logo
هل تراجع إيران خطابها السياسي؟

هل تراجع إيران خطابها السياسي؟

كانت كل المؤشرات والشواهد توحي بأن طهران لم تكن تريد سوى قليل من حفظ ماء وجهها في المباحثات غير المباشرة الأولية التي جرت بينها وبين واشنطن،وذلك توطئة لتغيير خطابها السياسي وسياساتها المتشددة في المنطقة، لكن الرئيس ترامب لم يكن يقبل أقل من إذلالها واستسلامها غير المشروط على شاكلة إذلاله للرئيس الأوكراني. والواقع ثمة عدة عوامل متسارعة ومتشابكة حملت إيران للتفكير جدياً في تغيير سياساتها:
الأول : الهزيمة القاصمة الموجعة التي مُني به ركيزته و حليفها الكبير في لبنان "حزب الله" أمام إسرائيل في الجنوب والضاحية، وهو الحزب التي كانت إيران وراء فكرة تأسيسه، وأنفقت عليه بلا حدود، وفق التعبير غير الحرفي لأمينه العام الراحل السيد حسن نصر الله،من تسليح وتمويل احتياجاته المالية وأجهزته الإعلامية ورواتب جنوده، إلخ .
الثاني: انهيار حليفها النظام السوري، والذي كانت بلاده المعبر الأساسي لتأمين وصول الأسلحة والأمدادات الإيرانية إلى حزب الله .
الثالث: غموض المستقبل العسكري لحليفته الفلسطينية "حماس " بعد فشل رهانها على "طوفان الأقصى" الذي تورط فيه جناحها العسكري، والذي أعطى مبرراً لسلطات الاحتلال لشن حرب إبادة على سكان غزة، وما نجم عنها من محو تقريباً لعمران المدينة وإبادة عشرات الآلاف من سكانها وتهجيرهم وتشريد وتجويع من نجوا من محرقة الإبادة.
الرابع: حالة الإنهاك القصوى التي بلغها الأقتصاد الإيراني، بفعل الحصار الأميركي والغربي الطويل المضروب على البلاد،والذي ظل يدفع ثمن تكاليفه الباهظة الشعب الإيراني في المقام الأول.
ومن هنا يمكننا في ضوء تلك العوامل المتقدم ذكرها فهم ما أبدته طهران من مرونة و استعداد لاجراء مفاوضات غير مباشرة جديدة مع واشنطن، ولم تكن بحاجة -كما قلنا- سوى قليل من حفظ ماء وجهها، حتى بالرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو نفسه الذي انسحب خلال ولايته الأولى من أتفاق 2015 مع إيران حول ملفها النووي بضمان الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والأتحاد الأوروبي.ولكن تل أبيب وواشنطن لم تنتظرا ما ستسفر عنه الجولة السادسة من المباحثات التي كانت مقررة أن تعقد بعد يومين فقط من بدء الضربات الإسرائيليه على إيران والتي بررها وأيّدها على الفور ترامب وختمها بضرب مفاعلات فوردو ونطنز وإصفهان٠
وإذا ما اسثنينا تأثير ردود الصواريخ الباليستية الإيرانية النسيي التي ألحقت هذه المرة هلعاً وأضراراً لدى الجانب الإسرائيلي، فلعل واحداً من أهم أسباب لا مبالاة إسرائيل والولايات المتحدة بشن حروبهما في المنطقة أن كلتيهما لم تتأثرا بهما جبهتاهما الداخليتين مباشرة .أكثر من ذلك فإن الولايات المتحدة خاضت حربين عالميتين خارج حدودها. فيما خاضت روسيا على سبيل المثال تلكما الحربين على أراضيها. ومن هنا يمكننا أن نفهم أيضاً حذر الأتحاد السوفييتي الشديد من أن يجد نفسه في مجابهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وخصوصاً في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية في زمن الحرب الباردة، وهذا ما يفسر رفضه الدخول في حرب 1967 إلى جانب مصر لكي لا يجد نفسه في مواجهة نووية مجدداً مع الولايات المتحدة، علماً بأن كليهما-الأتحاد السوفييتي والولايات المتحدة- كانا يمتلكان أكبر مخزون عالمي من الصواريخ النووية عابرة القارات.وهذه التجربة المريرة التي خاضها الأتحاد السوفييتي وما تكبده من خسائر فادحة في العمران والأرواح خلال الحرب العالمية الثانية ( 20 مليون قتيل ) هي التي حملت وزير خارجيته الشهير أندريه جروميكو على أن يردد دائماً مقولته الشهيرة: " أن تنفق عشر سنوات فيالمفاوضات أفضل من أن تخوض حرباً ولو يوماً واحداً».
مهما يكن فالراجح في تقديرنا أن إيران ستتعلم هذه المرة من دروس هزائمها القاسية في المنطقة ثم في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل التي تلقت خلالها ضربات موجعة ، وأن تنتقل من إيران الثورة إلى إيران الدولة ، و أن تتخلى عن خطابها الثوري الخشبي المتقادم وتتبنى خطاباً سياسياً أكثر واقعية يأخذ بعين الإعتبار مصالح الدولة والشعب معاً. والمسألة ليست سوى مسألة وقت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'سنعلمهم الركض'.. رد صادم لترامب عما إن كانت الحيوانات ستفترس سجناء خارج 'ألكاتراز التمساح'
'سنعلمهم الركض'.. رد صادم لترامب عما إن كانت الحيوانات ستفترس سجناء خارج 'ألكاتراز التمساح'

