logo
تقدم الدول وتخلفها

تقدم الدول وتخلفها

الرياضمنذ 6 أيام
تسعى المملكة اليوم لامتلاك القوة الشاملة بكل مكوناتها، وجعلت السبيل إلى ذلك بناء الإنسان، وهذا هو ما ركزت عليه رؤية المملكة 2030، ومن أهم برامجها "برنامج بناء القدرات"، ويرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأهميته، وأوكلت تحقيق مستهدفاته لوزارة التعليم..
بحثت كثيراً عن أهم أسباب تقدم الدول وتأخرها، أجريت مقارنات بين الدول المتقدمة والقوية، وبين الدول الضعيفة والفقيرة، فلم أجد أسباباً مقنعة غير عنصر واحد هو الإنسان، والدليل أن بعض الدول تتحول من ضعيفة وفقيرة إلى قوية وغنية، أو العكس لمجرد تغيير قياداتها، والقيادة بدورها تقوم بتغيير الإنسان، وتوجيهه الوجهة الصحيحة من حيث التعلم والعمل، والتمتع بالحرية اللازمة لإطلاق ملكاته وقدراته الكامنة ليبدع وينتج، أو تقضي على كل مصادر الإبداع عنده، وتجعله يعمل بجزء بسيط من طاقته لغياب الحافز، والحرية التي هي كالماء والهواء بالنسبة للتقدم والنجاح.
والنماذج الناجحة على مستوى العالم موجودة، وكيف تحولت دول فقيرة إلى غنية وقوية، ومنها راوندا التي أصبحت تسمى سنغافورة إفريقيا، فبعد أن كانت من أفقر الدول وأقلها أماناً، وعاشت أسوأ مجزرة عرقية في القرن العشرين راح ضحيتها نحو 800 ألف قتيل من قبيلة التوتسي، وهم الأقلية على أيدي أفراد قبيلة الهوتو ويشكلون غالبية السكان، مجازر نفذت خلال ثلاثة أشهر والمجتمع الدولي يتفرج، لكن بعد المجازر تشكلت حكومة وطنية بقيادة نخبة ممن عادوا من المنفى بقيادة الرئيس "بول كاغامي"، ألغت أسباب المجازر الجماعية وأنشأت المحاكم لتحقيق العدالة، ونشرت التعليم الذي ركز على الوحدة الوطنية، وإلغاء القبيلة من المسميات، ومن الأحوال المدنية، واهتمت بالتنمية، والصحة، والبنية التحتية، لتصبح العاصمة كيغالي من أنظف المدن الإفريقية وأكثرها أماناً، والأهم أن المرأة أسهمت في البناء، ومحاربة الطائفية، توجه الشعب للبناء بدل الهدم والفقر والكسل. أما النماذج الفاشلة فهي أكثر بكثير من الناجحة، ففي الدول العربية على سبيل المثال رأينا كيف تدهور الاقتصاد، وانهارت العملات في بعض الدول بعد الانقلابات العسكرية على الحكومات الملكية المستقرة، وبدل التركيز على تنمية الإنسان، وبناء الاقتصاد، صار الهاجس الأمني، وغياب الحرية الفردية، وتفشي الفساد، وقتل الإبداع هو السائد، وتحولت بعض الدول إلى دول فاشلة، انتهت إلى حروب أهلية كما هو في الصومال والسودان وليبيا وسورية واليمن وغيرها.
