
معاناة مغاربة المهجر تتجدد.. وقيوح يقر بعجز الحكومة عن ضبط أسعار الرحلات
في خضم أجواء الصيف التي تشهد سنويًا تدفقًا كثيفًا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج نحو أرض الوطن، عادت أسعار تذاكر الطيران لتثير من جديد موجة من الغضب والاستياء، بعد أن تفاجأ آلاف المغاربة بارتفاع صادم في أسعار الرحلات الجوية، خاصة عبر الخطوط الملكية المغربية، بالتزامن مع انطلاق عملية "مرحبا" السنوية لاستقبال مغاربة المهجر.
من الولايات المتحدة وكندا إلى أستراليا ودول الخليج، تقاطرت شكاوى أفراد الجالية الذين عبّروا في تدويناتهم على الفيسبوك عن صدمتهم إزاء ما وصفوه بـ"الأسعار الحارقة"، التي تجاوزت في بعض الأحيان قدرة العديد من الأسر المغربية على السفر، وحوّلت حلم قضاء عطلة الصيف وسط الأهل والأحباب إلى عبء مالي ثقيل أو إلى مجرد أمنية مؤجلة.
فمعظم المسافرين الذين حاولوا حجز رحلاتهم في يونيو أو يوليوز، اصطدموا بأسعار تجاوزت 6000 درهم للتذكرة الواحدة، ما أثار استياءً واسعًا، ترجمته أصوات المعارضة داخل قبة البرلمان، التي حمّلت الحكومة مسؤولية هذا الوضع، متهمة إياها بالعجز عن التدخل لحماية حقوق الجالية.
وفي هذا السياق، اعترف وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بعجز الحكومة عن التدخل لضبط أسعار التذاكر الجوية، مبررًا الأمر بانخراط المملكة منذ سنة 2006 في سياسة "السماء المفتوحة"، والتي ترتكز على تحرير المجال الجوي واستقطاب شركات طيران وطنية ودولية، بما في ذلك شركات منخفضة التكلفة.
وأوضح الوزير أن هذه السياسة سمحت للمغرب بربط جوي متنوع مع أكثر من 50 شركة، لكن المنافسة في سوق محرر تعني أيضًا أن الحكومة لا تملك صلاحية فرض أسعار أو تحديد سقف معين لتذاكر السفر.
ودافع قيوح عن هذا التوجه، معتبرا أن العرض والطلب يظلان العامل الأساسي المحدد للأسعار، مؤكدًا أن من يحجز تذكرته في وقت مبكر يمكنه الاستفادة من عروض قد لا تتجاوز 200 درهم، بينما قد يصل السعر إلى آلاف الدراهم في فترات الذروة.
وأضاف أن شركات الطيران تعتمد أنظمة ديناميكية لتسعير التذاكر، حيث ترتفع الأسعار مع اقتراب موعد السفر وامتلاء الرحلات، داعيًا المسافرين، خاصة أفراد الجالية المغربية بالخارج، إلى تغيير ثقافة الحجز المتأخر، وتبني ممارسات سفر استباقية للظفر بعروض أقل تكلفة.
في المقابل، لم تقنع هذه التبريرات جزءًا كبيرًا من ممثلي الأمة، إذ شددت النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة الكشوتي، على أن الارتفاع المهول في الأسعار يُقصي شريحة واسعة من أفراد الجالية، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود، الذين لم يعد في وسعهم زيارة وطنهم الأم سوى مرة واحدة في السنة، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
وأعادت الكشوتي التذكير بتصريحات سابقة لرئيس الحكومة، تعود إلى يناير 2025، تحدث فيها عن تذاكر تتراوح بين 300 و600 درهم، مما رفع حينها آمال المهاجرين بتحسين ظروف التنقل، لكنها أكدت أن الواقع الحالي يناقض تلك الوعود.
الوزير قيوح أصر في رده على أن تلك الأسعار لا تزال متوفرة، لكن فقط لمن يحسن تدبير توقيت الحجز، مضيفًا أن بعض الشركات، بما فيها الخطوط الملكية المغربية، توفر تذاكر بأسعار منخفضة جدًا خارج فترات الذروة.
