
من الردة إلى التطبيع.. الجولانى فى مرمى داعش
هذا المقال يحاول تفكيك الخطاب الداعشى كما جاء فى الافتتاحية عبر خمسة محاور رئيسية: قراءة فى السياق الزمنى والسياسى الذى ولدت فيه الافتتاحية. تحليل الرسائل الظاهرة التى يروّج لها التنظيم بشكل مباشر. استعراض المسكوت عنه فى النص، وما يخفيه من تناقضات وغياب للمراجعة الذاتية. قراءة فى الآليات البلاغية والخطابية المستخدمة لتأطير الخصوم وتمجيد الذات. وأخيرًا، الوقوف على الأثر المحلى والإقليمى لهذا النوع من الخطاب، وصولًا إلى خاتمة تتأمل فى دلالات اعتماد «خطاب الأمل» فى لحظة انكشاف المشروع وفقدان الأرض والشرعية.
افتتحت «النبأ» عددها ٥٠٣ فى توقيت حساس أعقب سلسلة من المؤشرات الأمريكية التى تفيد بإعادة النظر فى تصنيف هيئة تحرير الشام، التابعة لأبى محمد الجولاني. هذه الخطوة لم تأتِ من فراغ، بل تعكس تحوّلًا تدريجيًا فى سياسة واشنطن تجاه بعض الفاعلين الجهاديين المحليين الذين نجحوا- حسب الرؤية الأمريكية- فى «الانفصال السلوكي» عن التنظيمات المصنفة إرهابية مثل القاعدة وداعش، وتبنى خطاب أكثر «براجماتية» ومرونة. هذا التحول أثار حفيظة تنظيم داعش، الذى قرأ الخطوة كإعلان واضح عن تصفية سياسية لمشروعه، وتمييع للحدود العقدية التى طالما رفعها.
فى الوقت نفسه، أعلنت موسكو اعترافها الرسمى بإمارة طالبان، بعد سنوات من التعامل الأمنى الضمنى معها، مما فتح الباب لتأويلات عديدة حول تقاسم النفوذ والتكتيك بين القوتين العظميين. بالنسبة لتنظيم داعش، لم يكن هذا الاعتراف مجرد قرار دبلوماسي، بل «تكريس لاحتواء المرتدين» كما وصفته الصحيفة، فى إشارة إلى أن طالبان، مثلها مثل هيئة الجولاني، لم تعد تُرى من منظور الجهاد، بل أُعيد تأطيرها ككيان يمكن التعامل معه داخل النظام الدولي. تقول الافتتاحية:
«تزامن القرار الأمريكى مع قرار روسيا الاعتراف بإمارة طالبان.. كى لا يعير أحدهما الآخر بدعم الإرهابيين الذين طلّقوا 'الإرهاب' ثلاثا».
يرى الخطاب الداعشى أن القرارين الأمريكى والروسى ليسا مجرد مصادفة زمنية، بل تنسيق غير معلن يُعيد رسم خرائط الصراع ضد التنظيم. هذا الربط يُستخدم لتغذية رواية «المؤامرة الكونية»، حيث يبدو للعناصر الموالية أن الجميع - شرقًا وغربًا- يتفقون على هدف واحد: محاصرة الدولة الإسلامية فكريًا وسياسيًا. فالولايات المتحدة تقدم شهادة «حسن سلوك» للجولاني، وروسيا تفتح الباب لطالبان، والهدف النهائى هو حرمان داعش من أى شرعية أو حاضنة قديمة، وتجريدها من تفردها فى الساحة الجهادية.
من خلال هذا التقديم للسياق، تسعى افتتاحية «النبأ» إلى ترسيخ فكرة أن «الدولة الإسلامية» باتت هى التنظيم الجهادى الوحيد الذى ما زال متمسكًا بـ«التوحيد الخالص» و«المنهج النقي»، فى مقابل ما تعتبره تهافتًا فكريًا وسلوكًا سياسيًا «مرتدًا» لبقية الفصائل. بهذا، يعيد التنظيم بناء هويته الهامشية لا بوصفه فاعلًا بين فاعلين، بل كـ«الطليعة المعزولة» التى تواجه تحالف الأعداء بمفردها، وتُقدّم نفسها لجمهورها على أنها «الحارس الأخير للعقيدة»، فى زمن «التراجعات الفكرية».
رسائل الخطاب الظاهرة
يُبنى خطاب افتتاحية «النبأ» على بنية مزدوجة: تحقير الخصوم وشيطنتهم من جهة، وتمجيد الذات وادعاء النقاء العقائدى من جهة أخرى. وبين هذين القطبين، ينقل التنظيم رسائل سياسية وعقائدية صريحة تستهدف جمهوره الداخلى المتردد، كما تهدف إلى تقويض الشرعية الدينية والسياسية للخصوم الجهاديين، وعلى رأسهم «هيئة تحرير الشام» وقائدها الجولاني.
١. الشيطنة الكاملة للجولاني:
يفتتح الخطاب حملته ضد «الجولاني» بأسلوب لا يخلو من التحريض اللفظى والتجريد الإنساني، فيصفه بـ«الطاغوت»، ويشبهه بـ«الضبع»، فى تشبيه حيوانى لا يهدف فقط إلى السخرية بل إلى نزع الصفات البشرية عنه، وتجريده من أى شرعية دينية أو نضالية. تقول الافتتاحية:
«وعلى الهامش، لا شيء أنسب للهوية البصرية لنظام الجولاني، من صورة 'الضبع'، فهو لا يعيش إلا على الجيف، ولا يقتل إلا غدرًا».
