
الجيش السوداني ينشر خريطة تظهر سيطرته على الخرطوم
وأظهرت الخريطة الحديثة التي توضح نقاط تمركز طرفي الحرب في كل أنحاء البلاد، تراجعاً حاداً لـ«قوات الدعم»، وحصرها في 4 من ولايات دارفور، وغرب البلاد، ومناطق شاسعة من ولاية غرب كردفان، بعدما كانت لها السيطرة شبه الكاملة على العاصمة الخرطوم منذ اندلاع الحرب.
عنصر من الجيش في منطقة صالحة بالخرطوم (أ.ف.ب)
لكن الخريطة لا تبدو واضحة الدقة في شأن معالم الأراضي التي يسيطر عليها الجيش في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق شرق جنوبي البلاد، حيث لا تزال «قوات الدعم السريع»، تتحدث عن انتشار لقواتها هناك، بجانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة، عبد العزيز آدم الحلو.
وخاض الجيش معارك استمرت أشهراً طويلة، وتمكن من استعادة ولايات: الجزيرة والنيل الأبيض وسنار، في جنوب وسط البلاد، قبل أن ينقل القتال إلى الخرطوم.
وأفاد في منشور على صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك»، بأن قواته والقوات المتحالفة معه، «مستمرة في عمليات تطهير البلاد، وإنهاء التمرد، وبسط الأمن والاستقرار».
وفي الوقت الذي انخفضت حدة القتال في ولاية غرب كردفان في الأيام الماضية، فإن الجيش، وبمساندة القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، يواصل التحشيد والتحضير لهجوم على مدينة «النهود»، أكبر محليات الولاية، بهدف إخراج «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على المدينة منذ مطلع مايو (أيار) الحالي.
وفي حين لم يصدر أي بيان أو تعليق رسمي من «قوات الدعم» على خسارة موقعها العسكري الأخير في العاصمة الخرطوم، تتحدث منصات إعلامية مقربة عن انسحاب أعداد كبيرة من مقاتليها، وتوجهها إلى ولاية كردفان لتعزيز قواتها هناك.
مواطنون يعودون إلى منطقة صالحة في أم درمان (أ.ف.ب)
وقال سليمان صندل، قائد «حركة العدل والمساواة»، وهي فصيل عسكري منضو في «تحالف السودان التأسيسي»، إن «خروج جزء من (قوات التأسيس) من منطقة صالحة في غرب أم درمان، لا يغير كثيراً في مسيرة الحرب التاريخية... تبادل المواقع بين القوات المتقاتلة، أمر طبيعي».
وقدرت بعض الأوساط المطلعة على مجريات الأمور أن «(قوات الدعم) انسحبت من الصالحة إلى كردفان ودارفور للالتحاق بالعمليات الحربية التي يجري الاستعداد لها بين الطرفين، حيث يتوقع أن تدور معارك فاصلة تحدد مسار الحرب في الفترة المقبلة».
ومع دخول الحرب عامها الثالث، يبدو واضحاً أن قوات الجيش أحرزت تقدماً كبيراً بفرض سيطرتها على معظم الولايات التي سبق وانسحبت منها لصالح «قوات الدعم السريع».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 14 ساعات
- الشرق الأوسط
السودان... دولة بنظامين أم دولتان بلا نظام؟
أثار تطور الأوضاع السياسية في السودان مخاوف واسعة، أولاً من خطوة تحالف «تأسيس» المؤيد لـ«قوات الدعم السريع» بإعلان هيكله القيادي، وقرب تشكيله «حكومة» في مناطق سيطرتها، وثانياً من تعثّر تشكيل الحكومة التي يرعاها الجيش - وتتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة - من تقطيع أوصال السودان وتجزئته. معارضون وموالون للطرفين أبدوا قلقهم العميق على وحدة البلاد، وحذّروا من احتمالات ولادة دولة داخل دولة، أو تجزئة البلاد إلى دولتين، كسابقة انفصال جنوب السودان، وولادة دولة جديدة في الإقليم السوداني. وأثار هؤلاء أسئلة عن تنازع «الشرعية» بين الحكومتين «غير الشرعيتين»، وتعميق حالة الانقسام السياسي والاجتماعي التي ولدتها الحرب في السودان. في نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور، أعلن «تحالف السودان