
استحقاقات لبنان سلاحاً واقتصاداً: التشاؤم يغمر التفاؤل
لم يخرج لبنان من 'دوامة' توم باراك. انشغل اللبنانيون في فك طلاسم المواقف التي أطلقها. ففي مكان ما أكد أنه لن يكون هناك حرب إسرائيلية على لبنان. وفي مكان آخر استخدم عبارة التركيز على الديبلوماسية قبل اللجوء إلى التصعيد. أشار إلى أن الوقت أصبح داهماً، وأنه لا أحد يمتلك ضمانات، ولا أميركا قادرة على إجبار إسرائيل على فعل أي شيء. لكنه في الوقت عينه تحدث عن لقاءاته الإيجابية مع المسؤولين، وخصوصاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
الإشارات المتناقضة
هذه كلها كانت مواقف علنية عملت إشارات متناقضة، لم يعرف اللبنانيون في أي خانة يضعونها. هل هي خانة تفاوضية تتضمن تحذيرات لتحسين شروط التفاوض أم أنها انعكاس لجو فعلي؟ في الكواليس لم يختلف الجو عن ما هو علني. ففي لقاء عقده مع عدد من الوزراء في السفارة الأميركية كان متشدداً حول ضرورة إقرار الجدول الزمني ومراحل تطبيق مسار حصر السلاح بيد الدولة، وفي لقاءات أخرى كرر هذا الموقف، فخرج وزراء ونواب ومسؤولون من اللقاء معه بانطباعات سلبية لا تحاكي الإيجابية التي تم ضخها.
على الرغم من كل هذا التناقض، بقيت الأجواء الإيجابية هي المسيطرة أو الطاغية، وسط كلام في الكواليس عن وجود تقاطع مشترك مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأن اللقاء كان بناء. وبحسب المعلومات، فإن رئيس مجلس النواب طرح كل الهواجس اللبنانية على باراك الذي بدا متفهماً لها، كما أكد بري التزام لبنان بتطبيق اتفاق 'ترتيبات وقف الأعمال العدائية' الذي أقر في شهر تشرين الفائت. من غير المعروف بعد إذا كانت إسرائيل ستوافق على اقتراح وقف اعتداءاتها وخروقاتها وعملياتها العسكرية في لبنان، كي يتم التحرك جدياً باتجاه حزب الله، لإقناعه بالموافقة على وضع مسار لحصر السلاح بيد الدولة. واشنطن تصر على اتخاذ قرار من قبل الحكومة اللبنانية، بينما بري وحزب الله يفضلان الشروع في حوار داخلي حول الاستراتيجية الدفاعية. وهذا أمر يتسبب بانقسام لبناني، بين من يريد حصر مثل هذا القرار في الحكومة ويرفض الدخول في حوار، كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب وعدد من الكتل والقوى الأخرى، وبين الجهات التي تتمسك بالحوار كمخرج فعلي لتجاوز الأزمة.
باراك وسوريا
مواقف باراك تجاه سوريا كانت أكثر وضوحاً. فهو أشار إلى الدعم الأميركي الكبير للرئيس السوري أحمد الشرع، وحاول تبرئة الحكومة السورية من أي مجازر في السويداء، واعتبر أنه لا خطة بديلة عن أحمد الشرع، والخيار البديل هو نموذج ليبيا وأفغانستان. وللمفارقة أنه في ظل كل هذا الدعم الأميركي لسوريا، تبرز أدوار داخل الولايات المتحدة الأميركية مضادة لهذا المسار، وترفض دعم الشرع وتحاول ممارسة ضغوط عليه.
وسط هذا التباين الأميركي، برز تطور جديد على مستوى السعودية، التي دخلت بقوة على خط دعم دمشق وأحمد الشرع، سياسياً، ديبلوماسياً، واقتصادياً أيضاً، من خلال المنتدى الاقتصادي، والذي ستصل اتفاقيات الاستثمار فيه إلى ما يقارب 4 مليارات دولار. هذا المبلغ يساوي حجم الميزانية السنوية السورية حالياً. مع ما يعنيه ذلك من توفير دعم واحتضان للشرع، وهو ما لا يزال لبنان يفتقده حتى الآن، لأن الشروط العربية والدولية واضحة، بأن لا استثمارات ولا مساعدات قبل معالجة ملف السلاح والشروع في تطبيق الإصلاحات.
المسار الإسرائيلي
عملياً، يواجه لبنان استحقاقات كثيرة، أهمها تداعيات ما بعد زيارة باراك، وحصيلة ما سيحققه في إسرائيل خصوصاً أنه حتى الآن لم يعرض مقترحه على المسؤولين الإسرائيليين. واللافت أن زيارته تتزامن مع زيارة تجريها الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت إلى تل أبيب. وعليه فإن الأيام القليلة المقبلة من شأنها أن توضح وجهة المسار الإسرائيلي الفعلية. في الموازاة، يتحضر باراك أيضاً لترتيب لقاء سوري إسرائيلي، في محاولة للمضي قدماً نحو الوصول إلى اتفاق حول الترتيبات الأمنية بين الجانبين، وسلوك ما يسميه الموفد الأميركي بمسار السلام، والذي أراد للبنان أن يسلكه أيضاً.
