
الظلم كآلية لتآكل المناعة الإنسانيّة: قراءة سوسيو شرعيّة في جدليّة العنف الرّمزي والصبر
* د. عبد الله شنفار
حين يتسلّل الظلم إلى بنية المجتمع، هل يختبر مناعة أفراده أم يعيد صياغة هذه المناعة وفق شروطه هو؟ وهل يمكن للإنسان أن ينجو من آثار الظلم دون أن يتحوّل على نحو غير واعٍ إلى نسخة مصغّرة من ظالمه؟
هنا يتقاطع البعد الشرعي، الذي يحرّم الظلم حتى بمقدار الذرّة، مع التحليل السوسيولوجي الذي يرى في الظلم الممنهج نظامًا متكاملًا لإعادة إنتاج الخضوع وإضعاف القدرة على المقاومة.
في هذه المساحة الرماديّة، حيث يتجاور النص الديني مع النقد الاجتماعي، تتشكّل أسئلة المصير الفردي والجماعي.
* أولًا: إعادة إنتاج الظلم عبر أنماط الاستجابة
يبدو أن الظلم لا يُنتج ردود فعل أحادية، بل يفتح أمام الإنسان مسارات متباينة، لكل منها مفاعيله ومآلاته، فنجد:
1. صنف يندفع إلى المواجهة العنيفة، كأن الظلم أيقظ وحشًا كان نائمًا في أعماقه، فتغدو ردة الفعل امتدادًا للفعل نفسه، وكأن دورة العنف اكتملت بحلقة جديدة.
2. وصنف يختار الانفجار اللفظي المؤقت، كصرخة في فراغ، يتلاشى صداها مع الزمن تاركًا أثرًا باهتًا في ميزان القوى.
3. أما النمط الثالث فيكتفي بضبط النفس، مسلّمًا الأمر لعدالة السماء، متمترسًا وراء الذكر والدعاء.
لكن، إذا كان الصبر يوفّر للفرد سلامًا داخليًا، فهل يترك البنية الظالمة على حالها؟ وإذا كان الانفجار الغاضب يفرغ التوتر، فهل يمنع تكرار الظلم، أم يهيئ المسرح لدوّامة جديدة من القهر؟ وإذا كان العنف يفرض ميزانًا جديدًا للقوّة، فهل يحافظ على إنسانيّة الفاعل أم يمحوها؟
* ثانيًا: مفهوم الظلم في ميزان النص القرآني والحديث النبوي
النص الشرعي يتعامل مع الظلم بدقة رياضيّة ولغوية؛ فيحرّمه على جميع المستويات:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.) (سورة النساء، الآية 40)؛
(وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا.) (سورة النساء، الآية 49)؛
(وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (سورة الكهف، الآية 49).
وفي الحديث القدسي: (يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا.) (رواه مسلم).
هذه الدقة في التحريم توحي بأن الظلم ليس مجرد خطأ أخلاقي أو انحراف شخصي، بل اختلال جوهري في ميزان الكون. لكن، إذا كان النص قد رسم هذا السقف الأخلاقي المطلق، فلماذا يبدو أن المجتمعات البشرية تعجز؛ في كثير من الحالات؛ عن ترجمة هذا المبدأ إلى واقع مؤسسي صلب؟
* ثالثًا: المناعة الإنسانية: بين المفهوم الجسدي والبنية الاجتماعية
المناعة، في بعدها البيولوجي، هي قدرة الجسم على مقاومة العوامل الممرضة. لكن ماذا عن المناعة في بعدها الاجتماعي والنفسي؟ هل يمكن قياس قدرة الإنسان على مقاومة الظلم كما نقيس مقاومته للمرض؟
يمكن النظر إلى المناعة الإنسانية في ثلاثة مستويات مترابطة:
1. جسديّة: حيث يؤثر القهر المزمن على الصحة البدنية، من ارتفاع ضغط الدم إلى ضعف جهاز المناعة البيولوجي.
2. عاطفيّة: حيث يولّد الظلم طاقات من الحقد والكراهيّة قد تتحوّل إلى عنف.
3. فكريّة: حيث يزرع الظلم بذور التطرف، ممهّدًا الطريق إلى الإرهاب أو الانسحاب الكامل من الشأن العام.
