
الرئيس الإيراني يؤكد سلمية البرنامج النووي: "مستعدون لعمليات التفتيش"
أكد الرئيس الايراني مسعود بزشكيان، السبت، على الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى أن طهران مستعدة لعمليات تفتيش منشآتها النووية، لكنها لن تقبل بأي شكل من الأشكال بالتهديد، فيما قال التلفزيون الإيراني إن جهاز الاستخبارات الإيراني حصل على آلاف الوثائق "الحساسة" المتعلقة بالمنشآت النووية الإسرائيلية.
وفي اجتماع مع وزير الخارجية الكازاخستاني مراد نورتلوي في طهران، أكد بزشكيان أن البرنامج النووي الإيراني شفاف، وأن بلاده لم تسعَ قط إلى امتلاك أسلحة نووية.
وقال: "نحن مستعدون لعمليات التفتيش، لكننا لن نتسامح مع الترهيب أو الإكراه. لا يحق لأحد آخر أن يقرر مستقبل أمتنا"، حسبما نقل موقع IFP News الإيراني.
وأشار إلى أن طهران أعلنت مراراً وتكراراً، وأثبتت عملياً، أنها لم تسعَ قط لإنتاج أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل.
وتابع: "لا نقبل أن يتخذ الآخرون قرارات بشأن مستقبل أمتنا ومصيرها. لطالما كانت إيران مستعدة للاستماع إلى الحجج المنطقية، لكنها لن تقبل أبداً بالتنمر والترهيب"، وفق تعبيره.
وأضاف الرئيس الإيراني: "إن أي حرمان للشعوب من المعرفة والتكنولوجيا والتقدم العلمي في مختلف المجالات، بما في ذلك الرعاية الصحية والزراعة، أمر غير مقبول".
وثائق سرية بشأن نووي إسرائيل
وفي سياق آخر، نقل التلفزيون الإيراني السبت، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية حصلت على معلومات ووثائق استراتيجية وحساسة تخص النظام الإسرائيلي، بما في ذلك آلاف الوثائق المتعلقة بالمنشآت النووية.
وأفاد التلفزيون الإيراني في تقرير نقلاً عن مصادر مطلعة بمنطقة غرب آسيا أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية حصلت على معلومات ووثائق استراتيجية وحساسة تخص النظام الإسرائيلي، بما في ذلك آلاف الوثائق المتعلقة بالمشاريع والمنشآت النووية، وفق ما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية.
ووفقاً لتقرير التلفزيون الإيراني الصادر السبت، فإنه على الرغم من أن عملية الحصول على الوثائق المذكورة قد نُفذت منذ مدة، إلا أن الحجم الهائل للوثائق وضرورة نقل الشحنة بأكملها بأمان إلى داخل البلاد كانا السبب في منع نشر الخبر حتى يتم التأكد من وصولها جميعاً إلى المواقع المحمية المقصودة.
وكانت إيران دافعت عن تخصيبها لليورانيوم إلى درجة نقاء 60%، مُصرّةً على أن هذا النشاط غير محظور بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
وأضافت أن آثار اليورانيوم التي عُثر عليها في بعض المواقع غير المُعلنة قد تكون نتيجة أعمال تخريب أو أعمال عدائية، مستشهدةً بنتائج تحقيقاتها الأمنية الخاصة.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حذر، الجمعة، دول الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) من توجيه اتهامات "باطلة" لبلاده بشأن برنامجها النووي، مؤكداً أن طهران سترد بحزم على "أي انتهاك لحقوقها".
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي أفادت فيه تقارير بأن الدول الأوروبية الثلاث، المعروفة باسم "الترويكا E3"، تستعد لدفع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إعلان إيران منتهكة لالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي، وذلك خلال اجتماع للمجلس الأسبوع المقبل.
وكتب وزير الخارجية الإيراني على "إكس": "إيران تُتهم مجدداً بـ(عدم الامتثال) بعد سنوات من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أسفر عن قرار يُسقط (الادعاءات الخبيثة) بوجود بعد عسكري محتمل لبرنامجنا النووي السلمي".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
حماية الأرواح لا «تخصيب» السلاح!
الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية ليلة 5 يونيو (حزيران) الحالي، عشية عيد الأضحى، هي الأوسع والأعنف منذ اتفاق وقف النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. طال الاستهداف مباني في 4 مناطق دفعة واحدة، بشكل أعاد إلى الأذهان كل التوحش الإسرائيلي ونهج فرض عقوبة جماعية على اللبنانيين. سدت الطرقات ألوف الأسر وهي تندفع إلى الفرار بعيداً عن المناطق المستهدفة، التي ادعى العدو أنها تضم مخازن أسلحة لـ«حزب الله»، وأكثر من ذلك، مشاغل تجميع طائرات مسيَّرة! لا يمكن وصف مستوى رعب المواطنين ولا الذعر الذي ساد منطقة تتميز بأعلى كثافة سكانية، ولا الخوف الذي عمّ لبنان من احتمال تجدد الحرب الإسرائيلية عليه، مع الوضع في الحسبان أن إعلام العدو كان منذ أيام يضج بتسريبات تدعي تعزيز «الحزب» لقدراته العسكرية، وقد ترافقت مع كشف السلطات السورية عن أكثر من محاولة لنقل أسلحة إلى لبنان، قالت إنها كانت مخزنة في مناطق تحكَّم فيها «فيلق القدس» الإيراني. وقد ضاعف حجم المخاوف إصرار العدو على منع الجيش اللبناني من الوصول إلى المناطق المستهدفة لتفتيشها بالتوافق مع لجنة الإشراف الدولية، بما يمنع الضربة العسكرية التي تمثل خرقاً متعمداً لاتفاق وقف النار. بعد حرب «الإسناد» التي دمرت لبنان واستدرجت الاحتلال مجدداً، لم يعد «حزب الله» تلك القوة المناط بها حماية الهيمنة الإيرانية، فقد تلقى ضربات قاصمة أفقدته قياداته العسكرية، وكانت ضربة «البيجر»، 17 سبتمبر (أيلول) 2024، قد أفضت إلى هزيمته قبل أن يطلق أي طلقة جدية، وتوجت تلك الهزيمة بقتل زعيمه حسن نصر الله في 27 من الشهر نفسه، أي بعد 10 أيام على «النداء القاتل». المتبقي من هذه الميليشيا اليوم لا يمت كثيراً لما كان عليه من قوة إقليمية بعد حرب يوليو (تموز) 2006، زمن قاسم سليماني ووجود ألوف المستشارين من جنرالات «الحرس الثوري» في المنطقة، والتباهي بأن النظام الإيراني يسيطر على 4 عواصم عربية. بقي خطاب إنكار لا ينتمي إلى الواقع، يرمي إلى إعادة تدوير أوهام من نوع أن «المقاومة» قادرة على الحماية والردع، وهي مهام لا طاقة للدولة على القيام بها. في حين أسقطت الحرب سرديات الـ100 ألف صاروخ و100 ألف مقاوم، مع عجز مدوٍ عن حماية حملة السلاح وقادته، وعجز مطلق عن الرد على العدو، الذي يمعن في اصطياد الكادرات العسكرية وتصفيتها يومياً، فكيف عن ادعاء ردع إسرائيل وحماية لبنان! غير أن الأمر الأكثر خطورة فهو تأثير تداعياته على المسار العام للبنان، وخاصةً مسار العهد والحكومة. فبعد 5 أشهر على انتخاب الرئيس عون و4 أشهر على تأليف حكومة الرئيس سلام، تظهر التطورات وهناً كبيراً في المسار الذي خسر «مومنتم» شعبياً رافقه، هو المتعلق بكيفية التعاطي مع العنوان السيادي الأبرز: جمع السلاح اللاشرعي وحصره بيد الدولة، تطبيقاً لاتفاق الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق وقف النار. ولم يعد سراً الافتقار إلى استراتيجية تؤكد وحدة السلطة في معالجة ملف السلاح، الميليشياوي والفلسطيني، الذي يرتبط بإنجازه كل المسار اللاحق للبلد، بدءاً من استكمال إعادة بناء الدولة إلى ملف إعادة الإعمار لتأمين عودة مستدامة لعشرات ألوف الأسر المهجرة، كما ترسيخ الأمن على كل الحدود ودوره في إنهاء الابتزاز المتكرر بزعزعة السلم الأهلي! رئيس الحكومة تحدث عن تفكيك 500 موقع جنوب الليطاني ولا إشارة إلى شماله. هناك أكثر من قولٍ تحت عنوان حصر السلاح. أما رئيس البرلمان فيتصرف وكأن عقارب الزمن توقفت قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 يوم ورّط «حزب الله» البلدَ في الحرب. إن إعلان التمسك بالسلاح والتهديد بـ«خيارات أخرى»، في حين العجز عن استخدامه ضد العدو مؤكد، يفضي بأن له مهمات أخرى. بوهج السلاح انتزع «الثنائي المذهبي» ميزات في مؤسسات الدولة ومواقع القرار، ويراهن على السلاح لحمايتها وتعزيزها. يطبق العدو الإسرائيلي بقيادة مجرم الحرب نتنياهو نظرية جابوتنسكي حول «الجدار الحديدي»، ومفادها «لا شيء مع العرب سوى العداء»، ويراهن عليها لمواجهة تنامي عزلته الداخلية وملاحقته قضائياً، فيستفيد من رعونة المواقف اللامسؤولة من «حزب الله» التي تزعم استعادة الزخم العسكري والقدرة، فيطلق نتنياهو التحذيرات بأن «الحزب» يستعد لحرب جديدة ليشد العصب الصهيوني حول توجهاته الإجرامية. وكم هو الوضع سريالي لأنَّ الكل يعلم أن «الحزب» عاجز عن الانتقال إلى جنوب الليطاني، في حين عمقه الاستراتيجي السوري طويت صفحته وإيران بعيدة، والأكثرية الساحقة من اللبنانيين تريد حصر السلاح بيد الدولة. لا يملك لبنان ترف الوقت ولا خيارات عدّة أمام السلطة. ولا أولوية تفوق حماية الأرواح ومسار التعافي؛ ما يحتم ترك سياسة شراء الوقت والمحاباة والتغاضي عن محاولات «تخصيب» السلاح وبقائه!


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
في شأن مؤتمر نيويورك للسلام
وصولاً لانعقاد المؤتمر الدولي لحلّ الدولتين، من 17 إلى 20 يونيو (حزيران)، في الأمم المتحدة، برئاسة سعودية فرنسية مشتركة، تكثفت الاجتماعات والتحضيرات لإنجاح المؤتمر. اجتماعات وزارية في باريس وبروكسل في أواخر الشهر الماضي، إلى جانب تكثيف اجتماعات مجموعات العمل في الأمم المتحدة الخاصة ببلورة أفكار ومقترحات تتعلق بتسوية عناصر الصراع كافة. يقابل ذلك مواقف تقيم مزيداً من العراقيل أمام أهداف هذا المؤتمر المعني «بإطلاق مسار تغيير حقيقي»، وليس اتخاذ مواقف ينتهي أثرها ودورها بانتهاء أعمال المؤتمر. من هذه المواقف لجوء الولايات المتحدة لاستعمال حقّ النقض ضد مشروع قرار حاز دعم أعضاء مجلس الأمن كافة. قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للقطاع دون أي قيود. إسقاط مشروع القرار يعني عملياً تشجيع إسرائيل على الاستمرار بالمفاوضات القائمة والمفتوحة في الزمان، التي تتحكم فيها بالفعل الشروط الإسرائيلية، التي تريد أن تحقق بالتفاوض الساخن ما لا تستطيع أن تحققه بالعمل العسكري على الأرض من تهجير، وإعادة السيطرة على القطاع بصيغ وعناوين مختلفة. يؤكد ذلك التذكير بالهدف الإسرائيلي التصريحات المتكررة لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يدعو إلى استعمال القوة المفرطة للسيطرة على القطاع. وفي سياق المنطق ذاته، يقول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، مشيراً إلى اجتماع نيويورك: «سيعترفون بدولة فلسطين على الورق، ونحن سنقيم