دورة الألعاب الأولمبية، في تأكيد جديد لجاهزيتها وما تمتلكه من قدرات تنظيمية متقدمة وخبرات معرفية وعملية متطورة. وأشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الترشح يأتي امتدادا للنجاحات التي حققتها دولة قطر في استضافة كبرى البطولات والأحداث الرياضية العالمية، وفي مقدمتها بطولة كأس العالم (قطر 2022) التي حظيت بإشادة دولية واسعة، بوصفها أفضل نسخة في تاريخ بطولات كأس العالم. ولفت إلى أن دولة قطر نجحت خلال استضافتها للبطولات العالمية السابقة في تقديم تجارب تنظيمية متكاملة، وتوفير بيئة آمنة ومريحة للجماهير من مختلف أنحاء العالم، مشيرا إلى حسن الضيافة القطرية والتكاتف والتفاعل المجتمعي الذي عكس صورة مشرفة عن قيم المجتمع العربي، وأسهم إسهاما كبيرا في إثراء أجواء البطولات. وقال إن هذا الترشح يعكس رؤية شاملة تتجاوز حدود الاستضافة، نحو تعزيز دور الرياضة باعتبارها لغة عالمية، ودعم التنمية المستدامة، ووسيلة للتقارب بين الشعوب، في إطار التزام دولة قطر بمفهوم "الرياضة من أجل السلام"، كأحد المبادئ الراسخة في رؤيتها الوطنية، منوها في هذا الصدد بالقدرات الأمنية لدولة قطر المدعومة بالتكنولوجيا المتطورة، وتجربتها الرائدة في تأمين بطولة كأس العالم 2022 في قطر، والاستعانة بها في تأمين دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية (باريس 2024). وأكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني على أن دولة قطر، بما تمتلكه من منشآت رياضية متطورة، وبنية تحتية عالمية المستوى، وخبرات تنظيمية متميزة، تقدم ملفا متكاملا يرتكز على الجاهزية والثقة والتجارب الناجحة، وهو ما يعكس التزام الدولة الراسخ بتقديم نسخة ملهمة من دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2036، لتسهم من جديد في توفير منصة فريدة تحتفي بالتنوع وترحب بالعالم بمختلف ثقافاته. ويأتي هذا الترشح تأكيدا لما تضمنته رؤية قطر الوطنية 2030 من التزام ببناء مجتمع متطور، يحقق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويضع الإنسان في صلب أولوياته، من خلال استثمار الرياضة كأداة للتنمية، وتعزيز التفاهم العالمي، كما يجسد أحد توجهات إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، التي تركز على ترسيخ الهوية الوطنية، وتحفيز المشاركة المجتمعية، وتعزيز حضور قطر في المحافل الدولية من خلال مسارات مستدامة ومتكاملة.

ما العلاقة بين ترامب والصعود الصاروخي لصناعة التقنية الصينية؟
ما العلاقة بين ترامب والصعود الصاروخي لصناعة التقنية الصينية؟

الجزيرة

timeمنذ 20 ساعات

  • الجزيرة

ما العلاقة بين ترامب والصعود الصاروخي لصناعة التقنية الصينية؟

في أعقاب زيارة دونالد ترامب للشرق الأوسط في مايو/أيار الماضي، التي اشتملت على توقيع اتفاقيات شراكات كبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، صرح ديفيد ساكس، مسؤول الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في البيت الأبيض ، بأن تلك الصفقات الضخمة لبيع الرقائق المتقدمة التي وقّعها ترامب مع دول خليجية تُمثِّل ضربة موجعة للصين، ومكسبا كبيرا للولايات المتحدة وشركائها. من وجهة نظر ساكس، فإن تلك الصفقات تُمثِّل تثبيتا لاعتماد التكنولوجيا الأميركية معيارا عالميا، وتمنع المنافسين (يقصد الصين) من اللحاق بالولايات المتحدة. وجاءت تلك التصريحات في أعقاب تصريحات أخرى لا تقل حِدّة أدلى بها مايك والتز قبل أن يتولى منصب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية (الذي أُطيح به من منصبه مبكرا في وقت لاحق)، إذ قال إن بلاده ستبدأ بفرض تكاليف عالية، وستعرقل أكثر الدول التي تواصل التجسس علينا (يقصد الصين أيضا)، وهي التصريحات التي عقّبت عليها "فورين بوليسي الأميركية" بأنها تأتي في إطار توجه للإدارة الأميركية يدعو دول العالم صراحة إلى الاختيار دون مواربة بين