والمثال ينطبق على مستوى الأفراد أيضا، ففي المجتمع الواحد، ومع وجود الفرص المتاحة للجميع، نجد أن أسرا كثيرة خرجت من دائرة الفقر إلى الغنى بفضل تعليم أفرادها، واستثمارهم للفرص المتاحة من تعليم، وتوظيف، وتجارة، بينما بقيت أسر أخرى على حالها، تتبع خطى وأفكار من سبقها، كل ذلك يدعونا للتركيز على إعداد المواطن القوي الذي يبني ويبدع، ومن أهم خطوات بناء الإنسان ما يأتي:
أولاً. تستغرق زراعة القمح وحصاده عدة أشهر، والشجرة تثمر بعد سنوات من غرسها، أما بناء الإنسان البناء الصحيح فيستغرق عقوداً من التربية التعليم والتدريب، وتعد رياض الأطفال حجر الأساس لوضع الأسس الصحيحة للتربية قبل التعليم، حيث يجب أن يتعلم الطفل كل العادات الجميلة، والتي تبقى معه بقية حياته، ومنها الاحترام لكل من يتعامل معه، والنظافة والتعاون، وغير ذلك من العادات التي تشكل سلوكه لاحقاً كمواطن صالح ومنتج ومحب، رياض الأطفال تهتم بها الدول المتقدمة وتعدها بأهمية كتائب الجيش التي ترابط على الحدود وتحفظ الأمن، فأطفال اليوم هم جنود المستقبل وقادته. وكل اهتمام بهم سيعود على الوطن واقتصاده، وقوته الشاملة أضعاف مضاعفة.
ثانياً. في هذا العصر يجب أن ننتقل من التعليم إلى التعلم، ومن التلقين إلى إتقان البحث والتحليل والنقد والاستنتاج، زرع عادتي القراءة والرياضة أهم العادات التي تبقي الطالب متعلما وصحيا مدى الحياة، وعن طريقهما يمكن تقليل الآثار السلبية لتقدم التقنية المتسارع، فالذكاء الاصطناعي قادم بقوة، وسيوفر الجهد في كتابة البحوث وحلّ المعضلات، وهنا خطورة تعطيل ملكة التفكير، يجب أن تكون المدارس ورش عمل للفنون والأنشطة العقلية والبدنية بعيداً عن المشتتات.
ثالثاً. بناء الشخصية القيادية، والقادرة على التواصل بكل أشكاله ومتطلباته من أهم ما يحتاجه مواطن الغد، بل هو مطلب مهم في كل زمان ومكان، والمدارس بأنشطتها اللاصفية كالمسرح، والنشاط الكشفي، والرياضة بأنواعها من أهم وسائل بناء الشخصية القيادية القادرة على التواصل مع المجتمع والعالم، ومنها الوقوف أمام الجمهور والتحدث بكل ثقة، والتدريب على العمل الجماعي وروح الفريق. ومن أهم وسائل التدريب في المرحلة الثانوية والجامعية ممارسة عمل جزئي يمنح الطالب الخبرة وتقدير المال والوقت، وتهيئته للعمل بعد التخرج.
تسعى المملكة اليوم لامتلاك القوة الشاملة بكل مكوناتها، وجعلت السبيل إلى ذلك بناء الإنسان، وهذا هو ما ركزت عليه رؤية المملكة 2030، ومن أهم برامجها "برنامج بناء القدرات"، ويرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأهميته، وأوكلت تحقيق مستهدفاته لوزارة التعليم، حيث إن هاجس بناء الإنسان القوي بعقله وبدنه وقدرته على التفكير والإبداع يجب أن يكون المهمة الأولى لوزارة أقترح أن يعاد تسميتها إلى "وزارة التربية والتَعلم".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«المطارات» بوابات التأريخ والتراث
«المطارات» بوابات التأريخ والتراث

