
ما العلاقة بين ترامب والصعود الصاروخي لصناعة التقنية الصينية؟
من وجهة نظر ساكس، فإن تلك الصفقات تُمثِّل تثبيتا لاعتماد التكنولوجيا الأميركية معيارا عالميا، وتمنع المنافسين (يقصد الصين) من اللحاق بالولايات المتحدة.
وجاءت تلك التصريحات في أعقاب تصريحات أخرى لا تقل حِدّة أدلى بها مايك والتز قبل أن يتولى منصب مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية (الذي أُطيح به من منصبه مبكرا في وقت لاحق)، إذ قال إن بلاده ستبدأ بفرض تكاليف عالية، وستعرقل أكثر الدول التي تواصل التجسس علينا (يقصد الصين أيضا)، وهي التصريحات التي عقّبت عليها "فورين بوليسي الأميركية" بأنها تأتي في إطار توجه للإدارة الأميركية يدعو دول العالم صراحة إلى الاختيار دون مواربة بين حزمة التقدم التكنولوجي الأميركي ونظيراتها الصينية دون محاولة مسك العصا من المنتصف.
تُعد تلك التصريحات حلقة في سلسلة الصراع الكبير الذي ربما سيُشكِّل جانبا كبيرا من التنافس الجيوسياسي خلال النصف الأول من القرن العشرين، إنه صراع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، الذي لا نبالغ إذا قلنا إنه أحد أكبر التحديات التي تواجهها أميركا حاليا.
فإما أن تحافظ على ريادتها في هذا المجال، وإما أن تفتح الطريق لقفزة صينية سيعقبها سيطرة على مجالات حساسة وحاسمة، أو كما يقول ديفيد ساكس، كبير مستشاري الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية للبيت الأبيض، فإن جيوش عالم المستقبل ستكون مُشكَّلة من طائرات بدون طيار وروبوتات، وسيكون المُتحكِّم فيها بشكل تام هو الذكاء الاصطناعي، ومن ثم فإن الريادة الأميركية لن تتحقق بحسبه إلا بتوحد العالم كله تحت المظلة التقنية الأميركية.
صناعة التقنية الصينية
مَن كان يتابع تطور الصين في تسعينيات القرن الماضي ربما لم يكن ليتخيل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه الآن، حيث تهدد الدولة الآسيوية ريادة الولايات المتحدة الأميركية التكنولوجية، وبحسب صحيفة "كوريا تايمز" الكورية الجنوبية، فإن الصين مرّت بثلاث مراحل أساسية لتصل إلى ما وصلت إليه الآن بوصفها منافسا قويا يهدد الولايات المتحدة في حلبة الذكاء الاصطناعي.
في البداية، كانت الولايات المتحدة هي التي قادت ثورة الإنترنت في العالم وهيمنت عليها بابتكارات سريعة غزت أسواق الكوكب، وفي تلك الفترة في تسعينيات القرن العشرين لم تكن الصين أكبر من مجرد متفرج في هذا العالم الجديد، قبل أن تحاول التقرب منه على استحياء من خلال استثمارات كبيرة لتوسيع ابتكاراتها في مجال الاقتصاد الرقمي.
وحتى في تلك المرحلة، كانت الصين تنسخ وتقلد التقنيات الغربية (يُطلق على هذه المرحلة مرحلة التقليد) أكثر من كونها تبتكر التقنيات الخاصة بها، ثم بدأت الصين في الفترة بين عامي 2005-2015 الانتقال إلى المرحلة الثانية من نهضتها التكنولوجية وهي مرحلة "التحسين"، بعد أن أطلقت خدمات عديدة على الإنترنت حفَّزها النمو الهائل في أعداد المستخدمين للشبكة العنكبوتية.
وبمرور الوقت، شرعت الشركات التكنولوجية الصينية في تحسين خدماتها بعد أن فهمت تماما طبيعة السوق وطبيعة المستخدمين، وهو ما هيَّأها لدخول المرحلة الأخيرة التي تبلورت خلالها النهضة التكنولوجية الصينية.
