logo
كن شابًّا على الدوام

كن شابًّا على الدوام

الجزيرةمنذ 2 أيام

العمر لا يتوقف عند مرحلة معينة، إلا أنّ هناك من يبقى في مرحلة الشباب والنشاط لعمر مديد! فكيف تبقى في عمر الشباب على الدوام؟ قد تكون الإجابة الجاهزة: لا، ولكن هناك من المسنين من امتلك الحيوية والشباب، فكيف نفسر ذلك؟
الفكرة التي نحاول أن نطرحها هنا لا علاقة لها بالتقويم العمري ولا بشهادة الميلاد، بل بشيء أعمق وأبلغ أثرًا، وهو: الروح، والطاقة، وطريقة العيش، وأسلوب الحياة.
إننا لا نتحدث عن طريقة سحرية لإيقاف الزمن، ولا نشير إلى وصفة طبية توقف التجاعيد والأمراض، إننا نطرح سؤالًا عفويًّا وبسيطًا: هل ترغب أن تحافظ على روحك الشابة، وطاقتك المتجددة، وحماسك للحياة مهما تقدم بك العمر؟ إذا كانت إجابتك "نعم"، هيا بنا لنتحدث عن صلب الموضوع، عبر خطوات عملية تساعدك على تحقيق هذا الهدف.
أولًا: القوة العقلية
هناك شباب، رغم أنهم في سن الفتوة وريعان الصحة والقوة، عقولهم مسطحة، بسيطة، لا ترتقي للذروة، بينما نرى كبار سنٍّ في كامل قوتهم العقلية؛ فالشباب لا يبدأ بالجسد، بل بالعقل.
ما فائدة القوة الجسمانية والعقول ضعيفة غير فاعلة؟ في بعض الأحيان تُحدّث شابًّا، فتقول: هل أنا أتكلم مع عجوز خرفٍ ضعيف الإدراك والتمييز؟ بينما ترى في الضفة الأخرى مسنًّا يمتلك الحماس والفضول، تراه ما يزال يقرأ ويتعلم ويخوض التجارب الجديدة، بل تجده يضحك من صميم قلبه، كأنما لا يزال في العشرين.
الشاب الحقيقي هو ذلك الفتى الذي يرى في الحياة فرصًا لا تنتهي. فلماذا لا تتمسك بهذه الروح؟ إذًا، حافظ على هذا الحماس وهذا الفضول، وقاوم الشيخوخة الذهنية، لكونها أول محطات ضعفك وشيخوختك!
ثانيًا: العناية بالجسد
لنبدأ بهذه الفكرة: "إن جسمك لا يخونك، بل يرد على طريقة تعاملك معه"! ماذا لو كانت هذه المقولة صحيحة؟ إن كثيرًا من الشباب يسهرون، ولا يعتنون بلياقتهم، ولا بنظامهم الغذائي؛ لهذا تراهم مرهقين، متعبين، يمرضون، ويهرمون بشكل سريع.
فهل من المعقول أن نسيء إلى أجسادنا، ثم نشتكي منها؟ إذا أردنا المحافظة على حيوية الشباب، فعلينا أن ندير بوصلة التفكير في نمط حياتنا مبكرًا.. الأمر لا يتطلب رياضة شاقة أو حمية صارمة، بل وعيًا مستمرًّا بالتوازن، كوضع جداول سليمة: غذاء متنوع، حركة منتظمة، نوم كافٍ، وشرب ماءٍ بانتظام.
والآن يا صاحبي أجب عن هذا السؤال: أتهتم بجسدك ونظام حياتك، أم إنك لا تفيق إلا بعد وقوع كارثة صحية، لا قدر الله؟ السؤال الجوهري: لماذا نحن -البشر- لا نتغير إلا عندما يقع الألم وتفترسنا الأمراض؟ لماذا لا نهتم بأجسادنا قبل أن تصرخ من فرط الإهمال؟
ثالثًا: الروح المتجددة
يمتلك الشباب روح التجديد، فكيف لك أن تمتلك هذه الروح؟ إنّ امتلاك هذه الروح لا يعني أن تلبس ملابس الشباب وتتحدث بلغتهم، بل أن تمتلك الطاقة الإيجابية التي يمتلكونها. والآن لنسألك بعفوية: هل تستيقظ متحمسًا في الصباح؟ هل أنت مبادر دائمًا؟ هل لديك أهداف يومية تطاردها؟ هل ترى في الفشل فرصة؟ هل تشعر أن الحياة حقل كبير وتنتظر منك التجربة؟ إذا امتلكت هذه الروح فستنضح بماء الشباب، وسترى أنّ من حولك يتفاعلون معك، ويقولون عنك: "لا يبدو عليه تقدم العمر".