لكن، إذا كان الظلم الممنهج يُفكك هذه المستويات مجتمعة، فهل تكفي الإرادة الفرديّة في ترميمها، أم أن الأمر يتطلب بيئة مؤسسيّة قادرة على منع الظلم أصلًا؟
* رابعًا: السوسيولوجيا النقدية والظلم الممنهج
وفق مقاربة العنف البنيوي، ليس العنف مجرد فعل مباشر، بل هو أيضًا غياب للعدالة، ووجود لنُظم تمييزية تخلق طبقات متفاوتة في الحقوق والفرص. الظلم الممنهج، بهذا المعنى، ليس حدثًا عابرًا بل بنية منتجة للفوارق، قادرة على إعادة إنتاج نفسها عبر مؤسسات التعليم والاقتصاد والقانون.
في المجتمعات التي تغيب فيها آليات القسط، يصبح الظلم لغةً يومية غير مرئية، يتشربها الأفراد حتى دون وعي.
فكيف يمكن الحديث عن مناعة ضد الظلم في بيئة تنتج الظلم وتعيد تدويره باستمرار؟ وهل يمكن لهذه المناعة أن تنمو خارج مؤسسات عادلة، أم أنها ستظل هشّة، فردية، وقابلة للانكسار؟
* خامسًا: الصبر والعنف: حدود الجدوى الأخلاقية والعملية
الصبر قيمة أخلاقية عليا في الإسلام، لكنه قد يتحوّل في السياق الاجتماعي إلى أداة لإدامة الوضع القائم إذا فُهم على أنه انسحاب من الفعل. والعنف، وإن كان يحقق أحيانًا ردعًا فوريًا، فإنه يحمل خطر التحول إلى ظلم مضاد.
بين هذين النقيضين، هل يوجد مسار ثالث، قادر على الجمع بين المبدئيّة الأخلاقيّة والفعاليّة العمليّة؟ وهل يمكن لهذا المسار أن يتجنب فخاخ إعادة إنتاج الظلم باسم مقاومته؟
* سادسًا: أسئلة متداخلة في قلب الظاهرة
في كل مسار من هذه المسارات الثلاثة، تظل مجموعة أسئلة خفيّة، تتمحور حول: ما هو الثمن الذي ندفعه مقابل النجاة من الظلم؟ وهل النجاة فعل فردي أم مشروع جماعي؟ وهل يمكن للمجتمعات أن تبتكر 'لقاحًا ثقافيًا' يمنح أفرادها مناعة ضد الظلم دون أن يحوّلهم إلى نسخ متصلبة، فاقدة للمرونة الإنسانية؟
* خلاصة مفتوحة:
الظلم، بقدر ما هو تهديد مباشر للحقوق والكرامة الوُجُديّة للإنسان؛ هو أيضًا عملية طويلة الأمد لتآكل المناعة الإنسانيّة.
الأنماط الثلاثة للاستجابة المتمحورة حول: العنف والانفعال المؤقت والصبر؛ تكشف لنا أن ردّ الفعل ليس مجرد خيار شخصي؛ بل نتاج لبنية ثقافيّة واجتماعيّة ودينيّة.
لكنّ المعضلة الحقيقيّة ليست فقط في كيفيّة الرد على الظلم؛ بل في كيفيّة الحيلولة دون أن يصبح ردّنا صورة أخرى من الظلم ذاته.
هنا، ربما، يكمن جوهر المسألة: أن نحمي إنسانيّتنا ونحن نقاوم، وأن نحافظ على قدرتنا على العدل ونحن نطالب به.
* نبذة موجزة حول الدكتور شَنْفَار عَبْدُ اللَّهِ؛
المفكّر والباحث المغربي المتخصّص في العلوم القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، والناشط في الرصد والتحليل السياسي والاجتماعي والأنثروبولوجي والاقتصادي والثقافي والبيئي؛ من مواليد 13 يونيو 1970 بفم زكيد إقليم طاطا؛
يُعد من أبرز الأسماء في المشهد الأكاديمي والثقافي بالمغرب.
– محصل على شهادة الإجازة في الحقوق (تخصص الإدارة الداخليّة)
– ومحصل على شهادتين للدراسات العليا:
1. الأولى في علم السياسة
2. والثانية في علم الإدارة.
– محصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإداريّة.
– محصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق
* وذلك كله بكليّة الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش
* له عدة إسهامات فكريّة ومقالات تحليليّة ترصد التحوّلات المجتمعيّة وتقدّم قراءات نقديّة للتحديات الراهنة في المغرب والعالم العربي والإسلامي، من أبرز مؤلفاته:
* الإدارة المغربية ومتطلبات التنمية (2000).
* الفاعلون المحليّون والسياسات العموميّة المحليّة (2015)،
* والفاعلون في السياسات العموميّة الترابيّة (2020).
