
من أيلول الأسود.. إلى أبريل الأسود !
في عام 1970، اندلعت اشتباكات دامية بين تنظيمات فلسطينية علمانية، وبين الجيش والشارع الأردني، لقد كانت نتيجة لانتقال التنظيمات إلى الأردن وتحويله لحديقة خلفية ينفذون من خلاله عملياتهم العسكرية دون الأخذ في الحسبان المصالح الوطنية الأردنية.
إنه الخلاف الدائم بين التنظيمات والدول الوطنية، من يأخذ قرار الحرب والسلم، وهل يجب أن تسلم الدول مصير شعوبها بيد تنظيمات طائشة ومتحمسة لا تفهم آثار الحرب وتداعياتها، وهو ما شهده الشرق الأوسط في معظم الحروب التي نشأت بسبب قرارات خاطئة من شخصيات أو تنظيمات متسرعة وغير واقعية.
لم يكن إعلان السلطات الأردنية اكتشاف خلية إرهابية -خلال أبريل الجاري- تعمل بشكل سري منذ خمس سنوات (2021) حدثاً عاديّاً يمكن أن يمر دون أن يلفت الانتباه، فكأن هناك من أراد إعادة إنتاج أيلول الأسود، ولكن بوجه إسلاموي هذه المرة بدلاً من الوجه العلماني.
المخطط لم يكن الأول الذي تعلن الأردن اكتشافه أو إحباط عمليات إرهابية، لكنها تعيدنا بالذاكرة خمسين عاماً إلى الوراء، إلى أحداث «أيلول الأسود» التي وقعت بين 16 و27 سبتمبر 1970، واستمرت حتى 17 يوليو 1971.
الخلية التي كُشِفَ أنها تنتمي للتيار الإسلامي لم تهبط على الأردن ببراشوت، بل هي جزء من المكون الإسلاموي في الأردن، ومعظم المقبوض عليهم كوادر في تنظيمات متعددة، ونشطاء في المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت الأردن بحجة الدفاع عن قرار 7 أكتوبر.
المجموعة اختارت أن تكون إرهابية لا مدنية، واستخدمت العمل السلمي غطاءً -كما أثبتت السلطات- لتهيئة الأجواء لأعمالها الإرهابية المستقبلية، وأسست لمناخ معادٍ ضد الدولة الأردنية، فضلاً عن استثمارها أحداث السابع من أكتوبر للتأجيج واتهام السلطات بالتقصير وإثارة الكراهية ضد الدولة ورموزها.
بالتأكيد أن التنظيم كان عنقوديّاً في عمله وتشكيلاته، وحظي- بلا شك- بدعم وتمويل عابر من الخارج، ولا أدل على ذلك من بيانات التأييد التي صدرت من التنظيم الأم، إضافة إلى تمكين من التنظيمات الحاضنة له داخليّاً. عمل التنظيم وطريقته تذكرنا أيضاً بالتنظيمات التكفيرية القطبية التي نشأت في مصر أواسط السبعينيات والتي انتهجت خطّاً تكفيريّاً ضد محيطها الاجتماعي واستبداله بإنشاء مجتمع ما يسمى الهجرة لداخل التنظيم.
المجموعة -كما ذكر البيان الأمني الأردني- بدأت نشاطها (2021) أي قبل أحداث السابع من أكتوبر بثلاثة أعوام؛ بمعنى أنها لم تكن ردة فعل كما يصور البعض، بل كانت فعلاً منظّماً ومقصوداً، وكأن هناك تنسيقاً استباقيّاً بين من قام بـ 7 أكتوبر وبينهم.
العملية هدفت لإثارة الاحتراب الداخلي وتنفيذ عمليات إجرامية تجر البلاد والعباد إلى مستنقع حرب أهلية وتحويل الأردن لدولة فاشلة.. أما لماذا صناعة دولة فاشلة؟ فلأن ذلك يمكن التنظيمات الإرهابية من العمل فوق الأرض من دون وجود سلطة مركزية قادرة على حماية مصالح الشعب الأردني أولاً، أو على الأقل وجود دولة ضعيفة تتحكم فيها التنظيمات الإرهابية.
