logo
بين "بيغن" و"الضربة الثانية".. جدل بإيران بشأن العقيدة العسكرية

بين "بيغن" و"الضربة الثانية".. جدل بإيران بشأن العقيدة العسكرية

الجزيرة٠٨-٠٤-٢٠٢٥

طهران- على وقع التهديدات الأميركية بضرب إيران في حال عدم التوصل لاتفاق خلال مهلة شهرين بشأن ملفها النووي، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الليلة الماضية، الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمرة الثانية منذ عودة الأخير للبيت الأبيض ، حاملا في جعبته "عقيدة مناحيم بيغن" القاضية بشن هجمات استباقية لكبح النشاطات النووية لأعداء إسرائيل في المنطقة.
وفي مؤتمر صحفي عقده عقب لقاء ترامب في البيت الأبيض، قال نتنياهو إن بلاده تسعى لتكرار "النموذج الليبي" الذي تخلت به طرابلس عن برنامجها النووي مقابل ضمانات دولية، مشددا على وحدة الموقف مع واشنطن برفض امتلاك إيران لسلاح نووي.
ويتزامن ذلك مع الذكرى السنوية الأولى لهجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية بالعاصمة السورية دمشق الذي أخرج الصراع الإسرائيلي الإيراني من حالة الظل للمواجهة المباشرة؛ إذ استهدفت طهران في 13 أبريل/نيسان 2024 لأول مرة العمق الإسرائيلي.
عقيدة الرد والردع
وجاء قرار طهران حينها بقصف إسرائيل بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، ترجمة لعقيدتها العسكرية المبنية على مبدأ "الضربة الثانية"، قبل أن يؤكدها علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي ، الأسبوع الماضي، بقوله إن أي خطأ أميركي تجاه برنامج بلاده النووي "قد يضطرنا تحت ضغط الشعب لتصنيع سلاح نووي".
وبغض النظر عما إذا تعمّدت إيران استباق لقاء نتنياهو بترامب بتحذيرهما -على لسان شخصية مقربة من مكتب مرشدها الأعلى- من مغبة الاتفاق بشأن "عقيدة بيغن" الإسرائيلية لمهاجمة منشآتها النووية، فإن تأكيد لاريجاني تمسكهم بعقيدة "الضربة الثانية" أثار جدلا لدى الأوساط السياسية بطهران.
وبينما انتقد مراقبون إيرانيون تمسك بلادهم بمبدأ "الضربة الثانية"، وفسروها على أنها طمأنة "الأعداء" بعدم شن طهران هجمات استباقية لتحييد التهديدات الأمنية قبل مهاجمة عمقها، رأى آخرون أن عقيدة طهران العسكرية "دفاعية وردعية" ولا تسمح ببدء حرب على الآخرين.
وتهديد لاريجاني بصناعة بلاده القنبلة النووية حال مهاجمتها لم يكن الأول من نوعه، إذ سبقه مسؤولون آخرون -من التيارين الإصلاحي والمحافظ- باتخاذ مواقف مشابهة خلال السنوات الماضية، لكنه أعاد الجدل بشأن جدوى عقيدة الضربة الثانية لواجهة الملفات الساخنة في البلاد، وذلك على وقع تحشيد الإدارة الأميركية أساطيلها العسكرية بالمنطقة وتكرار تهديداتها بضرب إيران.
وشكك مراقبون إيرانيون بجدوى التلويح بصناعة السلاح النووي حال تعرض البلاد لتهديد وجودي، وأثارت مقولة "اضربونا لكي نصنع القنبلة" انتقادات واسعة لدى الأوساط السياسية، لأن القوى العالمية تُنتج السلاح النووي لمنع العدو مهاجمة مصالحها الوطنية.
واعتبر الأكاديمي الباحث في الأمن الدولي أبو الفضل بازركان، أن التعويل على نجاعة الضربة الثانية حال مهاجمة منشآت بلاده النووية "خطوة غير مجدية"، وأن التوقف عند "العتبة النووية" لا يشكل ردعا لطهران التي ستحتاج لما لا يقل عن 6 أشهر لصناعة القنبلة النووية، وهي فترة زمنية كافية للقضاء على ما يتبقى من قدراتها النووية إذا ما نجح "العدو" باستهدافها بالضربة الأولى.
وفي تغريدات نشرها على منصة إكس ، يوضح بازركان، أن بلاده التي لم تصنع القنبلة النووية تتعرض حاليا لعقوبات خانقة تبلغ 5 أضعاف العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية التي أنتجت بالفعل القنبلة النووية.
