logo
كبرى المرافئ الأميركية تعاني نتيجة الحرب التجارية التي أطلقها ترامب

كبرى المرافئ الأميركية تعاني نتيجة الحرب التجارية التي أطلقها ترامب

جريدة الايام٠٤-٠٥-٢٠٢٥

سان بيدرو- أ ف ب: في مرفأ لوس أنجليس، تباطأت منذ بضعة أيام حركة الرافعات التي تفرغ الحاويات القادمة على متن سفن ضخمة من آسيا، مع تراجع هذا المؤشر الهام لوضع الاقتصاد الأميركي على وقع الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب.
وقال مدير المرفأ جين سيروكا لوكالة فرانس برس "يخيم صمت مطبق، هذا غير اعتيادي للغاية".
وتمثل المنطقة بمرفأ لوس أنجليس ومرفأ لونغ بيتش المجاور، أكبر مدخل للبضائع القادمة من الصين وباقي بلدان آسيا إلى الولايات المتحدة.
وهذا ما يجعل منها الضحية الأولى لأزمة تهدد بقلب يوميات الأميركيين رأسا على عقب، مع انقطاع وصول الحاويات التي تحمل إليهم مختلف السلع من أثاث وألعاب وملابس توزع على المتاجر.
وأوضح سيروكا أن مرفأ لوس أنجليس سيسجل الأسبوع المقبل "تراجعا يصل إلى 35%" في حركة وصول الحاويات بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
أما مرفأ لونغ بيتش، فيتوقع لشهر أيار بالإجمال تراجعا في الواردات بنسبة 30%.
وسجل المرفآن إلغاء وصول عشرات السفن.
وقال سيروكا إن "العديد من باعة التجزئة والمصنعين على السواء علقوا (عملياتهم) وأوقفوا كل الشحنات القادمة من الصين".
وأوضح بهذا الصدد أنه مع الرسوم الجمركية البالغة 145% التي فرضها ترامب على المنتجات الصينية، فإن "كلفة سلعة مصنوعة في الصين باتت الآن أغلى بمرتين ونصف مما كانت الشهر الماضي".
وإلى هذه التعرفة الباهظة المفروضة على المنتجات الصينية، فرض ترامب رسوما جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات، بدأت تظهر انعكاساتها.
وحذر مدير مرفأ لونغ بيتش ماريو كورديرو خلال مؤتمر صحافي هذا الأسبوع بأن تراجع الواردات "ليس مشكلة تطال الساحل الغربي وحده، بل تطال كل الموانئ، سواء على الساحل الشرقي أو في خليج (المكسيك)".
ومع بداية العام، سارعت الشركات الأميركية الناشطة في مرفأي لوس أنجليس ولونغ بيتش لاتخاذ تدابير استباقا للرسوم التي توعد ترامب بفرضها طوال حملته الانتخابية، فزادت حجم طلبياتها لتشكيل أكبر مخزون ممكن من البضائع غير الخاضعة للرسوم الجديدة، ما أدى إلى ارتفاع حاد في حركة الشحن.
لكن مع دخول التعرفات حيز التنفيذ، من المؤكد أنها ستوقف استيراد البضائع لتستهلك مخزونها.
وإذا لم يبدل البيت الابيض موقفه ويعاود تنشيط الحركة التجارية، فقد يواجه المستهلكون قريبا رفوفا فارغة، بحسب سيروكا.
وأوضح "قال لي المستوردون الأميركيون وخصوصا في قطاع بيع التجزئة، أن لديهم حاليا ما يقارب خمسة إلى سبعة أسابيع من المخزون الاعتيادي".
وحذر من أنه "إذا استمر هذا الخلاف التجاري لفترة طويلة، فمن المرجح أن نرى خيارات أقل على رفوف المتاجر ومنصات التسوق على الإنترنت".
ورأى أن "الوطأة على المستهلكين الأميركيين ستكون قدرا أقل من الخيارات وأسعارا أعلى" مؤكدا أن "المستهلك الأميركي سيتضرر مباشرة في محفظته".
وأشار أنتونيو مونتالبو، أحد العاملين الـ900 ألف في قطاع الخدمات اللوجستية في جنوب كاليفورنيا، إلى أن الأزمة بدأت فعليا.
وأوضح مونتالبو الذي يملك شركة صغيرة للشحن البري أنه مضطر إلى إصلاح إحدى شاحناته، غير أن القطعة التي يتعين تبديلها والمصنوعة في الصين ستكلفه ضعف سعرها الاعتيادي.
وقال الأميركي البالغ 37 عاما أن ترامب "أوجد بيئة معادية في المرفأ بين السائقين" مضيفا "إننا غاضبون حيال دونالد ترامب، يجدر به أن ينظر قليلا إلى أوضاع البلد، لأن هناك عدد كبير من سائقي الشاحنات الغاضبين الذي يخسرون أعمالهم".
وتابع "يبدو أنه لا يكترث للشعب أو للطبقة العمالية".
وبين تكاليف الصيانة المرتفعة إلى مستويات باهظة وانخفاض حجم العمل، قدر أنه قد يضطر إلى تسريح موظفين في غضون ستة أسابيع.
وقال مونتالبو إنه صوت لترامب في انتخابات تشرين الثاني لأنه كان مستاء من التضخم وكان واثقا من أنه سيصلح الوضع الاقتصادي.
وأوضح "ظننت أنه رجل أعمال. والآن لدينا ما هو أسوأ من التضخم، هو الرسوم الجمركية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين
حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين

فلسطين اليوم

timeمنذ 5 ساعات

  • فلسطين اليوم

حصاد زيارة ترامب الخليجية: صفقات كبرى، ومنافسة الصين

فلسطين اليوم الكاتب: إبراهيم علوش يصر تقرير في موقع "مجلس الأطلسي" (Atlantic Council)، في 13/5/2025، بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات، بأن هدف الزيارة يتلخص بأمرين: أ – عقد صفقات تجارية عملاقة. ب – "اكتساب اليد العليا في المواجهة التجارية المستمرة، والمنافسة التكنولوجية، مع الصين". وينقل تقرير "مجلس الأطلسي" عن مصادر ضالعة في التخطيط لزيارة ترامب أن التركيز الأكبر في ذلك التخطيط كان على عقد الصفقات، وأن إدارة ترامب تفضل السباحة في تيار الاستثمارات الخليجية بدلاً من الغرق في دوامة مشاكل المنطقة. نفهم من تقرير "مجلس الأطلسي" أيضاً أن المال الخليجي يفترض أن يوظف في المنافسة مع الصين، تجارياً وتكنولوجياً، وأن وعود نقل التكنولوجيا المتقدمة، مثل أشباه الموصلات الأميركية، إلى السعودية والإمارات، ترتبط باستقطاب الدولتين بعيداً عن الصين، تحت ذريعة منع تسرب تلك التكنولوجيا إليها. كان من ذلك مثلاً قطع شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية G42 صلاتها مع شركائها الصينيين من أجل نسج شراكات مع بدائلهم الأميركيين. ويذكر أن تلك الشركة أعلنت رسمياً إنشاءها مشروعاً مشتركاً مع شركة التصنيع العسكري في الكيان الصهيوني "رافاييل"، في 21/4/2021، لتسويق الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البيانات الضخمة. الفكرة العامة توظيف رؤوس أموال خليجية في استثمارات أميركية ضخمة، بعضها في مجال الذكاء الاصطناعي، تحت عنوان "توطين التكنولوجيا خليجياً"، من أجل كسب السباق مع الصين. سترفع إدارة ترامب الحظر، من أجل هذا الغرض، عن توريد بعض أنواع أشباه الموصلات الأميركية المتقدمة إلى السعودية والإمارات (وبولندا والهند والمكسيك والكيان الصهيوني وغيره) ضمن شراكات مع الولايات المتحدة، مع شركة Humain السعودية الجديدة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي مثلاً، تتيح التفوق على الصين في نسج علاقة أوثق مع الحكام الخليجيين من الصين على الرغم من أن الأخيرة هي الزبون الأكبر لوقودهم الأحفوري، بحسب تقرير "مجلس الأطلسي". فإذا صح التقييم أن البعد التجاري، وبُعدَ التنافس مع الصين المتضافر معه، هما البعدان اللذان ثنيا طرفي القوس الذي مرت زيارة ترامب إلى الدول الخليجية من تحته، فإن ما جرى، أو لم يجرِ، سياسياً، على هامش تلك الزيارة يصبح من الضروري قراءته من زاوية جداوه في ابتزاز دول الخليج مالياً، وإبعادها عن الصين جيوسياسياً. لعل أهم ما قدمه ترامب للدول الخليجية هنا ورد في كلمته في منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي في الرياض، بحسب مقتطفاتها المنشورة في موقع البيت الأبيض في 13/5/2025، بشأن مستقبل "الشرق الأوسط"، وخصوصاً إدانة سعي المحافظين الجدد، أو الجمعيات الليبرالية غير الربحية، أن يعظوا الآخرين كيف يديرون شؤونهم، وكيف يحكمون بلادهم. يعني ذلك تخلي الإدارة الأميركية عن محاولة تغيير أنظمة تلك الدول بذريعة "الديموقراطية وحقوق الإنسان"، وتركها تسيّر أمورها كما ترى مناسباً لظروفها، ومن ذلك مثلاً، لا حصراً، عدم إثارة زوابع إعلامية