التأسيسي» - اختصاراً «تأسيس» - يوم الثلاثاء الماضي تشكيل هيئته القيادية برئاسة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ونائبه رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال» عبد العزيز آدم الحلو، وهي خطوة وصفت بأنها تمهيد لاقتراب تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع». تكوَّن تحالف «تأسيس» خلال فبراير (شباط) الماضي في العاصمة الكينية، نيروبي، من «قوات الدعم السريع»، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - المجلس الانتقالي»، و«تجمّع قوى تحرير السودان»، وهي حركات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان، إلى جانب قوى وأحزاب سياسية على رأسها «حزب الأمة القومي» برئاسة فضل الله برمة ناصر، و»الحزب الاتحادي الديمقراطي»، تيار محمد الحسن الميرغني. ووقَّع أعضاء هذا التحالف على إعلان سياسي ودستور انتقالي. وقالوا إنهم سيشكلون حكومة تحمل اسم «حكومة السلام والوحدة» وتنطلق من مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وتتجه للسيطرة على كل السودان. إلا أن تشكيل «الحكومة» تعثّر أو تأخر كثيراً، إذ بعد إعلان الهيئة القيادية للتحالف وتصريحات مسؤولين فيه، توقَّع مراقبون كثر أن يكون تشكيل تلك الحكومة وشيكاً. في الجهة الأخرى، تعثّر أيضاً تشكيل الحكومة التي يرعاها الجيش. وبعدما أصدر عبد الفتاح البرهان، رئيس «مجلس السيادة» الانتقالي وقائد الجيش، مرسوماً عيّن بموجبه الموظف الأممي السابق كامل إدريس رئيساً لمجلس الوزراء، واجهت درويش تعقيدات عدة أبرزها الخلافات على تسنم كراسي الوزارة، لا سيما مع حلفاء الجيش في «القوات المشتركة» الدارفورية التي تقاتل إلى جانبه «الدعم السريع». والحال أن لدى كل من «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» السودانية بقيادة جبريل إبراهيم، إصراراً على الاحتفاظ بوزارتَي المالية والمعادن، بلغ حد تلميح بعض قياداتهما لفض الشراكة مع الجيش، بل وقد تصل الأمور حد «التحالف مع قوات الدعم السريع». في هذه الأثناء، لا تعترف القوى المدنية الرافضة لاستمرار الحرب في تحالف «صمود» على الأقل، بشرعية أي من الحكومتين المزمعتين. إذ ترى أن الحكومة التي يرعاها الجيش «ثمرة انقلاب عسكري» ضد حكومة «الثورة» بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، كما لا ترى في حكومة التحالف الموعودة، سوى خطوة تهدد وحدة البلاد وسيادتها. البرهان (آ ف ب راهناً، يتوزَّع كل من الجيش و«قوات الدعم السريع» السيطرة على السودان. فالحكومة الموالية للجيش تسيطر على ولايات الوسط والشرق والشمال (سنار، ومعظم النيل الأزرق، ومعظم جنوب كردفان، والقضارف، وكَسَلا، والبحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية)، وتتقاسم مع «قوات الدعم السريع» السيطرة على شمال كردفان. أما «قوات الدعم السريع» فتسيطر على ولايات دارفور الخمس (جنوب، وغرب، وشرق، ووسط، وشمال دارفور)، باستثناء الفاشر. وثمة جيوب تسيطر عليها «حركة تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد النور. وأجزاء تسيطر عليها «القوات المشتركة»، وولاية غرب كردفان، باستثناء مدينة بابنوسة، وأجزاء واسعة من ولاية شمال كردفان، والأجزاء الشمالية من جنوب كردفان، وبعض المناطق في جنوبها تسيطر عليها «الحركة الشعبية». دولة أم دولتان؟ مراراً، أكد قادة «قوات الدعم السريع» أن الهدف من خطوتها «سد الفراغ الإداري في مناطق سيطرتها»، وأن «الدعم السريع يعمل على توحيد البلاد وتحريرها» من سيطرة خصومه الإسلاميين، وفي الوقت ذاته لا يعترف بحكومة الجيش. لكن الخطوة (تشكيل حكومة) أثارت قلقاً كبيراً على المستويين المحلي والدولي، خشية إعادة تجربة انفصال جنوب السودان، كحد أعلى، أو على الأقل الانتقال إلى حكومتين في دولة واحدة. بما يخصه، الجيش بحكم تحالفه مع «القوات المشتركة»، وهي حركات دارفورية مسلحة، لا يمكنه الكلام عن فصل دارفور والأقاليم الغربية، لكن بعض حلفائه الإسلاميين، لا يخفون رغبتهم في التخلص من الغرب أسوة بما فعلوه مع جنوب السودان. وفي الوقت نفسه يغض الجيش الطرف عن تحرك مجموعات محسوبة على شمال ووسط البلاد، تدعو علانية لفكرة فصل غرب السودان عن وسطه وشماله، تحت ذرائع التمايز التاريخي والثقافي، وهي كالذرائع التي أدت لانفصال جنوب السودان. وحقاً، حذّر المبعوث الأميركي السابق إلى السودان، توم بيريلليو، من دعوات التقسيم التي بدأ صوتها يرتفع، وما قد تؤدي إليه من كوارث، فقال: «تقسيم السودان قد يزّج العالم في عقود من الحرب». وحذَّر من إنشاء حكومات موازية تؤدي إلى ازدياد الاستقطاب، وتعجِّل في تشظي البلاد إلى دويلات متناحرة. بدأ المحلل السياسي محمد لطيف حواراً مع «الشرق الأوسط» بسؤال: «لماذا الحرب»؟ وأردف: «بصفتي مراقباً أقول إن الدلائل كلها تؤكد أن الحرب اندلعت من أجل استعادة الإسلاميين السلطة... وخطوة تحالف (تأسيس) وإن زعم العكس، لن تتعدى كونها أداة ضغط على الجيش وحلفائه للعودة إلى منصة التفاوض». لطيف استبعد أن يسفر الضغط عن إعادة الجيش إلى مائدة التفاوض، مضيفاً: «من التجربة التاريخية، فإن التيار المسيطر على المشهد ليس حريصاً على وحدة البلاد، وليس منزعجاً من تشظيها». وتابع: «سمعنا أصواتاً كثيرة جداً تتكلم عن ضرورة ذهاب دارفور، لأن قوات الدعم السريع بحسب تصورهم تمثل دارفور. ولذا لا تشكل خطوة الدعم السريع ضغطاً على خصومه، بل سترضي بعض غلاتهم». وما إن كانت الجهود التي أعلنتها إدارة الرئيس ترمب وحلفاؤه أخيراً قادرة على دفع الطرفين إلى مائدة الحوار، قال لطيف: «هذا يتوقف على قدرتهم على التأثير على قيادة الجيش تحديداً». من جهة أخرى، وفي تطور جديد، أعلن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، تنظيم مؤتمر على المستوى الوزاري في واشنطن قريباً؛ لبحث الأزمة في السودان، يشارك فيه وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأميركي. وأكد بولس وفق صحيفة «سودان تربيون»، أن هدف المؤتمر إحياء المبادرة الرباعية التي تسعى لإيجاد حل سلمي للنزاع الدائر في السودان. هنا، أوضح لطيف أن العالم ينتظر من قيادة الجيش أن تنفصل عن التيارات الرئيسة الداعمة لها، وعلى رأسها تيار «الإسلاميين» الذين يقفون حجر عثرة أمام أي تفاوض لوقف الحرب. وأضاف: «إذا نجح أي طرف في إبعادهم، فيمكن تحقيق الهدف النهائي، والعودة لطاولة التفاوض». وحول تصريحات قائد «الدعم السريع» الأخيرة عن الرفض للعودة إلى التفاوض، قال لطيف إنها «شكل من أشكال المناورة... لكن الإشكال الأكبر أن المعركة أصبحت بين (الدعم السريع) والحركة الإسلامية، فإذا نجح العالم في فصل أو تحجيم العلاقة بين الجيش بصفته قوة رسمية، وحلفائه السياسيين، فيمكن العودة لمنصة التفاوض». من جهته، حذّر محمد الفكي محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة السابق الذي أطيح به بانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، من تشكيل حكومة في بورتسودان، وقال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً: «من باب المسؤولية الوطنية، يجب وقف تشكيل الحكومة، وبدء عملية سياسية تحفظ وحدة السودان». ثم حذَّر سليمان من احتمالات مواجهة بين أطراف تحالف «بورتسودان»، وناشد قائد الجيش البرهان إيقاف تشكيل الحكومة؛ لأن «تشكيل حكومة في ظل الانقسام الحالي ينذر بتفتيت