هذا النوع من الخطاب الرمزى يُعدّ من تقنيات «الشيطنة القصوى» التى تتجاوز الخلاف الفقهى أو السياسي، نحو خلق حالة «النجاسة المعنوية» التى تُحرّم التعامل أو التعاطف مع الخصم. فهو لا يُعامل كـ«منحرف عن الجادة»، بل كـ«كائن دخيل» لا يعيش إلا فى القذارة الفكرية والغدر السياسي.
فى ذات السياق، يستخدم النص وصف «الطاغوت» كمدخل عقدى لتكفير الجولانى ونظامه الإدارى فى إدلب، ليُسقط عليه كل الأحكام الشرعية المتعلقة بـ«التحاكم إلى الطواغيت» و«موالاة الكافرين»، مما يضع أى انتماء أو تعاطف معه فى خانة الردة، لا الخطأ. إنها محاولة لفكّ أى ارتباط نفسى أو تنظيمى ممكن بين جمهور «الساحة الجهادية» والجولاني، بوصفه رمزًا لخيانة الشريعة وتحريف الجهاد.
٢. تمجيد الذات:
فى مقابل الشيطنة المطلقة للجولاني، يرسم خطاب «النبأ» صورة مثالية لما يسميه "جندى الخلافة"، ذلك المقاتل الذى ظل- بحسب الرواية- ثابتًا على عقيدة التوحيد، لا تحركه مصالح ولا يساوم على ولائه. تقول الصحيفة مخاطبة إياه:
«فأحمد الله يا جندى الخلافة... بينما يدشّن 'المتحوّل' هوية قومية وطنية تمثّل قطيعة مع كل رمز أو شعار إسلامي».
هذه الصورة المرسومة ليست بريئة، بل تُستخدم بذكاء فى تعزيز الشعور بالعزلة المصحوبة بالفخر، لتغذية ما يسميه الباحثون «عقيدة الصفوة» أو «المؤمنين القلة»، الذين يصمدون أمام تهافت العالم. بهذا المعنى، يُمنح جندى داعش شعورًا بالاصطفاء والتكليف الإلهي، مقابل الانحراف الجماعى الذى تمثله بقية الفصائل.
كما تعمل هذه الصورة على إعادة تعبئة الجنود، وتحفيز من بقى فى الصفوف الخلفية أو خلايا التنظيم النائمة، عبر خطاب عاطفى يمزج بين البطولة والاضطهاد. فـ«جندى الخلافة» ليس فقط ثابتًا، بل مضطهد من كل الاتجاهات، ومحارب فى كل الجبهات، مما يبرر له كل عنف وكل قرار، تحت مظلة «التمسك بمنهاج النبوة».
٣. رفض التراجعات الفكرية:
تُطلق الافتتاحية وصف «المتحولين» على قادة الفصائل الذين انتقلوا من المواجهة العسكرية إلى محاولات الاندماج السياسى أو التعامل مع القوى الدولية، وتصفهم بأنهم ضحايا «التراجعات الفكرية». تقول الصحيفة ساخرة:
«فى زمن التراجعات أو التحولات الفكرية كما يسميها المتحوّلون، صار الثوار ينظرون لأمريكا كشريك فى إعمار وتنمية سوريا!».
فى هذا السياق، يقدّم الخطاب تلك «التحولات» لا بوصفها تطورًا سياسيًا أو فقهًا للمصالح، بل كخيانة صريحة لـ«العقيدة الجهادية»، وقطيعة تامة مع المنهج الإسلامى الحق. وهو بذلك يستعيد موقفًا تكفيريًا تقليديًا تجاه كل من يحاول الانفتاح على النظام الدولي، أو يسعى لتقديم تنازلات سياسية – حتى وإن كانت مرحلية – فى سبيل البقاء أو التمكين المرحلي.
وفى عمق الخطاب، يُعاد تأطير الإسلام السياسى كله، بما فيه فصائل الثورة السورية الإسلامية، كجزء من مشروع التغريب والتفريط. فالقبول بمساعدة أمريكا أو روسيا، أو حتى مجرد الحديث عن إعادة الإعمار، يُقدّم وكأنه بمثابة شهادة ردّة. وعبر هذا المنطق، يعزل داعش نفسه تمامًا عن بقية الحركات الإسلامية، ليحتكر «الحق»، ويُلغى شرعية أى فكر إصلاحى أو مقاوم لا يندرج تحت عباءته.
الرسائل المسكوت عنها
رغم الصياغة النارية التى تعج بها الافتتاحية، يلفت الانتباه غياب تام لأى اعتراف بالأخطاء أو الفشل، سواء على مستوى الاستراتيجية العسكرية أو السياسية أو حتى الشعبية. فلا وجود لأى تقييم ذاتى لتجربة «الدولة الإسلامية» منذ إعلانها وحتى اليوم، رغم الانهيارات المتتالية فى العراق وسوريا، وفقدان السيطرة على المدن والموارد والسكان. بدلًا من ذلك، يعتمد الخطاب على سياسة «الهروب إلى الأمام»، عبر إدانة الآخرين وتكفيرهم، وكأن التنظيم بريء من كل ما حدث، أو كأن تراجعه لم يكن نتيجة أفعاله، بل فقط «خيانة» الآخرين. هذا التجاهل المقصود يهدف إلى حماية قدسية التنظيم وتحصينه من المساءلة، وهو ما يعكس بنية مغلقة تتجنب أى مساءلة داخلية.
