
ستارمر وماكرون.. صداقة تفرضها التحديات وتحذير قائم
تم تحديثه الثلاثاء 2025/3/18 06:55 م بتوقيت أبوظبي
عناق أخوي، ومصافحة استمرت 13 ثانية، وتربيتات دافئة على الظهر. إشارات علنية بين ستارمر وماكرون، في قمة استضافتها بريطانيا حول أوكرانيا في 2 مارس/آذار الجاري، عكست عودة الوفاق والود بين لندن وباريس.
وفي عصر عدم اليقين حول توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية، والحرب في أوكرانيا وفي غزة وغيرها من الأزمات العالمية، أصبحت بريطانيا وفرنسا أقرب ما يكونان إليه منذ أكثر من عقد، لكن البعض يحذر من أن تحسين العلاقات له حدود مع مساعي لندن للتقرب من الاتحاد الأوروبي.
ويمثل هذا التقارب بين البلدين تحولاً مذهلاً بعد أقل من 3 سنوات على تصريح رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك ليز تراس، بأنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "صديقًا أم عدوًا"، في حين سخر سلفها بوريس جونسون من احتجاج باريس على تحالف "أوكوس" وصفقة الغواصات التي استثنت فرنسا.
كما يأتي التقارب بعدما هددت فرنسا في مرحلة ما، بقطع إمدادات الطاقة عن المملكة المتحدة وسط خلاف حاد حول الوصول إلى مياه الصيد البريطانية.
ونقلت صحيفة "تلغراف" البريطانية عن دبلوماسيين قولهم إن التهديدات المزدوجة من ترامب وروسيا هي سبب تقارب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن مصادر مطلعة أكدت أن هناك انسجامًا حقيقيًا بينهما وذلك على الرغم من اختلافاتهما الواضحة.
وستارمر (62 عامًا) هو محام سابق في مجال حقوق الإنسان عمل مدعيًا عامًا، لا يتحدث أي لغة غير الانجليزية، ومع بقائه 4 سنوات على الأقل في السلطة، فلديه الوقت الكافي للتأقلم مع منصبه ووضع استراتيجيات طويلة المدى.
أما ماكرون (47 عامًا) فكان مصرفيًا استثماريًا في روتشيلد، يتحدث الإنجليزية والألمانية تزوج من معلمته التي تكبره بـ24 عاما ويستعد لمغادرة منصبه في 2027 ويواجه أزمة داخلية في ظل برلمان معلق نتج عن دعوته إلى انتخابات كارثية.
ورغم الخلافات الواضحة بينهما إلا أن الرجلين لديهما أيضًا قدر مُلفت من القواسم المشتركة فكلاهما تكنوقراط معتدل، وهما ينحدران من يسار الوسط، ولاعبان متحمسان لكرة القدم، ويعزفان على البيانو.
كان اللقاء الأول بينهما في 2023، عندما خالف ماكرون البروتوكول بدعوة ستارمر باعتباره زعيما للمعارضة يتمتع "بالسلطة الأخلاقية" لقيادة المملكة المتحدة.
وقال ميشيل دوكلو، الدبلوماسي الفرنسي السابق والمستشار الخاص للشؤون الجيوسياسية والدبلوماسية في معهد مونتين في باريس، والذي لعب "دورًا صغيرًا" في ذلك الاجتماع "سارت الأمور على ما يرام لأنهما تكنوقراطيان ورجلان على دراية بملفاتهما".
وتلقت العلاقة دفعة أخرى عندما غادر ريشي سوناك، رئيس الوزراء آنذاك، مبكرًا الحفل الدولي لإحياء الذكرى الثمانين ليوم النصر في حين بقي ستارمر الذي لم يكن مدرجًا في قائمة المدعوين في الأصل.
ومجددا، خرق ماكرون البروتوكول واتصل بستارمر ليلة الانتخابات لتهنئته قبل فوزه الرسمي فكان أول زعيم عالمي يتصل به كما تحدث الرجلان في اليوم التالي بمجرد دخول ستارمر داونينغ ستريت.
