logo
مجلس النواب الأميركي يقرّ مشاريع قوانين لتنظيم العملات المشفرة

مجلس النواب الأميركي يقرّ مشاريع قوانين لتنظيم العملات المشفرة

الرأي١٨-٠٧-٢٠٢٥
أقرّ مجلس النواب الأميركي يوم أمس الخميس مشاريع قوانين تاريخية متعلقة بالعملات الرقمية، محققا بذلك احتضان إدارة ترامب لهذا القطاع المثير للجدل.ووافق المشرعون الأميركيون بسهولة على قانون «كلاريتي» الذي يضع إطارا تنظيميا أكثر وضوحا للعملات المشفرة وغيرها من الأصول الرقمية.ويهدف مشروع القانون إلى توضيح القواعد التي تحكم هذا القطاع ويقسم السلطة التنظيمية بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية وهيئة تداول السلع الآجلة.وسيُحال مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون بأغلبية ضئيلة.كما أقر المشرعون في مجلس النواب بسهولة قانون «جينيوس» الذي يقنّن استخدام العملات المستقرة، وهي عملات رقمية مرتبطة بأصول آمنة مثل الدولار. ومن المقرر أن يُحال هذا النصّ بشكل فوري إلى ترامب لتوقيعه ليصبح قانونا نافذا.وأقرّ مجلس الشيوخ الشهر الماضي قانون «جينيوس» الذي يضع قواعد مثل إلزام الجهات المصدرة للعملات بأن تكون لديها احتياطات من الأصول تعادل قيمة عملاتها الرقمية القائمة.وتأتي هذه الحزمة من التشريعات بعد سنوات من الشكوك حول قطاع العملات المشفرة، وسط اعتقاد بأن هذا القطاع الذي نشأ بفضل نجاح البيتكوين يجب أن يبقى تحت رقابة صارمة وبعيدا عن المستثمرين الرئيسيين.ولكن بعد أن ضخّ مستثمرو العملات المشفرة ملايين الدولارات في حملته الرئاسية العام الماضي، تخلى ترامب عن شكوكه، حتى أنه عين بول أتكينز، المدافع عن العملات المشفرة، رئيسا لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.كما أنشأ ترامب «احتياطيا استراتيجيا فيدراليا للبيتكوين» يهدف إلى مراقبة حيازة الحكومة للعملات المشفرة التي جمعتها جهات إنفاذ القانون عبر مصادرات قضائية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تصعيد نووي بين أميركا وروسيا.. مناورة أم اقتراب من الهاوية؟
تصعيد نووي بين أميركا وروسيا.. مناورة أم اقتراب من الهاوية؟

