
أخطاء تقع بها الحوامل عند استخدام الحديد في الأشهر الأخيرة
ترتبط صحة الحامل خلال أشهر حملها وسلامة جنينها، وأيضاً ولادتها من دون مضاعفات، ارتباطاً وثيقاً بحصول جسمها على العناصر الغذائية المختلفة وبنسب محددة؛ حيث إن نقص بعض العناصر من فيتامينات ومعادن يؤدي إلى أعراض مرضية قد تهدد حياة الأم والجنين، ومن بين هذه العناصر عنصر الحديد.
تحتاج الحامل مع اقتراب الولادة إلى نسبة مرتفعة من الحديد لعدة أسباب منها تعويض نزف الولادة، ولكن يجب عدم الإسراف في استهلاكه على شكل مكمل غذائي، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، في حديث خاص بها؛ استشارية النساء والولادة الدكتورة سناء مختار، حيث أشارت إلى أخطاء تقع بها الحوامل عند استخدام الحديد لعلاج فقر الدم خصوصاً في الأشهر الأخيرة؛ حيث يخلطن بين الأقراص والحقن العضلي في الآتي.
كيف يحدث فقر الدم عند الحامل؟
اعلمي أن هيموغلوبين الدم يُعرف بأنه البروتين الذي يحمل الحديد في الدم ويوجد في كريات الدم الحمراء، كما أنه يمثل ما نسبته 94% من مكونات الكريات الدم الحمراء الجافة، ويوجد في الخلايا السنخية في الرئتين، وكذلك في خلايا مسراق الكبيبة في الكُلْيَتين، ويوجد كذلك في الخلايا البلعمية.
اعلمي أن هناك عدة وظائف لهيموغلوبين الدم، ومنها الحفاظ على شكل خلايا الدم الحمراء التي تكون قرصية الشكل؛ ما يساعدها على الحركة بسهولة عبر الأوعية الدموية، كما أنه يعمل على نقل غاز الأكسجين من الرئتين إلى باقي أنسجة الجسم، ثم إعادة غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يُصنف على أنه نفايات ناتجة عن عملية التنفس من أنسجة الجسم إلى الرئتين، كما يعمل على الحفاظ على درجة الحموضة في الدم عند معدل طبيعي وهو 7.4 عند الإنسان السليم.
لاحظي أنك قد تواجهين عدة أسباب تؤدي إلى نقص الهيموغلوبين مثل غثيان الحمل الذي يصيب الحامل في الأشهر الأولى من حملها، وحيث تفقد الكثير من العناصر الغذائية من فيتامنيات ومعادن بسبب القيء المستمر، كما أن تناول الحامل للأصناف التي لا تحتوي على الحديد يسبب تلبك شهيتها، وبالتالي يحدث نقص مخزون الحديد في جسمها، ويتناقص بناءً على هذه السلوكيات معدل الهيموغلوبين.
لاحظي أن هناك حالة تصيب الأم الحامل وتؤدي لما يُعرف بحالة فقر الدم الوهمي، حيث يرتفع في أثناء الحمل حجم الدم عند الأم بنسبة تصل إلى 50%؛ ما يرفع من حجم سائل البلازما، ولكن في الحقيقة أن الحامل لا تكون مصابة بفقر الدم، كما يمكن أن تعاني من نقص الهيموغلوبين بسبب نقص حمض الفوليك، وهو مكمل شائع يجب أن تتناوله النساء الحوامل في فترة التحضير للحمل، ويمكن الحصول عليه أيضاً في الأصناف الغذائية المدعمة، مثل الحبوب الكاملة والخضروات الورقية بأنواعها، وكذلك في ثمار الموز والبطيخ ومعظم البقوليات، كما قد تُصاب الأم الحامل بنقص الهيموغلوبين، وبالتالي التعرض لخطر الإصابة بفقر الدم؛ بسبب إصابتها بمرض قرحة المعدة قبل حدوث الحمل، وتُصاب بنقص الهيموغلوبين أيضاً بسبب إصابتها بأمراض الكُلَى أو الكبد أو تعرضها للالتهابات أو العدوى، أو بسبب إصابتها بمرض وراثي يُعرف بـ"فقر الدم المنجلي أو الأنيميا المنجلية".
أخطاء استهلاك الحديد في أشهر الحمل الأخيرة
لاحظي أنه يجب عليك في الشهر الثامن مثلاً أن تحققي مستويات عالية من نسبة الحديد في دمك استعداداً للولادة ومن أجل صحة الجنين ؛ حيث يصبح إنساناً متكاملاً ولديه دورته الدموية التي تحتاج إلى المزيد من الدم المحمل بالأكسجين؛ وذلك من أجل أن تقوم أجهزته الحيوية بوظائفها على أكمل وجه.
اعلمي أنه يجب أن يكون المعدل الطبيعي لنسبة الهيموغلوبين في دم الحامل يتراوح ما بين 11 و12 غراماً / ديسيليتر، وغير ذلك؛ أي أقل من ذلك، يمكن أن نقول إن الحامل تعاني من نقص الحديد، ويجب أن تحصل عليه سواء على شكل مكمل غذائي أو مضاعفة كمية الأصناف الغذائية المحتوية على الحديد.
