
تقرير لـ"Responsible Statecraft": هل أصبحت عودة الشاه قريبة؟
ذكر موقع "Responsible Statecraft" الأميركي أن "الحملة الإسرائيلية على إيران ، على الرغم أهدافها المعلنة المتمثلة في تفكيك القدرات النووية والدفاعية الإيرانية ، تحمل في طياتها طموحًا أعمق وأكثر غرابة: الأمل في أن يؤدي إسقاط النظام إلى تنصيب حكومة صديقة بقيادة رضا بهلوي، الابن المنفي لآخر شاه في إيران، وربما حتى تمهيد الطريق لاستعادة النظام الملكي".
وبحسب الموقع، "هذه ليست سياسة معلنة رسميا في القدس أو واشنطن ، ولكنها تكمن في خلفية تصرفات إسرائيل ودعواتها العلنية للإيرانيين "بالوقوف" في وجه الجمهورية الإسلامية. وفي نيسان 2023، استضاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتزوغ بهلوي في إسرائيل. وخلال الزيارة التي تم التخطيط لها بعناية، صلى عند الحائط الغربي ، وتجنب المسجد الأقصى في الحرم القدسي الشريف، ولم يبذل أي جهد للقاء الزعماء الفلسطينيين. ووصف تحليل صادر عن مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية الزيارة بأنها رسالة مفادها أن إسرائيل تعترف ببهلوي باعتباره "الزعيم الرئيسي للمعارضة الإيرانية"."
وتابع الموقع، "دعت شخصيات مثل جيلا جمليل، وزيرة الاستخبارات السابقة في الحكومة الإسرائيلية، علانية إلى تغيير النظام، حيث أعلنت العام الماضي أن "نافذة الفرصة قد انفتحت للإطاحة بالنظام". إن ما كان من الممكن اعتباره مناورة دبلوماسية قد تحول، في سياق الحرب الجوية الحالية، إلى رهان استراتيجي على أن الضغط العسكري قادر على خلق الظروف المؤاتية للنتيجة السياسية التي تختارها إسرائيل. في الحقيقة، كان التدخل الأجنبي هو الذي مهد الطريق للعداء الحالي. ففي عام 1953، أطاح انقلابٌ نفّذته وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وجهاز الاستخبارات البريطاني (MI6) بمحمد مصدق، آخر زعيم إيراني منتخب ديمقراطيًا. ورغم أن المؤامرة بدأت بسبب تأميمه لشركة النفط الأنكلو-إيرانية التي تسيطر عليها بريطانيا، فإن الولايات المتحدة انضمت إلى المؤامرة بسبب جنون الحرب الباردة، خوفاً من أن تسمح الأزمة للحزب الشيوعي القوي في إيران بالاستيلاء على السلطة وتحالف البلاد مع الاتحاد السوفييتي. وأدى الانقلاب إلى إعادة تنصيب الشاه، الذي أدى حكمه الاستبدادي واعتماده على الغرب إلى نشوء مزيج قوي من المشاعر المناهضة للإمبريالية والحماسة الدينية".
وأضاف الموقع، "لقد كانت الثورة الإسلامية عام 1979، على طريقتها الخاصة، بمثابة رد فعل متأخر على ثورة عام 1953، وتأكيد جذري على السيادة الوطنية على المصالح الأجنبية. والآن يبدو أن إسرائيل والولايات المتحدة تعتقدان أن التدخل الجديد المدعوم من الخارج قد يكون الحل للمشكلة التي ساعد التدخل الأخير في خلقها. منذ 12 حزيران، تجاوزت الحملة العسكرية الإسرائيلية استهداف المنشآت النووية، فقد استهدفت الضربات مؤسسات الدولة ومقرات التلفزيون الرسمي. وفي أكثر هجماتها رمزية حتى الآن، قصفت إسرائيل أيضًا سجن إيفين، المكان الرئيسي لسجن المعارضين السياسيين. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الاثنين أنه تم التوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل لوقف القتال. وجاء ذلك بعد ساعات من شن إيران هجومًا محدودًا على القاعدة الأميركية في قطر، حيث تم اعتراض الصواريخ، ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات".
