logo
عقول مستهدفة وأمن مخترق: لعبة الموساد الخطرة في إيران!

عقول مستهدفة وأمن مخترق: لعبة الموساد الخطرة في إيران!

الجزيرةمنذ 7 ساعات

شهدت الأيام الماضية تطورًا استثنائيًّا في توازن القوى بالشرق الأوسط، تمثل في الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة التي استهدفت العمق الإيراني، وأصابت مراكز قيادية وعلمية نووية، ما اعتبره كثيرون لحظة فاصلة في الصراع القائم.
لكن في الحقيقة أن دولة إسرائيل لم تستهدف المنشآت النووية الإيرانية بقدر ما ركزت على العقول، بل أن الرسالة واضحة: من يمتلك العلم يصبح خصمًا حقيقيًّا، وهذا ما تجلى في خسارة إيران تسعة علماء نوويين في يوم واحد! بمعنى أن إسرائل تعلم جيدًا بأن إيران تستطيع تعويض قادتها العسكريين، لكن ليس بإمكانها تعويض علماء الذرة المقتولين على المدى القصير، أي إن هدف إسرائيل هو تفريغ إيران من علمائها الحقيقيين، الذين بإمكانهم إحداث نقلة نوعيّة لديها في مجال العلوم التجريبية عمومًا، والمجال النووي تحديدًا.
كيف استطاعت إسرائيل قتل عقول إيران؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتجلى في الهجوم الأخير على إيران، حيث تم الكشف عن حجم الاختراق الاستخباراتي العميق الذي وصل إليه الموساد داخل البنية الإيرانية
وبالتالي فإن كافة المراقبين والقائمين على المراكز البحثية يؤكدون أن إستراتيجية الأمن القومي لإسرائيل تعتمد على بوصلة استباقية، في سلوكها مع أي دولة أو جماعة أو فرد يمثل تهديدًا لأمنها القومي، فلا تقبل وجود أي تهديد من أي نوع ومن أي جهة. وقد بدا واضحًا لإسرائيل بعد الضربة السابقة لإيران أنها غير قادرة على حماية مجالها الجوي وقدراتها العسكرية، لذلك كانت إسرائيل أحرص الناس على منع إيران من امتلاك هذه القوة النووية، عن طريق تدمير العقل البشري الذي يتجلى في علماء الذرة، وهذا يرجع إلى سبب بسيط، هو أن إسرائيل تعلم أيضًا أن سر بقائها هو سلاحها النووي، الذي قد يكون -في المقابل- هو نفسه سبب فنائها إذا امتلك عدوها هذا السلاح الفتاك.
وبالتالي نطرح التساؤل: كيف استطاعت إسرائيل قتل عقول إيران؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتجلى في الهجوم الأخير على إيران، حيث تم الكشف عن حجم الاختراق الاستخباراتي العميق الذي وصل إليه الموساد داخل بنية الاتصالات الإيرانية، فقد بات من الواضح أن تل أبيب لم تعتمد فقط على الأقمار الصناعية أو الطائرات المسيّرة، بل امتلكت قدرة مباشرة على رصد تحركات القادة في الحرس الثوري، والعلماء النوويين، والقيادات العسكرية العليا، عبر تتبع المكالمات والرسائل وبيانات المواقع الجغرافية.
هذا النوع من الاختراق السيبراني ليس سابقة، فقد استخدمته إسرائيل سابقًا ضد حزب الله في لبنان، ما أدى إلى استهداف دقيق لقيادات الحزب، وتفكيك شبكته العملياتية. واليوم يتكرر السيناريو ذاته في إيران، مع فرق جوهري يتمثل في أن بنية الدولة الإيرانية أُصيبت في عمقها، دون أن تتمكن من صد أو حتى توقع الضربة. ففي زمن الحروب غير التقليدية، لم يعد اختراق المجال الجوي هو الأخطر، بل اختراق الهواتف والشبكات وأنظمة الاتصالات، وهو ما مكن العدو من تنفيذ عملية اغتيال معقدة ومنسقة دون خسائر تُذكر من جانبه.