البلاد». وفق الفكي لا علاقة للصراع الدائر في بورتسودان بما تسمى «حرب الكرامة»، لأن الأخيرة «حرب سافرة على السلطة... والدليل على ذلك أن نسبة 25 في المائة من كراسي الوزارة الجاري التنافس عليها محصورة بوزارات بعينها». ثم أوضح أن الهدف من تشكيل حكومة في بورتسودان، وتكليف كامل إدريس رئيساً لها، لم يتحقق، و«الحكومة التي يتجه لتشكيلها ستكون مصيبة» وقد تؤدي إلى فض التحالف، وتابع: «الوضع أكثر تعقيداً. قد نجد أنفسنا في دولتين، إذا استمر الانقسام، ولن ينتهي في حدوده، وسينتهي بتفكك البلاد». صراع السلطة بين الجنرالين يفاقم الأزمة الإنسانية وقد يؤدي إلى كوارث في هذه الأثناء، خلال لقاء تلفزيوني، شنّ أمين حسن عمر، القيادي الإسلامي المتشدد والوزير السابق في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، هجوماً عنيفاً على دعاة وقف الحرب. وقال إنهم «ليس شركاء في الوطن بل شركاء للدعم السريع (الجنجويد بحسب عبارته)»، وبعدما وصفهم بـ«أعداء الوطن»، دعا إلى محاكمتهم بوصفهم «شركاء في الحرب وفي تأجيجها». وأضاف: «هم مجموعة الأفراد الذين يكوّنون ما يُعرف بـ(تقدم)، والآن هم في (صمود)... إنهم يمثلون هذا العنوان والظهير الذي استندوا إليه». عمر شكك أيضاً في إعطاء رئيس الوزراء صلاحيات كاملة، ووصفه بأنه «أمر متوهم... هذه ظروف استثنائية، لن تعالج بالتمسك بالحقوق بل التسويات، لا سيما أنه رئيس وزراء معين». وأردف: «صانع المُلك هو مجلس السيادة، الذي يملك سلطة التعيين، لو لم يتدخل سيكون له نفوذ، وسيظل رئيس الوزراء مقيداً». "حميدتي" (آف ب - غيتي) أما علاء الدين عوض نقد، الناطق الرسمي باسم الهيئة القيادية لتحالف «تأسيس»، فقال إن «أياماً فقط» تفصل بينهم وتشكيل الحكومة في مناطق سيطرة «الدعم السريع»، وإن تأخير إعلانها يعود إلى دواعٍ أمنية وتنسيق سياسي، إلى جانب جهود يبذلونها مع أطراف إقليمية ودولية. وحول مكان إقامة الحكومة، أوضح نقد أن أجهزتها ستكون موزّعة الرقعة الجغرافية في المناطق التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» وحلفائها، و«يمكن أن تكون في كاودا - تحت سيطرة الحركة الشعبية بجنوب كردفان، أو نيالا». أيضاً، نفى نقد بشدة سعي تحالفه «تأسيس» للانفصال عن السودان، قائلاً: «السودان دولة واحدة، ونحن ننشئ حكومة سلام، ليس من غاياتها تقسيم البلاد، بل مناهضة تقسيم السودان، الذي يقوم به الطرف الآخر وحكومة الإسلاميين». وأوضح نقد أن «حكومته» المُزمعة ستتضمن جهازاً تنفيذياً وبرلماناً وجهازاً قضائياً. وتابع: «نحن مستمرون في تحرير السودان من الإسلاميين المسيطرين، ولن نعمل على تقسيم السودان. مَن يسعى لفصل السودان هو جيش الإسلاميين. نحن لن ننشئ حكومتنا في دارفور، ونترك بقية السودان للجماعات الإسلامية الإرهابية». وعلّق نقد على الجاري تداوله بأن هدف حكومة «تأسيس» الضغط على الجيش لإجباره على الجلوس على مائدة التفاوض، فقال: «محمد حمدان دقلو، قال لن يعودوا إلى منبر جدة، فكيف سنضغطهم للجلوس على طاولة المفاوضات؟ كل المفاوضات السابقة ذهب إليها (الدعم السريع) وخربها الجيش السوداني، لذلك لا يمكن بعد أكثر من سنتين وخراب للتفاوض، أن نعمل على التفاوض معهم». وأضاف: «لن نذهب إلى أي تفاوض. نحن نتقدم عسكرياً لنحرر السودان من المؤتمر الوطني الذي يرعى المطلوبين للعدالة الجنائية». واستطرد: «كنا ننادي بالفصل بين الإسلاميين والجيش في بداية الحرب. لكن باستمرارها، اتضح للناس أن الجيش هو جيش الإسلاميين. نحن سنعمل على تكوين جيش جديد من (الدعم السريع)، والحركات المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان، وما تبقى من الجيش السوداني».


