
جرافاته لا تعترف بالقضاء.. الاحتلال يبدأ بهدم 104 مبان بمخيم طولكرم
على تلة تطل على المخيم، وقف زهيد جاموس (38 عاما) يراقب الجرافة العسكرية وهي تهدم الواجهة الأمامية من منزله الذي سكنه قبل عام واحد فقط. ويقول إن عملية الهدم بدأت من بيته "الذي كان أول المنازل التي تُقلع من خريطة المخيم بعد قرار التجميد الضعيف".
ويشرح للجزيرة نت مشاعره وهو يرى جهد سنوات قضاها في تأسيسه تنهار أمام عينه في دقائق، قائلا "استيقظت على اتصال يقول لي إن جرافة إسرائيلية بدأت بالهدم في المخيم، أتيت للتأكد ووجدت منزلي هو محطة البداية، بنيته على مدار 5 سنوات، وضعت فيه كل جهدي وآمال أطفالي وزوجتي بالعيش في منزل الأحلام".
ويؤكد جاموس أن أهالي المخيم كانوا على ثقة بأن قرار التجميد ضعيف، ولن يصمد، لكنهم لم يتوقعوا سرعة تجاوزه من قبل جيش الاحتلال.
ويتابع "لم نستطع جمع ذكرياتنا من المنازل قبل هدمها كلها، لقد تشتتنا في أماكن كثيرة، بعضنا في ضاحية ذبابة والبعض في ضاحية أكتابا، وآخرون نزحوا إلى مدينة نابلس ، هدم المنازل ليس نسفا للمأوى فقط، لكنه هدم للألفة والروابط بين عائلات كاملة".
وعائلة زهيد واحدة من 100 عائلة أخطرها جيش الاحتلال بنية هدم منازلها، في مايو/أيار الماضي، ضمن خطة هدم ممنهجة يتبعها الاحتلال في مخيمات شمال الضفة الغربية منذ بدء عملية "السور الحديدي" قبل 6 أشهر. ويعلن عن نيته شق شوارع عسكرية، وتوسيع الأحياء لجعلها أكثر ملائمة لدخول المركبات والآليات العسكرية فيها، إضافة لإقامة مساحات فارغة بين الأحياء داخل المخيمات.
ويرى فيصل سلامة، مدير لجنة خدمات مخيم طولكرم ونائب المحافظ، أن إسرائيل تجاوزت كل المواثيق والاتفاقيات الدولية من خلال ما تمارسه في مخيمات شمال الضفة، وتحديدا مخيمي نور شمس وطولكرم.
ويؤكد للجزيرة نت أن محافظة طولكرم ولجنة الخدمات استطاعت -عبر مركز عدالة الحقوقي- انتزاع قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بتجميد هدم 104 مبان أخطر جيش الاحتلال بهدمها مؤخرا، وأن التجميد جاء حتى تاريخ الثاني من سبتمبر/أيلول القادم.
وحسب سلامة، يدل تجاوز جيش الاحتلال على أن هذه القرارات صورية، وأنه "جيش عنصري لا يحتكم للقوانين والمواثيق القانونية الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية جنيف الرابعة، كما تعودنا أن إسرائيل تضرب بكل قرارات المجتمع الدولي عرض الحائط".
مشكلة النزوح
وبحسب محافظة طولكرم، فإن الاحتلال بدأ في العامين الماضيين، وخلال 62 عملية اقتحام لمخيمات المدينة، بهدم ونسف وحرق منازل فيها إضافة لتدمير واسع ومتكرر للبنى التحتية، لكنه منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، هدم -وبخطة ممنهجة- 17 منزلا في البداية ثم 28 أخرى، ولاحقا هدم 58 بناية، وأخيرا بدأ اليوم بهدم 104 بنايات، وهو ما يعني أنه هدم في المخيم قرابة ألف منزل وشرّد ألف عائلة فلسطينية.
وتشير تقديرات المحافظة ولجان الخدمات إلى أن عدد النازحين من مخيمي نور شمس وطولكرم وصل إلى نحو 25 ألفا موزعين في قرى وبلدات وأحياء المدينة، ويعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جدا، ولا يمكن الجزم بقرب حل مشكلة نزوحهم التي بلغت نصف عام حتى الآن.