الدولة اليهودية الإسرائيلية في الضفة الغربية». ويقول أكثر من مراقب للسياسة الإسرائيلية إن وقف إطلاق النار سيعني «انفجار الحكومة» وسقوطها. وسيكون الخاسر الأكبر بنيامين نتنياهو، ليس على الصعيد السياسي فقط، بل سيتعرض أيضاً للملاحقة القانونية لأسباب تتعلق بسلوكيات وقرارات له في الشأن الداخلي. كلها أمور تشكل تحديات كبيرة أمام إطلاق مسار التسوية السلمية التي يهدف إلى تحقيقها مؤتمر نيويورك. لكن هذه التحديات ليست بجديدة أو مفاجأة في نوعها ومصاعبها بالنسبة لمهندسي المؤتمر ورعاته وداعميه. تاريخ «دبلوماسية النزاع» غني بالأمثلة والعبر والدروس، ولو تغيرت الظروف، أن المطلوب من المؤتمر أولاً توسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، التي تحظى باعتراف دولي واسع، خاصة من قبل الدول الأوروبية التي ما زالت مترددة في هذا المجال. الأمر الذي يعطي مصداقية أكبر للمسار الذي سينتجه ويواكبه المؤتمر. كما أن هذا الاعتراف، بعكس ما كان يقوله عن تبرير أو قناعة بعض الرافضين أو الداعين لتأجيله، يعزز أيضاً من مصداقية مرجعية التفاوض الشامل من خلال مفهوم «السلة المتكاملة للحلّ» المترابطة بكافة عناصرها، ولو اختلفت الأولويات فيما يتعلق بهذه العناصر بين الأطراف المتصارعة. السلة التي هي على الصعيد القانوني والفعلي الهدف النهائي للمسار التفاوضي، أيّاً كانت الصعوبات التي تواجه هذا المسار المطلوب بلورته من خلال المؤتمر، على الأقل في ما يتعلق بانطلاقة عملية المفاوضات. الشمولية وليست الانتقائية في الالتزام يجب أن تكون أحد المعايير الأساسية في «خريطة طريق» المسار التفاوضي متى انطلق، الذي للتذكير دونه العديد من العوائق الإسرائيلية بشكل خاص. ومن الضروري أن يخرج المؤتمر «بثلاثية»، قوامها المرجعية التفاوضية الملزمة، وخريطة طريق أمامها كثير من التحديات للمضي بها، وجدول زمني يعطي مزيداً من المصداقية للمسار التفاوضي. ويرى كثيرون أنه رغم الفيتو الأميركي الذي أشرنا إليه فإن «الدبلوماسية التفاعلية» القائمة على العمل بالقطعة، أي لا تحالفات مطلقة وشاملة بالنسبة لإدارة ترمب، تسمح بحدوث تغييرات في المواقف قد تبقى محدودة عند الإدارة الأميركية، متى اقتنعت الأخيرة أن ذلك يخدم فعليّاً مصالحها. إن المطلوب من مؤتمر نيويورك أيضاً تشكيل لجنة دولية تبقى مفتوحة العضوية تضم الأطراف الفاعلة والمؤثرة والملتزمة بأهداف المؤتمر. لجنة تقوم بدور المشرف والمواكب والمسهل في عملية المفاوضات في المرحلة التحضيرية التي يفترض أن تبدأ صباح «اليوم التالي» من انتهاء المؤتمر، وفي المرحلة التفاوضية عندما يحين الوقت لإطلاق المفاوضات المباشرة، أيّاً كانت صيغة تلك المفاوضات، وهو أمر ليس من المنتظر حدوثه في القريب. من أولى مسؤوليات المؤتمر والمسار الذي سيطلقه، العمل على اتخاذ قرارات لا تكون بمثابة مواقف كلامية، بل تنعكس في تحرك دبلوماسي فاعل على الأرض، رغم الحواجز الكثيرة أمام هذا المسار. تحرك يبدأ بالعمل مجدداً، في مجلس الأمن بشكل خاص، على التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، والعمل أيضاً لاتخاذ إجراءات لوقف عمليات الضم والتهويد التي تقوم بها إسرائيل، والتي تشكل انتهاكاً فاضحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. بالطبع هذه ليست من الأمور الممكن تحقيقها بسهولة، ودروس الأمس القريب والبعيد تدل على ذلك، ولكنها أكثر من ضرورية حتى تكون هنالك مصداقية «لمسار نيويورك للسلام»، وبالتالي فعالية لإنجاح هذا المسار، الذي كما أشرنا أمامه الكثير من العوائق، لكنه يبقى الطريق الوحيد الذي يسهم بشكل كبير في تحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
