logo
في ذكرى الملك المؤسس

في ذكرى الملك المؤسس

عمونمنذ 5 أيام
عُقدت اليوم ندوة تاريخية مهمة في المكتبة الوطنية بمناسبة ذكرى استشهاد المغفور له، بإذن الله، الملك عبد الله الأول بن الحسين، شارك فيها باحثون ومؤرخون متميزون، سلّطوا الضوء على محطات مفصلية من حياة هذا القائد المؤسس، الذي صنع مجد الدولة الأردنية وسط ظروف وتحديات قلّ نظيرها.
في هذه الذكرى العظيمة، تستعاد إلى الذاكرة تلك الظروف الصعبة والتحديات الكبرى التي واجهتها إمارة شرق الأردن ثم المملكة لاحقًا، في ظل سطوة المستعمرين الإنجليز والفرنسيين، إلى جانب أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية متشابكة.
فبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، عمدت القوى الاستعمارية إلى تقاسم الإرث العثماني وفق مصالحها، فجاء وعد بلفور عام 1917 كمشروع استعماري يهدف إلى إقامة 'وطن قومي لليهود' في فلسطين. إلا أن الملك المؤسس، بحنكته السياسية وبعد نظره، تمكّن من استبعاد شرق الأردن من هذا المخطط الخطير، وواجه الضغوط البريطانية والاسرائيلية بمزيج من الحزم والدهاء السياسي، حتى فرض واقعًا سياسيًا جديدًا جعل من الأردن كيانًا عربيًا مستقلاً غير مشمول في ترتيبات وعد بلفور.
وفي ذاكرة التاريخ العربي، تظل سيرة الملك عبد الله الأول بن الحسين علامة فارقة في مسيرة بناء الدولة وتحقيق الاستقلال وترسيخ الكرامة. فقد وُلد عام 1882 في مكة المكرمة، وترعرع في كنف أسرة هاشمية عريقة، حاملة لمشروع نهضوي عربي. وكان أحد قادة الثورة العربية الكبرى إلى جانب والده الشريف الحسين بن علي، سعيًا لتحرير الأرض والهوية من نير الاحتلال العثماني.
استعادة القرار الوطني من الاختطاف السياسي
لم تكن مهمة التأسيس سهلة؛ إذ حاولت جهات حزبية، وعلى رأسها ما يسمى بـ'حزب الاستقلال'، اختطاف القرار السياسي في الأردن الوليد وتوجيهه نحو مسارات لا تعبّر عن إرادة الشعب ولا تخدم المشروع الوطني. لكن عبد الله الأول واجه هذه المحاولة بحزم وبصيرة، وأعاد زمام الأمور إلى الدولة الناشئة، رافضًا أن يكون الأردن منصة لتجاذبات إقليمية أو صراعات شعاراتية، كما أشار إلى ذلك بعض الباحثين في الندوة اليوم.
دمج العشائر وبناء الوحدة الوطنية
أدرك الملك المؤسس أن بناء الدولة يتطلب وحدة وطنية راسخة، فعمل على دمج العشائر الأردنية والعربية في مؤسسات الدولة، إدارية وعسكرية. وبحكمة القائد، أرسا مبدأ الولاء للدولة والهوية الجامعة فوق كل الولاءات الضيقة، فأصبحت الهوية الأردنية نسيجًا متينًا يجمع الجميع تحت راية واحدة.
كما ساهم - رحمه الله - في إجراء المصالحات بين القبائل العربية في شرق الأردن ونجد والحجاز والعراق، فكانت تلك التسويات من أوائل عوامل السلم الأهلي، ومهدت الطريق لتأسيس دولة المواطنة، القائمة على الانتماء والعدل.
انفتاح على الخبرات واللجوء الآمن
فتح الملك عبد الله الأول أبواب المملكة للخبرات والكفاءات العربية القادمة من فلسطين، وسوريا، ولبنان، والعراق، ومصر. فوجد الأطباء، والمهندسون، والمعلمون، والمثقفون في الأردن بيئة خصبة للعمل والعطاء، وساهموا في النهضة التعليمية والصحية والإدارية المبكرة للدولة.
كذلك، شكّل الأردن ملاذًا آمنًا لكل من ضاقت بهم الأرض. فقد استقبل الشركس والشيشان والدروز والمسلمين الفارين من الاضطهاد في القوقاز والبلقان، فاستقروا على ترابه، واندمجوا في مجتمعه، وصاروا جزءًا أصيلاً من نسيجه الوطني، وقدموا إسهامات ملموسة في مؤسسات الدولة وفي الدفاع عنها.
الاستقلال ومكانة القدس
جاء إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946، ليكون تتويجًا لجهود المؤسس في بناء الدولة. وتُوّج عبد الله ملكًا عليها، ليفتتح فصلًا جديدًا من مشروع النهضة العربية. ورغم التحديات الكبرى، لا سيما بعد نكبة فلسطين عام 1948، وقف الملك المؤسس بشجاعة ومسؤولية، فقاد الجيش العربي للدفاع عن القدس، وحافظ على ما أمكن من الأرض الفلسطينية، وضُمّت الضفة الغربية إلى المملكة في خطوة تاريخية بالغة الأثر.
لكن يد الغدر لم تُمهله طويلًا، فاغتالته رصاصات الإرهاب وهو يهمّ بأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى عام 1951، فسقط شهيدًا على عتبة أولى القبلتين، حاملاً همّ القدس في قلبه حتى آخر لحظة من حياته.
إرث خالد ومستقبل آمن
رحم الله الملك المؤسس عبد الله الأول، الذي بنى من ركام الاستعمار كيانًا عربيًا مستقلًا، وحوّل الأردن من فراغ سياسي إلى دولة قائمة على الاعتدال والاستقرار، ومنطقة جذب للكفاءات وملاذ للباحثين عن السلام والكرامة. إرثه حاضر في مؤسسات الدولة، وفي وعي الشعب، وفي وحدته التي بقيت صامدة رغم عواصف الزمان.
وبعد استشهاد الملك المؤسس، وقف الشعب الأردني صفًا واحدًا لحماية منجزه، فتسلّم الراية المغفور له الملك طلال، باعث الدستور الأردني، ثم المغفور له الملك الحسين، باني نهضة الأردن الحديث. واليوم، يمضي الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، الذي يجمع بين الحنكة والحكمة والإنسانية، ويشاركه حمل الأمانة ولي عهده الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله، حفظهما الله ورعاهما.
عاشت المملكة الأردنية الهاشمية… وطن الخير، والكرامة، والسلام.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«إرادة والوطني الإسلامي النيابية» ترحب باعتزام فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين
«إرادة والوطني الإسلامي النيابية» ترحب باعتزام فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين

الدستور

timeمنذ 7 ساعات

  • الدستور

«إرادة والوطني الإسلامي النيابية» ترحب باعتزام فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين

عمان رحبت كتلة إرادة والوطني الإسلامي بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في شهر أيلول المقبل، معتبرة أن هذه الخطوة، في حال تنفيذها، تمثل موقفًا إيجابيًا من فرنسا واعترافًا بنضالات الشعب الفلسطيني الممتدة على مر السنين، وانسجامًا مع قرارات الشرعية الدولية. وأكدت، في تصريح صحفي، أن اعتزام فرنسا اتخاذ هذه الخطوة يحمل دلالات سياسية مهمة تصب في صالح القضية الفلسطينية، خاصة وأن فرنسا كانت أحد الأطراف المشاركة في اتفاقيات سايكس بيكو وسان ريمو، التي مهدت الطريق لإصدار وعد بلفور المشؤوم. وأشارت إلى أن هذه الخطوة المحتملة من شأنها، أن تشكل دعمًا مهمًا للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لنيل حقوقه التاريخية، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. ودعت الكتلة برلمانات الاتحاد الأوروبي إلى أداء دورهم وتحمل مسؤولياتهم التاريخية، من خلال إيصال رسائل واضحة لحكوماتهم تدعو إلى كسر حالة الجمود السياسي، ودفع المجتمع الدولي نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة. كما جددت الكتلة دعمها الكامل لموقف الأردن الثابت، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وحماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، والعمل الجاد من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة.

عون يكشف عن قيامه شخصياً باتصالات مع حــز.ب الله بشأن 'السلاح'
عون يكشف عن قيامه شخصياً باتصالات مع حــز.ب الله بشأن 'السلاح'

رؤيا نيوز

timeمنذ 7 ساعات

  • رؤيا نيوز

عون يكشف عن قيامه شخصياً باتصالات مع حــز.ب الله بشأن 'السلاح'