وأثار رئيس الوزراء الجديد إعجاب ماكرون باستضافته قمة المجموعة السياسية الأوروبية (EPC) وهي من بنات أفكار الرئيس الفرنسي وتعد منصة غير رسمية لمناقشة المخاوف المشتركة خارج حدود الاتحاد الأوروبي، وخاصةً فيما يتعلق بأوكرانيا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دعا ماكرون ستارمر لحضور احتفالات يوم الهدنة في باريس، ليكون أول رئيس وزراء بريطاني يقوم بذلك منذ ونستون تشرشل.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي دعا ستارمر ماكرون إلى تشيكرز وهناك، اصطحبه في جولة إرشادية في مقر إقامته الريفي الرسمي في باكينجهامشير.
ومع تولي ترامب السلطة تعمقت العلاقة وقال بيتر ريكيتس، السفير البريطاني السابق في باريس "لقد دفعت أوكرانيا المملكة المتحدة وفرنسا معًا كقوتين عسكريتين أوروبيتين رائدتين، ثم ازدادت الأمور سوءًا بفعل فوضى الأسابيع الستة الأولى لترامب، مما دفع ماكرون وستارمر إلى دور قيادي حقيقي".
وأضاف "أعتقد أنهما شكّلا ثنائيًا فعالًا للغاية، لأنهما يقدمان جوانب مختلفة. يتمتع ماكرون بخبرة كبيرة في هذا المجال الدولي، وعلاقات عميقة مع العديد من الأطراف الفاعلة. ويتمتع ستارمر بالقدرة على البقاء والاستقرار السياسي وهو ما يفتقر إليه ماكرون".
واجتمع كلاهما مع ترامب في المكتب البيضاوي فكان ماكرون أكثر حزمًا في تحدي الرئيس الأمريكي، لكن ستارمر خرج بنتيجة ملموسة وهي عدم فرض رسوم جمركية مباشرة على المملكة المتحدة والموافقة على الاتفاقية الخاصة بالسيادة على جزر شاغوس في المحيط الهندي.
وقال كيم داروش، السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة "لن يرغب أي رئيس وزراء بريطاني في الوقوف علناً إلى جانب أوروبا ضد أمريكا إلا إذا حدث أمرٌ استثنائي.. سيظل الموقف السائد هو أن كلا العلاقتين أساسيتان".
وأضاف "لكن البريطانيين والفرنسيين يتعاونون بشكل وثيق بشأن أوكرانيا، باعتبارهما القوتين العسكريتين الرائدتين في أوروبا".
وتابع "إحدى نتائج أزمة أوكرانيا هي أنه رغم البريكست فقد تولى ستارمر دورًا قياديًا في أوروبا، إلى جانب ماكرون، وفي ظل حكومة تصريف أعمال في ألمانيا".
وعلى الرغم من التقارب، لا تزال نقاط الخلاف الفرنسية البريطانية قائمة، خاصة فيما يتعلق بالتعاون في مجال الصناعات الدفاعية مع الكشف عن تعرض خطة ستارمر للتوصل لاتفاقية أمنية مع الاتحاد الأوروبي لعرقلة خاصة من قبل الفرنسيين وأنه لن يكون هناك أي تقدم في مجال الأمن حتى تقدم لندن تنازلات بشأن صيد الأسماك وتنقل الشباب الأوروبيين.
ويختبئ الفرنسيون وراء قواعد الاتحاد الأوروبي التي تُصنّف المملكة المتحدة كدولة ثالثة، وبالتالي لا يُمكنها أن تكون جزءًا من مشروعات وبرامج صناعة الدفاع في الاتحاد الأوروبي.
وقال مصدر مقرب من ماكرون "هذا لا يعني أنهم سيتركون بريطانيا فجأةً تتساهل في التزاماتها تجاه خروجها من الاتحاد الأوروبي.. هذا هو التحذير".
aXA6IDI2MDE6MmMxOjhjMDE6ZmM5MDo4MGMzOmY5ZmY6NGY0MzozNTNkIA==
جزيرة ام اند امز
US

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 5 ساعات
- البيان
الاتحاد الأوروبي: التجارة مع الولايات المتحدة لا بد أن تقوم على الاحترام المتبادل
قال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش اليوم إن المفوضية الأوروبية ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لصالح الطرفين ' الأوروبي و الأمريكي' لكنه شدد على أن التجارة بين التكتل والولايات المتحدة لا بد أن تقوم على الاحترام المتبادل وليس التهديدات. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إنه سيفرض رسوما بنسبة 50 بالمئة على صادرات التكتل. وأضاف شيفتشوفيتش 'لا تزال المفوضية الأوروبية مستعدة للعمل بحسن نية'.