نحن... وخلافات واشنطن «الشخصية»
ما الرابط بين الخلاف المندلع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب و«حليفه العابر» الملياردير إيلون ماسك، وما يظهر من اختلافات بين مواقف واشنطن الرسمية وسياسات حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وأيضاً السُّحب السوداء التي تُطبق على تعاطي الجانبين الأميركي والإسرائيلي مع الملف الإيراني وانعكاساته العربية؟ هذا التساؤل يستحق منا قراءة جادة، إذا كان لنا الابتعاد عن أوهام باهظة الكلفة. لا شك أنَّ خلاف ترمب - ماسك ذو مؤشرات خطرة، بغضّ النظر عمّن هو المخطئ ومن هو المصيب، ومصدر الخطورة كونه يعكس وجود «مشكلتين» يرفض الاعتذاريون العرب الاعتراف بوجودهما: المشكلة الأولى أنَّ ترمب «رجل صفقات» لا يقيم وزناً للمؤسّسات، ولا يكترث لأصول التعامل مع الحليف والخصم، ولا يجد غضاضة في الحكم بـ«أوامر تنفيذية»، ولو على حساب التفاهمات العريضة والمسؤولية الجماعية التي يفترض على المسؤول تغليبها على الولاء الحزبي الضيق... فكيف إذا كان الولاء لشلّة أصدقاء ومحاسيب وجامعي تبرّعات ومسهّلي مصالح؟ وهكذا، مجرّد «التحالف التكتيكي» لرئيس مع رجل أعمال متفلّت يستخف بالساسة وبالحكومة، بل بالشعب، من أجل «تنفيذ كلام» وتحقيق نصر سريع بالضربة القاضية، انكشف ثمنه السياسي خلال فترة قصيرة. حتى تلاقي الرجلين على تعريف «الهدر الحكومي» والوسيلة الفضلى للتصدّي له، «تبخّر» فور انكشاف الكلفة الاجتماعية والاقتصادية العالية... بعدما سترها مؤقتاً ولع جماعة «ماغا» الترمبية بالشعارات الديماغوجية المتناقضة. وهنا، للتذكير، ماسك لم يشغل منصبه المؤقت عبر الانتخاب، بل جاء تعيينه بقرار من قرارات ترمب، الذي يتحمّل - بالتالي - المسؤولية عن الخلل الحالي والتداعيات الواردة مستقبلاً. أمَّا المشكلة الثانية فهي أن ما حدث مع ماسك يمكن أن يحدث مع عدد من تعيينات ترمب منذ انتخابه للمرة الثانية، إذ تحوم الشائعات، راهناً، حول أوضاع كثرة من وزراء ترمب ومستشاريه ومعاونيه. ولئن كان أحدهم، مايك والتز، قد أزيح بالفعل عن منصب مستشار الأمن القومي، فإن عدداً من الذين ضمّهم الرئيس إلى فريقه من «شِلل» الأصدقاء و«خرّيجي» منبر «فوكس نيوز» ورفاق ملاعب الغولف و«لوبيات» المصالح والمتبرّعين... ما عادوا في وضع مستقر. والسبب الأهم، باعتقادي، أن معظم هؤلاء «وسطاء سياسة» لا رجال دولة... يفهمون المصالح الاستراتيجية الأميركية. نقطة الضعف هذه أخذت تظهر بوضوح في «ارتجالية» مقاربات الإدارة مع أوروبا الغربية، وأيضاً مع روسيا والصين. أما في الشرق الأوسط، فترتبك الصورة عربياً وإسرائيلياً وإيرانياً، كما لم ترتبك من قبل منذ «اتفاقيات كامب ديفيد». ولئن كان محسوماً التماهي شِبه الكامل