وبحسب الموقع، "صوّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الصراعَ علنًا على أنه طريقٌ لتحرير الإيرانيين. وتُعدّ عملية " الأسد الصاعد"، الاسم الذي أُطلق على الهجوم الجوي، في حد ذاتها إشارةً إلى علم إيران ما قبل الثورة، ولفتةً رمزيةً تجاه إرث النظام الملكي. ولكن على الرغم من كل الحديث عن تغيير النظام، هناك قدر ضئيل من الوضوح بشأن ما الذي ينبغي أن يأتي بعد ذلك، أو من ينبغي أن يأتي بعد ذلك. يُصرّ المسؤولون الإسرائيليون علنًا على أن الشعب الإيراني سيختار قادته، ولكن احتضانهم العلني لولي العهد الإيراني المنفي يروي قصة مختلفة. أمضى رضا بهلوي عقودًا في بناء صورة رجل الدولة الديمقراطي المُنتظر. في المقابلات، يتحدث عن مستقبل يُقرره استفتاء شعبي، مدعومًا بمقترحات مُفصلة، مثل خطة انتقالية مدتها 100 يوم. ولحسن حظ إسرائيل، إن هذا التوجه يتجاوز الرمزية إلى جوهر التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي. فخلال زيارته إلى تل أبيب في عام 2023، أوضح بهلوي المنطق الحقيقي الذي يحرك الهجمات الإسرائيلية الحالية ضد إيران، ورفض المفاوضات النووية باعتبارها "مضيعة للوقت" وأصر على أن "أسرع طريقة للقضاء على كل التهديدات" هي الاستثمار في بديل للنظام نفسه".
وتابع الموقع، "علاوة على ذلك، فهو يتصور مستقبلاً متجذراً في ما يسميه "اتفاقيات كورش"، وإحياء "الصداقة القديمة" بين الشعبين الفارسي واليهودي، وهي الرؤية التي تعززها إيماءات شخصية قوية، مثل زواج ابنته مؤخراً من رجل أعمال يهودي أميركي. ولكن هذه الرؤية، مهما بدت مقنعة في واشنطن والقدس، منفصلة تماما تقريبا عن الواقع الإيراني. وبالنسبة للعديد من المنتقدين، حتى داخل المعارضة المجزأة، فإن هذه الرسائل الديمقراطية هي استراتيجية مدروسة لإعادة تأهيل صورة النظام الملكي ووضع بهلوي باعتباره الخليفة الوحيد. إن اجتماعاته الرفيعة المستوى مع الزعماء الأجانب، ولا سيما في إسرائيل، ودعواته للحصول على الدعم الغربي لا ينظر إليها باعتبارها حنكة سياسية من أجل ديمقراطية مستقبلية، بل باعتبارها جهودا لتأمين الدعم الأجنبي لعودته إلى السلطة".
وأضاف الموقع، "لا يزال اسم بهلوي ملطخًا في نظر الكثيرين بذكريات غرف التعذيب في جهاز السافاك، والفساد، والاعتماد على القوى الأجنبية من أجل البقاء. في حين أن المعارضة ضد الجمهورية الإسلامية واسعة النطاق، فإن الشعارات التي رفعت في احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" في عام 2022 تكشف عن رفض عميق الجذور لكلا النظامين الاستبداديين مع هتافات مثل "الموت للظالم، سواء كان الشاه أو القائد". إن النظام الملكي الذي تلمح إسرائيل إلى إحيائه لم يتم الإطاحة به في عام 1979 فحسب، بل تم رفضه بنشاط من قبل تحالف قوي من الإسلاميين واليساريين والقوميين المتحدين ضد قمع الشاه. إن هذا الإرث من الرفض الشعبي يحد بشدة من جاذبية رضا بهلوي اليوم. في حين تصور مقالات الرأي في وسائل الإعلام الإسرائيلية إيران على أنها خيار بين الفوضى أو عودة النظام الملكي، فإن بهلوي لا يحظى بدعم ملموس كبير داخل بلد يرى فيه الكثيرون ان حركته "انتهازية" و"منفصلة عن الشعب الإيراني"."