الموجز
منذ 9 ساعات
- الموجز
ترامب يشعل حربًا تجارية جديدة مع أوروبا.. ورسوم الـ50% تهز الأسواق العالمية
في خطوة مفاجئة تهدد بإشعال فتيل حرب تجارية جديدة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من الأول من يونيو، وذلك بعد انهيار المفاوضات التجارية بين الجانبين. نشر ترامب قراره عبر منصته "تروث سوشيال"، واتهم الاتحاد الأوروبي بأنه "تكوّن لاستغلال الولايات المتحدة تجاريًا"، مشيرًا إلى أن المحادثات لم تحقق أي تقدم. وفي تصريحات متلفزة، أكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أن مفاوضات بلاده مع دول مثل الهند والمملكة المتحدة تسير بإيجابية، مشيرًا إلى وجود 18 شريكًا تجاريًا يتفاوضون بحسن نية، باستثناء الاتحاد الأوروبي. أثار القرار موجة من الانتقادات في العواصم الأوروبية، حيث وصف رئيس الوزراء الأيرلندي الخطوة بأنها "مخيبة للآمال"، بينما أكدت الحكومة الألمانية أن فرض رسوم إضافية "لا يخدم مصالح أحد". وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أجرى المفوض الأوروبي للتجارة، ماروش شيفكوفيتش، اتصالًا هاتفيًا مع ممثل التجارة الأمريكي جاميسون جرير، في إطار جهود دبلوماسية لتهدئة الأوضاع. تقارير إعلامية أوروبية أشارت إلى أن اللجنة الأوروبية "لا تزال تحاول فهم نوايا واشنطن" وسط حالة من الغموض بشأن الموقف الأمريكي الحقيقي. تسبب الإعلان في اضطرابات حادة بالأسواق المالية العالمية، حيث انهارت مؤشرات البورصات الأوروبية، وتراجعت بورصة ميلانو بأكثر من 3%، فيما فقدت أسهم كبرى البنوك والشركات الإيطالية ما يصل إلى 7%. وفي وول ستريت، تراجعت مؤشرات داو جونز وستاندرد أند بورز وناسداك بنسب متفاوتة، وسط موجة بيع واسعة النطاق. وشهدت شركة "أبل" ضربة قوية، بعد تهديد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 25% على هواتف الآيفون المُصنعة خارج الولايات المتحدة، مما أدى إلى انخفاض أسهمها 4% وخسارتها أكثر من 100 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال ساعات. ارتفع سعر الذهب بنسبة 1.5% ليبلغ نحو 3350 دولارًا للأونصة، في ظل تزايد الإقبال على الأصول الآمنة وتوقع خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة. وعلى الجانب الآخر، تراجعت أسعار النفط والغاز بنسب متفاوتة. وحذر كبير الاقتصاديين في بنك "بيرينبرج"، هولجر شميدينج، من أن "هذه خطوة تصعيدية خطيرة"، متوقعًا ردًا أوروبيًا قد يفاقم الأضرار الاقتصادية لكلا الطرفين.


الشارقة 24
منذ 11 ساعات
- الشارقة 24
ترامب يلوّح للاتحاد الأوروبي بـرسوم جمركية نسبتها 50%
الشارقة 24 - أ ف ب: كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في منشور على منصته الاجتماعية تروث سوشال، اليوم الجمعة، "من الصعب جداً التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجارياً، مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من الأول من يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة". ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي، "الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية"، ما تسبّب في "عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول بتاتا". وأشار ترامب مراراً إلى العجز التجاري للولايات المتحدة في المبادلات الثنائية مع أوروبا، والذي يراوح بين 300 و350 مليار دولار بحسب تقديره.