ويشير إلى أن ترامب يهدد يوميا بقصف إيران، وبالمقابل تستدعى طهران السفير السويسري التي ترعى بلاده المصالح الأميركية في إيران.
ويستنتج بازركان أن الحل لتتخلص بلاده من ثنائية "الحرب أو الاتفاق" يكمن بصناعتها قنبلة نووية واحدة على أقل تقدير لكي يتسنى لها التفاوض مع الولايات المتحدة من موقع الندية، وأوضح أن تفاوض دولتين غير متكافئتين عسكريا يعني فرض إرادة الطرف الأقوى على طاولة المفاوضات.
معضلة "الضربة الثانية"
في المقابل، يعتقد الباحث السياسي المقرب من الأوساط الثورية في إيران مهدي عزيزي، أن عقيدة بلاده العسكرية قائمة على القدرة الناعمة وتتبنى إستراتيجية الضربة الثانية وفقا لمبادئ الثورة الإسلامية والحضارة الإيرانية اللتين تعارضان "افتعال الحروب" ولا يمكن تغييرها بين ليلة وضحاها.
ونفى عزيزي للجزيرة نت، أن تكون عقيدة الضربة الثانية تقيّد أيادي القوات المسلحة بتحييد التهديدات قبل استهداف أراضيها، وأن الهجمات التي نفذتها طهران خلال السنوات الأخيرة على أراضي بعض دول الجوار تدحض هذه الفرضية، وأن المقصود من الضربة الثانية هو عدم شن إيران حرب شاملة بادئ الأمر وأنها لا تخوضها إلا إذا فرضت عليها.
وتابع أن بلاده تحتفظ بحقها بالرد على الهجوم الإسرائيلي على أراضيها في الخريف الماضي، وأنها قد تنفذ تهديدها بأي لحظة تستشعر خطرا حقيقيا يتهدد مصالحها انطلاقا من عقيدة بيغن الإسرائيلية، مؤكدا أن تبني طهران عقيدة الضربة الثانية يُفوّت على ترامب إيجاد إجماع دولي ضد طهران.
وتعليقا على الأوساط التي تطالب بصناعة قنبلة نووية لرفع قدرات البلاد الردعية بدلا من عقيدة الضربة الثانية، يقول عزيزي إن "صناعة أسلحة الدمار الشامل محرم شرعا في العقيدة الإسلامية، لتداعياتها السلبية على النسل والحرث"، مضيفا أن العزف على تطبيع الحديث عن إمكانية تغيير فتوى المرجعية الدينية بإيران تمهيدا لصناعة القنبلة النووية يهدف لتشكيك المجتمع الدولي بمصداقية السياسة الإيرانية.
"نموذج القنصلية"
وبعيدا عن التباين في وجهات النظر المطروحة في الأوساط السياسية بطهران، فهناك من يتناول جدل هذا الموضوع انطلاقا من المربع الأول في المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل؛ حيث ردت طهران على قصف قنصليتها باستهداف العمق الإسرائيلي وفقا لعقيدة الضربة الثانية.
في السياق، كتبت قناة "محلل" المقربة من فصائل المقاومة المتحالفة مع إيران والتي تنشر مواد تحليلية باللغة الفارسية على منصة تليغرام ، أن الضربة الإسرائيلية الأولى على مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق مطلع أبريل/نيسان الماضي وراح ضحيتها نخبة من قادة فيلق القدس ، انعكست "سلبا" على تطورات الميدان.
ووفقا للقناة، أدت الأحداث التي تسارعت عقب استهداف القنصلية إلى سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأن الضربة الإيرانية اللاحقة لم تتمكن من الحيلولة دون سقوط الحليف السوري.
وإثر تأجيل السلطات الإيرانية تنفيذ وعيدها بالرد على الهجوم الإسرائيلي على أهداف داخل أراضيها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تساءل البعض عن تداعيات تجميد عقيدة الضربة الثانية على تقويض قدرات ما تبقى من فصائل المقاومة الممتدة من لبنان إلى قطاع غزة ثم العراق وصولا لليمن.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نائب جمهوري يدعو لقصف غزة بالنووي والمقاومة تدين
نائب جمهوري يدعو لقصف غزة بالنووي والمقاومة تدين