وبحسب الموقع، "إن تصور إسرائيل لنتيجة مختلفة في إيران هو تجاهل للحقيقة الأكثر مرارة في المنطقة. من المذبحة الطائفية في العراق بعد صدام حسين إلى الأراضي القاحلة التي تحكمها الفصائل المسلحة والتي تشوه ليبيا واليمن الآن، علمنا العقدان الأخيران درساً قاسيا مفاده أن تغيير الأنظمة المفروض من الخارج لا ينتج حلفاء متعاونين، بل فراغات يملأها المتطرفون، والحروب بالوكالة، والكوارث الإنسانية. وهذا الدرس المؤلم هو الذي دفع دول الخليج العربية إلى التحول إلى الدبلوماسية مع منافسيها السابقين مثل إيران. إن الأمل الإسرائيلي في أن تؤدي الغارات الجوية والاغتيالات إلى "خلق الظروف" للشعب الإيراني "للنهوض"، كما ذكر نتنياهو، هو أمر خطير. وحتى بين أوساط المعارضة الإيرانية، هناك شكوك عميقة بشأن التدخل الأجنبي. وكما قال ناشطون في المنفى لوسائل الإعلام الغربية، فإن الإيرانيين يريدون الإطاحة بزعمائهم بأنفسهم، ولا يريدون "دولة وهمية" أو نظامًا جديدًا يفرضه الغرباء".
وتابع الموقع، "علاوة على ذلك، فإن الخيال القائل بأن النظام الخليفة في طهران سيكون صديقاً لإسرائيل بطبيعته يتجاهل الشكوك العميقة الجذور التي ترسخت على مدى عقود من الصراع والدعاية والعداء والتي يتم ترسيخها الآن من خلال التدخل الأجنبي العلني. وحتى رضا بهلوي، إذا تم تنصيبه بطريقة أو بأخرى، فمن المرجح أن يواجه ضغوطاً هائلة لإبعاد نفسه عن أي تصور بأنه "رجل إسرائيل في إيران". إن الحملة الإسرائيلية قد تضعف الجمهورية الإسلامية، ولكنها لا تستطيع استحضار إيران جديدة صديقة من الرماد، على الأقل من خلال دعم خليفة من سلالة رفضها الإيرانيون منذ فترة طويلة".
وختم الموقع، "في نهاية المطاف، ينبغي أن يتقرر مستقبل إيران ليس في القدس أو واشنطن، بل من قبل الإيرانيين أنفسهم، بشروطهم الخاصة، وفي وقتهم الخاص".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
مصادر إسرائيلية عن الأضرار التي لحقت بمنشأة "فوردو": ليست جيدة حقاً
نقلت شبكة "أي بي سي نيوز" الأميركية عن مصادر إسرائيلية تقليلها من شأن الأضرار التي لحقت بمنشأة "فوردو" الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، منتقدةً النتيجة بأنها "ليست جيدة حقاً". وقال مصدران للشبكة إنهما "لا يعرفان كمية اليورانيوم المخصب التي ربما تم نقلها من المواقع قبل الضربات الإسرائيلية والأميركية، أو عدد أجهزة الطرد المركزي - المستخدمة في تخصيب اليورانيوم - المتبقية والتي يمكن تشغيلها في إيران". وشدد أحد المصادر على أن تحديد مثل هذه التفاصيل قد يستغرق شهوراً، أو قد يكون مستحيلاً. اليوم 14:42 اليوم 14:18 وفي سياق متصل، كشف تقييم أولي صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية والقيادة المركزية أنّ الهجمات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية لم تؤدِّ إلى تدمير البنية الأساسية للبرنامج النووي الإيراني، وفق شبكة "سي أن أن" الأميركية. وقالت الشبكة إنّ الهجمات الأميركية على ثلاثة مواقع نووية في إيران (فوردو، نطنز وأصفهان) أجّلت تقدّم برنامج إيران النووي لبضعة أشهر فقط. ولفتت الشبكة إلى أنّ هذا التقييم يتناقض مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب، ووزير الدفاع بيت هيغسيث اللذين أكدا سابقاً أنّ الضربات "أبادت بالكامل" الجزء الأكبر من البرنامج النووي الإيراني. وفي إثر ذلك، أعلن هيغسيث أن مكتب التحقيقات الفيدرالي بدأ تحقيقاً في كيفية نشر تقييم استخباراتي أولي بشأن الضربات العسكرية الأميركية على إيران.


