
هل فعلا الإفطار أهم وجبة في اليوم؟
سمعنا جميعا نصيحة تقول إن تناول وجبة إفطار جيدة في الصباح تفيدنا خلال اليوم، لكن هل يعني ذلك أن هذه الوجبة تجعلنا بالفعل أكثر صحة ورشاقة، أم يتعلق الأمر بشيء آخر؟.
فعلاوة على العبارات الكلاسيكية المأثورة مثل "الجزر يقوي الرؤية الليلية" و"بابا نويل لا يُحضر هدايا للأطفال السيئين سلوكياً"، تبرز دوما مقولة "الإفطار أهم وجبة في اليوم" كواحدة من أكثر العبارات تكراراً في قاموس الآباء، وقد نشأ كثيرون منا وهم يعتقدون أن إغفال وجبة الإفطار يُعدّ خطأ غذائياً جسيماً، وعلى الرغم من ذلك فإن عدد الذين يخصصون وقتاً لتناولها قد يختلف من مكان لأخر. إذ يتناول نحو ثلاثة أرباع الأمريكيين وجبة الإفطار بشكل منتظم، في حين أن نحو 94 في المئة من البالغين و77 في المئة فقط من المراهقين في المملكة المتحدة يواظبون على تناولها، وأظهرت دراسة أُجريت في سويسرا أن ثُلثي البالغين فقط هناك يحرصون على تناول هذه الوجبة بانتظام. وفي حالات ضيق الوقت، تكون وجبة الإفطار غالبا أول شيء يغفله الشخص، فكم منّا يتناولها على عجل، أو يفضل ببساطة استبدالها بتناول صحن من الحبوب أو بضع شرائح من الخبز المحمّص أو فطيرة صغيرة في سبيل الاستمتاع بدقائق نوم إضافية في السرير. وعلى الرغم من ذلك يكمن سر أهمية الإفطار في اسمه في حد ذاته، فنحن نهتم بتناوله من أجل كسر صيامنا الذي امتد طوال الليل.
Getty Images
وتقول سارة إيلدر، خبيرة تغذية: "يستهلك الجسم كثيراً من مخزونات الطاقة للنمو وتجديد الخلايا طوال الليل". وتضيف: "تسهم وجبة الإفطار المتوازنة في تعزيز مستويات الطاقة لدينا، إلى جانب تعويض ما فُقد من بروتين وكالسيوم خلال فترة الليل". وعلى الرغم من ذلك يسود جدل واسع بشأن ما إذا كان ينبغي فعلاً اعتبار وجبة الإفطار على هذا القدر من الأهمية أم لا، فمع تزايد شعبية حميات الصيام، ظهرت مخاوف إزاء محتوى السكر المرتفع في حبوب الإفطار، وتدخّل صناعة الأغذية في تمويل الأبحاث المؤيدة للإفطار، بل وصل الأمر إلى وصف أحد الأكاديميين الإفطار بأنه "أمر خطير". فما هي الحقيقة إذاً؟ وهل تُعد وجبة الإفطار ضرورة لبداية اليوم، أم أن الأمر مجرد خدعة تسويقية ابتكرتها شركات حبوب الإفطار؟
هل يؤدي إهمال تناول وجبة الإفطار إلى زيادة الوزن؟
إن أكثر ما تناولته الأبحاث فيما يخص الإفطار وفكرة إغفال تناوله هو صلته بزيادة الوزن، إذ يقدّم العلماء تفسيرات متعددة بشأن سبب وجود علاقة بين الأمرين. ففي إحدى الدراسات الأمريكية التي تناولت البيانات الصحية لعددٍ بلغ 50 ألف شخص على مدار سبع سنوات، تبيّن للباحثين أن أولئك الذين اعتبروا وجبة الإفطار الأهم خلال يومهم، كانوا أكثر ميلاً لامتلاك مؤشر كتلة جسم أقل مقارنةً بمن جعلوا الغداء أو العشاء الوجبة الأهم في يومهم. وأشار الباحثون إلى أن وجبة الإفطار تسهم في زيادة الإحساس بالشبع، وتقليل إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة يومياً، وتحسين جودة النظام الغذائي، نظراً لكون أطعمة الإفطار غالباً ما تكون غنية بالألياف والعناصر المغذية، فضلاً عن تعزيز حساسية الإنسولين في الوجبات التالية، وهو ما يُعد عاملاً مهماً في تقليل خطر الإصابة بمرض السكري.
