
فرنسا وبريطانيا.. شراكة الضرورة
زيارة ماكرون إلى لندن تحمل رمزية تتجاوز البروتوكول، إذ إنها تشير إلى أن مرحلة جديدة في العلاقة الأوروبية بدأت في التشكل، متجاوزة خصومة الأمس نحو شراكة محسوبة، فخلال السنوات الماضية، سيطرت الشكوك وسوء النية على العلاقة، حيث رأى البريطانيون في ماكرون رمزاً أوروبياً يُعادي قرارهم السيادي، بينما اعتبر الفرنسيون أن لندن أصبحت شريكاً غير موثوق، وأنها أقرب إلى واشنطن منها إلى جيرانها، وبلغت الأزمة ذروتها مع صفقة الغواصات الأسترالية التي استُبعدت منها فرنسا لمصلحة تعاون بريطاني-أمريكي، ما عمّق الجراح وزاد الهوة بين الجانبين.
المشهد السياسي العالمي وتبدل الحكومة في بريطانيا، أسهما في دفع الجانبين نحو إعادة العلاقات، فصعود كير ستارمر إلى رئاسة الحكومة البريطانية، أعاد البراغماتية إلى الواجهة، وعلى الرغم من عدم قدرته، راهناً، على إلغاء «بريكست»، فإنه يدرك أن خفض كُلفة الانفصال يمر عبر التعاون مع أوروبا، وباريس تحديداً، ومن جانبها تُقدر فرنسا أن بريطانيا على الرغم من خروجها من الاتحاد، فإنها تبقى قوة نووية وعضواً دائماً في مجلس الأمن، ولا يمكن تجاوزها في أي مشروع أمني أوروبي جاد.
تدرك دول الاتحاد الأوروبي، أن التحديات التي تواجهها، وأبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، تحتم عليها التعاون فيما بينها على الصعد كافة، ولقد تنبه ماكرون إلى ضرورة ذلك، فحمل في جعبته الكثير من رؤى التعاون المشترك إلى بريطانيا، أبرزها تجديد معاهدة «لانكستر هاوس» الدفاعية، وطرح مقترحات لتنسيق نووي أوروبي، وتوسيع التعاون في البلطيق والقطب الشمالي، ضمن رؤية أوروبية أكثر استقلالاً عن المظلة الأمريكية.
صحيح أن الخلافات بين دول القارة لم تنتهِ، من ملف الهجرة، وغيره، إلا أن الإرادة السياسية المتجددة أقوى من هذه العقبات، وهو ما تؤكده استطلاعات الرأي التي أظهرت رغبة شعبية واسعة في البلدين لتعزيز التعاون الدفاعي، وربما بناء قدرة ردع أوروبية مشتركة. وما يجمع لندن وباريس اليوم لم يعد مجرّد مصالح، بل قناعة مشتركة بأن التهديدات الراهنة تتطلب شراكة حقيقية تتجاوز الماضي نحو مستقبل أوروبي أكثر أماناً وتماسكاً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 5 دقائق
- صحيفة الخليج
كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل
أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الخميس، عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، لينضم بذلك إلى عدد من الدول الأوروبية التي اتخذت هذه الخطوة. وقال كارني في تصريحات صحفية:«الاعتراف بفلسطين يستند لإصلاحات تشمل إصلاح نظام الحكم، وإجراء انتخابات عامة في عام 2026 بدون مشاركة حركة حماس ونزع سلاح الدولة الفلسطينية».


سكاي نيوز عربية
منذ 22 دقائق
- سكاي نيوز عربية
اعتراف بريطانيا بفلسطين.. خطوة رمزية أم بداية لزمن جديد؟
قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ويتقاسم المنتصرون فيها تركة الإمبراطورية العثمانية، سارع وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت آرثر بلفور وتحديدا عام 1917 إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني.


صحيفة الخليج
منذ 5 ساعات
- صحيفة الخليج
السماح لـ«فلسطين أكشن» بالطعن في قرار حظرها ببريطانيا
لندن - أ ف ب سمح القضاء البريطاني لمجموعة «فلسطين أكشن» المؤيّدة للفلسطينيين، بالطعن في قرار حظرها الذي اتخذته حكومة كير ستارمر العمّالية مطلع يوليو/ تموز الجاري. واتّخذ قرار حظر «فلسطين أكشن» الذي دخل حيّز التنفيذ في وقت سابق من الشهر، بالاستناد إلى قانون مكافحة الإرهاب في بريطانيا، بعدما اقتحم نشطاء في الحركة قاعدة جوّية في جنوب إنجلترا ورشّوا طلاءً أحمر على طائرتين فيها، متسبّبين بأضرار بقيمة 7 ملايين جنيه إسترليني. وأُودع أربعة نشطاء في المجموعة الحبس الاحتياطي، بعد مثولهم أمام القضاء على خلفية الواقعة. وندّدت «فلسطين أكشن» بقرار حظرها باعتباره مساساً بحرّية التعبير. وإثر حظر المجموعة، يصبح الانتماء إليها، أو تأييدها فعلاً إجرامياً يُعاقب عليه بالسجن لمدّة قد تصل إلى 14 عاماً. ومنذ دخول الحظر حيّز التنفيذ، أوقفت الشرطة البريطانية مئتي متظاهر على الأقلّ، خاصة خلال تظاهرات أقيمت تأييداً لها. وقامت إحدى مؤسِسات المجموعة هدى عموري برفع التماس إلى المحكمة العليا في لندن لتخوّلها الطعن في قرار الحكومة البريطانية. والأربعاء، اعتبر القاضي مارتن تشامبرلاين، أنه من الممكن «المجادلة على نحو معقول» في أن حظر «فلسطين أكشن» يشكّل «تدخّلاً غير متكافئ» في حقّ الشاكية بحرّية التعبير، وحرّية التجمّع. وأثار حظر هذه المجموعة التي تقول: إنها «ملتزمة بوضع حدٍّ للدعم العالمي لنظام الإبادة والفصل العنصري في إسرائيل» انتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية وندّد به خبراء أمميون باعتبار، أن «أضراراً مادية بسيطة لا تعرّض حياة أحد لخطر ليست خطرة لدرجة توصف بالإرهاب». والأسبوع الماضي، دعا المفوّض الأممي السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك حكومة كير ستارمر إلى إلغاء هذا الحظر باعتباره «غير متناسب». وفي العام 2022، اقتحم نشطاء من «فلسطين أكشن» موقعاً تابعاً لشركة «تاليس» للصناعات الدفاعية في غلاسكو وكانوا قد اقتحموا العام الماضي فرعاً لشركة الأسلحة الإسرائيلية «إلبيت سيستيمز» في بريستول. وفي مارس/آذار الماضي، دخلوا ميدان غولف تابعاً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جنوب غرب إسكتلندا وكتبوا على عشبه «غزة ليست للبيع».