logo
ابتكار طريقة بسيطة ودقيقة لكشف سموم المياه

ابتكار طريقة بسيطة ودقيقة لكشف سموم المياه

الشرق السعودية٢٩-٠٧-٢٠٢٥
طوّر فريق من الباحثين في جامعة برمنجهام البريطانية طريقة فائقة الدقة للكشف المبكر عن الطحالب الزرقاء السامة في المياه العذبة، وهي تقنية من شأنها أن تُحدث تحولاً في إدارة موارد المياه ومراقبة جودتها في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
وبحسب دراسة نُشرت حديثاً في دورية الجمعية الأميركية للكيمياء تعتمد الطريقة الجديدة على تكنولوجيا الطيف الكتلي المتقدمة، والتي تمكّن الباحثين من رصد الكائنات الدقيقة المعروفة علمياً باسم البكتيريا الزرقاء أو "السيانوباكتيريا" قبل أن تتكاثر بشكل مفرط وتُكوّن ما يُعرف بـ"الازدهارات الطحلبية الضارة"، التي تظهر على شكل طبقة خضراء لزجة تغطي سطح البحيرات والبرك.
وتُعد الطحالب الزرقاء من الكائنات المجهرية التي تنتشر طبيعياً في المياه السطحية، وهي تلعب دوراً مهماً في امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وإنتاج الأكسجين.
إلا أن بعض أنواعها تُنتج سموماً تُعرف بـ"السيانو توكسينات" والتي ثبت أنها تُسبب أضراراً كبيرة للكائنات المائية والحيوانات، بل وتمتد مخاطرها إلى صحة الإنسان؛ إذ يمكن أن تُحدث تلفاً في الكبد، وأعراضاً عصبية خطيرة عند التعرض لها.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن مستويات السموم في بعض البحيرات تتجاوز الحدود المسموح بها لمياه الشرب، ما يُبرز الحاجة الماسة إلى أدوات للكشف المبكر قبل تحوّل الازدهار الطحلبي إلى أزمة صحية وبيئية.
التقنية الجديدة تُعد تقدماً مهماً مقارنة بالأساليب التقليدية، وستُساعد في تحسين جودة المياه للاستخدام البشري، إضافة إلى دورها في حماية النظم البيئية الرطبة"
"تيم أوفرتون" أستاذ التكنولوجيا الحيوية الميكروبية في كلية الهندسة الكيميائية بجامعة برمنجهام
وتعتمد الطريقة التقليدية للكشف عن هذه الطحالب على المجهر أو التسلسل الجيني، وهما طريقتان تستغرقان وقتاً، وقد لا تفرّقان بدقة بين الأنواع السامة وغير السامة، لكن فريق برمنجهام وجد مدخلاً مختلفاً يعتمد على التركيز على الجزء الأزرق من الطحالب.
فمن خلال فحص الفروق الطفيفة في حجم المركّب الأزرق بين الأنواع المختلفة، تمكّن الباحثون من التمييز بين البكتيريا الزرقاء المنتجة للسموم وتلك غير الضارة، في وقت قياسي وبدرجة عالية من الحساسية.
كما تعتمد التقنية على التركيز البصري والتحليلي على الجزء الأزرق من الطحالب، وهو الجزء المسؤول عن لونها المميز ويُعرف علمياً باسم "فيكوسيانين"، وهو بروتين صبغي يلعب دوراً في عملية التمثيل الضوئي لدى هذه الكائنات الدقيقة.
وما يميز هذه التقنية هو قدرتها على رصد الفروق الدقيقة في حجم وشكل هذا المركّب الأزرق بين أنواع الطحالب المختلفة، إذ تبيّن أن الطحالب السامة تحتوي على نمط فريد ومميز من "الفيكوسيانين" يختلف قليلاً عن تلك غير السامة، سواء من حيث التركيب الجزيئي أو البنية الفيزيائية.
ومن خلال تحليل الفروق باستخدام أدوات طيفية وحسابية دقيقة، أصبح بالإمكان التمييز بسرعة عالية بين الأنواع الضارة وغير الضارة من البكتيريا الزرقاء، دون الحاجة إلى إجراءات مخبرية معقدة أو وقت طويل.
وتُعد هذه المقاربة تحولاً كبيراً في طرق مراقبة الإزدهارات الطحلبية، لأنها توفّر وسيلة سريعة وحساسة للكشف المبكر عن وجود السموم، مما يسمح للسلطات البيئية باتخاذ إجراءات وقائية قبل أن تتحول الطحالب السامة إلى خطر فعلي على الصحة العامة أو مصادر المياه.
وقال المؤلف الأول للدراسة "جاسبريت ساوند" الباحث في جامعة "برمنجهام" البريطانية: "منهجنا الجديد سريع وحساس للغاية، ويمكنه تتبع كيفية تنافس الأنواع المختلفة من السيانوباكتيريا في مياه البحيرات، حتى قبل أن تبدأ الأنواع السامة بالهيمنة".
ولا تقتصر الأداة الجديدة على رصد الأنواع السامة فحسب، بل تُمكّن أيضاً من الكشف المباشر عن السموم نفسها في المياه، وهو ما يمنح الجهات المسؤولة القدرة على التحرك بشكل وقائي.
ويُتوقع أن تساهم هذه التكنولوجيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، وتحديداً الهدف السادس: "المياه النظيفة والنظافة الصحية"، والهدف الثالث: "الصحة الجيدة والرفاه"، وذلك من خلال تحسين قدرة المجتمعات على مراقبة جودة المياه، والتعامل مع آثار التغير المناخي.
وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة "تيم أوفرتون" أستاذ التكنولوجيا الحيوية الميكروبية في كلية الهندسة الكيميائية بجامعة برمنجهام أن "التقنية الجديدة تُعد تقدماً مهماً مقارنة بالأساليب التقليدية، وستُساعد في تحسين جودة المياه للاستخدام البشري، إضافة إلى دورها في حماية النظم البيئية الرطبة".
ويقول الباحثون إن "التغير المناخي سيفرض تحديات أكبر في المستقبل من حيث تكرار وتعقيد الظواهر الطحلبية، وبالتالي فإن القدرة على تحديد مكونات الازدهار الطحلبي ومستوى السموم بشكل مبكر ستُتيح لنا اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تقييد استخدام المياه أو معالجتها، وتقديم التحذيرات اللازمة لحماية الصحة العامة".
أنواع سموم المياه
الزرنيخ
عنصر موجود طبيعياً في التربة والصخور، لكنه يتسرّب أحياناً إلى المياه الجوفية، كما يمكن أن ينتج عن التلوث الصناعي أو الزراعي.
التعرّض المزمن للزرنيخ في مياه الشرب قد يؤدي إلى اضطرابات عصبية، واضطراب في نظم القلب، وإحساس مزعج بالوخز في الأطراف.
يمكن إزالة الزرنيخ من المياه عبر تقنيات مثل التناضح العكسي، أو التقطير، أو التبادل الأيوني.
النحاس
يتسرب إلى المياه من الأنابيب المنزلية القديمة المصنوعة من النحاس، خاصة بعد فترات ركود طويلة للماء داخل الأنابيب.
التسمم بالنحاس يسبب الغثيان، والقيء، والإسهال، وألم المعدة.
للتقليل من الخطر، يُنصح بتشغيل الصنبور لفترة لا تقل عن 15 ثانية قبل الاستخدام، وعدم استخدام الماء الساخن في الشرب أو الطهي، بالإضافة إلى استخدام أنظمة تنقية معتمدة مثل التقطير أو الترشيح الفائق.
الرصاص
أخطر هذه المواد يتسرب من الأنابيب القديمة أو الحنفيات المصنوعة من سبائك تحتوي على الرصاص.
تكمن خطورته في تأثيره التراكمي على الدماغ والجهاز العصبي، لا سيما عند الأطفال، إذ يُمكن أن يسبب انخفاضاً في معدلات الذكاء واضطرابات سلوكية، إلى جانب زيادة خطر الإجهاض عند الحوامل.
يمكن إزالة مصدر الرصاص إن أمكن، أو استخدام فلاتر مياه معتمدة قادرة على احتجازه.
النترات
ناتجة عن تسرب الأسمدة أو مخلفات المواشي إلى المياه الجوفية.
أكثر من يتأثر بها هم الرضّع، إذ يمنع النترات قدرة الدم على نقل الأكسجين بكفاءة، وهي حالة تُعرف باسم "متلازمة الطفل الأزرق".
تشمل الأعراض انخفاض ضغط الدم والقيء وتشنجات المعدة.
ويُمكن التخلص من النترات باستخدام أنظمة تنقية متقدمة مثل التقطير أو التناضح العكسي.
مجموعة PFAS
معروفة باسم "المواد الكيميائية الأبدية"، والتي لا تتحلل بسهولة في البيئة.
تستخدم هذه المواد في الصناعات والمنتجات الاستهلاكية مثل الملابس المقاومة للماء أو السجاد المقاوم للبقع، وقد وُجدت آثار لها في مياه الشرب في عدد من المناطق.
ترتبط المستويات العالية من PFAS بزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، واضطرابات هرمونية، وارتفاع الكوليسترول، ومضاعفات أثناء الحمل.
لا يمكن التخلص منها إلا باستخدام فلاتر خاصة.
الرادون
مع أنه غاز مشع طبيعي يتكوّن في المياه الجوفية، إلا أن استخدام المياه في الحمام أو المطبخ قد يؤدي إلى انطلاق هذا الغاز واستنشاقه، ما يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة على المدى الطويل.
ينصح باستخدام أنظمة تهوية متخصصة أو مرشحات الكربون النشط على مستوى مدخل المياه الرئيسي للمنزل للتقليل من التعرض.
واعتمدت الدراسة على تحليل عينات من عدد من البحيرات في بريطانيا، وكشفت أن محتوى الطحالب الزرقاء يختلف من بحيرة لأخرى، وهو ما يفتح الباب أمام رسم خرائط طيفية دقيقة للبحيرات، تتضمن تركيبتها البيولوجية ومخاطرها المحتملة.
ويتطلع فريق البحث إلى تعميم التقنية لتُستخدم في المرافق الحكومية، ومراكز مراقبة البيئة، وشركات معالجة المياه، بل وربما يتم تطوير أجهزة محمولة صغيرة تعتمد نفس التكنولوجيا وتُمكّن من فحص المياه في الميدان خلال دقائق.
في ظل ازدياد حدة التغيرات المناخية وما تسببه من اختلالات بيئية، تمثل هذه التقنية الجديدة من جامعة برمنجهام أداة واعدة لتحصين المياه العذبة من أحد أكثر التهديدات غموضاً وخطورة.
ومن خلال القدرة على الكشف المبكر والتحديد الدقيق للسموم، فإن هذه الأداة ليست مجرد إنجاز علمي، بل هي خطوة في اتجاه مستقبل أكثر أماناً.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة: الأطعمة الغنية بالنشا تقلل الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي
دراسة: الأطعمة الغنية بالنشا تقلل الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