إذ لم تعد الشركات الصينية في هذه المرحلة تركز على التقليد والاتباع ومحاولة محاكاة الإبداعات الغربية، بل بدأت هي الأخرى في ابتكار نماذج رقمية جديدة تقارب أو تناظر أو حتى تتفوق على نظيرتها الأجنبية، وكان النجاح منقطع النظير لتطبيق "تيك توك" لشركة "بايت دانس" مثالا واضحا على ذلك، ومن هنا بدا واضحا في الغرب أن الصين قد انطلقت إلى مرحلة جديدة لم تعد تقبل فيها بمكانة التابع والمقلد، ولكنها تشغل موقف المنافس الساعي للحصول على موقع الريادة.
ظهر ذلك أكثر ما ظهر في فضاء الذكاء الاصطناعي. فبعد الضجة العالمية الكبيرة التي أثارها إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" في عام 2022، استطاعت الصين مطلع عام 2025 أن تُخرج للنور ابتكارها في مجال الذكاء الاصطناعي المنافس لـ"شات جي بي تي" وهو "ديب سيك آر وان"، وهو الخبر الذي أعقبه هبوط حاد في أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية وخسائر تريليونية في بورصات التكنولوجيا الغربية.
مَثَّل "ديب سيك" صدمة حقيقية بكل المقاييس، وكان نذيرا لا لبس فيه بتغير قواعد اللعبة في سوق الذكاء الاصطناعي الذي ظنه الجميع حكرا على العمالقة الغربيين. ففي حين تُدرِّب شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة عالميا روبوتات الدردشة الخاصة بها باستخدام حواسيب عملاقة تستخدم ما يصل إلى 16,000 رقاقة متطورة من رقاقات شركة "إنفيديا"، لم يتطلب تدريب "ديب سيك" أكثر من 2000 رقاقة فقط.
وبينما احتاجت شركة "أوبن إيه آي" المطورة لـ"شات جي بي تي" إلى إنفاق 5 مليارات دولار لتنتج نموذجها من الذكاء الاصطناعي، لم تحتج الشركة الصينية إلى إنفاق أكثر من 5.6 ملايين دولار على نموذجها.
حقق "ديب سيك" نتائج مميزة، وترك صدمات بالغة على سوق التكنولوجيا الغربي، وبينما يُعد استخدامه أرخص بـ30 إلى 50 مرة من نموذج شركة "أوبن إيه آي" الأميركية، استطاع بعد شهر من إطلاقه أن يقلص فجوة الأداء بين أفضل النماذج الصينية والأميركية من 9.3% إلى 1.7% فقط، واستطاع أن يصل إلى 100 مليون مستخدم في سبعة أيام، في حين احتاج "شات جي بي تي" إلى شهرين للوصول إلى الرقم ذاته.
وقد دفع ظهور "ديب سيك" الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى القول بوضوح إن إطلاق الصين لتطبيق الذكاء الاصطناعي منخفض التكلفة بمنزلة جرس إنذار للشركات الأميركية، هذا الإنذار، بحسب ترامب، عليه أن يوقظ الصناعة التكنولوجية الأميركية للتركيز بشكل حاد من أجل الفوز في تلك الحلبة.
وعمليا، اجتمع دونالد ترامب في البيت الأبيض بمسؤولين في شركة "أوبن إيه آي" و"أوراكل" و"سوفت بانك" لمناقشة استثمارات تصل إلى 500 مليار دولار في نموذج ذكاء اصطناعي جديد يُدعى "ستارغيت"، باعتبار أن الولايات المتحدة الآن في حالة طوارئ لمواجهة منافستها الصين.
وفي الصورة الأكبر، من الواضح أن الولايات المتحدة اعتبرت "ديب سيك" تهديدا يتعلق بأمنها القومي، لدرجة أن الكونغرس الأميركي أصدر قرارا بمنع استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني داخل مكاتبه، وناقش مشروع قانون لحظر استخدام التطبيق على أي جهاز حاسوب أو هاتف نقال في المؤسسات الحكومية. وفي خلفية ذلك التهديد تقبع مشكلات وتحديات عميقة تهدد التفوق التقني الأميركي.
على رأس هذه التحديات الفجوة المتزايدة باستمرار في أعداد المهندسين والتقنيين، فبحسب "كوريا تايمز" تُخرِّج الصين أربعة أضعاف من تُخرِّجهم الولايات المتحدة سنويا في مجالات التكنولوجيا والعلوم والهندسة والرياضيات، وتسود فيها أخلاقيات عمل صارمة وجادة، فضلا عن قاعدتها الصناعية المتنوعة وتوليدها لكميات هائلة من البيانات.