Getty Images
وكما هو الحال مع هذا النوع من الدراسات، لم يكن من الممكن الجزم بما إذا كانت هذه العلاقة سببية بالفعل، أم أن الأشخاص الذين يهملون وجبة الإفطار كانوا يعانون من زيادة الوزن منذ البداية. ومن أجل التوصل إلى نتائج دقيقة، صمّم الباحثون دراسة شملت 52 امرأة تعانين من السمنة، وخضعن لبرنامج لإنقاص الوزن استمر 12 أسبوعاً، وتلقت جميع المشاركات نفس الحصة اليومية من السعرات الحرارية، لكن جرى تقسيمهن إلى مجموعتين: الأولى تناولت الإفطار، والثانية لم تتناوله. وأظهرت نتائج الدراسة أن الإفطار بحد ذاته لم يكن العامل الحاسم في فقدان الوزن، بل كان التغيير في أسلوب الحياة اليومي المعتاد، فالنساء اللواتي تحدثن في بداية الدراسة عن كونهن يتناولن الإفطار عادةً، فقدن 8.9 كجم عندما توقفن عن تناوله، مقارنة بـ6.2 كجم فقدنها في المجموعة التي استمرت في تناوله، أما النساء اللواتي كنّ يهملن الإفطار عادةً، فقدن 7.7 كجم عند بدئهن في تناوله، مقابل 6 كجم عندما واصلن عدم تناوله. وإن لم يكن تناول الإفطار كافياً وحده لضمان نقص الوزن، فلماذا إذًا تُوجد علاقة بين زيادة الوزن وإهمال تناول وجبة الإفطار؟. ترى ألكسندرا جونستون، أستاذة أبحاث الشهية بجامعة أبردين، أن الأمر قد يعود ببساطة إلى أن من يهملون تناول وجبة الإفطار ربما يمتلكون معرفة أقل بالتغذية والصحة. وتقول: "توجد العديد من الدراسات التي تبحث العلاقة بين تناول وجبة الإفطار والنتائج الصحية المحتملة، غير أن هذا قد يُعزى إلى أن من يحرصون على الإفطار يتبعون سلوكيات صحية أخرى بشكل منتظم، كعدم التدخين وممارسة التمارين الرياضية". وأكدت مراجعة علمية أُجريت عام 2020، شملت 45 دراسة تناولت العلاقة بين تناول الإفطار وزيادة الوزن، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يعزز خطر الإصابة بزيادة الوزن، وقد لوحظ التأثير ذاته لدى الأطفال.
هل لتوقيت تناول وجبة الإفطار تأثير أو أهمية؟
Getty Images
ويشهد الصيام المتقطع، الذي يتضمن الامتناع عن الطعام طوال الليل ويمتد حتى اليوم التالي، رواجاً متزايداً بين أولئك الساعين إلى إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه أو تعزيز صحتهم العامة. وأظهرت دراسة تمهيدية نُشرت عام 2018 أن الصيام المتقطع يُسهم في تحسين التحكم بمستويات السكر في الدم وزيادة حساسية الإنسولين، إلى جانب خفض ضغط الدم. وقد خُصص لثمانية رجال يعانون من مرحلة ما قبل السكري أحد جدولين لتناول الطعام: إما تناول السعرات الحرارية بين الساعة التاسعة صباحاً والثالثة مساءً، أو على مدى 12 ساعة. ووفقًا لما ذكرته كورتني بيترسون، المشرفة على الدراسة والأستاذة المساعدة في علوم التغذية بجامعة ألاباما في برمنغهام، فإن نتائج المجموعة الأولى كانت مماثلة لتأثير الأدوية الخافضة لضغط الدم. وعلى الرغم من ذلك، فإن صغر حجم العينة في الدراسة تشير إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاستكشاف الفوائد المحتملة لها على المدى البعيد. وإذا كان الامتناع عن تناول الإفطار (وتجنّب الطعام خارج أوقات محددة) قد يُعد مفيداً للصحة، فهل يعني ذلك أن وجبة الإفطار مضرّة؟ يوضح أحد الباحثين الأكاديميين أن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يتسبب في رفع حدة هرمون الكورتيزول مقارنة بالأوقات اللاحقة، مما يؤدي تدريجياً إلى مقاومة الجسم للإنسولين، وهو ما قد ينتهي بالإصابة بداء السكري من النوع الثاني. بيد أن فريدريك كاربه، أستاذ طب التمثيل الغذائي في مركز أكسفورد للسكري والغدد الصماء، يؤكد أن هذا غير دقيق، ويُشير إلى أن ارتفاع مستويات الكورتيزول صباحاً يعد جزءاً من الإيقاع البيولوجي الطبيعي للجسم. بل يؤكد كاربه أن وجبة الإفطار أساسية لتنشيط عملية التمثيل الغذائي، ويقول: "حتى تتمكن أنسجة الجسم المختلفة من التفاعل السليم مع الطعام، لا بد من وجود محفز أوّلي يتمثل في استجابة الكربوهيدرات للإنسولين، والإفطار يُعد عاملاً محورياً لحدوث هذا التفاعل".
Getty Images
وأظهرت تجربة عشوائية أن إهمال تناول وجبة الإفطار يُحدث اضطراباً في الإيقاعات اليومية (الساعة البيولوجية)، ويتسبب في ارتفاعات أكبر في مستويات الجلوكوز في الدم بعد تناول الطعام. وخلص الباحثون إلى أن الإفطار يُعد ضرورياً لضمان انتظام الساعة الداخلية للجسم. كما أظهرت مراجعة علمية نُشرت عام 2023 وشملت مراهقين يابانيين، أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بحالة ما قبل مرض السكري، لا سيما لدى الذين يعانون من زيادة الوزن. وتشير بيترسون إلى أن الذين يمتنعون عن تناول وجبة الإفطار يُمكن تصنيفهم إلى فئتين: الأولى تضم من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في توقيت معتدل، فيحصلون بذلك على فوائد الصيام المتقطع رغم عدم تناولهم الإفطار، والثانية تشمل من يهملون تناول وجبة الإفطار ويتناولون العشاء في وقت متأخر. وتوضح: "بالنسبة لأولئك الذين يتناولون العشاء في ساعات متأخرة من الليل، فإن خطر إصابتهم بزيادة الوزن ومرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية يرتفع بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من أن الإفطار يُعتبر الوجبة الأهم خلال اليوم، إلا أنه قد يتبين أن العشاء هو الأكثر فائدة". وتضيف بيترسون: "أفضل مستويات التحكم في سكر الدم تكون في ساعات الصباح، بينما يكون الجسم في أضعف حالاته عند تناول العشاء متأخراً، إذ يكون تنظيم السكر في أسوأ حالاته. ولا يزال الأمر بحاجة إلى المزيد من الدراسات، إلا أنني على يقين بأنه لا يجب إهمال تناول وجبة الإفطار مع تناول العشاء في وقت متأخر".