هذه الأهداف -رغم أهميتها- لا تعني أن المعادلة الإقليمية تغيّرت.. الرد الإستراتيجي الحقيقي يتطلب ضربات نوعية ومكلفة لإسرائيل، وإعادة رسم خطوط حمراء جديدة، وهو ما لم يحدث بعد
إذًا، فالهجوم الإسرائيلي على إيران شكّل صدمة إستراتيجية، كشفت ثغرات استخباراتية وأمنية كبيرة في طهران، وأدى إلى خسائر فادحة شملت قادة عسكريين وعلماء نوويين، ما يضع النظام الإيراني أمام لحظة حرجة؛ فإما رد واسع محفوف بالخطر في ظل اصطفاف غربي مع إسرائيل، أو رد محدود يُفقده هيبته داخليًّا وإقليميًّا، حيث إن توقيت الضربة يعكس أهدافًا متعددة، من تعطيل التقدم النووي الإيراني إلى كبح التحركات الدولية بشأن القضية الفلسطينية.
ومع أن إسرائيل كسبت الجولة الأولى، فإن مآلات الحرب لا تزال مفتوحة، وقد تحدد مصير النظامين في طهران وتل أبيب على السواء. هذا يجعلنا نطرح التساؤل الثاني: أغيَّر الرد الإيراني المعادلة، أم كان مجرد حفظ لماء الوجه؟
رغم أن إيران سارعت لتوجيه ضربات إلى إسرائيل بعد الهجوم الذي طال قادتها وعلماءها النوويين، فإن طبيعة هذا الرد تُظهر أنه أقرب إلى رد معنوي محدود، وليس تغييرًا فعليًّا في قواعد اللعبة؛ فالضربات لم تُحدث خسائر إستراتيجية لإسرائيل، ولم تُجبرها على تغيير نهجها الأمني أو التراجع عن سياساتها. بمعنى أوضح: لم يتغير ميزان القوى، وما فعلته إيران حتى الآن يخدم أهدافًا داخلية بالدرجة الأولى، مثل:
ترميم صورتها المهزوزة أمام الرأي العام.
طمأنة قواعدها الشعبية ومؤسساتها السياسية.
الإيحاء بأن هيبتها لم تنهَر بالكامل.
لكن هذه الأهداف -رغم أهميتها- لا تعني أن المعادلة الإقليمية تغيّرت.. الرد الإستراتيجي الحقيقي يتطلب ضربات نوعية ومكلفة لإسرائيل، وإعادة رسم خطوط حمراء جديدة، وهو ما لم يحدث بعد. لهذا، ما جرى هو رسالة معنوية أكثر من كونه ردًّا ردعيًّا حقيقيًّا، وما زالت إسرائيل حتى اللحظة صاحبة اليد العليا في توقيت ومكان وشكل المواجهة.
إن الحرب الكبرى قد لا تبدأ بإعلان، بل بخطأ في التقدير، أو عملية تنفلت من حدود "التوازن المحسوب".. وعندها، لن تبقى نيرانها محصورة بين طهران وتل أبيب، بل ستمتد لتشعل الإقليم بأكمله
خلاصة القول: نرى أن إيران تدرك أن قدراتها الحالية لا تضمن لها النصر في مواجهة مفتوحة ضد إسرائيل المدعومة أميركيًّا؛ وإسرائيل تدرك أن إشعال حرب شاملة قد يفتح عليها جبهات متعددة (لبنان، سوريا، العراق، اليمن)، في لحظة لا تتحمل فيها المنطقة مزيدًا من الانفجار. ومع ذلك، فإن الاستنزاف المتبادل سيستمر عبر الاغتيالات، والحروب السيبرانية، وضربات محسوبة النطاق، وهو ما يجعل كل جولة أشد خطورة من سابقتها. لكن في حال أقدمت إيران على رد نوعي يفوق التوقعات، كاستهداف قادة إسرائيليين بارزين، أو تنفيذ هجوم يضر ببرنامج إسرائيل النووي، فإن احتمال اندلاع حرب واسعة سيصبح واردًا جدًّا، وربما مفاجئًا.
