logo
جنوب لبنان.. "نقاط تحول صامتة" في انتخابات ما بعد الحرب

جنوب لبنان.. "نقاط تحول صامتة" في انتخابات ما بعد الحرب

سكاي نيوز عربيةمنذ 8 ساعات

فبين بلدات مدمرة بفعل الهجمات الإسرائيلية، وقرى مهمشة تطالب بتمثيل يعكس هويتها، وبين شباب محبط يتساءل عن جدوى الاقتراع، رسم جنوب لبنان مشهدا انتخابيا مركبا لا يخلو من الإشارات الدقيقة إلى تململ اجتماعي قد لا يترجم بنتائج كاسرة، لكنه لا يقل أهمية عنها.
الجنوب اللبناني، الذي ما زال يعيش في ظل خطر إسرائيلي دائم، يواجه معادلة دقيقة: كيف يصوت مجتمع يحيا تحت السلاح، ويريد في الوقت نفسه أن يحاسب ويطالب ويُغير؟
قد لا تكون الانتخابات البلدية كافية للإجابة، لكنها بالتأكيد طرحت الأسئلة الصحيحة، والناخبون، ولو بصوت منخفض، بدأوا يقولون إنهم لا يريدون فقط من يحميهم، بل أيضا من ينصفهم.
توترات بين الحلفاء
في أكثر من بلدة جنوبية، شهدت الانتخابات مواجهات داخلية بين أنصار حزب الله وحركة أمل، في مشهد نادر عكس اهتزازا في التنسيق التقليدي.
في هذا السياق يقول حسن، وهو ناشط من بلدة قرب صور، لموقع "سكاي نيوز عربية": "ما حدث أن خلافا بين خصمين صار بين حلفاء. الناس ملت من الاستفراد والتعيينات الجاهزة، وتريد أن تشعر أن صوتها أصبح يمثل فرقا".
ويضيف حسن: "رغم التماسك العلني للثنائية فإن حالات كهذه أظهرت أن القاعدة الشعبية ليست كتلة صماء، وأن الخلافات في الرؤية المحلية بدأت تطفو إلى السطح، ولو بشكل موضعي".
في قرى القطاع الشرقي، ثمة بلدات جنوبية ذات غالبية سنية كبلدة شبعا على سبيل المثال، التي دمرت جزئيا في الحرب الأخيرة رغم عدم انخراطها في الصراع، ظهرت بها رغبة جماعية في انتخاب مجلس بلدي يعبر عن هويتها السياسية أكثر من البرامج الإنمائية.
يقول رجل الأعمال نزيه حمد لموقع "سكاي نيوز عربية": "وجهنا نداءات لأهل بلدتنا لتحمل المسؤولية في اختيار من يرونه أهلا لحمل الأمانة، وقادرا على خدمة الناس بصدق وإخلاص والعمل على تنمية بلدتنا شبعا خاصة بعد الدمار".
وأضاف حمد: "الانتخابات ليست مجرد ورقة توضع في صندوق، بل قرار يصنع مستقبل شبعا ويؤثر في حياته اليومية. معظم أهالي البلدة حاولوا اختيار من يضع مصلحة شبعا فوق كل اعتبار".
ويقول أبو محمد، وهو أحد أبناء بلدة شبعا: "صوّتنا للكرامة قبل أي مشروع، لأنه لم يدافع عنا أحد عندما هدمت البيوت. نريد مجلسا يتحدث باسمنا لا باسم غيرنا".
وتضيف أم مصطفى: "بعد الحرب ليس كما قبلها، من يملك تمثيل هذه القرى؟ ومن يدفع ثمن الصراعات نيابة عن الجميع؟ نريد الثأر للدمار".
وفي الكثير من القرى الشيعية بدا المشهد مختلفا عن دورات سابقة، وإن لم تفرز الانتخابات "انقلابات كبرى" فإنها كشفت عن فتور انتخابي لافت، وتراجع في الحماسة الشعبية حتى لدى الموالين التقليديين.
تقول زينب، وهي معلمة من النبطية ، لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا يصح أن تذهبي إلى الصندوق وأنت خائفة أو لديك شعور أن هناك من يقرر لكِ، لكن أيضا لا يجب ترك الساحة فارغة".
أما في البلدات متوسطة الحجم، حاولت بعض اللوائح المستقلة أو العائلية أن تخوض المعركة خارج الاصطفافات الحزبية، ونجحت أحيانا بإحداث خرق رمزي.
جاد ناشط بيئي شارك في إحدى اللوائح المستقلة، وقال لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا نريد مواجهة الأحزاب، لكننا نطمح إلى إعادة القرار إلى المجالس المحلية لا إلى المكاتب السياسية. ليس من الخطأ أن نجرب خيارا آخر".
ويضيف: "رغم أن هذه المحاولات لم تحدث فرقا جذريا فإنها تعبر عن نقطة بداية لتحول سياسي بطيء، يبدأ من الأسفل".
ويوضح مختار سابق في بلدة حروف فيقول: "صحيح أن صناديق الجنوب لم تسقط القوى السياسية الكبرى، لكنها كشفت تصدعات في جدران الثقة، وتعبا يتسلل إلى قواعد كان يفترض أنها راسخة".
ويختم: "تغيرت المعادلة. الجنوب يصوت لكنه يفكر ويغضب ويجرب، وربما في المرة القادمة لا يكتفي بأن يُسأل: مع من أنت؟، بل أيضا: إلى أين تمضي؟".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حزب الله يستبق الانتخابات البلدية بشعارات "المقاومة"
حزب الله يستبق الانتخابات البلدية بشعارات "المقاومة"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