الخلية الإرهابية شكّلت تنظيماً عصابيّاً، وطوّرت بنية عسكرية، وصنعت أسلحة ومتفجرات، وهرّبت طائرات درونز للاغتيالات، لقد كان عملاً متطوراً؛ يهدف لبناء صراع طويل وممتد.
ليس غريباً تبدل الأدوار بين اليساريين المتطرفين والإسلاميين المتطرفين، فكلاهما يتخادمان ويتبادلان الأدوار؛ بهدف تطويع الدول لصالح أجنداتهم أو فرض وصايتهم عليها، ولو قدر لنفس الإرهابي الذي قبض عليه قبل أيام أن يكون موجوداً في عام 1970، أيام حرب أيلول الأسود، لكان كادراً علمانيّاً يصرخ في المظاهرات باسم نايف حواتمة وجورج حبش، ويخبئ الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات باسمهم، بينما يصرخ اليوم باسم سيد قطب وينفذ تعاليمه وينتهج منهجه، نعم اختلفت المرجعيات، لكن الأسلوب والأهداف واحدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- العربية
من أيلول الأسود.. إلى أبريل الأسود !
في عام 1970، اندلعت اشتباكات دامية بين تنظيمات فلسطينية علمانية، وبين الجيش والشارع الأردني، لقد كانت نتيجة لانتقال التنظيمات إلى الأردن وتحويله لحديقة خلفية ينفذون من خلاله عملياتهم العسكرية دون الأخذ في الحسبان المصالح الوطنية الأردنية. إنه الخلاف الدائم بين التنظيمات والدول الوطنية، من يأخذ قرار الحرب والسلم، وهل يجب أن تسلم الدول مصير شعوبها بيد تنظيمات طائشة ومتحمسة لا تفهم آثار الحرب وتداعياتها، وهو ما شهده الشرق الأوسط في معظم الحروب التي نشأت بسبب قرارات خاطئة من شخصيات أو تنظيمات متسرعة وغير واقعية. لم يكن إعلان السلطات الأردنية اكتشاف خلية إرهابية -خلال أبريل الجاري- تعمل بشكل سري منذ خمس سنوات (2021) حدثاً عاديّاً يمكن أن يمر دون أن يلفت الانتباه، فكأن هناك من أراد إعادة إنتاج أيلول الأسود، ولكن بوجه إسلاموي هذه المرة بدلاً من الوجه العلماني. المخطط لم يكن الأول الذي تعلن الأردن اكتشافه أو إحباط عمليات إرهابية، لكنها تعيدنا بالذاكرة خمسين عاماً إلى الوراء، إلى أحداث «أيلول الأسود» التي وقعت بين 16 و27 سبتمبر 1970، واستمرت حتى 17 يوليو 1971. الخلية التي كُشِفَ أنها تنتمي للتيار الإسلامي لم تهبط على الأردن ببراشوت، بل هي جزء من المكون الإسلاموي في الأردن، ومعظم المقبوض عليهم كوادر في تنظيمات متعددة، ونشطاء في المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت الأردن بحجة الدفاع عن قرار 7 أكتوبر. المجموعة اختارت أن تكون إرهابية لا مدنية، واستخدمت العمل السلمي غطاءً -كما أثبتت السلطات- لتهيئة الأجواء لأعمالها الإرهابية المستقبلية، وأسست لمناخ معادٍ ضد الدولة الأردنية، فضلاً عن استثمارها أحداث السابع من أكتوبر للتأجيج واتهام السلطات بالتقصير وإثارة الكراهية ضد الدولة ورموزها. بالتأكيد أن التنظيم كان عنقوديّاً في عمله وتشكيلاته، وحظي- بلا شك- بدعم وتمويل عابر من الخارج، ولا أدل على ذلك من بيانات التأييد التي صدرت من التنظيم الأم، إضافة إلى تمكين من