logo
تحقيق 'ميدل إيست آي': كيف حاولت أمريكا وإسرائيل تقويض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؟

تحقيق 'ميدل إيست آي': كيف حاولت أمريكا وإسرائيل تقويض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؟

في كشف غير مسبوق، نشر موقع 'ميدل إيست آي' البريطاني تحقيقًا استقصائيًا موسّعًا يسلّط الضوء على حملة ضغوط وتهديدات ممنهجة استهدفت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، البريطاني كريم خان، في سياق سعيه لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائم حرب مزعومة في غزة والضفة الغربية المحتلة.
التحقيق، الذي اعتمد على وثائق حصرية وشهادات مصادر مطلعة، يرسم صورة مقلقة لمحاولات تقويض عمل المحكمة والتأثير على قراراتها عبر الترهيب السياسي، والاستخباراتي، والإعلامي، وحتى الشخصي.
ضغوط إسرائيلية وغربية متزامنة
بحسب التحقيق، بدأت الضغوط تتصاعد على خان في أبريل/نيسان 2024، بالتزامن مع اقترابه من تقديم طلبات إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
حينها، هدده وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون بسحب تمويل لندن للمحكمة والانسحاب من نظام روما الأساسي إذا مضى قدمًا في الملف الإسرائيلي.
وفي مايو/أيار، تلقى خان تهديدًا مباشرًا من السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهام، الذي قال له صراحة: 'إذا أصدرت مذكرات اعتقال، فكأنك تطلق النار بنفسك على الرهائن… وسنعاقبك'. تهديدات مماثلة وصلت من أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، متوعدين خان بالعقوبات هو وطاقمه ومنعه من دخول الولايات المتحدة.
ضمن أكثر اللحظات إثارة للقلق، كشف التحقيق عن اجتماع سري في أحد فنادق لاهاي جمع خان وزوجته بمحامي الدفاع البريطاني-الإسرائيلي نيكولاس كوفمان، الذي أبلغه أن لديه تفويضًا غير رسمي من المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية ليعرض عليه 'الخروج من هذا المأزق' مقابل إسقاط مذكرات التوقيف. قال كوفمان لخان: 'إذا لم تفعل، فسيدمرونك وسيدمرون المحكمة'.
ورغم نفي كوفمان لاحقًا أن يكون قد قدّم تهديدًا مباشرًا أو تحدث باسم إسرائيل، إلا أن الاجتماع وُثّق رسميًا في سجلات المحكمة الجنائية الدولية.
الموساد في لاهاي
تحقيق 'ميدل إيست آي' كشف أيضًا أن خان تلقى تحذيرًا أمنيًا من نشاط غير اعتيادي للموساد الإسرائيلي في لاهاي، ما أثار مخاوف جدية على سلامته.
وحسب ما نُقل، فإن المكتب الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب ناقش مع خان ورئاسة المحكمة الحاجة لتعزيز التدابير الأمنية عقب تحذيرات جدية من محاولات اختراق وتخريب.
الادعاءات الجنسية… سلاح للتشهير؟
في خضم هذه التهديدات السياسية، طفت إلى السطح ادعاءات جنسية ضد خان من موظفة في المحكمة، أُغلق بشأنها تحقيقان داخليان بسبب عدم تعاون المشتكية، قبل أن تُفتح مجددًا بشكل مفاجئ في سياق حملة إعلامية مُنظمة.
لكن تحقيق 'ميدل إيست آي' يكشف رسائل نصية ومكالمات هاتفية بين المشتكية وخان، تشير إلى علاقة ودّية ومهنية بين الطرفين حتى بعد وقوع الأحداث المزعومة. بل وتظهر المراسلات أن المشتكية نفسها شعرت بأنها تُستَخدم كـ'بيدق في لعبة لا تريد أن تكون طرفًا فيها'.
الموقع يشير إلى أن توماس لينش، مساعد خان والمكلف بالتنسيق مع إسرائيل، كان من أبرز من دعموا توجيه التهم ضد خان، رغم أنه أعرب سرًا عن شكوكه في صحة الاتهامات لزوجة خان. كما قال محامون بالمحكمة إن هناك 'كتلة داخلية' معارضة لنهج خان، وقد تكون سعت لتقويضه عبر هذه الاتهامات.
وفي وقت لاحق، صرح قاضيان سابقان في المحكمة بأن طريقة تعامل هيئة الرقابة الأممية مع التحقيق ضد خان تثير الشبهات، وتساءلا عن جدوى إعلان اسمه علنًا قبل التحقق من الاتهامات، وهو إجراء لا تُطبَّق فيه عادة قواعد الشفافية القانونية.
زيارة معلقة ورسالة صريحة
في 28 أبريل، أعلنت إسرائيل أنها قد تسمح لخان بزيارة غزة، ما اعتُبر محاولة لإبطاء إجراءات المحكمة. لكن الزيارة لم تتم، وظل خان ينتظر خطابًا رسميًا من تل أبيب، لم يصله أبدًا. في غضون ذلك، استمر الضغط السياسي، حتى أن وزير الخارجية البريطاني كاميرون قال له صراحة: 'ما تنوي فعله كإلقاء قنبلة هيدروجينية'.
وبعد سلسلة من التهديدات، ألغى خان الزيارة، وفي اليوم التالي، أعلن في بيان رسمي طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، إلى جانب قادة في حركة حماس.
في أعقاب إعلانه، بدأت تقارير صحفية، أبرزها في 'وول ستريت جورنال' و'ميل أون صنداي'، بنشر تفاصيل دقيقة حول ادعاءات التحرش، مدعومة بمعلومات خاصة (مثل أرقام هواتف) سربها طرف مجهول يحمل اسمًا عبريًا.
وفي خضم ذلك، نشر موقع 'ميدل إيست آي' أن المشتكية كانت خلال الفترة التي تدّعي فيها تعرضها للاعتداءات، تتلقى دعمًا مباشرًا من خان نفسه في شكوى قدمتها ضد مسؤول قضائي آخر. وقد شاركت طوعًا في تحقيق ضد هذا المسؤول لم يُسفر عن شيء.
استهداف المحكمة نفسها
التحقيق يخلص إلى أن الهدف لم يكن خان وحده، بل المحكمة الجنائية الدولية ذاتها. إذ تكشف الوثائق أن الولايات المتحدة، غير العضو في المحكمة، فرضت عقوبات على قضاة ومسؤولين فيها، فيما هددت بريطانيا بسحب دعمها المالي.
بل وصل الأمر إلى أن أجهزة أمنية هولندية حذرت من أن المحكمة أصبحت هدفًا محتملًا للتجسس والتخريب من دول عدة، من بينها إسرائيل والولايات المتحدة.
يكشف تحقيق 'ميدل إيست آي' عن مدى تسييس العدالة الدولية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وعن أدوات الضغط المتنوعة، من التهديد السياسي إلى الادعاءات الجنسية، التي جرى استخدامها لتقويض عمل المحكمة وعرقلة محاسبة جرائم حرب محتملة في غزة والضفة.
ويبدو أن القضية أبعد ما تكون عن اتهامات فردية، بل تعكس معركة كسر عظم بين من يؤمنون بسلطة القانون الدولي، ومن يرونه مرهونًا بالاستثناءات السياسية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أصداء هيروشيما في غزة... ما الذي سيشهده العالم لاحقاً
أصداء هيروشيما في غزة... ما الذي سيشهده العالم لاحقاً