كل هذا ولم نذكر تفوقها الحاسم على صعيد الطاقة المطلوبة لدفع الصناعات التكنولوجية. ففي عام 2023، أنتجت الصين 9,456 تيرا واط في الساعة من الكهرباء، أي أكثر من ضِعْف ما تنتجه الولايات المتحدة الأميركية، وما يعادل 32% من الإنتاج العالمي، ما يعني أن لديها قدرة استثنائية على تشغيل مراكز البيانات واسعة النطاق التي تحتاج إليها بشدة نماذج الذكاء الاصطناعي.
كما يتضح مما سبق، فإن الصين صارت منافسا مخيفا للولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتبدو وكأنها تجسر الهوة بينها وبين أميركا بسرعة متزايدة وتكاليف أقل بكثير.
ومن الواضح أيضا أن دونالد ترامب وإدارته منتبهون لهذا الأمر، ويحاولون عرقلة مساعي بكين، بل إن كلا الحزبين في الولايات المتحدة منتبهان لهذا الخطر، وهذا ما يجعلهما بحسب موقع "أكسيوس" الأميركي يصمتان تماما بشأن قضية تهديد تطور الذكاء الاصطناعي للوظائف ودوره في تصاعد البطالة، لعلمهم بخطورة هذا الملف فيما يتعلق بالأمن القومي الأميركي والسيادة الأميركية، رغم تصريح الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك" الشهيرة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي الذي حذَّر فيه من أن الذكاء الاصطناعي سيرفع معدلات البطالة إلى 20% خلال السنوات الخمس القادمة (وهو ما يعادل خمسة أضعاف المعدلات الحالية)، وأنه سيزيل ما لا يقل عن نصف الوظائف المكتبية منخفضة المستوى.
لكن رغم هذا الاهتمام من إدارة ترامب، فهناك وجهة نظر قوية تقول إن سياسات الرئيس الأميركي في هذا الملف ربما تأتي بنتائج عكسية، وإن ترامب يمهد -دون قصد- الطريق أمام الصين للفوز في معركة الذكاء الاصطناعي المحتدمة بين الطرفين.
تأثير ترامب
حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين الأجانب لبلاده، كانت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي من أكبر الخاسرين من قراره، وقد أفردت المنصات والصحف الأميركية والغربية والمحللون حينها مساحات واسعة للحديث عن الأضرار المحتملة التي ستلحق بقطاع الذكاء الاصطناعي جراء هذا القرار، في وقت يريد فيه ترامب لأميركا أن تفوز بهذا السباق مع الصين.
إعلان
على سبيل المثال، صرّح مؤلف الكتاب الشهير "حرب الرقائق الإلكترونية" كريس ميلر بأن تلك الرسوم تجعل بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة بكثير، لأن خوادم الذكاء الاصطناعي تكون مستوردة عادة، ومن ثم ستواجه رسوما جمركية، فضلا عن العديد من المعدات الأخرى في مراكز البيانات بما فيها المعدات الأساسية للتبريد والطاقة.
وبحسب ما قاله مختصون لمجلة "تايم" الأميركية حينها، فإن الرسوم الجمركية ستجعل تكاليف قطاع الذكاء الاصطناعي عالية للغاية، للدرجة التي قد تدفع بعض شركات هذا القطاع إلى بناء مراكز البيانات الخاصة بها خارج الولايات المتحدة، كما تنبأت "تايم" حينها بأنه حتى في حال اتخذ ترامب إجراءات وقائية للتخفيف من حِدّة الأعباء التي ستُلقى على عاتق قطاع مراكز البيانات، فإن التأثير الكلي لحربه التجارية على المناخ الاقتصادي عموما ستضر في الأخير بشركات الذكاء الاصطناعي لأنها ستؤدي إلى تعزيز الركود وقلة السيولة لدى تلك الشركات في النهاية، وانهيار الطلب على الذكاء الاصطناعي.
وفي الخلاصة، فإن احتدام الحرب التجارية والإسراف في استخدام التعريفات الجمركية يُشكِّل خطرا كبيرا فيما يتعلق بسباق الولايات المتحدة مع الصين في حلبة الذكاء الاصطناعي.
