
عون يشدّد على منع التدخلات الخارجية في لبنان
تابعوا عكاظ على
شدّد الرئيس اللبناني جوزيف عون على ضرورة منع التدخلات الخارجية في بلاده، داعياً إلى تحكيم سلطة القانون. وأكد خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في بغداد، اليوم (الأحد)، أن المطلوب تأكيد سيادة الدولة دون استعداء أحد. وقال عون إن لبنان «بحاجة لنظام المصلحة العربية المشتركة في إطار اتفاقيات ثنائية».
من جانبه، جدد رئيس الحكومة العراقية تأكيد دعم بلاده لاستقرار ووحدة لبنان والسيادة على كامل أراضيه. ودعا إلى تطبيق القرار الأممي 1701 بالكامل، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب.
ووصل الرئيس اللبناني صباح اليوم إلى بغداد على رأس وفد ضمّ المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير وعدداً من المستشارين.
أخبار ذات صلة
يذكر أنه منذ يوليو عام 2021، يزوّد العراق لبنان بالوقود للمساهمة في تشغيل محطات توليد الكهرباء مقابل سلع وخدمات طبية، رغم أن البلدين يعانيان من أزمة كهرباء حادة فضلاً عن تهالك البنية التحتية، جراء عقود من الصراعات والإهمال والفساد، وفق ما أوردت وكالة «فرانس برس».
وكانت العراق تعهدت خلال القمة العربية التي عقدت الشهر الماضي في العاصمة بغداد بتقديم نحو 20 مليون دولار في إطار جهود إعادة إعمار لبنان بعدما أدّت حرب مدمّرة استمرّت عاماً كاملاً بين حزب الله وإسرائيل، إلى دمار واسع.
واستقبلت الحكومة العراقية خلال الحرب آلاف اللبنانيين الفارين من القصف الإسرائيلي على قرى وبلدات الجنوب ومناطق أخرى في لبنان.
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/
.articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;}
.articleImage .ratio div{ position:relative;}
.articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;}
.articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال لقائهما في بغداد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 15 دقائق
- عكاظ
السفير الصالح لـ«عكاظ»: الرياض أكبر شريك عربي لوارسو
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} سعد الصالح عبدالعزيز الشهري في ظل السياسة الخارجية السعودية، التي تتسم بالحيوية والانفتاح، تواصل المملكة تعزيز علاقاتها الدولية مع مختلف دول العالم، لاسيما الدول الأوروبية ذات التأثير الاقتصادي والسياسي، ومن بينها جمهورية بولندا، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، التي شهدت علاقاتها مع المملكة تطوراً ملحوظاً خلال العقود الماضية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية. «عكاظ»، أجرت حواراً خاصاً مع سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية بولندا سعد الصالح، استعرض فيه أبرز محطات العلاقات الثنائية، وأهم مجالات التعاون المشترك، والفرص الاستثمارية المستقبلية، إلى جانب الحديث عن التفاهم السياسي بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، ودور السفارة في تعزيز الروابط الشعبية والثقافية، وفي ما يلي نص الحوار: • كيف تصفون طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وبولندا في الوقت الراهن؟ •• تتمتع المملكة وجمهورية بولندا بعلاقات دبلوماسية متميزة منذ إقامتها، تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهي تتطور باستمرار، ولعل الزيارات واللقاءات التي يقوم بها المسؤولون في البلدين والتعاون المشترك بينهما أكبر دليل على رغبتهما بوجود علاقات وطيدة تخدم المصالح المشتركة وتحقق تطلعات قيادة وشعب البلدين الصديقين. • متى بدأت العلاقات الرسمية بين البلدين، وما هي المحطات التاريخية البارزة التي شكلت العلاقة؟ •• بدأت العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وجمهورية بولندا في الثالث من مايو من العام 1995م، ومنذ ذلك التاريخ شهدت علاقات البلدين محطات بارزة، أضفت طابعاً خاصاً لهذه العلاقة، لعل من أهمها الزيارة التاريخية التي قام بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى بولندا في العام 2007م، والتي أتت بعد إجراء عملية فصل التوأم السيامي البولندي داريا وأولغا في العام 2005م، على نفقته الخاصة، وكان لتلك الزيارة أثر كبير في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين، حيث قام خلالها الرئيس البولندي السابق ليخ كاتشينسكي، بمنح وسام النسر الأبيض، الذي يعد أعلى وسام في جمهورية بولندا، للملك عبدالله بن عبدالعزيز، تقديراً لهذه البادرة الإنسانية، فيما قلّد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الرئيس البولندي قلادة الملك عبدالعزيز. كما قام الرئيس البولندي السابق برونيسواف كوموروفسكي، بزيارة إلى المملكة في العام 2013م، التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين، وتم في الزيارة التوقيع على اتفاقية مهمة للتعاون في مجال الدفاع بين المملكة وجمهورية بولندا. وكان للزيارة التي قام بها رئيس وزراء جمهورية بولندا السابق ماتيوش مورافتسكي، إلى المملكة في العام 2023م، والتي التقى خلالها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أثر بارز على علاقة البلدين، وتم خلال تلك الزيارة بحث إقامة مجلس تنسيقي بين المملكة وجمهورية بولندا، برئاسة وزيري خارجية البلدين، الذي تمت الموافقة عليه أخيراً، وسيتم التوقيع على إنشائه قريباً، ومن أهدافه تعزيز العمل المشترك، ورفع مستوى العلاقات بين البلدين الصديقين، وإعطاء زخم أكبر للتعاون بينهما في المجالات كافة. شراكة أرامكو وأورلين • ما مجالات التعاون الحالية بين المملكة وبولندا، وهل هناك قطاعات واعدة يجري العمل على تطويرها؟ •• تعد الطاقة من أبرز مجالات التعاون بين المملكة وبولندا، وكان لتوقيع الاتفاقية التي تمت بين شركة أرامكو وشركة أورلين البولندية في نوفمبر من العام 2022م، إضافة مهمة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، التي بموجبها استحوذت شركة أرامكو على حصة 30% من مصفاة غدانسك البولندية، كما رفعت تلك الاتفاقية من مستوى التبادل التجاري بين المملكة وجمهورية بولندا من نحو 3 مليارات دولار في العام 2020م، إلى نحو 9 مليارات في العام 2024م، وفتحت هذه الاتفاقية آفاقاً جديدة لتشجيع الاستثمار بين البلدين. كما يتم العمل على تطوير التعاون في مجالات أخرى، لاسيما في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والسياحة والصيدلة والمنتجات الزراعية والغذائية، إضافة إلى قطاع النقل والخدمات اللوجستية. ولتعزيز علاقات البلدين الاقتصادية، وفتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بينهما، قام رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي، يرافقه وفد تجاري كبير، بزيارة إلى جمهورية بولندا في نوفمبر من العام الماضي 2024م، للمشاركة في المنتدى الاقتصادي السعودي البولندي في وارسو، الذي حضرته كبرى الشركات البولندية، ونتجت عن أعمال المنتدى تفاهمات حول العمل على بناء شراكات تجارية واعدة واستثمارية بين الشركات السعودية والبولندية. • كيف ترون دور التبادل التجاري في تعزيز العلاقات الثنائية وهل توجد اتفاقيات اقتصادية مشتركة في هذا الإطار؟ •• زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين تنعكس على ميزان التبادل التجاري بينهما، كما تفتح فرصاً جديدة للاستثمارات وتنويع الصادرات، ويشكل وجود مجلس الأعمال السعودي البولندي، الإطار الاقتصادي لتعزيز هذا التعاون، وسيسهم في رفع مستويات التبادل التجاري بين البلدين، ويطمح البلدان في زيادة مستويات التبادل التجاري، نظراً إلى وجود فرص تجارية واستثمارية تمكنهما من تحقيق ذلك. رحلات جوية مباشرة • شهدنا في السنوات الأخيرة حراكاً دبلوماسياً نشطاً من الجانبين، ما أبرز الزيارات الرسمية التي أسهمت في تعزيز العلاقات، برأيك؟ أخبار ذات صلة •• أسهمت الزيارة التي قام بها وزير النقل والخدمات اللوجستية إلى وارسو في منتصف العام 2023م، في تقوية وتعزيز العلاقات بين البلدين، وجرى خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية النقل الجوي بين المملكة وبولندا، التي فتحت المجال لإطلاق الرحلات الجوية المباشرة بينهما لأول مرة. كما قام نائب رئيس الوزراء وزير الرقمية البولندي بزيارة إلى المملكة في العام 2024م، التقى خلالها وزراء التجارة والاستثمار والاتصالات وتقنية المعلومات، وكان لها أثر في تقوية العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتكنولوجية. كما قام أعضاء البرلمان البولندي في مجموعة الصداقة البرلمانية السعودية البولندية هذا العام 2025م، بزيارة إلى المملكة، التقوا خلالها نظراءهم في مجلس الشورى لبحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. • ماذا عن التعاون في المجال الثقافي أو الأكاديمي بين المملكة وبولندا، وهل تم تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة أخيراً؟ •• خلال الزيارة التي قام بها وزير التعليم يوسف البنيان إلى جمهورية بولندا في العام 2024م، بحث مع المسؤولين البولنديين تعزيز التعاون في المجال الثقافي والأكاديمي بين الجامعات السعودية والبولندية، ولقي هذا الموضوع اهتمام الجانب البولندي، وقام وفد من رؤساء وعمداء 11 جامعة بولندية مرموقة بزيارة إلى المملكة في العام الماضي، والتقوا خلالها نظراءهم في الجامعات السعودية، وتم التوافق بينهم على تعزيز هذا الجانب، إضافة إلى تنفيذ برامج التبادل الطلابي والزيارات الأكاديمية والبحثية. فرص للمستثمرين السعوديين • ماذا عن التعاون في مجالات الطاقة والابتكار والتقنية، وهل هناك استثمارات متبادلة أو خطط مستقبلية بهذا الخصوص؟ •• مع دخول شركة أرامكو سوق الطاقة في بولندا ستسهم الشركة بما تملكه من خبرات في هذا المجال في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والابتكار والتقنية، كما يتواجد عدد من شركات التقنية البولندية في السوق السعودية، وتسهم بخبراتها في تقديم الخدمات التقنية للقطاعين الحكومي والخاص، هذا بدوره سينعكس على الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، في رسم الخطط المستقبلية المبنية على نتائج هذا التعاون. • هل تقدم بولندا فرصاً نوعية للمستثمرين السعوديين وكيف تقيمون البيئة الاستثمارية في بولندا؟ •• البيئة الاستثمارية في بولندا واعدة، والاقتصاد البولندي يشهد أخيراً نمواً كبيراً، وهو ما يخلق فرصاً تجارية واستثمارية للمستثمرين السعوديين، لاسيما في القطاعات التي تهم المملكة كالقطاع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، إضافة إلى الأمن الغذائي، مع الأخذ في الاعتبار أن المملكة تعتبر أكبر شريك اقتصادي لجمهورية بولندا، على مستوى الدول العربية. خيمة عام الإبل • ما الدور الذي تلعبه السفارات في تعزيز العلاقات الشعبية بين الشعبين السعودي والبولندي؟ •• دور مهم وفاعل، وسفارة المملكة في وارسو وسفارة جمهورية بولندا في الرياض يسعيان إلى تعزيز العلاقات الشعبية بين الشعبين السعودي والبولندي، والتعريف بثقافة البلدين من خلال إقامة الفعاليات والمناسبات الرسمية والاجتماعية، وذلك لتقوية أواصر الصداقة بين شعبي البلدين، وتربطني علاقة صداقة قوية مع سفير بولندا في الرياض روبرت روستكن بما يعزز علاقات بلدينا الصديقين. ولأعطي مثالاً على أهمية دور السفارات في تعزيز العلاقات الشعبية والتعريف بثقافة البلد، نظمت سفارة المملكة في وارسو العام الماضي فعالية «عام الإبل» في حديقة عامة، وأقمنا فيها خيمة شعبية، وقدمنا خلالها التمر والقهوة السعودية، وأحضرنا اثنين من الإبل من إحدى المزارع البولندية الخاصة، ولاقت تلك الفعالية استحسان الجمهور البولندي الذي حضرها. • ماذا عن التعاون حول القضايا الإقليمية والدولية؟ •• يوجد تنسيق دائم بين المملكة وجمهورية بولندا، وهناك توافق بينهما على معظم القضايا الإقليمية والدولية، ويتم التنسيق بينهما بشكل مستمر، ويحكم ذلك مصالحهما المشتركة ورغبة البلدين في تعزيز التعاون حيال تحقيق الأمن والسلم الدوليين. • ما رؤيتكم لمستقبل العلاقات السعودية البولندية في ظل رؤية المملكة 2030؟ •• في ظل توجيهات القيادة التي تسعى إلى تعزيز مكانة المملكة على الساحتين الإقليمية والدولية، وبناء علاقات قوية ومؤثرة مع الدول الشقيقة والصديقة، وفي ظل ما تحمله رؤية المملكة 2030 من أهداف ومشاريع طموحة، فإن مستقبل العلاقات السعودية البولندية سيشهد تطوراً مطرداً، وعاماً بعد عام ستزداد الفرص الواعدة لتعزيز تلك العلاقات.