بخصوص حالات مثل مقتل الصحافي جمال خاشقجي. ليس من الواضح إذا كان هذا التحول سينطبق فقط على أنظمة الدول التي ترى الإدارة الأميركية ضرورة الحفاظ على استقرارها، أم أنه سينسحب أيضاً على الدول المستقلة أو المناهضة للهيمنة الأميركية، لكنه تحول في توجه السياسة الخارجية الأميركية بكل تأكيد، بعيداً عن توجه إدارتي بايدن وأوباما، وحتى إدارة بوش الابن. وليس من الحكمة أميركياً بناء استراتيجية لتجاوز الصين، وقطع طريقها وحزامها، على استثمارات طويلة المدى مع جهات تنوي الإدارة الأميركية تقويضها، على الأقل في المدى المنظور، ولا أمان للسياسة الأميركية. يتمثل العنصر الآخر في رؤية ترامب الجديدة للحيز الجغرافي الذي سماه الاستعمار "الشرق الأوسط"، كما نقرأه في خطابه في الرياض، وفي السياق العام: أ - التركيز على تحقيق المصالح الأميركية، بدلاً من محاولة فرض "القيم الأميركية". ب – التركيز على الاستقرار السياسي، بدلاً من إحداث "الفوضى"، كما قال ترامب حرفياً (وكأنه كاد يضيف "الخلاقة"، لأن كلامه استهدف المحافظين الجدد والجمعيات غير الحكومية الممولة أجنبياً بصورة مباشرة). جـ - التركيز على الازدهار الاقتصادي، تحت الرعاية الأميركية، بعيداً عن الصين طبعاً، وبالتعاون مع الكيان الصهيوني تحت يافطة "الاتفاقات الإبراهيمية". تجلت النقطة الأخيرة بالذات في ما قاله ترامب في خطابه في الرياض: "إذا اغتنمت الدول المسؤولة في هذه المنطقة هذه اللحظةَ، ووضعت خلافاتها جانباً وركزت على المصالح التي توحدها، فسوف تندهش البشرية جمعاء قريباً مما ستراه هنا في هذا المركز الجغرافي للعالم... والقلب الروحي لأعظم معتقداته". تبقى قصة انضمام المزيد من الدول العربية والإسلامية إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" على جدول الأعمال إذاً، وتبقى بالتالي ضرورة خلق أفضل الشروط لضمها إلى تلك الاتفاقات من خلال شطب النزعات المقاوِمة وتدجينها، ومحاولة تطويع إيران بمزيجٍ من الترهيب والترغيب. وفيما عدا الغزو والاحتلال المباشرين، من السابق لآوانه، ضمن المعطيات الراهنة، الاستعجال في الاستنتاج أن الخيار العسكري جرت إزاحته من قائمة خيارات التعامل مع إيران، أو إزاحة خيار محاولة إحداث قلاقل داخلية فيها، أو تأسيس "ناتو شرق أوسطي" لاحتوائها، على غرار "حلف بغداد" في الخمسينات في مواجهة مصر عبد الناصر، لكنْ تحت لافتة طائفية. وتمكن قراءة لقاء ترامب مع أبي محمد الجولاني من هذه الزاوية أيضاً: إبقاء إيران بعيدةً عن سورية، وتأسيس حلف رسمي عربي-تركي لمواجهتها، ولو أن انعقاد اللقاء في كنف محمد بن سلمان، بدلاً من رجب بن إردوغان، رجح كفة الأول على الثاني، سورياً وإقليمياً. لكنّ الأول هو الذي يملك أن يمنح ترامب مئات مليارات الدولارات، ويبدو أنه المرشح ليكون معتمده إقليمياً، في حين يسعى الثاني إلى التحول من قوة إقليمية إلى قوة دولية من خلال اللعب على حبال التناقضات الأميركية-الروسية، وإلى لعب دور وسيط على المسرح الأوكراني، سوى أنها حبالٌ قصُرت كثيراً بعد التقارب بين الرئيسين ترامب وبوتين. ويُلمح مما رشح في الإعلام إلى أن تغيب بوتين وترامب عن مفاوضات إسطنبول بشأن أوكرانيا جاء بتفاهم روسي-أميركي. فلماذا يعطيان زيلنسكي وزناً أكبر من حجمه بحضورهما، في حين أن المطلوب أن يشعر بالضعف كي يقدم تنازلات تنهي الحرب؟ لكن أثر تغيبهما يبقى إضعاف وساطة النظام التركي موضوعياً، وشطب مساعيه للسمسرة في صفقة دولية. ولم يكن من المرجح أن يحضر ترامب إلى إسطنبول، إذا لم تكن المفاوضات ستسفر عن اتفاق لإنهاء الحرب الأوكرانية لما يجهز زيلنسكي له بعد. تُقرأ إشارة ترامب إلى معاناة الغزيين خلال زيارته الخليجية، على صعيدٍ آخر، وعدم زيارته الكيان الصهيوني في الطريق، ذهاباً أو إياباً، وتجاوزه لنتنياهو في عقد صفقة مباشرة للإفراج عن الأسير عيدان ألكسندر، بينما كان في طريقه إلى السعودية، إلى أمرين، برأيي المتواضع: أ – إدراك ترامب، بإحساس رجل الأعمال، ضرورة عدم إحراج زبائنه الخليجيين الذين يسعى إلى عقد صفقات معهم بمئات مليارات الدولارات. وهي مناورة تكتيكية، لا تمس التزام ترامب بضم الجميع إلى "الاتفاقات الإبراهيمية"، كما رأينا من خطابه في السعودية، أو في لقائه مع الجولاني، ولا تمس التزامه بأمن العدو الصهيوني وبدعمه، مالياً واستخبارياً وعسكرياً، بموارد يأتي بعضها من الأنظمة العربية. ب – إدراك ترامب، بإحساس رجل الأعمال، أن نتنياهو وفريقه يلعبون بمنطق أيديولوجي متشدد، في حين أراد ترامب، البراغماتي، من نتنياهو، المرتهن لتحالف صعب في حكومته، أن يخفف الضغط على غزة إبان زيارته الخليجية، وأن يتناغم نتنياهو، بصورة عامة، مع ترامب في تحويل موقفه 180 درجة عند الضرورة، أو في رفع أو خفض التصعيد باتجاهٍ ما. لذلك، كان لا بد من تلقينه درساً "تربوياً". ليست هذه المرة الأولى التي يقوض فيها ترامب منزلة نتنياهو "إسرائيلياً" وإقليمياً، وسبق أن رأينا ترامب يرده خائباً في زيارته لواشنطن في نيسان/ إبريل الفائت بشأن الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات "الإسرائيلية". ولا يعني ذلك أبداً تخلّي إدارة ترامب عن الكيان الصهيوني، بل يعني امتلاك ترامب للعبة "سياسة الصورة" image politics، أي هندسة انطباعات وبثها إلى الداخل الأميركي بأنه صاحب الحل والربط، وإنتاج انطباعات لدى العرب، أنظمةً وأمةً، بأنه يعمل بوحي المصلحة الأميركية، لا تحت وطأة سيطرة الحركة الصهيونية، حتى وهو يدعوهم إلى الانضمام إلى جوقة التطبيع مع العدو الصهيوني، أو يوظف مواردهم في خدمة ذلك العدو. المسألة مسألة تسويق، ولن يطول الوقت قبل أن يصدر انطباعاتٍ أخرى مخالفة، باتجاه الكيان الصهيوني أو اليهود الأميركيين، عندما يجد ذلك مناسباً، بل إنه صدّرها قبل وصوله إلى السعودية. وربما يظن البعض أنه سجل نقاطاً بعقد اتفاق مع ترامب لإطلاق سراح عيدان إلكسندر (مجاناً، كما تقول إدارة ترامب) من وراء ظهر نتنياهو، لكنّ ذلك، من وجهة نظر إدارة "سياسة الصورة"، حقق لترامب أمرين: أ – إبراز "جبروته" شخصياً، والجبروت الأميركي، في الحصول على شيء في مقابل لا شيء، فقط لاسترضائه، إذا افترضنا أن إطلاق سراح عيدان ألكسندر لم يكن أحد الأثمان المدفوعة قطرياً من أجل جلوس ترامب مع الجولاني، إضافةً إلى الصفقات التجارية وعمولة الطائرة الرئاسية بـ 400 مليون دولار. ب – تعزيز النزعات المساوِمة، على حساب تلك المقاوِمة، في الشأن الفلسطيني، تماماً كما جرى مع منظمة التحرير الفلسطينية التي لهثت خلف "الاعتراف الأميركي" حتى خسرت جوهرها. ومن قطر التي