على جانب آخر، تشير العديد من التحليلات إلى مسألة أعمق، وهي أن فرض تعريفات جمركية عقابية على الصين منذ وقت الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بغرض وضع ضوابط على المنتجات التكنولوجية الأميركية المبيعة للصين، وتحديدا رقائق الحاسوب الإلكترونية من شركة "إنفيديا"، أدت في نهاية المطاف إلى تعزيز إمكانيات التطور الصيني على عكس هدفها الأصلي.
وبحسب صحيفة "أكسيوس" الأميركية، فإن الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا" جنسن هوانغ قد وصف خطة ضوابط التصدير الصارمة بأنها "فاشلة"، وأعطت الصين حافزا داخليا لتطوير صناعتها التكنولوجية حتى لا تحتاج ولا تخضع للهيمنة الأميركية، محذِّرا من أنه لو استطاعت الصين استبدال شرائح "إنفيديا" بشرائح هواوي وحققت استقلالية كاملة في تدريب الذكاء الاصطناعي، فستتمكن من استبدال التقنيات الأميركية عالميا بشكل شامل، ومن ثم ستنهار المزايا التكنولوجية الأميركية.
وبحسب مقال بحثي لمركز "كارتر" للأبحاث في يونيو/حزيران، فإن مجتمع الأعمال الأميركي عموما يعتقد أن ضوابط التصدير العقابية على الصين لن تؤدي إلا إلى تعزيز اعتماد الصين على نفسها وتطورها في مجال الرقائق الإلكترونية.
وبالمثل يعزو تقرير مرئي لـ"تي آر تي وورلد" سر ظهور "ديب سيك" بهذه القوة إلى جهود الولايات المتحدة لمنع الصين من التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، حين وضعت الولايات المتحدة ضوابط صارمة تمنع تصدير الرقائق المتقدمة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي للصين منذ عام 2022، سامحةً فقط بتصدير الرقائق ذات الجودة المنخفضة، ومن ثم أجبرت تلك الضوابط الأميركية الصين على أن تصبح قائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وليست تابعة فقط. وهكذا دفعت قواعد الولايات المتحدة الصارمة مؤسسي "ديب سيك" إلى تطورات إبداعية كبيرة أتت في المحصلة بثمارها الصادمة للغرب.
أكثر من ذلك، وبحسب "فورين بوليسي" الأميركية، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب باتت تدفع مشهد التكنولوجيا الرقمية العالمي إلى منطقة خطيرة، فلم يعد هناك مجال للدبلوماسية التكنولوجية متعددة الأطراف، وإنما تعتمد الإدارة الأميركية على مبدأ "أميركا أولا" في إدارة هذا الشأن، فهي تهدف إلى الهيمنة التامة لا التعاون، ومن ثم تمهد الولايات المتحدة بذلك لعالم تسوده أفكار "القومية التكنولوجية" يقوم فقط على المنافسة الشرسة.
ونتيجة لذلك، فإن العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول الحليفة للولايات المتحدة في أوروبا وحتى كندا، بدأت تتحدث عن بناء مراكز بيانات ونماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها.
وقد عينت المفوضية الأوروبية على سبيل المثال مسؤولة لملف السيادة التكنولوجية هي هينا فيركونين، في حين اعتمد البرلمان الهولندي صراحة قرارات تهدف إلى تقليل الاعتماد على البرمجيات الأميركية، وهو الأمر الذي حدث أيضا في كندا، حيث أعلنت البلاد أنها ستقلل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.
وترى "فورين بوليسي" في تحليلها أن سياسة ترامب قد تجلب مكاسب قصيرة الأجل، لكنها لن تتمكن من الحفاظ على الهيمنة العالمية لوقت طويل، إذ ستحفّز السياسة الأميركية الدول المختلفة للسعي نحو مستقبلها التكنولوجي القومي.