وبحسب سلامة، فإن خطة الحكومة الفلسطينية ببناء بيوت متنقلة وعلى مراحل للنازحين في أراض معينة اختارتها وبدأت العمل فيها، توقفت اليوم بشكل كامل بعد تهديد الاحتلال بهدم أو قصف أي تجمع سكاني يمكن أن يقام للنازحين من هذه المخيمات.
ويرى محللون أن ما تقوم به إسرائيل هو مخطط سياسي، بدءا من العملية العسكرية ومرورا بالهدم، يراد به فرض واقع جديد في الضفة الغربية. لذا كان التجاوز لقرار تجميد الهدم القضائي، عدا عن كون قرارات المحاكم الإسرائيلية تأتي لتسهيل وتمهيد عمليات الجيش على أرض الواقع في المخيمات والقرى والمدن الفلسطينية بشكل عام، و"كل ذلك تمهيدا لإقامة الدولة اليهودية والسيطرة الكاملة على الضفة".
يقول سليمان بشارات الخبير في الشأن الإسرائيلي والمحلل السياسي، إن إسرائيل تسابق الزمن لفرض الواقع الجديد في الضفة لأنها تعتقد أن الظروف الحالية يمكن ألا تتكرر؛ خاصة من ناحية الدعم الدولي لاستمرار الإبادة في غزة ، لذا تستغلها لفرض سياستها الجديدة، و"هو ما شهدناه خلال العامين الماضيين من عمر الحرب".
خطة ممنهجة
ويؤكد بشارات للجزيرة نت أن إسرائيل استخدمت حالة المقاومة الفلسطينية وشرعت في تضخيمها دوليا واستخدمتها كغطاء لكل ما تقوم به سواء في الضفة أو غزة، وهو ما انعكس بشكل مباشر في تغييب أي دور عربي أو فلسطيني أو حتى إقليمي، في التدخل لوقف سياساتها أو حتى الضغط عليها لوقفها.
ويوضح: "المواطن الفلسطيني وجد نفسه مكشوف الظهر وضعيفا في المواجهة، لا يوجد أي طرف يسانده، ولا يملك سوى أن يتمسك بالحد الأدنى من الصمود، كل المواقف الدولية والمناشدات حاليا لا يمكن أن توقف الاحتلال ومخططاته، الأطراف الفلسطينية كلها عاجزة حاليا، ولا تمتلك سوى الشجب والاستنكار".
وفي كل مرة تعلن فيها عن عمليات هدم لمنازل في جنين وطولكرم ونور شمس، تزعم إسرائيل أنها لدواعٍ أمنية ولخدمة العملية العسكرية والجيش المتمركز في المخيمات منذ عدة أشهر.
لكن محللين يفندون هذه الادعاءات، ويرون أن نسف المباني وشق الشوارع ومحو أحياء كاملة يهدف إلى تغيير نمط وطابع المخيم وفكرته وجغرافيته وتغيير ديمغرافيته، وتحويل هذه المخيمات إلى أحياء داخل المدن.
ويرى المحلل بشارات أن إسرائيل تسعى إلى إحداث تغيير في الوعي والعقلية الفكرية للمواطن الفلسطيني داخل المخيم وفي الأجيال القادمة أيضا، و"كل ذلك يؤكد أن هدم المخيمات لا يمكن أن يكون لدواعٍ أمنية".
