logo
تحديات المنطقة العربية والتعاون الدولي

تحديات المنطقة العربية والتعاون الدولي

صحيفة الخليج١٦-٠٥-٢٠٢٥

تسير المنطقة العربية، وهذا يشمل «مصطلح» الشرق الأوسط، بشكل خطر إلى درجة يُصبح فيها تعاون «المجتمع الدولي» مع دول المنطقة بفاعلية وجدية، وفق إرادة جديدة، ووعي جديد، وانفتاح، أمراً مُلحاً لتقويض الحروب والصراعات المسلحة والنزاعات والمواجهات في المنطقة، بكوارثها التي لا تخفى، وهذا يتطلب «التعاون الدولي»، المُتضمن التعاون الإقليمي، الواعي والسِّلمي، القادر على خلق «ظروف تصالحية» تُنهي «الوضع الكارثي»، لأجل حاضرٍ ومستقبلٍ آمن، مُتسامح، مستقر، مزدهر، على المستوى العربي والإقليمي والعالمي.
مارك كارني، الخبير المصرفي والاقتصادي، محافظ بنك كندا وبنك إنجلترا، ورئيس وزراء كندا، الحالي، لديه رؤية واسعة للعالم شرحها في كتابه: «القيم: بناء عالم أفضل للجميع». نَستنتج منها ضرورة المبادرة بحل الأزمات العالمية، والحروب والصدامات المسلحة والنزاعات والمواجهات بالمنطقة العربية من أخطر الأزمات العالمية، كما ينبغي عدم اقتصار «الرخاء والرفاه والتقدم الاقتصادي» على مناطق معينة أو تستأثر به «الأوليغارشية»، وإنما جعل «الرخاء والرفاه والتقدم الاقتصادي» مُتاحاً لعامة الناس، وهذا ما تحتاج إليه الشعوب العربية في مناطق الحروب والصراعات المسلحة والنزاعات والمواجهات.
«التعاون» بِنْيَة العالَم، من أصول السياسة العامة والعلاقات الدولية.
قال ليوناردو دافنشي: «كل جزء هو ميّال إلى الاتحاد مع الكُل، بحيث يستطيع عن طريق ذلك تجنُّب النقص الكامن فيه». الدول العربية أجزاء مترابطة عضوياً، والعالم متشابك معها، يدعم بعضه بعضاً، والتكوين الاقتصادي للعالم قائم على المنطقة العربية بما تملكه من مصادر طاقة، واستثمارات، فضلاً عن الأهمية الاستثنائية لها، ما يجعل مسألة «التعاون الدولي» طبيعية وضرورية لإنهاء حالة التأزم هذه، التي لها أسبابها الداخلية والخارجية.
من أين وبماذا يكون هذا «التعاون» وما هو وكيف هو؟
التعاون الدولي «الحقيقي» يتم في إطار علاقات دولية متكافئة، قائم على «المعرفة والإدارة الشمولية»، يعكس فهماً عميقاً وتخصصياً للعالم، وهو عملية خَلاقة لتنظيم العالم، سياسياً، عبر العلاقات العامة، واجتماعات عمل وحوارات متبادلة تستكشف فرص النماء الدولي، وتُحدد عقباتها، وتَواصُل إيجابي بنائي وظيفي سياسي ودبلوماسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وغيره، يُنْتِج برامج – مشاريع – مبادرات تنموية، متنوعة، ويملك آليات حل الأزمات، وتحسين وتنظيم طرق الإنتاج والإمداد، لصُنع الحياة الجيدة للجميع.
تقول أغنية إغريقية: «هذا الكون مليء بالروائع. لكن أروعها هو الإنسان». فأساس التعاون «الإنسان»، «مادة الكوكب»، «مُجْتَمَعُ الإنسان» «النّواة الصّلبَة» للتعاون الدولي الذي يعكس الحس الإنساني المشترك باعتبار «الإنسان» الأساس والمركز المشع والكائن الاجتماعي والنوعي وموضوع الحياة والكون.