ابتعدي تماماً عن فكرة أنك يجب أن تحصلي على الحديد بجرعات مرتفعة في أشهر الحمل الأخيرة؛ حيث إن بعض النساء الحوامل يقمن بالجمع بين الحديد على شكل أقراص وحقن عضلية -مثلاً- حيث إن ذلك لا يؤدي إلى نتائج جيدة دائماً، بل إن تناول الحديد بأكثر من شكل يثبط من وظيفته ولا يزيدها على الإطلاق، وحيث إن مقدار حقنتين ونصف الحقنة من حقن الحديد المتوافرة في الأسواق تستطيع أن ترفع نسبة الحديد في الدم بمقدار 1 غرام، وبالتالي لا توجد حاجة لكي تجمعي ما بين الحقن والكبسولات؛ لأن ذلك أيضاً سوف يؤدي لنتائج سيئة منها الإصابة بالإمساك، وقد تُصاب الحامل بما يُعرف بتسمم الحديد.
نصائح مهمة لكي تستفيد الحامل من مكملات الحديد
امتنعي تماماً عن تناول أقراص الحديد مع أدوية مضادات الحموضة التي تستهلكينها بكثرة في أشهر الحمل الأخيرة؛ حيث إن مثل هذه الأدوية التي تُستخدم لتقليل حركة المعدة تتسبب بشكل عام في تقليل فاعلية المكملات الغذائية التي يصفها الأطباء للحوامل استعداداً للولادة.
باعدي بين استهلاك مكملات الحديد ومُكملات الكالسيوم؛ أي يجب ألا تحصلي عليهما في الوقت نفسه، لأن استهلاكهما معاً سوف يعمل على التقليل من امتصاص الحديد، واحرصي على استهلاك جرعة مناسبة من فيتامين C على شكل أقراص أو فوار، أو الحصول على عصير برتقال مثلاً، مع تناولك لأقراص الحديد؛ لأن هذا الفيتامين المهم يعمل وبشكل فعَّال على تعزيز امتصاص عنصر الحديد.
استمري في تناول عنصر الحديد بوصفه مكملاً غذائياً في الشهرين الأخيرين من حملك؛ لأن بعض النساء الحوامل يتوقفن عن تناول أقراص الحديد بوصفها مكملاً غذائياً في شهري الحمل الأخيرين لأنه يكون لديهن اعتقاد خاطئ أنه يتسبب في كِبَر حجم ووزن الجنين، وخصوصاً كِبَر رأسه؛ ما يتسبب في عسر الولادة ، ولكن التوصيات الطبية الحديثة تحرص على حثِّ الحوامل على استهلاك الحديد بوصفه مكملاً غذائياً لمدة لا تقل عن ستة أشهر خلال أشهر الحمل التسعة سواء كانت متقاربة أو متباعدة، وكذلك استهلاكه الضروري لمدة ثلاثة أشهر متتالية بعد عملية الولادة مباشرة؛ لتعويض فقدان الأم الكثير من الدم بسبب نزف الولادة والنفاس.
امتنعي عن تناول الحديد بوصفه مكملاً غذائياً بعد الوجبات التي تحصلين عليها متفرقة خلال النهار، ويُفضَّل أن تكون ست وجبات صغيرة تحتوي على الألياف؛ لأنها تقلل من امتصاص الحديد، ويجب إطالة المسافة الزمنية بينهما؛ فهناك أمهات حوامل يتناولن الحديد بعد تناول الخبز المعد من الحبوب الكاملة أومن النخالة؛ ما يؤدي لتقليل فاعليته بصورة واضحة.
احرصي على تناولي مكمل الحديد منفرداً من دون أطعمة معينة مثل أن تتناوليه قبل أو بعد تناول الفاصولياء وفول الصويا والمكسرات؛ لأن هذه الأصناف تؤدي إلى سوء امتصاص الحديد بصورة كبيرة؛ لأنها تحتوي على تشكيلة من الفيتامينات.
تناولي الحديد مع كوب كبير من الماء على شكل مكمل غذائي؛ أي أقراص، ولا تتناوليه مع مشروبات مثل القهوة أو الشاي أو النسكافيه أو الكابتشينو مثلاً؛ فجميع هذه المشروبات تعمل على بطء امتصاص عنصر الحديد وتقليل فاعليته، ولا تتناولي مكملات الحديد أيضاً مع الحليب السائل الطبيعي أو المبستر؛ لأن الحليب يحتوي على عنصر الكالسيوم الذي يعمل على منع امتصاص عنصر الحديد.
قد يهمك أيضاً:
* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 7 ساعات
- سعورس
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [ل فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك لعمري ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك ب«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له بإذن الله تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.