وفي حال نجح هذا النموذج -وفق بشارات- يمكن للاحتلال نقله لبقية المخيمات، أو تغييره وبلورته وفقا لاحتياجه بتعزيز تنفيذ خططه في ضم الضفة والاستيلاء على أراضيها بشكل كامل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 34 دقائق
- الجزيرة
المقاومة تدمر آليات إسرائيلية بغزة ومروحيات الاحتلال تجلي جنودا مصابين
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) و سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي – تدمير آليات إسرائيلية في قطاع غزة ، بينما بثت مواقع إسرائيلية صورا لإجلاء عدد من الجنود المصابين بمروحيات عسكرية إلى مستشفيات داخل إسرائيل. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 جنود أُصيبوا إثر تفجير عبوة ناسفة بمركبة عسكرية إسرائيلية خلال توغل في خان يونس جنوبي القطاع، في حين أُصيب جندي آخر خلال اشتباكات شمالي غزة. وقالت مواقع إسرائيلية إن معارك عنيفة دارت خلال الساعات الماضية، بعضها جرى وجها لوجه في مناطق متعددة من قطاع غزة، وسط تصاعد لافت في وتيرة المواجهات وتكثيف لاستخدام سلاح العبوات والكمائن. وبثت وسائل إعلام إسرائيلية صورا لمروحيات عسكرية تُقل مصابين من مواقع الاشتباك، وأشارت إلى وصولها لمستشفيات تل هشومير وبيلينسون وسوروكا وإيخيلوف، ما يعكس اتساع رقعة الإصابات. في غضون ذلك، وثّقت صور خاصة تحليق طائرات حربية إسرائيلية على ارتفاع منخفض جنوب القطاع، بالتزامن مع قصف جوي ومدفعي استهدف محاور قتالية شمال مدينة خان يونس. وعلى الأرض، أعلنت كتائب القسام تدمير دبابة إسرائيلية من نوع ميركافا بعبوة ناسفة شديدة الانفجار في حي الزيتون بمدينة غزة يوم السادس من يوليو/تموز الجاري، مؤكدة استمرار عمليات الاستهداف. وفي عملية سابقة، قالت الكتائب إن مقاتليها فجّروا جرافتين عسكريتين من طراز "دي 9" بعبوات شديدة الانفجار في حي الزيتون. وسبق أن أعلنت كتائب القسام أنها استهدفت الخميس الماضي دبابة ميركافا إسرائيلية بعبوة أرضية شديدة الانفجار، تم إعدادها مسبقا، في منطقة "المسلخ" (جنوب غربي مدينة خان يونس). وكانت كتائب القسام قد بثت قبل يوم مشاهد توثق محاولة أسر الجندي الإسرائيلي أزولاي قبل تصفيته، إلى جانب صور أظهرت هروب جندي إسرائيلي من مقاتليها، في تناقض مع الرواية الإسرائيلية. من جهتها، أعلنت سرايا القدس، أن مقاتليها دمروا آلية إسرائيلية من نوع ميركافا بتفجير عبوة مضادة للدروع أثناء توغلها شرق حي التفاح بمدينة غزة. كما قالت إنها فجّرت آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة برميلية شديدة الانفجار في منطقة الشيخ ناصر شرق خان يونس، وأكدت قصف تجمعات للجيش بقذائف الهاون في جبل الصوراني شرق حي التفاح بمدينة غزة. تكتيكات جديدة وفي السياق، قالت شبكة "سي إن إن" الأميركية إن الهجوم الذي نفذته كتائب القسام منذ أيام في بيت حانون يعكس تحولا في تكتيكات الحركة نحو "حرب العصابات"، رغم ما تعرضت له من استنزاف. وذكرت الشبكة أن الهجمات الأخيرة تثبت أن هدف إسرائيل في القضاء على حماس لا يزال بعيد المنال، مشيرة إلى أن المقاومة لا تزال قادرة على المبادرة ونصب الكمائن للقوات الإسرائيلية. ونقلت الشبكة عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يسرائيل زيف، الرئيس السابق لهيئة العمليات في الجيش، أن حماس درست نمط حركة القوات الإسرائيلية وحددت نقاط الضعف بدقة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
صور أقمار صناعية تكشف منشآت قائمة وسط الدمار في رفح