الوطن

timeمنذ 6 ساعات

  • الوطن

'سنعلمهم الركض'.. رد صادم لترامب عما إن كانت الحيوانات ستفترس سجناء خارج 'ألكاتراز التمساح'

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلا بإجابته على سؤال عما إن كانت الحيوانات ستفترس سجناء خارج "ألكاتراز التمساح". وزار ترامب مركز احتجاز المهاجرين النائي في مستنقعات فلوريدا الذي يعرف باسم "Alligator Alcatraz، والذي يقع على بعد حوالي 37 ميلا (60 كم) من ميامي في منطقة رطبة شبة استوائية واسعة تعج بالتماسيح وأفاعي البايثون، وهي صورة مخيفة استخدمتها البيت الأبيض لإظهار عزمه على تصفية المهاجرين الذين يقول إنهم تم السماح لهم بالبقاء في البلاد عن طريق الخطأ خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن وأشاد ترامب بسرعة بناء المرفق وهو يتفقد صفوف عشرات الأسرة الفارغة المحاطة بأقفاص، محذرا من الظروف الخطرة المحيطة بالمرفق. وقال في حدث مائدة مستديرة بعد جولته: "نظرت إلى الخارج وهذا ليس مكانا أود التنزه فيه في أي وقت قريب. نحن محاطون بأميال من الأراضي الرطبة الخطرة والطريقة الوحيدة للخروج هي الترحيل". وأضاف أن مركز الاحتجاز هذا هو نموذج لما يرغب في تنفيذه على المستوى الوطني. وقال: "نود أن نراه في عدة ولايات"، وردا على سؤال عما إن كانت الحيوانات ستفترس السجناء، قال ترامب إن مركز الاحتجاز سيعلم المهاجرين غير المصرح لهم "كيفية الهروب من التمساح.. لا تركض في خط مستقيم... أتعلم؟ فرصتك تزداد بنسبة واحد بالمئة تقريبا. ليس بالأمر الجيد!"

ترامب يهاجم إيلون ماسك: لن تحصل على دولار واحد
ترامب يهاجم إيلون ماسك: لن تحصل على دولار واحد

البلاد البحرينية

timeمنذ 7 ساعات

  • البلاد البحرينية

ترامب يهاجم إيلون ماسك: لن تحصل على دولار واحد

في تصعيد غير مسبوق، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف الدعم الفيدرالي المقدم لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس" المملوكتين للملياردير إيلون ماسك، وسط خلاف متفاقم بين الطرفين اللذين كانا حليفين في السابق. سبب خلاف ترامب وإيلون ماسك ويأتي تهديد ترامب بعد تجدد الانتقادات من ماسك بشأن مشروع قانون ضريبي مدعوم من ترامب، يتضمن إلغاء الحوافز المالية للمستهلكين عند شراء سيارات كهربائية، ما قد يوجه ضربة قوية لشركة "تسلا" الرائدة في قطاع المركبات الكهربائية. وقد أُقر القانون بشكل ضيق في مجلس الشيوخ أمس الثلاثاء. وقال ترامب للصحفيين من البيت الأبيض: "ماسك غاضب لأنه يفقد الدعم الخاص بالمركبات الكهربائية، لكن يمكنه أن يخسر أكثر من ذلك بكثير". أزمة حوافز السيارات الكهربائية تهدد تسلا رغم تصريحات إيلون ماسك المتكررة بضرورة تقليص الدعم الحكومي، إلا أن شركته "تسلا" استفادت على مدى سنوات من برامج تحفيزية بمليارات الدولارات، مثل الائتمان الضريبي البالغ 7500 دولار لكل سيارة كهربائية. إضافة إلى بيع أرصدة تنظيمية للشركات التي لا تمتثل لمعايير الانبعاثات، مما حقق لها نحو 11 مليار دولار. وبحسب محللين في بنك "جي بي مورغان"، فإن إلغاء حوافز السيارات الكهربائية قد يُكلف "تسلا" نحو 1.2 مليار دولار من أرباحها التشغيلية لعام 2024، أي ما يعادل 17% من الدخل التشغيلي المتوقع. خسائر في السوق ورد ناري من ماسك تراجعت أسهم تسلا بنسبة تجاوزت 5% عقب تهديدات ترامب، بينما رد ماسك عبر منصة "إكس" قائلاً: "أنا أطالب حرفياً بقطع جميع أشكال الدعم الآن". كما ألمح إلى إمكانية تأسيس حزب سياسي جديد ودعم إسقاط النواب المؤيدين لمشروع القانون. من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت إن القانون لن يؤدي إلى زيادة العجز، مضيفاً: "سأتولى أمر مالية البلاد". خطر على مشاريع ماسك في السيارات الفضائية والروبوتية الخلاف قد يلقي بظلاله على طموحات ماسك في مجال سيارات الأجرة الذاتية القيادة التي تختبرها "تسلا" في أوستن، تكساس، والتي تعتمد بشكل كبير على تنظيمات الحكومة الفيدرالية، إضافة إلى مستقبل "سبيس إكس" التي تمتلك عقودًا فدرالية بقيمة 22 مليار دولار. وكان ترامب قد كتب على منصة "تروث سوشيال": "ماسك ربما تلقى دعماً أكثر من أي شخص في التاريخ... لن يكون هناك صواريخ ولا أقمار صناعية ولا سيارات كهربائية، وسنوفر ثروة طائلة". وفي تصريح أخير مثير للجدل، أجاب ترامب على سؤال حول ترحيل ماسك – المواطن الأميركي المتجنس – قائلاً: "لا أعلم... سننظر في الأمر". تم نشر هذا المقال على موقع