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
مع اكتمال «سد النهضة» الإثيوبي... هل تضررت مصر؟
بإعلان إثيوبيا اكتمال مشروع «سد النهضة» وعزمها تدشينه رسمياً بعد موسم الأمطار هذا العام، تثار تساؤلات حول مدى تأثير السد، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، على حصة مصر من المياه، في ظل تحذيرات مصرية متكررة من أضرار عدم التنسيق خلال عمليتي ملء خزان السد وتشغيله. وتعتزم أديس أبابا تدشين المشروع في سبتمبر (أيلول) المقبل، وفق رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، الذي دعا في كلمة بالبرلمان الإثيوبي، الخميس، حكومتي مصر والسودان (دولتي مصب النيل) للمشاركة في الحدث. وهناك خلاف بين مصر وإثيوبيا حول «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا منذ عام 2011، وتطالب دولتا المصب باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «ملء وتشغيل السد». وزيرا الخارجية والري المصريان يتحدثان لعدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج عن قضية «سد النهضة» (وزارة الخارجية المصرية) وجدد آبي أحمد أمام برلمان بلاده التأكيد على أن «سد النهضة لن يسبب ضرراً لمصالح مصر والسودان»، وأبدى استعداد بلاده «لمواصلة الحوار مع الجانب المصري»، معتبراً المشروع «فرصةً للتعاون الإقليمي وليس للصراع». ورد وزير الري المصري هاني سويلم على آبي أحمد، مؤكداً أن «المواقف الإثيوبية تتسم بالمراوغة والتراجع وتفرض سياسة الأمر الواقع». وأعلنت مصر توقف مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن السد خلال العام الماضي، بعد جولات مختلفة على مدار 13 عاماً، وذلك نتيجة لـ«غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي»، حسب وزير الري المصري. ويرفض وزير الري المصري الأسبق محمد نصر الدين علام الحديث الإثيوبي بأن مشروع السد لم يؤثر على دولتي المصب، وقال إن «أضرار السد على مصر قائمة منذ بدء أديس أبابا عمليات الملء المتكررة»، مشيراً إلى أن «ما قلل من هذه التأثيرات على القاهرة تزامن سنوات الملء مع نسب فيضانات عالية». وبدأت إثيوبيا في عمليات ملء بحيرة السد منذ عام 2020، وأجرت «الملء الخامس»، العام الماضي، وسبق أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي «وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب». وقال علام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أديس أبابا تتجاهل حجز عشرات المليارات من المياه، في بحيرة السد، وهي تمثل جزءاً من حصتي مصر والسودان»، كما تتجاهل «مليارات الأمتار من المياه التي يتم فقدها من البخر والرشح، وتخصم من الحصة السنوية لدولتي المصب»، ونوه إلى أن الأضرار أقر بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أخيراً، بأن «مشروع السد، يمنع المياه عن مصر». وفي يونيو (حزيران) الماضي، أشار ترمب إلى أن «بلاده موّلت بشكل غبي (سد النهضة)»، وقال على منصة التواصل الاجتماعي «تروث سوشيال» إن السد «يمنع تدفق المياه لنهر النيل». وتعاملت الحكومة المصرية بإجراءات احترازية لاحتواء تأثير سنوات ملء السد الإثيوبي، وفق علام، غير أنه يرى أن «الضرر على مصر قادم ولم ينته، خصوصاً في سنوات الفيضان المنخفض الذي تحذر منه»، وقال: «أديس أبابا لم تجر الدراسة البيئية المائية الاقتصادية المطلوبة، والمتفق عليها للتوصل إلى قواعد ملء وتشغيل السد». كانت مصر والسودان وإثيوبيا اتفقت عام 2011 على تشكيل «لجنة دولية» لتقييم