إنك لا تحتاج لأدوية تخفي التجاعيد، كل ما تحتاجه نمط تفكير ونظرة إيجابية تجعلك مشرقًا على الدوام.
إنك لن تستطيع إعادة الماضي، ولكن بالإمكان إعادة الشعور والإحساس، إعادة الدهشة والاكتشاف.. بإمكانك أن تكون كما كنت أيام شبابك وحيويتك، بإمكانك أن تمارس ما كنت تفعله بفاعلية ونشاط
رابعًا: المرونة مطلب
لماذا نخاف التغيير؟ من طبيعة الشباب التكيف مع الظروف، ومواكبة التغيير، إنها حالة بَدَهية تسري في دمائهم، حتى حين يقعون في الخطأ، تراهم يعتذرون ولا يخجلون. فلماذا يشعر البعض بالهزيمة حين يتراجعون عن موقفهم؟ هناك طبيعة يتصلّب عليها البعض تُسمى الجمود، فالأفكار تحتاج لتجديد ومرونة، فلماذا نتمسك بالعادات والزمن يتغير؟ الشاب الحقيقي لا يقول: "لقد جرّبت كل شيء"، بل يقول: "ماذا يمكنني أن أجرّب الآن؟".. هو لا يرفض الثقافات الجديدة، ولا يرهب استخدام التكنولوجيا، بل يمتد به الأمر لاكتشاف ما اكتشفه غيره. فلماذا لا نتحلى بهذه المرونة؟
من الأسرار التي يمتاز بها الشبان امتلاكهم علاقات أخطبوطية، فالمسألة بالنسبة لهم لا تنحصر في امتلاك قوائم معارف طويلة، بل تراهم يزاولون التواصل النشط مع الآخرين. هذه الميزة تضمحل وتُفقد تديجيًّا مع الاقتراب من عمر الأربعين والخمسين، حتى تضرب الوحدة والعزلة تخومها؛ لهذا تجد كبار السن يفتقرون للصحبة شيئًا فشيئًا، وهذا أمر خطير، يُسمى بتآكل العلاقات. فلماذا نتجه نحو الانطوائية وكأننا نعشق العيش في الجزر المنعزلة؟
دعونا نتأمل ما يعيشه الشباب: هم يعشقون الصحبة، ويكثرون الضحك، ويأنسون بالمشاركة.. فإذا أردت أن تحافظ على روحك الشابة، فابحث عما يشحن طاقتك ويضفي على حياتك معنى، لا تنحصر مع من هم من جيلك؛ فقد يمنحك من هو أصغر منك روحًا أخف، ويلهمك من هو أكبر منك حكمة لا تُنال إلا بسفك المهج!
سادسًا: الأنشطة القديمة
اكتب عشرة أمور كنت تزاولها أيام العشرين من عمرك، واسأل نفسك: لماذا انحسر بعضها؟ هناك أمور كنت تمارسها بشغف: رسم، موسيقى، كرة قدم، وهناك أمور أخرى قد توقفت عنها الآن، لعل طبيعة حياتك اليوم فرضت عليك تجاهلها. فهل كان قرار التجاهل هذا صائبًا فعلًا؟ لماذا لا تتأمل هذه الأنشطة بإنصاف وتفكر في المعاودة لبعضها تدريجيًّا؟
نعم، إنك لن تستطيع إعادة الماضي، ولكن بالإمكان إعادة الشعور والإحساس، إعادة الدهشة والاكتشاف.. بإمكانك أن تكون كما كنت أيام شبابك وحيويتك، بإمكانك أن تمارس ما كنت تفعله بفاعلية ونشاط.