* الصوفيّة وأدوارها في الأمن المجتمعي: من آليات الضبط التقليدي إلى رهانات الاستئناف الروحي في زمن الأزمات (كتاب جماعي (2025)
إيطاليا تلغراف
السابق
قمة روسية أمريكية ستعقد في ألاسكا لبحث سبل وقف الحرب في أوكرانيا
التالي
نتنياهو: لا أريد إطالة الحرب وهدف إسرائيل ليس احتلال غزة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 3 أيام
- إيطاليا تلغراف
الظلم كآلية لتآكل المناعة الإنسانيّة: قراءة سوسيو شرعيّة في جدليّة العنف الرّمزي والصبر
إيطاليا تلغراف * د. عبد الله شنفار حين يتسلّل الظلم إلى بنية المجتمع، هل يختبر مناعة أفراده أم يعيد صياغة هذه المناعة وفق شروطه هو؟ وهل يمكن للإنسان أن ينجو من آثار الظلم دون أن يتحوّل على نحو غير واعٍ إلى نسخة مصغّرة من ظالمه؟ هنا يتقاطع البعد الشرعي، الذي يحرّم الظلم حتى بمقدار الذرّة، مع التحليل السوسيولوجي الذي يرى في الظلم الممنهج نظامًا متكاملًا لإعادة إنتاج الخضوع وإضعاف القدرة على المقاومة. في هذه المساحة الرماديّة، حيث يتجاور النص الديني مع النقد الاجتماعي، تتشكّل أسئلة المصير الفردي والجماعي. * أولًا: إعادة إنتاج الظلم عبر أنماط الاستجابة يبدو أن الظلم لا يُنتج ردود فعل أحادية، بل يفتح أمام الإنسان مسارات متباينة، لكل منها مفاعيله ومآلاته، فنجد: 1. صنف يندفع إلى المواجهة العنيفة، كأن الظلم أيقظ وحشًا كان نائمًا في أعماقه، فتغدو ردة الفعل امتدادًا للفعل نفسه، وكأن دورة العنف اكتملت بحلقة جديدة. 2. وصنف يختار الانفجار اللفظي المؤقت، كصرخة في فراغ، يتلاشى صداها مع الزمن تاركًا أثرًا باهتًا في ميزان القوى. 3. أما النمط الثالث فيكتفي بضبط النفس، مسلّمًا الأمر لعدالة السماء، متمترسًا وراء الذكر والدعاء. لكن، إذا كان الصبر يوفّر للفرد سلامًا داخليًا، فهل يترك البنية الظالمة على حالها؟ وإذا كان الانفجار الغاضب يفرغ التوتر، فهل يمنع تكرار الظلم، أم يهيئ المسرح لدوّامة جديدة من القهر؟ وإذا كان العنف يفرض ميزانًا جديدًا للقوّة، فهل يحافظ على إنسانيّة الفاعل أم يمحوها؟ * ثانيًا: مفهوم الظلم في ميزان النص القرآني والحديث النبوي النص الشرعي يتعامل مع الظلم بدقة رياضيّة ولغوية؛ فيحرّمه على جميع المستويات: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ.) (سورة النساء، الآية 40)؛ (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا.) (سورة النساء، الآية 49)؛ (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) (سورة الكهف، الآية 49). وفي الحديث القدسي: (يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا.) (رواه مسلم). هذه الدقة في التحريم توحي بأن الظلم ليس مجرد خطأ أخلاقي أو انحراف شخصي، بل اختلال جوهري في ميزان الكون. لكن، إذا كان النص قد رسم هذا السقف الأخلاقي المطلق، فلماذا يبدو أن المجتمعات البشرية تعجز؛ في كثير من الحالات؛ عن ترجمة هذا المبدأ إلى واقع مؤسسي صلب؟ * ثالثًا: المناعة الإنسانية: بين المفهوم الجسدي والبنية الاجتماعية المناعة، في بعدها البيولوجي، هي قدرة الجسم على مقاومة العوامل الممرضة. لكن ماذا عن المناعة في بعدها الاجتماعي والنفسي؟ هل يمكن قياس قدرة الإنسان على مقاومة الظلم كما نقيس مقاومته للمرض؟ يمكن النظر إلى المناعة الإنسانية في ثلاثة مستويات مترابطة: 1. جسديّة: حيث يؤثر القهر المزمن على الصحة البدنية، من ارتفاع ضغط الدم إلى ضعف جهاز المناعة البيولوجي. 