الشرق الأوسط
منذ 17 دقائق
- الشرق الأوسط
مأزق حركة التغيير اللبنانية
ثمّة دلائل كثيرة، بما فيها نتائج الانتخابات البلدية في بيروت، وباقي لبنان، على تراجع كبير في شعبية القوى التغييرية المنبثقة من انتفاضة 17 أكتوبر 2019 الكبرى التي رحبّنا بها، وراهنّا عليها في حينه لإحداث التغيير الحقيقي الجذري في «بلاد الأرز». وقتها لم يعد يجرؤ نائب أو وزير على الظهور علناً في مكان عام خوفاً من تعرّضه للطّرد والإهانة. ثم كانت قاعدة بشرية واسعة أولت تأييدها للتغييريين في انتخابات 2022 النيابية، أوصلت كتلة منهم إلى البرلمان للمرّة الأولى في التاريخ الحديث. يبدو أن ذلك كلّه في طريقه إلى الانحسار الأكيد. تُرى لماذا؟ سؤال مهمّ يطرحه بأسى على أنفسهم كل الذين آمنوا بعمق بـ«انتفاضة 17 أكتوبر» بوصف أنها طريق لخلاص هذه البلاد من الهوّة التي استقرّت فيها. وتتعدّد الإجابات بتعدّد المشارب والمشاعر، فتزيد البلبلة أكثر. وموجز القول إنه لا سبيل لإدراك ما جرى ويجري في موضوع التغيير من دون فهم تاريخي عميق للمسألة اللبنانية، ليس منذ الاستقلال، أو منذ 1920 إلى اليوم، كما هو شائع، بل أقلّه منذ ظهور الكيان اللبناني الأول المحكوم ذاتيّاً، والمضمون دوليّاً داخل السلطنة العثمانية عام 1861 حتى اليوم. فهي مسألة واحدة، وهو مسار واحد، وراء غبار الأحداث. صحيح أن الحركات والهيئات التغييرية المنتمية إلى «انتفاضة 17 أكتوبر» شهدت الكثير من اختلاف الآراء، والتفكك، ما أضعفها. وصحيح أن الوضع اللبناني السائد بالغ التعقيد، والتداخل، ما تصعب مواجهته. لكنْ، هناك خلل بنيوي عميق، فكري وشعوري، ثلاثي الأبعاد، داخل العديد من الهيئات والوجوه التغييرية، لا يدركه أو يشير إليه أحد، يضعها حتماً في الطريق المسدود، هو التالي: عدم وعيها بالتناقض الأساسي في الكيان اللبناني، منذ 164 عاماً إلى اليوم، بين المشروع اللبناني والمشروع الإقليمي في لبنان، عدم فهمها الفارق السوسيولوجي بين مجتمع الأفراد ومجتمع الجماعات ونتائجه، بقاء العديد من هذه الحركات أسيرة تصنيف قديم لليمين واليسار، عفى عليه الزمن، لا سبيل لها لتخطّيه. والأدهى من ذلك أنه لا قدرة لها، لأسباب كثيرة، على إدراك خللها البنيوي، وتجاوزه على المدى المنظور، والأبعد. من سوء طالع «انتفاضة 17 أكتوبر» أنها لم تستطع إطلاق قيادات تغييريّة جديدة بالمعنى الحقيقي للكلمة، فتولّت العديد من هيئاتها قياداتٌ هي، بصورة أو بأخرى، وريثة البنى العقلية والشعورية «لليسار» اللبناني التقليدي، الماركسي والوحدوي العربي والفلسطيني، الذي خاض حروب 1975 الداخلية، وهي عقلية لم تتبدّد تماماً بعد. صحيح أن الكثير من قادة وكوادر ما عُرِفَ بـ«الحركة الوطنية» آنذاك بادر فيما بعد إلى نقد ذاتي عميق وشجاع، دفع بعضهم حياته ثمناً له. لكن بقيت مؤثّرات ذلك «اليسار» حيّة ومتوارَثة في الكثير من النفوس، ومنها العديد من قيادات الهيئات التغييرية الراهنة. وفقاً لبناها العقلية والشعورية، ترى القيادات المشار إليها أن «اليسار»، أي حركة التقدّم، هو عموماً جهة يكون المشاريع الإقليمية المتوالية على لبنان والمتجهة شرقاً، وأن «اليمين»، أي حركة التخلف، يكون جهة المشروع اللبناني المتجه غرباً. ولأنها لا تستطيع تخطّي ذاتها، لا يمكن لهذه القيادات الإدراك بأن حركة التاريخ ذهبت تماماً في الاتجاه المعاكس. فمشكلتها الأهم هي في تعاطفها المضمر مع المشاريع الإقليمية، وفي رفضها المضمر للمشروع اللبناني. وهذا الرفض المضمر للفكرة اللبنانية هو الذي يدفع هذه القيادات خارج الواقع، ويضعها في الطريق المسدود. وفقاً لذلك، لا تستطيع هذه القيادات أن ترى أنه على مدى 164 عاماً تهاوت جميع المشاريع الإقليمية في لبنان، العثماني والوحدوي السوري والفلسطيني والوحدوي العربي، والبعثي والناصري، والإسلامي الإيراني، وبقي المشروع اللبناني. ولا تستطيع أن تعترف بأن المشروع اللبناني كان رمز حركة التقدّم، لما حققه من إنجازات معرفية وحضارية وحياتية، مرتكزاً إلى الحرية، ونوعية العيش، والتعدّدية، والانفتاح، والحداثة، بينما المشاريع الإقليمية ترمز إلى التراجع، بما حملته من أحادية، وعنف، وقمع، وتسلّط. تخفي هذه القيادات ارتباكها بتمسكها بشعار «كلّهم يعني كلّهم» الذي يضع في سلة واحدة المشروع اللبناني والمشروع الإقليمي الراهن، ويوحّد بين الفاسدين والمستقيمين في المشروعين، ويساوي أهل العنف بضحاياهم. وتطمح هذه القيادات إلى ضرب الصيغة اللبنانية تحت شعار إلغاء «الطائفية السياسية» المموّه، بينما تسكت عن وجود سلاحين ودولتين، إحداهما مذهبية خالصة، فوق أرض واحدة. فما قيمة لائحة الإصلاحات الطويلة التي تقدمها الهيئات والوجوه التغييرية المعنية، في ظل ثنائية الدولتين؟ ومن سيقدم على الإصلاح والمحاسبة والاستثمار في مثل هذه البلاد؟


الشرق الأوسط
منذ 17 دقائق
- الشرق الأوسط
هل تتقدّم الضربة على الاتفاق النووي؟
تصاعد التحذيرات والتسريبات والتقديرات الاستخباراتية حول احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية، في حال فشل المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، يعيد تعريف الخطوط الحمراء بشأن ما تعتبره إسرائيل «تهديداً وجودياً» لها، في ضوء متغيرات إقليمية ودولية عميقة. الحديث عن «ضربة وشيكة» لم يعد مجرد تكهنات صحافية، أو من أدبيات التوتر المعتاد بين الطرفين، بل بات مادة لتقارير استخباراتية، وتصريحات مباشرة وغير مباشرة من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، ونقاشات مفتوحة في مراكز التفكير حول العالم. والأهم هو ما يرصده خبراء عسكريون من مناورات جوية وتحركات ذخيرة دقيقة، وتموضعات تشير إلى أن إسرائيل قد تكون قادرة على تنفيذ ضربة خلال سبع ساعات من اتخاذ القرار؛ ما يترك هامشاً زمنياً ضيقاً لأي تدخل أميركي محتمل. فهل نحن فعلاً أمام ساعة الصفر، أو أن ما يجري لا يزال جزءاً من لعبة الرسائل المعقدة التي تبعث بها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على إيران؟ وهل السياق الأوسع، لا سيما ما تغير على مستوى موازين القوى في المنطقة، يعزز احتمال الضربة أو يضعفه؟ إيران، رغم استمرارها في تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من العتبة العسكرية (60 في المائة)، فقدت الكثير من مخالبها بعد الضربات القاسمة التي تعرض لها وكلاؤها الإقليميون، لا سيما «حزب الله» و«حماس»، وأفقدتهم جزءاً كبيراً من قدرات الردع والإسناد. كما أن الضربات الإسرائيلية المركّزة التي استهدفت منشآت عسكرية واستخباراتية إيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، والانفجارات الغامضة في ميناء شهيد رجائي في أبريل (نيسان) الفائت التي دمرت مخزون الوقود الصلب المُشغل للصواريخ الباليستية، تركت أثراً واضحاً على