دراسة: الأطعمة الغنية بالنشا تقلل الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي

أظهرت دراسة أجراها علماء بريطانيون في جامعتي نيوكاسل وليدز، أن تناول الأطعمة الغنية بالنشا المقاوم، يمكنها الحد من خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي العلوي، بنسبة 60 %. وذكرت دراسة نشرت في مجلة «Cancer Prevention Research» أن تناول مواد غذائية بسيطة يوميا يقلل من خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي العلوي، ومنها الأطعمة الغنية بالنشا المقاوم، مثل الموز غير الناضج، والشوفان، والفاصوليا، والعدس، والبازلاء الخضراء، بالإضافة إلى رقائق الذرة، والبطاطس المسلوقة الباردة، والمعكرونة، والأرز، وخبز القمح الكامل. وتم التوصل إلى هذه النتائج من خلال دراسة دولية شملت نحو 1000 مريض من مختلف أنحاء العالم ممن يعانون من متلازمة لينش، وهي اضطراب وراثي يزيد خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، وعلى رأسها سرطان الأمعاء قبل سن الخمسين. وخلال الفترة من 1999 إلى 2005، أعطى الباحثون عددا من المشاركين 30 غراما من مسحوق النشا المقاوم يوميا، ما يعادل تقريبا تناول موزة خضراء واحدة يوميا، فيما حصلت المجموعة الأخرى على دواء وهمي، دون أن يعرف أي من المشاركين أو الباحثين المجموعة التي ينتمي إليها كل فرد. وبعد متابعة طويلة استمرت من 10 إلى 20 عاما من نهاية التجربة، أظهرت النتائج أن النشا المقاوم لم يؤثر على معدلات الإصابة بسرطان الأمعاء، غير أنه قلل من خطر الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي العلوي بنسبة تصل إلى 60 %، وتشمل هذه السرطانات، المريء، والمعدة، والقنوات الصفراوية، والبنكرياس، والمعي الاثنا عشري. واللافت في نتائج الدراسة إلى أن هذا التأثير الوقائي استمر لعقد كامل بعد توقف المشاركين عن تناول النشا المقاوم. ويعد النشا المقاوم نوعا من الكربوهيدرات، لا يتم هضمه في الأمعاء الدقيقة، بل يصل إلى الأمعاء الغليظة، حيث يغذي البكتيريا النافعة التي تلعب دورا محوريا في حماية الجهاز الهضمي، ويشبه الألياف في خصائصه الوقائية. ويعتقد الباحثون أن النشا المقاوم يؤثر في أيض الأحماض الصفراوية داخل الأمعاء، ما يقلل من إنتاج مركبات قد تلحق الضرر بالحمض النووي الخلوي وتحفز نمو الخلايا السرطانية، ما دعاهم إلى التأكيد على أهمية التوسع في إجراء المزيد من الدراسات لتأكيد الآلية البيولوجية لهذا التأثير. أخبار ذات صلة