بين واشنطن وتل أبيب إبان بعض العهود الرئاسية - جمهوريةً كانت أم ديمقراطية - فإن علامات الاستفهام كبيرة جداً خلال الحقبة الأخيرة. وأهم العلامات هذه تتعلق بما إذا كانت واشنطن ما زالت صاحبة «الكلمة الفصل» في خيارات إسرائيل الإقليمية، أم أن اليمين الليكودي صار يخطط وينفذ على هواه... بينما يكتفي الجانب الأميركي بإرضائه عبر «فيتو» أممي هنا، وصفقة أسلحة لا تقدّم ولا تؤخر هناك! أيضاً، هل تريد واشنطن حقاً «تصحيح خطأ» اتفاقية «سايكس-بيكو»، وتمنع مزيداً من التمزيق والتقسيم لكيانات الشرق الأوسط، كما زعم أحد دبلوماسييها أخيراً، أم تراها مؤيدة - أو قل مُستسلمة - لمخطط اليمين الإسرائيلي المتطرّف القائم على التقسيم والتفتيت والتهجير؟ أكثر من هذا وذاك، كيف تنظر واشنطن إلى الأقليات العِرقية والدينية والمذهبية في المنطقة، ولا سيما أنها تتعامل مع «فسيفساء» ذات غالبيتين عربية ومسلمة، وسط التجاذب الاستقطابي للقوى الثلاث غير العربية، التي لدى كل منها حساباتها وأساليبها في «تشغيل» المحسوبين عليها واستغلال تورطهم؟ دور إيران في «تصدير الثورة» (الخمينية) علنيّ، ولا يحتاج إلى تخمين. وهي، إلى حين جلاء أولويات كل من واشنطن وتل أبيب الإقليمية، تظل لاعباً مؤثراً في ثلاث دول... بعدما فقدت عملياً السيطرة على سوريا. أما تركيا، التي لا يُشك في قربها من الحكم الجديد بدمشق والمدّ الشعبي المذهبي الداعم له، فإنها تتحرّك بتؤدة؛ ذلك أنها تدرك أهمية التنبّه للاعتبارات الإسرائيلية والأميركية والروسية. والحال أن غموض «مركزية القرار» بين الإسرائيليين والأميركيين إزاء سوريا، قد يؤخّر حسم إعادة البناء السياسية والاقتصادية بعد 14 سنة من الحرب، و54 سنة من الديكتاتورية... ونصل إلى إسرائيل، أو «الذيل الذي يحرّك الأسد»! الضربة الإسرائيلية الأخيرة على بيروت، وطبعاً الإمعان الدامي في تهجير غزة، يؤكدان أنه لا تغيير يُذكر في أولويات تل أبيب. وفي حين «تسلّف» واشنطن اللبنانيين كلاماً معسولاً عن دعمها انطلاقة عهدهم الجديد، ويغازل موفدها السفير توم برّاك - اللبناني الأصل - السوريين بالكلام عن حرص إدارة ترمب على «وحدة سوريا»، تواصل الماكينتان العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية نشاطاتهما في لبنان وسوريا وما تبقّى من فلسطين. وربما أبلغُ ما ظهر أخيراً، التقرير الذي نشرته صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية، بالأمس، عن تجنيد تل أبيب شراذم «داعشية» من البلطجية يتولون نهب قوافل الإعانات المُرسلة إلى غزة... ثم يدّعي الناطقون الإسرائيليون في الإعلام العالمي أن ناهبي القوافل مقاتلون تابعون لحركة «حماس» نفسها. حسب الصحيفة، أكّد نتنياهو شخصياً ما سبق لها نشره، قبل أشهر، من أن حكومته سلّحت وموّلت وحَمَت شراذم بلطجية وإجرامية في جنوب قطاع غزة، وذلك بحجة أن «أي أذى يلحق بحكم (حماس) يفيدنا»! وهكذا، بعد سنوات من تشكيل الميليشيات العميلة عبر الحدود، وزرع «المُستعربين» في الضفة والقطاع لارتكاب جرائم تشعل الفتن الداخلية، ابتُكرت «بلطجية التجويع» عبر نهب الإعانات الإنسانية. هذا الواقع، بالتأكيد، يستفيد كثيراً من واشنطن ضائعة... يسود آلية قرارها الاضطراب والفوضى!