حزمة التقدم التكنولوجي الأميركي ونظيراتها الصينية دون محاولة مسك العصا من المنتصف. تُعد تلك التصريحات حلقة في سلسلة الصراع الكبير الذي ربما سيُشكِّل جانبا كبيرا من التنافس الجيوسياسي خلال النصف الأول من القرن العشرين، إنه صراع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، الذي لا نبالغ إذا قلنا إنه أحد أكبر التحديات التي تواجهها أميركا حاليا. فإما أن تحافظ على ريادتها في هذا المجال، وإما أن تفتح الطريق لقفزة صينية سيعقبها سيطرة على مجالات حساسة وحاسمة، أو كما يقول ديفيد ساكس، كبير مستشاري الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية للبيت الأبيض، فإن جيوش عالم المستقبل ستكون مُشكَّلة من طائرات بدون طيار وروبوتات، وسيكون المُتحكِّم فيها بشكل تام هو الذكاء الاصطناعي، ومن ثم فإن الريادة الأميركية لن تتحقق بحسبه إلا بتوحد العالم كله تحت المظلة التقنية الأميركية. صناعة التقنية الصينية مَن كان يتابع تطور الصين في تسعينيات القرن الماضي ربما لم يكن ليتخيل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه الآن، حيث تهدد الدولة الآسيوية ريادة الولايات المتحدة الأميركية التكنولوجية، وبحسب صحيفة "كوريا تايمز" الكورية الجنوبية، فإن الصين مرّت بثلاث مراحل أساسية لتصل إلى ما وصلت إليه الآن بوصفها منافسا قويا يهدد الولايات المتحدة في حلبة الذكاء الاصطناعي. في البداية، كانت الولايات المتحدة هي التي قادت ثورة الإنترنت في العالم وهيمنت عليها بابتكارات سريعة غزت أسواق الكوكب، وفي تلك الفترة في تسعينيات القرن العشرين لم تكن الصين أكبر من مجرد متفرج في هذا العالم الجديد، قبل أن تحاول التقرب منه على استحياء من خلال استثمارات كبيرة لتوسيع ابتكاراتها في مجال الاقتصاد الرقمي. وحتى في تلك المرحلة، كانت الصين تنسخ وتقلد التقنيات الغربية (يُطلق على هذه المرحلة مرحلة التقليد) أكثر من كونها تبتكر التقنيات الخاصة بها، ثم بدأت الصين في الفترة بين عامي 2005-2015 الانتقال إلى المرحلة الثانية من نهضتها التكنولوجية وهي مرحلة "التحسين"، بعد أن أطلقت خدمات عديدة على الإنترنت حفَّزها النمو الهائل في أعداد المستخدمين للشبكة العنكبوتية. وبمرور الوقت، شرعت الشركات التكنولوجية الصينية في تحسين خدماتها بعد أن فهمت تماما طبيعة السوق وطبيعة المستخدمين، وهو ما هيَّأها لدخول المرحلة الأخيرة التي تبلورت خلالها النهضة التكنولوجية الصينية. إذ لم تعد الشركات الصينية في هذه المرحلة تركز على التقليد والاتباع ومحاولة محاكاة الإبداعات الغربية، بل بدأت هي الأخرى في ابتكار نماذج رقمية جديدة تقارب أو تناظر أو حتى تتفوق على نظيرتها الأجنبية، وكان النجاح منقطع النظير لتطبيق "تيك توك" لشركة "بايت دانس" مثالا واضحا على ذلك، ومن هنا بدا واضحا في الغرب أن الصين قد انطلقت إلى مرحلة جديدة لم تعد تقبل فيها بمكانة التابع والمقلد، ولكنها تشغل موقف المنافس الساعي للحصول على موقع الريادة. ظهر ذلك أكثر ما ظهر في فضاء الذكاء الاصطناعي. فبعد الضجة العالمية الكبيرة التي أثارها إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" في عام 2022، استطاعت الصين مطلع عام 2025 أن تُخرج للنور ابتكارها في مجال الذكاء الاصطناعي المنافس لـ"شات جي بي تي" وهو "ديب سيك آر وان"، وهو الخبر الذي أعقبه هبوط حاد في أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية وخسائر تريليونية في بورصات التكنولوجيا الغربية. مَثَّل "ديب سيك" صدمة حقيقية بكل المقاييس، وكان نذيرا لا لبس فيه بتغير قواعد اللعبة في سوق الذكاء الاصطناعي الذي ظنه الجميع حكرا على العمالقة الغربيين. ففي حين تُدرِّب شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميا روبوتات الدردشة الخاصة بها باستخدام حواسيب عملاقة تستخدم ما يصل إلى 16,000 رقاقة متطورة من رقاقات شركة "إنفيديا"، لم