logo
ترمب و«رقصة الفالس الدبلوماسية»

ترمب و«رقصة الفالس الدبلوماسية»

العرب اليوممنذ 3 أيام
رغم أنَّ «التحدي الصيني» ما زال يحظى بالأولوية في الاستراتيجية الأميركية من خلال التمدد السريع والمتزايد للدور الصيني اقتصادياً وسياسياً على الصعيد العالمي حيث النفوذ السياسي يرتكز بشكل أساسي على العنصر الاقتصادي، فإنَّ واشنطن عادت لتركز على «مخاطر» الدور الروسي. الدور الذي يتمثل في استمرار وتصعيد الحرب الروسية على أوكرانيا. أضف إلى ذلك ما ترى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه عدم تجاوب روسي كلي مع مبادرات التسوية الأميركية لوقف تلك الحرب، على رغم الرسائل الإيجابية التي وجهتها مراراً لموسكو.
من مؤشرات هذا التحول تهديدات واشنطن بشأن إطار زمني محدّد، قيل نقلاً عن الإدارة الأميركية، لتجاوب موسكو مع مطالب واشنطن بوقف القتال. وفي ظل «الرسائل» الأميركية قامت واشنطن بنشر غواصتين نوويتين في منطقة تعتبر «مسرحاً استراتيجياً» أساسياً بالنسبة إلى موسكو. الأمر الذي ساهم في رفع حدة التصعيد في المواقف الدبلوماسية بين الطرفين. وذهبت واشنطن أيضاً إلى التخطيط مع منظمة حلف شمال الأطلسي، بعد أن استجابت الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف لمطلب واشنطن برفع نسبة مساهمتها في ميزانية الحلف إلى خمسة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لتوفير مساعدات عسكرية لأوكرانيا بحدود 10 مليارات دولار. التحول الأميركي في شأن أوكرانيا يندرج في استراتيجية ترمب القائمة على التهديد وفرض العقوبات ثم التفاوض مع الخصم أو العدو من موقع أفضل.
على صعيد آخر، يأتي الاتفاق الأميركي مع الاتحاد الأوروبي، الحليف الأساسي والتاريخي لواشنطن، حول تحديد نسبة 15 في المائة رسوماً جمركية على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة كحل تسووي. حل أرضى بعض الأوروبيين وليس كل الذين قبلوا به مع التعبير عن انتقاداتهم له، باعتبار أنه الحل الأقل سوءاً لتفادي السيناريو الكارثي بالتهديد بفرض رسوم تصل إلى 30 في المائة على الصادرات الأوروبية، الأمر الذي كان يعني حرباً اقتصادية أميركية - أوروبية بتداعيات مكلفة للطرفين على كافة الأصعدة. ويساهم الحل بالنسبة لواشنطن بشكل خاص في خفض العجز في ميزان السلع مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك حماية فرص العمل في قطاعات أميركية أساسية معينة.
على صعيد آخر، تزداد «الرسائل الإيجابية» بين واشنطن وبكين والتي تعكس خفض التصعيد الذي كان قائماً منذ مجيء ترمب إلى السلطة (إدارة ترمب الثانية بالطبع)، من دون أن يعني ذلك بالطبع أن بكين لم تعد الخصم الرئيسي لواشنطن على الصعيد العالمي بسبب موقعها الجيوسياسي في «منطقة المحيطين» التي تحظى بالأولوية في الاستراتيجية الأميركية على الصعيد العالمي، وبسبب ما أشرنا إليه من دور صيني ناشط وفاعل دولياً.
وفي هذا السياق، أعلنت واشنطن أنها تدرس إمكانية خفض رسومها الجمركية على الواردات من الصين الشعبية. وتتكرر التصريحات الأميركية حول احتمال «عقد اتفاق تجاري عادل مع الصين الشعبية». الرئيس الأميركي عبّر عن احتمال زيارته الصين الشعبية تلبية لدعوة من الرئيس الصيني شي جينبينغ. ومن الطبيعي أن تتم الزيارة في هذه الحال في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل للمشاركة في الاحتفال بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية. كما لم يقفل ترمب، في هذا السياق، الباب أمام احتمال عقد لقاء قمة ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد تكون ثلاثية بمشاركة الرئيس الصيني. إنها سياسة إقفال الباب مع ترك المفتاح فيه كما يقال. وفي السياق ذاته هنالك احتمال آخر فيما لو لم يذهب ترمب إلى بكين، قوامه عقد القمة الأميركية - الصينية على هامش أعمال «المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ» الذي سينعقد في كوريا الجنوبية في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ذلك كله يعكس «عقيدة ترمب» في العلاقات الخارجية: العقيدة القائمة على منطق التفاعلية أو التبادلية في المصالح والأحادية في السياسة، كبديل عن الالتزام المتعدد الأطراف في إطار منطق التحالف الاستراتيجي الغربي الذي كان سائداً وخفّ وهجه أو قوته بعد سقوط «الشرق الاستراتيجي». وجاءت إدارة ترمب لتوجه نوعاً من الضربة القوية ولا أقول القاتلة لذلك التحالف حيث قد يكون التعاون في قضية، والخلاف مع الطرف ذاته «الحليف التقليدي» حسب إرث الأمس في قضية أخرى. يأتي ذلك بالطبع، ويسهل حدوثه، بعد أن سقطت الاختلافات التقليدية وتبدلت أو تغيرت الأولويات، تقاطعاً أو تصادماً، بين مختلف الأطراف الدولية في نظام عالمي ما زال في طور التشكل ولم تتبلور القواعد الناظمة له بعد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع ملحوظ للإسترليني امام الدولار واليورو
ارتفاع ملحوظ للإسترليني امام الدولار واليورو

السوسنة

timeمنذ 38 دقائق

  • السوسنة

ارتفاع ملحوظ للإسترليني امام الدولار واليورو

وكالات - السوسنةشهد الجنيه الإسترليني ارتفاعاً ملحوظاً أمام كل من الدولار الأميركي واليورو خلال تعاملات، اليوم الخميس.وبحسب التقارير المالية البريطانية، سجل سعر صرف الإسترليني أمام الدولار الأميركي 1.34234 دولار، بارتفاع بلغت نسبته 0.49 بالمئة.كما ارتفع الإسترليني أيضاً مقابل اليورو ليصل إلى 1.15361 يورو، بزيادة قدرها 0.63 بالمئة.