الافتتاحية لا تذكر شيئًا عن أوضاع الناس الذين يُفترض أن التنظيم يدافع عنهم أو يزعم تمثيلهم. فلا حديث عن الفقر، ولا عن الانهيار الصحي، ولا عن التشريد، ولا حتى عن الخدمات الأساسية فى المناطق التى ينشط فيها التنظيم. بدلًا من ذلك، ينشغل الخطاب فقط بمعاركه الرمزية مع «المرتدين»، و«الصليبيين»، و«الطواغيت». هذا التجاهل للجانب الإنسانى يعكس تحلُّل الخطاب من أى مسؤولية اجتماعية، ويفضح عمق الهوة بين التنظيم والمجتمعات التى يدعى تمثيلها. إنه خطاب حرب بلا شعب، وسردية «خلاص» تنفصل تمامًا عن آلام الأرض التى تُشنّ فيها المعارك.
واحدة من أخطر المسكوت عنه فى الافتتاحية، هى القطيعة المتزايدة بين داعش والبيئة السنية التى احتضنته فى بداياته، سواء فى العراق أو سوريا أو حتى خراسان. لا يطرح الخطاب سؤالًا عن سبب انحسار الحاضنة الاجتماعية، ولا لماذا انفضّ كثير من أبناء تلك المناطق عن التنظيم، بل يُصوَّر الأمر وكأن التراجع سببه فقط «خيانة المرتدين». يتجاهل النص أن جزءًا كبيرًا من هذه البيئات نبذ التنظيم بسبب سلوكه المتوحش، وتطبيقه العنيف للشريعة، واستخدامه التكفير كسلاح شمولي. هذه القطيعة الحقيقية تُقابل فى الخطاب بإصرار على تقسيم العالم إلى «معسكر توحيد» و«معسكر جاهلية»، فى تعميم مريح يخفى الحقيقة المؤلمة: التنظيم خسر شعبه قبل أن يخسر أرضه.
يلاحظ أن الخطاب يجنح كليًا نحو المعركة الرمزية واللغوية، حيث لا وجود لأهداف سياسية أو رؤى إصلاحية أو برامج مجتمعية، بل فقط مفردات حربية متكررة مثل «المرتدون»، «الطواغيت»، «الضبع»، «معسكر الجاهلية».. هذا الانغماس فى الرمزية يعكس انقطاع التنظيم عن الواقع، واعتماده على التحشيد العاطفى والمذهبى بدلًا من البناء العملي. فحتى مع تساقط التنظيمات المنافسة، لا يقدّم داعش نفسه كبديل عملى أو سياسي، بل كمجرد كيان «ثابت» فى خندق العقيدة، مهما كانت كلفته على الأرض. وهذا يشى بأن التنظيم لم يعد يسعى لحكم الناس، بل فقط للحفاظ على ذاته بوصفه رمزًا نقيًّا فى عالم ملوث، دون أى قدرة على التأثير الواقعي.
التحليل البلاغى والخطابي
يعتمد الخطاب على آلية بلاغية مركزية هى التضاد الثنائى الحاد بين «المؤمنين» و«الكافرين»، حيث تُختزل خريطة العالم إلى فسطاطين لا ثالث لهما: "جنود الدولة الإسلامية" بوصفهم الطائفة المؤمنة المنصورة، و«البقية» الذين يُجمعهم الخطاب فى خانة واحدة: المرتدون، المشركون، الطواغيت، الصليبيون. هذا التصنيف المانوي، يهدف إلى بناء هوية صافية مغلقة، ترى نفسها مستهدفة من الجميع، ومُحقَّة دائمًا فى معركتها. بهذا، يتم نفى أى إمكانية للتعايش أو حتى لاختلاف مشروع، ويصبح الاختلاف فى الرأى أو المنهج مرادفًا للكفر والردة.
يتسم الخطاب بلغة شعائرية تُكرِّر مفردات محددة بكثافة، مثل «المرتدين»، «الطاغوت»، «الجاهلية»، «معسكر الكفر»، «التوحيد»، فى محاولة لتثبيت بنية فكرية محددة فى وعى المتلقين. هذا الأسلوب قائم على تقنية الحفر الذهني، إذ يُعاد شحن الكلمات بدلالات مطلقة غير قابلة للنقاش. فلا يُقال مثلًا: «هيئة تحرير الشام» أو «طالبان»، بل يُستخدم التوصيف العقدى مباشرة: «المرتدون»، مما يمنع التفكير النقدي، ويُبقى الجمهور فى حالة تعبئة دائمة ضد الآخر. بهذه الطريقة، تتحول اللغة إلى أداة عقائدية أكثر منها وسيلة تواصل.
يستخدم الخطاب الاستشهاد بالآيات والأقوال المأثورة كآلية لإضفاء الشرعية على مواقفه السياسية، ومن ذلك قولهم:
قال الإمام البغوي: «ولن ترضى عنك اليهود» إلا باليهودية، «ولا النصارى» إلا بالنصرانية.
هنا يتم توظيف الآية القرآنية لخدمة الفكرة الأساسية فى الخطاب: أن كل تقارب مع «اليهود والنصارى» هو خيانة بالضرورة، وأن الرضا الغربى لا يُنال إلا بترك الإسلام. هذه القراءة السلفية الجهادية للنص القرآنى تُغلق الباب على أى اجتهاد سياسى أو فقه مصلحي، وتربط أى علاقة مع الغرب – مهما كانت طبيعتها – بالكفر الصريح. هكذا يتحول النص المقدس إلى سلاح تأييدى يقطع الطريق أمام أى نقاش عقلانى أو تعددية فى الفهم.