تستضيف المكتب السياسي لحركة حماس أدان ترامب عملية "طوفان الأقصى" المجيدة مجدداً، وتحدث عن تحويل غزة إلى "منطقة حرية" برعاية أميركية، وأن حماس "لا بد من التعامل معها"، وهو قول قد يحمل معنىً مزدوجاً عسكرياً أو سياسياً، بحسب رغبة السامع، لكنه يعني، في أحسن الأحوال، تدجين حماس سياسياً في مقابل "اعتراف أميركي". لم يكن مستغرباً أن يحاول ترامب تهميش موضوع العدوان على غزة في سعيه لابتزاز مئات المليارات من الدول الخليجية، بل المستغرب هو استعداد الدول الخليجية منحها له في ظل العدوان على غزة. يشكك الإعلام الأميركي بالأرقام التي أعلنها ترامب لصفقاته في السعودية وقطر والإمارات، والتي زعم أنها تبلغ ترليونات الدولارات. انظر مثلاً تقرير وكالة "رويترز" في 16/5/2025، "ما هي "تريليونات" الخليج التي يقول ترامب إنها ستعزز الاقتصاد الأميركي؟"، والذي أظهر أن حسابات الوكالة تدل أن الصفقات المعقودة فعلياً بلغت قيمتها أكثر من 700 مليار دولار فقط. ذكرت "نيويورك تايمز"، من جهتها، في 16/5/2025، أن هناك مبالغات في قيم الصفقات المعلنة، مثل صفقة طائرات "بوينغ" لقطر، والتي قال ترامب إن قيمتها تبلغ 200 مليار دولار، في حين أن تقريراً للبيت الأبيض أظهر أن قيمتها هي 96 مليار دولار، كما أن كثيراً من "التريليونات" المزعومة جاءت في صورة "مذكرات تفاهم" مبدئية غير ملزِمة قانونياً. وأورد تقرير في موقع CNN، في 16/5/2025، بعنوان "ما حصلت عليه دول الخليج العربية، وما لم تحصل عليه، من زيارة ترامب"، أن السعودية أرادت اتفاق حماية أمنية مع الولايات المتحدة، والحق في تخصيب اليورانيوم، ولم تحصل عليهما، مع تلميح أن العائق هو تأخرها عن الانضمام إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" رسمياً. لكنها التزمت باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي، من ضمنها صفقة شراكة دفاعية بقيمة 142 مليار "يمكن أن تمهد الطريق لاتفاقٍ أوسع". لفت تقرير لوكالة "أسوشييتد برس"، من جهته، في 13/5/2025، أن البلدان الثلاثة التي يزورها ترامب تنشط فيها "منظمة ترامب"، أي شركته التجارية التي يديرها ابناه، في إنشاء مشاريع عقارية كبيرة: برج في جدة، وفندق فاخر في دبي، وملعب غولف و"مجمع فيللات" في قطر، في تلميح إلى تضارب مصالح محتمل بين دور ترامب كرئيس ودوره كصاحب شركة عقارية ضخمة. أحضر ترامب معه في زيارته الخليجية رتلاً كاملاً من المديرين التنفيذيين للشركات الأميركية الكبرى، كما رأينا. والعبرة هنا إفهام هؤلاء أنه كرئيس راعٍ لمصالحهم وأن ولاءهم، وكل ما يملكونه من نفوذ، يجب أن يلقى خلفه وخلف مشروعه السياسي، وخصوصاً أن معظم الصفقات التجارية ومذكرات التفاهم وقعت خليجياً مع تلك الشركات، لكنْ ضمن الإطار الاستراتيجي العام الذي رسمته إدارة ترامب، وبإشرافها، وخصوصاً في القطاعات الحساسة مثل صناعة السلاح وأشباه الموصلات المتقدمة. وليس مهماً أن يتحدث ترامب عن صفقات بقيمة تريليوني دولار، أو ثلاثة تريليونات، أو أربعة، في حين أن قيمتها أقل من ثلاثة أرباع التريليون، لأن التريليونات المقصودة هدفها حصد مليارات الإعجابات أميركياً ودولياً، من خلال إدارة "سياسة الصورة" لتسويق ترامب شخصياً ومشروعه لاستعادة هيمنة الولايات المتحدة في مواجهة الصين.