2. عاطفيّة: حيث يولّد الظلم طاقات من الحقد والكراهيّة قد تتحوّل إلى عنف. 3. فكريّة: حيث يزرع الظلم بذور التطرف، ممهّدًا الطريق إلى الإرهاب أو الانسحاب الكامل من الشأن العام. لكن، إذا كان الظلم الممنهج يُفكك هذه المستويات مجتمعة، فهل تكفي الإرادة الفرديّة في ترميمها، أم أن الأمر يتطلب بيئة مؤسسيّة قادرة على منع الظلم أصلًا؟ * رابعًا: السوسيولوجيا النقدية والظلم الممنهج وفق مقاربة العنف البنيوي، ليس العنف مجرد فعل مباشر، بل هو أيضًا غياب للعدالة، ووجود لنُظم تمييزية تخلق طبقات متفاوتة في الحقوق والفرص. الظلم الممنهج، بهذا المعنى، ليس حدثًا عابرًا بل بنية منتجة للفوارق، قادرة على إعادة إنتاج نفسها عبر مؤسسات التعليم والاقتصاد والقانون. في المجتمعات التي تغيب فيها آليات القسط، يصبح الظلم لغةً يومية غير مرئية، يتشربها الأفراد حتى دون وعي. فكيف يمكن الحديث عن مناعة ضد الظلم في بيئة تنتج الظلم وتعيد تدويره باستمرار؟ وهل يمكن لهذه المناعة أن تنمو خارج مؤسسات عادلة، أم أنها ستظل هشّة، فردية، وقابلة للانكسار؟ * خامسًا: الصبر والعنف: حدود الجدوى الأخلاقية والعملية الصبر قيمة أخلاقية عليا في الإسلام، لكنه قد يتحوّل في السياق الاجتماعي إلى أداة لإدامة الوضع القائم إذا فُهم على أنه انسحاب من الفعل. والعنف، وإن كان يحقق أحيانًا ردعًا فوريًا، فإنه يحمل خطر التحول إلى ظلم مضاد. بين هذين النقيضين، هل يوجد مسار ثالث، قادر على الجمع بين المبدئيّة الأخلاقيّة والفعاليّة العمليّة؟ وهل يمكن لهذا المسار أن يتجنب فخاخ إعادة إنتاج الظلم باسم مقاومته؟ * سادسًا: أسئلة متداخلة في قلب الظاهرة في كل مسار من هذه المسارات الثلاثة، تظل مجموعة أسئلة خفيّة، تتمحور حول: ما هو الثمن الذي ندفعه مقابل النجاة من الظلم؟ وهل النجاة فعل فردي أم مشروع جماعي؟ وهل يمكن للمجتمعات أن تبتكر 'لقاحًا ثقافيًا' يمنح أفرادها مناعة ضد الظلم دون أن يحوّلهم إلى نسخ متصلبة، فاقدة للمرونة الإنسانية؟ * خلاصة مفتوحة: الظلم، بقدر ما هو تهديد مباشر للحقوق والكرامة الوُجُديّة للإنسان؛ هو أيضًا عملية طويلة الأمد لتآكل المناعة الإنسانيّة. الأنماط الثلاثة للاستجابة المتمحورة حول: العنف والانفعال المؤقت والصبر؛ تكشف لنا أن ردّ الفعل ليس مجرد خيار شخصي؛ بل نتاج لبنية ثقافيّة واجتماعيّة ودينيّة. لكنّ المعضلة الحقيقيّة ليست فقط في كيفيّة الرد على الظلم؛ بل في كيفيّة الحيلولة دون أن يصبح ردّنا صورة أخرى من الظلم ذاته. هنا، ربما، يكمن جوهر المسألة: أن نحمي إنسانيّتنا ونحن نقاوم، وأن نحافظ على قدرتنا على العدل ونحن نطالب به. * نبذة موجزة حول الدكتور شَنْفَار عَبْدُ اللَّهِ؛ المفكّر والباحث المغربي المتخصّص في العلوم القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، والناشط في الرصد والتحليل السياسي والاجتماعي والأنثروبولوجي والاقتصادي والثقافي والبيئي؛ من مواليد 13 يونيو 1970 بفم زكيد إقليم طاطا؛ يُعد من أبرز الأسماء في المشهد الأكاديمي والثقافي بالمغرب. – محصل على شهادة الإجازة في الحقوق (تخصص الإدارة الداخليّة) – ومحصل على شهادتين للدراسات العليا: 1. الأولى في علم السياسة 2. والثانية في علم الإدارة. – محصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإداريّة. – محصل على شهادة الدكتوراه في الحقوق * وذلك كله بكليّة الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش * له عدة إسهامات فكريّة ومقالات تحليليّة ترصد التحوّلات المجتمعيّة وتقدّم قراءات نقديّة للتحديات الراهنة في المغرب والعالم العربي والإسلامي، من أبرز مؤلفاته: * الإدارة المغربية ومتطلبات التنمية (2000). * الفاعلون المحليّون والسياسات العموميّة المحليّة (2015)، * والفاعلون في السياسات العموميّة الترابيّة (2020). * الصوفيّة وأدوارها في الأمن المجتمعي: من آليات الضبط التقليدي إلى رهانات الاستئناف الروحي في زمن الأزمات (كتاب جماعي (2025) إيطاليا تلغراف السابق قمة روسية أمريكية ستعقد في ألاسكا لبحث سبل وقف الحرب في أوكرانيا التالي نتنياهو: لا أريد إطالة الحرب وهدف إسرائيل ليس احتلال غزة


إيطاليا تلغراف
٣١-٠٧-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
حين يفتي من لا يعلم: جدليّة الجهل المقدّس ومصير المجتمع - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف * الدكتور عبد الله شنفار ننطلق من السؤال المنهجي: ما الذي يجعل الفتوى تتحوّل من هداية إلى أداة هيمنة؟ وهل يمكن للدين أن يضيء الواقع إذا فُصِل عن أدوات فهمه؟ ثم، كيف تتواطأ هشاشة الوعي مع جهالة القول لتنتج 'جهلاً مقدّسًا' يصوغ مصائر الناس؟ وهل يكفي حمل العمامة ليُؤمَن لصاحبها القول؟ وهل صار الصمت اليوم ضرورة معرفية في زمن التفريط بالمقامات؟ إن الخلل لا يكمن في غزارة الفتاوى فحسب، بل في هشاشة البنية العقلية لمُنتِجها ومُتلقّيها على السواء. وهنا تُطرح أسئلة مصيرية حول المعايير، والشرعية، وحدود الاجتهاد، في زمنٍ تداخلت فيه العمامة مع الميكروفون، والمقصد الشرعي مع الحسابات الدعائية – أولًا: فتوى بلا أرض… من يُفتي لغير أهله؟ هل يمكن أن تستقر الفتوى في أرضٍ لم تُفهم تضاريسها، ولم تُستوعب ثقافتها الاجتماعية؟ وهل يمكن أن تكون للقول الشرعي وجاهة، حين يُفصَل عن الواقع الذي يُفترض أن يُضيئه؟ تلك إحدى أبرز الإشكالات التي تحوّلت إلى معضلة مركبة في زمننا: أن يُفتِي بعض المشايخ دون اعتبار لا لسياق، ولا لخصوصية مجتمعية، ولا لتعقيد سوسيو-ثقافي، فتأتي فتاواهم كالحكم على أناس لا يعرفونهم، ولا يعايشونهم، بل لا يفقهون وجعهم اليومي. ليست المشكلة في القول الديني من حيث هو، بل في أن يتحوّل إلى سلطة ناطقة باسم الله دون أدواته، فيُربَط مصير الناس بأقوال لا نص فيها، ولا إجماع، ولا مقصد شرعي، بل في كثير منها خلطٌ بين الهوى والتقليد. في مثل هذه السياقات، تصير الفتوى مدخلاً للمظلومية، لا مرجعًا للهداية، ويُسْتَدعى بها الاستبداد الناعم باسم 'الدين'. – ثانيًا: هشاشة الوعي وإدمان الاتّباع… من يصنع من؟ أيّهما يصوغ الآخر: فتاوى العجز أم عجز الوعي؟ وهل تصدر الفتاوى الهشة فقط لأن من يُفتون كذلك، أم لأن من يتلقّونها يفتقرون إلى مناعة عقلية ونضج إيماني؟ إنها معادلة جدلية لا تنفكّ: وعيٌ هشّ يطلب اليقين السهل، ومُفتٍ جاهل يُعطيه من فقره فتوى تُطمئنه زيفًا، فيدفع ثمنها الفرد والمجتمع. وما بين الطرفين، يتكرّس منطق التدين الانفعالي، القائم على الخوف من العالم، لا على فهمه. النتيجة أن بعض الفتاوى ـ وإن بدت دينية ـ تُنتِج آثارًا اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، تُرسّخ الإقصاء، وتُغذّي الانغلاق، وتُبرّر التبعية، بل وتعيق مشاريع التقدّم الحضاري، لأنها تنطلق من نصّ لم يُفهم، أو من واقع لم يُقرأ، أو من عقل لم يُدرّب على التفكيك والتركيب. ثالثًا: علم الدين بين قداسة النص وخفّة التأويل هل يجوز أن يُستباح القول في الدين دون أدوات معرفية صارمة؟ وهل يُمكن لمن لا يملك بوصلة أصول الفقه ولا أدوات الاستنباط ولا الوعي باللسان العربي وسياقات النص، أن يُصَدَّق حين يُفتي؟ الدين ليس رأيًا في ندوة ثقافية، ولا تعليقًا عابرًا على منصّة اجتماعية. هو علم دقيق، تراكمي، ذو بنية مفهومية ومقاصدية، لا يُخاطب الظواهر فقط، بل يعبر إلى الجذور، وينبني على اجتهاد مُركب. ولذا، فإن من يفتون دون تأهيل علمي عميق يُساهمون في هدم ثقة الناس بالدين، لأنهم ينقلون النصوص من سياقاتها، ويُحوّلون الفقه إلى تصوّرات جامدة تُقزّم الدين نفسه. هنا تحديدًا، يغدو القول في الدين نوعًا من العبث القاتل، كما حذر الإمام مالك: 'من تكلم في الدين بغير علم فقد هلك وأهلك.' – رابعًا: عُقدة 'العامّة'… من يُحاكم من؟ ما معنى أن يُجادل من لا يفقه؟ وما مآل أن يحاكم من لا يملك أدوات المحاكمة؟ نقف أمام ظاهرة عجيبة: أن يُقبل غير المتخصصين على مجادلة المختصين، لا بالعلم ولكن بالانطباع، ولا بالدليل ولكن بالرأي المتوارث أو المتأثر بمنابر عشوائية. ظاهرة تُمثّل انعكاسًا لتراجع قيمة التخصص، وتضخم 'أنا' متورمة بالثقة الجاهلة. ليس المقصود هنا الحجر على التفكير أو الرأي، بل التحذير من أن تتحول ساحات النقاش إلى مجال لمَن لا يفرّق بين الظنّ واليقين، وبين النسبي والمطلق، فيَغدو النقاش صراعًا انفعاليًا لا بناءً معرفيًا. – خامسًا: المنكر في صورته المركبة… لا اختزال في الشرّ أليس المنكر أوسع من أن يُختزل في مظاهر أخلاقية سطحيّة؟ إنّ القرآن حين دعا إلى النهي عن المنكر، لم يُحدّده في صورة واحدة، بل جعله عنوانًا شاملاً لكل اعوجاج في الاجتماع الإنساني، فقال تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران: 104]. فالمنكر الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي، والتدبيري، لا يقلّ خطورة عن المنكر الأخلاقي. ومن يُقصِر الإنكار على الملبس والسلوك الفردي، ويصمت عن الفساد المالي، أو الاستبداد السياسي، أو التهميش الثقافي؛ يُزيّف وعي الناس ويُقزّم الدين إلى سلوكيات شكلية، بينما تُنهَب الأوطان تحت غطاء الصلاح الظاهري. – سادسًا: حكمة الصمت… حين يصير الجهل جريمة هل يكفي أن نملك صوتًا لنقول؟ أم يجب أن نعرف قبل أن نتكلم؟ كثيرٌ من 'الناطقين باسم الدين' نسوا أنّ الصمت أحيانًا أصدق من قولٍ بغير علم. وأنّ الجهل حين يتزيّا بلبوس الفتوى، يُنتج كوارث معرفية واجتماعية وروحية. ولذلك، كانت دعوة القرآن واضحة: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؛ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [سورة الإسراء: 36]. الصمت هنا ليس خوفًا، بل وعيًا بمقام الكلمة، ومسؤولية القول، وخطورة العبث بالدين، سواء عن قصد أو جهل. إن من يعرف حدود جهله، هو وحده من يستحق أن يُصغى إليه حين يتكلّم، لأنه حين يصمت، يُعلّمنا أن ليس كل سؤال يُجاب، ولا كل رأي يُعلَن، ولا كل من لبس العمامة صار عالمًا. * خاتمة: في السؤال المصيري… من يفتي ومن يفهم؟ ما الذي يجعل من 'القول بغير علم' أخطر من مجرد خطأ؟ إنه لا يُنتج فقط فهماً مشوشًا، بل يصوغ واقعًا مغلوطًا، ويصنع أنماطًا من التدين المنغلق، ويُفسد من حيث يُراد الإصلاح. حين تختلط سلطة الدين بجهل التأويل، يصبح الجهل منظومة، والخطأ سياسة، والتدين عبئًا بدل أن يكون بصيرة. وهنا، يصير السؤال المصيري الذي يُطل من خلف كل هذا النص: هل نملك الشجاعة لنفصل بين 'من يُفتي' و'من يفهم'، بين 'من يلبس العمامة' و'من يفقه النص والسياق'؟ وهل آن أوان إعادة الاعتبار للعقل والنص معًا، بدل تسليم الدين لأهواء الجهلة؟ * نبذة موجزة حول الدكتور شَنْفَار عَبْدُ اللَّهِ؛ مفكّر وباحث مغربي متخصّص في العلوم القانونيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وناشط في الرصد والتحليل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي. له عدة إسهامات فكريّة ومقالات تحليليّة ترصد التحوّلات المجتمعيّة وتقدّم قراءات نقديّة للتحديات الراهنة في المغرب والعالم العربي والإسلامي، من أبرز مؤلفاته: الإدارة المغربية ومتطلبات التنمية (2000). الفاعلون المحليّون والسياسات العموميّة المحليّة (2015)، والفاعلون في السياسات العموميّة الترابيّة (2020). إيطاليا تلغراف السابق كيف تُعيق 'الصدمة الثلاثية' عودة السوريين إلى وطنهم؟


إيطاليا تلغراف
١٦-٠٧-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
هيمنة الجهل الناعم
إيطاليا تلغراف * الدكتور عبد الله شنفار في دراسة وتحليل هذا الموضوع الذي قد يعصف بمسار الموظف الحكومي غدرًا في كل وقت وحين، ننطلق من سؤال مركب يطرح نفسه بإلحاح: هل يُمكن للجهل أن يتحوّل إلى قوة متحكمة؟ ومن أين يتسلّل الجهل والسذاجة إلى عقل السلطة؟ هل يمكن لجهلٍ فادح أن يتحول إلى أداة اختراق ناعمة لعقل المسؤول، تُلغي البوصلة المؤسساتية وتفرض عليه اختيارات عبثية؟ وهل الجهل، حين يتوشّح بلبوس التملق أو القداسة الاجتماعية، أشد فتكًا من العنف الصريح أو الفساد المباشر؟ وهل ما نظنه هامشًا غير عقلاني في بنية الدولة، هو في الحقيقة آلية تحكم موازية لها أثر خفي وحاسم على صناعة القرار؟ في زمن الأزمة البنيويّة للمعرفة داخل الفضاء العمومي، تتوارى الأطر الصلبة لاتخاذ القرار خلف ممارسات مائعة وشفهيّة؛ فيها يستقوي الجاهل على العارف، ويُقدَّم الدعاء على التخطيط، وتُستبدل الكفاءة بالمحاباة المبطّنة بالولاء. هنا لا نكون أمام فسادٍ معلن، بل أمام 'شرعيّة سحريّة' تُهندس السلطة من الداخل بصمتٍ قاتل. * الأمية المتزلفة: أي هندسة خفية لقرار السلطة؟ كيف تُصبح الأمية، في لحظة من اللحظات، عنصرًا موجّهًا للقرار العمومي؟ إن ما يُمارسه الجاهل المتزلف ليس مجرد تضليل، بل هندسة شعورية تُعيد تشكيل وجدان المسؤول، وتُعيد تعريف 'الشرعية' وفق منطق العاطفة لا العقل. لا يظهر هذا الفاعل الهامشي في شكل منافس سياسي أو خبير مؤثر، بل كصوت مغمغم يُلبّس البساطة عباءة النقاء، ويُغري المسؤول بـ'حب الناس' أو 'رضا الوالدين' أو 'بركة الولي'. هنا تتحول السلطة من جهاز عقلاني يفترض البرهنة والتخطيط، إلى هيكل مشاع تتقاسمه خطابات الإيحاء والمديح والتملق العاطفي. في هذا السياق، لا تُتخذ القرارات وفق مؤشرات الأداء أو دراسات الجدوى، بل عبر قراءة 'الفاتحة'، أو عبر قصة تقطر دموعًا تنتهي بتوقيع مرسوم أو تعيين غير مبرر. * أي علاقة بين الجهل الرمزي والقرار المؤسسي؟ هل تُعاني المؤسسة من هشاشة داخلية تجعلها قابلة للخرق الرمزي؟ حين يفقد القرار العمومي استقلاليته أمام سلطة الجهل الرمزي، تُطمس الحدود بين مؤشرات الفعالية وأوهام 'القبول المجتمعي'. لا يُعدّ الجهل هنا نقيضًا للعلم فحسب، بل يتحول إلى 'سلطة بديلة'، تشتغل من تحت الطاولة، وتُعيد ترتيب الأولويات داخل الجهاز البيروقراطي على أساس 'الانفعال الشخصي' لا 'المصلحة العامة'. ويحدث أن يُصبح الموظف أو المسؤول أداة في يد خطاب شحذته الثقافة الشفهية والامتثال العاطفي، لا المنطق الدستوري أو الإداري. فتُقدَّم القرارات كما تُقدَّم القرابين: بلا تمحيص، بل بروح الطاعة لسلطة 'النية الطيبة' بدل كفاءة الأداء. * في مديح الضعف: متى يصبح الضعفاء صنّاعًا للقرارات الغبية؟ أي دينامية تجعل من الجاهل المتملق قادرًا على تحريك أجهزة ثقيلة في الدولة؟ قال الشاعر: 'يا للضعيفين استبدا بي وما في الظلم مثل تحكم الضعفاء' وقد لا نجد وصفًا أكثر اختزالًا لحالة المسؤول الذي يخضع لحكم الأمّي، متوهمًا أن الاستجابة له نوعٌ من القرب من الناس أو تعبير عن التواضع. لكن الحقيقة أن هذا 'الضعف' ليس بريئًا، بل هو استراتيجية اختراق عبر التودد، تفرض على المسؤول أن يُصغي للهمس أكثر مما يلتفت إلى التحليل. هكذا تتعطل البوصلة المؤسساتية لصالح خطاب 'النيّة'، وتُهمّش معايير التدبير لصالح 'الفتحة المُقراة'. يتم إقناع المسؤول بأن الفعالية تكمن في 'إرضاء الخواطر'، لا في ضبط المعايير. وتُصبح المشروعية مشتقة من لحظة عاطفية، لا من هندسة استراتيجية. التأثير السماوي أم السحر الأزرق؟ قراءة سوسيو-فانونية للاختراق الرمزي هل نحن أمام تأثير ديني/ثقافي ناعم، أم أمام شكل حديث من 'الاستعمار الرمزي' الداخلي؟ ضمن مقاربة سوسيو-فانونية، يمكن النظر إلى هذا النوع من الاختراق بوصفه استعمارًا للعقل الرمزي للسلطة. ليس استعمارًا خارجيًا، بل داخلي المنشأ، يقوم على احتكار معاني الخير والنقاء والبركة، ليُفرض من خلالها تصور خاص لـ'الصواب السياسي' أو 'القرار المقبول'. نحن لا نواجه الجهل كغياب للمعرفة، بل كنظام رمزي موازٍ يُنتج ولاءات عاطفية وشرعيات بديلة، تُعطّل جهاز التفكير المؤسسي. وهذا ما يجعلنا أمام شكلٍ من 'السحر الرمزي'، الذي يشبه ما سمّاه البعض بـ'السحر السماوي' أو 'البركة الشعبية'، حيث يُفقد المسؤول استقلاله النفسي، لا عن طريق التهديد، بل بالانبهار الصامت. * سؤال مصيري: كيف تحصّن الدولة قرارها من الاختراق غير المرئي؟ في ضوء ما سبق، يُطرح السؤال الجوهري: كيف يمكن للدولة أن تُحصّن عقل قرارها من الاختراق العاطفي الرمزي؟ وهل يكفي الاعتماد على المساطر والنصوص القانونية، أم أن الأمر يستوجب إعادة بناء ثقافة القرار على أسس معرفية ومنهجية لا تسمح بتسريب الأوهام إلى صلب العقل البيروقراطي؟ الجواب لا يكمن في سنّ مزيد من القوانين، بل في ترسيخ ثقافة مؤسساتية مقاومة للسحر العاطفي. فالجاهل، حين يُحسن التمويه، يصبح أخطر من العدو الظاهر؛ لأنه لا يستدعي اليقظة، بل يُستدخل بصفته ابن البيئة والنية الطيبة. * خاتمة مفتوحة: أي دولة نريد، تلك التي تُدار بالعقل أم بالعاطفة الممسرحة؟ يبقى السؤال معلقًا: هل من الممكن أن تبني الدولة مشروعًا حديثًا للقرار العمومي دون التخلص من وهم 'الشرعية الشفوية'؟ وهل بإمكاننا أن نعيد الاعتبار للعقل دون أن نتهم بالبرود أو الجفاء؟ وإلى أي مدى يُمكن للسلطة أن تُوازن بين الاندماج الرمزي داخل المجتمع، وبين الحفاظ على عقلانيتها المؤسسية؟ ربما لا تكمن خطورة الجاهل في ما يعرف أو لا يعرف، بل في قدرته على جعل الغير لا يفكر، فيسقط في السذاجة طواعيّة. إيطاليا تلغراف