الرأي

timeمنذ 17 ساعات

  • الرأي

أصداء هيروشيما في غزة... ما الذي سيشهده العالم لاحقاً

- القوة النارية التراكمية التي أُطلقت على غزة تعادل 6 انفجارات بحجم قنبلة هيروشيما مع بدء غبار الحرب بالانقشاع فوق غزة، تلوح في الأفق لحظة حاسمة - لحظة سعى صناع القرار الإسرائيليون جاهدين لتأجيلها... عودة الصحافة المستقلة غير المقيدة. لما يقرب من عامين، مُنع الصحافيون الأجانب من الوصول وأخضعوا لقيود شديدة، حيث أحكم الجيش الإسرائيلي قبضته على وصولهم وسرديتهم. ومع ذلك، لا يوجد حصار معلوماتي دائم. وإذا فشلت في النهاية الخطط واسعة الانتشار للتدمير الشامل والإبادة البشرية والتهجير القسري للفلسطينيين - إذا لم «يتجسد» التطهير العرقي - فإن ما سيكشفه هؤلاء الصحافيون قد يُثير عواقب ليست المؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية مستعدة لمواجهتها يؤثر على سمعة إسرائيل لعقود طويلة. يُحيي العالم ذكرى القصف الاميركي النووي لهيروشيما وناغازاكي، الذي أحرق مدينتين عام 1945 وترك ندبة في ضمير الإنسانية. بعد مرور ما يقرب من 80 عاماً، تواجه غزة قصفاً يتجاوز إجمالي قوته التفجيرية، وفقاً للخبراء، قوة هيروشيما مرات عدة. ورغم عدم إسقاط أي رأس نووي، فإن النتيجة - الإبادة والمجاعة والنزوح الجماعي - لها صدى مخيف. وعندما تعود الكاميرات، قد يثبت الحساب الأخلاقي أنه لا يزال قائماً. في الواقع، أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت إسرائيل، بناءً على تعليمات مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى منع الصحافيين الدوليين من دخول غزة هو الحجم الكارثي للمعاناة الإنسانية. لقد مُحيت عائلات بأكملها، والشوارع، التي كانت تعج بالحياة في يوم من الأيام، أصبحت الآن أطلالاً لا يمكن التعرف عليها. لكن الأهم من ذلك كله، هو الحجم الهائل للدمار الذي أحدثه القصف الجوي الإسرائيلي الذي ترغب تل أبيب في إخفائه. وتشير تقديرات موثوقة إلى أن إجمالي حمولة المتفجرات التي أُلقيت على غزة تجاوزت 100.000 طن. لفهم حجم هذا الرقم: - بلغ إجمالي قصف الحلفاء لمدينة دريسدن خلال الحرب العالمية الثانية 3900 طن. - تعرضت هامبورغ، إحدى أكثر المدن تعرضاً للقصف الجوي، لقصف جوي كثيف، بلغ 8500 طن. - لندن، التي عانت لسنوات من الهجوم الجوي، تلقت 18300 طن. غزة وحدها تلقت أكثر من كل المدن الثلاث مجتمعة. في أوائل عام 2024، أشارت التقديرات بالفعل إلى إسقاط أكثر من 70 ألف طن من الذخائر. وبحلول نهاية ذلك العام، تجاوز الرقم 85 ألفاً. وبحلول منتصف 2025، تم تجاوز عتبة 100 ألف طن، ما يجعل هذا القصف واحداً من أشد القصف في التاريخ العسكري الحديث. ووفقاً لمحللين عدة، بمن فيهم البروفيسور بول روجرز من جامعة برادفورد، فإن القوة النارية التراكمية التي أُطلقت على غزة تعادل ستة انفجارات بحجم قنبلة هيروشيما. أنتجت قنبلة هيروشيما ما يقارب 15-16 كيلوطن (15.000 - 16.000 طن) من القوة التفجيرية المكافئة لمادة «تي إن تي». ورغم أن المقارنة غير دقيقة - بالنظر إلى أن الحملة الإسرائيلية نُفذت عبر مئات الآلاف من الغارات الجوية لاقل من سنتين بدلاً من انفجار فوري واحد - إلا أن المقارنة تساعد على تصور حجم الدمار الذي أحدثته. لماذا تُهم هذه الأرقام؟ لا يقتصر الأمر على القوة النارية فحسب، بل يتعلق أيضاً بالجغرافيا، والكثافة السكانية، وتدمير الحياة نفسها. تبلغ مساحة غزة 360 كيلومتراً مربعاً فقط. هذا يعني أن حملة القصف تمثل أعلى كثافة متفجرة لكل كيلومتر مربع في أي صراع حديث. لم تُستهدف أي منطقة بهذه القسوة والمنهجية في مثل هذه المساحة الصغيرة تضرر أكثر من 70 في المئة من المباني في شمال غزة أو دُمر بالكامل. وتجاوز عدد القتلى المدنيين 60.000 إلى 70.000، حسب المصدر الرسمي الصحي في غزة. ودُمِّرت أحياء بأكملها، بما في ذلك المستشفيات والمدارس ومرافق المياه والمخابز. هذه ليست مجرد حرب، بل هي محوٌّ لمشهد مدينة وإفقارٌ ممنهجٌ لشعبٍ بأكمله. الاستخدام الإستراتيجي للتدمير يجادل النقاد بأن نية إسرائيل ليست عسكريةً فحسب. إن تدمير البنية التحتية لغزة هو شكلٌ من أشكال التهجير الإستراتيجي للسكان، بجعل غزة غير صالحة للسكن، تزيد تل أبيب الضغط على الفلسطينيين للرحيل، رغم الحماية الدولية من التهجير القسري. ومع ذلك، ورغم نطاق الدمار، لا يزال أكثر من مليوني فلسطيني مقيمين. وهنا يكمن الخطر على إسرائيل: إذا فشل التطهير العرقي، وبقي الناس، فسيصبحون شهوداً. وخلال مهمة إغاثة، مُنع مراسل «بي بي سي» على متن طائرة بريطانية تُلقي الطعام في غزة من تصوير أي صور للقطاع. كان صحافياً على درايةٍ عميقةٍ بغزة، وقد أُفيد بأنه شعر بالدمار لما لم يستطع إلا أن يلمحه من الأعلى - أنقاضٌ مُدمَّرة، ومدنٌ مهجورة، وأرضٌ خانقة. كان صمته على الشاشة أبلغ من الكلام. لقد أدركت تل أبيب تماماً ما قد تُثيره حتى بضع ثوانٍ من لقطات غير خاضعة للرقابة: غضب عالمي، وإجراءات قانونية، وانهيار رواية «الحرب الدقيقة» المُصاغة بعناية. ويبدو أن القيادة العسكرية والسياسية تُدرك تماماً أن التهديد الحقيقي ليس الهزيمة العسكرية، بل فضح السردية. ولطالما اعتمدت إسرائيل على ركيزتين إستراتيجيتين لاحتواء رد الفعل العالمي: هيمنة السردية والتغييرات الميدانية التي لا رجعة فيها. تُصوّر الأولى عملياتها العسكرية كأعمال دفاع عن النفس ضرورية، بينما تُرسي الثانية «حقائق» مادية من خلال المستوطنات والمناطق العازلة وإخلاء السكان. إلا أن الحرب على غزة اختبرت حدود كليهما. وإذا بقي الفلسطينيون - مصدومين ولكنهم لا يزالون على أرضهم - فإن هذه الاستراتيجيات تنهار إلى فشل ذريع. وبمجرد سقوط الحواجز أمام وصول الصحافة، قد تجد إسرائيل أن التحدي الأكبر الذي تواجهه ليس حماس، بل التاريخ. لن يواجه الصحافيون العائدون إلى غزة ساحة معركة، بل مقبرة. سيتجولون في الأحياء المدمرة حياً حياً وسيصورون المستشفيات التي قُصفت رغم إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) المسبقة، وسيتحدثون إلى عائلات نجت من أساليب التجويع المتعمدة، وصوّروا أطفالهم وهم يموتون دون ماء أو خبز. لن يكونوا شخصيات مجهولة، بل سيُسمّون ويُجرون مقابلات ويُسمعون في جميع أنحاء العالم. ستُشكّل الأدلة المُجمّعة العمود الفقري للسجلات القانونية والتاريخية. بالفعل، ترسم شهادات الناجين ولقطات الطائرات من دون طيار التي نشرتها المنظمات غير الحكومية صورةً مُرعبة. لكن هذه الروايات، التي لا تزال هامشية في وسائل الإعلام الغربية، ستصبح محوريةً بمجرد التحقق منها بشكل مستقل. تواطؤ وسائل الإعلام وخطر التمزق لطالما