لماذا يفقد البعض شغفه؟ لماذا تنطفئ من البعض شعلة النشاط، كما تنطفئ نار الشمعة بنفخة واحدة؟ حين كان الإنسان في العشرين، كان يبحث عن هدف، عن وظيفة، عن علاقة، عن مكانة.. لهذا كان دمه يغلي ويفور نشاطًا. غير أن الأمور مع الوقت تتحوّل، فتغدو حياته روتينًا بلا معنى، بلا هدف! لهذا يفقد البعض الشغف، ويتثاقل عما كان عليه أيام ذروة النشاط.
والآن قل لنفسك: ليس المهم ما أبدو عليه من الخارج، المهم ما أنا عليه من الداخل، ما أنا فيه اليوم؛ فالشباب الدائم يعني أن تنظر بعينيك نحو الأفق البعيد باستمرار. فهل لديك تطلع يهمك؟ ربما مشروع، رسالة، هواية، أو حتى عادة جديدة؟ المهم ألا تتوقّف عن السعي والشغف.
إن الفشل لا يعني إشارة الهرم ولا إشارة التقاعد، الفشل جزء طبيعي من التجربة. لهذا نقول لك: حلّق مع الشباب، واكسب المحاولة.. كن شجاعًا، مبادرًا، وتحلَّ بالمرونة والتغيير
ثامنًا: تحدي الفشل
من عادة الشباب، حين يفشلون ينهضون وبسرعة، ولسان حالهم: "سنحاول من جديد".. بينما من تقدم به الزمن يقول: "ربما تأخرت، ربما هذا ليس وقتي، ربما لا فائدة من المحاولة"؛ فيتقاعس المسن، وينجح الشباب. لا علاقة للعمر، إن سر المعادلة يكمن في الإصرار وتحدي الفشل، وهذا الردّ الذي يقوله كل طرف هو ما يصنع الفارق!
يا صاحبي، إن الفشل لا يعني إشارة الهرم ولا إشارة التقاعد، الفشل جزء طبيعي من التجربة. لهذا نقول لك: حلّق مع الشباب، واكسب المحاولة.. كن شجاعًا، مبادرًا، وتحلَّ بالمرونة والتغيير، والثقة بأن لك في كل يوم فرصة جديدة.
قد يقول أحدهم: لم تأتِ بالجديد، فكل ما ذكرته معروف.
وأنا بدوري أقول لك: وهل اخترت أن تطبّق ما عرفته؟ أن تكون شابًّا على الدوام لا يعني المعرفة فقط، بل يلزم اتخاذ قرار. فهل اتخذت قرارك؟ هل قررت ألا تترك نفسك للزمن ليفعل بك ما يشاء؟ هل قررت أن تملك زمام المبادرة؟ هل تعاقدت مع العزم وتراهنت مع الحماس؟
هل أجريت بروتوكول القسم أن تحافظ على قلب نابض بالحياة؟ هل أقسمت على عقلك أن يستقبل الجديد كل يوم؟ هل أقسمت أن تعتني بجسدك كل نهار؟ هل أقسمت ألا تفقد روحُك بريقَها؟ إذا لم تقسم، فقد حان وقت إجراء القسم. أما إذا أقسمت، فقد حان الوقت لتجديده. والآن، أقسم يا صاحبي أن تكون شابًّا إلى الأبد ومدى الحياة، وضع نصب عينيك هذا المعنى: "قد يشيب الشعر، إلا أنّ الهمة لا تشيخ، قد يغيب قرص الشمس، إلا أن الروح لا تعرف الغروب".