الاتفاقيات الدولية، بغض النظر عن مواضيعها المباشرة، لها قواعد عمل ضمنية: تعزيز «الوجود والنوع الإنساني»، تمكين الإنسان في مجتمعاته المحلية التاريخية وعدم اجتثاثه، وحفظ الفكر والإدراك الإنساني. «التعاون الحقيقي» مُحقق لمنافع أكثر من مصالح، كون مصطلح «مصالح» إذا كان غير مُعرّفاً فقد يشمل الأشياء السلبية، الضارة، غير الإنسانية، المخالفة للقانون الدولي وللأعراف والقيم الإنسانية وللمَيل الفطري والطبيعي والأخلاقي الإنساني.
«أنسنة» العلاقات الدولية، أي جعلها إنسانية، تجعل مفهوم «الإنسان»، الذي ظل مهيمناً على الفكر الإنساني، والفلسفي، كما لم يفعل أي مفهوم آخر، «مركزياً» في «التعاون الدولي»، فغياب «مركزية الإنسان» يُنشئ أزمات. مثلاً، إذا تم ربط معادلة «استمرارية الحروب والصدامات المسلحة والنزاعات والمواجهات بالمنطقة العربية» بمعادلة «مصالح شركات التصنيع العسكري وأرباحها التجارية، والهيمنة الخارجية، وسطوة أيديولوجيات التطرف، ومخططات السيطرة على العالم والفضاء، وانهيار الثقة»، فسوف تستمر حالة الحروب والصدامات المسلحة والنزاعات والمواجهات بالمنطقة العربية «وتستمر معها تداعياتها الواسعة الخطرة على الواقع والأمن والاستقرار والسلام والضمير والمستقبل والمصير الإنساني العالمي.
لذا، تتطلب معالجة «الوضع التصارعي» بالمنطقة العربية بشكل «جذري» و«حقيقي» تأكيداً للمركزية الإنسانية في التعاون الدولي ودمج الحل السياسي والدبلوماسي بالمسار التنموي البنائي الجَمالي، بعيداً عن «الحلول الوهمية» وأساليب الحل والهوس والتفوق العسكري، والهيمنة الجيواستراتيجية، وإبراز القوة، والهجوم والتدمير والسيطرة والقمع وبناء القوة الفتاكة وإعلانات الحروب «الضمنية» وخوضها بشكل فعلي وسباقات التسلح، ومضاعفة الإنفاق العسكري وخطابات التعبئة وأوهام العظمة والتهويل وفرض العقوبات والحصار والحروب التجارية.
«التعاون الدولي» عند تبلوره كإرادة وقوة سياسية حرة موضوعية فاعلة، قادر على إنهاء حالة الحروب والصدامات المسلحة والنزاعات والمواجهات في المنطقة العربية، فالمجتمع الدولي له روابط سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية وتاريخية ومهنية وحضارية، وغيرها من روابط، بالمنطقة، فضلاً عن «الروح العالمية الإنسانية الواحدة الجامعة»، وهي واقع وإن كان لا يراها بعضهم.
«التعاون الدولي» كما لو أنه سياسة تحالف سلمي بين الأمم معادية للحرب ومدافعة عن «العالم الرشيد»، قياساً على مفهوم «الحكومة الرشيدة»، ضد «العالم الآخر».
التعاون الدولي، المُتضمن للتعاون الإقليمي، يعمل بشكل مُنتظم، مباشر، فوري، كُلي، لإنهاء حالة الحروب والصدامات المسلحة والنزاعات والمواجهات بالمنطقة العربية، متجاوزاً الخلافات والتناقضات و«الندية» وسوء الفهم وكل التراكمات السلبية والإخفاقات السابقة، وينحاز نحو الاعتدال، عبر آليات سياسية ودبلوماسية، وتنموية، سياسة اقتصادية اجتماعية حقيقية إنسانية عادلة مقبولة عند الشعوب العربية.
الضحايا الذين دفعوا أثمان الحروب والصراعات المسلحة والنزاعات والمواجهات، وهم القوى والكوادر العاملة المُنتجة التي أسهمت في تقدم الدول العربية والعالم، بفكرها وتخصصاتها وخبراتها وإبداعاتها، تستحق حقها الطبيعي في الأمن والاستقرار والازدهار والتقدم، والتمكين لها في مجتمعاتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سوريا ورفع العقوبات
سوريا ورفع العقوبات