التنظيمات الحاضنة له داخليّاً. عمل التنظيم وطريقته تذكرنا أيضاً بالتنظيمات التكفيرية القطبية التي نشأت في مصر أواسط السبعينيات والتي انتهجت خطّاً تكفيريّاً ضد محيطها الاجتماعي واستبداله بإنشاء مجتمع ما يسمى الهجرة لداخل التنظيم. المجموعة -كما ذكر البيان الأمني الأردني- بدأت نشاطها (2021) أي قبل أحداث السابع من أكتوبر بثلاثة أعوام؛ بمعنى أنها لم تكن ردة فعل كما يصور البعض، بل كانت فعلاً منظّماً ومقصوداً، وكأن هناك تنسيقاً استباقيّاً بين من قام بـ 7 أكتوبر وبينهم. العملية هدفت لإثارة الاحتراب الداخلي وتنفيذ عمليات إجرامية تجر البلاد والعباد إلى مستنقع حرب أهلية وتحويل الأردن لدولة فاشلة.. أما لماذا صناعة دولة فاشلة؟ فلأن ذلك يمكن التنظيمات الإرهابية من العمل فوق الأرض من دون وجود سلطة مركزية قادرة على حماية مصالح الشعب الأردني أولاً، أو على الأقل وجود دولة ضعيفة تتحكم فيها التنظيمات الإرهابية. الخلية الإرهابية شكّلت تنظيماً عصابيّاً، وطوّرت بنية عسكرية، وصنعت أسلحة ومتفجرات، وهرّبت طائرات درونز للاغتيالات، لقد كان عملاً متطوراً؛ يهدف لبناء صراع طويل وممتد. ليس غريباً تبدل الأدوار بين اليساريين المتطرفين والإسلاميين المتطرفين، فكلاهما يتخادمان ويتبادلان الأدوار؛ بهدف تطويع الدول لصالح أجنداتهم أو فرض وصايتهم عليها، ولو قدر لنفس الإرهابي الذي قبض عليه قبل أيام أن يكون موجوداً في عام 1970، أيام حرب أيلول الأسود، لكان كادراً علمانيّاً يصرخ في المظاهرات باسم نايف حواتمة وجورج حبش، ويخبئ الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات باسمهم، بينما يصرخ اليوم باسم سيد قطب وينفذ تعاليمه وينتهج منهجه، نعم اختلفت المرجعيات، لكن الأسلوب والأهداف واحدة.


عكاظ
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- عكاظ
من أيلول الأسود.. إلى أبريل الأسود !
في عام 1970، اندلعت اشتباكات دامية بين تنظيمات فلسطينية علمانية، وبين الجيش والشارع الأردني، لقد كانت نتيجة لانتقال التنظيمات إلى الأردن وتحويله لحديقة خلفية ينفذون من خلاله عملياتهم العسكرية دون الأخذ في الحسبان المصالح الوطنية الأردنية. إنه الخلاف الدائم بين التنظيمات والدول الوطنية، من يأخذ قرار الحرب والسلم، وهل يجب أن تسلم الدول مصير شعوبها بيد تنظيمات طائشة ومتحمسة لا تفهم آثار الحرب وتداعياتها، وهو ما شهده الشرق الأوسط في معظم الحروب التي نشأت بسبب قرارات خاطئة من شخصيات أو تنظيمات متسرعة وغير واقعية. لم يكن إعلان السلطات الأردنية اكتشاف خلية إرهابية -خلال أبريل الجاري- تعمل بشكل سري منذ خمس سنوات (2021) حدثاً عاديّاً يمكن أن يمر دون أن يلفت الانتباه، فكأن هناك من أراد إعادة إنتاج أيلول الأسود، ولكن بوجه إسلاموي هذه المرة بدلاً من الوجه العلماني. المخطط لم يكن الأول الذي تعلن الأردن اكتشافه أو إحباط عمليات إرهابية، لكنها تعيدنا بالذاكرة خمسين عاماً إلى الوراء، إلى