قمم عربية تحت عباءة ترامب
قمم عربية تحت عباءة ترامب

معا الاخبارية

timeمنذ يوم واحد

  • معا الاخبارية

قمم عربية تحت عباءة ترامب

في مشهد يعكس التفاوت الفادح بين مسارات السياسة والمآسي الإنسانية، شهدت منطقة الشرق الأوسط جولة للرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ لم تكن مجرّد زيارة دبلوماسية، بل استعراضا لقوة الاقتصاد في تشكيل الجغرافيا السياسية، حيث حوَّل ترامب الدماء إلى أرقام، والمعاناة إلى فرص للابتزاز. التريليون الذي يشتري الأمن ويُغذّي الحرب بدأ ترامب جولته في السعودية، التي استقبلته كـ «فاتح»، لتُعلن عن صفقات تجاوزت قيمتها 600 مليار دولار، لكن الرجل الذي لا يشبع من المال والمجد طالب ببراغماتيته المعهودة برفع القيمة إلى تريليون دولار، معلناً أن «أمن الخليج يستحق أكثر». هنا تتحول الأرواح إلى سلعة في سوق النخاسة الحديث: كل دولار يُضاف إلى الصفقة هو دمٌ جديد يُسكب في اليمن، وقنبلةٌ تُلقى على غزّة، ودعمٌ لآلة الحرب الإسرائيلية التي لا تتوقّف عن التهام الأرض الفلسطينية. المال وسياسة التوازنات الهشّة ثم جاءت قطر، التي لم تكن أقل سخاءً، حيث أُبرمت صفقاتٌ بقيمة 1.4 تريليون دولار، لكن اللافت كان تصريح ترامب الغامض الذي طالب فيه إيران بأن «تشكر أمير قطر شكراً عظيماً»، هذا التصريح، رغم سخرية سياقه يُسلّط الضوء على تعقيد الخيوط التي تتلاعب بالشرق الأوسط، حيث تتحرّك الدوحة على حبل مشدود بين المصالح المتضاربة: توازن بين نفوذ إيران وضغوط الخصوم العرب، وتحافظ على شراكتها مع واشنطن، التي لم تُخف استفادتها المالية من الصفقات. وفي السياق ذاته، أبرمت الإمارات صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة بقيمة 23 مليار دولار، شملت طائرات F-35 ومسيّرات متقدمة، بالإضافة إلى اتفاقية تعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بقيمة 1.4 تريليون دولار، مما رفع إجمالي الصفقات الخليجية إلى 4 تريليونات دولار. إنه «الغموض الاستراتيجي» بامتياز: تظهر كأنها تُطفئ الحرائق التي تُشعلها واشنطن وتل أبيب، بينما تحمي مصالحها عبر استثمارات في القرار الغربي نفسه. رمزية الابتذال في زمن المذابح بلغت المهزلة ذروتها حين قُدّمت لترامب طائرةٌ فاخرةٌ وُصفت بـ «القصر الطائر»؛ تبلغ قيمتها 400 مليون دولار، كـ «هدية» تليق بمن يُعيد تشكيل المنطقة على مقاس المصالح الأميركية - الإسرائيلية، لكن هذا المشهد المُخزي لم يكن سوى إهانة للضمير الإنساني، ففي اللحظة ذاتها التي تُضاء فيها شاشات العالم بأنوار الطائرة الذهبية، يُحاصر أطفال غزّة في ظلام الموت: مستشفياتُهم بلا كهرباء، وجثثُهم تتطايرت في ذات الآن فعلا - وبدون مبالغة - جرّاء تنفيذ مقاتلات الجيش الإسرائيلي حزاما ناريا بعشرة صواريخ متتالية، حيث بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين أثناء وجود ترامب في الخليج 378 شهيدا؛ جُلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وبعض المتواجدين دُفنوا تحت الأنقاض من شدّة الإنفجار، وآخرون بأجسادهم الهزيلة يبحثون عن قطرة ماء مخلوطة بالدماء بين الركام، تزامنا مع الأجواء الإحتفالية والتصفيق للرئيس الأمريكي. غزّة، التي لم يدخل إليها أي نوع من المساعدات منذ بداية مارس/آذار، وهي أطول مدة لم تدخل بها مساعدات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023: الدواءُ نفد، والغذاءُ صار رفاهية، والهواءُ نفسه مُلوثٌ برائحة الموت، وبينما تُنفق المليارات على استثمارات أمريكية - خليجية مزعومة، يُمنع إدخال الأدوية الضرورية أو كيس طحين بطعم شظية إلى غزّة، وكأن حياة الطفل الفلسطيني أقل قيمة من ذخيرة الدبابة الإسرائيلية. التصريح الأخطر وفي اللحظة التي لم يعد فيها للمأساة قاع، جاء التصريح الأخطر من ترامب: «لدي تصورات جيدة جداً لغزّة لجعلها منطقة حُرّيّة، وسأكون فخوراً لو امتلكتها الولايات