في النهاية، فإن الحرب الكبرى قد لا تبدأ بإعلان، بل بخطأ في التقدير، أو عملية تنفلت من حدود "التوازن المحسوب".. وعندها، لن تبقى نيرانها محصورة بين طهران وتل أبيب، بل ستمتد لتشعل الإقليم بأكمله.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

100 ألف إسرائيلي عالقون بالخارج يواجهون خطر الإفلاس
100 ألف إسرائيلي عالقون بالخارج يواجهون خطر الإفلاس

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

100 ألف إسرائيلي عالقون بالخارج يواجهون خطر الإفلاس

في خضمّ التصعيد العسكري الخطير مع إيران، وبينما تغلق إسرائيل مجالها الجوي وتُحجم شركات الطيران عن العمل، تشير التقديرات الرسمية إلى أن نحو 100 ألف مواطن إسرائيلي عالقون في الخارج منذ بداية الهجوم، من دون رؤية واضحة لموعد عودتهم أو خطة رسمية مُفعّلة لإعادتهم. ويكشف تقرير صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية حجم المأزق المالي والإنساني الذي يواجه هؤلاء، وسط تخبط حكومي بشأن آليات الإخلاء، وغياب شبه تام لأي التزام بتعويضهم اقتصاديا. "الجسر الجوي".. شبه مستحيل عمليا ويكشف التقرير أن خطة هيئة المطارات الإسرائيلية تقوم على تشغيل "جسر جوي" يعيد العالقين إلى البلاد عبر استغلال الفجوات الزمنية بين إطلاقات الصواريخ الإيرانية، على أن تُستخدم الطائرات الإسرائيلية الموجودة حاليا في الخارج. وبحسب تقديرات الخبراء، فإن عدد العائدين لن يتجاوز 3 آلاف شخص يوميا في أفضل السيناريوهات، وهو ما يعني أن العملية ستستغرق شهرًا كاملًا على الأقل. وكل ذلك يفترض قدرة أمنية على تقليص زمن الرحلات، وسرعة استثنائية في إنهاء الإجراءات داخل مطار بن غوريون، وهو أمر لا يمكن ضمانه، وفق الصحيفة. بل إن مجرد الإعلان عن "فتح المطار" أو "تنظيم رحلات عودة" قد يُحوّله إلى هدف مباشر لصواريخ إيرانية، كما تقول الصحيفة. وتدرس وزارة النقل إمكانية "الإخلاء البحري"، لكن حتى هذه الفكرة لم تحظَ بموافقة أمنية حتى الآن، نظرًا لما يتهدد السفن من مخاطر أمنية قرب الشواطئ الإسرائيلية، كما تضيف "ذا ماركر". عبء مالي ساحق وتقول الصحيفة إن شركات التأمين رغم موافقتها على تمديد تغطية التأمين الطبي للعالقين في الخارج، فإن هذا يشمل الحالات الصحية فقط، ولا يغطي تكاليف الإقامة والمعيشة التي قد تمتد لأسابيع، أي إن المسافر الإسرائيلي العالق إذا لم يكن لديه أصدقاء أو أقارب في الخارج سيتحمّل كلفة قد تصل إلى آلاف بل عشرات آلاف الدولارات. وتُحذر "ذا ماركر" من أن كثيرين، خصوصًا من الفئات غير الميسورة، قد يُجبرون على بيع ممتلكاتهم، أو العودة مثقلين بالديون، أو ربما يواجهون الإفلاس الشخصي. وتقول الصحيفة "لم يشهد تاريخ دولة إسرائيل أزمة مماثلة تهدد هذا العدد الكبير من المواطنين بالإفلاس لمجرد وجودهم في الخارج". تعويض مستبعد ورغم ضخامة الموقف، لم تُصدر الحكومة أي تعهد رسمي بتعويض العالقين ولا حتى بالإقرار بتكبدهم خسائر، بحسب الصحيفة. وتذكر "ذا ماركر" أن الجهات الرسمية تعتبر تنظيم "رحلات الإجلاء" تعويضًا كافيًا بحد ذاته، وترى أن من غادر البلاد في هذه الظروف عليه أن يتحمّل نتائج "المغامرة"، حتى لو لم يكن يتوقع أن تطول الأزمة إلى هذه الدرجة. وتضيف الصحيفة أن بعض المسؤولين الحكوميين يرفضون مبدأ التعويض كليا، خشية أن يؤدي الإعلان عنه إلى تخفيف الضغط عن العالقين للبحث عن بدائل اقتصادية أرخص أو العودة السريعة، ويعتقدون أن تركهم يتحملون الكلفة سيدفعهم تلقائيا إلى ضغط النفقات، عبر التحول إلى مدن أرخص، أو الإقامة لدى أقارب أو أصدقاء. مشهد غير مسبوق وتنقل "ذا ماركر" صورة دراماتيكية لمطار بن غوريون، فقد بدا شبه فارغ في الوقت الذي يتكدس فيه عشرات الآلاف من المواطنين في الخارج، بين خوف من العودة وعجز عن البقاء. وتساءلت الصحيفة: "هل الدولة التي تركت المجال الجوي مغلقًا ستتحمل يومًا مسؤولية فاتورة البقاء القسري خارج البلاد؟".