أحداث «أيلول الأسود» التي وقعت بين 16 و27 سبتمبر 1970، واستمرت حتى 17 يوليو 1971. الخلية التي كُشِفَ أنها تنتمي للتيار الإسلامي لم تهبط على الأردن ببراشوت، بل هي جزء من المكون الإسلاموي في الأردن، ومعظم المقبوض عليهم كوادر في تنظيمات متعددة، ونشطاء في المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت الأردن بحجة الدفاع عن قرار 7 أكتوبر. المجموعة اختارت أن تكون إرهابية لا مدنية، واستخدمت العمل السلمي غطاءً -كما أثبتت السلطات- لتهيئة الأجواء لأعمالها الإرهابية المستقبلية، وأسست لمناخ معادٍ ضد الدولة الأردنية، فضلاً عن استثمارها أحداث السابع من أكتوبر للتأجيج واتهام السلطات بالتقصير وإثارة الكراهية ضد الدولة ورموزها. بالتأكيد أن التنظيم كان عنقوديّاً في عمله وتشكيلاته، وحظي- بلا شك- بدعم وتمويل عابر من الخارج، ولا أدل على ذلك من بيانات التأييد التي صدرت من التنظيم الأم، إضافة إلى تمكين من التنظيمات الحاضنة له داخليّاً. عمل التنظيم وطريقته تذكرنا أيضاً بالتنظيمات التكفيرية القطبية التي نشأت في مصر أواسط السبعينيات والتي انتهجت خطّاً تكفيريّاً ضد محيطها الاجتماعي واستبداله بإنشاء مجتمع ما يسمى الهجرة لداخل التنظيم. المجموعة -كما ذكر البيان الأمني الأردني- بدأت نشاطها (2021) أي قبل أحداث السابع من أكتوبر بثلاثة أعوام؛ بمعنى أنها لم تكن ردة فعل كما يصور البعض، بل كانت فعلاً منظّماً ومقصوداً، وكأن هناك تنسيقاً استباقيّاً بين من قام بـ 7 أكتوبر وبينهم. العملية هدفت لإثارة الاحتراب الداخلي وتنفيذ عمليات إجرامية تجر البلاد والعباد إلى مستنقع حرب أهلية وتحويل الأردن لدولة فاشلة.. أما لماذا صناعة دولة فاشلة؟ فلأن ذلك يمكن التنظيمات الإرهابية من العمل فوق الأرض من دون وجود سلطة مركزية قادرة على حماية مصالح الشعب الأردني أولاً، أو على الأقل وجود دولة ضعيفة تتحكم فيها التنظيمات الإرهابية. الخلية الإرهابية شكّلت تنظيماً عصابيّاً، وطوّرت بنية عسكرية، وصنعت أسلحة ومتفجرات، وهرّبت طائرات درونز للاغتيالات، لقد كان عملاً متطوراً؛ يهدف لبناء صراع طويل وممتد. ليس غريباً تبدل الأدوار بين اليساريين المتطرفين والإسلاميين المتطرفين، فكلاهما يتخادمان ويتبادلان الأدوار؛ بهدف تطويع الدول لصالح أجنداتهم أو فرض وصايتهم عليها، ولو قدر لنفس الإرهابي الذي قبض عليه قبل أيام أن يكون موجوداً في عام 1970، أيام حرب أيلول الأسود، لكان كادراً علمانيّاً يصرخ في المظاهرات باسم نايف حواتمة وجورج حبش، ويخبئ الأسلحة والمتفجرات لتنفيذ عمليات باسمهم، بينما يصرخ اليوم باسم سيد قطب وينفذ تعاليمه وينتهج منهجه، نعم اختلفت المرجعيات، لكن الأسلوب والأهداف واحدة. أخبار ذات صلة


العربية
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- العربية
الأردن و«الإخوان»... الضربة القاضية