صحيفة الخليج

timeمنذ 28 دقائق

  • صحيفة الخليج

سوريا ورفع العقوبات

استحقت سوريا رفع العقوبات الأوروبية عنها، وقبلها وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعطاء دمشق فرصة في البناء وإعادة تأهيل البلاد بعد سنوات عجاف طويلة وصراع مرير من قتل وتدمير وتهجير ما جعل من سوريا دولة فاشلة رغم أهميتها وثقلها الإقليمي. رفع العقوبات ربما يكون الخطوة الأولى وخط البداية نحو وضع أسس متينة لدولة جديدة تحكمها العدالة والقانون وتسعى لمحو آثار الحرب، وقادرة على إدارة مكوناتها المجتمعية، ومواردها المادية بحكمة واتزان، ومن دون العودة إلى ثارات الماضي، أو تهميش، أو محسوبيات وفساد، وهذا ما يأمله كل سوري وعربي خصوصاً بعدما جربت كل صنوف العذاب والحرمان. لكن القصة لم تنته برفع العقوبات، بل إن الاستفادة من ذلك مرهون بشرط وضع خطط قوية لإعادة تأهيل الاقتصاد يقودها مختصون أكفاء، واستقرار أمني يجذب شركات الإعمار والاستثمار، وانفتاح سياسي على الأسواق العربية والعالمية، ونسج علاقات جيدة على أساس المصالح المتبادلة. ورغم التفاؤل، إلا أن التحديات القادمة كثيرة، والعثرات متتالية، خصوصاً أن الدولة تواجه تشظ داخلي، وعدم ثقة بين العديد من المكونات ما يهدد باشتباك داخلي. فقد حذر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ من أن «تقييمه هو أن السلطة الانتقالية، في ضوء التحديات التي تواجهها، قد تكون على بعد أسابيع - وليس عدة أشهر - من انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمرة، تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد»، وهو لا يستند إلى قراءات فردية بل إلى رصد استخباراتي وقراءة سياسية عميقة لما يحدث في سوريا. وهذا ما يتحتم الالتفات إليه وقطع الطريق على هذه الحرب، التي لو اندلعت بالفعل، فإنها ستكون مقتلة يكتوي الكل السوري بها، وستدمر المزيد من البلاد المحطمة أصلاً، والتي تعاني الكثير، وهذا ما يسعى إليه المتربصون الكثر، الذين لا يريدون لسوريا تجاوز كبوتها والاستقرار. كما أن سوريا وجدت ظهيراً عربياً يدعمها ويقف معها في أزمتها، وهذه فرصة أخرى مهمة جداً في طريق عودتها إلى حضنها العربي الاستراتيجي، فهي تقوى بهذه العودة، كما العرب يقوون بسوريا قوية يكون لها كلمتها في المنطقة والعالم، فهذه البلاد تمتلك من المقومات ما يجعلها ذا مكانة بكل المجالات، في ظل شعب يعشق الانطلاق والنظر إلى الأمام، إذ إن النجاح كان دوماً رفيقه خلال سنوات الحرب، وما بعدها ستكون الانطلاقة صاروخية نحو النهوض إذا توفرت له الأرضية المناسبة. يقع على عاتق دمشق الآن الكثير، فالمهمة ليست سهلة، والتصرف بحكمة وروية وانضباط يعجل بقطف الثمار، وغير ذلك فإن سوريا التاريخ والحضارة معرضة لمزيد من الانهيار والسقوط، وهذا ما لا يريده أي عربي من المحيط إلى الخليج.