مشيرًا إلى أن الأسعار المرتفعة هي نتيجة منطقية لتزايد الطلب خلال موسم الصيف، ولا تقتصر على الخطوط المغربية فقط، بل تشمل جميع الشركات التي تشتغل في السوق المغربية.
وفي ظل هذا الجدل، تبقى معاناة الجالية المغربية المقيمة بالخارج قائمة كلما حلّ موسم العودة إلى الوطن.
وفي انتظار حلول هيكلية أو آليات دعم ملموسة تسهم في تخفيف تكاليف السفر، يواصل الكثير من أفراد الجالية تأجيل زياراتهم أو البحث عن خيارات بديلة، في وقت تُطرح فيه أسئلة ملحة حول دور الحكومة في ضمان الحد الأدنى من العدالة في أسعار النقل الجوي، خاصة خلال فترات الذروة، حماية لحق آلاف الأسر المغربية في الحفاظ على صلة الرحم والهوية والانتماء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 طنجة
منذ 3 ساعات
- 24 طنجة
✅ مؤشرات مقلقة ترصد ارتفاع افلاس الشركات بجهة طنجة بعد "زمن كورونا"
سجل معدل تصفية المقاولات ذات الشخصية المعنوية النشطة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ارتفاعا لافتا خلال الفترة التي تلت جائحة كوفيد 19. جاء ذلك بحسب ما أفاد به التقرير الجهوي للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة برسم سنة 2025. وأورد التقرير، استنادا إلى معطيات المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، أن معدل تصفية المقاولات انتقل من معدل سنوي يقارب 760 حالة قبل الجائحة، إلى أكثر من 1000 خلال الفترة 2022 – 2023. ويأتي هذا الارتفاع في سياق سجلت فيه الجهة إحداث حوالي 8000 مقاولة ذات الشخصية المعنوية النشطة سنويا خلال نفس الفترة، أغلبها على مستوى عمالة طنجة أصيلة، التي استأثرت بنسبة 71.3 في المئة من مجموع هذه المقاولات. وتزامن هذا التطور مع نمو في المؤشرات الاقتصادية على صعيد الجهة، حيث بلغ رقم معاملات المقاولات النشطة حوالي 245 مليار درهم سنة 2023، في حين تجاوزت القيمة المضافة 45.33 مليار درهم، مع زيادات بنسبة 15.2 في المئة و13.8 في المئة على التوالي مقارنة مع سنة 2022، وبنسب 71.8 في المئة و56.2 في المئة مقارنة مع سنة 2017. وسجل التقرير أن قطاع الصناعات التحويلية يمثل المساهم الرئيسي في هذه المؤشرات، بحصص بلغت 52.8 في المئة من رقم المعاملات و42.3 في المئة من القيمة المضافة، بينما حققت المقاولات الكبرى 62.4 في المئة من رقم المعاملات و56.3 في المئة من القيمة المضافة. وتضم عمالة طنجة أصيلة أيضا 57.1 في المئة من مجموع المقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتشغل 74.4 في المئة من الأجراء المصرح بهم، وفق نفس المصدر. وتهدف التقارير الجهوية للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة إلى تقديم تشخيص للنظام الإنتاجي في كل جهة من جهات المملكة، ووضع سلسلة من المؤشرات رهن إشارة الفاعلين العموميين والخواص.