بينما شهدت مدن قطاع غزة مراحل متفاوتة من التصعيد والتهدئة، بدت رفح كأنها خارج معادلة الزمن، فمنذ اجتياحها في مايو/أيار 2024، لم تهدأ آلة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تعرف رفح طعم التهدئة التي مرّت -ولو عابرة- على سائر مدن القطاع. ومر أكثر من عام ولا تزال الجرافات والذخائر ترسم فيها حدودا من الخراب، وتُسقط الأحياء حيّا تلو الآخر في المدينة. لكن تحليل لصور أقمار صناعية لوكالة سند كشف وجود منشآت قائمة في مدينة رفح وسط الدمار الذي يتجاوز الصورة النمطية عن الدمار الذي لا يبدو عارضا عسكريا، بل هو فعل ممنهج، يسير وفق منطق حسابي صارم، وتخطيط لا يترك شيئا للصدفة. ففي مقابل أكثر من 28 ألف مبنى مُسوّى بالأرض حتى يوليو/تموز 2025، برزت على الخريطة بقع ثابتة لم يمسسها الخراب: 40 منشأة تعليمية و8 مراكز طبية بقيت قائمة وسط أنقاض عمارات سكنية ومناطق حضرية أُزيلت بالكامل. ولا يبدو هذا الاستثناء عفويا، بل يوحي بسلوكٍ مدروس يشي بتحول المدينة إلى مركز محتمل لإدارة النزوح، أو ما يمكن تسميته بـ"هندسة سكانية" تعيد استخدام ما تبقى من المؤسسات كأدوات لتوجيه التجمّعات البشرية القادمة. وفي سياق متصل، حصلت قناة الجزيرة على خريطة تُظهر مواقع إعادة تموضع قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي عرضها الوفد الإسرائيلي خلال محادثات وقف إطلاق النار في غزة. وقالت مصادر للجزيرة إن الخريطة تُظهر أن إعادة تموضع قوات الاحتلال ستقضم 40% من مساحة القطاع.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ضابط إسرائيلي: حماس درست نقاط ضعف جيشنا واستغلتها في عملياتها
قال اللواء المتقاعد، إسرائيل زيف، رئيس قسم العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيلي ، إن خلايا المقاومة التابعة ل كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات خاطفة مستخدمة "ما تبقى" من شبكة الأنفاق في قطاع غزة للتحرك والاختباء. وأشار زيف في تصريحات لشبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية إلى أن المقاومة شهدت تحولا في طريقة عملها إذ "أصبحت منظمة حرب عصابات تعمل في خلايا صغيرة، وأن لديها وفرة من المتفجرات"، موضحا أن المقاومة استخدمت الذخائر التي قصف بها الاحتلال المدنيين في غزة ولم تنفجر. وفي هذا الشأن يوضح الخبير الأمني رامي أبو زبيدة، أن المقاومة تمكنت من استغلال "الركام الكثيف وتغيّر تضاريس الميدان" بعد القصف الإسرائيلي حيث تسبب ذلك في "تعطيل شبه كامل لأداء المنظومات التكنولوجية والروبوتية التي يعتمد عليها الاحتلال في عملياته البرية". كما يعتمد على بيانات جُمعت مسبقا وصور أقمار صناعية عالية الدقة، مع خرائط ثلاثية الأبعاد للمباني والشوارع، ولكن التدمير الذي أحدثه الاحتلال في القطاع أفقد "البنية المرجعية لهذه البيانات"، وفقا لأبو زبيدة على قناته على تلغرام. ووصف اللواء السابق زيف ما يجرى في القطاع حاليا بأنه "حرب عبوات ناسفة"، وأن المقاومة "تخطط الكمائن وتتخذ زمام المبادرة بالسيطرة على نقاط حيوية". وأشار إلى أن حماس كان لديها الوقت الكافي لدراسة كيفية عمل جيش الاحتلال، وأن المقاتلين "يستغلون ذلك لصالحهم"، فحربهم مبنية "على نقاط ضعفنا، إنهم لا يدافعون عن الأرض، بل يبحثون عن أهداف"، حسب وصفه. وأضاف زيف، أن الضغط على قوات الاحتلال "سمح لحماس باستغلال نقاط الضعف، حتى في حالتها الضعيفة"، حسب زعمه. وحسب أبو زبيدة فإن المقاومة استفادت من تغير معالم القطاع بـ"زرع العبوات الناسفة وسط الركام حيث لا يمكن تمييزها بأي ماسح أو كاميرا"، إضافة إلى "توجيه مسار قوات جيش الاحتلال نحو مناطق مهيأة لتفجير مفاجئ بسبب صعوبة قراءة الأرض، واستدراج قوات الإنقاذ إلى مناطق محسوبة مسبقا لتصاب بكمين ثان أو بقصف مباشر".