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
دريان في رسالة لمناسبة السنة الهجرية: نتطلع إلى نهج جديد للحكومة ورئيسها يكون فاعلا في الإصلاح
وجه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة إلى اللبنانيين لمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة قال فيها : "مع حلول كل عام هجري جديد ، يقف المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها محتفين بعام هجري جديد، ومستذكرين أحداث الهجرة النبوية الشريفة، التي تستحق الوقفة المتأنية، لأنها كانت في حقيقتها، حدثا بالغ الأهمية في تاريخ وحياة العرب والمسلمين، وهي لم تكن سفرا وانتقالا لتحصيل متع الدنيا وملذاتها، وإنما كانت انتقالا من أجل الحفاظ على العقيدة، وتضحية كبرى على حساب النفس والمال والأهل والولد، من أجل العقيدة، وفيها الإصرار على اتباع الحق، والدعوة إلى نهج الهدى والرشاد. الهجرة التي صارت حدثا تاريخيا عظيما ، كانت هي الأفق الذي انفتح على الأمة والدولة والعالم الإنساني ؛ بفضل جهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاده مع أصحابه ، ليتغير بهذا الحدث مجرى التاريخ ، الذي تحدث عنه أحد أصحاب النبي بالقادسية قائلا : (جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد ، إلى عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الظالمين إلى عدل الإسلام) . وهكذا فنحن عندما نحتفي بذكرى الهجرة ، إنما نحتفي بنضاله عليه الصلاة والسلام ، وبالرسالة التي حملها لتحرير الإنسانية. لقد تغير معنى الهجرة ، وتغيرت ظروفها، صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما هاجر من مكة ، كان قد تعذر عليه العيش فيها من جهة ؛ لكنه كان من جهة أخرى يملك مشروعا استطاع تحقيقه في بضع سنوات، أما نحن في لبنان فينبغي علينا أن نهجر العصبية والحقد والأنانية والفساد والإفساد وسوء الأخلاق، وكل ما يؤثر سلبا على تقدم الإنسان في لبنان، والنهوض بهذا البلد العزيز الذي يستحق أن يرى النور من جديد على أيدي أبنائه المخلصين من ساسة وعلماء في شتى المجالات، وهذه هي الهجرة التي تنفع لبنان، ويرضى عنها الله عز وجل ورسوله والمؤمنون. في ذكرى الهجرة ، نتذكر قوله صلوات الله وسلامه عليه : (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى . فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه) . فالنية أصل في صحة العمل ، سواء كان العمل بالداخل الوطني، أو عمل مهاجر لبناني قديم من أجل الداخل المعاني". اضاف:" لیست هناك نعمة أحق بالشكر لله عز وجل من نعمة السلام، به يحيا الناس، وفيه يرزقون، وفي ضوئه تكتسب حياتهم معناها. وهكذا فإن الصهاينة دمروا على الفلسطينيين سلامهم وأمنهم عندما أخرجوهم من ديارهم عام ١٩٤٨ ، يكملون الآن ما بدأوه بالقتل والتهجير وغزو المسجد الأقصى ، وتوزيع الحروب. فأين الاستقامة السياسية والاستراتيجية، وأين حياة الناس وسلامهم، وأين سلام الدين وبركة الأنبياء التي أرادها عز وجل، ونشرها فيما بين الكعبة والأقصى: "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل... العالم كله يريد السلام ويحظى به إلا هذه المنطقة من العالم، وهي ملاذ الرسالات والحضارات؟ إنها النقمة والمحنة التي حلت بها بسبب إقامة الكيان العدواني الصهيوني على أرض فلسطين". وقال:"لدينا عهد جديد وحكومة جديدة. وقد تحركت الأمور إيجابا لجهات أربع: التفكير بسلام الوطن، والحفاظ عليه من طريق فرض سلطة الدولة وحدها على الأرض. والأمر الثاني: السعي الحثيث للتصدي للأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية. والأمر الثالث: استعادة قوام القضاء والسفراء والمؤسسات بعد طول تعطل. والأمر الرابع: استعادة العلائق الصحية بالعرب والمجتمع الدولي. كلنا يشعر بأن المسار شديد البطء، ويتخلله الكثير من الصعاب، ومن التذكير ببقاء المحاصات، والفساد، والتجاوز للدستور والقوانين، لكننا أيها الإخوة المواطنون نبقى شديدي الأمل، ونتطلع إلى أن يكون هذا النهج الجديد للحكومة ورئيسها فاعلا حقا في الإصلاح وصنع الجديد والمتقدم. البطء مزعج، والأكثر إزعاجا الظواهر السلبية التي تذكر بالعهد السابق، ولكن ما آن الأوان بعد لعودة الإحباط وترجيح سوء التقدير والتدبير". وتابع:" إن محيطنا كله يغص بالحروب والطغيان الصهيوني، فيكون علينا أن نقف وقفة واحدة متضامنين متعاونين، آملين بهذا الحذر أن نتجنب الانغماس في الحروب التي دمرت وطننا من قبل. لا نملك سلاح الطاغوت الإسرائيلي ، لكننا نملك إرادة العيش المشترك، وإرادة السلام والكرامة، وآمال تحرر هذا المشرق من العدوان والطغيان وطاغوت الجبابرة، وعجز الضعفاء. إن على المسؤولين الجدد والقدامى أن يتنبهوا إلى المسؤوليات الضخام الملقاة على عواتقهم وعقولهم، وأن يحذروا من الاستكانة إلى العادي والمتعارف عليه من تخاذل السابقين وتكالبهم على الدنيا والثروات المتضائلة، والانحيازات غير المحمودة وغير النزيهة". وختم:"في ذكرى الهجرة، نلوذ بالإيمان بك يا الله من هذا الهول ؛ فإنه لا كاشف للغمة إلا أنت . ارفع هذه الغمة عن عبادك ، كما رفعتها عن المهاجرين الصادقين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون﴾ صدق الله العظيم . وكل عام هجري وأنتم بخير ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".