حزب الله يستبق الانتخابات البلدية بشعارات "المقاومة"

أبوظبي - سكاي نيوز عربية تشكل الانتخابات البلدية والاختيارية في جنوب لبنان فرصة لحزب الله لتثبيت حضوره بعد تراجعه العسكري والسياسي نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة. حيث يخوض الحزب المعركة الانتخابية تحت شعار إعادة الإعمار.

جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار
جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار

البيان

timeمنذ 5 ساعات

  • البيان

جنوب لبنان.. انتخابات تحت النار

ذلك أن الطيران الإسرائيلي أعاد في الساعات الماضية غاراته، ما دفع لبنان الرسمي إلى تكثيف اتصالاته مع رعاة وقف النار، لحماية الناخبين. وتحت وطأة واقع تدميري، تركته آلة الحرب الإسرائيلية على الكثير من المناطق الجنوبية، ووسط السِباق المحفوف بالمحاذير. والذي يشهده لبنان في مرحلته الانتقالية منذ بداية العهد الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة، اختتمت محافظتا الجنوب والنبطية، أمس، الانتخابات البلدية والاختيارية التي أُجريت الشهر الجاري على 4 جولات. علماً أن معارك هذه الانتخابات لا تقلّ ضراوة عن «البلدية»، وخصوصاً أنها تأتي تتمّة لمعارك موازين القوى، إمّا لاسترجاعها أو لتثبيتها. وثمّة إجماع على أن إنجاز هذه الانتخابات يُسجّل للعهد الجديد الذي التزم مساراً لا يتوقف بعد تكوين السلطة والتعيينات وإتمام الاستحقاقات الانتخابية. كما أن ثمّة إجماعاً على أن الجميع أخذ من هذه الانتخابات «بروفا» للانتخابات النيابية في مايو من السنة المقبلة، وعلى أن البلديات ستكون الرافعة الأساسية للاستحقاق النيابي المقبل.