ناظور سيتي
منذ 4 ساعات
- ناظور سيتي
تفرسيت ضمن المراكز الصاعدة بإقليم الدريوش.. اجتماع موسع بعمالة الدريوش لتنزيل برنامج الرقي بالجماعات القروية بالإقليم
المزيد من الأخبار تفرسيت ضمن المراكز الصاعدة بإقليم الدريوش.. اجتماع موسع بعمالة الدريوش لتنزيل برنامج الرقي بالجماعات القروية بالإقليم ناظورسيتي من الدريوش شهد مقر عمالة إقليم الدريوش مؤخراً، اجتماعاً موسعاً ترأسه عامل صاحب الجلالة على الإقليم، السيد عبد السلام فريندو، خُصص لتقديم ومناقشة نتائج الدراسة المتعلقة بتنزيل المخطط الوطني المندمج لتنمية المراكز القروية الصاعدة، وذلك بحضور مسؤولين جهويين وإقليميين يمثلون قطاعات التعمير، الإسكان، العمران، ورجال السلطة والمنتخبين. وخلال الاجتماع، تم عرض تصور شامل يروم الارتقاء بمركز جماعة تفرسيت، كنموذج أولي سيتم تعميمه لاحقاً على مراكز جماعات دار الكبداني، وتمسمان وقاسيطة وبودينار، ويهدف إلى محاربة الفوارق المجالية وتحقيق تنمية متوازنة تربط بين الوسطين الحضري والقروي، عبر مشاريع مهيكلة تراعي حاجيات الساكنة. كما تم تقديم مقترحات لإنشاء منطقة للأنشطة الاقتصادية، وتأهيل السوق الأسبوعي، وبناء مركز للتسوق لاحتواء الباعة المتجولين، و"دار الصانعات" لدعم المنتوجات المحلية، بالإضافة إلى ساحة عمومية تحتضن المعارض والتظاهرات الثقافية. وشملت المشاريع أيضا مشاريع بيئية وترفيهية، منها تهيئة المجالات الغابوية ومساحات خضراء، وفضاءات للترفيه، ومضمار رياضي، وغير من المشاريع التي تهدف إلى خلق قطب سوسيو-إيكولوجي يعزز جاذبية المنطقة. وقدرت كلفة هذه المشاريع بنحو 90 مليون درهم، وسط إجماع الحاضرين على أهمية الإسراع في تعبئة الموارد المالية الضرورية لتجسيدها على أرض الواقع، بما يضمن انطلاقة جديدة لمركز جماعة تفرسيت كمحور تنموي صاعد بإقليم الدريوش، إلى جانب جماعات الدريوش وميضار وبن الطيب. وخلال هذا الاجتماع الموسع، تم التطرق إلى مختلف المحاور التي تهم الارتقا بجماعة تفرسيت من جماعة قروية إلى جماعة حضرية، وعلى رأسها تنزيل مشاريع تعزيز البنيات التحتية، من خلال توسيع شبكة الصرف الصحي، وتهيئة الطرق، إلى جانب مشاريع اجتماعية واقتصادية تشمل إحداث ملاعب قرب، مراكز للخدمات، ومرافق عمومية وغيرها.كما تم تقديم مقترحات لإنشاء منطقة للأنشطة الاقتصادية، وتأهيل السوق الأسبوعي، وبناء مركز للتسوق لاحتواء الباعة المتجولين، و"دار الصانعات" لدعم المنتوجات المحلية، بالإضافة إلى ساحة عمومية تحتضن المعارض والتظاهرات الثقافية.وشملت المشاريع أيضا مشاريع بيئية وترفيهية، منها تهيئة المجالات الغابوية ومساحات خضراء، وفضاءات للترفيه، ومضمار رياضي، وغير من المشاريع التي تهدف إلى خلق قطب سوسيو-إيكولوجي يعزز جاذبية المنطقة.وقدرت كلفة هذه المشاريع بنحو 90 مليون درهم، وسط إجماع الحاضرين على أهمية الإسراع في تعبئة الموارد المالية الضرورية لتجسيدها على أرض الواقع، بما يضمن انطلاقة جديدة لمركز جماعة تفرسيت كمحور تنموي صاعد بإقليم الدريوش، إلى جانب جماعات الدريوش وميضار وبن الطيب.