المصريين في الكويت

timeمنذ 4 ساعات

  • المصريين في الكويت

تصعيد نووي بين أميركا وروسيا.. مناورة أم اقتراب من الهاوية؟

فبدلاً من التهدئة، تصاعد التوتر بشكل خطير بعد تصريحات نارية متبادلة بين نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف والرئيس الأميركي، وبلغت ذروتها بإعلان ترامب نشر غواصتين نوويتين بالقرب من روسيا، ما أعاد إلى الأذهان أجواء أزمة كوبا النووية في الستينات. في تعليق حاد، اعتبر ترامب أن ميدفيديف 'دخل منطقة خطيرة جداً' بتصريحاته، ودعاه إلى 'مراقبة كلماته'، مؤكداً أنه لا توجد حالياً أي علاقات مع روسيا، وأن واشنطن حريصة على الإبقاء على هذه القطيعة. الرد الروسي جاء على لسان ميدفيديف، الذي قال إن 'روسيا ليست إيران ولا إسرائيل'، محذراً من أن الإنذارات المتكررة والدفع نحو اتفاق بالقوة هي 'خطوات نحو الحرب'. خطوة الغواصات النووية القرار الأميركي بنشر غواصتين نوويتين جاء، بحسب مسؤولين، كرد مباشر على خطاب ميدفيديف. لكن الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، سمير التقي، استبعد خلال حديثه الى برنامج 'الظهيرة' على سكاي نيوز عربية أن يكون الأمر إيذاناً بحرب نووية. واعتبر في حديثه إلى برنامج الظهيرة أن 'نشر الغواصات لا يُنذر بالحرب بقدر ما يُنذر بتدهور غير مسبوق في العلاقات'، مضيفاً أن 'الخيبة التي يشعر بها ترامب تجاه موقف موسكو من أوكرانيا دفعته نحو سياسة أكثر حزماً'. ولفت التقي خلال حديثه إلى أن هناك تبدلات داخل أميركا نفسها، حيث تلعب عوامل مثل صعود الجناح الأمني داخل الحزب الجمهوري، وتأثير 'الماجا الغاضبة'، وانفكاك بعض أقطاب التكنولوجيا، دوراً في تحديد اتجاه سياسة ترامب. غير أن الأهم، وفق تعبيره، هو نجاح الأوروبيين في إقناع ترامب بأن بوتين 'لا يسعى فعلياً لوقف الحرب'. معادلة الردع المتبادلة أما الباحث السياسي رولاند بيجاموب، فرأى أن المسألة تتجاوز السجال الإعلامي، محذراً من أن هذه التراشقات قد تنطوي على حسابات أعمق بكثير. بيجاموب قال إن البورصات الأميركية خسرت ما يقرب من 1.1 تريليون دولار بسبب هذا التصعيد، مضيفاً أن 'اللعبة بين ترامب وميدفيديف تبدو كأنها توم وجيري نووي'. وأوضح أن وجود غواصات نووية من طراز 'أوهايو' في الأطلسي والهادئ ليس جديداً، لكن الإعلان عنها بهذا الشكل يُعد سابقة، خاصة أن تحريك الغواصات النووية 'لا يتم بين ليلة وضحاها، وهو قرار خطير وسري للغاية'، على حد تعبيره. ورغم موقعه الرسمي، قال بيجاموب إن ميدفيديف يبدو وكأنه يتصرف كـ'مدوّن سياسي' أكثر من كونه مسؤولاً رسمياً، مشيراً إلى أنه من أبرز الأصوات