المردة
منذ 6 ساعات
- المردة
شرق أوسط جديد
كتب ناصر قنديل في 'البناء': الأكيد أن غرب آسيا أو ما يُعرف بالشرق الأوسط قد تغيّر بعد الحرب الأميركية الإسرائيلية على إيران، والنهاية التي آلت إليها هذه الحرب، بعدما حدث ما كان موضع تهديد وقلق وسعي لتجنّب حدوثه واستبعاده طوال عقدين على الأقل، وهو الحرب، وقد انتهت الحرب التي يحتفل بنيامين نتنياهو بالانتصار فيها، كما يحتفل دونالد ترامب بعظمة ما أنجزه خلالها، ما يستدعي التدقيق في ماهية الشرق الأوسط الجديد الذي ولد من رحم هذه الحرب، خصوصاً أن نتنياهو جعل تغيير الشرق الأوسط شعاراً لحروبه الممتدّة على مساحة المنطقة التي توّجتها حربه ضد إيران، فما هي الحقائق التي قالتها الحرب بعقل بارد دون حماس وانفعال. الحقيقة الأولى هي أن 'إسرائيل' التي تباهت دائماً بقدرتها على خوض الحرب الحاسمة ضد إيران بمفردها، مكتفية بعدم ممانعة أميركية لفعل ذلك، ظهرت عاجزة عن خوض الحرب إلا كفريق مساعد تحت القيادة الأميركيّة، حيث العمل الهجومي مستحيل دون طائرات التزوّد بالوقود الأميركية، ومعلومات الأقمار الصناعية الأميركية، ودون حشد القدرات الاستخبارية للغرب بقيادة أميركية أمّنت الزج بتنظيم مجاهدي خلق وغيره من التنظيمات العاملة تحت راية واشنطن وباريس ولندن وبرلين، والتنسيق بين الطائرات والأقمار الصناعيّة ومعطيات الميدان يتم في قاعدة العديد في قطر بقيادة الجنرال مايكل اريك كوريلا قائد القيادة المركزيّة في الجيوش الأميركية، أما المهمات الدفاعية وأهمها التصدّي للصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية التي تستهدف كيان الاحتلال فأكثر من نصفها تعتمد على المدمّرات والطائرات الأميركية المرابطة في سواحل البحر المتوسط. الحقيقة الثانية أن أميركا التي هندست الحرب وخططت لها وجهّزت 'إسرائيل' لخوضها وقدّمت لها كل ما يلزم لتحقيق ذلك، عندما وجدت في اليوم الثالث أن 'إسرائيل' عاجزة عن تحمّل التبعات ومواصلة المهمة، احتاجت أياماً للتدخل ولم تستطع تجاوز التدخل المباشر بعملية محدودة، وعندما وضعها الرد الإيراني الرمزي باستهداف قاعدة العديد، بين خياري الخروج من الحرب أو خوضها بسقف أعلى، اختارت الخروج، ووضعت 'إسرائيل' بين خيارَي الخروج معها أو المواصلة وحدها، كما فعلت بعد شهر ونصف من الحرب مع اليمن، وتوضح المناقشات التي رافقت القرارات الأميركية سواء بالتدخل الموضعي أو التملص من دخول الحرب والرد على الرد، يكتشف حجم الممانعة الشعبية والسياسية في أميركا للتورط في الحرب، وخصوصاً حرب إسرائيلية، بعكس الصورة السائدة تقليدياً، إلى حدّ أن الإجماع على العملية المحدودة كان مشروطاً بالتعهد بعدم التورط في حرب تريد 'إسرائيل' توريط أميركا بخوضها عنها وليس معها فقط. الحقيقة الثالثة هي أن إيران التي لم تبدأ الحرب مع 'إسرائيل' ولا بدأتها مع أميركا، بقيت خلال أيام الحرب تكرّر أنها مستعدة لفتح باب الدبلوماسية والتفاوض مجدداً إذا توقف العدوان، ولم ترفع أي شعار أو تضع أي شروط لقبول وقف الحرب. وها هي الحرب التي طالما تمّ تهديد إيران بأنها خيار أميركي على الطاولة، او أنها خيار إسرائيلي لا تستطيع أميركا منع حدوثه ما لم ترضخ إيران للشروط الأميركية، قد تمّ خوضها من أميركا و'إسرائيل'، ولم تعد ورقة ضغط تفاوضيّة، والحرب لم تنجح بإنهاء البرنامج النوويّ في فقراته المقلقة للأميركيين والإسرائيليين وكل الغرب، وهي ليست المفاعلات التي لحق بها الضرر، بل أجهزة التخصيب والعلماء والكميّات المخصّبة على مستوى مرتفع من اليورانيوم وهي بقيت سالمة أو لحقت بها أضرار طفيفة، وصار القلق من انفراد إيراني بالتصرف بها أعلى، وصار الاتفاق مع إيران هو الطريق الوحيد لضمان عدم حدوث ما يسبب المزيد من القلق، خصوصاً إذا علقت إيران تعاونها مع مفتشي الوكالة، أما البرنامج الصاروخي الإيراني فقد نال سمعة عالية بحسن أدائه وظهور حجم مقدراته في هذه الحرب، وصارت الحرب مناسبة تسويقية لانتزاع الإعجاب، بينما مادياً فإن أضراره قابلة للترميم والتعويض وإعادة التكوين للمخزون، والأهم أن جوهر الرهان الغربي الأميركي والإسرائيلي على وجود فرصة لفتح ثغرة أمام مشروع تغيير النظام أو إشاعة الفوضى في إيران أو شق الطريق أمام الحرب الأهليّة قد اختُبرت بأفضل شروط متاحة، وانتهت بفشل ذريع. وهكذا بفعل كل هذه الوقائع صار عدم الاتفاق مع إيران مصيبة والاتفاق معها كارثة. الحقيقة الرابعة هي أن الحرب التي انتهت أمس، غير قابلة للتكرار، فما توفر من فرص لتحقيق أهدافها في عقول مخططيها قبل خوضها، يصعب توافره مجدداً، وقد كشف الواقع محدودية الفرص والمبالغة في التقديرات لقوة الحرب وضعف إيران، ومشاركة أميركا صارت أصعب وانفراد 'إسرائيل' صار أقرب للاستحالة، وثبتت إيران قوة إقليمية عظمى لا مجال لتجاهل الحاجة للتفاهم معها، وهي ما تمثل من الجغرافيا السياسية والاستراتيجية، كحلقة وصل بين تركيا وباكستان، تكمل معهما الحزام الشماليّ الذي يوصل ويفصل روسيا والصين عن الشرق العربي والإسلامي، وتثبيت موقعها يُعيد تثبيت تأثيرها على تحوّلات تركيا وباكستان وتواصلها مع روسيا والصين، ويشكل نواة مشهد دوليّ يصعب تجاوزه، ولا يبدو أنه يتّسع لدور قيادي لـ'إسرائيل' رغم كل انتفاخ نتنياهو إعلامياً. نهاية الحرب على إيران تنهي فترة السماح أمام نتنياهو في حربي لبنان وغزة، بعدما انتهى الرهان على سقوط إيران وتداعيات الدومينو على جبهتي لبنان وغزة، وصار السعي لإنهاء حرب غزة وتطبيق اتفاق لبنان لوقف النار، حاجة ماسّة لتحصين الاستقرار الهش في المنطقة، طالما أن نتنياهو صار بطل الحروب التي يعرف كيف يبدأها ويعجز عن إنهائها.