يقوم الخطاب على بلاغة هجومية إقصائية، تُختزل فيها صورة الخصوم فى صفات سلبية مشينة، غالبًا ذات طبيعة حيوانية أو طقسية، مثل وصف الجولانى بـ«الضبع»، أو وصف الهيئة بأنها «بيادق فى يد الكافرين». هذه البلاغة لا تسعى فقط إلى نزع الشرعية عن الآخر، بل إلى تجريده من إنسانيته ومكانته الدينية، وتحويله إلى كائن خائن بطبعه، لا يُرجى منه إصلاح. بذلك، يتعزز منطق المفاصلة المطلقة، ويُبرر العنف ضده بوصفه «عبادة»، لا سياسة. إننا أمام خطاب لا يكتفى بصنع العدو، بل يعيد تشكيله بلاغيًا ليصبح مشروع إبادة.
الأثر المحلى والإقليمي
فى السياق السوري، يسعى تنظيم داعش من خلال هذه الافتتاحية إلى ضرب العلاقة المتوترة أصلًا بين قيادة هيئة تحرير الشام وقواعدها العقائدية، عبر اتهام الجولانى بالردة والتعاون مع أمريكا، بل وبـ«التطبيع غير المعلن» مع إسرائيل. الخطاب يربط بين قرار واشنطن بإعادة النظر فى تصنيف الهيئة كتنظيم إرهابي، وبين ما يصفه بـ«التحوّلات الفكرية» و«البراغماتية الخائنة» لقادة الهيئة، مما يفتح المجال أمام عناصرها المتشددين للتشكيك فى مشروعية القيادة نفسها. هذا النوع من التحريض يخاطب فئة من جمهور الهيئة التى ما تزال تحمل بقايا السلفية الجهادية، ويدفعها باتجاه التمرّد الداخلى أو الانشقاق، مما قد يؤدى إلى تفكك تنظيمى أو انقسامات على أسس عقدية.
يركّز الخطاب على تهمة «التطبيع» بوصفها الوصمة الكبرى التى يصعب الدفاع عنها فى أوساط التيارات الجهادية، ويحاول تصوير أى علاقة مع الولايات المتحدة، مهما كانت شكلية أو تكتيكية، كخطوة فى اتجاه القبول بإسرائيل. تقول الافتتاحية بلهجة اتهامية:
«فى سوريا الجديدة يتفاخر الثوار بتطبيع العلاقات مع أمريكا بينما يتهربون من الحديث عن التطبيع مع اليهود، مع أنهما فعلان متصلان مترابطان متساويان».
هذا الربط الذكى بين التطبيع السياسى والردة العقائدية يشكّل ضغطًا نفسيًا على الفصائل الإسلامية الأخرى، وخاصة تلك التى تحاول المناورة بين العمل الميدانى والعلاقات الدولية، ويجعلها فى مرمى نار «الخيانة الدينية». إنه سلاح بلاغى فعّال فى إرباك خصومه وتشويه سمعتهم أمام أنصارهم.
إقليميًا، يحاول تنظيم داعش من خلال هذه الافتتاحية أن يقدّم نفسه كـ«الكيان الجهادى الوحيد» الذى لا يزال ثابتًا على عقيدته ولم يدخل فى مساومات أو تفاهمات مع القوى الكبرى. فهو لا يكتفى بفضح «تحرير الشام» فى الشام، بل يُقابل الاعتراف الروسى بطالبان بالتنديد والازدراء، معتبرًا أن روسيا وأمريكا تتقاسمان أدوارًا فى «إعادة تدوير المرتدين»، بينما هو - أى التنظيم - ما يزال يقاتل فى خراسان والساحل الإفريقى ضد الطرفين معًا. بهذا الخطاب، يُعيد التنظيم تفعيل سردية «الطليعة الصامدة»، مخاطبًا الجماعات الجهادية الصغيرة والعناصر السلفية غير المنضوية، فى محاولة لاستقطابها إلى مشروعه العقائدى المتشدد.
فى العمق، تحمل الافتتاحية بعدًا تعبويًا واضحًا، فهى لا تكتفى بنقد الخصوم، بل توجّه خطابًا نفسيًا واستقطابيًا للمجندين المحتملين فى مناطق مثل أفغانستان «خراسان» أو غرب إفريقيا، حيث يسعى التنظيم إلى تعويض خسائره السابقة عبر إعادة تشكيل صورة «المجاهد الحقيقي» بوصفه من لا يهادن ولا يفاوض. يتحدث النص عن «جندى الخلافة» الذى «يحافظ على هويته الدينية - منهاج النبوة»، فى تلميح موجه إلى الشباب المسلم الساخط على تناقضات الجماعات الأخرى. الهدف هنا مزدوج: ترميم صورة التنظيم بعد الهزائم، وفتح الباب أمام موجة تجنيد جديدة من المتعاطفين الذين يشعرون بالغدر من الفصائل الأخرى، أو بالفراغ العقائدى والسياسي.
خاتمة: خطاب الأمل فى زمن الهزيمة
رغم الانكماش الكبير فى نفوذ تنظيم «داعش» سياسيًا وجغرافيًا، فإن الافتتاحية تحاول صياغة خطاب تعبوى مفعم بالأمل المقاوِم، يبنى على فكرة «الصفوة المختارة» التى بقيت وحدها فى ساحة المعركة. يُقدَّم «جندى الخلافة» كما لو كان آخر حارس للعقيدة، فى زمن طغى فيه الانحراف والانبطاح، مما يمنح أنصاره شعورًا بالتميز والاصطفاء. هذه السردية لا تستند إلى واقع ميدانى أو توسع تنظيمي، بل إلى منطق رمزى يعيد تأطير العزلة بوصفها فضيلة، والانحسار بوصفه دليل صدق، فى إطار ما يمكن وصفه بـ«العقيدة تحت الحصار».