الكونغرس منقسم بشأن "الأسد الصاعد" و"ماغا" الجمهوري يحذر
الكونغرس منقسم بشأن "الأسد الصاعد" و"ماغا" الجمهوري يحذر

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الكونغرس منقسم بشأن "الأسد الصاعد" و"ماغا" الجمهوري يحذر

واشنطن- بينما كانت الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة الماضي، تشهد تبادلا متسارعا للهجمات الصاروخية بين إسرائيل وإيران، بدا أن تداعيات هذا التصعيد العسكري لم تقتصر فقط على ساحة المواجهة المباشرة، بل امتدت إلى قاعات الكونغرس الأميركي في واشنطن، ودوائر صنع القرار في الحزب الجمهوري بشكل أكثر تحديدا. فالضربات الإسرائيلية خلقت حالة من الجدل بين المشرّعين من الحزبين الجمهوري و الديمقراطي ، الذين عبّر بعضهم عن دعمهم المباشر لما وصفوه بـ"الحق المشروع لإسرائيل في الدفاع عن نفسها"، في حين أبدى آخرون قلقا من أن يؤدي المسار العسكري إلى توريط الولايات المتحدة في صراع لا يخدم مصالحها الإستراتيجية. انقسام ديمقراطي في الساعات التي سبقت الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، كان المشرعون الديمقراطيون يقفون على جبهة موحّدة، مدفوعين بحادثة الاعتداء الجسدي التي تعرّض لها السيناتور أليكس باديا، وشاركوا في مسيرة جابت أروقة الكابيتول مطالبين بفتح تحقيق رسمي في ملابسات الحادثة. غير أن الغارات الإسرائيلية أتت على غير المتوقع وأثارت حالة من الانقسام في صفوف الديمقراطيين حول التصعيد العسكري الذي أقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- تجاه طهران. ولطالما انتقد ديمقراطيون العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، محذرين من تداعيات الحرب الكارثية. واتخذ هؤلاء الموقف ذاته تجاه التصعيد مع إيران، مشيرين إلى أن العالم لم يعد يحتمل حروبا جديدة. السيناتور جاك ريد، أحد أبرز الأعضاء الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، حذّر من أن التصعيد الإسرائيلي لا يهدد فقط حياة الأبرياء، بل يعصف أيضا باستقرار الشرق الأوسط وسلامة القوات الأميركية في المنطقة. بدورها، عبّرت السيناتور جين شاهين، عضو لجنة العلاقات الخارجية عن ولاية هاواي، عن بالغ قلقها، ووصفت الهجمات بأنها "تصعيد مثير للقلق العميق من شأنه أن يُفضي حتما إلى ردود انتقامية قد تخرج عن السيطرة". من جهته، تساءل النائب خواكين كاسترو تساءل، عبر منصة "إكس"، عن مغزى شعار " أميركا أولا" الذي رفعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، قائلًا "أيّ معنى لذلك إذا كان ترامب يسمح لنتنياهو بجرّ البلاد إلى حرب لا يريدها الأميركيون؟". في المقابل، لم يخل المعسكر الديمقراطي من أصوات دافعت عن الهجمات الإسرائيلية على إيران واعتبرتها خطوة ضرورية لردع طموحها النووي. فقد أكد النائب جاريد موسكوفيتز، أن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي "سيُعرّض إسرائيل والولايات المتحدة وشركاءها الإقليميين لخطر دائم ومباشر". "ماغا" تحذر في خضم الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، وجد الجمهوريون أنفسهم أمام مشهد أكثر انقساما، فالكتلة الجمهورية انقسمت بشكل رئيسي بين قيادات تقليدية تجدد التزامها بدعم إسرائيل دون تحفظ، وبين المنتمين لحركة "ماغا" (اجعلوا أميركا عظيمة مجددا)، الذين يعارضون أي انخراط أميركي في أي نزاع إقليمي لا يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، ويتمسكون بشعار "أميركا أولا" الذي شكّل أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس ترامب. وشكلت دعوة تيار ماغا لإنهاء التدخل الأميركي في حروب الشرق الأوسط تحديا مفاجئا للعلاقة شبة المقدسة في واشنطن بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي نظر هذا