المتحدة». هكذا، بلا حياء، تُختزل غزّة، بتاريخها ونضالها وشهدائها، إلى «ممتلكة» أمريكية محتملة. هذا التصريح يعكس العقلية الاستعمارية الحديثة، حيث تتحول الجغرافيا إلى مشروع عقاري، وتتبدّد السيادة في صفقة جاهزة تنتظر التوقيع. التصريح الذي جاء عقب استعراض المليارات، لا يمكن فصله عن السياق الأشمل: مشروع أمريكي لسلخ غزّة من نضالها واحتلالها، وتحويلها إلى منطقة استثمارية مخصخصة، يُعاد إعمارها لا كحقّ إنساني، بل كمخطط رأسمالي تروّج له الإدارة الأميركية، مقابل تفريغها من شعبها، وطمس هويتها، وإنهاء قضيتها. القمّة العربية (قمّة بغداد) في هذا السياق، انعقدت القمّة العربية في بغداد؛ مشهدٌ بدا أقرب إلى مسرحية مُرتجلة، أو عجز ميزانية وزارية؛ والهروب منه هو: إقامة فعالية أو تصريحات متعدّدة لإنجازات وهمية؛ أبعد من أن تكون استجابة فعلية لحجم الكارثة والإبادة الجماعية والقتل بالتجويع والصواريخ والتهجير في غزّة. قادة لا يعرفون كيف يواجهون المأساة، فاستعاضوا عن الفعل بخطابات عربية وقمم بروتوكولية، كمن يضع رقعة على جرح نازف، بينما الشرق الأوسط برُمّته على شفى حفرة، يُسحق قطاع غزّة في فكي الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يُطعن في خاصرته العربية. لقد أضحت هذه القمم، بكل ما تحمله من شعارات فارغة، عاجزة حتى عن إصدار بيان مُقنع، أو موقف يُحرّك ماء راكدا، فقمم كقمّة بغداد ليست سوى تكرار عقيم، باتت لا تُشكّل شيئا أمام القنابل المُلقاة على أطفال فلسطين في غزّة، ولا تحمل من ملامح القرار سوى أوراق الحضور والإنصراف. رفع العقوبات بشرط التطبيع في تحوّل مفاجئ، أعلن ترامب عن نيته رفع العقوبات عن سوريا بقيادة الرئيس أحمد الشرع، والذي تعمل حكومته على إعادة الإعمار بعد سقوط نظام الأسد. هنا تظهر مُفارقةٌ جديدة: فرفع العقوبات، الذي يُفترض أن يكون خطوةً إنسانية وتبعة بديهية بعد سقوط نظام الأسد، تحوّل إلى أداة ضغط سياسي مشروط بالتطبيع مع إسرائيل. الشعب السوري، الذي دفع ثمن مقاومته للدكتاتورية الدموية، يُراد له اليوم أن يدفع فاتورة التقارب مع تل أبيب من قوت يومه وماء وطنه. إنها نسخة جديدة للإخضاع بوجه ناعم. أيُّ عدالة هذه؟ المفارقة الأقسى أن ترامب، الذي يُغدِق عليه الخليج بالصفقات والهدايا، هو نفسه من يُصفّق لإسرائيل وهي تذبح الفلسطينيين، ويهنئ نتنياهو على «إنجازاته الأمنية». إنه الرجل الذي حوّل السياسة إلى بورصة: يبيع الأمن للسعودية، ويشتري الصمت من قطر، ويتلقى من الإمارات شهادة حُسن السلوك للهيمنة الإسرائليلية بإسم التنمية، ويطرح غزّة للبيع. لكن ما يُفجِّر القلب غيظاً هو الصمت العربي المُطبق، فالقادة الذين يتبارون في استضافة ترامب هم أنفسهم مَن يغلقون حدودهم أمام لاجئي غزّة وفي الماضي سوريا، ويُشاركون في تطبيعٍ لا يُنتج إلا خنوعاً. العرب في المزاد وصفقة التهجير كنا نأمل، بعد أن حمل ترامب من الخليج ما يزيد على 4 تريليونات دولار من مقدّرات الأوطان العربية والإسلامية، أن يحمل في المقابل همّاً إنسانياً، أو حتى موقفًا سياسيا يكبح العدوان على غزّة، لكنّ المفاجأة جاءت مريرة، حين اتخذ فور عودته إلى واشنطن قراره الأخطر: تهجير مليون فلسطيني من القطاع إلى ليبيا، مقابل صفقة سياسية ليبية، بشرط الإفراج عن ملياراتها المجمّدة في البنوك الأميركية. هكذا تحوّلت غزّة إلى بند في مفاوضات مالية، وتحوّل الدم الفلسطيني إلى رقم في حساب بنكي مؤجّل الصرف. هذا هو العصر الذي تُقاس فيه الكرامة بالدولار، وتُشترى السيادة بالمليار، بينما تُدفن العدالة تحت ركام المجازر، وغزّة، بكل دمها ودموعها، ستظل تقاوم، لا لتبقى فحسب، بل لتُذكّر العالم بأن القضية الفلسطينية لا تُشترى ولا تُباع، وأن الشعب الذي لا يملك إلّا حجراً، لا يمكن أن يُساق. وغداً، حين يُكتب التاريخ، لن تُذكر الصفقات، بل الدماء التي صرخت «لا» في وجه طغيان الدولار رغم الدمار والمرار.