المومني: الأردن ودول عربية ستكون مساندة للشعب الفلسطيني
المومني: الأردن ودول عربية ستكون مساندة للشعب الفلسطيني

خبرني

timeمنذ 38 دقائق

  • خبرني

المومني: الأردن ودول عربية ستكون مساندة للشعب الفلسطيني

خبرني - قال وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، الخميس، إن شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة إلى غزة تحتاج إلى 36 ساعة حتى تصل مبتغاها بدلا من ساعتين، بسبب المعيقات الإسرائيلية. وأكد المومني أن الدول العربية وعلى رأسها الأردن ستكون مساندة للشعب الفلسطيني وخياراته الشرعية. وأضاف المومني أن الأردن مستمر في تقديم المساعدات للأشقاء في قطاع غزة، برغم من كل المعيقات التي تضعها السلطات الإسرائيلية لوجستيا على أرض الواقع وفي الميدان، مبينا دخول 30 شاحنة يوميا إلى غزة، نتيجة هذه المعيقات، مما يفاقم الوضع الإنساني في القطاع. وبين المومني أن المعيقات الإسرائيلية سبب أساسي في نقص المساعدات التي تصل إلى غزة؛ مما يفاقم المأساة في القطاع، مشيرا إلى أن عدم دخول المساعدات لقطاع غزة يعد جريمة حرب. وأشار إلى أن إسرائيل قادرة على إيقاف هجمات المستوطنين على شاحنات المساعدات الأردنية، موضحا أن الأردن يريد فصل المسار الإغاثي والإنساني عن أي مسارات عسكرية وسياسية أو تفاوضية. وقال المومني، إن الحكومة الإسرائيلية بدأت من العاشر من تموز بفرض رسوم جمركية بين 300 - 400 دولار على كل شاحنة مساعدات تعبر من الأردن إلى قطاع غزة. وأكد المومني، رفض الأردن الاعتداءات المستمرة على قوافل المساعدات الإغاثية، إذ تعرضت الشاحنات إلى اعتداءات عديدة أوقفتها عن إكمال مسيرها لفترات زمنية مختلفة. وأشار المومني إلى أن الأردن يرى أن هنالك تساهلا في التعامل مع المستوطنين الذين يعترضون طريق الشاحنات ويهددون سلامة السائقين. وشدد المومني على أن هذا الأمر يستدعي تدخلا إسرائيليا جديا وعدم التساهل مع من يعيق هذه القوافل الإغاثية التي تشكل خرقاَ للمواثيق الدولية والاتفاقيات المبرمة. وقال الوزير إن جهود الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في إرسال المساعدات تصطدم بعراقيل كبيرة تتمثل بتقديم طلب إلكتروني وبتفتيش مفتوح المدة على المعابر وفرض جمارك مستحدثة، وحصر عملية التفتيش بوقت الدوام.

وزير الطاقة الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن صفقة كبرى مع مصر
وزير الطاقة الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن صفقة كبرى مع مصر

الوكيل

timeمنذ 44 دقائق

  • الوكيل

وزير الطاقة الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن صفقة كبرى مع مصر

الوكيل الإخباري- أكد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الخميس، توقيع أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل مع مصر، واصفا هذا الإنجاز بأنه حدث هام على المستويات الأمني والسياسي والاقتصادي. وقال وزير الطاقة الإسرائيلي في تدوينة على منصة "إكس" إن توقيع أكبر صفقة غاز في التاريخ يرسخ مكانة إسرائيل كقوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة يعتمد عليها جيراننا ويحتاجون إليها. اضافة اعلان وأضاف أن الصفقة مع مصر خبر سار للاقتصاد الإسرائيلي، حيث ستدر مليارات الدولارات على خزينة الدولة، وتخلق فرص عمل، وتعزز الاقتصاد. وأفاد إيلي كوهين بأن تل أبيب ستواصل تعزيز اقتصاد الغاز الطبيعي، مشيرا إلى أنه رصيد استراتيجي لإسرائيل. وأعلنت شركة "نيوميد إنرجي" أحد الشركاء الرئيسيين في حقل ليفياثان الإسرائيلي للغاز الطبيعي، الخميس، توقيع اتفاقية توريد غاز ضخمة مع مصر بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، في ما تعد أكبر صفقة تصدير للغاز الطبيعي في تاريخ إسرائيل"، بحسب وكالة "رويترز". وبموجب الاتفاق، يعتزم حقل ليفياثان الواقع في البحر المتوسط قبالة ساحل إسرائيل وتبلغ احتياطياته نحو 600 مليار متر مكعب، بيع نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز لمصر حتى عام 2040 أو حتى استيفاء كل الكميات المنصوص عليها في العقد. وبموجب الاتفاق، سيزود حقل ليفياثان مصر في المرحلة الأولى بنحو 20 مليار متر مكعب من الغاز بدءا من أوائل عام 2026 بعد إنشاء خطوط أنابيب إضافية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store