والآن، السؤال إليك: ماذا ستختار؟ أتنتظر أن يخبرك جسدك أنك تأخرت، أم تبدأ اليوم بإعادة ترتيب حياتك، واستعادة ذاتك، وتبدأ حياة الشاب الذي لا يعرف الهرم؟ إن القرار بيدك، واعلم أن الزمن لا يعرف الانتظار.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحريديم والتجنيد والمحاكمات.. هواجس نتنياهو المتجددة هل تدفع لانتخابات مبكرة بإسرائيل؟
الحريديم والتجنيد والمحاكمات.. هواجس نتنياهو المتجددة هل تدفع لانتخابات مبكرة بإسرائيل؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الحريديم والتجنيد والمحاكمات.. هواجس نتنياهو المتجددة هل تدفع لانتخابات مبكرة بإسرائيل؟

تتزايد التوقعات بإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل في ظل تهديد بعض الأحزاب الحريدية بالاستقالة من الحكومة الإسرائيلية على خلفية ملف التجنيد، وتهديدات وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش ، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير ، بمعارضة أي صفقة جزئية تؤدي إلى وقف حرب الإبادة في غزة. ويأتي ذلك، بالتوازي مع بدء استجواب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الحالي من قبل الادعاء العام في المحكمة. ولا يرجح محللون أن يكون لحل الكنيست والدعوة لانتخابات مبكرة، تأثير كبير على ملف غزة، في ظل إصرار نتنياهو على الصفقات الجزئية، وسحب ورقة الرهائن من يد المقاومة، ورفض الوصول لإنهاء الحرب، والتي باتت أداة ليس فقط للحفاظ على استقرار حكومته المتطرفة، بل أهم أدوات دعايته في حملته الانتخابية القادمة، وفق مراقبين. انقسام بين الحريديم بشأن الانسحاب سينتهي الإنذار الحريدي لنتنياهو يوم الثلاثاء مع نهاية عيد الشافعوت (الأسابيع)، ويريد هؤلاء رؤية مشروع قانون مكتوب لإعفائهم من التجنيد، يمكن التفاوض عليه بين حاخاماتهم وكبار المسؤولين في الائتلاف الحكومي. وحسب صحيفة معاريف، فإنه بدون نص مكتوب لقانون التجنيد، أوضح الحريديم أن الأرض سوف تهتز من تحت الائتلاف. لكن التهديدات الصادرة عن حزب يهودات هتوراه المتشدد لا تزال محصورة في فصيل أغودات إسرائيل، بقيادة وزير الإسكان إسحاق غولدنوبف، في حين أن الجناح الثاني للحزب، ديغل هتوراه، بقيادة عضو الكنيست موشيه غافني، لا يزال يقبل بمنح فرصة إضافية للمفاوضات إلى ما بعد عطلة عيد الأسابيع التي ستنتهي الثلاثاء. وإضافة لذلك، هناك موقف حزب شاس الذي يملك 11 مقعدا، بزعامة أريه درعي الشخص المقرب لنتنياهو والذي لا يبدي ضغوطا جدية على نتنياهو لسرعة إقرار قانون الإعفاء من التجنيد. ويرجح المختص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي، أن أعضاء يهودات هتوراه سينسحبون من الحكومة، لأنهم يرون أن وجودهم فيها دون أي فائدة مباشرة يضعهم في مواجهة جمهورهم، ووجودهم في المعارضة قد يعطيهم امتيازات أفضل. وحول علاقة احتمال انسحاب الحريديم من الائتلاف الحكومي بحرب غزة، يرى ياغي أن استمرار الحرب سوف يزيد من المطالبات بتجنيدهم، لذلك هم يدعمون أي صفقة، إضافة إلى أن علاقتهم بواشنطن جيدة، بما يسمح لاستخدامهم من أجل الضغط على نتنياهو والتهديد بإسقاط حكومته. تأثير انسحاب الحريديم المحتمل لكن لا بد من الإشارة، إلى أنه حتى لو انسحب حزب يهودات هتوراه بأعضائه الثمانية من الائتلاف ستبقى الحكومة مدعومة