فشلت وسائل الإعلام الغربية في مواجهة الفظائع في الوقت الفعلي. من رواندا إلى البوسنة، غالباً ما وصل الصحافيون متأخرين جداً - أو تم تكميم أفواههم حتى فات الأوان. في رواندا، استغرقت الصحافة أسابيع لتسمية «إبادة جماعية» كانت تتكشف على مرأى من الجميع. في البوسنة، وقعت مذبحة سريبرينيتشا بعد سنوات من التغطية المُلطّفة التي وصفت التطهير العرقي الصربي بأنه «صراع مُعقّد». في غزة، يكون التواطؤ أكثر حدة. رددت وسائل إعلام رائدة التصورات الحكومية الإسرائيلية، واصفةً المجاعة الجماعية بأنها «متنازع عليها»، ومصوّرةً الحصار بأنه «سياسة أمنية». لكن الوضع قد يتغير. فثقة الجمهور في هذه الروايات آخذة في التآكل. وقد يُفسد الصحافيون العائدون من غزة هذا التفاهم القائم منذ زمن، خاصةً إذا تناقضت لقطاتهم ومقابلاتهم مع أشهر من التقارير الرسمية. لم يعد السؤال المطروح هو ما إذا كانت وسائل الإعلام ستغطي غزة، بل ما إذا كانت ستجرؤ على نقل ما تراه. فإذا عاد الصحافيون قبل اكتمال التهجير القسري، فإن إسرائيل تُخاطر ليس فقط بسمعتها، بل بالكشف القانوني أيضاً. قد تُؤدي أدلة جرائم الحرب - كالتهجير القسري، واستخدام التجويع كسلاح، وتدمير البنية التحتية المدنية - إلى مقاضاة بموجب القانون الدولي. وقد حذّرت المحكمة الجنائية الدولية بالفعل من أنها تراقب الوضع. وقد تُبادر الدول ذات الولاية القضائية العالمية إلى رفع دعاوى قضائية. وكما كان الحال مع مرتكبي «الإبادة الجماعية» في رواندا وقادة صربيا، غالباً ما تتبع الإجراءات القانونية سيل الصور، وليس انتصار المعركة. لعقود، صوّرَت إسرائيل نفسها كديمقراطية. وقد مكّن هذا السرد من تأطير الحروب الموسعة حسب الضرورة. لكن من دون نزوح جماعي، ومن دون تهجير سكان غزة من أرضهم، سيشهد العالم فشل هذا السرد. ومع حرية الوصول غير المقيدة، سيكشف الصحفيون الهجمات غير المتناسبة على البنية التحتية المدنية، وخرافة «الضربات الجراحية»، والاستهداف الممنهج للمستشفيات والمدارس والملاجئ. إن أكثر وسائل الحماية فعالية لإسرائيل - الغطاء الدبلوماسي الأميركي والأوروبي - بدأ يتصدع. إذا وثّق الصحافيون العائدون فظائع لا يمكن انكارها، فسيتزايد الضغط على الحكومات الغربية لتجميد مبيعات الأسلحة، وربط المساعدات بشروط، ودعم تحقيقات جرائم الحرب. وبالفعل، تدعو بعض البرلمانات إلى فرض حظر وتحقيقات مستقلة. ما بدا مستحيلاً في السابق - العقوبات الغربية على إسرائيل - قد يصبح قابلاً للتطبيق سياسياً إذا أصبحت تكلفته المعنوية باهظة للغاية. ولعل أعمق جرح سيكون رمزياً. فالرواية الصهيونية، المبنية على فكرة اللجوء من الاضطهاد، قد تتصدع بشكل لا رجعة فيه. قد تقلب صور غزة - عندما يبثها صحافيون من لندن أو باريس أو ساو باولو أو جوهانسبورغ - قطبية التعاطف العالمي. قد يُنظر إلى «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» ليس كضحية، بل ككيان خطر مسلح نووياً وتوسعي. لو نجحت الخطة - نقل الفلسطينيين إلى الخارج - لربما أصبحت غزة منطقة صامتة. الأراضي الخالية لا تشهد. لكن إن بقي أهلها، فسيكونون الأرشيف الحي لهذه الحرب. سيتحدثون، ويكتبون، ويصورون، ويتذكرون. سيعلمون أطفالهم ليس فقط البقاء، بل الصمود والكرامة وما فعل الصهاينة بهم، وستبقى قصصهم بعد هذه الحرب.