تحديات سياسة لبنان الخارجية
تحديات سياسة لبنان الخارجية

صحيفة الخليج

timeمنذ 7 ساعات

  • صحيفة الخليج

تحديات سياسة لبنان الخارجية

لطالما شكلت السياسات العامة الخارجية في لبنان، مسألة دقيقة للعديد من الأسباب والاعتبارات التي رافقت نشأته، وتسببت في العديد من المحطات أزمات وطنية حادة، أدت الى اهتزاز السلم الأهلي البارد، وأدت في بعضها الى نزاعات ممتدة غالباً ما كانت تهدأ بفضل وساطات خارجية عربية وإقليمية ودولية، اختلفت عناوينها والقائمين بها بحسب موازين القوى الحاكمة لسياسات المنطقة. اليوم، وبعد الزلزال الذي ضرب المنطقة، وأدى الى تداعيات تبدو غير مسبوقة بنتائجها وتحدياتها، ومنها سياسة لبنان الخارجية بمجمل تفاصيلها وبخاصة العربية، يبدو أن لبنان الرسمي تمكن من السير باتجاهات واقعية تراعي الكثير من الخصوصيات التي ظهرت مؤخراً، وبخاصة بعد إعادة تركيب السلطة في لبنان، ورسم سياسات محددة في خطاب القسم الرئاسي والبيان الحكومي. إن التدقيق في العديد من المحطات الخاصة في تاريخ لبنان السياسي وبخاصة الحديث والمعاصر، يظهر ديمومة إظهار حياد لبنان عن سياسة المحاور في المنطقة، وفي الواقع ورغم المحاولات الدائمة، خرج لبنان في بعض المحطات عن ذلك الحياد المفترض، بفعل العديد من العوامل، ما أدى الى ظهوره بمظهر الخارج عن محيطه العربي التقليدي العام، وانخراطه في سياسات إقليمية بدت في الكثير من الأحيان تثير حساسية علاقاته مع أشقائه العرب. ثمة تحول واضح يجري حالياً، وهو مسار تنفيذي بدأه الرئيس اللبناني جوزيف عون بزيارات دولة الى العديد من البلدان العربية التي تسهم بشكل وازن في صناعة السياسات العربية العامة تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتأتي في طليعة تلك الزيارات التي قام بها الى دولة الامارات العربية المتحدة، حيث برز الدور الاماراتي في إعادة تعويم الموقع العربي للبنان، ذلك استتباعاً للزيارة التي قام بها أيضاً الى المملكة العربية السعودية، والتي بدت عنواناً في تحول واقعي مطلوب أعاد لبنان الى الحضن العربي بعد ابتعاد طويل استمر لعقود وأرسى تداعيات كثيرة، وما زاد من اندفاعة لبنان العربية الزيارة التي قام بها الى دولة الكويت ومن بعدها الى جمهورية مصر العربية، حيث تعد مجمل تلك الزيارات عناوين لمسار بنيوي، يتعلق بإعادة تكوين الصورة التي حاول لبنان عدم الخروج منها إلا عنوة، وفي حالات استثنائية لم يكن قادراً على مواجهتها أو التأثير بمجريات معاكسة لها. وفي مسارات أخرى، نفذ رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام، زيارة الى سوريا بعد قطيعة استمرت عقدين من الزمن منذ اغتيال الرئيس الأسبق رفيق الحريري، إضافة الى مشاركة الرئيس سلام في أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي عقدت في بغداد، والتي بحثت عدة ملفات متصلة بالأمن القومي العربي والعلاقات العربية البينية وبعض القضايا المتصلة بلبنان وسوريا واليمن والسودان، وفي أغلبها تبدو موضوعات كان للبنان مواقف عبّرت عن التحول القائم حالياً. ثمة العديد من المحطات التي مرت بها السياسة الخارجية اللبنانية والتي تسببت باحتراب داخلي وبتغذية محاور إقليمية ودولية كانت فاعلة في الأزمات اللبنانية المتعاقبة، ولم تكن تلك المحطات القاسية عملياً وفعلياً من الغياب، إلا بتدخل خارجي وبثقل فرض على لبنان مسارات كانت تريح الوضع الداخلي اللبناني وتؤمن له محطات هدوء وانتعاش اقتصادي عبر المساعدات العربية من تمويل المشاريع والاستثمارات التي تركت آثاراً واضحة، من بين تلك المحطات اتفاق الطائف برعاية من المملكة العربية السعودية في العام 1989، ومن بعدها ما سمي باتفاق الدوحة في العام 2008، وقبلهما أيضاً ميثاق 1943، جميعها كانت تشكل مسارات في السياسات الداخلية والخارجية، غالباً ما كانت تستمر لبعض الوقت والى حين ظهور محاور كانت تجذب لبنان عنوة وتدخله في مسارات قاتمة. وفي الواقع، ظل لبنان ولفترات طويلة مرهون بتأثير المحاور التي فعلت فعلها في الكيان اللبناني ومؤسساته ومجتمعه، وعلى الرغم من أهمية وضرورة حياد لبنان عن هذه المحاور، أجبرت بعض الظروف الى حرفه عن مسار أجمع عليه اللبنانيون منذ الاستقلال في العام 1943، ما أدى الى ظهور انقسامات عمودية حادة في بنيته الاجتماعية والسياسية ودخول عوامل إضافية أخرى باتت تهدد كيانه ووجوده. اليوم لبنان بحاجة ماسة الى سياسة واقعية تراعي ظروفه العربية والإقليمية والدولية للحفاظ أقله على مستقبل كيانه ووجوده ودوره ومركزه المفترض في النظام الإقليمي العربي، وهو أمر ينبغي أن يقترن بالتمسك بحياده عن المحاور الإقليمية والدولية، وهو أمر متاح واقعياً في الظروف الحالية، بعد المتغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط، والعوامل المنتشرة بين الدول العربية، بخاصة في ظل الضغوط الدولية التي تحاول انتاج وتكريس نظام عالمي ومن خلاله إرساء نظم إقليمية تحاكي سياساته وأهدافه. وفي الواقع أيضاً، ثمة فرصة متاحة اليوم للبنان، لاعادة تثبيت هذا التحول القائم والبناء عليه، سيما وأن ثمة مصلحة مفترضة يمكن للبنان الاستفادة منها عبر انخراطه في بيئته العربية، والابتعاد عن كل ما له علاقة بإثارة المشاكل الداخلية التي تستثمر عادة خارجياً وبأغلبية معتبرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store