بـ61 مقعدا أي أنها لا تزال تملك أغلبية بسيطة، ولكن أعضاء هذا الحزب يسعون لشل الائتلاف عن تمرير قوانينه عبر المقاطعة لجلسات تمرير مشاريع القوانين التي يضعها حزب نتنياهو على جدول الأعمال. وحسب معاريف، نجح يهودات هتوراه بشل الائتلاف عبر مقاطعة التصويت في الهيئة العامة للكنيست فقط أيام الأربعاء، وهي الأيام التي يتم فيها طرح مشاريع القوانين الأولية للتصويت في الدورة الصيفية الحالية في الكنيست التي ستنتهي في 24 يوليو/تموز القادم. ومن المتوقع أن يستقيل ممثلو أغودات إسرائيل من الحكومة في وقت لاحق، ولكن إذا تقرر عدم الاستقالة، فمن المتوقع أن يطالبوا بتشديد الإجراءات لشل الائتلاف، بمقاطعة التصويت أيام الاثنين، والتي يتم فيها تقديم مشاريع القوانين الحكومية للتصويت عليها، وهذه خطوة من شأنها أن تؤدي في حد ذاتها إلى حل الائتلاف والحكومة. ويعتقد عضو الكنيست السابق، والمحاضر في الدراسات الإسرائيلية، جمال زحالقة، أن الأحزاب الدينية التوراتية (الحريديم) لن تُسقط الحكومة إلّا إذا تيقّنت بأنّها ستربح من ذلك، وهذا غير قائم الآن، فالحكومة التي ستأتي بها الانتخابات ستكون غالبا أسوأ بالنسبة لهذه الأحزاب، وهي ستخسر بعض مكتسباتها المالية، ولن تحصل على ما تريده بشأن سن قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية. مناورة نتنياهو ولا يتوقع المحللون أن يستجيب نتنياهو لضغوط الحريديم بخصوص إقرار قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم، رغم أنه أحد أبرز الشروط التي تم التوقيع عليها في الاتفاقات الائتلافية بين نتنياهو وبين حزبي يهودات هتوراه وشاس. وتعتقد المحللة السياسية في القناة 12، دفنا ليئيل، أن نتنياهو في سباق مع الزمن، فهو لا يعتقد حقا بوجود قانون إعفاء من الخدمة العسكرية يمكن الموافقة عليه في هذا الائتلاف، فقضية التجنيد الإجباري تؤرق تحالف الخدمة العسكرية الذي يرأسه نفتالي بينيت (منافسه المتوقع بحسب استطلاعات الرأي الكثيرة). وأضافت أن نتنياهو يهدف إلى كسب الوقت حتى نهاية الدورة الصيفية، وتأخير الانسحاب إلى بداية الدورة المقبلة. كما أن نتنياهو لديه هدف آخر، حتى لو كان محكومًا عليه بالذهاب إلى الانتخابات، فهو يفضل الذهاب إلى صناديق الاقتراع بسبب قضايا سياسية أو أمنية، وليس لأنه فشل في توسيع صفوف الجيش بسبب قانون التجنيد في حين يعلم الجميع أن ائتلافه المستقبلي سيشمل أيضًا الحريديم. وتتفق المحللة السياسية لصحيفة معاريف، أنا براسكي، مع ليئيل بأن نتنياهو ليس متأكدا في أعماق نفسه مما يفضله حقا، القانون أم الانتخابات، حتى لو نجح في إرضاء الجميع، فإن قانون التجنيد الذي يقبله الحريديم، فيما لو تم إقراره، لن يكون إنجازا، بل ضررًا سياسيا على الليكود، ناهيك عن أن مثل هذا القانون من المقرر أن يحال إلى المحكمة العليا خلال بضعة أشهر فقط. وفي الأسبوع الماضي فقط، حاول نتنياهو مرارا الضغط على رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عن الليكود، يولي إدلشتاين، الذي يعارض قانون إعفاء الحريديم من التجنيد، ليعرض على الحريديم ميزانية مبكرة ومغرية. وفي محاولة أخيرة لحل أزمة التجنيد، سيجتمع، مساء الثلاثاء، مباشرة بعد العطلة، الحريديم وإدلشتاين ووزير في الحكومة، ومن المتوقع أن يطلب فريق نتنياهو 10 أيام أخرى لاستكمال الصياغات