Getty Images
وتُشير بيترسون إلى أنه يجدر بنا أن نتعامل مع إيقاعنا اليومي وكأنه فرقة أوركسترا تُنسّق عمل أعضائها بتناغم. وتقول: "تتكوّن ساعتنا البيولوجية من جزئين: الأول هو الساعة المركزية الموجودة في الدماغ، والتي يمكن تشبيهها بقائد الأوركسترا، أما الثاني فهو موجود في كل عضو من أعضاء الجسم، حيث يمتلك كل منها ساعة بيولوجية خاصة به". ويُضبط عمل هذه "الأوركسترا" بعاملين خارجيين أساسيين: التعرض للضوء القوي، وتوقيت تناول الوجبات. وتقول: "عندما يتناول الإنسان الطعام في أوقات لا يتعرّض فيها للضوء الساطع، فإن الساعات البيولوجية المسؤولة عن تنظيم عملية التمثيل الغذائي تكون وكأنها في مناطق زمنية مختلفة، مما يؤدي إلى إرسال إشارات متناقضة للجسم بشأن ما إذا كان عليه أن يزيد نشاطه أو يبطئه". وتوضح بيترسون أن الأمر أشبه بعزف نصف أعضاء الأوركسترا للحنين مختلفين، وهذا ما يفسّر تأثير تناول الطعام في وقت متأخر على اضطراب مستويات السكر في الدم وضغط الدم. وأجرى باحثون من جامعتي سري وأبردين دراسات لفهم الآليات التي من خلالها يؤثر توقيت تناول الطعام على وزن الجسم، وقد أظهرت نتائج نُشرت في عام 2022 أن تناول وجبة إفطار أكبر وعشاء أصغر يُعد مفيداً في ضبط الوزن، إذ تبين أن الإفطار أسهم في تقليل الشهية خلال بقية اليوم.
الفوائد الصحية لتناول وجبة الإفطار
ثبت أن لوجبة الإفطار تأثير يتجاوز مسألة الوزن، وأظهرت الدراسات أن إهمال تناول وجبة الإفطار يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 27 في المئة، وبزيادة احتمال الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 21 في المئة لدى الرجال، و20 في المئة لدى النساء. ويرجّح الباحثون القائمون على دراسة أُجريت عام 2023 بشأن الصيام ومرض السكري أن السبب في ذلك يعود إلى تأثير إهمال تناول وجبة الإفطار على التحكم في مستويات الجلوكوز والدهون والإنسولين، وتابعوا خلال الدراسة النظم الغذائية لأكثر من 100 ألف شخص على مدار متوسط بلغ سبع سنوات، وتبين أن خطر الإصابة بالسكري كان أعلى بشكل ملحوظ لدى أولئك الذين اعتادوا تناول الإفطار بعد الساعة التاسعة صباحاً، مقارنةً بمن تناولوه قبل الساعة الثامنة.
Getty Images
ويُعزى أحد الأسباب المحتملة للفوائد الصحية المرتبطة بتناول وجبة الإفطار، على الأقل في الدول الغربية، إلى قيمتها الغذائية، لا سيما أن بعض أنواع الحبوب تُدعّم بالفيتامينات. وأظهرت دراسة شملت ما يزيد على 8000 شخص في المملكة المتحدة بشأن عاداتهم الغذائية في الإفطار، أن أولئك الذين يتناولون الإفطار بانتظام يتمتعون بمعدلات أعلى لاستهلاك المغذيات الدقيقة، وهو ما يرجعه الباحثون جزئياً إلى سياسات تدعيم الفيتامينات في الحبوب والخبز، كما جرى التوصل إلى نتائج مشابهة في كل من أستراليا والبرازيل وكندا وإندونيسيا والولايات المتحدة. ويرتبط تناول وجبة الإفطار بتحسين الأداء الذهني، بما في ذلك التركيز والقدرات اللغوية، وتظهر مراجعة شملت 54 دراسة، أن تناول الإفطار يمكن أن يُعزّز الذاكرة، مع أن تأثيره على الوظائف العقلية الأخرى لم يُحسم بعد.
Getty Images
وعلى الرغم من ذلك تشير الباحثة ماري بيث سبيتزناغل، الأختصاصية النفسية في جامعة كينت ستيت بأوهايو، إلى وجود "أدلة معقولة" على أن الإفطار يُعزز التركيز، وإن كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات. وتقول: "عند مراجعة الدراسات التي تناولت تأثير وجبة الإفطار على التركيز، تبين أن عدد الدراسات التي أظهرت وجود فائدة كان مساوياً تماماً لعدد الدراسات التي لم تُظهر أي تأثير"، وتُشير إلى أنه "لم تُسجّل أي دراسة نتائج تُظهر أن تناول الإفطار يُضر بالتركيز". ويرى بعض الباحثين أن المسألة الأهم ليست في ما إذا كنا نتناول الإفطار من عدمه، بل في طبيعة الأطعمة التي نختارها عندما نتناول الوجبة. وتشير أبحاث صادرة عن المنظمة الأسترالية للكومنولث للعلوم والبحوث الصناعية إلى أن وجبات الإفطار التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين تُعد فعّالة على نحو خاص في الحد من الرغبة الشديدة في تناول الطعام ومن كمية الاستهلاك الغذائي لاحقاً خلال اليوم. وفي حين تظل حبوب الإفطار خياراً شائعاً لدى المستهلكين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أظهر مسح أجرته منظمة "أكشن أون شوغر" عام 2020 شمل 120 صنفاً من حبوب الإفطار، أن ثُلث هذه المنتجات غنيّ بالسكر، ولم تُصنَّف سوى ثلاثة أنواع منها على أنها منخفضة السكر.