الأردن مستهدفٌ ليس من اليوم بل من الأمس، وليس من طرفٍ واحدٍ بل أكثر، وها هو اليوم يحبط خطّة خطيرة كانت في مراحلها الأخيرة، لإثارة الفوضى ونشر الإرهاب في المملكة الأردنية الآمنة في بحر متلاطم الأمواج من الفِتن في بلاد الهلال الخصيب، شمالاً وشرقاً وجنوباً وغرباً. الأردن واحة عربية آمنة، مُحاطة بمشاريع ضد العرب: إيرانية - تركية - إسرائيلية. إيران تريد الأذى في الأردن، كما «الإخوان» بنسختهم الحماسية، ليس من اليوم، بل من الأمس، وما إبعاد «حماس» وقادتها عن الأردن إلى قطر، أيام حكومة الروابدة، إلا مجرّد مثالٍ عابر. أمس أعلنت المخابرات الأردنية، عن كشف شبكة خطيرة من «الإخوان الأردنيين»، تقوم على تصنيع صواريخ مركّبة من طراز «غراد» وغيره، وجلب صواريخ جاهزة من الخارج مثل «كاتيوشا» وتصنيع طائرات «درونز» وبعث عناصر للتدريب في «دولة خارجية» وفي لبنان، وتلقّي التمويل والدعم من جهات خارجية. خبر كبير وخطبٌ جليلٌ، لكن الأمن الأردني - كعادته - كان استباقياً ودقيقاً وحاسماً. دائرة المخابرات العامة أعلنت أنه تم القبض على 16 ضالعاً بهذه الشبكة وأنها كانت تتابعها منذ عام 2021. الأردن أيضاً كان أحبط في مايو (أيار) 2024 «مؤامرة إيرانية» لتهريب أسلحة إلى داخل البلاد. وفي الخبر حينها أن الأسلحة أرسلتها فصائل مدعومة من إيران في سوريا إلى خلية إخوانية أردنية على صلات بـ«حماس». هذه المواجهات مع جماعة «الإخوان»، المُهيمن عليها من الجناح الحمساوي، ليست جديدة، لذلك فإنه في يوليو (تموز) 2020 أصدرت محكمة التمييز في الأردن قراراً بحلّ جماعة «الإخوان»، مع بقاء ذراعها السياسية «جبهة العمل الإسلامي» التي وصل عددٌ كبيرٌ من نوابها للبرلمان في الانتخابات الأخيرة! إذا ثبت - وهو ما يظهر - تورط عناصر من هذه الجبهة أو الجماعة في الشبكة الأخيرة، فهذا يعني «حلّ» الذراع السياسية لـ«الإخوان»، وبطلان عضوية نوابهم في البرلمان. علاقة الجماعة بالحكم الأردني حافلة، منذ زمن الملك الأول، عبد الله الأول، مروراً بالحسين، حتى الملك عبد الله الثاني. مع تولي الملك عبد الله الثاني مقاليد المُلك سنة 1999 وهو الملك الذي جاء متحرراً من حسابات الملك حسين السياسية تجاه دور «الإخوان» في الحياة الأردنية السياسية، اشتكى «الإخوان» من «فتور» العلاقة بالعرش، كما صرّح لي حينها قيادات منهم مثل همّام سعيد وعلي أبو السُكّر، في مقابلات أجريتها معهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2005 ونشرت بهذه الصحيفة تحت عنوان «أوراق أردنية في الأصولية والسياسة». وقتها، 2005، سألت القيادي الإخواني، المنشقّ عنهم، حينها، الوزير بسّام العموش: «ماذا تتوقع لمستقبل (الإخوان)»؟ فقال: «أمور (الإخوان) لا تسير في الاتجاه الصحيح، ومنحاها في حالة هبوط». يبدو أن الدولة في الأردن حسمت أمرها باتجاه «ضبط» الجبهة الداخلية، ومنع الأطراف الخارجية من استثمار المشاعر الأردنية «الطبيعية» مع فلسطين، في صالح تخريب الدولة وأمنها وإلحاقها بمجموعة الدول الفوضوية أو شبه الفوضوية من الجيران.