كشف الرئيس اللبناني جوزف عون اليوم الجمعة عن قيامه شخصياً بإجراء اتصالات مع 'حزب الله' لحل مسألة السلاح، مشيراً إلى أن المفاوضات تتقدم ولو ببطء، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية. وأكد عون خلال استقباله اليوم في قصر بعبدا، وفداً من نادي الصحافة أنه 'عندما تكون الأجهزة الأمنية والإرادة السياسية متفقون على هدف واحد، فلا خوف على لبنان'. وتابع ' الجيش والقوى الأمنية يعملون على توقيف شبكات إرهابية، ويقومون بعملهم على أكمل وجه، ويجب التنبه من الأخبار المفبركة التي تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف من أمور غير موجودة بالأصل'. وشدّد عون 'على دعمه للقضاء في فتح أي ملف متعلق بالفساد، بمعزل عن أي خلفية طائفية كانت أو حزبية'. ولفت إلى أن 'ملفات الفساد التي فُتحت الى الآن، متعلقة بأشخاص من مختلف الطوائف والانتماءات الحزبية. وقال: 'سأسير في ملف الفساد الى النهاية، شاء من شاء وأبى من أبى'. وعن الخلافات الحاصلة حول موضوع اقتراع المنتشرين في الخارج في الانتخابات النيابية، أوضح الرئيس عون ' أن هذا النقاش يحسمه مجلس النواب، وأن الحكومة قامت بما عليها'. وأشار إلى أن 'هناك بعض الاعلام ينحو إلى الإضاءة على السلبيات دون الإيجابيات، والتي هي ليست قليلة إلى الآن. فمنذ زيارتكم الأخيرة الى قصر بعبدا في الماضي، تشكلت الحكومة، وتم تعيين حاكم لمصرف لبنان، ورؤساء الأجهزة الأمنية، ومجلس القضاء الأعلى، كما جرت الانتخابات البلدية، وغيرها من الأمور التي تحققت. ولا يجب أن نغفل أيضاً، إعادة العلاقات مع الدول العربية إلى نصابها الصحيح'. ونفى عون ما تردد من شائعات 'عن وقوع مواجهات في الهرمل بين الجيش اللبناني والسوريين'، مؤكداً أنه 'اتصل بقائد الجيش العماد رودولف هيكل للوقوف على حقيقة الموضوع، فتبيّن أنه غير صحيح.'

ابناء ديوان الطفيلة بعمان : لن تزحزحنا عن مواقفنا ادعاءات وتضليل خفافيش الليل
ابناء ديوان الطفيلة بعمان : لن تزحزحنا عن مواقفنا ادعاءات وتضليل خفافيش الليل

أخبارنا

timeمنذ 9 ساعات

  • أخبارنا

ابناء ديوان الطفيلة بعمان : لن تزحزحنا عن مواقفنا ادعاءات وتضليل خفافيش الليل

أخبارنا : استنكر بيان صادر عن ديوان ابناء محافظة الطفيلة في عمان الادعاءات الباطلة والأكاذيب والافتراءات التي تستهدف الإنتقاص من دور الأردن الإنساني والإغاثي لدعم اهلنا في غزة العزة ومحاولات التضليل للنيل من مكانته مؤكدين وقوفهم خلف القيادة الهاشمية صفا واحدا مع كافة ابناء الأسرة الأردنية الواحدة ولن تزحزحهم ادعاءات وتضليل خفافيش الليل ومن باعوا انفسهم للشياطين . بسم الله الرحمن الرحيم الهجمة الشرسة التي تتعرض لها المملكة الأردنية الهاشمية من تشكيك بمواقفه قيادة وشعبا تجاه القضية الفلسطينية ودوره الإنساني الداعم لأهل غزة ليس بالأمر الجديد بل انه التحدي الأكبر الذي نواجهه منذ نشأة المملكة قبل 104 سنوات وبفضل وعي شعبنا لم يُحرك بنا ذلك ساكنا بل زادنا ثباتا وتمسكا بمواقفنا التاريخية الواضحة للقاصي والداني . الأردن كان وما زال الملاذ الآمن لكل مضطهد من شتى الأقطار العربية وصوت الحق المدافع عن عدالة قضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما ألت اليه الأوضاع في قطاع غزة العزة جراء الحرب الشرسة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيونية الباغية. لم نفاجأ بالأصوات الناعقة والحانقة فقد اعتدنا عليها مع كل موقف شريف وانساني لمملكتنا بقيادتها الحكيمة وشعبها الجبار فهو عهد قطعه الأجداد والأباء والتزم به الأحفاد منذ ان اطلق الراحل الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه "رصاصة الثورة العربية الكبرى" في مكة المكرمة وبايعوا الراحل الملك المؤسس عبد الله الأول سائرون بعون الله على نهجهم ليبقى الأردن شوكة في حلق كل متصهين ومأجور وعميل . نستنكر الادعاءات الباطلة والأكاذيب والافتراءات لهذه الزمرة التي تحاول ان تنتقص من دورنا الإنساني والإغاثي لدعم اهلنا في غزة العزة ومحاولات التضليل للنيل من مكانة الأردن ونؤكد وقوفنا خلف قيادتنا الهاشمية صفا واحدا مع كافة ابناء الأسرة الأردنية الواحدة ولن تُزحزحنا عن مواقفنا المشرفة ادعاءات وتضليل خفافيش الليل ومن باعوا انفسهم للشياطين . حمى الله الأردن قلعة صمود وتحدي بقيادة الهاشميين وتحية اعتزاز وافتخار بجنود قواتنا الباسلة وكافة أجهزتنا الأمنية وأدام علينا نعمة الأمن والإستقرار انه سميع مجيب الدعاء . 25 / 7 / 2025 رئيس الديوان المهندس محمود اسماعيل السعودي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store