التي يعملون عليها مؤخرا، ولكن هذه المرة، ليس من المؤكد أن الحريديم سيوافقون على هذا الطلب. تهديدات سموتريتش وبن غفير في مقابل تهديد الحريديم تبرز تهديدات جدية من نوع آخر، صادرة عن سموتريتش وبن غفير، بعد طرح مقترح المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، الجديد قبل أيام على حماس، التي ردت عليه مساء السبت، وفقا لوصف المحللة السياسية للقناة 13 موريا أساروف، بـ"نعم ولكن". فسموتريتش أعطى نتنياهو الضوء الأخضر للتفاوض على أساس مخطط ويتكوف قبل أسبوعين فقط، حسب القناة 12، وحتى في ذلك الوقت، كان هناك حديث عن وقف إطلاق النار لمدة عشرات الأيام دون ضمانات صريحة لإنهاء الحرب. ولكن بعد الحديث الجدي عن مقترح ويتكوف الجديد المعدل بإطلاق سراح 10 أسرى أحياء و18 جثة مقابل 60 يوما من التهدئة، والتي تشمل انسحابا للجيش الإسرائيلي وتدفقا للمساعدات تشرف عليه الأمم المتحدة، شدد سموتريتش مواقفه وأعلن أنه لن يسمح بتمرير صفقة جزئية، مطالبا باستمرار الضغط على غزة وصولا لإخضاعها بشكل كامل. وقال بن غفير "لا أتفق مع مقترح ويتكوف، ونتنياهو أخطأ عندما وافق على العمل وفق المقترح"، ويستبعد زحالقة أن يتسبب سموتريتش وبن غفير في إسقاط حكومة نتنياهو، "فهما سيواجهان نقدًا شديدًا إذا أسقطا حكومة يمين، وبالمجمل لا يمكن لهما أن يحلما بحكومة أكثر تطرّفا ويمينية من الحكومة الحالية". ويتفق معه المختص في الشأن الإسرائيلي، أليف صباغ، في أن بن غفير وسموتريتش- الذي يسقط في أغلب استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الحرب، والمتهم من قبل قاعدته الانتخابية أنه لا يعمل على تساوي العبء في الخدمة الإلزامية في الجيش- لا يمكنهم إسقاط الحكومة الحالية، وحتى لو خرجوا من الحكومة بسبب صفقة ما في غزة فسيبقون داعمين لها. في إطار الحديث عن سيناريو الانتخابات المبكرة، والذي يحتاج الى إسقاط الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو عبر قرار بسحب الثقة منها بأغلبية في الكنيست، توقعت المحللة السياسية في صحيفة معاريف، أنا براسكي، أن الانتخابات ستُجرى في أوائل عام 2026 وليس في أواخره بعد انتهاء دورة الكنيست الحالية في أكتوبر/تشرين الأول 2026. وأضافت أنه ربما يكون من الأفضل لنتنياهو التوجه إلى الانتخابات تحت شعار "لم نتنازل عن ضرورة تجنيد الحريديم"، والذي سيكون أفضل من الذهاب إلى صناديق الاقتراع في وقت قريب، بدون أي إنجاز مثير للإعجاب يمكن بيعه للناخبين. ولذلك فإن كل ما يحتاجه نتنياهو الآن هو المزيد من الوقت، وليس من المستبعد في هذه المرحلة أن تلتقي مصالحه مع خطط الأغلبية داخل القيادة الحريدية، التي تتحدث عن موعد انتخابي متفق عليه. واستبعد المحلل أليف صباغ حلا لحكومة نتنياهو قريبًا، وقال إن الانتخابات لن تجرى قبل موعدها، فالحريديم يشدون الحبل للحصول على أهدافهم، وكذلك سموتريتش وبن غفير، لكن لا أحد يضمن عودته إلى الحكومة بعد انتخابات مبكرة، لذلك لا مصلحة لهم ولا لنتنياهو ولا لأعضاء الليكود في انتخابات مبكرة. في حين يعتقد زحالقة بأن الانتخابات الإسرائيلية غالبًا ستجري في يونيو/حزيران 2026، قبل موعدها في أكتوبر/تشرين الأول 2026، مثل العقود الأخيرة، ويشير إلى أن موعد الانتخابات يتعلّق بالتطوّرات والتجاذبات السياسية والحزبية، فالحكومة ستسقط