التيار، يجب الحد من التدخل الأميركي لدعم كل ما تقوم به إسرائيل، والتي تراه في كثير من الأحيان ضارا بمصالح واشنطن المتنوعة بالشرق الأوسط. ويشكك أنصار هذا التيار في توافق مصالح إسرائيل دائما مع مصالح الولايات المتحدة. وأدت الضربات الإسرائيلية، التي جاءت قبل يوم من بدء الجولة السادسة من مفاوضات البرنامج النووي بين الولايات المتحدة وإيران، إلى تأجيج النقاش داخل دوائر تيار "ماغا" حول درجة توافق "العلاقة الخاصة" بين أميركا وإسرائيل مع مبادئ السياسة الخارجية لـ"أميركا أولا". ونشرت مؤسسة "قف معا" البحثية، والممولة من عائلة كوخ الجمهورية النافذة، مؤخرا ورقة حذرت فيها من طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وطالبت بتقليل الاعتماد الإسرائيلي على الولايات المتحدة. وقالت الورقة "إن إسرائيل الأكثر أمانا وارتباطا دبلوماسيا ستعتمد بدرجة أقل على الدعم العسكري الأميركي وأكثر على الشراكات الإقليمية لضمان مستقبلها". ويخشى تيار ماغا من أن عمل القوات الأميركية بالشرق الأوسط جوا وبرا وبحرا لإسقاط الصواريخ الإيرانية التي تطلق على إسرائيل قد يدفع في النهاية لتدخل مباشر ضد إيران. كذلك يرى أن التحركات العسكرية الضخمة مثل نقل الصواريخ أو حاملات الطائرات للشرق الأوسط من شأنها أن تعرض الاستعداد العسكري الأميركي للخطر في صراع محتمل مع الصين أو كوريا الشمالية. يقول دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت، مفضلا عدم ذكر اسمه "يجب التمييز بين الدعم الدفاعي الأميركي لإسرائيل الذي أراه جاريا منذ بدء رد إيران على هجمات إسرائيل في المساعدة على رصد الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أن الدعم الهجومي يختلف تماما عما يجري الآن، وهو ليس حاصلا بعد، وقد لا يحدث". إعلان من جانبه، أجرى النائب الجمهوري بمجلس النواب توماس ماسي، استطلاعا للرأي بين متابعيه، وطرح سؤال "هل ينبغي تقديم السلاح الأميركي لإسرائيل لتستمر في مهاجمة إيران، ورد أكثر من 126 ألف مشارك، وقال 85% منهم إن على واشنطن وقف شحن السلاح لإسرائيل، في حين وافق 15% فقط. ذرائع المحافظين الجدد كرر تيار "المحافظون الجدد" التقليدي داخل المعسكر الجمهوري تصورات راجت بعد هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001 والتي دفعت لحربي العراق و أفغانستان واحتلالهما لما يقرب من العقدين. ويرى هذا التيار أن الحفاظ على "العلاقة الخاصة" لا يزال جزءا لا يتجزأ من سياسة ترامب الخارجية، وأن المطالبة بأن يتخلى ترامب عن إسرائيل خطأ إستراتيجي يضر بمصالح واشنطن، وأن هذه الدعوات هي انعزالية وضارة في جوهرها. ويكرر هذا التيار أن إسرائيل تحارب إيران نيابة عن الولايات المتحدة والغرب كله، ويذهبون أبعد من ذلك بالقول إن دول الخليج ترحب بإضعاف إيران وتحجيم قدراتها العسكرية. وعقب الغارة الإسرائيلية الأولى على المنشآت الإيرانية، انهالت البيانات والمنشورات على منصة "إكس" من أنصار نتنياهو من الجمهوريين، عبروا خلالها عن دعمهم للعمليات العسكرية، وأثنوا على فاعليتها، وأبرزهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون ، الذي سارع إلى القول بأن إسرائيل "تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس". من جهته، أشاد السيناتور الجمهوري توم كوتون ، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عبر "إكس" بـ"شجاعة وجرأة" رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووصف السيناتور ليندسي غراهام ، بأنها "واحدة من أكثر الضربات العسكرية والاستخباراتية إثارة للإعجاب في تاريخ إسرائيل". وقبيل انطلاق العملية الإسرائيلية، أجرى "معهد رونالد ريغان" استطلاعا للرأي حول رأيهم باحتمال شن إسرائيل غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المسار