Getty Images
وتشير بعض الدراسات إلى أنه في حال تناولنا أطعمة عالية السكر، فإن الوقت الأنسب لذلك هو ساعات الصباح، إذ كشفت دراسة أن تغيّرات مستويات هرمون "اللبتين"، المسؤول عن الشهية، خلال اليوم تتزامن مع أدنى قدرة لدى الإنسان على مقاومة الحلويات في الصباح الباكر. ويعد تناول وجبة الإفطار من العوامل الجديرة بالاهتمام، فقد كشفت دراسة أُجريت عام 2022 شملت نحو 4000 شاب أن أولئك الذين يتناولون الإفطار خارج منازلهم يميلون إلى مواجهة مشكلات نفسية وسلوكية أكثر من نظرائهم الذين يتناولون الإفطار داخل المنزل، ويُعزى ذلك، بحسب الباحثين، إلى أن السياق الاجتماعي لتناول الإفطار الأسري يرتبط غالباً بنوعية غذاء أكثر توازناً وقيمة.
الاستنتاج النهائي
Getty Images
وعلى الرغم من غياب أدلة حاسمة بشأن نوعية وتوقيت تناول الطعام، إلا أن الإجماع العلمي يشير إلى ضرورة الاستجابة لإشارات أجسامنا وتناول الطعام عند الشعور بالجوع. وتشير جونستون إلى أن "وجبة الإفطار تعد الأكثر أهمية لأولئك الذين يشعرون بالجوع عند الاستيقاظ". وتؤكد الدراسات أن الأشخاص المصابين بمقدمات مرض السكري قد يجدون تحسّناً في التركيز عقب تناول وجبة إفطار كالعصيدة، التي تُهضم ببطء وتؤدي إلى ارتفاع تدريجي في مستويات السكر بالدم. وتشير سبيتزناغل إلى أن بداية اليوم تختلف من شخص لآخر، وأن هذه الاختلافات الفردية، لا سيما في وظيفة الجلوكوز، تستدعي إجراء أبحاث أكثر دقة. في الختام، قد يكمن السر في عدم الإفراط في التركيز على وجبة واحدة بعينها، وإنما في متابعة أنماطنا الغذائية على مدار اليوم بأكمله. وتقول إيلدر : "تناول وجبة إفطار متوازنة أمر مفيد، إلا أن الحفاظ على انتظام الوجبات على مدار اليوم يُعد أكثر أهمية لاستقرار مستويات السكر في الدم، مما يسهم في ضبط الوزن ومستويات الشهية". وتضيف: "وجبة الإفطار ليست الوجبة الوحيدة التي ينبغي علينا الاهتمام بها".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 15 ساعات
- الأيام
تصميم أطفال خارقين.. ما هي تقنية 'تحسين النسل' التي اعتمدها ماسك؟
Getty Images واحدٌ على الأقلّ من أطفال ماسك الأربعة عشر، وُلد بعد اختيار جنينيّ دقيق يستند إلى تقييم وراثي يُعرف بـ'درجة الخطر متعددة الجينات' في خريف عام 2021، أنجبت شيفون زيليس توأما من إيلون ماسك بواسطة تقنية التلقيح الاصطناعي. المديرة التنفيذية في شركة 'نيورالينك' التابعة للملياردير، عادت وأنجبت منه طفلين آخرين خلال عامي 2024 و2025. واحد على الأقل من أطفال ماسك الأربعة عشر، وُلد بعد اختيار جنيني دقيق يستند إلى تقييم وراثي يُعرف بـ'درجة الخطر متعددة الجينات'، وهي التقنية التي توفّرها شركة ناشئة في وادي السليكون اسمها 'أوركيد هيلث'. بواسطة هذه التقنية التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2019 بكلفة عالية جدا، يمكن للراغبين بالإنجاب معرفة احتمالات الإصابة المستقبلية لطفلهم بأمراض مزمنة، وبالتالي استبعادها. تَعِدُ هذه التكنولوجيا العالم بأطفال أصحاء بالكامل، لكنها تفتح أيضا الباب أمام أسئلة كبرى تتخطى إنقاذ البشرية مستقبلا من الأمراض: هل نقترب من زمن يُصمم فيه الأطفال عبر خوارزميات؟ وهل تتحول تقنية وجدت للوقاية من الأمراض إلى وسيلة لاختيار خصائص لأطفال 'خارقين'؟ وهل تصبح عملية الإنجاب نتيجة لانتقاء جيني مسبق وتنقيب في البيانات، ما يزيد من انعدام المساواة والعدالة بين الأفراد منذ لحظة التلقيح؟ ما هو الفحص الجيني الشامل للأجنة؟ Getty Images خدمات 'أوركيد' تُقدَّم اليوم في أكثر من مئة عيادة تلقيح اصطناعي في الولايات المتحدة. تقوم هذه التقنية على تحليل الحمض النووي الكامل للجنين، أي فحص الخريطة الجينية الكاملة التي تتكوّن من نحو ثلاثة مليارات قطعة، باستخدام عدد قليل جداً من خلاياه. وبعد أن تُدمَج هذه التقنية مع أداة تُسمى 'تقييم المخاطر الجينية المتعددة'، وهي وسيلة إحصائية تُقدّر احتمال إصابة الطفل بأمراض معقّدة مثل السرطان أو السكّري أو الفصام، تعد هذه المقاربة بتقديم معلومات وراثية دقيقة ومبكّرة عن صحة الطفل المحتملة قبل ولادته. وعلى عكس الفحوصات الجينيّة