الملاحَظ أن الافتتاحية تتجاهل كليًا مأساة انهيار مشروع «الدولة الإسلامية»، وتفادى الحديث عن الدماء والدمار والخراب الذى خلّفه التنظيم فى كل مكان دخله: من الموصل والرقة إلى الباغوز وخراسان. فلا حديث عن المدن المدمّرة، ولا عن آلاف الضحايا المدنيين، ولا عن الانشقاقات والخيانات الداخلية، ولا حتى عن الخسارات العسكرية المتلاحقة. فـ"النبأ" لا تعترف بأن مشروعها السياسى قد انتهى، أو أن حلم "الخلافة" قد تفتت، بل تصر على تسويق بقايا التنظيم كـ"الطليعة المنصورة" فى معركة كونية، متجاهلة أنها لم تحقق أى اعتراف دولي، ولم تقدم نموذج حكم يمكن الدفاع عنه حتى فى خطابها الداخلي.
فى غياب أى مشروع بنّاء أو رؤية مستقبلية مقنعة، يعتمد الخطاب على تحقير الخصوم وتكفيرهم وتخوينهم، وليس على تقديم بديل واقعي. فتحرير الشام وطالبان وبقية الفصائل الإسلامية توصف كلها بأنها "مرتدة" و"طواغيت"، بينما لا يُطرح أى تصور جديد لمستقبل المسلمين أو شكل الحكم أو العلاقة مع الشعوب. إنها سردية تقوم على الهدم لا البناء، وعلى التذكير بـ"الردة والخيانة" لا على عرض برامج أو نماذج حكم. هذا ما يعكس فراغًا فكريًا وعقائديًا، يُغطّى فقط بالعنف اللفظى والحشد العاطفي.
ختامًا، يبقى السؤال الأعمق الذى تتهرب منه الافتتاحية هو: هل ما زال التنظيم فعليًا على ما يدّعيه من «المنهاج» و«العقيدة»؟ فالتمسك اللفظى بـ«منهاج النبوة» لا يكفى أمام انهيارات واقعية، وانقسامات داخلية، وسلوك ميدانى بات لا يختلف كثيرًا عما يعيبه على الجولانى وطالبان. التنظيم الذى يكرر «المناهج المناهج، العقائد العقائد!» يبدو وكأنه يعيش نسخة من "الجولانية" دون أن يعترف بذلك: نزعة للتغوّل، طهرانية متعالية، عزلة عن الواقع، وعجز عن المصالحة مع المجتمع أو تقديم مشروع حكم ممكن. فهل بقى من مشروع «الدولة» غير الخطابة والعنف؟ وهل أصبح «داعش» ذاته صورة أخرى لما يدّعى محاربته؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 13 ساعات
- البوابة
باكستان والصين.. تحالف دفاعى لمواجهة الإرهاب وتحديات الإقليم
فى ظل تزايد العمليات الإرهابية فى باكستان، وتنامى التهديدات التى تواجه مشروع الممر الاقتصادى الصيني-الباكستانى (CPEC)، تتعزز الحاجة إلى تعاون استراتيجى أكثر عمقًا بين بكين وإسلام آباد فى مجال مكافحة الإرهاب. هذا التعاون لم يعد خيارًا تكتيكيًا، بل تحول إلى ضرورة تفرضها الجغرافيا، وتشكلها المصالح المشتركة، وتقودها التحديات المتصاعدة التى تضرب استقرار باكستان وتهدد الاستثمارات الصينية الهائلة فى البلاد. الأمن الإقليمى فى الصدارة خلال الزيارة، عقد رئيس أركان الجيش الباكستانى اجتماعات مكثفة مع عدد من كبار المسئولين الصينيين، من بينهم نائب الرئيس هان تشنغ ووزير الخارجية وانغ يى. وركزت هذه اللقاءات على جملة من القضايا الاستراتيجية، فى مقدمتها الأمن الإقليمى والديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة فى جنوب ووسط آسيا، إضافة إلى التعاون المتنامى ضمن مشروع الممر الاقتصادى الصيني-الباكستانى (CPEC)، الذى يُعد ركيزة اقتصادية أساسية فى العلاقات بين البلدين. وفى بيان مشترك، أعرب الجانبان عن «ارتياحهما العميق لوتيرة ومستوى التعاون الثنائي»، مؤكدين التزامهما بمبادئ السيادة المتساوية، والشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتنسيق فى المحافل الإقليمية والدولية، لا سيما فى ظل بيئة أمنية تتسم بعدم الاستقرار فى آسيا الوسطى وأفغانستان. تصاعد مقلق للإرهاب.. تهديد متعدد الأبعاد شهدت باكستان فى السنوات الأخيرة موجات متكررة من العمليات الإرهابية، تصاعدت بشكل لافت منذ استيلاء طالبان على الحكم فى أفغانستان عام ٢٠٢١. وبحسب تقارير معهد الدراسات الأمنية فى إسلام آباد، فقد زادت وتيرة الهجمات بنسبة ٦٠٪ خلال عام ٢٠٢٣، وشهد عام ٢٠٢٤ معدلات مروعة فى عدد الضحايا، خصوصًا فى إقليم خيبر بختونخوا وبلوشستان. وتتنوع خلفيات الجماعات المنفذة لتلك الهجمات، بين حركة طالبان الباكستانية (TTP)، وتنظيم «داعش-خراسان»، والانفصاليين فى بلوشستان، والذين ركزوا بشكل متزايد على استهداف العمال والمشروعات الصينية. هذه التهديدات الإرهابية لا تنبع فقط من دوافع أيديولوجية، بل تحركها عوامل إقليمية معقدة، منها هشاشة الوضع الأمنى فى المناطق الحدودية مع أفغانستان، وتراخى الحكومة الأفغانية فى لجم تحركات الجماعات المسلحة التى تتخذ من الأراضى الأفغانية ملاذًا آمنًا. كما أن بعض تلك الجماعات تستغل الخطاب المناهض للتدخلات الأجنبية فى البلاد، وتستثمر فى حالة الاستياء الشعبى المحلى تجاه بعض مشروعات CPEC، التى يعتبرها البعض تهميشًا للمجتمعات المحلية. هذه الديناميكيات الداخلية المعقدة تجعل من محاربة الإرهاب فى باكستان معركة طويلة الأمد، تتطلب شراكات أمنية أوسع، لا سيما مع قوى دولية لها مصالح مباشرة مثل الصين. ما الذى يمكن أن تقدمه الصين؟ لم تكن الصين تقليديًا لاعبًا نشطًا فى الشئون الأمنية خارج حدودها، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا تدريجيًا فى عقيدتها الأمنية، خاصة فى ضوء توسع استثماراتها الخارجية عبر مبادرة «الحزام والطريق». وتعد باكستان من أهم حلفاء الصين، وأكثرهم اعتمادًا على الدعم الاقتصادى والأمنى الصينى، مما يبرر اهتمام بكين المتزايد بدعم الجهود الباكستانية لمكافحة الإرهاب. تقدم الصين دعمًا استخباراتيًا متطورًا، وقد زادت من مستوى التنسيق الأمنى مع باكستان عبر آلية «الاجتماع المشترك لمكافحة الإرهاب»، الذى يُعقد دوريًا بين وزارتى الدفاع والداخلية فى البلدين. كما ساعدت بكين فى توفير تكنولوجيا متقدمة للمراقبة الجوية والبرية، تشمل طائرات مسيرة وأنظمة مراقبة إلكترونية عالية الدقة، جرى استخدامها فى مناطق القبائل وبلوشستان. وتشير تقارير غير معلنة إلى أن الصين قد خصصت ميزانية خاصة لدعم العمليات الأمنية حول مشروعات CPEC، فضلًا عن قيامها بتدريب وحدات خاصة من الشرطة الباكستانية، تعرف باسم «قوة الحماية الخاصة»، والتى تتولى تأمين المشاريع الصينية والعاملين فيها. كما تسعى بكين إلى تعزيز التعاون الثلاثى مع باكستان وأفغانستان لتضييق الخناق على الجماعات العابرة للحدود. جدير بالذكر أن الصين تمتلك خبرة قوية فى محاربة الحركات الانفصالية داخل حدودها، خاصة فى إقليم شينجيانغ، وقد طورت نموذجًا متكاملًا فى التعامل مع التهديدات الداخلية، يجمع بين الوسائل الأمنية الصارمة والتكنولوجيا والرقابة المجتمعية. وتسعى بعض الدوائر الأمنية الباكستانية للاستفادة من هذه التجربة، خاصة فى مناطق التوتر كبلوشستان. أمن CPEC أولوية استراتيجية يشكل مشروع الممر الاقتصادى الصيني-الباكستانى (CPEC) حجر الزاوية فى العلاقات بين البلدين. ويمتد هذا المشروع من إقليم شينجيانغ الصينى شمالًا، حتى ميناء غوادر الباكستانى جنوبًا، متضمنًا استثمارات تزيد عن ٦٢ مليار دولار فى البنية التحتية والطاقة والنقل. تدرك باكستان أن تحقيق الاستقرار الأمنى هو شرط أساسى لجنى ثمار هذا المشروع، لا سيما أن الجماعات المسلحة أصبحت تركز فى عملياتها على استهداف مشروعات CPEC، فى محاولة لتعطيلها وكسب اهتمام إعلامى ودولى. وقد شهد العامان الأخيران استهداف عدد من المهندسين والعاملين الصينيين، ما دفع بكين إلى توجيه تحذيرات صارمة لإسلام آباد بضرورة تأمين هذه المشاريع. وتعتبر الصين أن حماية CPEC لا تخدم فقط المصالح الباكستانية، بل هى قضية أمن قومى بالنسبة لها، لأن الممر يمثل أحد أهم منافذها إلى المحيط الهندى، ويقلص اعتمادها على الممرات البحرية التقليدية المعرضة للتهديد الأمريكى. ولذلك، فإن بكين مستعدة للذهاب إلى أبعد مدى لحماية هذا الاستثمار، بما فى ذلك الضغط لتغيير السياسات الباكستانية تجاه الجماعات المسلحة، أو التدخل المباشر عبر أدواتها الاستخباراتية. وتفكر باكستان من جانبها فى تخصيص وحدات عسكرية مستقلة لحماية الممر الاقتصادى، كما تسعى للحصول على دعم مالى وتقنى من الصين لتعزيز قدراتها على مراقبة وتأمين خطوط الإمداد، خاصة فى المناطق الصحراوية والجبال الوعرة التى يسهل استخدامها كملاذات آمنة للمسلحين. تعاون ثلاثى مرتقب من أبرز النقاط التى ظهرت مؤخرًا فى النقاشات الأمنية بين الصين وباكستان، هو الدفع نحو إنشاء آلية ثلاثية مع أفغانستان لمواجهة التهديدات العابرة للحدود. تدرك بكين أن تجاهل الوضع الأمنى فى أفغانستان يعنى بقاء خاصرتها الغربية مكشوفة، وأن استقرار باكستان لن يتحقق بالكامل إلا بضبط الحدود بين البلدين. وقد عُقدت عدة اجتماعات ثلاثية على مستوى وزراء الخارجية خلال العامين الماضيين، وأُطلقت مبادرات لبناء الثقة وتبادل المعلومات الأمنية. وتطمح الصين لأن تساهم هذه الآلية فى استقرار المناطق الحدودية، خاصة أن لطالبان بعض النفوذ على الجماعات المسلحة الباكستانية، وقد