الدبلوماسي. وأظهرت البيانات أن نحو 60% من الجمهوريين أيّدوا الضربات، مقابل 35% فقط من المستقلين و32% من الديمقراطيين. وقال 45% من عموم المشاركين إنهم يدعمون تنفيذ ضربات جوية، في حين عارضها 37%، وأبدى 18% ترددا وعدم تأكيد. وفي حديث للجزيرة نت، قلل ساؤل أنزيوس، المسؤول السابق بالحزب الجمهوري، من أهمية الانقسام بين الجمهوريين. وقال إن "أنصار تيار ماغا يميلون إلى أن يكونوا أقل تدخلا لكنهم يعتقدون أن النظام الإيراني لا يزال أكبر دولة راعية للإرهاب وأن برنامجه النووي يمثل تهديدا". ولفت أنزيوس إلى أنه "طالما أن إسرائيل تركز هجماتها على الأهداف العسكرية والبنية التحتية، فإن معظم الجمهوريين، والديمقراطيين كذلك، سيظلون متحدين لدعم جهود إسرائيل". وأضاف "يبدو أن الانقسام الجمهوري التقليدي بين ماغا والتيار التقليدي يقتصر في المقام الأول على دعم أوكرانيا، وليس إسرائيل. وبالنظر إلى الحقائق على الأرض، فإن هذا الموقف غير ثابت، ولكنه يعكس تأثير الرئيس ترامب على تفكير مؤيدي ماغا". موقف إدارة ترامب يعبر الرئيس ترامب عن مواقف متضاربة لا تعكس موقفا ثابتا واضحا تجاه الحرب بين إسرائيل وإيران. حيث يكرر ترامب الدعوة للتوصل لاتفاق نووي جديد بين بلاده وإيران، يمنع طهران من تطوير برامجها وتصنيع سلاح نووي، ولا يخفي رغبته باستثمار الحرب لهذا الغرض، لكنه في الوقت نفسه يؤكد نأي واشنطن بنفسها عن الصراع. وبعد منتصف ليلة السبت، غرد ترامب على منصة تروث سوشيال مؤكدا عدم مشاركة بلاده في الهجمات على إيران، ومحذرا في الوقت ذاته طهران من مغبة شن أي هجوم على بلاده أو مصالحها بأي صورة من الصور. من ناحية أخرى، يعد جيه دي فانس ، نائب الرئيس، أحد المؤيدين البارزين لضبط النفس في السياسة الخارجية داخل الحزب الجمهوري، ولم يستبعد ضرورة مراجعة قواعد العلاقة الخاصة مع إسرائيل. في الوقت ذاته، نشرت مؤسسة هيريتيج، التي تعتبر وعاء فكريا لحركة "ماغا"، تقريرا يدعو إدارة ترامب إلى "إعادة توجيه علاقتها مع إسرائيل" من علاقة خاصة "إلى شراكة إستراتيجية متساوية" على أساس المصالح المتبادلة. ولم يتردد الإعلامي الشهير، والمقرب من ترامب، تاكر كارلسون، عن قيادة تيار ماغا بصورة مباشرة، موجها سهام نقده إلى رموز اللوبي الإسرائيلي أو في الولايات المتحدة من رجال أعمال وإعلاميين ومفكرين. وجادل كارلسون بأن المخاوف من حصول إيران على سلاح نووي في المستقبل القريب لا أساس لها من الصحة، وقال إن الحرب معها لن تؤدي فقط إلا إلى "الآلاف" من الضحايا الأميركيين في الشرق الأوسط. وقال كارلسون إن التدخل الأميركي المباشر في الحرب مع إيران "سيكون صفعة على وجوه ملايين الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم على أمل تشكيل حكومة تضع مصالح الولايات المتحدة في المقام الأول". وغرد كارلسون مهاجما أي دعوات للانخراط في الحرب إلى جانب إسرائيل. وقال "الفارق الحقيقي ليس بين الأشخاص الذين يدعمون إسرائيل والأشخاص الذين يدعمون إيران أو الفلسطينيين، الفارق الحقيقي هو بين أولئك الذين يشجعون العنف دوما، وأولئك الذين يسعون إلى منعه، بين دعاة الحرب وصانعي السلام". وأجاب على سؤال "من هم دعاة الحرب؟" قائلا "يشمل ذلك أي شخص يتصل بدونالد ترامب اليوم للمطالبة بشن ضربات جوية وغيرها من التدخل العسكري الأميركي المباشر في الحرب ضد إيران". ولم يتردد في ذكر عدد من هؤلاء وقال إن في تلك القائمة كلا من: شون هانيتي (مذيع بشبكة فوكس) ومارك ليفين (مقدم برنامج بشبكة فوكس) و روبرت مردوخ (ملياردير يهودي ومالك صحيفة وول ستريت جورنال) وآيكبير لموتر (ملياردير ورجل أعمال يهودي أميركي) و ميريام أديلسون (مليارديرة يهودية).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store