التقليدية التي تركز على الأمراض النادرة الناتجة عن طفرة واحدة، تحلّل تقنية 'تقييم المخاطر الجينية المتعددة' (PRS) مجموعات من المتغيّرات الجينية لتقييم خطر الإصابة بأمراض شائعة. هو ليس تشخيصاً، بل تنبؤ قائم على الاحتمالات. وتعد 'أوركيد هيلث' من بين الشركات الرائدة في هذا المجال، وهي شركة ناشئة مقرها وادي السيليكون في سان فرانسيسكو أسستها الشابة الأمريكية من أصول باكستانية نور صديقي. تدعي الشركة أنها تقدم أكثر خدمات فحص الأجنة شمولا في السوق، حيث تقيم كلا من الأمراض أحادية الجين والحالات المعقدة باستخدام خوارزميات حصرية. وتُقدم خدمات 'أوركيد' اليوم في أكثر من مئة عيادة تلقيح اصطناعي في الولايات المتحدة. وبحسب تقرير حديث لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإنّ الطلب على هذه الخدمة آخذ في الارتفاع. ومع توسّع الوصول إلى قواعد البيانات الجينومية الضخمة، قد يتحوّل الوعد التكنولوجي بـ'اختيار' أطفال أصحّاء من خيال علمي إلى ممارسة روتينية في عيادات الخصوبة. الجنس للمتعة وفحص الأجنة من أجل الإنجاب تقول صديقي، إنها تمتلك 'رؤية طموحة تقوم على خوارزميات مصممة خصيصا وتحليل الجينوم بهدف القضاء على الأمراض والعلل' لدى أطفال المستقبل. وتقوم شركتها الناشئة بفحص الأجنة للكشف عن آلاف الأمراض المحتملة، ما يتيح للآباء والأمهات المستقبليين التخطيط لعائلاتهم بناءً على كم من المعلومات غير المسبوق حول نسلهم. ومع أن العقود الأخيرة جعلت من قيام النساء الحوامل، وكذلك الأزواج الذين يخضعون للتلقيح الاصطناعي، بإجراء اختبارات للكشف عن اضطرابات وراثية نادرة ناتجة عن طفرات في جين واحد، مثل التليف الكيسي، أو عن خلل في الكروموسومات مثل متلازمة داون، ممارسة شائعة، إلا أن 'أوركيد' هي أول شركة تقول إنها قادرة على تحديد تسلسل الجينوم الكامل للجنين، والمكوّن من 3 مليارات كروموسوم. وتستخدم الشركة ما لا يزيد عن خمس خلايا من الجنين لفحص أكثر من 1200 حالة نادرة ناتجة عن جين مفرد، تُعرف باسم الأمراض أحادية الجين. Getty Images هل تصبح عملية الإنجاب نتيجة لانتقاء جيني مسبق وتنقيب في البيانات، ما يزيد من انعدام المساواة والعدالة بين الأفراد منذ لحظة التلقيح؟ كما تطبق الشركة خوارزميات مصممة خصيصا لإنتاج ما يعرف بـ'درجات الخطر متعددة الجينات وهي أدوات تهدف إلى قياس القابلية الوراثية للطفل المستقبلي للإصابة بأمراض معقدة في وقت لاحق من حياته، مثل الاضطراب ثنائي القطب، والسرطان، ومرض ألزهايمر، والسمنة، والفصام. صديقي التي تنوي إنجاب أربعة أطفال باستخدام أجنّتها التي خضعت لفحص 'أوركيد'، تدافع عن فكرة أكثر جرأة بدأت تكتسب زخماً في عالم التكنولوجيا: وهي أن تقنيات الخصوبة المتطورة والمتاحة بشكل متزايد 'ستحلّ تدريجياً محلّ الجنس كوسيلة مفضّلة للإنجاب لدى الجميع'. وقالت صديقي في مقطع فيديو شاركته عبر منصة إكس: 'الجنس للمتعة، وفحص الأجنة من أجل الإنجاب'. وتشير إلى أن الوقت قد اقترب الذي سيصبح فيه من الطبيعي أن يختار الأزواج أجنّتهم من خلال جدول بيانات، تماما كما يفعل زبائنها الحاليون، موازنين مثلا بين قابلية للإصابة بأمراض القلب أعلى بـ1.7 مرة من المعدّل العام، وبين درجة خطر 2.7 للإصابة بالفصام. شكوك في دقة الفحوصات Getty Images استخدام تقييم المخاطر متعددة الجينات يُنتقَد باعتباره لا يزال 'غير ناضج سريريا' برغم الوعود الكبيرة التي تقدمها شركة 'أوركيد'، يثير العديد من العلماء شكوكا جدية بشأن دقة الفحوصات التي تعتمدها. فعملية تسلسل الجينوم الكامل انطلاقا من خمس خلايا جنينية فقط تُعد تقنية حساسة، وقد تؤدي، بحسب خبراء من جامعتي ستانفورد وكاليفورنيا، إلى أخطاء كبيرة نتيجة 'تكبير' المادة الوراثية بشكل قد يُشوّه النتائج. كما يُنتقد استخدام تقييم المخاطر متعددة الجينات باعتباره لا يزال 'غير ناضج سريريا'، بخاصة أن دقته تنخفض لدى الأجنة من أصول غير أوروبية، بسبب 'تحيز قواعد البيانات الجينية المتاحة'. ويرى بعض المتخصصين أن الفروقات الطفيفة بين خوارزميات الشركات المختلفة قد تؤدي إلى نتائج متباينة تماما، في غياب معيار علمي موحّد يضمن الموثوقية. أجندة يمينية؟ Getty Images العديد من الشخصيات بينها نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس كرّروا أن تراجع معدلات المواليد 'يُهدّد مستقبل الدول الصناعية' يربط البعض بين هذا التوجّه المتنامي في تقنيات الإنجاب وبين النزعة المؤيدة للإنجاب في الولايات المتحدة والتي يروّج لها عدد كبير من رموز اليمين الأمريكي. وأشارت 'واشنطن بوست' إلى أن شركة 'أوركيد' تشكل جزءا من حركة ثقافية أوسع يروج من خلالها أشخاص نافذون في واشنطن ووادي السيليكون لأهمية إنجاب المزيد من الأطفال. فقد كرر مرات عدة كل من نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، وإيلون ماسك، بالإضافة إلى المستثمر الملياردير المحافظ بيتر ثيل، وهو الراعي الأساسي لشركة 'أوركيد'، أن تراجع معدلات المواليد 'يُهدد مستقبل الدول الصناعية'، وأنه 'ينبغي للناس إنجاب المزيد من الأطفال لمواجهة هذا الانحدار'. ويضع البعض في السياق نفسه الأمر التنفيذي الذي أصدره البيت الأبيض في فبراير الماضي، والذي يدعو إلى توسيع الوصول إلى علاجات التلقيح الاصطناعي. عودة إلى 'تحسين النسل'؟ Getty Images المخاوف تطال البُعد الاجتماعي: إذ يمكن لمثل هذه الممارسات أن تعزّز شعوراً بالتفوّق الجيني لدى فئات معينة، وتُعمّق الفوارق الطبقية. يرى العديد من النقاد أن استخدام تقنيات فحص الأجنة بناء على تقييمات متعددة الجينات يفتح الباب أمام شكل جديد من 'تحسين النسل التكنولوجي' (techno-eugenics)، أي استخدام الوسائل العلمية لاختيار أو استبعاد خصائص وراثية معينة بهدف إنجاب أفراد يُعتبرون 'أفضل' جينيا. وتستند هذه الرؤية إلى تاريخ مثير للجدل، إذ ارتبط مفهوم 'تحسين النسل' تقليديا بمحاولات سلطوية للتحكم بالتكاثر البشري، سواء عبر منع الفئات المصنفة 'أقل شأنا' من الإنجاب، أو عبر تشجيع خصوبة من يُعتبرون 'أعلى قيمة'. واليوم، وعلى الرغم من أن هذا المشروع لم يعد يتخذ طابعا قسريا، فإن التقنيات الحديثة تعيد إحياء هذا المنطق ولكن بصيغة فردية وطوعية، تُقدَّم تحت عنوان الحرية والاختيار. وتتجاوز المخاوف الجانب الأخلاقي لتطال البُعد الاجتماعي: إذ يمكن لمثل هذه الممارسات أن تعزّز شعوراً بالتفوّق الجيني لدى فئات معينة، وتُعمّق الفوارق الطبقية، حيث لا تتوفّر هذه التقنيات سوى للأثرياء القادرين على 'تصميم' أطفالهم. كما قد يؤدي التركيز على بعض السمات، مثل الذكاء أو الطول، إلى تعزيز معايير ضيّقة للقيمة الإنسانية، تُقصي من لا تنطبق عليهم هذه المعايير منذ مرحلة ما قبل الولادة. غير أن القائمين على هذا المشروع ينفون الربط بينه وبين هذه الاتهامات. ويؤكد هؤلاء، ومن بينهم نور صديقي، أن التلقيح الاصطناعي نفسه واجه في بداياته خلال سبعينيات القرن الماضي موجة من الانتقادات والاتهامات، إذ اعتبره البعض آنذاك شكلاً من أشكال 'لعب دور الإله'. 'لكن مع مرور الوقت، تحول إلى تقنية شائعة ومقبولة على نطاق واسع، تُستخدم اليوم لتحسين فرص الإنجاب لدى من يواجهون صعوبات في الحمل، من دون أن تثير الاعتراضات التي صاحبت انطلاقتها الأولى'.


أخبارنا
منذ 3 أيام
- أخبارنا
فرد الشعر بالبروتين يتحول إلى كارثة صحية لشابة في الدار البيضاء
أثارت الحادثة التي تعرضت لها مؤخرا شابة بعد خضوعها لعلاج فرد الشعر باستخدام منتج غير منظم في أحد صالونات التجميل، القلق بشأن سلامة المنتجات المستخدمة في هذا المجال. فقد انتهت الجلسة التي كانت تروج لها المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها "معجزة" إلى مأساة صحية. وتعرضت الشابة لمضاعفات خطيرة، حيث شعرت بألم شديد في رأسها وتورم سريع في وجهها بعد استخدام منتج يحتوي على "بروتين" في صالون تجميل بشارع 2 مارس في الدار البيضاء. وعلى إثر ذلك، قامت العاملات في الصالون بإبلاغ السلطات، ليتم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة حيث تم إدخالها إلى العناية المركزة. هذا، وقامت الفتاة بعد ذلك بوضع شكاية لدى الأمن، مؤكدة في تصريحات إعلامية عدم تنازلها عن حقها في متابعة الصالون المذكور. وقد فتحت السلطات تحقيقًا لمعرفة ملابسات الحادثة وتحديد المسؤوليات.