الروسية على وسائل التواصل الاجتماعي، على عكس الرئيس بوتين الذي لا يستخدمها. لكنه نبه إلى أن لقاء ميدفيديف مع بوتين في جزيرة 'والام' قبل أيام من تصريحاته قد يكون مؤشراً على تنسيق موقف، لا مجرد رأي فردي. موقف الكرملين الكرملين، في المقابل، يُظهر مرونة معلنة. فالرئيس فلاديمير بوتين، بحسب بيجاموب، تحدث بإيجابية مؤخراً عن الوفد التفاوضي الأوكراني، وعبّر عن انفتاحه على فكرة 'منظومة أمنية أوروبية شاملة'، وهي نقطة ظلت موسكو تتمسك بها منذ ما قبل الحرب. كما أن عودة السفير الروسي إلى واشنطن – وفق ما ذكره الباحث – تشي بمحاولة الحفاظ على الحد الأدنى من قنوات الاتصال، حتى وإن كان ملف أوكرانيا قد طغى على باقي الملفات الثنائية. يؤكد الدكتور سمير التقي أن ترامب 'يسعى لفرض معادلة جديدة' في التعامل مع موسكو، متأثراً بما يراه من 'تصلب روسي في مواقف التفاوض'، لاسيما في ظل مطالبة موسكو بشروط تعتبرها واشنطن غير واقعية. وفيما يخص الانقسام الأميركي الداخلي، يرى التقي أن النظام السياسي والاقتصادي الأميركي، رغم فوضويته الظاهرة، قادر على الاستمرار والتكيف، و'لا يمكن المراهنة على انهياره كما تعتقد بعض الدوائر الروسية'، مذكّراً بأن الاقتصاد الأميركي يمثل 17% من الناتج العالمي مقابل 2.5% فقط للاقتصاد الروسي. أزمة إدارة الأولويات من جانبه، رأى بيجاموب أن الأزمة تعكس سوء تقدير في إدارة الأولويات الغربية، مشيراً إلى أن النخبة الغربية تقف اليوم أمام خيارين: إما الضغط على روسيا إلى أقصى حد، مع احتمال الرد النووي، أو التراجع عن دعم أوكرانيا، ما قد يُفسَّر كإذعان لموسكو. واعتبر أن 'اللعبة' بين ترامب وميدفيديف قد تكون، في نهاية المطاف، محاولة لإعادة ترتيب أوراق التفاوض، لا للوصول إلى نقطة اللاعودة. رغم التصعيد، يتفق المحللان على أن المواجهة النووية لا تزال مستبعدة، وإن لم تعد فكرة مجنونة بالكامل في مناخ يتسم بفقدان الثقة والانفجار اللفظي. ويقول التقي: 'ما نشهده هو توتر غير مسبوق، لكنه لا يعني بالضرورة التوجه إلى الحرب، بل محاولة فرض شروط جديدة للتفاوض عبر استعراض القوة'. أما بيجاموب فقال: 'يبدو أننا عدنا إلى مرحلة من الحرب النفسية النووية، حيث تُستخدم الغواصات والتغريدات لتعديل مسار السياسة'. يبقى السؤال الأساسي: هل نحن أمام لحظة حقيقية من خطر الانفجار النووي، أم أنها مجرد جولة من جولات الضغط القصوى ضمن سباق الإرادات بين روسيا وأمريكا؟ مهما كانت الإجابة، فإن التصعيد الأخير أعاد إلى الأذهان سؤالاً ظل مطروحاً منذ عقود: هل بات العالم أقرب من أي وقت مضى إلى حافة الهاوية؟ Leave a Comment المصدر