بالمثل يرى المحللون في موقع "أكسيوس" الأميركي أن سياسة ترامب تحاول أن تضع دول العالم تحت ضغط شديد وتُخيّرهم ما بين التعاون مع الصين أو معها، ومن ثم تجعلهم يستسلمون لريادتها، لكن بحسب هؤلاء المحللين فإن هذه السياسة مقامرة قد لا تؤدي إلى نتيجة جيدة، وقد تؤثر بشدة على مكانة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي مع الصين، فأوروبا وكندا وشركاء الولايات المتحدة التقليديون يستشعرون الحنق تجاه سياسات ترامب التجارية، وهم أقرب إلى التعاون فيما بينهم من التعاون مع الولايات المتحدة، كذلك يخلق هذا المناخ بين الولايات المتحدة وشركائها ثغرة قد تستغلها الصين، وقد يؤدي الأمر في النهاية إلى تعاون صيني أوروبي تحت مبدأ "عدو عدوي صديقي"، وهو ما سيضر بشدة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل.
أخيرا، يشير مقال بحثي لمنصة "كوريا تايمز" إلى نقد جذري لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتأثيرها المحتمل على قدرة الولايات المتحدة في الفوز بسباق الذكاء الاصطناعي، إذ يرى المقال أن سياسات ترامب تُمثِّل انقلابا على الانفتاح الأميركي الذي أرسى قواعد ريادة الولايات المتحدة في مجال التكنولوجيا عموما.
وعلى سبيل المثال، فقد سرّحت إدارة ترامب، بحسب المنصة الكورية، في شهر فبراير/شباط الماضي 170 موظفا في وكالة المؤسسة الوطنية للعلوم كان من بينهم خبراء في الذكاء الاصطناعي، واقترحت الإدارة الأميركية أيضا تخفيض ميزانية الوكالة لأكثر من 50%، هذا بالإضافة إلى تجميد ما يقارب 2.2 مليار دولار من المنح الفيدرالية لجامعة هارفارد ، ولم نذكر بعد سياسات ترامب المعادية للمهاجرين التي قد تحرم الولايات المتحدة من العديد من العقول والمواهب المهمة في ظل احتمالات حدوث موجات هجرة عكسية للعقول التقنية، وفي ظل انفتاح الصين وقطاع الذكاء الاصطناعي بها على الشراكات في الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة سياسات انغلاقية.
بحسب المقال، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في أن سياسة ترامب المبنية على تخفيضات تمويل الأبحاث، وتعزيز قيود الهجرة، بالإضافة إلى تعزيز مكانة الشركات الكبرى على حساب الشركات الصغرى في مجال الذكاء الاصطناعي، كلها ستصب على المدى البعيد في صالح الصين، وقد تمنحها أفضلية في سباق الذكاء الاصطناعي، على النقيض مما يسعى إليه ترامب وإدارته ويتعهدون به على الدوام.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
تقرير: 22 دولة فقط التزمت بتعهداتها الأممية حول الطاقة المتجددة
أشار تقرير لمؤسسة "إمبر" البحثية إلى أن معظم دول العالم فشلت في تنفيذ تعهد الأمم المتحدة لعام 2030 بمضاعفة قدرة العالم على إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، في ظل عدم تحقيق تقدم ملموس بالدول المسؤولة عن معظم الانبعاثات الكربونية وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا والصين. ومن المرجح أن يستمر الاعتماد على الوقود الأحفوري، ولن يتم تحقيق هدف مؤتمر الأطراف الـ28 المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية، وهو ما يعني أن العالم سوف يتخلف كثيراً عن تحقيق أهدافه بمجال الطاقة النظيفة. وكشف التقرير الصادر عن مؤسسة "إمبر" لأبحاث المناخ أن 22 دولة فقط، معظمها داخل الاتحاد الأوروبي، زادت طموحاتها في مجال الطاقة المتجددة منذ أن انضمت أكثر من 130 دولة إلى ميثاق الطاقة المتجددة في محادثات المناخ "كوب 28" التي نظمتها الأمم المتحدة في دبي قبل عامين تقريبا. ويعني ذلك -حسب التقرير- أن إجمالي الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة العالمية أصبح الآن أعلى بنسبة 2% فقط مما كان عليه في مؤتمر دبي. ومع ذلك فإن الحكومات ستتخلف كثيرا عن 11 تيراواط اللازمة لتحقيق الهدف الأممي المتمثل في مضاعفة الطاقة المتجددة 3 مرات، وفقا للمحللين. وذكر التقرير أن مضاعفة الطاقة الإنتاجية العالمية من مصادر الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030 تُعدّ أكبر إجراء منفرد هذا العقد للبقاء على المسار الصحيح نحو مسار المناخ الذي لا يتجاوز درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية. كما أشار إلى أنه رغم اتفاق مؤتمر الأطراف الـ28 التاريخي للوصول إلى 11 ألف غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، فلا تزال الأهداف الوطنية دون تغيير إلى حد كبير، وهي أقل من المطلوب. ووجد التقرير أنه باستثناء الاتحاد الأوروبي، هناك 7 دول فقط قامت بتحديث أهدافها المتعلقة بالطاقة المتجددة منذ توقيع الاتفاقية، بما في ذلك المكسيك وإندونيسيا اللتان خففتا من أهدافهما. ومن بين الدول التي فشلت في التحرك الولايات المتحدة والصين وروسيا، والتي تعتبر من بين أكبر مستهلكي الطاقة في العالم، وهي مسؤولة مجتمعةً عن ما يقرب من نصف الانبعاثات الكربونية السنوية في العالم. ويرى التقرير أن مصير اتفاقية الطاقة المتجددة العالمية قد يعتمد على سياسات بكين التي من المتوقع أن تُنهي خطتها الخمسية الـ 15 للطاقة في وقت لاحق من هذا العام، والتي تغطي الفترة من 2026 إلى 2030. وفي المقابل، لا توجد أهداف محددة للطاقة المتجددة في واشنطن وموسكو لعام 2030، ومن غير المتوقع أن يضع قادتهما السياسيون أي أهداف وفقا لتقرير مؤسسة إمبر. كما ظلت أهداف الطاقة النظيفة بالهند دون تغيير أيضا، لكن طموح البلاد لبناء 500 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 يتماشى بالفعل مع الهدف العالمي لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات، وفقا للتقرير. ويشير التقرير إلى أن فيتنام هي الدولة التي أبدت أكبر طموح في مجال الطاقة المتجددة منذ مؤتمر الأطراف الـ28، والتي تعهدت هذا العام بزيادة قدرتها الإنتاجية بمقدار 86 غيغاواط بحلول نهاية العقد، بينما وعدت أستراليا والبرازيل بزيادة إنتاجهما المحلي من الطاقة المتجددة بمقدار 18 و15 غيغاواط. كما حدّثت المملكة المتحدة خططها للطاقة المتجددة العام الماضي، مع تعهدها ببناء 7 غيغاواط إضافية من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، لتحقيق هدف حكومة حزب العمال المتمثل في إنشاء نظام كهرباء خالٍ تقريبا من الكربون. في حين يتوقع أن تنمو مصادر الطاقة المتجددة في كوريا الجنوبية بمقدار 9 غيغاواط بحلول عام 2030.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
تايمز: الضفة الغربية في قلب معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
قال تقرير نشرته صحيفة تايمز إن الضفة الغربية ستشكّل قلب الدولة الفلسطينية في حال الاعتراف بها، ولكن إمكانية ضمها وتصاعد العنف الاستيطاني قد يقضيان على حل الدولتين. فرنسا وبريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قد يكون سببه المجاعة في غزة، ولكن العامل التاريخي المحفّز لهذه الخطوة هو تصاعد التوترات والعنف بالضفة المحتلة. ويعود هذا الاهتمام بالضفة إلى أن الغرب يعتبرها نواة الدولة الفلسطينية المستقبلية، وجزءا أساسيا لتحقيق السلام والحفاظ على حل الدولتين -الذي تدعمه أوروبا- في الشرق الأوسط ، وفق كاتب التقرير ومراسل شؤون الصين ريتشارد سبنسر. وأوضح التقرير أن ضم الضفة سيقضي على فكرة الدولة الفلسطينية، إذ إن مساحة غزة وحدها لا تكفي، خصوصا في ظل دعوات بعض