إذا لم يجر إقرار الميزانية حتى نهاية مارس/آذار 2026، مؤكدا أن "نتنياهو لن يعلن انتخابات مبكّرة طواعية إلّا إذا كان واثقا من الفوز فيها، وهو بعيد عن ذلك في هذه المرحلة". في المقابل، يرى ياغي أن نتنياهو لا يبحث بالمطلق عن أي انتخابات مبكرة في ظل استطلاعات الرأي، فخيارات نتنياهو صفرية، فهو يحاكم وسوف تتم إدانته، وإذا سقطت حكومته ستظهر قضية التسريبات الأمنية من مكتبه بقوة. ويضاف لذلك، لجنة التحقيق الحكومية الرسمية فيما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسيكون أمامه إما السجن، أو العزل، أو الإقرار بالذنب، أو الاستمرار في حروبه ودخول حرب مع إيران والتي على ضوءها سيؤجل الانتخابات. يرى مراقبون أنه سواء أجريت انتخابات مبكرة أو جرت الانتخابات في موعدها، فإن واقع غزة، على الأرجح، لن يتغير إلى الأفضل، في ظل ما تشير إليه استطلاعات الرأي بتقدم رئيس الوزراء السابق نفتالي بينت، وهو من قادة اليمين المتطرف، أمام نتنياهو وائتلافه. وأكد المختص في الشأن الإسرائيلي أليف صباغ أن أي انتخابات تجرى، سواء كانت مبكرة أو في موعدها، لن تؤثر على برنامج نتنياهو، لأنه يسعى أن تبقى غزة جرحًا مفتوحًا يستفيد منه إلى أقصى حد طالما استمر الوضع العربي في عجزه وحتى تعاونه مع نتنياهو، وطالما بقى الدعم الأميركي على حاله. وأضاف أنه حتى لو لم يعلن نتنياهو انتصاره كما يحلم، وحتى لو فشل في التهجير، فإسرائيل وأميركا، بغض النظر من سيحكم إسرائيل، سيمنعون عملية إعادة بناء قطاع غزة، ولن يجرؤ أي حاكم عربي أن يقدم المساعدة لإعادة الإعمار إلا بعد استيفاء الشروط الإسرائيلية الأميركية. ويعتقد زحالقة أن نتنياهو سيطيل الحرب على غزة حتى الانتخابات، وخلال المعركة الانتخابية سيعلن عن "النصر المطلق" وعن إبقاء القوّات الإسرائيلية في غزّة لمواصلة احتلاله، كما أن بينيت لن يحصل في الانتخابات الحقيقية على الأرقام التي يحصل عليها في الاستطلاعات، وسيبقى الصراع على قيادة المعارضة قائمًا بين ليبرمان وغانتس ولبيد وبينيت. وأضاف "بينيت لا يقل يمينية عن نتنياهو، وهو إن فاز لن يجد ما يفعله في غزة أكثر مما فعلته الحكومة الحالية من حرب الإبادة الجماعية والتدمير الشامل، الفرق سيكون في الائتلاف فبدل الأحزاب اليمينية المتطرّفة ستكون مع بينيت أحزاب الوسط". ولفت إلى أن الهدف الإسرائيلي الإستراتيجي هو التهجير، وإذا لم يكن التهجير ممكنًا بسبب الرفض المصري، فإن إسرائيل تقوم بالتحضير للتهجير بانتظار الفرصة المواتية للتنفيذ، وذلك بجعل غزة غير ملائمة لحياة البشر، وما دامت إسرائيل لا تجد من يوقفها فهي مستمرة في جريمة الإبادة لسنة إضافية وربما أكثر، أما الانتخابات فهي بحد ذاتها لن توقف القتل والتدمير.

حرب روسيا على أوكرانيا.. التصعيد أم التفاوض؟
حرب روسيا على أوكرانيا.. التصعيد أم التفاوض؟

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

حرب روسيا على أوكرانيا.. التصعيد أم التفاوض؟

ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ 2025/6/2- نتائج الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول بين الجانبين الروسي والأوكراني، وإلى حد ما جاءت متوافقة مع المتوقع منها وإمكانية التوصل لوقف إطلاق النار. اقرأ المزيد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store