عكاظ

timeمنذ 32 دقائق

  • عكاظ

«المطارات» بوابات التأريخ والتراث

على خلفية ما نشره الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير من تواصل قصير بينه وبين سمو ولي العهد تم على إثره اعتماد مخطط مطار أبها الجديد، نقول إنه ليس سراً كيفية تواصل ولي العهد مع فريق عمله الكبير، كلهم يؤكدون أنه حاضر في أي وقت، يرد عليهم دون تأخير، ويصدر توجيهاته دون إضاعة وقت، كل ثانية لديه هي وقت عمل، لذلك لم تكن مبالغة عندما سأله الرئيس ترامب في الرياض: هل تنام يا محمد؟ موضوع حديثنا ليس عن الحضور الدائم لولي العهد لإنجاز مسؤولياته الضخمة، وأسلوبه في اتخاذ القرارات، فذلك أصبح معروفاً في الداخل والخارج، سنتحدث عن تصميم مطار أبها الذي وصفه ولي العهد بأنه يليق بمدينة أبها من حيث تصميمه النابع من هوية وروح وتأريخ وتراث منطقة عسير. هذا التوجه نتمنى تعميمه على كل مناطق المملكة، ليس في مطاراتها فقط، وإنما في كل معالمها المعمارية البارزة، كالمباني الحكومية والجامعات ومراكز التسوق الكبيرة، والمراكز الترفيهية، وغيرها. لدينا في المملكة هويات معمارية بديعة تختص بها كل منطقة، تشكل إرثاً تأريخياً مهماً، وتمثل هوية مميزة لكل منها، لكنها للأسف بدأت تذوب وتكاد تندثر وتصبح أطلالاً تفقد ملامحها. ما حدث في مناطقنا من تذويب للهوية العمرانية خلال فترة طفرة البناء جعلنا لا نميز بين مدينة وأخرى، الأحياء السكنية والمباني البارزة مستنسخة من بعضها، لا فرق إن كنت في الرياض أو جدة أو الدمام أو تبوك أو جازان أو حائل. مبانٍ بكماء لا تشي بأي تأريخ أو إرث أو هوية، كتل اسمنتية محايدة بلا روح. الآن لدينا توجه لتغيير ذلك النمط، بالحفاظ على الهوية العمرانية وإبرازها في مشاريعنا البارزة، والمطارات هي واجهات المناطق والمدخل إلى تأريخها وتراثها وثقافتها، وحري بها أن تكون اللافتة التعريفية بذلك. أخبار ذات صلة

يا تعليم نبدأ كيف: «اثنين والا ثلاثة»؟
يا تعليم نبدأ كيف: «اثنين والا ثلاثة»؟

عكاظ

timeمنذ 32 دقائق

  • عكاظ

يا تعليم نبدأ كيف: «اثنين والا ثلاثة»؟

منذ أن كنت معلماً أنأَى بنفسي عن مناقشة الأحوال التعليمية وما يشوبها من تداخلات بسبب القرارات الارتجالية أو العشوائية التي تصل إلى الإدارات التعليمية وتصب داخل المدارس كقرارات يجب تنفيذها، بينما نحن (رجال الميدان) نعرف مسبقاً أن هذا القرار لن ينفذ لما يعتريه من خلل لن يجتاز عتبة التنفيذ، وبالرغم من هذا الابتعاد في المناقشة أجد نفسي داخل دائرة النقاش سواء كنت معلماً أو صحفياً.. من العادات الاجتماعية أن كل مهنة أو وظيفة لها شجون تنبث بمجرد اجتماع أهل المهنة أو الوظيفة وتنصب أحاديثهم حول إنجاز أهداف تلك الوظيفة، واجتماعات المعلمين ليست مستثناة من تلك العادة. ليلة البارحة حدث بيني وبين صديق (لا يزال في دائرة التعليم) تواصل بدأ بالتحايا والسؤال عن الحال، وسرعان ما انفتحت سيرة التعليم وقراراته المقررة والملغية. صديقي لم يتمالك ما يجوس في صدره، فانبث شاكياً، ولكي لا أحيد عن شكواه سأضع حيرة المعلمين إزاء تباطؤ الوزارة في أمر حاسم، وكانت بداية الشكوى الحيرة، إذ قال صديقي: تأخر البت في حسم قرار الدراسة بنظام فصلين أو ثلاثة فصول، وهذا التأخر يخلق حالة من عدم الاستقرار والتخبط لدى المجتمع التعليمي بمختلف أطرافه (الطلاب، وأولياء الأمور، والمعلمين، والإدارات التعليمية)، فعدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب يجعل التخطيط للمناهج والتقويم الدراسي مرهوناً بالتكهنات، ما يضعف كفاءة التنفيذ. كما أن إدارات المدارس بحاجة إلى معرفة عدد الفصول لتنظيم الجدول الدراسي، والإجازات، وسير العملية التعليمية بشكل عام. كما يتعذر إعداد الجداول والخطط الفصلية بشكل دقيق دون معرفة النظام المعتمد. إضافة إلى الأنظمة الإلكترونية التعليمية التي تحتاج إلى ضبط مسبق حسب التقويم. قبل التنهيد وبعده.. كان من المؤمل من وزارة التعليم تقديم توضيح شفاف لأسباب التأخير إن وُجدت، فقط لقطع التكهنات، وإدارة التوقعات بسبب غياب القرار الرسمي، وغيابه يفتح المجال للاجتهادات الفردية والشائعات، ويجعل المدارس في حيرة التخبط من أجل الاستعداد، والتخطيط، وعرض خططها على أولياء الأمور الشركاء الحقيقيين لتحقيق التحصيل الدراسي المطلوب. يا وزارة التعليم: البت المبكر والواضح في النظام الدراسي يُعزز الاستقرار والكفاءة وجودة التخطيط. أغلقت على شكواه بمفردة: معقولة! نعم.. هل هذا معقول يا وزارة التعليم؟ وإن أردت الاستطراد سوف أضيف أن تأخر حسم قرار الدراسة بنظام فصلين أو ثلاثة فصول يؤكد تباطؤ الوزارة في أمر لا يستوجب معه التباطؤ؛ لأن الحسم في هذا الشأن تُبنى عليه خطط عديدة تبدأ من الأسرة وتتشابك مع بقية مناشط الحياة. مرة أخرى، معقولة إلى الآن لم يحسم قرار (اثنين أو ثلاثة)، مع أنني من البدء كتبت معترضاً على قرار الفصول الثلاثة الذي لم ينجح على أرض الواقع. أخبار ذات صلة