سوريا ترحب بالقرار الأميركي بشأن "تخفيف العقوبات"
سوريا ترحب بالقرار الأميركي بشأن "تخفيف العقوبات"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

سوريا ترحب بالقرار الأميركي بشأن "تخفيف العقوبات"

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان، في ساعة مبكرة من صباح السبت، إنها "ترحب بالقرار الصادر عن الحكومة الأميركية القاضي برفع العقوبات التي فرضت على سوريا وشعبها لسنوات، الذي ينص على إصدار إعفاء من العقوبات الإلزامية بموجب قانون قيصر وتعميم ترخيص عام رقم 25 بشأن سوريا". واعتبرت الوزارة القرار "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد". وأكدت أن "سوريا تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". وقال البيان إن سوريا "تؤمن أن الحوار و الدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة، تحقق مصالح الشعوب وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة". كما أعربت سوريا عن "تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها، وتؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره النظان البائد واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم". وكانت وزارة الخزانة الأميركية أصدرت الجمعة، قرارا فوريا بتخفيف كبير للعقوبات على سوريا، مع بعض الاستثناءات.

أميركا ترفع رسمياً العقوبات عن سوريا
أميركا ترفع رسمياً العقوبات عن سوريا

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

أميركا ترفع رسمياً العقوبات عن سوريا

رفعت الولايات المتحدة الجمعة رسميا العقوبات الاقتصادية عن سوريا، في تحوّل كبير للسياسة الأميركية بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد، يفسح المجال أمام استثمارات جديدة في البلد الذي دمّرته الحرب. وجاء في بيان لوزير الخزانة سكوت بيسنت أنه يجب على سوريا "مواصلة العمل لكي تصبح بلدا مستقرا ينعم بالسلام، على أمل أن تضع الإجراءات المتّخذة اليوم البلاد على مسار نحو مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر". تأتي الخطوة تنفيذا لقرار اتّخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأسبوع الماضي. فخلال جولة خليجية، أعلن ترامب على نحو مفاجئ أنه سيرفع العقوبات عن سوريا. في السعودية، المحطة الأولى لجولته، قال ترامب "سأصدر الأوامر برفع العقوبات عن سوريا من أجل توفير فرصة لهم" للنمو، وتابع "كانت العقوبات قاسية وتسببت بشلل. لكن الآن حان وقتهم للتألق"، لافتا إلى أن قراره يأتي استجابة لطلبات تركيا والسعودية. وفق وزارة الخزانة فإن رفع العقوبات يشمل الحكومة السورية الجديدة شرط عدم توفيرها ملاذا آمنا لمنظمات إرهابية وضمانها الأمن لأقليات دينية وإثنية. تزامنا، أصدرت وزارة الخارجية إعفاء من العقوبات يمكّن الشركاء الأجانب والحلفاء من المشاركة في إعادة إعمار سوريا، ما يمنح شركات ضوءا أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد. تتيح الخطوة الانخراط في استثمارات جديدة في سوريا، وتقديم خدمات مالية، وإجراء تعاملات على صلة بالمنتجات النفطية السورية. كما تتيح التعاملات مع الحكومة السورية الجديدة وبعض من الكيانات التي كانت محظورة سابقا. خلال الحرب التي استمرت 14 عاما في سوريا، فرضت الولايات المتحدة قيودا شاملة على التعاملات المالية مع البلاد، وشدّدت على أنها ستفرض عقوبات على كل من ينخرط في إعادة الإعمار طالما الأسد في السلطة. بعد هجوم قاده إسلاميون العام الماضي وأطاح الأسد، تتطلّع الحكومة الجديدة في سوريا إلى إعادة بناء العلاقات مع الحكومات الغربية ورفع العقوبات القاسية المفروضة على البلاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store