ساعر يهاجم تظاهرة في أستراليا طالبت بوقف الإبادة في غزة
ساعر يهاجم تظاهرة في أستراليا طالبت بوقف الإبادة في غزة

المدى

timeمنذ 4 أيام

  • المدى

ساعر يهاجم تظاهرة في أستراليا طالبت بوقف الإبادة في غزة

هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، تظاهرة حاشدة انطلقت في مدينة سيدني الأسترالية دعما للفلسطينيين وللمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة. وتظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص، صباح الأحد، على جسر ميناء سيدني الشهير ضد إسرائيل ومن أجل الفلسطينيين في غزة، حاملين لافتات تصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على هيئة أدولف هتلر، ولوحوا بلافتات تحمل تعليقات مثل '(فلسطين) من البحر إلى النهر' و'إسرائيل تقتل الأطفال في غزة'، وفق صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية. وتعليقا على ذلك، زعم ساعر، في تدوينة بالإنكليزية على إكس، أن 'التحالف المشوَّه بين اليسار الراديكالي والإسلام الأصولي يجر الغرب للأسف إلى هامش التاريخ'. وأرفق منشوره بصورة لأحد المتظاهرين في سيدني يحمل صورة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وعلق وزير الخارجية الإسرائيلية: 'في الصورة متظاهرون متطرفون عند جسر ميناء سيدني اليوم يحملون صورة المرشد الأعلى لإيران، الزعيم الأكثر خطورة في الإسلام الأصولي، وأكبر مُصدّر للإرهاب في العالم ومنفّذ جماعي لعمليات الإعدام'، على حد قوله. وجرى تنظيم تظاهرة سيدني تحت شعار 'مسيرة من أجل الإنسانية'، وحمل بعض المشاركين أواني طهي رمزا للمجاعة في غزة. وردد المتظاهرون هتافات من بينها 'أوقفوا الإبادة الجماعية'، و'كلنا فلسطينيون' وظهر الكثيرون منهم وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية، وفق 'يديعوت أحرونوت'.​​​​​​​

مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان
مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان

الرأي

timeمنذ 5 أيام

  • الرأي

مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان

في غزة، المجاعة ليست نتاجاً للحرب، بل هي الحرب نفسها. وليست فشلاً لوجستياً، بل نجاحاً إستراتيجياً. وفي هذه الكارثة المتكشفة، لا يقف الغرب متفرجاً؛ بل هو فاعل محوري. فبينما تُشدد الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حصارها على غزة، يواجه الملايين من المدنيين مجاعة مُدبّرة. وهذا ليس عرضياً، بل نتيجة قرارات مدروسة تقضي بقطع الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمساعدات الإنسانية، وعرقلة قوافل الإغاثة. فما يحدث ليس كارثة طبيعية، بل مجاعة من صنع الإنسان، فُرضت بدقة سريرية. ورغم الأدلة الدامغة والاستنكار الدولي، رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي محاسبة إسرائيل. والأسوأ من ذلك، أنهما يواصلان تسليح وتمويل وحماية الكيان المسؤول عن أحد أكثر الحصارات وحشية في القرن الواحد والعشرين. وتستغل حكومة نتنياهو المجاعة لتحقيق هدف سياسي يتجلى في التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين في غزة. وتتوافق هذه الإستراتيجية في شكل مقلق مع التعليقات التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أسابيعه الأولى من تسلمه منصبه، عندما اقترح، بحسب التقارير، تحويل غزة إلى «ريفييرا» ومشروع عقاري مربح - وهو طموح يردد صدى انتصاراته التجارية في مانهاتن. وفي تطور رمزي مرعب يعكس حجم التواطؤ، زار مستشار ترامب ومبعوثه الخاص وقطب العقارات ستيف ويتكوف غزة وبقي لمدة خمس ساعات في نقطة توزيع الغذاء - التي يطلق عليها في شكل سيئ السمعة «منطقة فخ الموت» - حيث يُستهدف الفلسطينيون الذين يسعون للحصول على المساعدة في شكل روتيني. كانت الرسالة واضحة وهي أن الولايات المتحدة لا تراقب فحسب، بل تشارك في تنفيذ هذه السياسة المتمثلة في فرض المجاعة كسلاح وفي الحملة الأوسع للتغيير الديموغرافي القسري. ومما يزيد من تفاقم المأساة التواطؤ شبه التام للمجتمع الإسرائيلي، حيث يستحوذ مصير 20 رهينة إسرائيلياً على الخطاب العام، بينما مازال 2.5 مليون فلسطيني جائع ومحاصر غير معترف بهم إلى حد كبير. كما تحدث ترامب عن «صغر مساحة إسرائيل» و«حاجتها إلى التوسع» - وهو خطاب يتماشى تماماً مع رؤية «إسرائيل الكبرى» التي يتبناها الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل حالياً. لذا، فإن هذه الحرب ليست مجرد حملة عسكرية، بل جزء من أجندة توسعية أوسع. فبينما تُدمر غزة بالقنابل والمجاعة، يواصل الجهاز الأيديولوجي نفسه السعي لضم الضفة الغربية، بدعم أميركي ورضوخ أوروبي. مجاعة مُدبرة لا تنشأ المجاعات بين عشية وضحاها. إنها ليست ظواهر عفوية تنبثق من الفوضى بل تتطلب عرقلة مستمرة لطرق الإمداد، وإيصال المساعدات، والزراعة، والصرف الصحي، والبنية التحتية المدنية. في حالة غزة، تجاوز الحصار بكثير مجرد إجراء حربي؛ بل أصبح أداة للسيطرة على السكان. وقد أوضحت حكومة نتنياهو هذه النية في وقت مبكر من الحرب، حين أعلن وزير الدفاع في حينه يوآف غالانت «حصاراً كاملاً»، مضيفاً: «لا كهرباء، لا طعام، لا وقود... كل شيء مغلق». منذ تلك اللحظة، دقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر. وحذّر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو المرجع المعترف به من الأمم المتحدة بشأن المجاعة، من أن غزة قد دخلت أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي. وأعلنت اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي أن الأطفال يموتون من سوء التغذية والجفاف. ورغم الإجماع المتشائم بين الوكالات الدولية، مُنعت المساعدات وقُصفت قوافل الدقيق، وقُتل عمال الإغاثة واستُهدفت المخابز لتجويع غزة لإخضاعها. اعتراف ترامب و... تقاعسه في لحظة نادرة من الصراحة، أقرّ ترامب بأن صور المجاعة من غزة «حقيقية وصادمة». هذا الاعتراف مهم. فهو يُزيل أي إنكار معقول. فلم تعد أقوى حكومة في العالم جاهلة - بل مُطّلعة، ومع ذلك، تواصل تزويد إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، إلى جانب الذخائر الموجهة بدقة، وتقنيات المراقبة، والحماية الدبلوماسية في مجلس الأمن الدولي. ويكشف هذا التناقض بين القيم المعلنة والسياسة الفعلية عن عمق التواطؤ الأميركي. بينما تتجذر المجاعة في مخيمات اللاجئين بغزة، وتُجبر المستشفيات على استخدام الخل كمطهر، تُزوّد الطائرات الأميركية الطائرات الحربية الإسرائيلية بالوقود وتعرقل واشنطن من خلال حق النقض (الفيتو)، كل محاولة جادة لوقف النار أو المساءلة في الأمم المتحدة، ما جعل القانون الدولي خاملاً. ولم يعد الأمر يتعلق بتحالف إستراتيجي، بل يتعلق بالتخلي الأخلاقي. إن حكومة تُقرّ بحقيقة المجاعة، ثم تُسرّع في تسليم القنابل للنظام المُسبّب لها، ليست محايدة. بل هي شريك كامل. فشل أوروبا في المبادئ لقد خان الاتحاد الأوروبي، هو الآخر، القيم التي يدّعي تمثيلها. فبينما يُصدر قادة الاتحاد الأوروبي تصريحات جوفاء حول القانون الدولي وحماية المدنيين، فإنهم رفضوا رفضاً قاطعاً في الوقت عينه فرض عقوبات جادة على إسرائيل - حتى بعد استهداف البنية التحتية الممولة أوروبياً في غزة. في بروكسل، حل الشلل محل المبادئ، فالعواصم الأوروبية منقسمة بين من يُريد رداً مدروساً على عدوان إسرائيل ومن يُصرّ على الدعم غير المشروط. نتيجةً لذلك، فشل الاتحاد الأوروبي في إقرار حظرٍ رمزيٍّ على الأسلحة، رغم اتخاذه قراراً سريعاً رداً على غزو روسيا لأوكرانيا، وتالياً فإن عدم الاتساق يكشف عن التطبيق الانتقائي لحقوق الإنسان في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وعندما يتعلق الأمر بغزة، لا تُطبّق المعايير نفسها. ففي مواجهة المجاعة وجرائم الحرب والتطهير العرقي، لم تُقدّم أوروبا سوى بيانات صحافية مُصاغة بعناية ومنهم من جمد العلاقات التجارية فقط. وقد خرجت سلوفينيا أخيراً عن المألوف عندما أصبحت أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تحظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل وتُدين منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكنها تُعتبر وحيدة تقريباً. وتُواصل ألمانيا وفرنسا تصدير الأسلحة والتعاون الاستخباراتي، بينما مازالت تجارة الاتحاد الأوروبي الإجمالية مع إسرائيل دون انقطاع. ومن هنا فإن هذه ليست إجراءات محايدة، بل هي دعامات هيكلية. من درع تاريخية إلى انهيار أخلاقي لعقود، صاغت إسرائيل بمهارة أفعالها من خلال عدسة الصدمة التاريخية، مُستدعيةً الهولوكوست ومُوجّهةً اتهاماتٍ بمعاداة السامية لعزل نفسها عن النقد. ولطالما شكّلت هذه الرواية عن الضحية الأبدية درعاً دبلوماسية، تُضعف التدقيق، وتُسكت المعارضة، وتُحيّد حتى أكثر الدعوات إلى المساءلة اعتدالاً. لكن هذه الدرع بدأت تتصدع. إذ إن الهجوم المستمر على غزة، والذي اتسم بسقوط عشرات الآلاف من المدنيين، ومجاعة قسرية، وتدمير ممنهج، قد كشف عن حقيقة قاتمة، وهي انه لم تعد إسرائيل تُعتبر ضحية، بل