جاهزية طهران وقدرتها على التصعيد غير المتكافئ. يشكل هذا التأكُّل في أدوات الردع الإيرانية أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الخيار العسكري الإسرائيلي أكثر احتمالاً، لا سيما مع وجود حكومة إسرائيلية تُعرّف الأمن الوطني بمنطق «الوقاية الوقائية»، وتقدم أحياناً الحسابات العسكرية على الحسابات السياسية. زِد على ذلك أن الإجماعات الإسرائيلية تغيرت جذرياً بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، بحيث باتت الغريزة الحاكمة أن التهديدات الوجودية، مثل البرنامج النووي الإيراني، لا تحتمل الانتظار أو الرهان على المسارات الدبلوماسية البطيئة. وعليه، يُفهم تلويح واشنطن لتل أبيب بسحب التنسيق العسكري والدبلوماسي في حال أقدمت إسرائيل على تنفيذ الضربة خارج الإطار الزمني الذي تحدده الإدارة الأميركية، وعلى نحو يتعارض مع المسار التفاوضي الجاري مع طهران. ويعزز الانطباع أن في الولايات المتحدة من ينظر بجدية بالغة إلى احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لإيران. تلتقي المواقف العربية المحورية مع هذا التوجه؛ إذ أبدت عواصم رئيسية في المنطقة رفضها الصريح لأي خيار تصعيدي إسرائيلي يبدد فرصة الحلول الدبلوماسية، كما نقلت هذه الدول رسائل مباشرة إلى طهران، تحثها فيها على التجاوب مع مسار التهدئة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة أوسع، قد تكون مدمرة لجميع الأطراف. يؤمل لهذه المظلة الأميركية - العربية أن تضعف احتمال التصعيد العسكري. فنتنياهو، مهما بدا واثقاً بقدرة بلاده على التحرك المنفرد، يدرك تماماً أن أي خطوة كبرى دون غطاء أميركي، وبالتعارض الحاد مع مصالح دول إقليمية وازنة، قد تكلّف إسرائيل ثمناً استراتيجياً باهظاً. وما يزيد المشهد تعقيداً هو أن الضربة الإسرائيلية، إن حصلت، لن تكون «جراحية» بالمعنى الكلاسيكي؛ فالمعلومات المتداولة تفيد بأنها ستكون عملية تمتد لأيام، تستهدف عدة مواقع ومنشآت في عمق إيران، وهو ما يعني أن احتمال الانزلاق إلى تصعيد مفتوح سيظل قائماً، ويفرض على إسرائيل حسابات أمنية ودفاعية معقدة، حتى لو لم يرتقِ الرد الإيراني المباشر إلى ما يُخشى منه. وإن كان ترمب لا يمانع تسريب تهديدات إسرائيلية عبر الإعلام لإبقاء الضغط على الطرف الإيراني، فإن ذلك لا يعدو كونه التقاءً مؤقتاً بين الحسابات الإسرائيلية والأميركية، لا يتجاوز الاستثمار في التلويح بالخطر. فالأكيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفضل إنجاز اتفاق نووي «جيد» يقي الولايات المتحدة الانجرار إلى مواجهة إقليمية، خدمة لحساباته السياسية الداخلية والانتخابية، وخدمة لحساباته الشخصية، ورغبته في الحصول على أكبر عدد من ميداليات السلام، لا سيما «جائزة نوبل». ولكن، سواء أقدمت إسرائيل على الضربة أو لا، فإن ما يجري حالياً يكشف عن تغيرات جوهرية في قواعد اللعبة: فإيران التي كانت تردع عبر وكلائها، باتت أقل قدرة على ذلك. وإسرائيل التي كانت تنتظر الضوء الأخضر الأميركي، باتت تمتلك هامشاً أكبر للحركة. والولايات المتحدة التي كانت تمسك بكل الخيوط، باتت أسيرة حسابات «أميركا أولاً». إنها لحظة الحقيقة، بكل ما تعنيه من مخاطرة واستشراف. فإما أن تنجح الدبلوماسية في احتواء الانفجار عبر حل حقيقي ومستدام، أو نشهد أول فصول مواجهة قد تغيّر وجه الشرق الأوسط لعقود مقبلة.