تهديد ترامب يعصف بثروة ماسك.. خسائر كبيرة في ليلة واحدة!
تهديد ترامب يعصف بثروة ماسك.. خسائر كبيرة في ليلة واحدة!

البلاد البحرينية

timeمنذ 8 ساعات

  • البلاد البحرينية

تهديد ترامب يعصف بثروة ماسك.. خسائر كبيرة في ليلة واحدة!

تحوّل الدعم المتبادل بين المليارديرين، إيلون ماسك، ودونالد ترامب، إلى أحد أكثر المعارك دموية في وول ستريت، ليخرج مؤسس "تسلا" و"سبيس إكس" بخسائر تخطت 12 مليار دولار في ليلته الأولى بعد تهديد الرئيس الأميركي بمراجعة كافة الدعم الذي تحصل عليه شركات "ماسك". شنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هجوماً لاذعاً على الملياردير إيلون ماسك في تدوينة نشرت على منصة تروث سوشيال أمس الثلاثاء، متهماً إياه بالاعتماد بشكل كبير على الإعانات الحكومية ومهاجماً ما سمّاه "تفويض السيارات الكهربائية" وهي إجبار الناس على شراء هذا النوع من السيارات، مضيفاً أنه كان على إدارة الكفاءة الحكومية فحص الدعم الذي تلقته شركات ماسك. وقال ترامب، إن أميركا ستوفر ثروة طائلة إذا لم نطلق الأقمار الصناعية وننتج السيارات الكهربائية. إيلون ماسك، ليس لديه سوى شركة "تسلا" الوحيدة المدرجة في البورصة، وبالتالي فإن تقييمها يتأثر لحظياً بأي تهديد أو حافز، وفقدت الشركة أكثر من 57 مليار من قيمتها أمس، كان نصيب رئيسها التنفيذي من الخسائر 12.1 مليار دولار. الثروة المفقودة يوم الثلاثاء، رفعت إجمالي خسائر ثروة ماسك منذ بداية العام إلى 82 مليار دولار، لتصبح ثروته 351 مليار دولار بحسب مؤشر "بلومبرغ للمليارديرات". أعادت الخسائر الجديدة توزيع ثروة ماسك، لتصبح حصته في شركة صواريخ الفضاء "سبيس إكس" هي المساهم الأكبر في ثروة أغنى شخص في العالم وبقيمة 136 مليار دولار، تليها حصته في "تسلا" بقيمة 124 مليار دولار. ولكن تهديدات ترامب، طالت أعمال ماسك، وعقوده مع وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" سواء عبر شركة "سبيس إكس"، أو شركتها التابعة للأقمار الصناعية والإنترنت الفضائي "ستارلينك". وقال ترامب في تغريدته على منصة "تروث سوشيال": "ماسك كان على الأرجح سيغلق مصانعه ويعود لجنوب أفريقيا من دون الحصول على الدعم". تستمد شركات ماسك، غير المدرجة في البورصات قيمتها من جولات التمويل المتتالية، والتي رفعت قيمة "سبيس إكس" إلى أكثر من 300 مليار دولار ودفعت بها لتصبح أكثر شركة غير عامة قيمة في العالم، ولكن سيكون لأي قرار حكومي تأثير مباشر على أعمالها المستقبلية، خاصةً وأنها أكثر شركة تعتمد عليها "ناسا" في رحلاتها الفضائية. تأتي تدوينة ترامب في سياق تصاعد التوترات بين الرجلين حول قضايا اقتصادية وسياسية خلال الفترة الماضية، وعقب توجيه ماسك انتقادا شديدا لقانون ترامب بشأن الضرائب، وتحذيره من تمويل حملات ضد أعضاء الكونغرس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store