"خطوط الحروق".. تريند شمس جديد على تيك توك يغضب فرنسا
"خطوط الحروق".. تريند شمس جديد على تيك توك يغضب فرنسا

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

"خطوط الحروق".. تريند شمس جديد على تيك توك يغضب فرنسا

لا تتوقف التصرفات الغريبة عن الانتشار عبر منصات التواصل الاجتماعي، رغم التحذيرات من مخاطر بعضها. قلق فرنسي شديد فقد اجتاح تريند جديد موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، يروج للتعرض المفرط والخطير لأشعة الشمس. وما إن انتشر هذا التصرّف حتى أعربت الحكومة الفرنسية عن قلقها الشديد، إذ تقدم وزير الصحة يانيك نودر، ووزيرة التحول الرقمي كلارا شاباز، بشكوى رسمية إلى الهيئة الوطنية للإعلام. وشددوا على أن المحتوى المنتشر، الذي يركز على الحصول على خطوط تسمير على شكل حمالة عنق أو ما يسمى "خطوط الحروق"، يشجع سلوكيات قد تؤدي إلى خطر بالغ. حروق الشمس (أيستوك) كما دعا الوزيران الهيئة إلى التنسيق مع المفوضية الأوروبية لضمان امتثال "تيك توك" والمنصات الرقمية الأخرى لقواعد "قانون الخدمات الرقمية" (DSA). تحقيق رسمي يذكر أن هذا القانون يُلزم المنصات بحماية القاصرين، وتقييم المخاطر النظامية، والتحلي بالشفافية في كيفية عمل خوارزميات التوصية بالمحتوى. كما تزامن ذلك مع تقديم الحكومة الفرنسية طلباً إلى الهيئة الوطنية للإعلام لجمع الأدلة والتعاون مع المفوضية في حال الحاجة إلى فتح تحقيق رسمي.

فشل انتقال كونغيسدورفر إلى نيس
فشل انتقال كونغيسدورفر إلى نيس

الشرق الأوسط

timeمنذ 11 ساعات

  • الشرق الأوسط

فشل انتقال كونغيسدورفر إلى نيس

فشلت صفقة انضمام الغاني رانسفورد يبواه كونغيسدورفر، مهاجم هامبورغ الألماني، إلى نيس الفرنسي بعد فشله في إتمام الفحص الطبي. وذكرت إذاعة «مونت كارلو» الرياضية أن نيس رفض المخاطرة بالتعاقد مع اللاعب وألغى الصفقة بعد إجراء فحوصات إضافية على اللاعب. وأضافت أن كل شيء كان على ما يرام بالنسبة للمهاجم الغاني البالغ من العمر 23 عاماً، حيث كان اللاعب الذي شارك في صعود هامبورغ لبوندسليغا من الدرجة الثانية، قريباً من التوقيع لنيس، والذي كان بدوره يعول على انضمام اللاعب الغاني الدولي لتعزيز صفوفه على المستوى الهجومي. لكن الفحص الطبي لم يكن على النحو المطلوب ومع إجراء فحوصات أخرى تكرر الأمر، واتضح عدم جدوى ذلك لتفشل الصفقة حسب «مونت كارلو». وكان يبواه كونغيسدورفر قد سجل 14 هدفاً في 32 مباراة شارك فيها الموسم الماضي مع هامبورغ في الدرجة الثانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store