الأيام
منذ 4 أيام
- الأيام
ماذا يخبرنا 'المسنّون الخارقون' عن الشيخوخة الصحية؟
Sandy Huffaker for The Washington Post via Getty Images يقول الدكتور إريك توبول، البالغ من العمر 71 عاما (في الصورة): "يجب علينا جميعا أن نمارس المزيد من النشاط البدني" عندما التقى طبيب القلب الدكتور، إريك توبول، بالسيدة "إل. آر" البالغة من العمر 98 عاما، لأول مرة لحضور موعد طبي، لفت انتباهه أمر ما. لقد لاحظ أنه لا يوجد برفقتها أحد من أقاربها، فسألها كيف سافرت للوصول إلى المركز الطبي. قال لبي بي سي: "لقد قادت سيارتها بنفسها... سرعان ما تعلمت الكثير عن هذه السيدة النابضة بالحياة والصحة بشكلٍ استثنائي، والتي تعيش بمفردها، ولديها شبكة اجتماعية واسعة، لكنها تستمتع بعزلتها". الدكتور توبول، مؤسس ومدير معهد سكريبس للأبحاث التطبيقية -مركز أبحاث طبية معروف في الولايات المتحدة- بنى مسيرة مهنية حافلة كعالم ومؤلف. يبحث أحدث أعماله في الأسباب العلمية، التي تقف وراء عيش بعضنا حياة أطول وأكثر صحة من غيرهم. يحذر الدكتور توبول من تصديق الخرافات والعلوم الزائفة، مثل "مكملات مكافحة الشيخوخة التي لا توجد عنها أي بيانات، والإجراءات والعلاجات التي تُباع دون أي أساس علمي". يقول: "ربما نمتلك يوما ما حبة سحرية (لمساعدتنا على التقدم في السن بشكل صحي)، لكننا لا نملكها حتى الآن. بل إنها حتى بعيدة المنال". فما هي إذا الأسرار المدعومة علميا للشيخوخة الصحية؟ دور الجينات الوراثية في عام 2007، أمضى الدكتور توبول وفريقه أكثر من ست سنوات في دراسة التسلسل الجيني لنحو 1,400 شخص من الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا في الثمانينيات من عمرهم أو أكبر، ولا يعانون من مشاكل صحية خطيرة. يقول الدكتور توبول: "من الصعب جداً العثور على هؤلاء الأشخاص: لم يسبق لهم الإصابة بأمراض خطيرة أو مزمنة، ولم يتناولوا أدوية طويلة الأمد، وتجاوزوا سن 85 عاماً". عندما درس الفريق هذه المجموعة، المعروفة باسم "المسنين الخارقين"، لم يجدوا في جيناتهم سوى القليل جداً مما يفسر تمتعهم بصحة جيدة. التقى الدكتور توبول بالسيدة "إل. آر"، البالغة من العمر 98 عاماً، بعد نشره تلك الدراسة، ورغم أنها لم تكن جزءاً من العينة التي دُرست، إلا أن قصتها مُدرجة في أحدث أعماله. ويشير إليها كمثال لشخص يعيش شيخوخة صحية وبشكل جيد، على الرغم من وجود تاريخ عائلي للوفاة المبكرة. يقول الدكتور توبول: "هؤلاء الأشخاص الذين يصلون إلى حالة شيخوخة صحية مذهلة، وصولاً إلى بلوغهم المئة عام، ليسوا نمطاً عائلياً في الغالب... ربما يكون هناك عامل وراثي، ولكنه ليس التفسير السائد". يقول الدكتور توبول إن فكرة أن الجينات قد لا تكون العامل الحاسم في الشيخوخة الصحية تُعدّ فكرة مُحرِرة (من القيود وأنماط التفكير السلبية)، بالنسبة لمن لديهم تاريخ عائلي من الوفاة المبكرة والأمراض المزمنة. الالتهاب المرتبط بالشيخوخة Getty Images يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن إلى أمراض مرتبطة بالشيخوخة، بما في ذلك الزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية دفعت نتائج الدراسة الدكتور توبول إلى وضع نظرية مفادها أن "المُعمرين الخارقين" يُعانون من مستويات أقل من الالتهاب المزمن، وهو عامل شائع في العديد من أمراض الشيخوخة. الالتهاب هو استجابة طبيعية وصحية من الجسم للأذى، مثل العدوى أو الإصابة أو السموم. ولكن عندما يصبح الالتهاب مزمناً ويُؤثر على الجسم لفترة طويلة جداً، فقد يؤدي إلى مشاكل خطيرة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الأعصاب، كما يقول البروفيسور ديفيد جيمس، مدير الأبحاث في معهد الشيخوخة الصحية (IHA) ومقره في كلية لندن الجامعية. وتُعرف طبياً، حسب البروفيسور جيمس، باسم "الالتهاب المرتبط بالشيخوخة"، موضحا أن "مشكلة الالتهاب المزمن هي أنه يشبه إلى حد ما عُمّال البناء الذين يرفضون المغادرة، ويصبح وجودهم الدائم عبئا كبيرا". تقول إحدى النظريات إن أسلوب حياتنا الحديث هو الذي يُسبب هذا الالتهاب، بسبب عدم التوافق بين كيفية تطور أجسامنا وطريقة معيشتنا الحالية. يقول جيمس: "أجسامنا مُصممة حقاً لعالم يعاني من ندرة الغذاء... إنها ليست مُصممة على الإطلاق لتناول فائض من الطعام طوال الوقت، وخاصة الأطعمة المصنعة والغنية بالدهون". يوضح البروفيسور جيمس أن السمنة تعدُ من أبرز العوامل التي تساهم في أمراض مثل السكري والخرف وأمراض القلب من خلال تعزيز الالتهاب. كيف يُمكنك تقليل الالتهاب؟ Getty Images اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات هو أحد العوامل الأساسية لشيخوخة صحية تعكس معظم توصيات الدكتور توبول إرشادات الحياة الصحية، التي غالباً ما نُشجع على اتباعها، حيث يوصي باتباع نظام غذائي نباتي أو شبيه بالنظام الغذائي المتوسطي (غذاء قاطني منطقة البحر الأبيض المتوسط)، والذي يتضمن الكثير من الفواكه والخضراوات. كما يشدد أنَّ الحصول على نوم كافٍ وجيد أمرٌ ضروري أيضا، قائلا: "في كل ليلة، لدينا هذه الفضلات في دماغنا، وهي نواتج أيضية، وهي سامةٌ جدا وتحفّز الالتهاب، ونحتاج إلى التخلص منها عبر ما يُسمى بالقناة الغليمفاوية، التي اكتُشفت في السنوات الأخيرة". اكتُشفت القناة الغليمفاوية عام 2012، وتعمل كنظامٍ لتصفية الفضلات في الدماغ، حيث تنقل هذه الفضلات عبر شبكةٍ من الأنفاق. وقد أظهرت دراساتٌ لاحقةٌ أن هذا النظام يكون أكثر نشاطًا أثناء النوم. يقول: "اتضح أنه إذا لم نحصل على قسط كافٍ من النوم العميق... فإننا لا نُصفّي هذه الفضلات، ما يُتيح لها فرصة لإحداث التهاب في أدمغتنا. لذلك، علينا تحسين نومنا العميق للوقاية من الأمراض العصبية التنكسية (أي التدهور التدريجي للخلايا العصبية)". ويوصي الدكتور إريك توبول أيضاً بممارسة قدر كافٍ من التمارين الرياضية. ويقول لبي بي سي: "لو كان (هذا) دواءً، لكان أكبر دواءٍ ثوري لدينا". ويضيف أن المشي السريع أو ركوب الدراجات من الأمثلة الرائعة على التمارين الهوائية، ولكن ينبغي على الناس أيضاً التفكير في أشكال أخرى من اللياقة البدنية، بما في ذلك تمارين القوة والتوازن. يقول: "ليس بالضرورة أن تكون التمارين مُفرطة أو قاسية، فحتى الأنشطة الخفيفة المُستمرة مُفيدة". Getty Images الحفاظ على التفاعلات الاجتماعية له آثار مفيدة مع تقدمنا في السن كما ارتبط التفاعل الاجتماعي وتجنب العزلة بانخفاض خطر الإصابة بالخرف، على الرغم من اختلاف العلماء حول مدى ذلك. قدّرت لجنة لانسيت لعام 2020 أن القضاء على العزلة الاجتماعية سيقلل من انتشار الخرف، بنسبة 4 في المئة عالمياً. أجرت جامعة سيدني دراسة أخرى، حللت نتائج 13 دراسة دولية من مناطق تشمل أستراليا وأمريكا الشمالية وعدة دول في أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا، وبحثت بدقة في أنواع التفاعل الاجتماعي الأكثر تأثيراً. يقول الدكتور سوراج سامتاني، أحد مؤلفي دراسة جامعة سيدني: "وجدنا أن التفاعلات المتكررة -شهرياً أو أسبوعياً- مع العائلة والأصدقاء، والتحدث مع شخص ما، تقلل من خطر الإصابة بالخرف. كما وجدنا أن العيش مع الآخرين وممارسة الأنشطة المجتمعية يقلل من خطر الوفاة". يُعتقد أن التواصل الاجتماعي يساعد على تعزيز القدرة على مواجهة آثار مرض الزهايمر في الدماغ -المعروف باسم الاحتياطي المعرفي-. كما يمكن أن يساعد في تعزيز السلوكيات الصحية مثل ممارسة الرياضة، وتقليل التوتر والالتهابات، وفقاً لجمعية الزهايمر في بريطانيا. يقول الدكتور توبول إن السيدة "إل. آر" هي النموذج الأمثل، "إنها تتمتع بشخصية مشرقة للغاية، وهو ما يتوافق أيضاً مع كثرة التفاعلات الاجتماعية. ولديها أيضاً العديد من الهوايات، فهي رسامة زيتية، وقد فازت بجوائز". ويضيف: "هذا ما يجب أن نطمح إليه؛ شيخوخة صحية". "تغيير جذري" ويتوقع الدكتور توبول أيضاً أن يساعد الذكاء الاصطناعي الأطباء على معالجة كميات هائلة من البيانات، للتنبؤ بالأمراض المرتبطة بالعمر والوقاية منها في المستقبل، بما في ذلك التنبؤ بالعمر الذي يُحتمل أن يُصاب فيه الشخص بتلك الأمراض، والتدخل بإجراء تغييرات في نمط الحياة مُبكراً. ويقول: "نحن نتحدث عن منع حدوث المرض من الأساس، وليس فقط منع النوبة القلبية الثانية بعد الإصابة بالأولى". وبينما يصف الدكتور توبول هذا النوع من تحليل المخاطر بأنه "تغيير جذري"، يتوخى البروفيسور جيمس الحذر بشأن مدى واقعية مطالبة الناس بإجراء تغييرات جوهرية في حياتهم، حتى مع توافر مثل هذه المعلومات لهم. ويضيف: "يمكنك أن تقول: انظر، لماذا لا يتناول الجميع الطعام الصحي؟ كما تعلم، يجب اتباع نظام غذائي سليم، وتناول طعام صحي، والذهاب إلى النادي الرياضي، والركض، وما إلى ذلك. لكن معظم الناس لا يملكون الوقت الكافي للقيام بذلك". ويختتم قائلا: "لا أعتقد أننا قريبون من أيّ حلٍ سحري وشيك".