مشروع «سد النهضة»، وفي مايو (أيار) 2013، خلصت اللجنة الدولية في تقريرها الشامل إلى أن «إنشاء السد يحتاج إلى مزيد من الدراسات من جانب الحكومة الإثيوبية لمنع الآثار السلبية»، وأبدت اللجنة عدداً من التحفظات، منها تحفظات تتعلق بسلامة السد، وتأثير قلة تدفق المياه على دولتي المصب. ويتفق مع علام، أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «تأثيرات السد الإثيوبي، لم تصل للمواطن العادي في مصر، بفضل تدابير احترازية من الحكومة المصرية، لتعويض كميات المياه التي يتم تخزينها سنوياً في إثيوبيا»، من بينها «الاستعانة بالاحتياطي المائي المخزنة خلف بحيرة السد العالي (جنوب مصر)». ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتقليل الأضرار «التوسع في مشروعات معالجة مياه الصرف، وترشيد استخدام المياه في الزراعة، من بينها محطات معالجة بحر البقر والمحسمة»، وأشار إلى أن «تكلفة المشروعات المائية التي نفذتها القاهرة السنوات الأخيرة، زادت عن 500 مليار جنيه» (الدولار يساوي 49.25). ولن تنتهي أضرار السد رغم إعلان أديس أبابا اكتمال المشروع، وفق شراقي، وأشار إلى أن «المخاطر ستظهر في سنوات الجفاف المنخفض، التي تقل فيها نسب الأمطار»، إلى جانب «مخاطر تشغيل السد على دولتي المصب، لا سيما في أوقات غلق وفتح بوابات سد النهضة دون تنسيق». سياسياً، تنظر مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفيرة منى عمر، إلى الحديث الإثيوبي عن عدم وجود ضرر للسد على دولتي المصب، باعتباره «محاولة لتحسين صورة أديس أبابا، وإظهارها بمظهر الطرف الساعي للتفاوض والسلام». وقالت عمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم حدوث ضرر جسيم على مصر كان لأسباب ليست لها علاقة بالسد الإثيوبي، من بينها ارتفاع نسب الأمطار السنوية في فترات الملء، والمشروعات المائية التي تقوم بها الحكومة المصرية»، وأشارت إلى أن «الموقف المصري يتمسك بضرورة وجود اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد، وتتبع القاهرة في ذلك، كل المسارات الدبلوماسية لتحقيقه».


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
السودان: 3 مليارات دولار خسائر «التعليم العالي» جراء الحرب
قدَّرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الخسائر التي تعرضت لها الجامعات السودانية بسبب الحرب، بنحو 3 مليارات دولار. وأعلنت الوزارة عودة غالبية الجامعات إلى مقراتها الرئيسية في العاصمة الخرطوم، بعدما شرعت في تهيئة البيئة اللازمة لاستقبال الطلاب؛ تنفيذاً لتوجهات الدولة بالعودة التدريجية، مع استمرار التقديم للقبول بالجامعة إلكترونياً. كان رئيس الوزراء الجديد، كامل إدريس، قد وجّه وزارة التعليم العالي بالعودة إلى العاصمة، وحصر الأضرار التي لحقت تلك المؤسسات ومراكز البحوث التابعة لها، جراء القتال الذي دار بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، منذ بداية الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023، مما اضطر بعض الجامعات للانتقال إلى خارج العاصمة أو خارج السودان. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدر وكيل وزارة التعليم والبحث العلمي، محمد حسن دهب، قرار عودة مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة إلى السودان، وممارسة نشاطها داخل البلاد. وقال دهب، لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد الطلاب الذين قدموا للجامعات إلكترونياً بلغ نحو 77 ألف طالب وطالبة، في المرحلة الأولى من التقديم العام، من بين 4 مراحل. وتوقَّع دهب أن يتجاوز عدد المتقدمين 130 ألفاً من جملة الناجحين في امتحانات الشهادة الثانوية، البالغ عددهم أكثر من 149 ألفاً. الدمار الذي لحق كلية الطب بجامعة الخرطوم وسط العاصمة (متداولة) وقدَّر دهب الخسائر الأولية التي لحقت التعليم العالي جراء الحرب بمبلغ 3 مليارات دولار، قائلاً: «إنه رقم كبير جداً، وأحد الأسباب في ذلك هو أن قوات الدعم السريع اتخذت بعض مقار الجامعات ثكنات عسكرية لها أثناء وجودها في الخرطوم، ودمّرت المعامل ومراكز الأبحاث التابعة للجامعات». ويشمل التقديم العام مؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية والخاصة، والتقديمُ من الولايات مفتوح للطلاب الحاصلين على الشهادة السودانية أو ما يعادلها لعام 2023، وفقاً لقرارات الوزارة. بدوره، وصف مدير جامعة الجزيرة، صلاح الدين العربي، قرار عودة الجامعات إلى مواقعها في الخرطوم بـ«القرار الصائب»، وقال إن الملايين من الطلاب وأُسرهم عادوا من خارج السودان، بعد أن تمكّن الجيش من استعادة العاصمة من قبضة «قوات الدعم السريع». لكن العربي توقّع أن يواجه بعض الطلاب صعوبات في العودة من خارج البلاد إلى جامعاتهم، خاصة الطلاب السودانيين الذين لجأوا إلى دولة ليبيا، نتيجة إغلاق الحدود بين البلدين. وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن عدداً من الجامعات الحكومية والخاصة نفّذت قرار العودة إلى الخرطوم، وواصلت الدراسة، وإن نحو 60 في المائة من طلاب جامعة الجزيرة بوسط البلاد، البالغ عددهم 154 ألف طالب، عادوا لمواصلة الدراسة في جامعتهم، بعد عودة كل الكليات لممارسة نشاطها في مدينة ود مدني وبقية مدن ولاية الجزيرة. أطفال نازحون يلعبون في باحة جامعة الجزيرة التي تحولت إلى مأوى مؤقت بجنوب الخرطوم (أ.ف.ب) وقال عضو بمجلس إدارة جامعة أم درمان الأهلية إن الجامعة لم تستطع استقبال الطلاب لأداء امتحانات نهاية العام الدراسي، فجرت استضافتهم في جامعة الجزيرة. إلا أن مدير جامعة الجزيرة نبّه إلى أن جامعته تستضيف نحو ألفيْ طالب من جامعة السودان التي يوجد مقرها الأصلي في غرب الخرطوم. وأضاف أن الترتيبات تجري أيضاً لاستضافة امتحانات «جامعة أفريقيا العالمية» التي يقع مقرها هي الأخرى في الخرطوم. وتابع: «على الرغم من أن بعض كليات جامعة أم درمان الإسلامية استأنفت الدراسة من مقراتها في أم درمان، لكن ولاية الجزيرة تستضيف امتحانات نهاية العام الدراسي لحين اكتمال تجهيز البيئة الدراسية في الكليات التي طالها التخريب». وفي يونيو (حزيران) الماضي، هزَّ انفجار عنيف كلية التربية بجامعة الخرطوم، مما أدى لتعليق الدراسة، وأثار الهلع بين الطلاب الذين يخشون العودة قبل التأكد من إزالة مخلّفات الحرب. وقال أستاذ بجامعة الخرطوم، لـ«الشرق الأوسط»، إن تنفيذ القرار سيكون بنسبة 70 في المائة؛ لأن بعض كليات الجامعات تحتاج إلى معامل وبحوث ستكون خارج السودان في الولايات المختلفة. وأضاف أن «إعادة تجهيز المعامل والمختبرات تحتاج لمزيد من الوقت، لكن الكليات الإنسانية ستعود للدراسة من مقر الجامعة». وتوجد في السودان 126 جامعة حكومية وخاصة، منها 36 حكومية، وتُعد «جامعة الخرطوم» أقدمها، إذ أنشئت في عام 1902، إبان الاستعمار البريطاني، باسم كلية «غردون التذكارية»، وتستوعب آلاف الطلاب في مختلف التخصصات، تليها من حيث الحجم في الخرطوم، «جامعة النيلين»، ثم «جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا».