logo
أمريكا وإيران.. التوجه لسياسة العمق الداخلي الاستراتيجي

أمريكا وإيران.. التوجه لسياسة العمق الداخلي الاستراتيجي

مركز الروابط١٨-٠٢-٢٠٢٥

2025-02-18
Editor
اياد العناز
كان لخطاب وتوجه الإدارة الأميركية الجديدة بعد دخول الرئيس دونالد ترامب للبيت الأبيض لولاية ثانية انعكاسات عديدة على طبيعة الأحداث والأزمات السياسية في الشرق الأوسط والوطن العربي، وكان من أبرزها ما تعلق بكيفية إنهاء القتال في الأراضي الفلسطينية وتوقيع اتفاق تبادل الأسرى ضمن مراحله الثلاث بين حركة حماس وإسرائيل والبحث عن مخرجات سياسية للأوضاع الميدانية في قطاع غزة. جاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن ولقائه مع الرئيس ترامب في الرابع من شباط 2025 تأكيدًا للدعم الشامل لسياسة الحكومة الإسرائيلية وإطلاق شحنة الأسلحة التي توقفت في عهد الرئيس جو بايدن ووصولها إلى ميناء أسدود يوم 16 شباط 2025 بحمولة من ذخائر ثقيلة طراز (MK-84) وتم نقلها إلى قواعد سلاح الجو، مع 76 ألف طن من المعدات العسكرية في 678 رحلة جوية و129 عملية شحن بحري. وهي أكبر عملية شحن جوي وبحري في تاريخ إسرائيل، وتشكل رصيداً مهما لسلاح الجو والجيش الإسرائيلي ودليلاً إضافياً على العلاقة القوية بين إسرائيل والولايات المتحدة. وكان معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي قد أوصى بإعطاء أولوية شاملة لحوار استراتيجي مع إدارة الرئيس ترامب بهدف تعزيز العلاقة معه والتوافق على الرؤى المشتركة حول مستقبل الشرق الأوسط بإضعاف إيران وتعزيز سياسة السلام مع الأقطار العربية وخاصة المملكة العربية السعودية، ولكنه تفاجأ بنتائج اللقاء الذي تم بين ترامب ونتنياهو، والذي قال عنه الاخير (إن إسرائيل تعيش أفضل أيامها بوجود إدارة ترامب). ثم كان الإجراء الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية بإقرار سياسة (الضغط الأقصى) ضد إيران وتفعيل مركز للعقوبات الاقتصادية بشمولية أكثر ومحاسبة جميع الجهات التي تتعامل معها أو تساعد في استقبال شحنات النفط والغاز التي تصدرها خلافًا للعقوبات عليها، ومنحت إيران فرصة سياسية في قبول الشروط الأمريكية بإيقاف نشاطات برنامجها النووي والحد من مشروعها السياسي الإقليمي في التمدد والنفوذ والتدخل بالشؤون الداخلية لعواصم الأقطار العربية، وفي حالة عدم الرضوخ للإملاءات الأمريكية فإن إيران من الممكن أن تتعرض إلى هجمات عسكرية وفعاليات جوية تطال منشآتها النووية وقواعدها العسكرية ومصادر الطاقة فيها. وجاء الرد الإيراني على لسان رئيس منظمة حماية الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني اللواء مجيد خادمي من أن أي تهديد للمصالح الوطنية سيواجه برد فعل مماثل على المستوى العالمي، مقللاً من فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة ووصفها بأنها خط أحمر، وقال (إذا حاولت الولايات المتحدة تنفيذ أي أعمال شريرة، فسنرد بصورة قاطعة وحازمة). وحاولت السياسة الإيرانية توظيف الأحداث التي عاشها أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية لتحقيق مكاسب ومنافع تعزز من مكانة إيران إقليميًا لتكون ورقة ضغط لديها في أي مفاوضات تتعلق ببرنامجها النووي أو تأثيراتها الميدانية على مجمل الأوضاع التي تمر بها المنطقة، ولكنها جوبهت بضرب درة تاج مشروعها السياسي في الجنوب اللبناني وسقوط وهروب حليفها الاستراتيجي بشار الأسد من سوريا وتدمير أنظمة الدفاع الجوي وقواعد الصواريخ الباليستية ومعامل إنتاج الصواريخ في الضربة الإسرائيلية التي تلقتها في منتصف شهر تشرين الأول 2024. من هنا تعالت الأصوات السياسية في الهيكلية التنظيمية للنظام مطالبة بحق التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية والتوصل معها إلى اتفاق جديد يتم بموجبه تخفيف الضغوط ورفع الحصار عنها، والتوصل إلى تفاهم مع الرئيس ترامب يؤدي إلى تعزيز التحرك السياسي الإيراني دوليًا وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها أبناء الشعب الإيراني. وهذه كانت أهم المنعطفات التي أدلى بها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في أولى جولاته الانتخابية وتأكيده على اتباع الطرق الصحيحة والمناهج السليمة التي تؤدي بإيران للخروج من أزماتها الاقتصادية وإعادة تركيبتها السياسية ودورها الإقليمي ضمن معادلات العلاقات السياسية بين بلدان العالم، وأن تكون بداية الخطوات الانفتاح على الولايات المتحدة الأمريكية وإجراء مفاوضات مباشرة مع إدارتها الجديدة، وساعده وأيده في نظريته السياسية مساعده للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف، وهذا ما ساهم في تصاعد حدة الخلافات والصراعات السياسية بين الرئيس بزشكيان وطاقمه الاستشاري الحكومي وبين القوى الإيرانية الممانعة لأي حوار مع الاميركيين وهو الخط المتشدد من المحافظين وبعض القيادات العسكرية في فيلق القدس والحرس الثوري المتضررين من وصول الرئيس مسعود بزشكيان وخطابه الإصلاحي، وهو خلاف تحركه دوافع سياسية ذات أهداف ومكاسب استراتيجية تتعلق بمنطوق السيطرة على الحكم ومعارضة أي خطاب معتدل إصلاحي التوجه حتى وإن كان الغاية منه الحفاظ على بقاء النظام وحماية الأمن القومي الإيراني. وأمام حالة التصعيد ولإعطاء حالة من الردع الخارجي والاطمئنان الداخلي وفي محاولة تعطيل خطوات الانفتاح على إدارة الرئيس ترامب، قال قائد القوة البحرية للحرس الثوري إنه (سيغلق مضيق هرمز رداً على تهديدات ترامب وإجراءاته العدائية بشأن منع صادرات النفط والعقوبات الشديدة على إيران، لكننا لا نفعل ذلك في الوقت الحالي ما دام أننا نستخدم هذا المضيق بأنفسنا)، لأنه يدرك أن عمليه غلق مضيق هرمز سيؤدي إلى زيادة حالة الرفض العالمي والإقليمي لإيران وإجراءاتها كون 40٪ من التجارة الدولية والانتاج العالمي للنفط يمر عبر هذا الممر المائي المهم، وأن أي تمدد بهذا الإجراء سيؤدي إلى الإساءة للعلاقات ما بين المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والإضرار بمصالح الصين الدولة الحليفة لإيران والتي من الممكن أن يتسبب الحال في خلق مشاكل عديدة في استمرار وصول النفط الإيراني إليها. ويحاول الرئيس بزشكيان مد جسور العلاقة الإيجابية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تقريرها الأخير حول إنتاج إيران نحو سبعة كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60٪ وتركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً وتغذي بعضها باليورانيوم المخصب إلى مستويات أعلى، مما يؤدي إلى تنفيذ توجهاتها بصنع قنبلة ذرية وعدم اعتماد برنامجها النوري لاستخدامات مدنية خاصة. جميع الانظار تتجه إلى النتائج التي قد تحصل لإيران إذا ما رفضت أو اتبعت سياسة التعنت في قبول الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية أو إيجاد المعوقات التي تقف حائلًا في إجراء أي جولة من النقاش بين الدولتين، وأولى المخاطر التي ستكون تجاه إيران هي إحياء (آلية سناب باك) أو ما يعرف بالضغط على الزناد واتباع حدة العقوبات التي تلائم مقررات مجلس الأمن الدولي عام 2015 وهو ما تخشاه إيران، مع اعتماد صيغة التفاعل الدبلوماسي الأوروبي والإقليمي للإجراءات الأمريكية والتعاون في تطبيقها. يدرك الرئيس بزشكيان خطورة التطورات السياسية وطبيعة الثوابت الأمريكية في تنفيذ سياسة الضغط الأقصى، لهذا سعى إلى اعتماد مبدأ مفهوم العمق الإستراتيجي وتحديد آفاقه ومدياته في الداخل الإيراني واستعاض عن سياسة إيران التي كانت تضع العمق الإستراتيجي أداة لتنفيذ مشروعها السياسي الإقليمي خارج حدودها الجغرافية، ويرى أن العمق الداخلي هو الأهم لبقاء وديمومة النظام باعتماد خطط وبرامج تنموية واقتصادية لحل الأزمات الاجتماعية التي تعصف بالمجتمع الإيراني، وأن يكون الحل السياسي بالحوار مع واشنطن هو الطريق الأول لتنفيذ سياسة العمق الداخلي، ورفع شعار الوفاق الوطني الذي دعا فيه جميع القوى الإيرانية بالعمل على وحدة الصف وإنقاذ إيران وحماية البلاد وتعزيز علاقة النظام مع المواطنين، وسعى إلى مداولة سياسية مع المرشد الأعلى علي خامنئي لتوضيح مخاطر عدم الاهتمام بالعلاقة مع الجانب الأمريكي وضرورة البدء بسياسة واقع الحال التي تقتضيها الأوضاع السياسية التي تمر بها إيران ومحاولة تجنيبها أي مخاطر داخلية وخارجية.
ويبقى الأمر منظورًا حول كيفية التعامل الروسي مع التقارب الأمريكي الإيراني ومدى تأثيراته على المصالح العليا الروسية في علاقتها مع إيران وتواجدها في منطقة الشرق الأوسط.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رغم نجاح صفقات الأسرى.. أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات حول الهجمات الليلية
رغم نجاح صفقات الأسرى.. أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات حول الهجمات الليلية

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

رغم نجاح صفقات الأسرى.. أوكرانيا وروسيا تتبادلان الاتهامات حول الهجمات الليلية

تابعوا عكاظ على فيما تبادلت روسيا وأوكرانيا 307 من العسكريين من كل جانب والتي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عنها بأنها عملية من المقرر أن تشهد إطلاق سراح 1000 أسير من كل جانب على مدى 3 أيام، وستمهد لمرحلة جديدة في جهود التفاوض على اتفاق سلام بين موسكو وكييف، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم (السبت) إلى فرض عقوبات دولية إضافية على روسيا لإجبارها على القبول بوقف لإطلاق النار. وكتب زيلينسكي عقب إصابة 15 شخصاً في هجوم روسي ليلي بواسطة مسيرات وصواريخ على العاصمة كييف على حسابه في «إكس»: مع كل هجوم من هذا القبيل، يقتنع العالم بأن موسكو هي سبب إطالة أمد الحرب، مضيفاً: لن تضطر موسكو للموافقة على وقف إطلاق النار إلا بفرض عقوبات إضافية على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الروسي. وأشار إلى أن الهجوم الهائل الذي شنته روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على أوكرانيا يعد دليلاً جديداً على أن موسكو تعرقل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار. من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التزام بلاده بالحل السلمي للأزمة والتفاهمات التي تم التوصل إليها خلال مفاوضات إسطنبول مع الجانب الأوكراني، متهماً الجيش الأوكراني بتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة ضد أهداف مدنية في الأراضي الروسية خلال الفترة بين 20 و23 مايو الجاري. أخبار ذات صلة وأشار إلى إن هذه الهجمات جرت بدعم من بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وأنها أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، مشدداً بالقول: «نحن على يقين من أن هذه الدول لها نصيب أيضاً في الجرائم المرتكبة، وسنعمل على وضع حد لهذه السياسة». واعتبر لافروف الهجمات بأنها محاولة واضحة لتقويض عملية التفاوض التي بدأت في إسطنبول، تماشياً مع التفاهمات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترمب. وكان لافروف قد قال أمس إن بلاده مستعدة لتسليم أوكرانيا مسودة وثيقة تحدد شروط اتفاق سلام طويل الأجل بمجرد الانتهاء من عملية تبادل الأسرى الحالية. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} صفقة تبادل الأسرى

زيارة إلى سوريا الجديدة
زيارة إلى سوريا الجديدة

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

زيارة إلى سوريا الجديدة

عندما سقط حكم الأسد فى سوريا، كانت المنطقة على موعد مع فصل جديد من دراما التغيير التى انطلقت مبكرًا منذ منتصف مارس عام ٢٠١١. شخصيًا، لم أرغب فى المشاركة ولو بالرأى مصادرًا على حق الشعب السورى فى تقرير مصيره، إذ وجد البعض فى شخصية الرئيس الجديد مادة خصبة لاستشراف طبيعة نظام الحكم، وغصّت وسائل التواصل بتقييم التجربة الوليدة قبل أن تبدأ. لكن وحده شعب سوريا يملك فك الشفرة التى استعصت على القوى العظمى المتداخلة فى الإقليم، وحده الشعب يعرف ماهية الممكن والضرورة بعدما تمزّقت أوصاله بين الأمم، ولم يبق فى نظام بشار إلا غوثًا من إيران ورفدًا من روسيا، وقد استحكم الحصار واشتدت العقوبات على المجتمع. مازلت عند رأيى، فلا نية للعجلة فى التقدير أو التنبؤ، أو رسم تصوّر عن مستقبل هذ البلد. غير أنى كنت فى رحلة إلى معرض الكتاب ببيروت، واتصلت تلك الرحلة بدعوة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ووزارة الطاقة السورية (المندمجة) للمشاركة فى حفل ختام برنامج انتقال الطاقة فى البلاد، والذى بدأت مشاركتى فيه منذ أكثر من عامين، باسطًا ما تهيأ لى من خبرة فى مجال التمويل والاستثمار، لتدشين صندوق انتقال الطاقة فى سوريا. الدعوة هذه المرة كانت استثنائية، إذ شعرت الجهة المموّلة، ومن ورائها المركز الإقليمى للطاقة، أن الوضع يسمح بالتواجد فى سوريا لإطلاق مرحلة جديدة من البرنامج، وليس العمل من القاهرة أو بيروت كالمعتاد، وذلك بمشاركة من مؤسسات التمويل وبعض الدول المانحة، بعدما أطلق «ترامب» رسالته برفع العقوبات عن سوريا. تلقفّت أوروبا الرسالة، فلم تكد زيارتنا إلى دمشق تنقضى، حتى أعلن الاتحاد الأوروبى قراره برفع العقوبات عن سوريا، وثمّن البنك الدولى سداد المانحين متأخراتها للبنك، بما يؤهلها للاستفادة من برامجه. فى هذه الزيارة الخاطفة، التى استمرت ٤٨ ساعة، التقطت عدستى بعض الصور التى أشاطرها القرّاء، لربما غيّرت بعضًا من الأحكام المسبقة، لكنها تظل ملاحظات زائر، وليست تحليلًا سياسيًا أو قراءة فى الوضع الاقتصادى والأمنى للبلاد. يمكن الوصول إلى دمشق عبر الطريق البرى فى حوالى ساعتين إذا كانت الظروف مواتية، بينما قد تستغرق الرحلة ضعف الوقت عند الازدحام. ينطلق المسافر من بيروت متجهًا نحو الشرق، ليعبر جبال لبنان مارًا ببلدات مثل بيت مرى، برمانا، وبحمدون. بعد تجاوز المرتفعات، يبدأ الطريق فى الانحدار التدريجى نحو سهل البقاع، حيث تمر المركبات عبر بلدات عاليه، شتورة، وزحلة، وصولًا إلى نقطة المصنع الحدودية، التى تشكل المعبر الرسمى بين لبنان وسوريا. عقب دخول الأراضى السورية، يمتد الطريق عبر ريف دمشق، متجهًا نحو العاصمة، ويمر ببلدات مثل جديدة يابوس، الكسوة، وقطنا. كما يعبر المسافر سلسلة جبال لبنان الشرقية، التى تشكل الحدود الطبيعية بين البلدين، وتحتوى على قمم بارزة مثل جبل صنين وجبل الشيخ. ورغم الطبيعة الوعرة للطريق، التى تشمل منعطفات جبلية متكررة ومرور المركبات فى الاتجاهين دون فواصل واضحة إلا نادرًا، فإن السائقين المهرة يجعلون الرحلة أكثر سلاسة مما تبدو على الخريطة. الطريق بشكل عام صاعد من بيروت إلى دمشق، ثم يبدأ الهبوط التدريجى عند دخول سهل البقاع، ليعود إلى الصعود مجددًا مع الاقتراب من نقطة المصنع. إجراءات الحدود والجمارك على الجانب اللبنانى كانت معوّقة طويلة ولا تخلو من المضايقات غير المبررة! لكن، ومن عجب، كان الجانب السورى شديد الترحيب والتيسير فى الاتجاهين، وكان موظفو الجوازات والجمارك يستقبلون الزوّار ببشاشة واضحة، لا تعكس أبدًا حالة الارتباك والتوتر والاقتتال الحديث، الذى عاشته تلك المناطق منذ أيام! ربما يفسّر ذلك بمحاولة تأليف قلوب الزائرين، لكن المؤكّد أنها كانت محاولة موفّقة. الطرق فى سوريا لم تمتد إليها يد الصيانة منذ ما يقرب من عقدين، لكنها متماسكة واسعة جيدة التمهيد، مؤمّنة الحواجز فى الاتجاهين. والفندق الذى استقبلنى بدا وكأنه رهين حقبة التسعينيات، تمامًا كما هى الحال فى بغداد، لكن اهتمام السوريين بالنظافة كان ملفتًا فى كل شىء، فى الأثاث والفرش والطعام، حتى طعام الشارع الذى صرت لا أميل إليه فى أى مدينة، كان مشجّعًا فى دمشق. قبل السفر كنت أعد نفسى للبقاء فى الفندق طوال الرحلة، إذ أن الاجتماعات تنعقد بداخله، لكن وجوهًا مألوفة من ممثلى الوزارات والهيئات، كانت كاشفة عن ارتياح إلى الوضع الجديد، وحركة الناس والمركبات فى الشوارع، أغرت بى للمشى ليلًا وحتى قرب منتصف الليل، فى مناطق بالقرب من الجامع الأموى الكبير وسوق الحميدية ذى السقف المعدنى والمحال القديمة، وشوارع العاصمة التليدة الزاخرة بآثار الأوّلين.. ولم يكن يزعجنى سوى كثرة المتسوّلين، أزعجنى بؤسهم لا سؤالهم أو إلحاحهم. المؤكد أن أكثر ما صار يميز شوارع سوريا هو اختفاء صور عائلة الأسد، التى كانت تطل فى كل الأركان، حتى إن عملة ألفى ليرة مازالت تحمل صورة بشار. الدولار يساوى نحو عشرة آلاف ليرة، لذا فحملك ما يساوى مائة دولار يتطلب حقيبة لا أقل. الطاقة هى أزمتهم الكبرى، لكن البنية الأساسية لشبكة الكهرباء، واستعداد الدولة لمشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واستعداد الممولين من الخليج والغرب، يجعل حل الأزمة ممكنًا وسريعًا. الناس فى سوريا يحتملون الأذى بصبر عجيب، البيوت فوق جبل «قسيون» تغطيها ألواح الطاقة الشمسية فى نظام فريد.. الكثير يمكن أن يقال عن المشروع، وشكل الدولة ومؤسساتها، لكن المقال لا يتسع..

عضو من «الليكود» ينضم إلى مهاجمي سياسة الحرب على غزة
عضو من «الليكود» ينضم إلى مهاجمي سياسة الحرب على غزة

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

عضو من «الليكود» ينضم إلى مهاجمي سياسة الحرب على غزة

ارتفعت الأصوات المعارضة لتوسيع العملية الإسرائيلية في قطاع غزة، مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه بدأ مرحلة جديدة في عمليته الحالية «عربات جدعون» التي تهدف إلى احتلال ثلاثة أرباع القطاع. ووجّه عميت هليفي (من حزب الليكود)، في تصريح نادر، انتقادات لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، مؤكداً أنهما لا يملكان خطة واضحة لحسم الحرب في قطاع غزة، ومتّهماً إياهما بتضليل الرأي العام بشأن حجم الإنجازات المحققة. وقال هليفي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»: «هذه حرب احتيالية. لقد كذبوا علينا بشأن إنجازات الحرب. نحن في خطة قتال فاشلة منذ ما يقرب من 20 شهراً. دولة إسرائيل غير قادرة على حسم الحرب مع (حماس). هناك فجوات كبيرة بيننا وبين أعدائنا. في كل الحروب عرفنا كيف نهزم أعداءنا، لكن لا نستطيع ذلك مع (حماس). يتحدثون هنا بمفاهيم ذات أبعاد سياسية لا عسكرية: تدمير، تفكيك، ضرب، لكن لا يوجد حسم». وعدّ هليفي أن نتنياهو كان يجب أن يحسم الحرب سريعاً. وجاءت تصريحاته بعد أيام من فصله من عضوية لجنة الخارجية والأمن من قِبل حزب «الليكود»، على الخلفية نفسها. وكانت «يديعوت أحرونوت» قد كشفت أن هليفي صوّت يوم الأحد في اجتماع لجنة الخارجية والأمن ضد توجه حزبه والحكومة من أجل تمديد أوامر استدعاء جنود الاحتياط. وكانت الائتلاف قد فشل في الجلسة السابقة في حسم المسألة، كما فشل هذه المرة بشكل صارخ بعد أن انضم هليفي بشكل غير معتاد إلى أعضاء المعارضة وصوّت ضد قرار الائتلاف. وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن هذا الموقف أثار مشادة كبيرة بين هليفي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. وبعد أن استمع كاتس إلى هليفي، هاجمه قائلاً: «أنت لا تفهم شيئاً»، وصرخ: «أنت تتحدث بالهراء». فردّ عليه هليفي: «لا توجد اليوم خطة عملياتية، يمكن أن تحسم المعركة ضد (حماس)». ووفق «يديعوت أحرونوت»، فإن كاتس هاجم في يوم لاحق، عبر مجموعة داخلية لأعضاء «الليكود»، هليفي وشبّهه برئيس حزب الديمقراطيين، النائب يائير غولان. ووصف كاتس هليفي بالجاهل وطالب بإسقاطه. وعندما سألت «يديعوت أحرونوت» هليفي عن قرار فصله، قال إنه «من المحزن أن يتم فصل نائب لأنه قام بعمله. تم إرسالي للإشراف على أداء الحكومة والجيش. أطرح أسئلة، ولا أحصل على معلومات، أرسل رسائل وأتلقّى أجوبة مراوغة. ثم يُطلب مني أن أكون ختماً مطاطياً، وأرسل الجنود لخطة عملياتية لن تحقق الحسم!». قوات إسرائيلية على حدود قطاع غزة يوم الخميس (أ.ف.ب) ورفض هليفي الردّ على كاتس، وقال إنه لن يضيّع وقته، لكن على كاتس أن يجيب عن الأسئلة التي يطرحها حول الحرب وليس أن يصرخ ويهين ويشتم ويهاجم. والانتقادات العلنية المفاجئة من هليفي جاءت بعد أيام من تصريحات غولان، التي أثارت عاصفة سياسية في إسرائيل وجدلاً واسعاً، بعدما قال إن أي «دولة عاقلة لا تشن حرباً على المدنيين، ولا تقتل الأطفال هواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان». وانتقادات هليفي وغولان تُخيم على قرار الجيش توسيع العملية العسكرية في غزة. وقالت هيئة البث الرسمية (كان) إن الجيش يستعد لتنفيذ مرحلة جديدة وقوية من العمليات العسكرية في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة. ووفقاً للتقديرات العسكرية، فإن الخطة تشمل إدخال ألوية إضافية إلى القطاع، بحيث تعمل 5 فرق عسكرية على الاستيلاء على أراضٍ في شمال غزة ووسطها، وتطبيق «نموذج رفح» في جميع المناطق التي تصل إليها القوات الإسرائيلية. وتشير التقديرات إلى أن الجيش يهدف للسيطرة على ما يتراوح بين 70 و75 في المائة من أراضي القطاع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. والسبت، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه دمّر منصة إطلاق صواريخ شمال قطاع غزة كانت استُخدمت، الجمعة، في إطلاق النار على البلدات الحدودية، كما أنه قتل مسلحين ودمر مباني مفخخة وبنية تحتية تحت الأرض. كما قصف سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 100 هدف في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة المنصرمة، بما في ذلك مواقع للمسلحين ومبانٍ عسكرية وأنفاق. وتسببت الضربات الإسرائيلية في مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين، فيما أفيد بمقتل 9 أطفال من عائلة واحدة. إلى ذلك، أكّد رئيس اتحاد جمعيات الصليب والهلال الأحمر جاغان تشاباغان السبت، مجدداً ضرورة ضمان الوصول الآمن وبلا عوائق للمساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، الذين يواجهون خطر المجاعة. وأضاف تشاباغان عبر منصة «إكس» أن الإمدادات الغذائية الأساسية لم تعد متوفرة في الأسواق أو نقاط التوزيع، وأن سكان غزة يعيشون ظروفاً هي الأسوأ منذ 19 شهراً. وشدّد رئيس اتحاد جمعيات الصليب والهلال الأحمر على أن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية لأكثر من مليون نازح في غزة أصبح مستحيلاً. وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قد حذّر الخميس من أن قطاع غزة ما زال يواجه خطر المجاعة رغم استئناف بعض المخابز عملها، إثر دخول شاحنات تحمل مساعدات إلى القطاع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store