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
معاناة مغاربة المهجر تتجدد.. وقيوح يقر بعجز الحكومة عن ضبط أسعار الرحلات
في خضم أجواء الصيف التي تشهد سنويًا تدفقًا كثيفًا لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج نحو أرض الوطن، عادت أسعار تذاكر الطيران لتثير من جديد موجة من الغضب والاستياء، بعد أن تفاجأ آلاف المغاربة بارتفاع صادم في أسعار الرحلات الجوية، خاصة عبر الخطوط الملكية المغربية، بالتزامن مع انطلاق عملية "مرحبا" السنوية لاستقبال مغاربة المهجر. من الولايات المتحدة وكندا إلى أستراليا ودول الخليج، تقاطرت شكاوى أفراد الجالية الذين عبّروا في تدويناتهم على الفيسبوك عن صدمتهم إزاء ما وصفوه بـ"الأسعار الحارقة"، التي تجاوزت في بعض الأحيان قدرة العديد من الأسر المغربية على السفر، وحوّلت حلم قضاء عطلة الصيف وسط الأهل والأحباب إلى عبء مالي ثقيل أو إلى مجرد أمنية مؤجلة. فمعظم المسافرين الذين حاولوا حجز رحلاتهم في يونيو أو يوليوز، اصطدموا بأسعار تجاوزت 6000 درهم للتذكرة الواحدة، ما أثار استياءً واسعًا، ترجمته أصوات المعارضة داخل قبة البرلمان، التي حمّلت الحكومة مسؤولية هذا الوضع، متهمة إياها بالعجز عن التدخل لحماية حقوق الجالية. وفي هذا السياق، اعترف وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بعجز الحكومة عن التدخل لضبط أسعار التذاكر الجوية، مبررًا الأمر بانخراط المملكة منذ سنة 2006 في سياسة "السماء المفتوحة"، والتي ترتكز على تحرير المجال الجوي واستقطاب شركات طيران وطنية ودولية، بما في ذلك شركات منخفضة التكلفة. وأوضح الوزير أن هذه السياسة سمحت للمغرب بربط جوي متنوع مع أكثر من 50 شركة، لكن المنافسة في سوق محرر تعني أيضًا أن الحكومة لا تملك صلاحية فرض أسعار أو تحديد سقف معين لتذاكر السفر. ودافع قيوح عن هذا التوجه، معتبرا أن العرض والطلب يظلان العامل الأساسي المحدد للأسعار، مؤكدًا أن من يحجز تذكرته في وقت مبكر يمكنه الاستفادة من عروض قد لا تتجاوز 200 درهم، بينما قد يصل السعر إلى آلاف الدراهم في فترات الذروة. وأضاف أن شركات الطيران تعتمد أنظمة ديناميكية لتسعير التذاكر، حيث ترتفع الأسعار مع اقتراب موعد السفر وامتلاء الرحلات، داعيًا المسافرين، خاصة أفراد الجالية المغربية بالخارج، إلى تغيير ثقافة الحجز المتأخر، وتبني ممارسات سفر استباقية للظفر بعروض أقل تكلفة. في المقابل، لم تقنع هذه التبريرات جزءًا كبيرًا من ممثلي الأمة، إذ شددت النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، فاطمة الكشوتي، على أن الارتفاع المهول في الأسعار يُقصي شريحة واسعة من أفراد الجالية، خاصة ذوي الدخل المتوسط والمحدود، الذين لم يعد في وسعهم زيارة وطنهم الأم سوى مرة واحدة في السنة، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. وأعادت الكشوتي التذكير بتصريحات سابقة لرئيس الحكومة، تعود إلى يناير 2025، تحدث فيها عن تذاكر تتراوح بين 300 و600 درهم، مما رفع حينها آمال المهاجرين بتحسين ظروف التنقل، لكنها أكدت أن الواقع الحالي يناقض تلك الوعود. الوزير قيوح أصر في رده على أن تلك الأسعار لا تزال متوفرة، لكن فقط لمن يحسن تدبير توقيت الحجز، مضيفًا أن بعض الشركات، بما فيها الخطوط الملكية المغربية، توفر تذاكر بأسعار منخفضة جدًا خارج فترات الذروة. مشيرًا إلى أن الأسعار المرتفعة هي نتيجة منطقية لتزايد الطلب خلال موسم الصيف، ولا تقتصر على الخطوط المغربية فقط، بل تشمل جميع الشركات التي تشتغل في السوق المغربية. وفي ظل هذا الجدل، تبقى معاناة الجالية المغربية المقيمة بالخارج قائمة كلما حلّ موسم العودة إلى الوطن. وفي انتظار حلول هيكلية أو آليات دعم ملموسة تسهم في تخفيف تكاليف السفر، يواصل الكثير من أفراد الجالية تأجيل زياراتهم أو البحث عن خيارات بديلة، في وقت تُطرح فيه أسئلة ملحة حول دور الحكومة في ضمان الحد الأدنى من العدالة في أسعار النقل الجوي، خاصة خلال فترات الذروة، حماية لحق آلاف الأسر المغربية في الحفاظ على صلة الرحم والهوية والانتماء.