الوزراء الإسرائيليين لضمها أيضا. استيطان وتوسع ومع استمرار تهديد الحكومة الإسرائيلية بفرض سيادتها على الضفة المحتلة، ومحاولات تسمية المنطقة ب "يهودا والسامرة" وتصاعد العنف في مناطق مثل الخليل ورام الله ونابلس ، اضطر الغرب للتدخل، حسب التقرير. وأشار التقرير إلى أن الاهتمام العالمي انصب على غزة منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أتاح لحملة الاستيطان في الضفة بالتصاعد في الخفاء. وتابع أن المستوطنين نفّذوا اعتداءات متكررة على قرى فلسطينية، كان آخرها قتل مستوطن يوم الاثنين الفلسطيني عودة الهذالين أحد المساهمين في إنتاج فيلم "لا أرض أخرى" الحائز على جائزة أوسكار. وترى صحيفة تايمز -كما جاء في التقرير- أن هذا العنف أدى إلى "تطرف" شباب فلسطينيين وانضمامهم لفصائل مسلحة، مما وفر ذريعة للمزيد من الحملات العسكرية الإسرائيلية في الضفة. ومن جانبه يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -حسب التقرير- أنه لا فرق بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة، رغم تعاون الأخيرة مع إسرائيل، مما ينذر بتعميم العمليات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي الفلسطينية. ولفت التقرير إلى أن فرنسا وبريطانيا، بحكم تاريخهما الاستعماري في رسم حدود المنطقة، تعتبران هذا المسار تهديدا خطيرا يجب وقفه قبل فوات الأوان. مناورة سياسية ووفق تقرير صحيفة تايمز، يواصل نتنياهو المراوغة بشأن حل الدولتين، فهو يرفضه أمام ناخبيه، بينما يتجنّب رفضه علنا أمام واشنطن للمحافظة على الدعم الأميركي. وأضاف أن وزراء مثل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتمار بن غفير لا يشاركونه هذه الحذر، بل يعبّرون صراحة عن رغبتهم في ضم الضفة. وذكر أن الكنيست صوّت بأغلبية ساحقة لصالح قرار غير ملزم -بأغلبية 71 صوتا مقابل 13- يعترف بالضفة جزءا "لا يتجزأ من أرض إسرائيل". وخلص التقرير إلى أن الدول الغربية لم تبدأ التحرك لأن لديها رؤية واضحة حول ما تريد تحقيقه في فلسطين، بل لأنها ترى أن عليها أن تفعل شيئا ما قبل أن يتفاقم الوضع أكثر.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
طريق التنمية وميناء الفاو يعيدان رسم خرائط التجارة الإقليمية
في لحظة مفصلية من تاريخ العراق الاقتصادي، يبرز مشروع طريق التنمية وميناء الفاو الكبير كأكبر محاولة إستراتيجية لإعادة تموضع العراق في قلب حركة التجارة العالمية. لا يقتصر المشروع على كونه خطة محلية لتطوير البنية التحتية، بل هو محور جيو-اقتصادي إقليمي، يربط مياه الخليج الدافئة بعمق السوق الأوروبية الباردة، مرورًا بالأراضي العراقية والتركية، ويملك المشروع ما يؤهله ليكون إحدى أهم القنوات الجافة البديلة لقناة السويس خلال العقدين المقبلين. بدأ العراق، الذي ظل لعقود مرتهنًا لريع النفط، يخطو نحو موقع جديد كدولة عبور تربط الموانئ الخليجية بأوروبا عبر طريق بري وسكة حديد تمتد من ميناء الفاو في البصرة جنوبًا حتى الحدود التركية شمالاً، بطول يزيد على 1200 كيلومتر. سيختصر الطريق، الذي وصفه بعض الخبراء بـ"طريق الحرير الجديد"، زمن نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا من 33 يومًا إلى نحو 15 يومًا، وهو تقليص زمني كفيل بخفض التكاليف اللوجستية بنسبة تصل إلى 40% وفق تقديرات أولية. وسيكون ميناء الفاو، الذي يعتبر أضخم مشروع بحري يشهده العراق منذ تأسيس الدولة الحديثة، نقطة الانطلاق، وقد وصلت نسب إنجاز الأعمال فيه، وفق بيانات رسمية حتى منتصف 2025، إلى أكثر من 90% في البنى التحتية الأساسية، ويشمل ذلك قناة ملاحية بطول 22 كيلومترًا، ونفقا بحريا يُعد الأطول