يتطلب تدريب "ديب سيك" أكثر من 2000 رقاقة فقط. وبينما احتاجت شركة "أوبن إيه آي" المطورة لـ"شات جي بي تي" إلى إنفاق 5 مليارات دولار لتنتج نموذجها من الذكاء الاصطناعي، لم تحتج الشركة الصينية إلى إنفاق أكثر من 5.6 ملايين دولار على نموذجها. حقق "ديب سيك" نتائج مميزة، وترك صدمات بالغة على سوق التكنولوجيا الغربي، وبينما يُعد استخدامه أرخص بـ30 إلى 50 مرة من نموذج شركة "أوبن إيه آي" الأميركية، استطاع بعد شهر من إطلاقه أن يقلص فجوة الأداء بين أفضل النماذج الصينية والأميركية من 9.3% إلى 1.7% فقط، واستطاع أن يصل إلى 100 مليون مستخدم في سبعة أيام، في حين احتاج "شات جي بي تي" إلى شهرين للوصول إلى الرقم ذاته. وقد دفع ظهور "ديب سيك" الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى القول بوضوح إن إطلاق الصين لتطبيق الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة بمنزلة جرس إنذار للشركات الأميركية، هذا الإنذار، بحسب ترامب، عليه أن يوقظ الصناعة التكنولوجية الأميركية للتركيز بشكل حاد من أجل الفوز في تلك الحلبة. وعمليا، اجتمع دونالد ترامب في البيت الأبيض بمسؤولين في شركة "أوبن إيه آي" و"أوراكل" و"سوفت بانك" لمناقشة استثمارات تصل إلى 500 مليار دولار في نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُدعى "ستارغيت"، باعتبار أن الولايات المتحدة الآن في حالة طوارئ لمواجهة منافستها الصين. وفي الصورة الأكبر، من الواضح أن الولايات المتحدة اعتبرت "ديب سيك" تهديدا يتعلق بأمنها القومي، لدرجة أن الكونغرس الأميركي أصدر قرارا بمنع استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني داخل مكاتبه، وناقش مشروع قانون لحظر استخدام التطبيق على أي جهاز حاسوب أو هاتف نقال في المؤسسات الحكومية. وفي خلفية ذلك التهديد تقبع مشكلات وتحديات عميقة تهدد التفوق التقني الأميركي. على رأس هذه التحديات الفجوة المتزايدة باستمرار في أعداد المهندسين والتقنيين، فبحسب "كوريا تايمز" تُخرِّج الصين أربعة أضعاف من تُخرِّجهم الولايات المتحدة سنويا في مجالات التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات، وتسود فيها أخلاقيات عمل صارمة وجادة، فضلا عن قاعدتها الصناعية المتنوعة وتوليدها لكميات هائلة من البيانات. كل هذا ولم نذكر تفوقها الحاسم على صعيد الطاقة المطلوبة لدفع الصناعات التكنولوجية. ففي عام 2023، أنتجت الصين 9,456 تيرا واط في الساعة من الكهرباء، أي أكثر من ضِعْف ما تنتجه الولايات المتحدة الأميركية، وما يعادل 32% من الإنتاج العالمي، ما يعني أن لديها قدرة استثنائية على تشغيل مراكز البيانات واسعة النطاق التي تحتاج إليها بشدة نماذج الذكاء الاصطناعي. كما يتضح مما سبق، فإن الصين صارت منافسا مخيفا للولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتبدو وكأنها تجسر الهوة بينها وبين أميركا بسرعة متزايدة وتكاليف أقل بكثير. ومن الواضح أيضا أن دونالد ترامب وإدارته منتبهون لهذا الأمر، ويحاولون عرقلة مساعي بكين، بل إن كلا الحزبين في الولايات المتحدة منتبهان لهذا الخطر، وهذا ما يجعلهما بحسب موقع "أكسيوس" الأميركي يصمتان تماما بشأن قضية تهديد تطور الذكاء الاصطناعي للوظائف ودوره في تصاعد البطالة، لعلمهم بخطورة هذا الملف فيما يتعلق بالأمن القومي الأميركي والسيادة الأميركية، رغم تصريح الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك" الشهيرة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي الذي حذَّر فيه من أن الذكاء الاصطناعي سيرفع معدلات البطالة إلى 20% خلال السنوات الخمس القادمة (وهو ما يعادل خمسة أضعاف المعدلات الحالية)، وأنه سيزيل ما لا يقل عن نصف الوظائف المكتبية منخفضة المستوى. لكن رغم هذا الاهتمام من إدارة ترامب، فهناك وجهة نظر قوية تقول إن سياسات الرئيس الأميركي في هذا الملف ربما تأتي بنتائج عكسية، وإن ترامب يمهد -دون قصد- الطريق أمام الصين للفوز في معركة الذكاء الاصطناعي المحتدمة بين الطرفين. تأثير ترامب حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين الأجانب لبلاده، كانت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي من أكبر الخاسرين من قراره، وقد أفردت المنصات والصحف الأميركية والغربية والمحللون حينها مساحات واسعة للحديث عن الأضرار المحتملة التي ستلحق بقطاع الذكاء الاصطناعي جراء هذا القرار، في وقت يريد فيه ترامب لأميركا أن تفوز بهذا السباق مع الصين. إعلان على سبيل المثال، صرّح مؤلف الكتاب الشهير "حرب الرقائق الإلكترونية" كريس ميلر بأن تلك الرسوم تجعل بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة بكثير، لأن خوادم الذكاء الاصطناعي تكون مستوردة عادة، ومن ثم ستواجه رسوما جمركية، فضلا عن العديد من المعدات الأخرى في مراكز البيانات بما فيها المعدات الأساسية للتبريد والطاقة. وبحسب ما قاله مختصون لمجلة "تايم" الأميركية حينها، فإن الرسوم الجمركية ستجعل تكاليف قطاع الذكاء الاصطناعي عالية للغاية، للدرجة التي قد تدفع بعض شركات هذا القطاع إلى بناء مراكز البيانات الخاصة بها خارج الولايات المتحدة، كما تنبأت "تايم" حينها بأنه حتى في حال اتخذ ترامب إجراءات وقائية للتخفيف من حِدّة الأعباء التي ستُلقى على عاتق قطاع مراكز البيانات، فإن التأثير الكلي لحربه التجارية على المناخ الاقتصادي عموما ستضر في الأخير بشركات الذكاء الاصطناعي لأنها ستؤدي إلى تعزيز الركود وقلة السيولة لدى تلك الشركات في النهاية، وانهيار الطلب على الذكاء الاصطناعي. وفي الخلاصة، فإن احتدام الحرب التجارية والإسراف في استخدام التعريفات الجمركية يُشكِّل خطرا كبيرا فيما يتعلق بسباق الولايات المتحدة مع الصين في حلبة الذكاء الاصطناعي. على جانب آخر، تشير العديد من التحليلات إلى مسألة أعمق، وهي أن فرض تعريفات جمركية عقابية على الصين منذ وقت الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بغرض وضع ضوابط على المنتجات التكنولوجية الأميركية المبيعة للصين، وتحديدا رقائق الحاسوب الإلكترونية من شركة "إنفيديا"، أدت في نهاية المطاف إلى تعزيز إمكانيات التطور الصيني على عكس هدفها الأصلي. وبحسب صحيفة "أكسيوس" الأميركية، فإن الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا" جنسن هوانغ قد وصف خطة ضوابط التصدير الصارمة بأنها "فاشلة"، وأعطت الصين حافزا داخليا لتطوير صناعتها التكنولوجية حتى لا تحتاج ولا تخضع للهيمنة الأميركية، محذِّرا من أنه لو استطاعت الصين استبدال شرائح "إنفيديا" بشرائح هواوي وحققت استقلالية كاملة في تدريب الذكاء الاصطناعي، فستتمكن من استبدال التقنيات الأميركية عالميا بشكل شامل، ومن ثم ستنهار المزايا التكنولوجية الأميركية. وبحسب مقال بحثي لمركز "كارتر" للأبحاث في يونيو/حزيران، فإن مجتمع الأعمال الأميركي عموما يعتقد أن ضوابط التصدير العقابية على الصين لن تؤدي إلا إلى تعزيز اعتماد الصين على نفسها وتطورها في مجال الرقائق الإلكترونية. وبالمثل يعزو تقرير مرئي لـ"تي آر تي وورلد" سر ظهور "ديب سيك" بهذه القوة إلى جهود الولايات المتحدة لمنع الصين من التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، حين وضعت الولايات المتحدة ضوابط صارمة تمنع تصدير الرقائق المتقدمة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي للصين منذ عام 2022، سامحةً فقط بتصدير الرقائق ذات الجودة المنخفضة، ومن ثم أجبرت تلك الضوابط الأميركية الصين على أن تصبح قائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وليست تابعة فقط. وهكذا دفعت قواعد الولايات المتحدة الصارمة مؤسسي "ديب سيك" إلى تطورات إبداعية كبيرة أتت في المحصلة بثمارها الصادمة للغرب. أكثر من ذلك، وبحسب "فورين بوليسي" الأميركية، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب باتت تدفع مشهد التكنولوجيا الرقمية العالمي إلى منطقة خطيرة، فلم يعد هناك مجال للدبلوماسية التكنولوجية متعددة الأطراف، وإنما تعتمد الإدارة الأميركية على مبدأ "أميركا أولا" في إدارة هذا الشأن، فهي تهدف إلى الهيمنة التامة لا التعاون، ومن ثم تمهد الولايات المتحدة بذلك لعالم تسوده أفكار "القومية التكنولوجية" يقوم فقط على المنافسة الشرسة. ونتيجة لذلك، فإن العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول الحليفة للولايات المتحدة في أوروبا وحتى كندا، بدأت تتحدث عن بناء مراكز بيانات ونماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها. وقد عينت المفوضية الأوروبية على سبيل المثال مسؤولة لملف السيادة التكنولوجية هي هينا فيركونين، في حين اعتمد البرلمان الهولندي صراحة قرارات تهدف إلى تقليل الاعتماد على البرمجيات الأميركية، وهو الأمر الذي حدث أيضا في كندا، حيث أعلنت البلاد أنها ستقلل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية. وترى "فورين بوليسي" في تحليلها أن سياسة ترامب قد تجلب مكاسب قصيرة الأجل، لكنها لن تتمكن من الحفاظ على الهيمنة العالمية لوقت طويل، إذ ستحفّز السياسة الأميركية الدول المختلفة للسعي نحو مستقبلها التكنولوجي القومي. بالمثل يرى المحللون في موقع "أكسيوس" الأميركي أن سياسة ترامب تحاول أن تضع دول العالم تحت ضغط شديد وتُخيّرهم ما بين التعاون مع الصين أو معها، ومن ثم تجعلهم يستسلمون لريادتها، لكن بحسب هؤلاء المحللين فإن هذه السياسة مقامرة قد لا تؤدي إلى نتيجة جيدة، وقد تؤثر بشدة على مكانة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي مع الصين، فأوروبا وكندا وشركاء الولايات المتحدة التقليديون يستشعرون الحنق تجاه سياسات ترامب التجارية، وهم أقرب إلى التعاون فيما بينهم من التعاون مع الولايات المتحدة، كذلك يخلق هذا المناخ بين الولايات المتحدة وشركائها ثغرة قد تستغلها الصين، وقد يؤدي الأمر في النهاية إلى تعاون صيني أوروبي تحت مبدأ "عدو عدوي صديقي"، وهو ما سيضر بشدة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل. أخيرا، يشير مقال بحثي لمنصة "كوريا تايمز" إلى نقد جذري لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتأثيرها المحتمل على قدرة الولايات المتحدة في الفوز بسباق الذكاء الاصطناعي، إذ يرى المقال أن سياسات ترامب تُمثِّل انقلابا على الانفتاح الأميركي الذي أرسى قواعد ريادة الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا عموما. وعلى سبيل المثال، فقد سرّحت إدارة ترامب، بحسب المنصة الكورية، في شهر فبراير/شباط الماضي 170 موظفا في وكالة المؤسسة الوطنية للعلوم كان من بينهم خبراء في الذكاء الاصطناعي، واقترحت الإدارة الأميركية أيضا تخفيض ميزانية الوكالة لأكثر من 50%، هذا بالإضافة إلى تجميد ما يقارب 2.2 مليار دولار من المنح الفيدرالية لجامعة هارفارد ، ولم نذكر بعد سياسات ترامب المعادية للمهاجرين التي قد تحرم الولايات المتحدة من العديد من العقول والمواهب المهمة في ظل احتمالات حدوث موجات هجرة عكسية للعقول التقنية، وفي ظل انفتاح الصين وقطاع الذكاء الاصطناعي بها على الشراكات في الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة سياسات انغلاقية. بحسب المقال، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في أن سياسة ترامب المبنية على تخفيضات تمويل الأبحاث، وتعزيز قيود الهجرة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الشركات الكبرى على حساب الشركات الصغرى في مجال الذكاء الاصطناعي، كلها ستصب على المدى البعيد في صالح الصين، وقد تمنحها أفضلية في سباق الذكاء الاصطناعي، على النقيض مما يسعى إليه ترامب وإدارته ويتعهدون به على الدوام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store