الطيران السعودي يستأنف رحلاته للحجاج الإيرانيين
الطيران السعودي يستأنف رحلاته للحجاج الإيرانيين

جريدة الايام

timeمنذ يوم واحد

  • جريدة الايام

الطيران السعودي يستأنف رحلاته للحجاج الإيرانيين

الرياض - أ ف ب: استأنف الطيران السعودي رحلات نقل الحجاج الإيرانيين للمرة الأولى منذ 2015، في إشارة إضافية على تحسن العلاقات بين الخصمين الإقليميين منذ تطبيع علاقتهما في 2023، على ما أفاد مسؤول سعودي وكالة فرانس برس، أمس. وقال مسؤول في الهيئة العامة للطيران المدني السعودية طالباً عدم ذكر اسمه: إنّ "شركة فلاي ناس للطيران المنخفض التكلفة، التابعة للخطوط الجوية السعودية، استأنفت رحلات نقل الحجاج الإيرانيين من مطار الإمام الخميني في طهران، أول من أمس". وأوضح أنها "ستقوم برحلات مماثلة من وإلى مطار مشهد في مدينة مشهد" بشمال شرقي الجمهورية الإسلامية. وأفاد المسؤول بأن الشركة السعودية ستسيّر "نحو 225 رحلة حتى 1 تموز المقبل لنقل أكثر من 35 ألف حاج إيراني"، مؤكداً أنّ هذه الرحلات "للحج فقط وليست تجارية". وشدد المسؤول على أنّ هذه الرحلات "للحج فقط وليست تجارية". وأظهرت لقطات نشرها السفير السعودي في إيران عبد الله العنزي، على منصة "إكس"، طائرة فلاي ناس وهي تتلقى تحية الماء في مطار الإمام الخميني بطهران، وهو بروتوكول متبع عندما تهبط طائرة تابعة لشركة طيران جديدة أو طراز جديد لأول مرة في المطار أو بعد انقطاع طويل. واستأنفت إيران والمملكة العربية السعودية علاقاتهما في آذار 2023 بموجب اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أنهى قطيعة دبلوماسية بدأت في كانون الثاني 2016.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store