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

نائب جمهوري يدعو لقصف غزة بالنووي والمقاومة تدين

ذكرت قناة كان الإسرائيلية أن عضو الكونغرس الأميركي رندي فاين من الحزب الجمهوري طالب بقصف قطاع غزة بقنبلة نووية، ردا على مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو ما أدانته المقاومة الفلسطينية واعتبرته جريمة متكاملة الأركان. وخلال مقابلة مع قناة فوكس الأميركية قال النائب عن ولاية فلوريدا في منشور على حسابه بمنصة "إكس" -حيث عرّف بنفسه بأنه "يهودي صهيوني ويفتخر"- "لم نتفاوض على استسلام مع اليابانيين، قصفناهم بالسلاح النووي مرتين للحصول على استسلام غير مشروط، يجب أن نفعل الشيء نفسه هنا، فأميركا وإسرائيل لن تختلفا يوما على إبادة الفلسطينيين". وليس فاين أول من دعا إلى ضرب غزة بالسلاح النووي، فقد سبقه آخرون، بينهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي قارن العدوان على قطاع غزة بقرار الولايات المتحدة إسقاط قنابل ذرية على اليابان في الحرب العالمية الثانية. إعلان وقال غراهام "عندما واجهنا الدمار كأمة بعد هجوم بيرل هاربور وقاتلنا الألمان واليابانيين قررنا إنهاء الحرب بقصف هيروشيما و ناغازاكي بالأسلحة النووية، وكان هذا هو القرار الصحيح". وفي إسرائيل أيضا، دعا متطرفون كثر -بينهم وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو- مطلع العام الماضي إلى إسقاط سلاح نووي على قطاع غزة. المقاومة تدين وتعليقا على ذلك، أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هذا "الخطاب المفعم بالكراهية والتحريض على الإبادة الجماعية"، معتبرة أنها "تعد جريمة مكتملة الأركان ودليلا على العنصرية الفاشية التي تحكم تفكير بعض الساسة الأميركيين، وهو ما يستوجب الإدانة من الإدارة الأميركية ومن الكونغرس الذي بات منصة لتبرير جرائم الاحتلال وتشجيعها عندما استقبل مجرم الحرب بنيامين نتنياهو". وقالت حماس إن "هذه التصريحات تمثل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وتحريضا علنيا على استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد أكثر من مليوني مدني، ورغم هذه الدعوات الوحشية فإنها لن تُضعف عزيمة شعبنا ولا إيمانه بعدالة قضيته، بل تفضح مجددا الوجه الحقيقي للاحتلال وداعميه". بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن هذه التصريحات "دعوة صريحة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتذكير مرعب بالفاشية ووصمة عار في جبين الكونغرس الأميركي الذي صفق لغطرسة مجرم الحرب نتنياهو". واعتبرت الحركة أن "هذه الدعوات تتنافى مع مبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والمواثيق التي تُحرّم استخدام الأسلحة النووية ضد المدنيين، وهي رغم خطورتها لن تنال من صمود شعبنا ولن تزعزع إيماننا بعدالة قضيتنا التي أسقطت الكثير من الأقنعة عن الوجوه القبيحة".

وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا
وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إصدار ترخيص عام لتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، في حين وعد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بـ"مزيد من النجاحات". وقال بيان للوزارة إن الترخيص العام بشأن سوريا يوفر إعفاء فوريا للعقوبات بما يتماشى مع إعلان ترامب وقف جميع العقوبات على دمشق. كما أن الترخيص يسمح بالمعاملات المحظورة ويرفع بشكل فعّال العقوبات وسيتيح تمكين الاستثمار ونشاط القطاع الخاص بما يتوافق مع إستراتيجية الرئيس "أميركا أولا". وقالت الوزارة إن قراراتها تمنح إعفاءات بموجب "قانون قيصر"، ما يمكّن شركاء الولايات المتحدة والحلفاء ودول المنطقة من إطلاق العنان لإمكانيات سوريا بشكل أكبر. وذكر البيان أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم سوريا مستقرة وموحدة وتعيش في سلام داخلي ومع جيرانها، مضيفا أن تمديد تخفيف العقوبات الأميركية جاء ليشمل الحكومة السورية الجديدة على أساس التزامها بعدم توفير ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية وضمان حماية الأقليات. الخطوة الأولى وكانت وكالة أسوشيتد برس قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أن من المتوقع أن تبدأ الخطوة الأولى من خطوات إعفاء سوريا من العقوبات الجمعة أو الثلاثاء. وقالت الوكالة إن مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقترحون إعفاء سوريا من العقوبات 6 أشهر ضمن خطوات رفعها نهائيا كما تعهد ترامب، وإن المسؤولين يؤيدون توسيع قواعد وزارة الخزانة بشأن ما يمكن للشركات الأجنبية عمله بسوريا. في السياق ذاته، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني "نعد شعبنا بمزيد من النجاحات في الأشهر المقبلة بعد القرارات المتتالية برفع العقوبات". وأضاف قائلا إن "سوريا تستحق مكانة عظيمة وبلدا مزدهرا وتمثيلا يليق بها على الساحة الدولية". وكان الرئيس الأميركي أعلن رفع العقوبات عن سوريا، ورحبت وزارة الخارجية السورية بقرار ترامب، واعتبرته "خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري". وتطالب السلطات الجديدة في دمشق، منذ توليها الحكم، المجتمع الدولي برفع العقوبات المفروضة على قطاعات ومؤسسات رئيسية في البلاد منذ اندلاع الثورة عام 2011، وتعتبرها خطوة أساسية لتعافي الاقتصاد والشروع في مرحلة إعادة الإعمار.

رويترز: البدء في عملية إعادة هيكلة واسعة النطاق لمجلس الأمن القومي الأميركي
رويترز: البدء في عملية إعادة هيكلة واسعة النطاق لمجلس الأمن القومي الأميركي

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

رويترز: البدء في عملية إعادة هيكلة واسعة النطاق لمجلس الأمن القومي الأميركي

البدء في عملية إعادة هيكلة واسعة النطاق لمجلس الأمن القومي الأميركي. الرئيس ترامب يسعى لتقليص حجم ونطاق مجلس الأمن القومي. الموظفون بمجموعة من القضايا الرئيسية في مجلس الأمن القومي تلقوا إشعارات بإنهاء خدماتهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store