تمارس ضغوطًا لضبط سلوكها، مقابل حوافز اقتصادية أو دبلوماسية من بكين. غير أن مستقبل هذا التعاون يظل مرهونًا بعدة عوامل، منها قدرة طالبان على ضبط الأمن الداخلى، ومدى تجاوبها مع الشروط الصينية، فضلًا عن مدى قدرة باكستان على التنسيق الفعّال فى الملفات الاستخباراتية الحساسة. لكن على المدى الطويل، فإن التعاون الثلاثى قد يشكل ركيزة لاستراتيجية أمنية إقليمية أكثر شمولًا. دلالات التوقيت ورسائل إقليمية تحمل زيارة رئيس الأركان الباكستانى إلى بكين دلالات متعددة فى توقيتها ومضمونها. فهى تأتى فى وقت تواجه فيه باكستان تحديات أمنية متزايدة على جبهتها الغربية، خاصة بعد تصاعد الهجمات فى إقليمى بلوشستان وخيبر بختونخوا، إلى جانب التوترات المتكررة على الحدود مع أفغانستان. فى المقابل، تتصاعد التنافسات الإقليمية فى منطقة آسيا الوسطى والمحيط الهندى، حيث تسعى القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والهند، إلى تعزيز نفوذها فى مواجهة الصين. ومن هنا، فإن تكثيف التنسيق الأمنى بين بكين وإسلام آباد يُعد رسالة واضحة بأن البلدين يعتزمان الدفاع عن مصالحهما المشتركة فى وجه أى تهديدات محتملة. ويرى مراقبون أن باكستان، من خلال هذه الزيارة، تبعث برسالة طمأنة إلى بكين مفادها أنها لن تسمح بتهديد المصالح الصينية على أراضيها، فى ظل تصاعد استهداف المشاريع الصينية من قبل جماعات انفصالية ومسلحة. فى المقابل، تعيد الصين التأكيد على دعمها الثابت لباكستان، ليس فقط على الصعيد الأمنى، بل فى جميع المحافل الإقليمية والدولية. توازن استراتيجى فى بيئة متغيرة الزيارة تمثل أيضًا تأكيدًا على استراتيجية باكستان فى الحفاظ على توازن دقيق فى علاقاتها مع القوى الكبرى، إذ ترى إسلام آباد أن علاقتها مع بكين لا تتعارض مع انفتاحها على قوى أخرى مثل الولايات المتحدة ودول الخليج. ومع ذلك، فإن عمق التعاون العسكرى مع الصين، والاستمرار فى التنسيق الأمنى رفيع المستوى، يعكس إدراكًا باكستانيًا لأهمية الاعتماد على شريك موثوق فى بيئة إقليمية غير مستقرة. وفى ضوء هذه التطورات، يبدو أن التحالف الباكستانى الصينى يشهد مرحلة جديدة من التبلور، لا تقتصر فقط على الدعم السياسى أو المشاريع الاقتصادية، بل تتوسع لتشمل التعاون الدفاعى والتنسيق الاستراتيجى، فى مواجهة تهديدات لا تفرق بين حدود الجغرافيا وأيديولوجيات الأطراف.


العين الإخبارية
منذ يوم واحد
- العين الإخبارية
«داعش» يطل برأسه شرق سوريا.. هجومان على نقاط أمنية لـ«قسد»
تم تحديثه الأحد 2025/7/27 10:53 ص بتوقيت أبوظبي تصعيد أمني جديد، في ريف دير الزور شرقي سوريا، مع تنفيذ خلايا تابعة لتنظيم «داعش» هجومين مسلحين، استهدفا نقاطاً أمنية في مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. الهجومان اللذان اعتبرهما مراقبون، مؤشرا على استمرار التهديدات الأمنية في المنطقة، أسفرا عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، وسط معلومات أولية تشير إلى سقوط قتلى في صفوف المهاجمين. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن خلايا تابعة لـ«داعش» نفذت يوم السبت، هجوماً بالأسلحة الرشاشة استهدف نقطة عسكرية تابعة لـ«قسد» في بلدة ذيبان. وأوضح، أن حاجزا لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) تعرض -كذلك- لهجوم مماثل من قبل خلايا التنظيم، في المنطقة الواقعة بين بلدتي الشحيل والبصيرة شرقي دير الزور، دون ورود معلومات عن تسجيل خسائر بشرية. التوقيت تأتي تلك التطورات، غداة إعلان الجيش الأمريكي، مقتل عضو «بارز» في تنظيم «داعش» وابنيه، خلال عملية في محافظة حلب، شمال سوريا. وقالت القيادة الوسطى الأمريكية في الشرق الأوسط (سنتكوم) ، إن الغارة أسفرت عن «مقتل القيادي البارز في داعش الكبير ضياء زوبع مصلح الحرداني وابنيه عبد الله ضياء الحرداني وعبد الرحمن ضياء زوبع الحرداني». وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: «سنواصل ملاحقة إرهابيي داعش بلا هوادة أينما كانوا. إرهابيو داعش ليسوا بأمان في اماكن نومهم وعملهم، وحيث يختبئون. وإلى جانب شركائنا وحلفائنا، تلتزم القيادة المركزية الأمريكية بالقضاء نهائياً على إرهابيي داعش الذين يهددون المنطقة وحلفائنا ووطننا». تصاعد إرهاب داعش وأحصى المرصد السوري 134 عملية قامت بها خلايا «داعش» ضمن مناطق نفوذ قسد، منذ مطلع العام 2025، مشيرًا إلى أنها تمت عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات. ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر 52 قتيلاً، هم: 35 من قوات سوريا الديمقراطية والتشكيلات العسكرية العاملة معها، و 8 من تنظيم داعش و9 مدنيين. وتوزعت العمليات على النحو الآتي: 114 عملية في دير الزور أسفرت عن مقتل 22 من العسكريين و 3 عناصر من داعش ومقتل 9 مدنيين، بالإضافة إلى إصابة 27 آخرين. 12 عملية في الحسكة أسفرت عن مقتل 12 وهم: 4 من داعش، و7 من قوى الأمن الداخلي، وعنصر من قسد، وإصابة 2 آخرين. 8 عمليات في الرقة أسفرت عن مقتل 5 من العسكريين هم عنصر من قسد وعنصرمن الأسايش، و1 من داعش، وإصابة 8 آخرين بجروح. aXA6IDE4MS4yMTQuMTUuODAg جزيرة ام اند امز DK


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
لا خوف على لبنان.. رسائل عون عن سلاح حزب الله والإرهاب وسوريا
رسائل مهمة أطلقها الرئيس اللبناني جوزيف عون عن سلاح حزب الله ومكافحة الإرهاب والحدود مع سوريا والقلق مع حرب جديدة مع إسرائيل. وتحدث عون عن سلاح حزب الله في أعقاب مطالب أمريكية واضحة بنزعه، وتطرق إلى توقيف شبكات إرهابية في لبنان بعد إعلان الجيش توقيف خلية لـ"داعش". وأكد عون أنه عندما تكون الأجهزة الأمنية والإرادة السياسية متفقين على هدف واحد "فلا خوف على لبنان". خلية داعش وقال وفقا للوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان "الجيش والقوى الأمنية يعملون على توقيف شبكات إرهابية، ويقومون بعملهم على أكمل وجه، ويجب التنبه من الأخبار المفبركة التي تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف من أمور غير موجودة بالأصل". ونفى ما تردد حول تسلل إرهابيين إلى القصير وطرابلس. وقال "الخطاب المتطرف لا يفيد ولا يهدف سوى إلى تحقيق مكاسب سياسية، ولو على حساب الوطن". وأعلن الجيش الخميس أن مديرية المخابرات نفذت سلسلة عمليات أمنية، أوقفت خلالها 3 أشخاص "لتأليفهم خلية تؤيد تنظيم داعش الإرهابي". وأضاف "تبين خلال التحقيقات الأولية أن الخلية تخطط للقيام بأعمال أمنية ضد الجيش بتوجيهات من قياديين في التنظيم خارج البلاد، وتجري المتابعة لتوقيف بقية أفراد الخلية". سلاح حزب الله وعن الدعوات إلى إلغاء اللجنة الأمنية بين الجيش والحزب، استغرب عون الحديث عن وجود مثل هذه اللجنة الأمنية، مشيرا إلى قيامه شخصيا باتصالات مع الحزب لحل مسألة السلاح. وقال "يمكن القول إن هذه المفاوضات تتقدم ولو ببطء، وهناك تجاوب حول الأفكار المطروحة في هذا المجال". وشدد على أنه "يجب التعامل بموضوعية وروية مع هذا الملف"، مؤكدا أن الجيش "بات منتشرا في كل المناطق اللبنانية، ما عدا الأماكن التي لا تزال إسرائيل تحتلها في الجنوب والتي تعيق استكمال هذا الانتشار". وكان المبعوث الأمريكي إلى لبنان توماس براك اختتم الخميس زيارة إلى لبنان أكد خلالها أن استمرار الغارات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية سيظل قائما ما لم تتحرك الحكومة اللبنانية بشكل واضح لنزع سلاح حزب الله، محذرا من أنه "لا مهلة مفتوحة" أمام هذا الملف. وشدد على أن "من يقرر مدة هذا المسار ليست الولايات المتحدة، بل إسرائيل، التي ترى أن نزع سلاح الحزب شرط لوقف العمليات العسكرية. غياب تحرك حكومي جاد سيعني أن الغارات ستتواصل". عودة الحرب وعن القلق من عودة الحرب، فاعتبر عون أن تلك الأخبار "مضللة وهدفها ضرب العهد من أجل كسب بعض النقاط السياسية فقط لا غير". وحذر الرئيس اللبناني من "الدعوات التي ينادي بها البعض من أجل التسلح"، معتبرا أنها "تعبر عن عدم ثقة بالجيش اللبناني الذي يقوم بكل ما هو مطلوب منه بتفان وإخلاص وشجاعة، إن كان على صعيد محاربة الإرهاب، أو مكافحة المخدرات، أو الحفاظ على الأمن والاستقرار". الحدود مع سوريا وبخصوص الوضع على الحدود مع سوريا، أكد الرئيس اللبناني "الرغبة في التنسيق والتعاون مع دمشق لما فيه مصلحة البلدين والشعبين، وفي هذا الإطار جرت لقاءات بين مسؤولين أمنيين من البلدين وبين وزيري الدفاع، لتحديد سبل التعاون في ضبط الحدود وبسط الاستقرار بين البلدين". ونفى ما تردد من شائعات عن وقوع مواجهات في الهرمل بين الجيش اللبناني والسوريين، مؤكدا أنه اتصل بقائد الجيش العماد رودولف هيكل للوقوف على حقيقة الموضوع، فتبيّن أنه "غير صحيح". aXA6IDQ1LjM4LjM1LjEwOCA= جزيرة ام اند امز CA