استحقاق آخر يواجهه لبنان، هو بالنسبة إلى القوى الدولية يوازي أهمية ملف السلاح، أي ملف الإصلاحات المالية والاقتصادية، والتي ستكون حاضرة في زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى باريس، حيث سيكون له لقاءات عدة، أبرزها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انطلاقاً من المواقف الفرنسية المساندة للبنان والداعمة لمسار الإصلاحات وحصر السلاح بيد الدولة، مع الإشارة إلى التفهم الفرنسي للموقف اللبناني وعدم التطابق في وجهات النظر مع واشنطن، لجهة ممارسة أقصى أنواع الضغوط. علماً أن بعض المؤشرات تفيد بأن باراك يريد منح الفرنسيين دوراً أكبر من السابق في لبنان، خصوصاً لجهة عملهم كجهة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار.
الزيارة إلى باريس لا تنفصل عن المؤتمر الذي تسعى فرنسا إلى عقده في الخريف المقبل لمساعدة لبنان، وإطلاق مسار إعادة الإعمار. وهو لا يزال يتعثر بفعل الضغوط الدولية إلى حين معالجة ملف السلاح. كما أن أحد أبرز الملفات هو التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، في ظل الحديث عن استعداد أميركي لتخفيض المساهمة المالية التي تدفعها واشنطن لقوات اليونيفيل. علماً أن باريس تبدو أكثر المتحمسين للتجديد لهذه القوات ولتوفير المبالغ المالية اللازمة لها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 31 دقائق
- الديار
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد، وعلى حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب عاجل 24/7 19:50 الرئيس الأميركي دونالد ترامب: قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد، وعلى حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم. 19:13 المدير العام لوزارة الصحة في غزة: لا نجد طعاما كافيا للأطباء وأجسادهم تنهار بصمت. لم تصلنا أي أدوية أو مكملات غذائية حتى الآن، ونحتاج إجلاء عاجلا للجرحى وإدخالا فوريا للمستلزمات الطبية خاصة للأطفال. 19:12 فايننشال تايمز: رئيس الوزراء البريطاني سيستدعي الأسبوع المقبل حكومته من العطلة الصيفية لمناقشة الوضع في غزة. 19:12 إذاعة الجيش "الإسرائيلي": إصابة جندي بجروح خطيرة في حادث عملياتي في معسكر وسط "إسرائيل". 18:38 وكالة سانا السورية الرسمية للأنباء عن رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري: انتخابات مجلس الشعب ستكون بين 15 و20 من الشهر القادم. 18:19 إعلام "إسرائيلي": قائد كتيبة الدورية الصحراوية هو الضابط الذي أصيب بجروح خطيرة بالحدث الأمني في غزة اليوم.


الديار
منذ 31 دقائق
- الديار
ترامب: على 'اسرائيل' اتخاذ قرار بشأن غزة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهم قدموا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة، مضيفاً: لم يشكرنا أحد. وقال ترامب: 'على حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم، وعلى إسرائيل اتخاذ قرار بشأن غزة'، مضيفاً: لا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة. وأضاف: تحدثت مع نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى. وسنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد. وتابع: 'لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات'، مضيفاً: بإمكاننا استخدام الصفقات التجارية وسيلة لحل النزاعات بين الدول.


الديار
منذ 31 دقائق
- الديار
ترامب: بإمكاننا استخدام الصفقات التجارية وسيلة لحل النزاعات بين الدول.
Aa اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 19:53 ترامب: بإمكاننا استخدام الصفقات التجارية وسيلة لحل النزاعات بين الدول. 19:52 ترامب: سنقدم مزيدا من المساعدات إلى غزة لكن على بقية الدول المشاركة في هذا الجهد، ولا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات. 19:51 ترامب: على "إسرائيل" اتخاذ قرار بشأن غزة، ولا أعلم ما الذي قد يحدث في غزة،وتحدثت مع نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى. 19:50 الرئيس الأميركي دونالد ترامب: قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين لإدخال أغذية إلى غزة ولم يشكرنا أحد، وعلى حماس أن تعيد الرهائن والمحتجزين وقد استعدنا معظمهم. 19:13 المدير العام لوزارة الصحة في غزة: لا نجد طعاما كافيا للأطباء وأجسادهم تنهار بصمت. لم تصلنا أي أدوية أو مكملات غذائية حتى الآن، ونحتاج إجلاء عاجلا للجرحى وإدخالا فوريا للمستلزمات الطبية خاصة للأطفال. 19:12 فايننشال تايمز: رئيس الوزراء البريطاني سيستدعي الأسبوع المقبل حكومته من العطلة الصيفية لمناقشة الوضع في غزة.