ترامب يردّ على تصريحات مدفيديف «الاستفزازية» بنشر غواصتين «نوويتين»: فاشل يعتقد أنه ما زال رئيساً لروسيا
ترامب يردّ على تصريحات مدفيديف «الاستفزازية» بنشر غواصتين «نوويتين»: فاشل يعتقد أنه ما زال رئيساً لروسيا

الأنباء

timeمنذ 15 ساعات

  • الأنباء

ترامب يردّ على تصريحات مدفيديف «الاستفزازية» بنشر غواصتين «نوويتين»: فاشل يعتقد أنه ما زال رئيساً لروسيا

أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر غواصتين نوويتين، في تصعيد كبير لسجال كان دائرا على شبكات للتواصل الاجتماعي مع الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف بشأن أوكرانيا والرسوم الجمركية. وفي منشور على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال»، قال ترامب: «استنادا إلى التصريحات الاستفزازية للغاية التي أطلقها الرئيس السابق لروسيا، دميتري مدفيديف.. أمرت بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة، تحسبا لانطواء هذه التصريحات الغبية والتحريضية على ما هو أكثر من ذلك». وتابع: «الكلمات مهمة جدا، وغالبا ما يمكن أن تؤدي إلى عواقب غير مقصودة، آمل ألا تكون هذه من تلك الحالات». ويأتي ذلك على خلفية تحديد ترامب مهلة لروسيا تنقضي نهاية الأسبوع، من أجل اتخاذ خطوات لوضع حد للحرب في أوكرانيا وإلا مواجهة عقوبات جديدة. ولم يحدد ترامــــب في منشوره موقع نشر الغواصتين، وما إذا المقصود بنوويتين أنهما تعملان بالطاقة النووية أو تحملان صواريخ مزودة رؤوسا نووية. والغالبية العظمى من الأسلحة النووية في العالم بيد الولايات المتحدة وروسيا، كما أن واشنطن تسير على الدوام دوريات لغواصات مزودة أسلحة نووية، في إطار ردعها النووي برا وبحرا وجوا. ولم يحدد ترامب ماهية التصريحات التي أدلى بها مدفيديف واستدعت رده، لكن مدفيديف كان انتقد بشدة الخميس الرئيس الأميركي في منشور على تليغرام، تطرق فيه إلى «اليد الميتة»، وهو نظام تحكم آلي بالأسلحة النووية طوره الاتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة للتحكم بترسانته النووية. وأتى تعليق مدفيديف بعدما انتقد ترامب «الاقتصاد الميت» لروسيا والهند. وفي منشور على إكس الإثنين الماضي، اعتبر مدفيديف أن تحديد ترامب مهلة لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا، هو بمثابة «تهديد وخطوة نحو الحرب». ونصح الرئيس الأميركي بأن «عليه أن يتذكر» أن روسيا تمتلك قوة هائلة. ورد ترامب بوصف مدفيديف بأنه «الرئيس السابق الفاشل لروسيا الذي يعتقد أنه ما زال رئيسا». والأربعاء الماضي وجه ترامب تحذيرا مباشرا لمدفيديف بوجوب «الانتباه لكلماته»، وأضاف: «إنه يدخل نطاقا بالغة الخطورة!». وعلى الرغم من المهلة والضغوط الأميركية، تواصل روسيا حربها مع أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لطالما رفض الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار أمس الأول، إن موسكو تريد سلاما دائما ومستقرا في أوكرانيا، لكنه شدد على أن شروط بلاده لإرساء السلام «لم تتغير». تشمل الشروط الروسية تخلي أوكرانيا عن أراض استولت عليها روسيا وعن سعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بوتين هو القادر على إنهاء الحرب، مجددا دعوته لعقد لقاء معه. وجاء في منشور له على منصة إكس: «لقد اقترحت الولايات المتحدة هذا الأمر. وأوكرانيا أيدته. ما نحتاج إليه هو استعداد روسيا». ومدفيديف من أبرز المدافعين عن الحرب التي بدأها بوتين في أوكرانيا، وهو عموما من المعادين للعلاقات مع الغرب. وتولى مدفيديف رئاسة روسيا بين عامي 2008-2012، وهو عمليا أبقى سدة الرئاسة محجوزة لبوتين الذي أقر تعديلات دستورية تتيح بقاءه طويلا في السلطة. ميدانيا، قتل 3 أشخاص في روسيا جراء ضربات أوكرانية بمسيرات فجر أمس في منطقتي روستوف وبنزا (جنوب)، كما في منطقة سمارا البعيدة عن الجبهة، على ما أعلنت السلطات المحلية. من جانبه، أفاد الجيش الروسي بأنه اعترض خلال الليل 112 مسيرة أطلقت من أوكرانيا. وفي حدث نادر، طال القصف منطقة سمارا على مسافة حوالي 800 كلم من الحدود الأوكرانية، حيث سقط أحد الضحايا وهو «رجل مسن»، على ما أوضح الحاكم الإقليمي فياتشيسلاف فيدوريشتشيف.

مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان
مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان

الرأي

timeمنذ 15 ساعات

  • الرأي

مجاعة غزة المُرعبة من صنع... الإنسان

في غزة، المجاعة ليست نتاجاً للحرب، بل هي الحرب نفسها. وليست فشلاً لوجستياً، بل نجاحاً إستراتيجياً. وفي هذه الكارثة المتكشفة، لا يقف الغرب متفرجاً؛ بل هو فاعل محوري. فبينما تُشدد الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حصارها على غزة، يواجه الملايين من المدنيين مجاعة مُدبّرة. وهذا ليس عرضياً، بل نتيجة قرارات مدروسة تقضي بقطع الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمساعدات الإنسانية، وعرقلة قوافل الإغاثة. فما يحدث ليس كارثة طبيعية، بل مجاعة من صنع الإنسان، فُرضت بدقة سريرية. ورغم الأدلة الدامغة والاستنكار الدولي، رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي محاسبة إسرائيل. والأسوأ من ذلك، أنهما يواصلان تسليح وتمويل وحماية الكيان المسؤول عن أحد أكثر الحصارات وحشية في القرن الواحد والعشرين. وتستغل حكومة نتنياهو المجاعة لتحقيق هدف سياسي يتجلى في التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين في غزة. وتتوافق هذه الإستراتيجية في شكل مقلق مع التعليقات التي أدلى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أسابيعه الأولى من تسلمه منصبه، عندما اقترح، بحسب التقارير، تحويل غزة إلى «ريفييرا» ومشروع عقاري مربح - وهو طموح يردد صدى انتصاراته التجارية في مانهاتن. وفي تطور رمزي مرعب يعكس حجم التواطؤ، زار مستشار ترامب ومبعوثه الخاص وقطب العقارات ستيف ويتكوف غزة وبقي لمدة خمس ساعات في نقطة توزيع الغذاء - التي يطلق عليها في شكل سيئ السمعة «منطقة فخ الموت» - حيث يُستهدف الفلسطينيون الذين يسعون للحصول على المساعدة في شكل روتيني. كانت الرسالة واضحة وهي أن الولايات المتحدة لا تراقب فحسب، بل تشارك في تنفيذ هذه السياسة المتمثلة في فرض المجاعة كسلاح وفي الحملة الأوسع للتغيير الديموغرافي القسري. ومما يزيد من تفاقم المأساة التواطؤ شبه التام للمجتمع الإسرائيلي، حيث يستحوذ مصير 20 رهينة إسرائيلياً على الخطاب العام، بينما مازال 2.5 مليون فلسطيني جائع ومحاصر غير معترف بهم إلى حد كبير. كما تحدث ترامب عن «صغر مساحة إسرائيل» و«حاجتها إلى التوسع» - وهو خطاب يتماشى تماماً مع رؤية «إسرائيل الكبرى» التي يتبناها الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل حالياً. لذا، فإن هذه الحرب ليست مجرد حملة عسكرية، بل جزء من أجندة توسعية أوسع. فبينما تُدمر غزة بالقنابل والمجاعة، يواصل الجهاز الأيديولوجي نفسه السعي لضم الضفة الغربية، بدعم أميركي ورضوخ أوروبي. مجاعة مُدبرة لا تنشأ المجاعات بين عشية وضحاها. إنها ليست ظواهر عفوية تنبثق من الفوضى بل تتطلب عرقلة مستمرة لطرق الإمداد، وإيصال المساعدات، والزراعة، والصرف الصحي، والبنية التحتية المدنية. في حالة غزة، تجاوز الحصار بكثير مجرد إجراء حربي؛ بل أصبح أداة للسيطرة على السكان. وقد أوضحت حكومة نتنياهو هذه النية في وقت مبكر من الحرب، حين أعلن وزير الدفاع في حينه يوآف غالانت «حصاراً كاملاً»، مضيفاً: «لا كهرباء، لا طعام، لا وقود... كل شيء مغلق». منذ تلك اللحظة، دقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر. وحذّر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو المرجع المعترف به من الأمم المتحدة بشأن المجاعة، من أن غزة قد دخلت أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي. وأعلنت اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي أن الأطفال يموتون من سوء التغذية والجفاف. ورغم الإجماع المتشائم بين الوكالات الدولية، مُنعت المساعدات وقُصفت قوافل الدقيق، وقُتل عمال الإغاثة واستُهدفت المخابز لتجويع غزة لإخضاعها. اعتراف ترامب و... تقاعسه في لحظة نادرة من الصراحة، أقرّ ترامب بأن صور المجاعة من غزة «حقيقية وصادمة». هذا الاعتراف مهم. فهو يُزيل أي إنكار معقول. فلم تعد أقوى حكومة في العالم جاهلة - بل مُطّلعة، ومع ذلك، تواصل تزويد إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، إلى جانب الذخائر الموجهة بدقة، وتقنيات المراقبة، والحماية الدبلوماسية في مجلس الأمن الدولي. ويكشف هذا التناقض بين القيم المعلنة والسياسة الفعلية عن عمق التواطؤ الأميركي. بينما تتجذر المجاعة في مخيمات اللاجئين بغزة، وتُجبر المستشفيات على استخدام الخل كمطهر، تُزوّد الطائرات الأميركية الطائرات الحربية الإسرائيلية بالوقود وتعرقل واشنطن من خلال حق النقض (الفيتو)، كل محاولة جادة لوقف النار أو المساءلة في الأمم المتحدة، ما جعل القانون الدولي خاملاً. ولم يعد الأمر يتعلق بتحالف إستراتيجي، بل يتعلق بالتخلي الأخلاقي. إن حكومة تُقرّ بحقيقة المجاعة، ثم تُسرّع في تسليم القنابل للنظام المُسبّب لها، ليست محايدة. بل هي شريك كامل. فشل أوروبا في المبادئ لقد خان الاتحاد الأوروبي، هو الآخر، القيم التي يدّعي تمثيلها. فبينما يُصدر قادة الاتحاد الأوروبي تصريحات جوفاء حول القانون الدولي وحماية المدنيين، فإنهم رفضوا رفضاً قاطعاً في الوقت عينه فرض عقوبات جادة على إسرائيل - حتى بعد استهداف البنية التحتية الممولة أوروبياً في غزة. في بروكسل، حل الشلل محل المبادئ، فالعواصم الأوروبية منقسمة بين من يُريد رداً مدروساً على عدوان إسرائيل ومن يُصرّ على الدعم غير المشروط. نتيجةً لذلك، فشل الاتحاد الأوروبي في إقرار حظرٍ رمزيٍّ على الأسلحة، رغم اتخاذه قراراً سريعاً رداً على غزو روسيا لأوكرانيا، وتالياً فإن عدم الاتساق يكشف عن التطبيق الانتقائي لحقوق الإنسان في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. وعندما يتعلق الأمر بغزة، لا تُطبّق المعايير نفسها. ففي مواجهة المجاعة وجرائم الحرب والتطهير العرقي، لم تُقدّم أوروبا سوى بيانات صحافية مُصاغة بعناية ومنهم من جمد العلاقات التجارية فقط. وقد خرجت سلوفينيا أخيراً عن المألوف عندما أصبحت أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تحظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل وتُدين منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكنها تُعتبر وحيدة تقريباً. وتُواصل ألمانيا وفرنسا تصدير الأسلحة والتعاون الاستخباراتي، بينما مازالت تجارة الاتحاد الأوروبي الإجمالية مع إسرائيل دون انقطاع. ومن هنا فإن هذه ليست إجراءات محايدة، بل هي دعامات هيكلية. من درع تاريخية إلى انهيار أخلاقي لعقود، صاغت إسرائيل بمهارة أفعالها من خلال عدسة الصدمة التاريخية، مُستدعيةً الهولوكوست ومُوجّهةً اتهاماتٍ بمعاداة السامية لعزل نفسها عن النقد. ولطالما شكّلت هذه الرواية عن الضحية الأبدية درعاً دبلوماسية، تُضعف التدقيق، وتُسكت المعارضة، وتُحيّد حتى أكثر الدعوات إلى المساءلة اعتدالاً. لكن هذه الدرع بدأت تتصدع. إذ إن الهجوم المستمر على غزة، والذي اتسم بسقوط عشرات الآلاف من المدنيين، ومجاعة قسرية، وتدمير ممنهج، قد كشف عن حقيقة قاتمة، وهي انه لم تعد إسرائيل تُعتبر ضحية، بل مُدبّرة لكارثة