مؤتمر حل الدولتين.. محطة مفصلية بقيادة المملكة
مؤتمر حل الدولتين.. محطة مفصلية بقيادة المملكة

عكاظ

timeمنذ 32 دقائق

  • عكاظ

مؤتمر حل الدولتين.. محطة مفصلية بقيادة المملكة

كعهد «الكبار» ذوي الحِجى والرّأي الباصر السّديد، ممّن يتعالون عن «الصّغائر»، ويترفّعون عمّا يشين ويُزري، ويتغاضون عن انتياشات «الصّغار» ممّن يرمون الآخرين بكَمية الاتهام الأدهم المهين، وساقط القول الرّخيص المأفون. بهذا العهد مضى وطني المملكة العربية السعودية، لتشحذ همّة العالم في عصبة «الأمم المتحدة»، وتلمّ شتيت صوتها المتهامس حقًّا، والمضمر بالتأييد الخجول للقضية الفلسطينية، لتأخذ المملكة بوعي وبصيرة قيادتها الراشدة الحكيمة زمام المبادرة، وتجعل الصّوت رفيع المستوى بالشراكة مع فرنسا في مؤتمر حل الدولتين ليتكاثف التأييد بما احتوت عليه الوثيقة الختامية للمؤتمر. وقد رجحت صوت الحق، ورسمت خارطة طريق متّسم بالمعقولية، دون شطط الشعارات الديماجوجية الجوفاء، أو رخاوة التفريط في موجبات أعدل قضية عرفتها الإنسانية في حاضرها المعيش. فما أبلج كلمات وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وهو يصوغ التوصيف الأمثل للوثيقة «بالقول» إن هذه المخرجات تعكس مقترحات شاملة عبر المحاور السياسية والإنسانية والأمنية والاقتصادية والقانونية والسردية الإستراتيجية، وتشكّل إطارًا متكاملًا وقابلًا للتنفيذ من أجل تطبيق حل للدولتين، وتحقيق السلم والأمن للجميع. ولهذا جاء التأييد واسعًا، والاتفاق كبيرًا، على حتمية وضرورة العمل المشترك لإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بناءً على التطبيق الفعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة.. كما تمظهرت لواحظ النّجاح للمؤتمر في توالي المبادرات المبشّرة من دول العالم كافة، وبخاصة الأوروبية منها، وكندا ومالطا والتى أشادت بهذه الخطوات الإيجابية للمملكة في بيان وزارة الخارجية مؤكدة توافق المجتمع الدولي على ضرورة إنهاء معاناة شعب فلسطين، مجدّدة الدعوة لبقية الدول لاتخاذ مثل هذه الخطوات الجادة الداعية للسلام وعدًا بالاعتراف بدولة فلسطين قبل انتهاء أعمال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، وهو عين ما سعت إليه المملكة بدأب وخططت له بصبر ونفاذ بصيرة. وقد جلّى ذلك ولي العهد الأمين، وجهر به بعالي الصوت في «القمة العربية الإسلامية غير العادية»، التي احتضنتها الرياض العاصمة حين قال -حفظه الله- لقد اتخذت دولنا خطوات مهمة عبر تحرّكها المشترك على الصعيد الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي الآثم وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية. ونجحنا في حثّ المزيد من الدول المحبة للسلام للاعتراف بدولة فلسطين. وحشدنا للاجتماع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني الذي عبّرت عنه قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة للأمم المتحدة، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع للأراضي الفلسطينية. كما أطلقنا التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومملكة النرويج التي استضافت المملكة مؤخرًا اجتماعها الأول، وندعو بقية الدول للانضمام لهذا التحالف.. وهكذا بوسعك أن تقرأ موقف المملكة المتّسق، وتفهم أن ما قامت به في هذا المؤتمر هو حريّ بالوقوف عنده كثيرًا، بوصفه خيطًا من ذات النسيج، بما يمثل فرصة لاستكناه الجهود الاستثنائية، والعمل الدبلوماسي الرفيع الذي قامت به، وتولت زمامه قيادتها الرشيدة، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، حفظهما الله، معززة بهذا المؤتمر روح الجهد الأممي الجماعي، وجعلت الصوت العربي الأصيل، والعاقل، والمتزن، رديف الأوروبي في أنصع صور التفاعل الدولي إنفاذًا لمقترح حل الدولتين، الذي جهرت به المملكة منذ (23) عامًا في العاصمة اللبنانية بيروت إبّان القمة العربية، ليأتي هذا المؤتمر مراعيًا للمتغيّرات، وحاسبًا لما مرّ من مياه كثيرة تحت الجسر، ليعيد الأمل في تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، راسمًا خارطة طريق جليّة المعالم، وفق إطار زمني محدّد، بغايات واضحة، وتقديرات سليمة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في العيش بكرامة على أرضه، ويضمن السلام والأمن والعدل على المستوى الإقليمي والعالمي على حدٍّ سواء، وهو ما يمكن اعتباره «محطّة مفصلية»، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، نظير ما وجده من تحشيد وتأييد رفيع المستوى.. نعم؛ لن يكف «الصغار» عن انتياش مواقف المملكة وقيادتها بمخارز تزييف الحقائق، والرمي بالتهم الجزاف، والتشكيك في مخرجات هذا المؤتمر، ونواتج أي خطوة «عاقلة» في ملف هذه القضية العادلة، هذا دأبهم، وتلك شنشنتهم التي خبرناها، وعرفنا محصلتها، بتغليبهم الأرعن لروح المغامرات العمياء، والزج بالشعب الفلسطيني في أتون ومحرقة العنف والعنف المضاد، وتأجيج الفتن الكوامة، لصالح الأجندات الخارجية، ورهن الشعب الفلسطيني بأسره وقضيته العادلة من أجل مصالحهم الضيقة. فآن لهم أن يفهموا ويعوا ما تقوم به المملكة من جهد يتجاوز مخرجات عقولهم المفخخة، ويفهموا أن موقف قيادتها، على مر الحقب والسنوات، ظل وفيًّا للقضية الفلسطينية، معليًا لصوتها في كافة المحافل الدولية، براجح العقل، ومستبصر «الرؤية»، وعميق الفهم، فالفرق كبير، والبون شاسع، بين عقل يفكّر بمنطق محكم، ويزن الأمور بحكمة باصرة، وبين من يجعل فوران الخواطر، وجيشان الأعصاب، وديموجاجية الخطاب، وعصابية الطرح؛ وسائله لتحقيق غاياته، دون أن يمتلك غيرها في معرض النزال، وساحة المنافحة، وميدان القتال فليكفّ «الصغار» عن سواقطهم، وليدعوا «الكبار» لينجزوا ما عليهم من جسيم المسؤولية، فهم بها أجدر، وعليها أقدر بإذن الله. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store