في الشرق الأوسط. ومن المقرر أن يبدأ التشغيل الجزئي للميناء في 2026 بطاقة أولية تبلغ 3.5 ملايين حاوية، على أن تصل إلى 25 مليون حاوية في مراحله المتقدمة. طريق التنمية خيار آمن وما يميز هذا المشروع ليس فقط موقعه الجغرافي، بل أيضًا حجم ومستوى الشراكات الإقليمية التي تدعمه، ففي أبريل/نيسان 2024، وقّع كل من العراق، وتركيا، وقطر ، والإمارات اتفاقا رباعيا يعتبر بمثابة الأساس التنفيذي والمالي لطريق التنمية، ولم يكن الاتفاق مجرد بيان نوايا، بل انعكاس لرؤية اقتصادية مشتركة تؤمن بأن تعزيز الترابط الإقليمي ليس ترفًا، بل ضرورة لمواكبة تحولات الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد العالمية. وتعبر مشاركة تركيا ودول الخليج في هذا المشروع عن تحول نوعي في فلسفة الاستثمار في المنطقة، من التركيز التقليدي على العقارات والطاقة إلى الاستثمار في البنى التحتية العابرة للحدود، وهذا لا يخدم العراق فحسب، بل يوفر لدول الخليج ممرا إستراتيجيا بديلا عن الطرق البحرية المكتظة والمهددة بالتوترات الجيوسياسية، ففي حال حدوث أي اختناق بحري، سيكون طريق التنمية خيارا آمنا وفعالا لنقل البضائع الخليجية إلى الأسواق الأوروبية. وتتجاوز عائدات المشروع المحتملة الأبعاد المالية المباشرة، فبحسب نماذج اقتصادية محلية: يمكن أن يحقق المشروع ما يزيد على 4 مليارات دولار سنويا من الإيرادات غير النفطية بحلول عام 2040 يولد أكثر من 100 ألف فرصة عمل في مجالات النقل، والخدمات اللوجستية، والصناعة، والتخزين، والرقمنة يتوقع أن يسهم المشروع في زيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة تراكمية تصل إلى 15–18% خلال العقد المقبل، ما يعني إعادة صياغة هيكل الاقتصاد العراقي لصالح التنوع والاستدامة. أما بالنسبة لتركيا ودول الخليج، فإن الاستثمار في هذا المشروع: يعزز من أمنها الاقتصادي والتجاري على المدى الطويل. يمنحها دورا أكبر في التفاعل مع السوق الأوروبية ليس فقط كمصدرين للطاقة، بل كشركاء في منظومة نقل وسلاسل توريد متكاملة. يفتح آفاقا جديدة لتصدير الصناعات الخليجية غير النفطية نحو أوروبا وآسيا الوسطى عبر العراق. يمنح المستثمرين الأتراك والخليجيين فرصًا للدخول في قطاعات اللوجستيات والمناطق الاقتصادية الحرة المزمع إنشاؤها على امتداد الطريق. صحيح أن المشروع يواجه تحديات، منها الجوانب الأمنية في بعض المحافظات العراقية، والمخاطر السياسية الناتجة عن أي توترات إقليمية، إلا أن التصميم العراقي الحالي، مدعومًا بالإرادة الخليجية، يمثل فرصة حقيقية لقلب معادلات الجغرافيا الاقتصادية لصالح منطقة لطالما وصفت بأنها منطقة توتر أكثر من كونها منطقة عبور وتكامل. وطريق التنمية وميناء الفاو ليسا مشروعا محليا، بل هو مشروع إقليمي بامتياز: تستفيد منه دول الخليج وتركيا عبر بوابة العراق. يستفيد منه العراق عبر دعم استثماري وتمويلي وخبراتي خليجي. تستفيد منه تركيا كمحطة عبور إلى أوروبا. تستفيد منه أوروبا نفسها كخيار بديل وآمن في ظل تصاعد التوترات في الممرات البحرية. إننا أمام بنية جديدة للتكامل الاقتصادي العربي-التركي-الأوروبي، والعراق في قلب هذه المعادلة. من هنا، فإن نجاح المشروع لا يجب أن يقاس فقط بمؤشرات الإنجاز الإنشائي، بل بالقدرة على استثمار هذا المشروع لإعادة تموضع العراق على الخريطة الاقتصادية العالمية. ولم يعد العراق مجرد حقل نفطي، بل ممر إستراتيجي تتقاطع فيه مصالح آسيا والخليج وأوروبا، وإذا أُحسن استغلاله، فقد يكون هذا الطريق هو الجسر الذي ينقل العراق من الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد المشاركة في الإنتاج والنقل والتوزيع.