حديثة. فما يتكشف ليس نتيجة مؤسفة للحرب، بل حملة متعمدة من التطهير العرقي والعقاب الجماعي، تُنفّذ بذريعة الأمن. فأحياء بأكملها ومستشفيات ومدارس سُوّيت بالأرض ومخيمات اللاجئين أصبحت مقابر وتحولت غزة إلى مقبرة أمام أعين العالم، وإسرائيل، بعيداً عن إنكار أفعالها، اتخذتها وساما ردعا. وتُعتبر إسرائيل الآن على نطاق واسع واحدة من أكثر الأطراف وحشية في الحروب المعاصرة، وهي تتميز في شكل مأسوي بكونها الرائدة عالمياً في التسبب بوفيات المدنيين، خصوصاً بين الأطفال والنساء. إذ لم تُحوّل أي حملة عسكرية أخرى في التاريخ الحديث الموت الجماعي إلى أمر روتيني مُتلفز بهذا القدر. أياً كان الادعاء الأخلاقي الذي تبنته القيادة الإسرائيلية يوماً ما - إن كان لها ادعاء أصلاً - فقد دُفن منذ زمن طويل تحت أنقاض صنعتها بنفسها. لم يعد المجتمع الدولي يرضخ للتبريرات التاريخية، ولا لدعوات الاستثنائية. فصور الأطفال الجائعين، والمستشفيات المُدمرة، والأسر المُهجّرة هي التي ستبقى في ذاكرة الشعوب. ومع كل ضربة، وكل فيتو، وكل محاولة لتبييض هذه الأفعال من خلال العلاقات العامة وكسب التأييد، تتعمق عزلة إسرائيل. ما كان مستحيلاً في السابق أصبح لا يمكن إنكاره الآن لاسيما في ظل جوقة متنامية عبر القارات تضمّ علماء قانون، وهيئات حقوق إنسان، وحتى أصواتاً يهودية تُسمّي هذا الأمر بمسمّاه. ليس حرباً، بل اعتداءً مُدبّراً على شعب أسير. وفي هذه العملية، حلّ الازدراء العالمي محلّ الإذعان. إذ أصبحت إسرائيل واحدة من أكثر الدول إثارةً للازدراء في العصر الحديث - ليس بسبب التضليل الإعلامي، بل بسبب وضوح أفعالها وجرأة إفلاتها من العقاب. هذا نتيجة قرارات اتُخذت، وجرائم حرب مُوثّقة وغطرسة تجلت في المجازر، وفخر بالدمار. الذاكرة التاريخية التي حمت إسرائيل يوماً ما من النقد فقدت فاعليتها. لا الذاكرة ولا الضغط السياسي يستطيعان إخفاء حجم الدمار الذي لحق بغزة. لقد تحطمت الدرع التاريخية، وما تبقى هو سجل طويل مُدان سيُلاحقها في أرشيف القانون الدولي والحكم الأخلاقي. التاريخ، الذي كان حليفاً في يوم من الأيام، سيكون الآن المدعي العام. القانون الدولي والنفاق السياسي بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يُعد استخدام التجويع كسلاح حرب، "جريمة حرب". وكذلك استهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية الأساسية، ومنع المساعدات الإنسانية. وترتكب إسرائيل هذه الأفعال أمام أعين الجميع، وتفعل ذلك بدعم من اثنتين من أقوى الكتل في العالم. القوى الغربية نفسها التي تدعو إلى «نظام دولي قائم على القواعد» في أوكرانيا وأمكنة أخرى، تصمت فجأةً عندما تنتهك إسرائيل تلك القواعد. القادة أنفسهم، الذين فرضوا عقوبات على دول بأكملها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، يجادلون الآن بأنه يجب الحكم على إسرائيل «في سياقها»... لقد أصبح مستوى النفاق مُذهلاً. لكن سياق غزة واضح: إنها سجن مكشوف ومدمر تحت الحصار، حيث تستباح كل ضرورة أساسية للحياة. والآن، بتوجيهات نتنياهو، أصبح التجويع سياسة حكومة. للغرب القدرة على وقف هذا. الولايات المتحدة قادرة على وقف شحنات الأسلحة والدعم السياسي. ويمكن للاتحاد الأوروبي تعليق اتفاقيات التجارة فوراً ولكن بدلاً من ذلك، اختاروا تبرير المجرم، وتصوير إفلات إسرائيل من العقاب على أنه «دعم لحليف»، وتالياً فإن التاريخ سيسجل ليس فقط ما حدث في غزة، بل من سمح بحدوثه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store