مُدبّرة لكارثة حديثة. فما يتكشف ليس نتيجة مؤسفة للحرب، بل حملة متعمدة من التطهير العرقي والعقاب الجماعي، تُنفّذ بذريعة الأمن. فأحياء بأكملها ومستشفيات ومدارس سُوّيت بالأرض ومخيمات اللاجئين أصبحت مقابر وتحولت غزة إلى مقبرة أمام أعين العالم، وإسرائيل، بعيداً عن إنكار أفعالها، اتخذتها وساما ردعا. وتُعتبر إسرائيل الآن على نطاق واسع واحدة من أكثر الأطراف وحشية في الحروب المعاصرة، وهي تتميز في شكل مأسوي بكونها الرائدة عالمياً في التسبب بوفيات المدنيين، خصوصاً بين الأطفال والنساء. إذ لم تُحوّل أي حملة عسكرية أخرى في التاريخ الحديث الموت الجماعي إلى أمر روتيني مُتلفز بهذا القدر. أياً كان الادعاء الأخلاقي الذي تبنته القيادة الإسرائيلية يوماً ما - إن كان لها ادعاء أصلاً - فقد دُفن منذ زمن طويل تحت أنقاض صنعتها بنفسها. لم يعد المجتمع الدولي يرضخ للتبريرات التاريخية، ولا لدعوات الاستثنائية. فصور الأطفال الجائعين، والمستشفيات المُدمرة، والأسر المُهجّرة هي التي ستبقى في ذاكرة الشعوب. ومع كل ضربة، وكل فيتو، وكل محاولة لتبييض هذه الأفعال من خلال العلاقات العامة وكسب التأييد، تتعمق عزلة إسرائيل. ما كان مستحيلاً في السابق أصبح لا يمكن إنكاره الآن لاسيما في ظل جوقة متنامية عبر القارات تضمّ علماء قانون، وهيئات حقوق إنسان، وحتى أصواتاً يهودية تُسمّي هذا الأمر بمسمّاه. ليس حرباً، بل اعتداءً مُدبّراً على شعب أسير. وفي هذه العملية، حلّ الازدراء العالمي محلّ الإذعان. إذ أصبحت إسرائيل واحدة من أكثر الدول إثارةً للازدراء في العصر الحديث - ليس بسبب التضليل الإعلامي، بل بسبب وضوح أفعالها وجرأة إفلاتها من العقاب. هذا نتيجة قرارات اتُخذت، وجرائم حرب مُوثّقة وغطرسة تجلت في المجازر، وفخر بالدمار. الذاكرة التاريخية التي حمت إسرائيل يوماً ما من النقد فقدت فاعليتها. لا الذاكرة ولا الضغط السياسي يستطيعان إخفاء حجم الدمار الذي لحق بغزة. لقد تحطمت الدرع التاريخية، وما تبقى هو سجل طويل مُدان سيُلاحقها في أرشيف القانون الدولي والحكم الأخلاقي. التاريخ، الذي كان حليفاً في يوم من الأيام، سيكون الآن المدعي العام. القانون الدولي والنفاق السياسي بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يُعد استخدام التجويع كسلاح حرب، "جريمة حرب". وكذلك استهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية الأساسية، ومنع المساعدات الإنسانية. وترتكب إسرائيل هذه الأفعال أمام أعين الجميع، وتفعل ذلك بدعم من اثنتين من أقوى الكتل في العالم. القوى الغربية نفسها التي تدعو إلى «نظام دولي قائم على القواعد» في أوكرانيا وأمكنة أخرى، تصمت فجأةً عندما تنتهك إسرائيل تلك القواعد. القادة أنفسهم، الذين فرضوا عقوبات على دول بأكملها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، يجادلون الآن بأنه يجب الحكم على إسرائيل «في سياقها»... لقد أصبح مستوى النفاق مُذهلاً. لكن سياق غزة واضح: إنها سجن مكشوف ومدمر تحت الحصار، حيث تستباح كل ضرورة أساسية للحياة. والآن، بتوجيهات نتنياهو، أصبح التجويع سياسة حكومة. للغرب القدرة على وقف هذا. الولايات المتحدة قادرة على وقف شحنات الأسلحة والدعم السياسي. ويمكن للاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقيات التجارة فوراً ولكن بدلاً من ذلك، اختاروا تبرير المجرم، وتصوير إفلات إسرائيل من العقاب على أنه «دعم لحليف»، وتالياً فإن التاريخ سيسجل ليس فقط ما حدث في غزة، بل من سمح بحدوثه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store