الوطن
منذ 7 ساعات
- الوطن
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
باتت المكملات الغذائية في السنوات الأخيرة جزءًا من السلوك الاستهلاكي اليومي، ليس في مراكز اللياقة وبناء الأجسام وحسب، بل على رفوف الصيدليات، ومنصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية. كبسولات أنيقة، وأشرطة حبوب منمقة، وعبوات براقة، ووعود بالصحة، والمناعة، والطاقة الدائمة. وسط هذا الضجيج «الصحي» النشط، يتبادر إلى الذهن تساؤل قد يزعج المنتفعين من هذا السوق: هل فعلًا نحتاج إلى هذه المائدة الضخمة من المكملات الغذائية؟ أم أننا ضحايا تجارة رائجة تستغل هوس البعض بالصحة والحيوية والجمال والشباب الدائم؟ وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [لـ فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك ــ لعمري ــ ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك بـ«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له ــ بإذن الله ــ تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.

سعورس
منذ 13 ساعات
- سعورس
76 ألف وفاة سنويًا بسبب "تسمم الحمل" حول العالم
ويهدف هذا اليوم إلى تحقيق جملة من الأهداف الحيوية، في مقدمتها رفع مستوى الوعي لدى النساء الحوامل وعامة الجمهور بالأعراض المصاحبة لتسمم الحمل، وتمكينهن من التعرف المبكر على العلامات التحذيرية التي تستدعي التدخل الطبي الفوري، كما يُشدد على أهمية التوعية بالمخاطر الجسيمة التي يمكن أن تترتب على الإصابة بتسمم الحمل خلال فترة الحمل وما تليها من مراحل، مؤكدًا على ضرورة التعامل مع هذا الاضطراب بجدية فائقة. ولا يُغفل اليوم العالمي أهمية تحسين نتائج اضطرابات ارتفاع ضغط الدم المصاحبة للحمل من خلال تكثيف جهود تثقيف المجتمع وتقديم الدعم اللازم للنساء الحوامل والمصابات، بالإضافة إلى العمل المستمر على تطوير سُبل الرعاية الصحية المتاحة. وتكشف الحقائق المُروعة عن حجم التحدي الذي يواجهه العالم بسبب تسمم الحمل، حيث يفقد ما يقارب من 76 ألف أم و500 ألف طفل أرواحهم في جميع أنحاء العالم سنويًا نتيجة لهذا الاضطراب. وتشير الدراسات إلى إمكانية الوقاية من نحو 60% من وفيات الأمهات الناجمة عن تسمم الحمل، من خلال التشخيص المبكر للحالة وتوفير الرعاية الطبية المناسبة في الوقت المناسب. إن تسمم الحمل لا يقتصر تأثيره على ارتفاع ضغط الدم فحسب، بل يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات متنوعة وخطيرة تتعلق بالمشيمة، العضو الحيوي الذي يربط الأم بالجنين ويوفر له الغذاء والأكسجين. هذه المضاعفات قد تتسبب في فقدان كميات كبيرة من الدم تُهدد حياة الأم والجنين بشكل مباشر، وفي بعض الحالات الحرجة، قد تحتاج الأمهات اللواتي تم تشخيص إصابتهن بتسمم الحمل إلى عمليات نقل دم طارئة لإنقاذ حياتهن. مشكلات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل يُشخَّص عندما يرتفع ضغط دم المرأة الحامل للمرة الأولى بعد الأسبوع العشرين من الحمل، في حالة لم تكن تعاني منه قبل ذلك، ولا يصاحبه أي من الأعراض الأخرى المميزة لتسمم الحمل مثل زيادة نسبة البروتين في البول. ويحدث هذا الارتفاع نتيجة للتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ على جسم الأم خلال فترة الحمل، حيث يُنتج الجسم كمية إضافية من الدم لدعم نمو الجنين وتغذيته عبر المشيمة، وقد تصل كمية الدم المنتجة إلى ضعف الكمية الموجودة خلال الشهر السادس من الحمل، مما يزيد العبء على القلب لضخ هذه الكمية الإضافية. لذا يُعد حدوث تغيرات طفيفة في معدلات ضغط الدم أمرًا طبيعيًا خلال الحمل، ومع ذلك، يُفرز الجسم خلال هذه الفترة هرمون البروجستيرون الذي يُساهم في ارتخاء الأوعية الدموية وتخفيف الضغط على جدرانها. وعادة ما يختفي ارتفاع ضغط دم الحمل بعد الولادة، لكن الإصابة به تزيد من خطر تطور ارتفاع ضغط الدم المزمن في المستقبل. تسمم الحمل أما تسمم الحمل فيُعتبر حالة أكثر خطورة تتميز بثلاثية من الأعراض الرئيسية تشمل ارتفاع ضغط الدم ووجود البروتين في البول، وعادة ما يحدث بعد الأسبوع العشرين من الحمل أو حتى بعد الولادة في حالات نادرة، حيث تتراوح نسبة الإصابة به بين 2 إلى 8% من النساء الحوامل. ويقع التأثير السلبي الرئيسي لتسمم الحمل على المشيمة، حيث يُقلل من كمية الدم التي تصل إليها، مما يعيق نمو الطفل وتزويده بالغذاء والأكسجين اللازمين لنموه وتطوره السليم. كما أن انخفاض تدفق الدم إلى المشيمة قد يؤدي إلى ضيق البيئة التي يعيش فيها الجنين داخل الرحم، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات أخرى.